issue16770

باتت محافظة شمال قطاع غــزة، التي تمثل جغرافيًا بشكل أساسي جباليا وبيت الهيا وبيت حانون، معزولة بشكل كامل عن مـحـافـظـة مـديـنـة غــــزة، لتصبح املـحـافـظـتـان مـعـزولـتـن عــن بقية مـنـاطـق وســـط وجـنـوب الــقــطــاع. ومــنــذ أن بــــدأت إســرائــيــل عمليتها أكــتــوبــر 5 الـــبـــريـــة فــــي مــخــيــم جـــبـــالـــيـــا، فــــي (تشرين األول) الحالي، بـات املخيم معزوال عـن بيت الهـيـا وبـيـت حــانــون، وعــن مناطق محيطة به من الجهة الجنوبية التي تؤدي إلــــى مــديــنــة غـــــزة، قــبــل أن تــتــوســع الـعـمـلـيـة العسكرية لتشمل بيت الهيا وأجزاء من بيت حـــانـــون، لـتـصـبـح مــنــاطــق الــشــمــال مـعـزولـة بشكل كامل. ويـــقـــول ســـكـــان مـــن شـــمـــال الـــقـــطـــاع، إن قـوات االحتالل ترتكب جرائم إبــادة بحقهم، ال تـقـتـصـر فــقــط عــلــى الــقــتــل والـــتـــدمـــيـــر، بل تستهدف حصارهم وتجويعهم، وإجبارهم على النزوح قسرًا. وقال سكان من بيت الهيا لــ«الـشـرق األوســــط» إنـهـم يتعرضون لحرب إبـــادة حقيقية، وال يـجـدون مـن ينقذهم، أو يقدم لهم أي خدمات، مشيرين إلى أن الجيش اإلسرائيلي يتعمد إحراق منازل املواطني أو هدمها. ولفت املواطن جود سالم في حديثه لـ«الشرق األوسط» إلى أن جيش اإلسرائيلي قصف منازل عدة، ولم يستطع أحد الوصول ملـن هـم بداخلها مـن ضحايا، مشيرًا إلــى أن تـلـك الــقــوات حــاصــرت الـنـازحـن واملـواطـنـن في مراكز اإليــواء وداخــل املـنـازل، وأجبرتهم على النزوح إلى مدينة غزة، رغم أنها كانت تـطـالـبـهـم بـالـتـوجـه فـــي الــبــدايــة إلـــى جـنـوب القطاع. ضحايا في الشوارع وذكــر املـواطـن أيضًا أن بعض عمليات القصف تقع، وال أحد يعرف املكان املستهدف إال بـــعـــد ســـــاعـــــات طـــويـــلـــة بـــســـبـــب انـــقـــطـــاع االتـــصـــاالت واإلنــتــرنــت، مـشـيـرًا إلـــى أنـــه قبل يومي تعرضت منازل عـدة ليال لقصف في مـنـطـقـة ســــوق بــيــت الهـــيـــا، ولــــم يـــعـــرف أحــد من سكان املـشـروع بالقصف إال في ساعات الـــصـــبـــاح، وهـــــب الــســكــان ملــحــاولــة مـسـاعـدة أصـــحـــاب املـــنـــازل املـسـتـهـدفـة إال أن طــائــرات مسيَّرة اقتربت من املكان، وأطلقت النار في كل اتجاه، ما دفـع املواطني للهروب خشية قتلهم. وأكــــــــد ســــالــــم أن هــــنــــاك الــــعــــشــــرات مـن الضحايا ملقون في الشوارع ال أحد يستطيع الـــــوصـــــول إلـــيـــهـــم بـــعـــد اســـتـــهـــدافـــهـــم خـــ ل مـحـاولـتـهـم الـــفـــرار مـــن الـــقـــوات اإلسـرائـيـلـيـة داخـــــل بــيــت الهـــيـــا. وتـــكـــرر هــــذا املــشــهــد في مخيم جباليا، حيث ال يـزال هناك العشرات مـــن الـضـحـايـا فـــي الـــشـــوارع لـــم يـتـم انـتـشـال جثثهم، بينما ال يزال آخرون تحت األنقاض، وربما كانوا مصابي داخل منازل متضررة. ومـنـذ يـومـن تَـــعَـــرَّض مـربـع سكني في شـارع الهوجا بمخيم جباليا إلى غـارة أدت منزال كليًا وجزئيًا، ما أدى إلى 13 إلى تدمير قتل العشرات من السكان، وال يزال عدد آخر منهم تحت األنقاض. وتقطع إسرائيل االتصاالت واإلنترنت عــــن شـــمـــال قـــطـــاع غـــــزة مـــنـــذ األيــــــــام األولـــــى لـلـعـمـلـيـة الــعــســكــريــة، كــمــا أنــهــا نـجـحـت في مستشفيات رئيسية هي 3 تحييد خـدمـات «كمال عدوان»، و«اإلندونيسي»، و«العودة»، ومـــنـــعـــت مـــنـــظـــمـــات دولـــــيـــــة مـــــن إدخـــــــــال أي مــــواد طـبـيـة، أو تـوفـيـر الـــوقـــود لـصـالـح تلك املستشفيات، قبل أن تمنع الطواقم الطبية، وكـــذلـــك أفــــــراد الـــدفـــاع املـــدنـــي مـــن تــقــديــم أي خــــدمــــات، مــــهــــددة إيـــاهـــم بــالــقــصــف والــقــتــل واالعـتـقـال، وهـو ما جـرى فعال بعد رفضهم تلك التهديدات. عمال الصحة والصحافيون اقتحمت القوات اإلسرائيلية «مستشفى كـــمـــال عـــــــــدوان» فــــي بـــيـــت الهــــيــــا، واعــتــقــلــت عـــددًا مــن أفــــراد الـطـواقـم الـطـبـيـة، والـجـرحـى والــنــازحــن بــداخــلــه، قـبـل أن تـقـوم بــاإلفــراج عن بعضهم، وإجبارهم على الـنـزوح ملدينة غزة، ثم انسحبت مخلِّفة دمارًا في أجزاء من املستشفى واملنازل املحيطة به. وذكر جهاز الدفاع املدني في غزة، أن القوات اإلسرائيلية اعــتــقــلــت عــــــددًا مــــن عـــنـــاصـــره الــــذيــــن كـــانـــوا يـقـدمـون خــدمــات مـنـقـذة لـلـحـيـاة، كـمـا أنها قصفت مركبتي للجهاز. وقــــال الــجــهــاز فـــي بـــيـــان: «ال نستطيع االســـتـــجـــابـــة لــــــنــــــداءات تــصــلــنــا مــــن مـــنـــازل تعرضت للقصف والحرق في مناطق مختلفة من شمال القطاع»، الفتًا إلى أن طواقمه في تــلــك املــنــطــقــة خـــرجـــت عـــن الـــخـــدمـــة، وبــاتــت مــعــطَّــلــة كـلـيـ بـفـعـل الــــعــــدوان اإلســرائــيــلــي. ومـع االستهداف املتكرر للصحافيي داخل مناطق شمال القطاع، وإجبار السكان على الـنـزوح، اضْــطُــر العديد من الصحافيي إلى مـغـادرة تلك املـنـاطـق، لتكتمل عملية غياب الـــــصـــــورة الــحــقــيــقــيــة ملــــا يــــجــــري فــــي شــمــال القطاع، ولم يعد هناك سوى ما يقوم جنود إسرائيليون بتوثيقه عبر شبكات التواصل االجتماعي، وما ينشره الجيش اإلسرائيلي مـن مقاطع تهدف إلـى إظـهـار نــزوح الغزيي من تلك املناطق. إقامة منطقة عازلة ووفقًا لتقديرات فلسطينية، فإن الهدف األسـاسـي من العملية في شمال قطاع غزة، إقامة منطقة عازلة تسيطر عليها إسرائيل بالنار، وضمان عـدم وجــود مسلحي فيها. ويـــقـــول الــصــحــافــي ضــيــاء حــســن مـــن سـكـان شمال غــزة، إن «قـــوات االحـتـ ل اإلسرائيلي نصبت بعض الكاميرات، ووضعت حواجز قريبة من مناطق حدودية بهدف إقامة هذه املنطقة الـعـازلـة، والـسـيـطـرة عليها بطريقة إلكترونية ونارية». وال تـــوجـــد إحـــــصـــــاءات رســـمـــيـــة تـشـيـر ألعــــــــــداد الـــــنـــــازحـــــن قــــســــرًا تــــحــــت الـــتـــهـــديـــد والـــقـــصـــف والـــحـــصـــار الـــــذي يـــطـــول الــســكــان هناك، لكن التقديرات تشير إلى أن أعدادهم ألــــــف فـــلـــســـطـــيـــنـــي، جـمـيـعـهـم 100 فــــاقــــت الـــــــــــ اضْــــطُــــرُّوا لــلــنــزوح إلـــى مـنـاطـق غـــرب مدينة حـــاالت فقط 8 غـــزة، بينما لــم تسجل ســـوى توجهت إلى جنوب القطاع. وقـال رئيس أركــان الجيش اإلسرائيلي هــيــرتــســي هــالــيــفــي خـــــ ل تـــفـــقُّـــد قــــواتــــه فـي جــبــالــيــا مـــنـــذ أيــــــام إن الــــهــــدف مــــن الـعـمـلـيـة مواصلة الضغط على «حماس» وتفكيك لواء شمال غزة بالكامل، وهزيمته كما جرى مع لواء رفح. وأظـــــــهـــــــرت حـــــركـــــة «حـــــــمـــــــاس» خــــ ل العملية الحالية تشبُّثها ببعض القدرات الــعـســكــريـة الـــتـــي اســتــخــدمــتــهــا ملـهـاجـمـة الـــقـــوات اإلســرائــيــلــيــة، وتـكـبـيـدهـا خسائر بشرية ومادية. 8 حرب متعددة الخرائط NEWS تقديرات تشير إلى أن عدد النازحين في الفترة األخيرة ألف 100 فاق الـ ASHARQ AL-AWSAT Issue 16770 - العدد Sunday - 2024/10/27 األحد الضربة اإلسرائيلية على إيران... ما تأثيرها على «هدنة غزة»؟ ضـــربـــة إســرائــيــلــيــة وصــفــتــهــا طــهــران بـــــــ«املــــــحــــــدودة» بـــعـــد أســــابــــيــــع مـــــن هـــجـــوم إيـرانـي، طرحت تـسـاؤالت حـول إمكانية أن يـعـزّز «املـسـار املنضبط» بقواعد االشتباك املــشــتــعــلــة بــاملــنــطــقــة دون تــصــعــيــد مــســار مفاوضات «هدنة غـزة» بالتزامن مع جولة محادثات جديدة في الدوحة، اليوم األحد. تـــلـــك الـــضـــربـــة اإلســـرائـــيـــلـــيـــة «رمــــزيــــة واستجابة ملطالب واشنطن»، وفق تقديرات خــــبــــراء تـــحـــدثـــوا إلـــــى «الـــــشـــــرق األوســـــــط»، وســـط اخــتــ ف بـشـأن تـأثـيـراتـهـا فــي مسار مـــفـــاوضـــات «هــــدنــــة غـــــــزة»، بــــن مــــن يـــراهـــا «تعزّز محادثات الدوحة وتزيد فرص إبرام اتفاق»، واحتماالت بأن يعد رئيس الـوزراء اإلسرائيلي، بنيامي نتنياهو، استجابته لـواشـنـطـن تـسـمـح لــه بـاملـمـاطـلـة فــي تنفيذ الصفقة املحتملة بغزة ملا بعد االنتخابات نوفمبر (تشرين 5 الرئاسية األميركية في الثاني) املقبل، حتى ال يُعطي دعمًا ملرشحة الـــحـــزب الــديــمــقــراطــي كـــامـــاال هـــاريـــس أمـــام حليفه الجمهوري دونالد ترمب. وذكـــــــر الـــنـــاطـــق بــــاســــم مـــجـــلـــس األمــــن الــــقــــومــــي األمـــــيـــــركـــــي، شــــــون ســــافــــيــــت، فـي تصريحات، أمـــس، أن الــواليــات املتحدة لم تــشــارك فــي الـضـربـات اإلسـرائـيـلـيـة، مـؤكـدًا أن «هدفنا هو تسريع املسار الدبلوماسي وخــــفــــض الـــتـــصـــعـــيـــد فـــــي مـــنـــطـــقـــة الــــشــــرق األوسط». األكــــاديــــمــــي املــــصــــري املــتــخــصــص فـي الشأن اإلسرائيلي، الدكتور أحمد فؤاد أنور، يـــرى أنـــه «قـبـل تـلـك الـضـربـة الــرمــزيــة كانت األجــــواء غير مـهـيّــأة خشية تـبـادل تصعيد كبير يهدد املفاوضات، أما بعدها فإمكانية إبرام صفقة صغيرة في غزة تزداد». وبـــــاعـــــتـــــقـــــاد أنـــــــــور فــــــــإن املـــــفـــــاوضـــــات ستنطلق في الدوحة «معززة بآمال ودفعة إيــــجــــابــــيــــة» لــــلــــمــــفــــاوضــــات املــــتــــعــــثــــرة مــنــذ شـــهـــريـــن، فـــي ضــــوء الـــضـــربـــة اإلســرائــيــلــيــة الرمزية التي تم اإلخطار بها مسبقًا. فـــي املـــقـــابـــل يـــرجـــح املــحــلــل الـسـيـاسـي الفلسطيني، الدكتور عبد املـهـدي مطاوع، أن تخفيف الضربة اإلسرائيلية، كما طلبت إدارة بــايــدن، سيعطي املـسـاحـة لنتنياهو باملماطلة لعدم عقد هدنة قبل االنتخابات األميركية انتظارًا لنتائجها، إما بفوز ترمب واستكمال مخططاته العسكرية، وإما بفوز هاريس والقبول بالذهاب إلى صفقة شاملة تشمل غزة ولبنان واملنطقة. وســـتـــكـــون مــــفــــاوضــــات، األحــــــــد، وفـــق تـــقـــديـــرات املـــحـــلـــل الـــســـيـــاســـي الـفـلـسـطـيـنـي منصبة على «هدنة مؤقتة» إلخــراج بعض الـرهـائـن واألســـــرى، الفـتـ إلـى أن «حـمـاس» بعد مـحـدوديـة الـضـربـة اإلسرائيلية سقط رهانها بتعظيم الضغط العسكري اإليراني تـــجـــاه إســـرائـــيـــل مــــجــــددًا، وبـــالـــتـــالـــي قــــد ال تقبل بـ«هدنة مؤقتة» ما دامـت غير قريبة، وتنتظر صفقة شاملة وواضحة. لـكـن أنـــور يـــرى أن «حــمــاس» قــد تكون أقرب لقبول «الصفقة املؤقتة» وال تعرقلها؛ كــونــهــا تـــأكـــيـــدًا وتــوضــيــحــ لــقــدرتــهــا على الــســيــطــرة عــلــى املــشــهــد بــعــد مــقــتــل يحيى الـسـنـوار وتسيير األمــــور بشكل جـيـد دون تأثر. ولم يغب ملف وقف إطـ ق النار بغزة عـــلـــى دولــــتــــي الــــوســــاطــــة مـــصـــر وقــــطــــر فـي التعليق على الضربات اإلسرائيلية، ودعت وزارة الخارجية القطرية املجتمع الـدولـي إلـــــى «تــكــثــيــف جـــهـــود الـــتـــهـــدئـــة بــاملــنــطــقــة، وإنهاء معاناة شعوب املنطقة ال سيما في غزة ولبنان». وشــــــــددت مــــصــــر، فــــي بــــيــــان صــحــافــي لــــوزارة خـارجـيـتـهـا، عـلـى «ســرعــة التوصل لوقف إطالق النار في القطاع في إطار صفقة يـــجـــري بــمــوجــبــهــا إطـــــ ق ســـــراح الــرهــائــن واألسرى، بوصفها السبيل الوحيد لخفض التصعيد»، وجدّدت مطالبتها بوقف فوري إلطالق النار في لبنان. وحـــــســـــب مـــــصـــــادر ســـيـــاســـيـــة فـــــي تــل أبــيــب تــحــدثــت إلــــى «الـــشـــرق األوســــــط» فــإن هــنــاك «بــــــوادر إيـجـابـيـة هـــذه املــــرة لـلـحـراك الـــتـــفـــاوضـــي»، جـعـلـت الــيــمــن املــتــطــرف في الحكومة اإلسرائيلية يتحرك بقلق، لكنها عادت وذكرت أنه «ال يوجد ضمان بأن تسفر املفاوضات عن شـيء، لكن نتنياهو يتوقع ويــنــتــظــر أن يـــأتـــي الـــرفـــض مـــن (حـــمـــاس)، وليس من طرفه». القاهرة: فتحية الدخاخني قطع جميع االتصاالت واإلنترنت وتدمير المنشآت الطبية إسرائيل تعزل شمال غزة عن العالم وتجبر السكان على النزوح أفراد «الدفاع المدني» الفلسطيني ينقذون طفال إثر قصف إسرائيلي على منزل عائلة في حي الزرقاء شمال مدينة غزة أمس (أ.ف.ب) غزة: «الشرق األوسط» «جيش اإلنقاذ العربي كان أقل قساوة من التنظيمات الصهيونية» أرشيف الجيش اإلسرائيلي يكشف «ممارسات وحشية» منذ النكبة كـــشـــف أرشــــيــــف الـــجـــيـــش اإلســـرائـــيـــلـــي القديم أن جنود التنظيمات اليهودية الذين وتــســبــبــوا فـــي نكبة 1948 حـــاربـــوا فـــي عــــام الشعب الفلسطيني ارتكبوا جرائم وحشية بكل املقاييس لدرجة أن بعضهم تذمروا منها وكتبوا رسائل إلى قائد الحركة الصهيونية في حينه ديفيد بن غوريون يتذمرون فيها ويقولون إن ضمائرهم ال تحتملها. وتــــــم الـــكـــشـــف عــــن مـــجـــمـــوعـــة مــــن هـــذه الرسائل ضمن بحث أجراه املؤرخ اإلسرائيلي شاي حازكاني، املحاضر في التاريخ والتراث اليهودي في جامعة مريالند األميركية، الذي أصــــدر مـــؤخـــرًا كـتـابـ بــعــنــوان «وطــــن عـزيـز: ... الـــرســـائـــل املــحــفــوظــة». وقـــال 1948 حــــرب حــازكــانــي إن «الــصــراحــة الــتــي مــيّــزت الـذيـن كـتـبـوا الــرســائــل كــانــت مـخـتـلـفـة لـلـغـايـة عن الـروايـات املصقولة للجنراالت والسياسيي الـــتـــي كُـــتـــبـــت ملــصــلــحــتــهــم». وأوضـــــــح أنـــــه ال يسعى إلى إطالع القارئ على ما حدث، وإنما على مـا كــان يفكر فيه الجنود أثـنـاء مجرى .1948 األحداث في عام جيش اإلنقاذ العربي كما بحث حـازكـانـي فـي رسـائـل كتبها جـنـود فــي جـيـش اإلنــقــاذ الـعـربـي املحفوظة بأرشيف الجيش اإلسرائيلي. وأجــــــــــرى مــــقــــارنــــة بـــــن املـــجـــمـــوعـــتـــن. وقـــــال: «قــيــاســ بــدعــايــة الــهــاغــانــا والـجـيـش اإلســـرائـــيـــلـــي، كـــانـــت دعــــايــــة جـــيـــش اإلنـــقـــاذ العربي منضبطة أكثر وأقــل عنفًا، وشـددت على القيم الكونية والقانون الدولي»، مقارنة مـــع الـتـنـظـيـمـات الـصـهـيـونـيـة، إذ إن دعـايـة جـيـش اإلنــقــاذ لــم تشمل أي ذكـــر لــــ«اإلبـــادة» أو «إلـقـاء اليهود فـي البحر» أو «قتل منظم للسكان اليهود». وأكــــــد املـــــــؤرخ اإلســـرائـــيـــلـــي أن رســـائـــل الجنود اإلسرائيليي ال تضيف كثيرًا ملا هو معروف عن ممارساتهم ضد الفلسطينيي، «لكن تكرارها ال يضر، خصوصًا على خلفية فظائع الـحـرب الحالية فـي غـزة ولبنان. وال بـــد أن تــعــرف األجـــيـــال الــجــديــدة أن الجيش اإلسرائيلي نشر وباء التيفوس في عكا». وكـــــانـــــت رســـــائـــــل جــــنــــود الــتــنــظــيــمــات الــــيــــهــــوديــــة قـــــد وجــــهــــت إلــــــى بـــــن غـــــوريـــــون، لــكــن الـــرقـــابـــة الــعــســكــريــة حــجــبــت معظمها وســمــحــت بـنـشـر بــعــض مـنـهـا تــحــت عــنــوان «رأي الجندي». وهذه املـواد محفوظة حاليًا فـي أرشـيـف الجيش اإلسـرائـيـلـي وبـاإلمـكـان االطالع على جزء منها. قصص «األشخاص العاديين» وقال املؤرخ حازكاني إن رسائل الجنود فـي الجيش اإلسرائيلي وجيش اإلنـقـاذ هي قـــصـــص يـــرويـــهـــا «أشــــخــــاص عـــــاديـــــون» عـن الــحــرب، ومـتـنـوعـة ومـعـقـدة أكـثـر بكثير من «الـــحـــمـــاس الـــوطـــنـــي والـــــــوالء املـــنـــســـوب لهم عــــــادة». وأضــــــاف: «أعــتــقــد أن الـصـهـيـونـيـة، بـــوصـــفـــهـــا حـــــركـــــة تـــســـتـــنـــد إلـــــــى الــــنــــمــــوذج االستعماري االستيطاني، كانت تميل منذ البداية إلى استخدام القوة، ولكن ليس فقط مع العرب». وتــابــع: «الــنــاجــون الـيـهـود مــن املحرقة تـــعـــرضـــوا لــلــقــمــع أيـــضـــ ألنـــهـــم لــــم يــرغــبــوا فـــــي املـــــشـــــاركـــــة فـــــي الــــقــــتــــال والــــتــــســــبــــب فــي معاناة ألحــد. فتم تجميعهم فـي معسكرات ألـفـ 20 املــهــجــريــن بــأملــانــيــا، وتـجـنـيـد نــحــو مـنـهـم بــواســطــة مــنــدوبــي مـنـظـمـة الـهـاغـانـا . ثم تبي 1948 الصهيونية للحرب، في عـام أن هذا التجنيد تم باإلكراه والتهديد وفرض عـقـوبـات اقــتــصــاديــة، كـمـا تــعــرض عـــدد غير قليل من الناجي من املحرقة للضرب على ما يبدو من جانب الناشطي الصهاينة». «اإلخوة الغرباء» وأكــــد املـــــؤرخ أن مــمــارســات الـنـاشـطـن الصهاينة ضــد الـنـاجـن مــن املـحـرقـة وردت أيضًا في دراسة أعدتها املؤرخة اإلسرائيلية، حانا يابلونكا في كتابها «اإلخوة الغرباء»، الذي أشارت فيه إلى التعليمات التي حملها الناشطون الصهاينة، وبينها أن استعدادهم للتجنيد يــــؤدي إلـــى تـسـريـع هـجـرتـهـم إلـى فلسطي. كما تطرق املؤرخ يوسف غرودزينسكي، فــــي كـــتـــابـــه «مــــــــادة إنـــســـانـــيـــة جـــــيـــــدة»، إلـــى اعــتــبــارات «الـنـجـاعـة الـقـومـيـة والـعـسـكـريـة» الـــتـــي كـــانـــت تـــؤثـــر عــلــى اخـــتـــيـــار املــرشــحــن للهجرة إلـى فلسطي، وأنـهـا شملت تنكيال فــعــلــيــ بـــالـــنـــاجـــن «الـــــذيـــــن كــــانــــوا يــنــتــمــون لـــحـــركـــة الـــبـــونـــد املـــنـــاهـــضـــة لــلــصــهــيــونــيــة»، وفقًا الستعراض املــؤرخ تـوم سيغف لكتاب حـازكـانـي فـي صحيفة «هـــآرتـــس». واقتبس حــازكــانــي أقـــــوال مـــســـؤول فـــي مــركــز تجنيد الناجي من املحرقة، جاء فيها أنه يتم «فرض الـتـجـنـيـد اإللــــزامــــي عــلــى يـــهـــود املــعــســكــرات كأنهم مواطنون إسرائيليون»، وأن رفض أمر التجنيد يعتبر «فرارًا من الخدمة العسكرية التي تتطلب العقوبة». وخـــضـــع الـــنـــاجـــون مـــن املـــحـــرقـــة لغسل دماغ آيديولوجي بروح الحركة الصهيونية الــتــنــقــيــحــيــة الــيــمــيــنــيــة فـــــور وصـــولـــهـــم إلـــى الــــقــــواعــــد الـــعـــســـكـــريـــة فـــــي أرض فــلــســطــن، ووصــــــف الــــعــــرب بـــأنـــهـــم «نـــســـل الــعــمــالــيــق» أعـداء اليهود في األساطير التوراتية. ولفت حـــازكـــانـــي إلــــى أنــــه بــذلــك كــــان لــــدى الـجـنـود الـــجـــدد «مـــبـــرر لـلـقـتـال ضـــد الـــعـــرب وقـتـلـهـم وطردهم». وشـــمـــل غـــســـل الــــدمــــاغ أقـــــــوال الــضــبــاط للجنود الجدد القادمي من أملانيا بأن «الله نفسه يطالب باالنتقام»، وأكــد حازكاني أن وثائق الجيش اإلسرائيلي تشجع الوحشية والكراهية ضد العرب. «دولة يهودية أوروبية» وســـــأل جـــنـــدي فـــي إحـــــدى الـــرســـائـــل: «ملــــــــــــــاذا يــــحــــظــــر عـــــلـــــى جــــــنــــــود الــــجــــيــــش اإلســــرائــــيــــلــــي الـــقـــيـــام بـــمـــا يــفــعــلــه جــنــود الجيوش كافة، أن يأخذ غنائم ويغتصب نـــســـاء الــــعــــدو». وســمــحــت اإلجــــابــــة، الـتـي يــــرجــــح حــــازكــــانــــي أن حــــاخــــامــــ قـــدمـــهـــا، بالنهب مـن أجــل الصالح الـعـام. وأضــاف حازكاني أنه «لم يتم التطرق إلى السؤال حول االغتصاب. وهكذا، فإن السؤال حول ما إذا كان سلوك كهذا واردًا في الحسبان، بقي مفتوحًا». وفيما يتعلق برسائل الجنود اليهود املـــغـــاربـــة، فـإنـهـا تــوثــق بـــاألســـاس تعامل الحركة الصهيونية مع اليهود الشرقيي الـــذيـــن لـــم تــأخــذهــم الــحــركــة الـصـهـيـونـيـة فـي الحسبان حتى املـحـرقـة، وإن «الحلم كــــان دولـــــة يـــهـــوديـــة أوروبـــــيـــــة». وتـجـسـد رســـائـــل الــجــنــود املــغــاربــة أســـس التمييز ضــد الـيـهـود الـشـرقـيـن عـمـومـ بـعـد قيام إسرائيل. وشبه قسم من الجنود إسرائيل بـ«أملانيا النازية». (غيتي) 1948 مدرعات إسرائيلية في صحراء النقب خالل الحرب العربية اإلسرائيلية عام تل أبيب: «الشرق األوسط»

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==