issue16772
بالتأكيد ليسهذا الموقف الذي ترغب إدارة بايدن في أن تجد نفسها فيه، قبل أقل من أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية؛ فالضربات الإسرائيلية بالقنابل أميركية الصنع تستمر في محو عائلات فلسطينية بأكملها في قطاع غزة، والحرب في لبنان تتوسع، مع احتمال تصاعد تبادل الهجمات المباشرة بين إسرائيل وإيران. ومــــع غــضــب كـثـيـر مـــن الــنــاخــبــ الـتـقـدمـيـ والأمـــيـــركـــيـــ مـــن أصـــــول عـربـيـة، والمسلمين، داخــل الـولايـات الحاسمة، من الرئيس جو بـايـدن، بسبب دعمه الراسخ لإســرائــيــل مـنـذ هــجــوم جـمـاعـة «حـــمـــاس» المـــدمّـــر الـــعـــام المـــاضـــي، بـحـث المــســؤولــون الأميركيون بدأب عن سبيل لدفع الشرق الأوسط نحو الاستقرار. أكتوبر 16 بعد ذلــك، جــاء قتل إسـرائـيـل ليحيى الـسـنـوار، زعيم «حــمــاس»، فـي (تشرين الأول)، الذي عدّه مسؤولو بايدن فرصة جديدة، لمحاولة التوصل إلى تسوية سريعة عبر التفاوض لحروب إسرائيل في لبنان وغزة، حيث قُتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين. قبل أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات، أرسل بايدن وزير الخارجية أنتوني بلينكن، إلى الشرق الأوسط لهذا الغرض. وكانت زيارته المنطقة هذا الأسبوع، وهي الـحـاديـة عـشـرة لـه للمنطقة فـي زمــن الــحــرب، مـرتـجَـلـةً على نحو واضـــح، فقد غـادر بلينكن دون مسار واضح، وألغى زيارة كان مخططاً لها للأردن، قبل أن يواصل رحلته إلى المملكة العربية السعودية وقطر، وبشكل غير متوقع، لندن. وهناك، التقى على نحو منفصل، الجمعة، مسؤولين من لبنان والأردن والإمارات العربية المتحدة. في قطر، أعلن بلينكن أن المفاوضين الأميركيين والإسرائيليين سيعودون إلى قطر قريباً، في محاولة لإحياء محادثات الأسرى ووقف إطلاق النار مع «حماس». ومع ذلك، سرعان ما تلاشت آمال تحقيق اختراق سريع بعد رحيل السنوار. وعبر جولاته، لم يعثر بلينكن على أي دليل على أن وفاة زعيم «حماس»، تركت الجماعة أو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على استعداد للتوصل إلى اتـفـاق وقـف إطــ ق نـار فــوري فـي غــزة، مـن شأنه أن يـحـرّر الـرهـائـن المحتجزين لدى «حماس». إلا أنه بدلاً من ذلك، طار بلينكن بعيداً عن الشرق الأوسط، الذي يسير بخطوات مترنحة إلـى شفا فوضى أعظم ووضـع أشـد خطورة مما كـان عليه حتى في أعقاب ، أو في أثناء زيارته الأخيرة للمنطقة، 2023 ) هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول سبتمبر (أيلول). والآن، يبدو أن تركيزه تحوّل نحو التخطيط لإدارة غزة بعد الصراع، الأمر الذي يظل من الصعب تصوره. وفي حديثه أمام الصحافيين في الدوحة، أعلن بلينكن أن «هذه لحظة لكل دولة لتقرر الدور الذي هي مستعدة للاضطلاع به، وما المساهمات التي يمكن أن تقدمها في نقل غزة من حالة الحرب إلى السلام»، مضيفاً أن الشرط الضروري لإنهاء الحرب في غزة هو «التأكد من أن لدينا الخطط المناسبة». وإذا كان لدى بايدن ونائبته كامالا هاريس، المرشحة الديمقراطية للرئاسة، أي أمل في أن تُسكت الأطراف المتحاربة بنادقها قبل الانتخابات الأميركية، فإنه لم يظهر أي مؤشر على أن رحلة بلينكن يمكن أن تمهّد الطريق لذلك. في الـواقـع، ليس لدى نتنياهو حوافز قوية لإنهاء أي من الحروب التي يخوضها قبل الانتخابات الأميركية. من جهتهم، يرى محللون أن الجهود الدبلوماسية لإدارة بايدن طوال الحرب بين إسرائيل و«حماس» مُنيت بالفشل، ببساطة لأن أهدافها كانت تتعارض مع أهداف كـل مـن نتنياهو والـسـنـوار، ولأن بـايـدن لـم يكن على استعداد لحجب الأسلحة عن إسرائيل، بوصفه وسيلة ضغط. في هذا الصدد، قال نادر هاشمي، أستاذ السياسة في الشرق الأوسط، بجامعة «جــورج تـــاون»: «إن رفـض إدارة بايدن الـحـازم أو عـدم رغبتها في وضـع حواجز أو خطوط حمراء أمام إسرائيل، أدى إلى توسع هذه الحرب. من الواضح لي أن بنيامين نتنياهو يــدرك أنـه يمكنه فعل أي شـيء يـريـده تقريباً، ودون أن يتحمل أي عواقب لذلك». من ناحيتهم، أكد المسؤولون الأميركيون أنهم يقفون إلى جانب حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، وأن استراتيجية بايدن «عناق الــدب»، المتمثلة في احتضان نتنياهو، أدت إلى بعض التحولات، حتى وإن كانت طفيفة، في عملية صنع القرار التكتيكي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، على مدار العام الماضي. إلا أن تــدفــق المــســاعــدات الإنـسـانـيـة إلـــى غــــزة، خـصـوصـ شـمـالـهـا، تــراجــع إلـى مستويات بائسة، لدرجة أن بلينكن ووزيــر الدفاع لويد أوســن، أرسـ إلـى حكومة إسرائيل تحذيراً مكتوباً، هـذا الشهر، بـأن هـذا الوضع ينطوي على مخاطرة بقطع المساعدات العسكرية الأميركية عنها. وأمهلت إدارة بايدن إسرائيل حتى منتصف نوفمبر (تشرين الثاني)، لزيادة المساعدات الموجّهة إلى غزة. وفي سياق متصل، أعلن أيمن الصفدي، وزير الخارجية الأردني، الجمعة، بينما كان يقف إلى جانب بلينكن في أحد فنادق لندن، أن إسرائيل تقوم بـ«تطهير عرقي»، شمال غزة. وأشار إلى أن الدبلوماسية فشلت في إحداث فرق حقيقي على الأرض. وأضاف الدبلوماسي الأردني، موجهاً خطابه إلى بلينكن مباشرةً: «الأمر يزداد سوءاً، للأسف، في كل مرة نلتقي فيها. وذلك ليس بسبب أننا لا نبذل محاولات كافية، وإنما لأن لدينا حكومة إسرائيلية لا تنصت إلى أحد. ويجب أن يتوقف هذا الأمر». فــي لـبـنـان، تــواصــل إســرائــيــل قـصـف مــواقــع «حــــزب الـــلـــه»، وتـتـحـدى تـحـذيـرات الولايات المتحدة، وتضرب أهدافاً سكنية في بيروت. وبالفعل، أسفرت الهجمات عن مقتل المئات من النساء والأطفال. وقبل شهر، بعد بدء الهجوم الإسرائيلي في لبنان لتعطيل إطلاق صواريخ «حزب الله»، حاولت إدارة بايدن التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لكنها أخفقت. ومنذ ذلك الحين، توقفت عن الدعوة إلى وقف فوري للقتال. إن استخدام إسرائيل قوتها العسكرية -والخسائر المدنية التي رافقت ذلك، بمن في ذلك الشباب الفلسطينيون الذين احترقوا أحياء في الخيام، بعد غارة إسرائيلية قرب مستشفى في غزة- ترك الكثير من الديمقراطيين في حالة من القلق. وكـشـفـت اســتــطــ عــات رأي أُجـــريـــت فـــي ولايــــة مـيـشـيـغـان الــحــرجــة، عـــن تـعـادل بين هاريس والرئيس السابق دونـالـد ترمب، المرشح الجمهوري. وعبّر الكثير من الـنـاخـبـ الأمـيـركـيـ مــن أصــــول عـربـيـة هــنــاك، عــن غضبهم الـشـديـد إزاء شحنات الأسلحة المتواصلة من إدارة بايدن إلـى إسرائيل. ويعتقد بعض الديمقراطيين أن خسارة أصوات الأميركيين أصحاب الجذور العربية، قد تقلب نتيجة الولاية -وربما الانتخابات بأكملها- لصالح المنافس. في هذا الصدد، قال هاشمي: «ينظر الناخبون العرب والمسلمون إلى هاريسعلى أنها شخص مفقود الأمـل فيه بسبب موقفها من غـزة، والآن لبنان. لذلك، سيصوّت معظمهم لمرشح من طرف ثالث أو سيقاطعون هذه الانتخابات. وقد يصوّت البعض بسذاجة لترمب بسبب الإحباط». من ناحية أخرى، عبّر ترمب، في بعض الأحيان، عن دعمه الكامل لإسرائيل، وقد أقرّ هو ومساعدوه سياسات مثيرة للجدل خلال إدارته، دعمت مواقف نتنياهو. ومع ذلك، دعا ترمب كذلك إسرائيل إلى «التوقف عن قتل الناس» في غزة. ومن الواضح أن بلينكن رأى أن موت السنوار سيجعل «حماس» أكثر استعداداً لإطلاق سراح الرهائن، مقابل وقف إطلاق النار. ويرى بعض المسؤولين الأميركيين أن السؤال الأفضل هنا عمّا إذا كان نتنياهو قد يكون لديه الآن الغطاء السياسي اللازم، لإعلان النصر وإنهاء الحرب بين إسرائيل و«حماس». وكما قال بلينكن، الخميس، فإن «إسرائيل حققت الأهداف الاستراتيجية .2023 أكتوبر 7 التي حددتها لنفسها» بعد إلا أن نيات نتنياهو لا يـزال يكتنفها الغموض، فهو يخضع للمحاكمة بتهمة الـفـسـاد، ويلقي الكثيرون على نـطـاق واســـع بـالـلـوم عليه عـن الفشل الأمـنـي الهائل لإسرائيل على مدار العام الماضي. في الوقت ذاته، زادت شعبيته أخيراً بسبب عمليات القتل التي نفّذتها إسرائيل ضد قـادة الميليشيات، بمن في ذلك حسن نصر الله من «حزب الله». ويعتقد كثير من المسؤولين الأميركيين أن نتنياهو يرى الحرب وسيلةً للبقاء السياسي. من جهته، شـدد بلينكن على أن الـولايـات المتحدة وإسرائيل ستدرسان «أطـراً جديدة»، لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن. وذكر مسؤولون أميركيون أن ذلك قد يتضمن صفقات مجزّأة، تقوم على فترات توقف قصيرة للقتال لإطلاق سراح عدد قليل من الرهائن في كل مرة. ومن بين الرهائن المائة وواحد الذين لا يزالون في غزة، من المعتقَد أن الثلث قد قُتلوا. إلا أنه خلال رحلته، بدا بلينكن أكثر تركيزاً على مرحلة لا تزال تبدو بعيدة المنال: الأمن والحكم وإعادة إعمار غزة بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي. وشرح مسؤولون أميركيون أنه لكي تشعر إسرائيل بالثقة تجاه الانسحاب، فإن نوعاً ما من قوة أمنية -ربما تتكون من وحدات من الجيوش العربية المجاورة- سيكون من الضروري أن يحل محل الإسرائيليين. وسيتعين على طرف ما أن يدفع عشرات المليارات لبدء إعادة البناء في غزة. وقال بايدن ومساعدوه إن السلطة الفلسطينية، التي تتخذ من الضفة الغربية مقراً لها، يجب أن تحكم قطاع غــزة، إذا حلّت قيادة جديدة محل قيادتها المتقدمة في السن -الاقتراح الذي يرفضه نتنياهو. وفي حديثه أمام صحافيين، قال بلينكن في تل أبيب، إن نتنياهو نفى له بشدة أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى استراتيجية لطرد المدنيين من شمال غزة. ووفقاً لهذه الاستراتيجية، سيحاول الجيش تجويع أو قتل أي شخص يبقى، بوصفهم من أنصار «حماس». ومع ذلك، فإن المجاعة مستمرة في القطاع منذ أشهر بالفعل، عبر مختلف فئات السكان. والشهر الماضي، تراجعت مستويات تسليم المساعدات إلى أدنى مستوى لها منذ بداية الحرب. ولا يزال عدد القتلى من جراء القصف في ارتفاع، وانتشرت صور المدنيين الفلسطينيين وهـم يحترقون في مخيمات اللاجئين على نطاق واسـع عبر وسائل التواصل الاجتماعي. * خدمة «نيويورك تايمز» بعد الهجوم الإسرائيلي على طهران ومدن أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، 26 أخـرى، فجر إمّــــا أن تــبــدأ إيـــــران مــســار الـتـسـويـة السياسية الـصـعـب، وإمــــا أن تـعـجّـل مــســار إنــتــاج الـسـ ح النووي. تـــعـــرف إيــــــران أن الـــضـــربـــات الإســرائــيــلــيــة الأخـيـرة أسقطت الخط الأحمر الثالث والأخير الــذي كانت تتحصّن خلفه. بنى النظام لنفسه سـمـعـة صــاخــبــة أن ضـــربـــه خـــط أحـــمـــر، بسبب الــــدفــــاعــــات الـــجـــويـــة والــــبــــرنــــامــــج الـــصـــاروخـــي وإمكانات الـرد المضاد المدمّر. وأقنعوا أنفسهم والــــعــــالــــم بـــــأن الـــتـــجـــرؤ عــلــيــهــم مـــثـــل مــــا فـعـلـت إسرائيل يعني إشعال الشرق الأوسط. لكن بعد الـهـجـوم الإســرائــيــلــي، بـــات ضـــرب إيــــران مجرد خيار بين خيارات أخرى تمتلكها إسرائيل. أما الخطان الأحمران الآخران اللذان سقطا ، فهما: 2023 ) أكتوبر (تشرين الأول 7 منذ - الميليشيات الإقليمية -وأبـرزهـا «حزب 1 الله» و«حماس». - الـــتـــرســـانـــة الـــصـــاروخـــيـــة بـمـقـاسـاتـهـا 2 المتعددة وقدراتها التفجيرية المختلفة. ليس سراً أن الضربات المركزة والعمليات المـــســـتـــمـــرة لإســــرائــــيــــل فــــي غـــــزة ولـــبـــنـــان بــــددت فاعلية أبرز وكيلين لإيران في المنطقة، في حين أن الــهــجــومــ الـــصـــاروخـــيـــ الإيـــرانـــيـــ على إسرائيل، كشفا عن قدرة إسرائيل على التصدي الفعال له. خـسـرت إيــــران إذاً خــط الميليشيات، وخـط البرنامج الصاروخي، والخط المانع لاستهدافها المباشر. ليس واضـحـ مـا إن كـانـت إيـــران ستختار الـــتـــســـويـــة الـــســـيـــاســـيـــة أو تـــســـريـــع بــرنــامــجــهــا النووي. فهي إن كانت واثقة بأن الخيار الثاني سـيـؤدي حتماً إلــى صـــراع شـامـل، إلا أنـهـا غير واثقة بأن الخيار الأول سيوفر لها بالفعل مساراً مــمــســوكــ لإعـــــــادة ضـــبـــط ســيــاســاتــهــا مــــن دون أن تتعرض شرعية الـنـظـام الـداخـلـيـة للاهتزاز وتُشعل الاضطرابات في وجهه. تـزداد فداحة الخيارات الإيرانية في ضوء الاستحقاق الجاد بشأن ما بعد خامنئي، وفي ظـل غيابين كبيرين لمرشحي مستقبل النظام، أولـهـمـا الـجـنـرال قـاسـم سليماني، قـائـد «فيلق القدس»، الذي اغتيل في بغداد في يناير (كانون ، وثــانــيــهــمــا الـــرئـــيـــس إبـــراهـــيـــم 2020 ) الـــثـــانـــي رئيسي الـــذي قضى فـي حــاث تحطم مروحيته .2024 ) في مايو (أيار المتفائلون بخيار التسوية في عواصم عدة يراهنون على بروز اسم مجتبى خامنئي، نجل المرشد، بوصفه مهندساً محتملاً لهذا التحول. الـصـعـود المــتــدرج لمجتبى خامنئي سمح لــه بـبـنـاء مـوقـع مـؤثـر فــي مـعـادلـة الـنـظـام. فهو مـعـروف بصلاته القوية مـع «الـحـرس الـثـوري» الإيــــرانــــي، وصـــاحـــب تــأثــيــر اســتــراتــيــجــي خلف الــكــوالــيــس، بــالإضــافــة إلــــى اشــتــراكــه فـــي إدارة ثــــــروات إيـــرانـــيـــة عــمــ قــة واقـــعـــة تــحــت وصــايــة مليار دولار، حسب 200 و 100 أبيه تتراوح بين تقارير مختلفة. يـــتـــمـــيـــز مـــجـــتـــبـــى بــــــــــــولاءٍ صــــلــــب لــــلــــنــــواة الآيديولوجية للنظام، ويمتلك من ناحية أخرى فـهـمـ بـراغـمـاتـيـ لــلــواقــع الـجـيـوسـيـاسـي، وقـد برز دوره بعد وفاة رئيسي في إيصال الرئيس الـــحـــالـــي مـــســـعـــود بـــزشـــكـــيـــان ورعــــايــــة إشــــــارات التحول التي يعّبر عنها. يـــجـــعـــل نــــفــــوذ مـــجـــتـــبـــى داخــــــــل «الــــحــــرس الثوري» الإيراني منه شخصية استقرار للنظام، مما يعزز موقفه التفاوضي لو اختار أن يتصدر قـيـادة مسار التسوية فـي الـداخـل وفــي الإقليم. وتمنحه علاقاته الجيدة مع القادة العسكريين والأمـــنـــيـــ المـــصـــداقـــيـــة الــــ زمــــة لــضــمــان قـبـول القاعدة الإيرانية المتشددة لأي تحول في الاتجاه المذكور. وإذ يُعد مجتبى، بصفته ابناً للمرشد، رمزاً للاستمرارية الآيديولوجية لنظام الثورة، فإن ذلك قد يتيح له الاستحواذ على صلاحيات خاصة لإجراء إصلاحات انتقائية تضمن تأقلم النظام واستمراريته. 55 إلـى ذلــك، فـإن مجتبى البالغ من العمر عاماً يعد من الأجيال السياسية الأصغر سناً في نظام مـسِـنّ، مما يمنحه، نظرياً، مرونة وقـدرة أكبر على فهم الضغوط الداخلية التي تتعرض لـهـا إيــــران ونـتـائـج عزلتها الــدولــيــة، ويـسـاعـده على كسب دعم الجيل الأصغر المحبط من حالة الجمود في إيران. بـيـد أن حـسـاسـيـات الإيــرانــيــ ضــد نظام الـــوراثـــة المـلـكـي الـــذي أسـقـطـتـه الـــثـــورة قــد تُـعـزز الاستياء الشعبي حيال تصعيد مجتبى لسدة الحكم. كما أن كثيراً من الإيرانيين ينظرون إلى مجتبى على أنه جزء من النخبة الحاكمة، مما يثير الشكوك حول التزامه بالتغيير الحقيقي، ويمهّد بالتالي للإضرار بالاستقرار الهش في الــبــ د. وتـحـد سمعة مجتبى بوصفه متشدداً وقـــريـــبـــ مـــن ســـيـــاســـات «الــــحــــرس الــــثــــوري» من جاذبيته كـرمـز للتسوية، لا سيما أن ارتباطه بـ«الحرس» يثير مشاعر انعدام الثقة عند شطر كبير من الإيرانيين الإصلاحيين، كما في أوساط الــجــيــش والإكــــلــــيــــروس؛ فــــالأوّلــــون ســـيـــرون في قيادة مجتبى للإصلاح مناورة مزيفة، وسيراها أنصار الجيش والحوزة تغييراً لعقيدة وتركيبة النظام ونقله من نظام ديني لديه «حرس ثوري» إلى نظام حرسي. إزاء خياراته الصعبة، قد يلجأ النظام إلى ترميم دفاعاته التقليدية مـن خـ ل إعـــادة بناء شبكات الوكلاء، أو تعزيز القدرات الباليستية، أو تـحـسـ الـــدفـــاعـــات الــجــويــة. ولــكــن يـظـل كل هذا من نوع الحلول المؤقتة التي أثبتت فشلها العملي، وارتــفــاع تكلفتها المــاديــة الـتـي بالكاد تــســتــطــيــع إيـــــــران تــحــمــلــهــا فــــي ظــــل الــعــقــوبــات القاسية. لـــم تـــوضـــع طـــهـــران فـــي مـــواجـــهـــة خـــيـــارات صعبة كما هي اليوم بعد الضربة الإسرائيلية التي أصابت أهدافاً بعيدة المدى. OPINION الرأي 12 Issue 16772 - العدد Tuesday - 2024/10/29 الثلاثاء مساعدو بايدن يصارعون حروب الشرق الأوسط طريقانلا ثالث لهما أمام إيران وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com
[email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني:
[email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email:
[email protected] srmg.com نديم قطيش لم توضع طهران في مواجهة خياراتصعبة كما هي اليوم لا يزال عدد القتلىجراء القصففي ارتفاع وانتشرت صور المدنيين الفلسطينيين وهم يحترقون مايكل كراولي * وإدوارد وونغ
Made with FlippingBook
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky