issue16770

حزب العمال البريطاني بزعامة رئيس الوزراء كير ستارمر متهم بالتدخل في سير االنتخابات الــرئــاســيــة األمــيــركــيــة، ويـخـشـى عــقــاء بـريـطـانـيـا إفساد العلقات مع الحليف األول حال فوز دونالد ترمب بالرئاسة الشهر الـقـادم، وخـاصـة أن وزراء يــســاريــن (كـــوزيـــر الــخــارجــيــة دافـــيـــد المــــي) سبق أن نـعـتـوا الـرئـيـس األمــيــركــي الـخـامـس واألربــعــن بكلمات ال تليق بساسة مسؤولي. وبــــجــــانــــب االنـــــتـــــقـــــادات وانــــخــــفــــاض شـعـبـيـة نقطة سلبية) فـي زمــن قياسي من 26 -( ستارمر انتخابه، بسبب القلق مـن سياساته االقتصادية االشــتــراكــيــة، وتـــأخـــر إعــــان املــــوازنــــة، ومــتــوقــع أن تـــــؤدي إلــــى هـــــروب آالف املـسـتـثـمـريـن مـــن الـــبـــاد؛ تتعالى الهمسات في الـدوائـر الدبلوماسية بعدم كــــفــــاءة فـــريـــق المــــــي؛ فــــبــــدوره يــســبــب الـــتـــوتـــر مـع الحلفاء، واإلحراج مع بلدان الكومنولث. فـي أبـيـا فـي سـامـوا باملحيط الــهــادئ، حيث 27 فـي القمة الـــ 56 تلتقي أمــس والــيــوم الـبـلـدان الــــ برعاية رئيس الكومنولث، امللك تشارلز الثالث، تــواجــه بعثة سـتـارمـر تـحـديـا يـهـدد بـشـق وحــدة عـائـلـة الـكـومـنـولـث بـعـد نـمـو تـيـار راديــكــالــي بي ساسة عدد من املستعمرات البريطانية السابقة، يطالبون بتعويضات عما يدَّعيه اليسار الناشط مـن «دور بريطانيا السابق فـي تـجـارة العبيد». ورغــــم أن بـريـطـانـيـا لـعـبـت الـــــدور األول واألكــبــر فـــي إنـــهـــاء تـــجـــارة الـعـبـيـد مــنــذ ثــاثــيــنــات الــقــرن التاسع عـشـر، ونشطت البحرية امللكية (وسقط منها ضـحـايـا) فــي الـقـضـاء عـلـى تــجــارة العبيد؛ فـــإن املـطـالـبـن بـتـعـويـضـات تـتـجـاوز تريليونات مـــن الـــــــــدوالرات يـــشـــيـــرون إلــــى تــصــريــحــات وزيـــر الــــخــــارجــــيــــة المـــــــي عــــنــــدمــــا كـــــــان «الـــــعـــــمـــــال» فــي املـــعـــارضـــة، يـطـالـب فـيـهـا بــهــذه الـتـعـويـضـات من «البلدان االستعمارية»، بما فيها بلده الذي يمثله اليوم كوزير للخارجية. وبــجــانــب نـقـص الــكــفــاءة وقــلــة الــخــبــرة (مـثـل وزيــــــرة املــالــيــة راتــشــيــل ريـــفـــز بـــادعـــاء أنـــهـــا كـانـت خبيرة اقتصادية في بنك أسكوتلندا، واتضح من التحقيق في السجلت أنها كانت مجرد مساعدة ألحـــــد اإلداريــــــــــن ال االقــــتــــصــــاديــــن)؛ فـــــإن طـغـيـان اآليـديـولـوجـيـات االشـتـراكـيـة والـيـسـاريـة (بعضها مــتــطــرف) عـلـى تـفـكـيـر عـــدد مـــن الـــــــوزراء، يدفعهم إلـى االنـدفــاع فـي سياسات، والتفوه بتصريحات ينقصها الحكمة، وكـأنـهـم مـا زالـــوا فـي املعارضة ولـيـسـوا فــي الـحـكـم مـسـؤولـن عــن اقـتـصـاد الـبـاد وأمنها وسلمة الناخبي الذين يمثلونهم. نقص الخبرة وسيطرة اآليديولوجيا يدفعان بعض الوزراء العماليي إلى تناسي عوامل جديدة فــي عـصـر املـعـلـومـات، كـانـتـشـار وســائــل الـتـواصـل االجـــتـــمـــاعـــي وســـهـــولـــة الـــبـــحـــث عـــلـــى اإلنـــتـــرنـــت، مـمـا يـدفـع إلـــى الــواجــهــات اإلعـامـيـة بتصريحات ومواقف من املاضي تحرجهم، والحكومة مسببة مشاكل دبلوماسية على الساحة الدولية، كاألزمة مع الحزب الجمهوري األميركي، واتهام «العمال» بالتدخل في مسيرة االنتخابات الرئاسية. مشاركة «متطوعي» اشتراكيي ويساريي من أعضاء حزب العمال فـي دعـم ومعاونة الـحـزب الديمقراطي في انتخابات الكونغرس أو الرئاسة األميركية ليست بـــجـــديـــدة، وإنـــمـــا مـسـتـمـرة مــنــذ ســـنـــوات ملـشـاركـة تــيــارات فـي الـحـزبـن على جـانـبَــي األطـلـسـي أفكار حـــركـــات مــثــل «االشـــتـــراكـــيـــة الـــدولـــيـــة» و«الـــطـــريـــق الثالث» و«األممية االشتراكية»، وداخلها تيارات متطرفة ال تعترف بحدود الدولة القومية. الفارق أنه في االنتخابات األميركية السابقة ) كــان 2022 (آخــــرهــــا انـــتـــخـــابـــات الـــكـــونـــغـــرس فـــي «الـــعـــمـــال» فـــي املـــعـــارضـــة ولــيــس حــــزب الـحـكـومـة. وسـيـاسـة «حـكـومـة جـالـة املـلـك» الثابتة هـي عدم التدخل في الشؤون الداخلية (كسير االنتخابات، والـــقـــضـــاء، والـــحـــركـــات الــنــقــابــيــة) لــبــلــدان أخــــرى، نــاهــيــك مـــن بـــلـــدان صــديــقــة كـالـحـلـيـف األول عبر األطــلــســي. األســبــوع املــاضــي ظـهـرت تـغـريـدة على مـــنـــصـــة «إكــــــــس» لـــصـــوفـــيـــا بــــاتــــيــــل، رئـــيـــســـة قـسـم العمليات في حزب العمال، تعلن عن عشرة أماكن مـــن «الــعــامــلــن» (الـتـعـبـيـر 100 إضــافــيــة لــلــحــاق بــــــ » يعني عاملي مدفوعي األجر Labour Party Staff« وليسوا مجرد «أعـضـاء» فـي الـحـزب) فـي طريقهم إلـــــى شـــمـــال كـــارولـــيـــنـــا، ونــــيــــفــــادا، وبــنــســلــفــانــيــا، وفـيـرجـيـنـيـا (واليــــــات أمـيـركـيـة مـتـأرجـحـة تـرجـح كـفـة أحـــد املــرشــحــن)، ووعــــدت بـتـوفـيـر التكاليف واإلقامة، ونشرت عنوان املراسلة بريدًا إلكترونيا للراغبي اسـمـه «الـعـمـال لـدعـم كـامـاال (هــاريــس)». وال يحتاج األمـــر ملحامي دولـيـن أو دسـتـوريـن، وفذلكة ومناورة الساسة الكلمية، لللتفاف حول اتهام الجمهوريي لحزب حكومة صديقة بالتدخل في سير االنتخابات. مـوقـف الـزعـيـم الـبـريـطـانـي زاد األمـــر تعقيدًا، ويـهـدد بالفعل العلقات األنغلوأميركية فـي حال انـــتـــخـــاب تـــرمـــب رئـــيـــســـا؛ فـــإجـــابـــة ســـتـــارمـــر عـلـى استفسارات الصحافيي، بشأن تغريدة املسؤولة عـن الـنـشـاط العملي لـلـحـزب، حـاولـت التقليل من األمـــر، قـائـا إنـه التقى ترمب فـي نيويورك الشهر املــاضــي، وإنـــه ليس جـديـدًا أن يتطوع أعـضـاء من «العمال» ملساعدة املرشحي األميركيي. والـــســـؤال: أيـهـمـا أســــوأ لـسـتـارمـر، أن يـشـارك يسار الحزب موقفهم املعادي لترمب والجمهوريي، أم أنه زعيم ضعيف غير قادر على فرض االنضباط على حزبه؟ فـاملـعـتـاد فـــي ســـوابـــق كـــهـــذه، إقـــالـــة املـسـؤولـة عن الخطأ فـورًا، وتصريح علني بعدم التدخل في شؤون أميركا الداخلية. Issue 16770 - العدد Sunday - 2024/10/27 األحد «إلـــى الـيـمـن دُر... وإلـــى الــســام سِـــر» ليس مـصـطـلـحـا عـــســـكـــريـــا... إنـــــه تـــطـــلّـــع وطـــنـــي إلـــى اســـتـــنـــفـــار طــــاقــــات الــــقــــوى الـــيـــمـــنـــيـــة، وتـــوجـــيـــه أنــظــارهــم وتـكـريـس جـهـودهـم ملصلحة «الـيـمـن أوالً» مُــعـتـبِــريـن مــن تـفـاعـات املنطقة مـنـذ أخـذ «طـوفـان األقـصـى» اهتمام الجميع، ثم تجمّدت املساعي السلمية على الضفة اليمنية. عـقـب تــداعــيــات الــخــريــف الـعـنـيـفـة مــؤخــرًا، صــــدر مـــن أحــــد «مـــخـــابـــئ» أو «كــــهــــوف» شـمـال اليمن، ما يؤكّد مواصلة االنـصـراف عن أولوية الــــســــام الـــداخـــلـــي بــتــصــريــحــات االعـــــتـــــزام عـلـى مواصلة التصعيد الـخـارجـي؛ بوصفه تطبيقا فعليا ملأثور اإلمـام علي بن أبي طالب «ما أكثر العِبَر... وأقل االعتبار!». ال يُعوِل بعض على مَن «لم يعتبِر بعد» أنه ســيــؤدي واجـــب #الـسـام_لـلـيـمـن، بـيـد أن الـذيـن تـفـاقـمـت مـعـانـاتـهـم شــمــاال وجــنــوبــا، مــن نساء وأطـــفـــال وشــبــاب ومـسـنـن، يُــعــوِّلــون ويتمنون إمكانية تفادي التمادي في التصعيد والخلف، فـضـا عــن تـجـنّــب عـنـتـريـات تهييج الـعـواطـف، والصراعات حول السفاسف... ألنه: ال يُــمـكـن اسـتـمـرار حـالـة «الــســام الـخـامـل» يمنيا. وال يُمكن إطالة احتمال انصراف اليمنيي عن معالجة «اليمننة». وال يُمكن أن يدوم السوء دونما مقاومة أو محاولة تخفيف حدة السوء. وال يُــمـكـن قــبــول تـعـريـض الـبـلـد لـضـربـات إسرائيلية أخرى وتهديد امللحة الدولية. وال يُمكن أن تظل أخبار اليمن على رتابتها، حسب بعض اإلعلميات واإلعلميي العرب. قـــائـــمـــة «ال يُـــمـــكـــن» هــــــذه، يُـــمـــكـــن أن تــزيــد طـوال طاملا لم يَقصُر طريق السير إلـى «السلم الفاعل»، وال يدور املعنيون تجاه اليمن. يــــطــــول الــــطــــريــــق؛ ألن الـــســـائـــريـــن فـــيـــه «ال يعتبِرون». واألدهى أنهم وسط الدرب املحفوف باأللغام أو تأرجحهم في الهاوية، كما يصفهم الــبــعــض، يــتــنــازعــون عــلــى بــعــض الـصـاحـيـات نــــزاعــــا ســلــبــيــا، مــــن دون أن يــتــســابــقــوا سـبـاقـا إيـجـابـيـا عـلـى الـــــدوران صـــوب منفعة اليمنيي ال مــضــرّتــهــم؛ بــهــذا يـتـعـوق سـيـر بـقـيـة «الــركــب الـــيـــمـــانـــي» صــــــوب الـــــســـــام، ويــــبــــدو جـمـيـعـهـم عـلـى خـــاف املــؤمــل فـيـهـم. ثــم بسببهم يتقلّص االهـــتـــمـــام بـــأحـــوال الــيــمــن، رغــــم الــتــأثــر لـفـداحـة املعاناة اإلنسانية. بــيــنــمــا يـــســـري مــــا ال يُـــمـــكـــن ارتــــضــــاؤه مـن اخـتـاق أمـثـلـة على أرض الــواقــع، يُمكن الـــتـــفـــاؤل بــمــا يـسـتـحـق مــواكــبــتــه أيــضــا مما يتخَلّق من أمثولة يصنعها يمنيون آخرون ال يــحــمــلــون الــــســــاح ويـــحـــلـــمـــون بـــالـــســـام، وذهـــبـــوا يــعــرضــون رؤاهــــم املـتـواضـعـة على من التقوا ويلتقونهم من بعثات دبلوماسية ومؤسسات دولية في عمّان - األردن، حيث نــظّــمــت «مــؤســســة تــمــدن لـلـتـنـمـيـة الـثـقـافـيـة واإلعــــــــــــام - بــــريــــطــــانــــيــــا» أعــــــمــــــال «الــــلــــقــــاء التشاوري الثاني ملبادرات السلم في اليمن: م» الذي 2024 ) أكتوبر (تشرين األول 14-13 ينادي «حي على السلم». لـــبّـــى ذاك الـــنـــداء بــعــض يـمـنـيـات ويـمـنـيـي الـــداخـــل والـــخـــارج ممثلي ملـحـافـظـات ومـهـاجـر مختلفة، مستهدفي تكوين «ائــتــاف وطـنـي»؛ لعله يجمع بقية النشطاء من نساء ورجال على كلمة ســواء، وسـط ميدان «نشر ثقافة السلم»، ثم «الشراكة في عملياته»، وكذا ترتيب «انعقاد مؤتمر عـام داخــل اليمن» ربما يحض األطــراف عــلــى «الـــســـام الـــفـــاعـــل» تـتـويـجــا لــكــل املـسـاعـي املحلية واإلقليمية والدولية، خلل أجل مسمى. إن أَجَل «السلم الفاعل» قد يُسميه املعنيون اليمنيون حينما يتفاعلون فعل مع كل جهود ومـــســـاعـــي ونـــــــداء «#الـــســـام_لـــلـــيـــمـــن» بـتـعـديـل اتجاههم «إلى (اليمن) دُر»... هذا إذا عـدّوا مما جــرى ويـجـري، وانـصـرفـوا -مـؤقـتـا- عـن األوهـــام والسفاسف والعنتريات، لئل تبقى «اليمننة» على ما هي عليه. إلى «الرهائن واألسرى» دُر: آخـــــــــر جــــــولــــــة مـــــــــشـــــــــاورات حـــــــــول األســـــــــرى واملعتقلي بـإشـراف مكتب املبعوث األممي إلى اليمن في مسقط - عُمان... أوائل يوليو (تموز) املــاضــي، كـــان يُــفـتـرَض أن تعقبها جـولـة ثانية أوائـل سبتمبر (أيلول) املاضي... لكن املعتقلي تــــضــــاعــــف عـــــددهـــــم خـــــــال الــــشــــهــــور األخـــــيـــــرة، وتـعـطّــلـت عـمـلـيـات «بـــنـــاء الــثــقــة». فـهـا تنعقد قـريـبـا جـولـة جـديـدة تبحث تـبــادل األســــرى بي الــجــانــبــن، وتـكـشـف فـيـهـا جـمـاعـة أنـــصـــار الـلـه (الحوثي) مصائر املحتجزين والرهائن القدامى والجدد من موظفي املنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية وغيرهم من اإلعلميي والساسة؟! مـــهـــمـــا تـــعـــاظـــم االخـــــتـــــاف بـــيـــنـــهـــا، تــتــشــابــه الــــعــــواصــــم فــــي كـــونـــهـــا –تـــاريـــخـــيـــا- مــــراكــــز الـــقـــوة والسلطة واملـــال والعلم والثقافة. بعضها ضـارب بـجـذور فـي الـتـاريـخ، وبعضها اآلخــر وليد األمـس القريب. بعض العواصم تفقد حصانتها ومنعتها ومكانتها التاريخية ألسـبـاب عـــدة، وتتحول إلى مجرد مــدن عـاديـة، تضاف إلــى قائمة طويلة جدًا مـن مـدن العالم. وكــأن لقب «عاصمة» بمثابة تاج يـزيِّــن رأس مدينة، ويميِّزها عـن غيرها مـن املـدن، كما تزيِّن التيجان رؤوس ملوك وملكات. التعريف أعله، أحيانا يتسع ليشمل إضافات تُــطـلَــق على مــدن أخـــرى ليست عــواصــم، كــأن يقال إن املدينة الفلنية عاصمة الجمال، أو الذهب، أو صناعة من الصناعات، أو عاصمة العلم الحديث... إلى آخر األسماء واألوصاف. الـــعـــاصـــمـــة الــلــيــبــيــة طـــرابـــلـــس لــــم تـــكـــن يــومــا عـاصـمـة لـلـجـمـال، ولـــم يُـــعـــرَف عنها أنـهـا عاصمة للعلم واألدب والثقافة، أو لصناعة الذهب مثلً... إلـــخ. ولـــم تـكـن -لـــدى املــقــارنــة بغيرها مــن عـواصـم الـــعـــالـــم- تـتـمـيـز بـــشـــيء يـجـعـلـهـا دُرَّة فــــريــــدة. قد يـــرى الـبـعـض أنـهـا مـديـنـة عتيقة، ضــاربــة بـجـذور فـي الـتـاريـخ، وهــم مـحـقُّــون فـي ذلـــك؛ لكنها ليست الوحيدة. والتاج الذي يزيِّن رأسها، ويجعل منها عاصمة لليبيا، يبدو -عند املقارنة بتيجان لندن أو باريس أو القاهرة أو أثينا- ال يُرى من شدة صغره. فلماذا إذن يتقاتلون من أجـل االستحواذ عليها؟ وكيف ال تُترَك لحالها، كي تنعم بالعيش في سلم وأمان؟ ســكــانــهــا تـــعـــبـــوا ومــــلُّــــوا مــــن كـــثـــرة الــــحــــروب، واختصروا مطالبهم في مطلب واحــد: خـذوا لقب العاصمة، واتركوا لنا طرابلس! إال أن مطلبهم، إلى حد اآلن لم يجد آذانـا مصغية. وما زال املسلحون -بمختلف األسـمـاء والـــرايـــات- يقسِّمونها مناطق وجــهــات نــفــوذ، ويُــحـكِــمـون سيطرتهم عليها إلـى حـــد االخـــتـــنـــاق. وعــلــى حـــدودهـــا يـتـخـنـدق آخـــرون متربِّصي في انتظار أن تتاح لهم فرصة. طوال تاريخ طويل، يمتد منذ تأسيسها على أيـــدي الفينيقيي إلــى يــوم الـنـاس هـــذا، وطرابلس تـــتـــحـــول مـــتـــنـــقـــلـــة مـــــن قـــبـــضـــة إلــــــى قـــبـــضـــة، ومـــن اسـتـعـمـار إلـــى آخـــر، تـدخـلـهـا جـيـوش لـتـحـل محل أخــرى منسحبة مهزومة. األتـــراك فقط تمكنوا من البقاء فيها ملدة أربعة قرون تقريبا، وتركوها قسرًا لـاسـتـعـمـار اإليـــطـــالـــي؛ لـكـنـهـم خـــرجـــوا مـــن الـبـاب ، وعـــادوا إليها مـن الباب 1912 منسحبي فـي عـام ، بـطـلـب مـــن رئـيـس 2020 نـفـسـه مــدعــوِّيــن فـــي عـــام الحكومة السابق فائز السراج، مدعوما بـ«اإلخوان املسلمي». ولديهم حاليا قواعد عسكرية وبحرية وجـويـة ال تخضع للقواني الليبية، فـي وضعية مشابهة ملا كانت عليه قاعدة «هويلس» األميركية . االثنان وُجِدَا تحت صيغة متعارف 1970 قبل عام عـلـيـهـا تُـــدعَـــى الــحــمــايــة. وتـــجـــارب الــتــاريــخ -عـلـى تنوعها- تؤكد حقيقة تتكرر في مختلف الحقب، وهــــي أن الـــجـــيـــوش الـــتـــي تـــأتـــي اســتــجــابــة لطلب الحماية، ال تخرج وفقا لطلب الـدولـة التي جاءت لحمايتها لــدى انـتـهـاء املـهـمـة؛ بـل تتريث وتتلكأ كثيرًا في العودة إلى املكان الذي جاءت منه، حتى تتمكن من نيل ما جاءت لتحقيقه. سكان املدينة الذين يتجاوزون ثلثة مليي نسمة، ال يكترثون بحقيقة أن عاصمتهم طرابلس لــــم تـــعـــد مــلــكــهــم وال تـــحـــت ســـيـــادتـــهـــم. تــــراهــــم فـي مــخــتــلــف املـــديـــنـــة وشــــوارعــــهــــا يـــمـــلـــؤون املـــقـــاهـــي، ويـــــرتـــــادون األســـــــــواق، وتــــعــــج بـــهـــم وبــســيــاراتــهــم الـطـرق، مـن دون أن تنبس الشفاه بلفظ السيادة، أو لفظ احتلل. البعض يتغاضون عن ذلك بحجة أن األتـــراك أنـقـذوا طرابلس من السقوط بي براثن ومخالب حكم عسكري آخر ال يختلف عن السابق. وهو أمر ال يختلف حوله عاقلن. في الحي الذي يــرى فيه آخـــرون قلة أن االحــتــال ال يجثم بكلكله عـلـى طـرابـلـس فـقـط؛ بــل عـلـى كــل لـيـبـيـا. وهـــو أمـر ال يختلف حـولـه عــاقــان أيــضــا. ويـقـصـدون بذلك الوجود العسكري الروسي في شرق البلد. الـسـاسـة كثير منهم مــخــادعــون. ومـثـل حــواة مَــهَــرة، يجيدون اللعب باللغة، وصياغة معانيها بما يتماشى مع غاياتهم، بحيث يمررون أهدافهم من دون إزعـاج أو تخويف للسامعي أو القارئي. والـــهـــدف مــن ذلـــك هــو الـتـمـويـه وإخـــفـــاء الـحـقـائـق. وغالبا ما ينجحون في ذلك؛ خصوصا حي يكون السامعون على اسـتـعـداد نفسي لتصديقهم، وال وقت لديهم لتمحيص ما يسمعون ويقرؤون. وهو -في رأيي- ما ينطبق على الليبيي حاليا. سكان المدينة الذين يتجاوزون ماليين نسمة ال يكترثون 3 بحقيقة أن عاصمتهم طرابلس لم تعد ملكهم «السالم الفاعل» قد يُسميه المعنيون اليمنيون حينما يتفاعلون فعال مع نداء «السالم لليمن» لطفي فؤاد نعمان جمعة بوكليب عادل درويش OPINION الرأي 14 شفاه الليبيين ال تنبس بلفظ السيادة إلى «اليمن» دُر «العمال» وتهديد العالقة األنغلوأميركية يخشى عقالء بريطانيا إفساد العالقات مع الحليف األول

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==