issue16769

اعـتـمـد الاتـــحـــاد الأوروبــــــي، مـنـذ تـقـريـبـا سـتـة أشــهــر، ميثاق ،2026 الهجرة واللجوء الذي سيدخل حيز التنفيذ في منتصف عام وهــو المـيـثـاق الـــذي يتبنى إجــــراءات مـتـشـددة فـي حـق المهاجرين؛ ومنذ أيـام، عقدت قمة أوروبية في بروكسيل للبحث عن الوسائل الـتـي بإمكانها تشديد الإجــــراءات ذات الصلة بسياسات اللجوء والمهاجرين غير الشرعيين. قــــراءتــــنــــا لـــهـــاتـــه المـــســـتـــجـــدات تـــســـمـــح لـــنـــا بــــالــــخــــروج بــعــدة استنتاجات أساسية: يــحــاول كـثـيـر مــن الـــقـــادة الأوروبـــيـــ الــيــوم تـبـنـي سـيـاسـات الـيـمـ وبـــالأخـــص الـيـمـ المـتـطـرف الـــذي بـــدأ يحصد الـنـجـاحـات الانتخابية الـواحـدة تلو الأخــرى في العديد من الــدول الأوروبـيـة، وبدأ يستهوي ليس فقط كبار السن ولكن شرائح كبرى من الشباب وصـغـار الـسـن؛ والمـوضـوع الرئيسي الــذي يتبناه هــؤلاء فـي السر والعلن هو قضية الهجرة وخطورة الجاليات وتدفق اللاجئين في الأراضــي الشاسعة من الاتحاد الأوروبــي مــوازاة مع حرية الحركة داخـــل منطقة شـيـنـغـن؛ كـمـا أن الـيـمـ المـتـطـرف مــا يفتأ يـكـرر أن نسبة كبيرة من المهاجرين لم يهاجروا لدواع إنسانية وإنما لدواع اقتصادية، ويقومون بزرع الرعب ويلقون باللوم على فئات معينة، وأعني بذلك العرب والمسلمين الذين هم في نظرهم يشكلون خطرا على الهوية والثقافة الأوروبية، وما أتوا إلا لأسلمة أوروبا؛ ونحن نتذكر أنه عندما فتحت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل باب الهجرة دون حدود، نشبت حملة إعلامية ضدها استهدفتها واستهدفت المهاجرين في ألمانيا وفي معظم العواصم الأوروبية، وهي عوامل أججت الكراهية للمهاجرين وقربت الناخب للتيارات المعادية لهم. المـسـألـة الـثـانـيـة أن بـعـض الأوروبـــيـــ بــــدأوا يـفـكـرون خــارج الأنماط المعهودة والأساليب المعتادة؛ ولا أدل على ذلك من قضية «مــراكـز الــعــودة»، أي نقل المهاجرين إلــى مـراكـز استقبال فـي دول أخرى، كما تقوم بذلك مؤخراً الحكومة اليمينية الإيطالية بقيادة السيدة ميلوني، وذلك بنقل المهاجرين إلى ألبانيا وبالضبط إلى مخيم جادير الذي يشبه ثكنة عسكرية محاطة بكل وسائل المراقبة، مهاجراً؛ وهناك سيقوم المهاجرون 880 ويمكنه إيواء ما يصل إلى الـذيـن تـم القبض عليهم مـن تقديم طلباتهم للجوء تحت إشـراف قــضــاة إيــطــالــيــ يــشــرفــون عــلــى الــجــلــســات مـــن خــــ ل الــعــديــد من الشاشات التي نصبت في المخيم. الاســتــنــتــاج الـــثـــالـــث أنــــه يــتــم يـــومـــا بــعــد يــــوم تـحـصـ المـــدن الداخلية والحدود، باستعمال وسائل جد متطورة «لإدارة» الهجرة وضبط تدفقات طالبي اللجوء؛ فهناك من يلجأ إلى الذكاء الصناعي لمتابعة وقبض المهاجرين غير المسجلين وغير القانونيين باعتماد آلات تشبه الهواتف الخلوية، زود بها ضباط الشرطة، وهي تساعد عـلـى الـتـعـرف عـلـى الــوجــوه وتحليل بـيـانـات الـبـصـمـات... كـمـا أن بـعـض الــشــركــات الـخـاصـة طــــورت لـصـالـح شــرطــة بـلـدانـهـا أنظمة تقنية يمكنها من التعرف على اللهجات المحلية للبلدان التي يأتي منها المهاجرون؛ كما أن العديد من دول الاتحاد تستعمل طائرات مسيّرة وأجهزة مراقبة تحت-مائية ورادارات ثلاثية الأبعاد وآلات استشعار متطورة لرفع مستوى الأمــن على حـدودهـا الخارجية، وهذا المنحى جعل الخبراء يقولون بأن التكنولوجيا تجعل المناطق الحدودية أكثر خطورة على الأشخاص... إنها تفاقم العنف وتمنح حرس الحدود سلطة كبيرة.... وهــــذا يـعـنـي أن الـشـغـل الـشـاغـل عـنـد المــســؤولــ الأوروبـــيـــ اليوم هو كيف يمكن امتصاصخطاب اليمين المتطرف داخل المجال السياسي العام والتغلب عليه من خلال تقديم خطابات وسياسات عمومية داخلية أكثر جرأة وأكثر جلبا للناخبين في الاستحقاقات الانتخابية المتتالية محليا وأوروبـيـا، وقد لخصت زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان هذا الكلام، عندما قالت في اجتماع ببروكسيل جمع كتلة «وطنيون من أجـل أوروبـــا» وهـي ثالث قوة سياسة في البرلمان الأوروبي، إن البعض في الاتحاد الأوروبي بدأ يسمع ويتبنى ما كنا نقوله منذ سنوات. نفهم إذن الاجتماعات المتتالية في العاصمة البلجيكية التي أصـبـحـت عـاصـمـة لمــحــاربــة وإيـــقـــاف المـهـاجـريـن الــســريــ وبــلــورة الـــقـــوانـــ الــــزاجــــرة؛ ونــفــهــم المــنــحــى الــــذي يــتــخــذه المـــســـؤولـــون من خـ ل عسكرة المراقبة الداخلية والخارجية لبلدانهم لمنع وصول المهاجرين السريين إلــى أوروبـــا أو لطردهم مـن هـنـاك، مـــوازاة مع التطوير اليومي للذكاء الصناعي الذي يكون في خدمة هذا التوجه؛ ولا ننسى أنه توضع أمـوال كثيرة في خدمة هاته السياسات بدل الـبـحـث عــن وســائــل تـسـاهـم فــي التخفيف مــن المــعــانــاة الإنـسـانـيـة لهؤلاء المهاجرين في بلدانهم. أتفق هنا مع يقوله جان مـاري غوستاف لو كليزيو، الحائز جائزة نوبل للآداب عندما رفع النقاش العام إلى مستوى فلسفي من خلال تنديده بـ«إنكار لا يطاق للإنسانية» مذكراً بأنه هو نفسه كــان مـهـاجـراً. ويـصـح أن نـقـول مـع آخـريـن أن الـسـيـاسـات الحالية في حق المهاجرين أسـواء في أوروبـا أم في دول أخرى مثل أميركا أصــبــحــت «وحـــشـــا بـــ قـــلـــب» وهــــي تـــتـــعـــارض مـــع قـــوانـــ حـقـوق الإنسان الدولية وتلك الروح الإنسانية التي تباهت بها دول لقرون جعلت منها أرض وفادة ومحبة فإذا هي الآن أرض انغلاق وكراهة. OPINION الرأي 14 Issue 16769 - العدد Saturday - 2024/10/26 السبت وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com فيصل محمد صالح عبد الحقعزوزي نبيل عمرو نتنياهو يعدّ وقف إطلاق النار خطوةً تراجعية تضر بخططه وبمكانته في إسرائيل لماذا لم يتحسب الجيشالسوداني لنتائج انشقاق «كيكل» وانعكاسات ذلك علىسكان المنطقة؟ بعضالأوروبيين بدأوا يفكرون خارج الأنماط المعهودة والأساليب المعتادة غزة... الهدفوالرهينة ، وما أنتج منصدمات 2023 ) إثر زلزال السابع من أكتوبر (تشرين الأول قـويـة، داخــل إسرائيل وعلى كـل المستويات فيها، ذهـب المستوى الرسمي والعسكري إلى الحدود القصوى في الرد على ما حدث، وكان التعجل الأقرب إلى الارتجال قد أملى الاجتياح البري للقطاع المدجج بالسلاح والمقاتلين والأنفاق. وكـان ذلـك بمثابة العمل الـذي لا بد منه لمعالجة الانهيارات المعنوية الـتـي اجـتـاحـت الـجـمـهـور، ولإنــهــاء الـتـهـديـدات بـإنـهـاء الــوجــود العسكري والسلطوي لـ«حماس» في غزة، إضافة إلى تحرير المحتجزين الذين كانوا العدد الأكبر من كل من احتجز في الحروب السابقة. بفعل إعطاء معنى لوحدة الساحات، وإلى ما قبل اتساع الحرب على الجبهة الشمالية، ظلت غزة هي الهدف الرئيسي وظلت تصفية «حماس» وقادتها، هي المحرك للجهد السياسي والاستخباراتي والحربي، ما أدّى إلـى إفـشـال مـحـاولات التهدئة والـتـبـادل مـع إصــرار عنيد مـن جانب رئيس الـــوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة الحرب حتى تحقيق نصره المطلق. بفعل تطور الهجوم الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، واستهداف «حــــزب الــلــه» بالتصفية وإضـــعـــاف قـــدراتـــه عـلـى الــســاحــة الـلـبـنـانـيـة حتى بـيـروت، تحوّلت غــزة إلــى جبهة عسكرية ثانية، إذ تـم سحب ألـويـة منها لتعزيز الهجوم على الجبهة الشمالية والإعـــداد لحرب هجومية ودفاعية ضـد إيــــران. وذلـــك حـــوّل غــزة المحتلة عسكريا إلــى رهينة فـي يـد إسـرائـيـل، بحيث يرتبط مصيرها بما ستؤول إليه الحرب على «حزب الله» والمؤجلة على إيران، ويصدق على غزة القول إنها أول الحرب وآخر الحل. وقع المحللون وكثيرون من صنّاع السياسة في خطأ تقدير، حين عدّوا تصفية يحيى السنوار صـورة نصر ستساعد على إنهاء الحرب في غزة، وهذا ما دعا وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى دعوة إسرائيل للإفادة من تصفيته والتعاون مع جهود الوسطاء لإجراء صفقة تبادل، ومن قبيل الإغراء دعا بلينكن نتنياهو «المنتصر في غزة» إلى تحويل نصره إلى إنجاز استراتيجي بوقف الحرب وإبداء مرونة فيما يتصل باليوم التالي. غير أن نتنياهو الـذي رفـض طلبات بلينكن جميعا وظـلّ مصراً على مواقفه «قبل السنوار وبعده»، مستمر في الحرب التي تتخذ شكل مذابح لا لزوم عسكريا لها، تاركا أميركا والعالم يتحدثون عن سيناريوهات حول اليوم التالي، من دون أن يقول كلمة واحدة حول هذا الأمر. سياسة نتنياهو وتجاهله الـ فـت لأهمية تصفية السنوار ومضيه قـدمـا فـي خطة الـجـنـرالات وحلقتها الأولـــى جباليا، سياسته هــذه تعني عمليا أن غزة بالسنوار ومن دونه، بانتخابات أميركية ومن دونها، وبحسم على الجبهة الشمالية أو بتسوية، وباستعادة الرهائن أو قتلهم جميعها، ستظل رهينة لنصره المطلق الذي يجسده هدفه الرئيسي لبقائه في السلطة مدى الحياة، ومنعه قيام الدولة الفلسطينية. حــقــائــق الـــحـــرب المـشـتـعـلـة عــلــى الـجـبـهـتـ الـرئـيـسـيـتـ واحــتــمــالات الامتداد إلى إيران، تُقرأ من قبل نتنياهو بصورة مختلفة عن قراءة الآخرين، فهو يعدّ إبداء أي قدرٍ من المرونة خصوصا فيما يتصل بوقف إطلاق النار خطوةً تراجعية تضر بخططه وحتى بمكانته في إسرائيل، بصفته قائداً مركزيا لحرب «القيامة» التي كان اسمها «السيوف الحديدية». ووفــــق تفكير نتنياهو ومـنـهـجـه، فـمـا الــــذي يــدعــوه لـلـتـراجـع مــا دام الديمقراطيون والجمهوريون يتسابقون على إرضائه وفق معادلته القائلة: «لو بقي الديمقراطيون فلا ضرر، وإن جاء الجمهوريون فالوضع أفضل». لعنة «كيكل» وتقسيم السودان دخلت الحرب في السودان مرحلة جديدة من العنف والقتل عــلــى الـــهـــويـــة، وانــتــقــلــت لمــرحــلــة الاســتــنــفــار الـقـبـلـي والاســتــنــفــار المضاد، وتحقق ما كان يتخوف منه معارضو الحرب منذ البداية، أن تتحول حـربـا أهلية شاملة بـ المجموعات القبلية والإثنية المختلفة، تتخفى وراءهـا المطامع السياسية والسلطوية لبعض المجموعات السياسية. فقد شهدت منطقة سهل البطانة، شـرق الـجـزيـرة، عمليات قتل وتهجير ونهب وسلب طالت معظم القرى والمــدن الصغيرة فــي هـــذه المـنـطـقـة، بـعـد انـشـقـاق ابـــن المنطقة أبـــو عـاقـلـة كيكل من «قــوات الدعم السريع» وإعــ ن انضمامه إلـى الجيش. ويبدو أن كل الأطـراف المتورطة في الصراع لم تحسب خطواتها جيداً، ولم تستعد لهذه الخطوة، فقط أعلن جانب الجيش انشقاق «كيكل» عن «قوات الدعم السريع» وسط هياج إعلامي كبير، ثم اتضح أن الرجل الذي كان قائداً للمنطقة قد جاء بثلاث سيارات ومجموعة من حراسه، وترك باقي المنطقة لانتقام «قوات الدعم السريع». مـــا أن تـــم الإعــــــ ن عـــن ذلــــك ودخــــــول قـــــوات الــجــيــش لمـديـنـة «تمبول» أكبر مدن المنطقة، حتى هاجمتها «قوات الدعم السريع» وطردت قوات الجيش، ثم نكّلت بالمواطنين المدنيين الذين احتفلوا بما ظنوه انتصاراً للجيش، في حينظل الطيران الحكومي يقصف المـواطـنـ بـ هــدف وقـتـل الـعـشـرات منهم، بينما تكفلت «قــوات الدعم السريع» بقتل وإصابة المئات وتهجيرهم من مناطقهم. شنّت «قـــوات الـدعـم السريع» حملة انتقام وتـرويـع ضـد كل سكان المنطقة وقراها المتعددة رداً على انشقاق وهروب «كيكل»، وصار كل المنتمين إلى قبائل المنطقة، خصوصا قبيلة «الشكرية» هدفا لهجماتها التتارية، وانتظم أبناء المنطقة في استنفار قبلي مضاد للدفاع عن أهاليهم، وبدا أن الجيش يفضّل دعم هذا الحشد القبلي ومساندته بخطابات التعبئة والتهييج بدلاً من دخوله في مواجهات مباشرة مع «الدعم السريع»، وتوفير قوته لجبهة سنار والنيل الأزرق التي حقق فيها نجاحات في مدن الدندر والسوكي التي استلمها من «قوات الدعم السريع». أسـئـلـة كـثـيـرة تـــدور فــي الأذهـــــان: لمـــاذا لــم يتحسب الجيش لنتائج انشقاق «كيكل» وانعكاسات ذلك على سكان المنطقة، ولم يضع أي خطة أو تصورات لردود فعل «قوات الدعم السريع» على ذلـك...؟ لماذا جاء انشقاق «كيكل» وكأنه مجرد زوبعة إعلامية لم يتغير بعدها الميزان العسكري في منطقة البطانة، في حين كان الناس يتخيلون أن «كيكل» سينشق بكل قـوات منطقة الجزيرة، شرقها وغربها... باعتبار أنه كان القائد العسكري لكل المنطقة؟ هـل كــان الـعـائـد مـن انـشـقـاق «كـيـكـل» يـسـاوي الثمن الــفــادح الـذي دفعه سكان منطقة شرق الجزيرة...؟ في المقابل، هناك أسئلة أخـرى تـدور حول تصرفات «الدعم الــســريــع»، فـــإن كـــان انـشـقـاق «كـيـكـل» مـــحـــدوداً ولـــم يـغـيـر المــيــزان العسكري، فلماذا قررت «قوات الدعم السريع» أن كل سكان المنطقة وقبائلها مسؤولة عن انشقاق «كيكل»...؟ ولماذا شنّت هذه الحملة الـتـرويـعـيـة عليهم فـلـم تــفــرّق بــ رجـــل أو امــــرأة أو طــفــل، ولمـــاذا تعمّدت تهجيرهم من قراهم ومطاردتهم...؟ كلها أسـئـلـة تبعث عـلـى الـحـيـرة وتـبـحـث عــن إجـــابـــات، لكن مـا يجمع بينها هـو أن الـطـرفـ لـم يضعا حـيـاة إنـسـان المنطقة فـي حساباتهما، فالجيش لـم يـدافـع عـن سـكـان المنطقة وتركهم يواجهون مصيرهم وحدهم، و«قــوات الدعم السريع» يبدو أنها زهـــدت فــي وجــودهــا فــي المنطقة فـشـنّـت حملتها الانـتـقـامـيـة ولا يظنن أحد أن هذه القوات ستبقى في المنطقة لفترة طويلة. لقد حلت لعنة «كيكل» على المنطقة؛ فالاستهداف لكل سكان المنطقة وقبائلها أدى، كما قلنا، إلى حشد قبلي وجهوي مضاد، وهـو لا يـزال في حالة تصاعد، ومـن الممكن أن يجعل مجموعات عــســكــريــة أخـــــرى فـــي المــنــطــقــة كـــانـــت تــقــاتــل فـــي صـــفـــوف «الـــدعـــم الـسـريـع» تـراجـع مواقفها وتـنـأى بنفسها عـن الـقـتـال، أو تنضم أيضا للجيش. النتيجة النهائية لهذه المعارك ستكون خروج «قوات الدعم السريع» من المنطقة بعد أن فقدت أي قبول لوجودها، وثبت عدم وجـــود أي مـشـروع سياسي لـهـا، وربـمـا تـخـرج مـن كـامـل منطقة وســــط الــــســــودان بــمــا فـيـهـا ولايـــتـــا الـــجـــزيـــرة وســـنـــار. وستنضم القوات المنسحبة إلـى الوجود الأكبر لــ«قـوات الدعم السريع» في ولايــات دارفــور وكـردفـان، فيتحقق بشكل عملي تقسيم السودان على أساس قبلي وإثني، مناطق الوسط والشمال في يد تحالف سياسي عسكري بـ الجيش والميليشيات والــقــوى السياسية المتحالفة مـعـه، ومـنـاطـق دارفــــور وكـــردفـــان فــي يــد تـحـالـف قبلي وإثـنـي يـقـوده «الـدعـم الـسـريـع». وســـواء قامت حكومات فـي هذه المناطق، أو لم يتم إعلان ذلك بشكل رسمي فإن التقسيم سيبقى أمراً واقعا مثلما حدث في بلاد قريبة من السودان. عندما يتم تحصين «قلعة أوروبا»

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky