issue16760

فاجأ الرحيل المدوي لحسن نصر الله، «حزب الله» والنظام الإيراني ومحوره. طُرح فوراً السؤال عن البديل الــذي يملأ الـفـراغ. كانت الأنـظـار تتجه إلــى هـاشـم صفي الــديــن، رئـيـس المكتب التنفيذي الذي يرتبط بمصاهرة مع قاسم سليماني ويقود حكومة «الحزب» ويشرف على كلّ أجهزته ومنها المـــالـــيـــة، حــتــى دمّـــــر الـــطـــيـــران الإســـرائـــيـــلـــي مجمع الاسـتـخـبـارات الحزبية فـي «المـريـجـة» قــرب المطار الــدولــي، فتعلن تـل أبـيـب أنـهـا استهدفت الخليفة المــحــتــمــل، مـــؤكـــدة تـــواجـــد صــفــي الـــديـــن فـــي أنــفــاق ذلــك المـقـر، وأن احـتـمـال نجاته مـنـعـدم. ومـنـذ ذلك التاريخ قبل أكثر من أسبوعين منع طيران العدو كل محاولات الدفاع المدني والإسعاف للوصول إلى المكان. أرخــــــت أزمــــــة الــــفــــراغ بـثـقـلـهـا عـــلـــى «الــــحــــزب» ومـــوقـــعـــه و«بـــيـــئـــتـــه». صــحــيــح أن نــصــر الـــلـــه كــان قــد أعــلــن فــي آخـــر خـطـبـة لــه أنـــه يـتـم اســتــبــدال من اغتالتهم إسرائيل بتلامذتهم، ويعلن نعيم قاسم لاحـقـا أن لا مـنـاصـب شــاغــرة، ويــدخــل عـلـى الخط المـــرشـــد الـخـامـنـئـي ليطمئن الـقـلـقـ فـيـقـول إن لا مشكلة «في إيجاد بدائل من القادة الذين يقتلون». فقد حملت تلك الأحاديث إشـارات على قدرة بملء المنصب الأول وما يليه من مناصب، لكن العجز كان جليا لجهة القدرة على شغل الدور، خصوصا دور نصر الله الذي امتلك شخصية كاريزماتية تسلمت مهمات كبيرة في المشروع الإيـرانـي للهيمنة على المنطقة. فـبـرزت المـعـانـاة، وهــل هـنـاك مـا هـو أكبر مــن عـــدم الـــقـــدرة عـلـى تـأمـ دفـــن لائـــق لنصر الله وتسمية بديله؟ بعدما قالوا إن الصلات منقطعة مع صفي الدين، تداولوا اسم إبراهيم أمين السيد الشخصية التي أذاعت «رسالة الحزب إلى العالم» بـعـد عـــام عـلـى الـتـأسـيـس، لـكـن سـرعـان 1985 عـــام مـــا طـــوي المـــوضـــوع. لـتـتـحـدث المـــصـــادر عـــن إدارة جماعية يتولاها «مجلس شـــورى الــقــرار» المؤلف أحـيـاء: نعيم قاسم، 4 أشـخـاص، بقي منهم 7 مـن ومحمد رعد، ومحمد يزبك وممثل للمجلس. وتتالت التطورات توازيا مع اتساع الاجتياح الــجــوي الـصـهـيـونـي، وتمثلت فــي الـبـيـان الثلاثي الصادر عن ثنائي السلطة بري وميقاتي ومعهما جنبلاط، وإن لم يرتق ذلك إلى التبلور في قرارات تـصـدر عــن الـحـكـومـة. فـقـد حـمـل إلـــى بــيــروت على عجل وزيــر خارجية إيـــران عباس عراقجي، وبعد أيــــام زيـــــارة رئــيــس مـجـلـس الـــشـــورى مـحـمـد بـاقـر قاليباف، ليتبين أن النظام الإيــرانــي وضــع نفسه في موقع إدارة العملية السياسية والعسكرية في لبنان، وأنه مبكر الاعتقاد بخروج لبنان من دائرة النفوذ الإيراني. لقد بدا الدخول الإيراني المباشر كبيراً وقد حدد الوظيفة المطلوبة من «حـزب الله» بـرمـي الــصــواريــخ وخـــوض المــواجــهــات العسكرية لأطـــول وقــت ممكن، مـع انــعــدام الــقــدرة على تلبية الـحـد الأدنــــى مــن الــشـــروط الـتـي يتطلبها الـنـزوح الجماعي الذي طال أيضا بيئته اللصيقة. بين الزيارتين، حملت أخبار طهران أن المرشد عـــلـــي خــامــنــئــي أمـــــر بــتــكــلــيــف مــحــمــد رضـــــا فـــ ح زاده، الـــقـــائـــد فـــي «الــــحــــرس الــــثــــوري»، مـسـؤولـيـة القيادة المؤقتة لـ«حزب الله»! صحيح أن «الحزب» أُدرج فــي خـانـة خدمة 1984 مـنـذ تـأسـس فــي عـــام الاستراتيجية الإيــرانــيــة، لكنه آثــر أن يـقـدم نفسه بوصفه تنظيما لبنانيا قيادته لبنانية. رغـم أنه لا يحوز «العلم والخبر» القانوني، فرض وجوده ودوره كـقـوة أمـــر واقــــع، وحـصـد المـكـاسـب، بعدما أزاح الـجـيـش الــســوري مــن أمــامــه أطــــراف المـقـاومـة الوطنية، ليحتكر المـراحـل الأخـيـرة مـن المواجهات مايو (أيار) 25 مع العدو، ويقطف ثمار التحرير في . لكن أن تصبح القيادة الفعلية بيد 2000 من عـام طهران، فالأمر مختلف! فـي المـعـطـيـات، وبعضها تـنـاولـه الإعــــ م، أنه بــعــد الـــضـــربـــات المــمــيــتــة الـــتـــي تــلــقــاهــا «الــــحــــزب»، حـدث التدخل المباشر من قــادة «الـحـرس الثوري» الــذيــن تـــواجـــدوا فــي مــراكــز «الــقــيــادة والـسـيـطـرة»، لترتيب الوضع الداخلي للقوة العسكرية الأكبر في المشروع الإيراني، وفي تنظيم العمليات، وقد باتت جبهة لبنان، بعد كسر الضلع الفلسطيني، الورقة الأهـم في ملف التفاوض لحماية المشروع النووي والنظام الإيراني، الذي وضعته تداعيات «طوفان الأقصى» ونتائجه أمام تحدٍ إسرائيلي غربي يطال اسـتـمـراره، وليس تغيير سلوكه وتصفية الأذرع التي استثمر فيها لعقود طويلة. والـــيـــوم عـنـدمـا يـعـلـن مـحـسـن رضـــائـــي (أمـــ مجمع تشخيص النظام) أن «حزب الله» أتم «ترميم هـيـكـلـه الــقــتــالــي»، وآلــــة «الــــحــــزب» الــحــربــيــة بـــدأت عملها، وإسرائيل على موعد مع «أيــام عصيبة»، ويصدر عن «المقاومة الإسلامية» موقف متصادم مع ما ذهب إليه نعيم قاسم من تجديد التفويض إلـى بـري، فيعلن البيان استمرار المقاومة والربط مع غزة: «أما لغزة الحبيبة فنقول نحن على العهد والوعد ولن نتخلى عن دعمنا وإسنادنا (...)، هذه وصية سيد شـهـداء طريق الـقـدس وهـي أمـانـة في أعناقنا، ونحن أهل الأمانة بإذن الله حتى النفس الأخــــيــــر»... فــــإن لــذلــك مـعـنـى واحــــد هـــو الـحـضـور الإيراني المباشر! مـــا تـــقـــدم يـعـنـي أن طـــهـــران مــاضــيــة بـالـقـتـال حتى آخــر لبناني لإنـجـاز صفقاتها مـع واشنطن وتـل أبيب، وهـي الجهة المانعة لأي منحى يفضي إلى استعادة الدولة المخطوفة. وبالتالي فإن رسم مـنـحـى وطــنــي إنـــقـــاذي بـــات مــمــره الـفـعـلـي يحمل البرلمان مسؤوليته السياسية والأخلاقية، بتحديد سياسات بديلة للخروج من الكارثة وتدارك النكبة التي ترتسم في الأفــق، ما يفترض انتخابا فوريا لرئيس للبلاد، مـن دون انتظار وقــف للنار قــراره ليس بـالـيـد، ليكون متاحا تشكيل حكومة إنقاذ وطـنـي مـن خـــارج صـنـدوق الصفقات والحصص، قــــــادرة عــلــى احــــتــــواء الــــنــــزوح، وتـــســـريـــع الـــعـــودة، وقيادة مرحلة صعبة لاستعادة السيادة وحماية البلد وحقن دماء كل اللبنانيين. Issue 16760 - العدد Thursday - 2024/10/17 الخميس بــعــض الــشــخــصــيــات تـلـتـقـيـهـا قــلــيــً ولـكـنـهـا تترك أثـراً مهما. من أولئك الراحل الدكتور يوسف الــصــمــعــان؛ الـــــذي الـتـقـيـتـه لــلــمــرة الأولـــــى فـــي دارة الأستاذ عبد الله بن بجاد العتيبي، ثم التقيته مراتٍ قليلة بعد ذلك. ورغم تخصصه في الطب النفسي غير أن علمه واســـــع، وطـبـيـعـة طــرحــه مــوســوعــيــة، وشخصيته فريدة، ولديه أسلوب سخريةٍ نادر. دعــم شريحة كبيرة مـن الـشـبـاب. أسّـــسَ «دار جداول» مع شريكه الأستاذ محمد السيف وهي دار تنويرية أساسية في المشهد. ثم أسس«مجلة حكمة» الفلسفية التي يـمـرّن فيها الشباب على الترجمة، ومن ذكائه أن أي شاب أو شابةٍ تترجم ثم يطلبون مـنـه رأيــــه حـــول الـلـغـة ومــســتــوى الـتـرجـمـة يـرفـض إعطاء رأيه بل ينشره كما هو واضعا المترجم أمام الــقــارئ، وهــو داعـــم للمعرفة ومتحمس لـهـا، حيث قـام بجهد يصعب على المـؤسـسـات، حيث ترجمت مـجـلـة «حــكــمــة» مــوســوعــة «أكـــســـفـــورد». كـــان يحب المـعـلـومـة الــجــديــدة، ويــتــواضــع للمعرفة ويتنفّس على النقاش سواء مباشرةً أو عبر الاتصال... همّه الأسـاسـي دعــم مـسـار الفلسفة والعلم فـي المنطقة، وحــــدث أن اسـتـفـسـرت مـنـه عـــن كـــتـــابٍ جــديــد صـدر عن الـدار وأردتـه بسرعة لأستعجل قراءاته فإذا بي أفاجأ بسائقه حاملاً الكثير من الكراتين وإذا بها كل مطبوعات دار «جداول» من أولها لآخرها، وهذا يعبّر عن رغبته في نشر المعرفة لأقصى حدٍ ممكن. وقد سعدتُ بأن الأستاذ يوسف الديني أنصفه بــوفــاءٍ غـيـر مستغرب مــن أبـــي مـالـك حــ أعـــدّ عنه كــتــابــا مـهـمـا بــعــنــوان «جـئـتـكـم بــالــحــكــمــة: يـوسـف مقدمات ومـخـتـارات»، فيه 2024 - 1968 الصمعان يـتـنـاول مـسـيـرة يـوسـف الـصـمـعـان الـقـصـيـرة عمراً والكبيرة قـدراً وهو كتاب يستحق الاطـ ع لمن أراد فهم المسيرة والاطلاع على السيرة. والـــصـــمـــعـــان تـــرجـــم كــثــيــراً مـــن الــكــتــب المــهـمـة، وهي متوزّعة بين الفنون، وكتب أبحاثا محكمة في مجلات كبرى في العالم، وقد استطاع أن يشقّ خطا نظريا خاصا به، حتى في مقالاته بجريدة «الشرق الأوســــــط» وزاويــــتــــه فـــي جـــريـــدة «الاتــــحــــاد» يـغـايـر الطرح السائد بنظرةٍ مفاجئة تدل على عمق رؤيته للأحداث، ودقة تبصّره للمصائر. عـ وةً على مجالات الطب النفسي أو الفلسفة أو العلوم الطبيعية الأخرى، ثمة جانب مهم ضليع به ومتمكن منه، فهو متمكن من الاطلاع على تاريخ الإسلام، ومن الفقه والشريعة، والأهم إلمامه بتاريخ الإسلام السياسي المعاصر، إذ كتب كثيراً من الرؤى حـــول الـفـقـه والـسـيـاسـة والــقــانــون. وكـتـب عــن سيد قطب، وحسن البنا، وعن الإسلام الحركي بعمومه. اهتم بالسياسة أيضا والاقتصاد وله نظريات حـــول الـفـقـه والــبــنــوك، وهـــو تنظير دقـيـق وواســـع. انتقد مـوضـوع الإعــجــاز العلمي وكـتـب عنه كثيراً من المقالات. وكتب عن السياسة الأميركية مقالاتٍ توضح مدى دقة اهتمامه. وبمناسبة الانتخابات الأميركية أذكّـر بمقالةٍ له بعنوان: «أوباما وبايدن والمرض النفسي»، فيها يقول: «ليس غريبا في تاريخ الرئاسة الأميركية أن يكون الرئيس أو نائبه عانى مـن اضـطـراب نفسي قبل أو فـي أثـنـاء توليهما للمنصب الـرسـمـي. في ، وفي مجلة (الأمـراض 2006 ) يناير (كانون الثاني الــعــصــبــيــة والـــنـــفـــســـيـــة)، قـــــام الـــدكـــتـــور ديـــفـــدســـون وزمــيــ ه مــن قـسـم الـطـب النفسي بجامعة (ديـــوك) بمراجعة التقارير الطبية والسير الذاتية للرؤساء . هـــذه 1974 حـــتـــى 1776 الأمـــيـــركـــيـــ بــــ عـــامـــي رئيسا أميركيا من جورج 37 الحقبة الزمنية شملت واشنطن حتى نيكسون. الباحثون وحـرصـا على المـــوضـــوعـــيـــة وصـــفـــوا بـــدقـــة كــيــف كـــانـــت إجــــــراءات التشخيص بأثر رجعي، وكيف أنهم اعتمدوا على مــجــمــوعــة أخـــــرى مـسـتـقـلـة لـيـسـت مـعـنـيـة بـنـتـائـج فـي المـائـة من 49 الــدراســة. خلصت الـدراسـة إلـى أن الرؤساء الأميركيين يعانون اضطرابات نفسية». الخلاصة؛ أن الراحل يوسف الصمعان ترك أثراً مهما على جيلٍ من الباحثين والمترجمين والمفكرين وأسّـــــــــس لـــنـــمـــط فـــلـــســـفـــي مـــتـــمـــيـــز، ولمـــــســـــار عـلـمـي سيستمر، وصنع جيلاً من الشباب منهم يكتبون الآن بـشـكـلٍ لامـــع فــي الفلسفة والـعـلـوم والسياسة والأفـكـار، ومن النعمة أن ما كان يطمح إليه قد رآه يتحقق قبل رحيله. أحـد الجوانب المهملة إلـى حد كبير في الحرب الــدائــرة فـي الـــســـودان، على الـرغـم مـن خـطـورتـه، هو مــخــطــط إحــــــداث تـغـيـيـر ديـــمـــوغـــرافـــي فـــي الـــســـودان وبشكل خـاص في غربه، وهـو المخطط الـذي يرتبط بــشــكــل وثـــيـــق مـــع حــلــم إقـــامـــة دولـــــة لـــعـــرب الــشــتــات الأفــــريــــقــــي. كـــتـــبـــت وكــــتــــب عــــــدد قـــلـــيـــل غــــيــــري حـــول المــوضــوع، كما تـحـدث عنه بعض قـــادة الجيش في تـصـريـحـاتـهـم عـــن المـخـطـط الـكـبـيـر الــــذي يستهدف السودان في هذه الحرب، لكن كل ذلك لا يبدو كافيا لجعل الموضوع في دائرة الاهتمام المطلوب، والتنبيه المستمر لخطورته، وأهمية مواجهته وإحباطه. استوقفني أمس خبر نشرته صحيفة «سودان تــريــبــيــون» تــحــت عـــنـــوان «قـبـيـلـة الـــفـــور الــســودانــيــة ترفض إقامة إمارة جديدة في وسط دارفور مدعومة مـن قــوات الـدعـم الـسـريـع». وينقل الخبر عـن قيادات مــن قبيلة الـــفـــور، الــتــي تـعـد مــن المــكــونــات الـراسـخـة والضاربة في القدم في غرب البلاد، رفضها القاطع واحــتــجــاجــهــا الـــقـــوي بــعــد أن نـظـمـت «قـــــوات الــدعــم الــســريــع» احـتـفـالـيـة لإعـــ ن إنــشــاء مــا سُـمـي «إمـــارة أولاد بركة ومبارك»، وهم كما ورد في الموضوع فرع من قبيلة السلامات العربية قدموا في الآونة الأخيرة من أفريقيا الوسطى المتاخمة للحدود مع السودان، وفـي ظل ظـروف الحرب الراهنة التي جـاءت بأعداد كبيرة من المرتزقة الذين انضموا إلـى «قــوات الدعم السريع». وفي سياق رفضهم الشديد لهذه الخطوة، قال أحد القيادات الأهلية من «الفور» إنهم ينظرون إلى الأمر على أنه «احتلال» لأراضيهم من قِبل مجموعات وافـــــدة وجــــزء مـــن سـلـسـلـة مـــحـــاولات إحـــــداث تغيير ديموغرافي بولاية وسط دارفور ومناطق أخرى من الإقليم. مـــا يــؤكــد هــــذا الـــكـــ م أن مـقـطـع الــفــيــديــو الـــذي بثته «قـوات الدعم السريع» لاحتفالية تأسيس هذه «الإمــــارة»، تظهر فيه اللافتة الكبيرة المرفوعة وراء أحد قادتها في مخاطبته للمناسبة، وقد كُتب عليها «المؤتمر التأسيسي الأول لتكوين إمـارة أولاد بركة ومـبـارك، للتعايش والتعارف مع مكونات الولاية». فــالــ فــتــة فـيـهـا إقـــــرار ضـمـنـي بــــأن هــــؤلاء الــقــادمــ الجدد، غرباء يحتاجون «للتعارف والتعايش» مع مكونات الولاية من أصحاب الأرض الحقيقيين. صرخة قيادات «الفور» الرافضة لهذه «الإمارة» تـشـيـر إلــــى الــخــطــر الـــزاحـــف مـــع قــيــام «قـــــوات الــدعــم الــســريــع» بـخـلـق إدارات أهـلـيـة جــديــدة فــي عـــدد من المناطق التي فرضت سيطرتها عليها خلال الحرب، لـــكـــي تـــكـــون مـــــوازيـــــة ومـــنـــافـــســـة لــــــــــإدارات الأهــلــيــة الـــتـــاريـــخـــيـــة والمــــعــــروفــــة. أضـــــف إلـــــى ذلـــــك عـمـلـيـات الــتــهــجــيــر الـــواســـعـــة لــلــســكــان بـــحـــرق قــــراهــــم، وقـتـل أبنائهم، واغـتـصـاب بناتهم، وتنفيذ مـذابـح عرقية بشعة كثير منها موثق توثيقا لا يقبل الجدل. هذه التحركات لإحـداث تغيير ديموغرافي قسري، تمثل خطراً كبيراً، وتصب بشكل مباشر فيما يروج له عن مشروع إقامة دولة لعرب الشتات الأفريقي في إقليم دارفور وربما أجزاء من إقليم كردفان ومناطق أخرى إذا تيسر للحالمين والطامعين تنفيذ مخططهم. لـــم يــعــد ســــراً أنــــه مــنــذ انــــــدلاع الـــحـــرب الــراهــنــة بــــــدأت مـــجـــمـــوعـــات مــــن دول الــــجــــوار الأفـــريـــقـــي فـي تـشـاد وأفـريـقـيـا الـوسـطـى والـنـيـجـر وغـيـرهـا تجنّد أبناءها للقتال فـي صفوف «قـــوات الـدعـم السريع»، وظهر سياسيون وناشطون من تشاد بشكل خاص يــروجــون لفكرة أن الـحـرب الـسـودانـيـة تمثل فرصة لـتـحـقـيـق حــلــم مـــشـــروع كـــيـــان مـسـتـقـل يـجـمـع عــرب الشتات الأفريقي الموزعين في عدد من الدول. الـشـاهـد على حجم هــذا الاسـتـنـفـار أن عشرات الآلاف من المجندين والمرتزقة القادمين من دول تشاد وأفريقيا الوسطى والنيجر وحتى مالي، قُتلوا في المـعـارك الــدائــرة مـع الجيش الـسـودانـي وفــي مناطق متفرقة مــن دارفــــور إلـــى الـخـرطـوم وولايــــة الـجـزيـرة بعد أن تمكنت «قوات الدعم السريع» من التمدد في مناطق شاسعة. ويوم أمس كان هناك خبر تناقلته مـواقـع صحافية عــدة تتحدث فيه الحركة الوطنية التشادية المعارضة عـن أنـه خـ ل شهرين فقط قُتل ألف شاب تشادي في الحرب داخل السودان 13 نحو بـعـد أن قـامـت شخصيات نــافــذة بتجنيدهم ضمن آلاف آخـريـن ودفـعـت بهم للقتال فـي صفوف «قـوات الدعم السريع». فـــي هــــذا الـــســـيـــاق، فــــإن قـــائـــد «الـــدعـــم الــســريــع» مــحــمــد حــــمــــدان دقـــلـــو (حـــمـــيـــدتـــي) عـــنـــدمـــا دعـــــا فـي خطابه الـــذي بُــث الأســبــوع المـاضـي لتجنيد مليون شخص فـي قـواتـه، بعد الـهـزائـم الـتـي تلقتها أخيراً فــي عـــدد مــن جـبـهـات الــقــتــال، لــم يـكـن يـخـاطـب فقط حاضنته الاجتماعية داخـــل الـــســـودان، فهي ليست كلها فـي صـف حـربـه، بـل كـان يخاطب أيضا مَـن هم وراء الـحـدود مـن المتعاطفين معه فـي إطــار الـروابـط العرقية، أو من داعمي مشروع دولة عرب الشتات. الحرب الراهنة فيها تعقيدات كثيرة، وضبابية في بعض جوانبها بسبب أجواء الاستقطاب الحاد، والتراشق الإعلامي الشديد، ما يصرف الأنظار في كثير مــن الأحــيــان عــن جـديـة مـخـاطـر المـــؤامـــرة التي يــواجــهــهــا الـــــســـــودان، ومـــطـــامـــع الــبــعــض فـــي أرضـــه وخـيـراتـه، ومـحـاولـة ابتلاعه أو تقسيمه إن نجحت مخططاتهم المخفية في غبار الحرب. مجموعات من دول الجوار الأفريقي تجنّد أبناءها للقتال فيصفوف«قوات الدعم السريع» من النعمة أنّ ما كان يطمح إليه يوسف الصمعان قد رآه يتحقق قبلرحيله فهد سليمان الشقيران عثمان ميرغني حنا صالح OPINION الرأي 14 مؤامرة التغيير الديموغرافي في السودان عن الصمعان... مسيرة من العمل العلمي قيادة إيرانية لـ«حزبالله»! طهران ماضية بالقتال حتى آخر لبنانيلإنجاز صفقاتها مع واشنطن وتل أبيب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky