issue16764

OPINION الرأي 12 Issue 16764 - العدد Monday - 2024/10/21 الاثنين وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com وقف إطلاق النار... سباق مع الوقت لبنان على مفترق: السلام أو الحرب البديلة الوسطيّة... زر السّرّة في نظام عالميجديد تراجعت إسرائيل عن أهدافها ذات السقف المرتفع في غــزة، مـن دون الإعـــان عـن ذلـك رسمياً؛ الأمــر الــذي يظهر جلياً في تغيير الاستراتيجية الإسرائيلية من السيطرة الكاملة العسكرية والأمنية على القطاع إلـى «الاكتفاء» بـمـقـتـرح بـعـض الــقــيــادات الـعـسـكـريـة، مـنـذ الــيــوم الأول، بـالـسـيـطـرة الـكـلـيـة عـلـى شــمــال الــقــطــاع «وتـنـظـيـفـه» من الـسـكـان، وطــردهــم نـحـو جـنـوب الـقـطـاع، وجـعـلـه منطقة أمـنـيـة عــازلــة لإســرائــيــل تـمـنـع حــــدوث «مــفــاجــآت» تهدد أكـتـوبـر (تشرين 7 الأمـــن الإسـرائـيـلـي، مثلما حـصـل فــي الأول) الـــعـــام المــــاضــــي. تــــراجــــعٌ فـــي غــــزة يــواكـــبـــه ازديـــــاد الـــحـــرب عــلــى الـجـبـهـة الـشـمـالـيـة تـصـعـيـداً واتـــســـاعـــ في الجغرافيا والأهـــداف، للتخلص كلياً من الخطر المتزايد الذي يمثله «حزب الله» في دوره، وكذلك في وزنه وعمقه الاسـتـراتـيـجـيـن، وذلـــك فــي إطـــار المــواجــهــة المــتــزايــدة مع إيــــران، ولـــو بـالـوكـالـة حـتـى الآن. مـواجـهـة كـــان عنوانها وحـــدة الــســاحــات... عــنـوان بـــدأ بـالـخـفـوت عـلـى المستوى الـــواقـــعـــي مــــع قـــبـــول «حــــــزب الــــلــــه» الــــركــــن الأســــاســــي فـي استراتيجية وحـدة الساحات بوقف القتال على الجبهة اللبنانية، من دون الربط الــذي كـان قائماً بشكل واضح مع جبهة غـزة. استمرار الحرب الإسرائيلية والتصعيد الذي تحمله وأزمة النزوح المتزايدة (نحو مليون ومائتي ألف نازح) على باب فصل الشتاء (وفي بلد يعيش أساساً أوضـاعـ اقتصادية واجتماعية صعبة جـــداً) تعجل من مخاطر حدوث انهيار كبير. التضامن الوطني والإنساني مع النازحي أمر أكثر من ضروري، وهذا ما نشهده. ولكن مع ازدياد عدد النازحي في الحرب المفتوحة التي تشنها إســـرائـــيـــل، فـيـمـا «المـجـتـمـع الـــدولـــي» فـــي وضـــع المــتــفــرّج، فهنالك الخوف من حصول الانهيار الكبير، وما يحمله من تداعيات خطيرة على المجتمع وعلى الدولة. يحصل ذلك فيما تعمل إسرائيل على تهميش دور «اليونيفيل» ومحاصرته. رسالة إسرائيلية تهدف إلى تغيير «قواعد اللعبة» كافة في جنوب الليطاني، وذلـك حسب الشروط التي تحاول فرضها عبر هذه الحرب. الـدعـوات التي كانت تصدر لوقف إطـاق النار، ولو بشكل مؤقت، لم تودِ إلى نتيجة، رغم أن أطرافها الدولية تملك قدرة التأثير على إسرائيل، فيما لو أرادت ذلك. نـحـن الـــيـــوم أمــــام مـفـتـرق طـــرق بـــن وقـــف الــقــتــال أو الانــزلاق لحرب موسّعة، إذا ما استمرت الحرب الدائرة. البيان الصادر عن القمة الخليجية - الأوروبـيـة دعا إلى وقف القتال، وهذا موقف أوروبي جيد يجب ترجمته. وفي الرابع والعشرين من هذا الشهر تستضيف فرنسا مؤتمراً دولياً لدعم لبنان: لتوفير مساعدات إنسانية، وكذلك دعم الجيش اللبناني، حتى يستطيع أن يتحمل مسؤولياته بفعالية عند التوصل إلى وقف إطلق النار، وكذلك العمل على حل دبلوماسي يسمح بعودة النازحي، وفقاً لقرار ». القرار الذي استبدل تنفيذه الكامل، 1701 «مجلس الأمن بــتــفــاهــمــات غــيــر مـبـاشـرة 2006 مــنــذ اعـــتـــمـــاده فـــي عــــام سمحت بتوفير الاستقرار المطلوب، الذي سقط مع حرب غـــزة ووحــــدة الــســاحــات. ومـــن المـنـتـظـر أن يـصـدر مؤتمر باريس موقفاً حازماً حول ضرورة وقف إطلق النار. خــفــض الــتــوتــر الــــذي تـعـمـل عـلـيـه بــعــض الــعــواصــم الـــفـــاعـــلـــة ضـــــــــروري، ولـــكـــنـــه غـــيـــر كــــــــافٍ. الـــحـــل المــطــلــوب والــــواقــــعــــي يـــبـــدأ بـــوقـــف إطــــــاق الــــنــــار عـــلـــى الـجـبـهـتـن اللبنانية والـــغـــزاويـــة، مــن دون الــربــط المـبـاشـر بينهما، رغم التأثير المتبادل بي الجبهتي على مستوى التهدئة الشاملة. التهدئة التي يُفترض أن توفر الشرط الضروري للعودة لإحـيـاء عملية سـام فعلية مـا زالــت بعيدة جـداً، وأمامها كثير من العوائق، ولكنها ضرورية لعدم الانزلاق مجدداً، تحت عناوين مختلفة ولمصالح وأهداف متعددة في حروب جديدة. واشــنــطــن لـديــهــا مــســؤولــيــة خــاصــة بـسـبـب طبيعة عـاقـاتـهـا مــع إســرائــيــل للعمل الـفـعـلـي لـوقـف الـــنـــار. ولا يكون ذلـك إلا من خـال قـرار يصدر عن مجلس الأمـن في هــذا الـخـصـوص، وهــي المسؤولية الأولـــى للمجلس على جدول مسؤولياته بشأن الأمن والسلم الدوليي. وقف إطلق النار شرط ضروري للبحث بشكل فعال فــي صـيـغ الــتــفــاوض، وفـــي المـــســـارات المـطـلـوبـة لــذلــك. فل يمكن أن تبقى إسـرائـيـل تتمتع بحصانة دولـيـة تسمح لها بانتهاك فاضح ومستمر لقرارات مجلس الأمـن ذات الصلة؛ لما لذلك من تداعيات خطيرة على الأمـن والسلم في الشرق الأوسـط وعلى مصالح الجميع، سـواء أكانوا في الإقليم أو خارجه. بــعــد أكــثــر مـــن شــهــر عــلــى حــــرب إســـرائـــيـــل ضـــد لـبـنـان و«حـــــزب الـــلـــه» رداً عـلـى حـــرب «الإســـنـــاد والمــشــاغــلــة» الـتـي أكتوبر 8 أطلقها الحزب دعماً لحركة «حماس» في غزة في ، وبعد الضربات القاتلة التي تلقاها 2023 ) (تشرين الأول الحزب وأبـرزهـا اغتيال أمينه العام حسن نصر الله وعدد كبير من قادته وكوادره، دخل لبنان في منعطف جديد أبرز مؤشراته تسلم إيــران مباشرة زمـام قيادة الحزب والحرب معاً عبر أجهزتها وقيادات الصف الثالث في الحزب. تــدخّــل إيــــران فــي لـبـنـان لـيـس بـجـديـد، إنـمـا هـــذه المــرة قـضـت علنيته نهائياً عـلـى سـيـاسـة الإنــكــار المـقـبـول التي اعـتـمـدتـهـا حـتـى الآن، كـمـا عـلـى هـامـش مـــنـــاورة «الانـتـمـاء اللبناني» لـدى قـيـادات الـحـزب. البلد تقوده اليوم سياسة إيرانية صافية، تُضعف دور رئيس مجلس النواب نبيه بري وغيره من حلفاء الحزب وبعض من بقايا القيادة السابقة. النسخة المحدثة من التدخل الإيراني تتظهر عبر رفض الحزب على لسان نائب الأمي العام نعيم قاسم، أي خطوات إنـــقـــاذيـــة أو تــســوويــة قــبــل وقــــف إطـــــاق الـــنـــار، مــمــا يعني إجهاض أي مشروع حل من أي جهة أتى، ونسف محاولات الحكومة واللقاء الثلثي الذي جمع بري، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، والـزعـيـم الـــدرزي ولـيـد جنبلط، وتفخيخ مـضـمـون وروحـــيـــة مــا صـــدر عــن قـمـة رؤســــاء الــطــوائــف في بكركي. ما تقوم به إيران في لبنان عبر الإدارة المباشرة لـ«حزب الله» يعكس ازدواجية السياسة الإيرانية بشقيها الداخلي والخارجي. في الشق الداخلي الهدف هو إرضاء المتشددين فـــي الــنــظــام الـــداعـــن إلـــى المــواجــهــة ومـتـابـعـة الـــحـــرب على مختلف الجبهات، فيما خارجياً تُستكمل مساعي التهدئة والتفاوض غير المباشر مع أميركا، وتنصّب نفسها وسيطاً للتفاوض عن لبنان مستكملةً تسليط سيف حلفائها في لبنان والعراق وسوريا واليمن لتعزيز أوراقها التفاوضية مع الأميركيي ومتابعة سياساتها التدخلية في المنطقة. فـــــي الـــجـــهـــة المـــقـــابـــلـــة لــــهــــذا المـــشـــهـــد المــــســــتــــجــــدّ، ومـــع تـصـاعـد وتــيــرة الـقـتـل الـوحـشـي والـتـدمـيـر وتــوســع الـحـرب إلـــى مـنـاطـق يُــفــتــرض أنــهــا بـمـنـأى عـنـهـا وارتـــفـــاع مخاطر نتائجها الاقـتـصـاديـة والاجتماعية والأمـنـيـة بعد وصـول عــدد الـنـازحـن إلــى أكـثـر مـن مليون مـوزعـن على مختلف المناطق اللبنانية... تبقى القوى المناهضة لمشروع الحزب والحرب التي افتعلها مشرذَمة، مفكّكة، مختلفة ومتباينة على تفاصيل وهوامش من شأنها تفويت الفرص المتاحة لإعـــــــادة بـــنـــاء الـــــدولـــــة واســــتــــعــــادة الــــســــيــــادة وجـــمـــع شـمـل اللبنانيي. يستمر هــؤلاء بالتلهي بالسياسات الداخلية الضيقة والمـصـالـح الشخصية والـحـزبـيـة، فـي وقــت يواجه الكيان اللبناني تهديداً وجودياً محققاً هذه المرة مع غياب أي مساحة لـلـمـنـاورة واعـتـمـاد طريقة التشاطر اللبنانية المعهودة في إدارة الشؤون السياسية. ماذا بعد كل هذه المستجدات وتحوّل لبنان إلى ساحة حـــرب بـديـلـة بــن إيــــران وإســرائــيــل بـــات معها اللبنانيون، مــن مـسـؤولـن ومــواطــنــن، شــهــود زور عـلـى مقتلتهم؟ ما الذي يمنع توافق الأطـراف السياسية التي ترفض المشروع الإيراني، والممانعة، ووحدة الساحات، أن تلتقي على مبادئ تأسيسية لاستعادة الدولة بمعزل عن الخلفات والتباينات فيما بينها؟ ما الذي يمنع تشكيل جبهة إنقاذ وطني تمثل الأطـــــراف كــافــة المـتـفـقـة عـلـى اســتــعــادة الـــدولـــة لـتـجـول على عــواصــم الـــقـــرار الـعـربـيـة والأجـنـبـيـة، بـخـاصـة تـلـك المهتمة بمساعدة لبنان على الخروج من هذه المحنة؟ جبهة إنقاذ وطني تُسقط كل التباينات والخلفات وتحمل في جعبتها خمسة مبادئ رئيسية تؤسس للتسوية: - اسـتـعـادة الــدولــة والــســيــادة وصـنـاعـة الــقــرار وبسط سلطة الدولة على الأراضـي اللبنانية كافة وحصر السلح في القوات المسلحة الشرعية دون غيرها. ومن ضمنها تنفيذ 1949 - إحياء اتفاقية الهدنة لسنة بكل مندرجاته من دون تورية والتباس. 1701 القرار - التمسك بتطبيق الدستور واتفاق الوفاق الوطني في كاملً بحذافيره. 1989 الطائف لسنة - تــأكــيــد دور لــبــنــان الـــعـــربـــي وعـــاقـــاتـــه الأخــــويــــة مع أشقائه العرب من دون أن يعني ذلك عداوة مع الدول الأخرى في الإقليم. - التشديد على دور الطاقات اللبنانية أولاً في إعـادة إحياء الدور الاقتصادي للبنان بوصفه أولوية في التجارة والمصارف والسياحة والاستشفاء والتعليم. يـصـعـب أن تـــكـــون هــــذه المـــبـــادئ مـــوضـــوع خــــاف بي الــلــبــنــانــيــن إذا وجـــــدت إرادة حـقـيـقـيـة لاســـتـــعـــادة لـبـنـان وإنـقـاذه من زوال محتم. هـذه المـبـادئ تضع الأســاس لبناء الدولة وتسمح لاحقاً للآليات الديمقراطية ووفق الدستور بـالـتـعـديـل والـتـغـيـيـر والإصـــــاح بـمـا يـــتـــاءم مـــع تطلعات اللبنانيي للدخول إلى المستقبل على غرار دول عربية أخرى في المنطقة. بعد أكثر من خمسيسنة من تنازع لبنان بي المحاور، ثبت أن الانــخــراط فـي محور ضـد آخــر ولّــد مـا شهدناه من حـــــرب أهـــلـــيـــة ونـــــزاعـــــات مــســلــحــة واحـــــتـــــالات فـلـسـطـيـنـيـة وسورية وإسرائيلية وإيرانية. إن عودة لبنان إلى محيطه العربي لا تعني الانتقال من محور إلى آخـر، بل عـودة إلى الوضع الطبيعي غير المصطنع، إلى حضن ما تبقى من دول عربية سليمة لم تمزقها الحروب البينية والأهلية وتتطلع إلى المستقبل والحداثة والسلم والازدهار. بــالــنــســبــة لــلــكــثــيــريــن مـــنّـــا الـــذيـــن يشعرون أنّ عالمَنا قد ضلّ طريقَه في السّنوات الأخيرةِ، أعتقد أنّنا بحاجةٍ للعمل نحو توازنٍ جديدٍ، لإيجادِ طرقٍ مـلـحّـة للتحسي فــي مـواجـهـة المـآسـي الإنـسـانـيـةِ المــدمــرة الـتـي نشهدها في غزةَ، ولبنان، وأوكرانيا. نـــحـــن جــمــيــعــ نـــفـــهـــم أنّ الــــحــــربَ والمــــــوتَ والـــدمـــار لـيـسـت هـــي الـطـريـقَ إلـــى الأمــــام، لـكـن هـــذا هــو المــســارُ الــذي اخـــتـــارتـــه إســـرائـــيـــلُ فـــي غــــزة ولــبــنــان، واختارته روسيا في أوكرانيا. وعند الـنّـظـر إلـــى الــتــاريــخ، فـإنّـهـا طــريــقٌ لم تـثـمـر أبــــداً، والـــصـــورةُ الــتــي تــبــرز هي ليست أكــثــرَ مــن كـونـهـا أفــعــالاً يائسةً لـ«بهيموث» (وحــش تـوراتـي عملق) يترنّح. ما شهدته إسرائيلُ في السابع من كان عملً 2023 ) أكتوبر (تشرين الأول شنيعاً ومدمراً، مما أدّى بشكلٍ مفهومٍ إلــــى ردّ فــعــل قــــوي مـــن جــانــبــهــا. لكن الـقـوة الـنّـاريـة الـتـي تــمّ تـركـيـزُهـا على المدنيي الأبرياء في غزة، والتي دمّرت في المائة من المباني والبنية 90 حوالي ،40.000 الــتــحــتــيــة وقـــتـــلـــت أكــــثــــرَ مــــن مـعـظـمـهـم مـــن الــنــســاء والأطــــفــــال، في واحـــدة مـن أفـقـر وأكـثـر المناطق كثافة سكانية في العالم، كانت مدمرة. الآن، تُـركـت الغالبية العظمى مـن مليوني شخص في غــزةَ بل غــذاء أو مــأوى أو رعـايـة طبية، فـي مـأسـاة أكبر مـن تلك التي سبقتها. إنّ الــدّمــارَ الـــذي أطلقته الـولايـات المــتــحــدة عـلـى فـيـتـنـام، وأفـغـانـسـتـان، أو الـــــــعـــــــراق، كــــــــانَ لـــــه أيــــضــــ عــنــصــر انــتــقــامــي، ومـــع ذلـــك لـــم تـسـمـحِ الــقــوةُ الناريةُ الساحقة للأميركيي بتحقيق أهـــدافـــهـــم فـــي هــــذه الــــحــــروب، بـخـاف الـــقـــضـــاء عـــلـــى بـــعـــض زعــــمــــاء الـــعـــدو، بينما كان على شعوبِ تلك البلدان أن تعاني لعقود مقبلة. يـبـدو أنّ سجلّ إسرائيل الحالي مشابهٌ جداً، إذ تقوم بــالاغــتــيــالات وتـــوزيـــع المــــوت والـــدمـــار عـــلـــى نــــطــــاقٍ واســــــــعٍ، مــــن دون وجــــود أي مـــنـــظـــور جـــديـــد لـــانـــتـــقـــال إلـــــى مـا هـو أبعد مـن الأعـمـال الانتقامية التي تـسـتـهـدف الـشـعـب المــحــلــي. ستصبح تــلــك الـــفـــجـــوة أو الانـــفـــصـــال واضـــحـــةً وســـريـــعـــةَ الانــــغــــمــــاس، ونـــحـــتـــاج إلـــى بعض البدائل. هنا أتيتُ إلى المفهومِ المذكورِ في الـعـنـوان؛ فكرة الوسطيّة. إنّـهـا تشير إلى مفهوم الوسط، التوازن والاعتدال الــذي يخدم الصالحَ الـعـامَ. لقد مثّلت الــســعــوديــةُ هــــذا الــنــهــجَ عــبــر الــتــاريــخ الــــحــــديــــث، ســـاعـــيـــةً لإيــــجــــاد الـــوســـط، ولإحـضـار الآخـريـن نحو ذلــك الوسط من التسوية والفهم. لــــقــــد كــــانــــت الــــعــــديــــد مـــــن أمـــثـــلـــة الوساطة والتسوية التي شاركت فيها الـسـعـوديـة دولــيــ أكــثــر مـعـنـى بفضل الإحساس بالتوازن والثقة والاعتدال الذي تبنّته القيادة السعودية. مـا ينقص الـعـالـم، بشكل محزن، هو المثالية التي كنا نمتلكها سابقاً، ونـــســـعـــى مــــن خـــالـــهـــا إلـــــى الــتــعــايــش الـسـلـمـي والــتــســويــة. كـــان هــنــاك وقـت دعـــم فـيـه غالبية الـشـعـب الإسـرائـيـلـي حلً سلمياً للنزاع العربي الإسرائيلي مـن دولـتـن تعيشان جنباً إلــى جنب. إنّ واجـبـنـا هـو إحـيـاء هــذه الوسطيّة الإسرائيلية، مما يتيح للإسرائيليي أن يــــدركــــوا أن طـــريـــق المـــــوت والـــدمـــار الـــــذي يـــســـيـــرون فــيــه لـــن يـمـنـحـهـم أي ســـام. بـــدلاً مـن ذلـــك، يجب أن تتخلّى الـــســـيـــاســـات الـــحـــالـــيـــة لإســــرائــــيــــل عـن الانـتـقـام وتتبنى نظاماً جـديـداً يقود إلـــى الــســام والاســـتـــقـــرار مــع الـشـركـاء الإقليميي ومع الفلسطينيي. لا يمكن أن تكون هناك حرب بل نهاية. مـنـذ بـــدء الـخـلـيـقـة، يمنحنا الـلـه حبلً سرياً يربطنا بالحياة. وعندما نولد، تكون أزرار سُرُرنا هناك لتذكرنا بهذا الاتـصـال، الــذي لدينا ليس فقط مع أمهاتنا، ولكن مع كل الحياة على الأرض، بــالــحــيــاة الـــتـــي نـتـلـقـاهـا من كــل مــا حـولـنـا. يـجـب أن نـتـأكـد مــن أنّ الفلسطينيي، والأوكـرانـيـن، وجميع شعوب العالم، يدركون أن لديهم حبلً مــجــازيــ يـربـطـهـم بـالـحـيـاة وبـالـعـالـم بـأسـره، وسيلة لشفاء الـدمـار المخيف الذي نزل بهم. لقد احتشد الرأي العام الـــعـــالمـــي، بــمــا فـــي ذلــــك رأي الـــولايـــات المـتـحـدة، لـدعـم الـغـزيـن والأوكـرانـيـن فــي خـضـم محنهم، مُـرسـلـةً لـهـم حبلَ حــــيــــاة ســــريــــ . إنّـــــــه مــــن واجــــبــــنــــا الآن تحويل هذا المجاز إلى واقع. بعد أن تعرضت قيادات «حماس» و«حـــزب الـلـه» للضرر الـبـالـغ، ينبغي للإسرائيليي أن يعتبروا أن الانتقام انتهى وأن يتّجهوا معنا نحو طريق الـوسـطـيـة. نـحـن أيـضـ نـمـد لـهـم حبل سُرّة لينتهزوه، كحل وسط من التوازن والعقلنية، وليحتضنوه كبديل عن هــــذا المـــــوت والــــدمــــار الـــــذي لا يـنـتـهـي. الـحـرب الـقـادمـة لـن تـكـون عـمّـن يفوز، لأنّه لن يتبقى منا من يروي القصة. لـذلـك، يجب علينا أن نعمل الآن، مـــع الــســعــوديــة ودول عــربــيــة أخــــرى، لــنــلــهــم الــــعــــالــــم لـــانـــضـــمـــام إلــــــى هـــذا الاتجاه الوسطي. إنّـه البديل الوحيد لــــولادة شـــيء جـيـد فــي مــكــان الـجـنـون الذي سيطر على عالمنا ومنطقتنا. * كاتب سعودي حسان بن يوسف * ياسين ناصيفحتي سام منسى

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky