issue16759

لكلّ من «حماس» و«حزب الله» حاضنة شعبية كبيرة في فلسطين ولبنان، صحيح أيضاً أن هناك من يتعاطف معهما ويدعمهما من خـارج البلدين، ولـــكـــن الــــســــؤال: هـــل الـبـيـئـة الــحــاضــنــة للتنظيمَين كـلـيـهـمـا تـــأثـــرت بـــالـــعـــدوان الإســـرائـــيـــلـــي، وبـالـثـمـن الباهظ الــذي دفعه المدنيون قتلاً ونـزوحـ فـي غزة وفي الجنوب اللبناني والضاحية؟ يـــقـــيـــنـــ ، وبــــعــــيــــداً عــــن أي مـــبـــالـــغـــات إعـــ مـــيـــة ودعــائــيــة، فـــإن هـنـاك «تـراجـعـ مـــا» فــي الــدعــم الــذي قدّمه الشعبان لكل من «حماس» و«حزب الله»، حتى لو اختلفت طبيعة البيئة الحاضنة المحيطة بهما في فلسطين عن لبنان. والــحــقــيــقــة أن الــــفــــارق الأســــاســــي بــــ الـبـيـئـة الـــداعـــمـــة لـــحـــركـــة «حــــمــــاس» فــــي فــلــســطــ مـــقـــارنـــةً بالبيئة الـداعـمـة لـــ«حــزب الــلــه» نفسها فــي لبنان، أن الأولــــى لا تـرفـض مـبـدأ المـقـاومـة المسلحة لمحتل مباشر لأرضها، وقد تختلف حول توقيت عملياتها ومدى نجاعتها، وهل امتلكت غطاءً سياسياً قادراً على أن يحقّق مكاسب لصالح القضية الفلسطينية، أما الثانية فإن مشكلاتها تتعلق بأن البيئة الداعمة لـلـحـزب مــوجــودة فــي بيئة أوســـع اسـمـهـا «الشعب الـلـبـنـانـي»، الــــذي لا يـــرى فـــي غـالـبـيـتـه أنـــه مـطـالَـب بــــالــــدخــــول فــــي «حـــــــرب إســـــنـــــاد» لـــصـــالـــح الــقــضــيــة الفلسطينية، يـدفـع ثمنها لبنان كـلـه، وخصوصاً البيئة الداعمة لـ«حزب الله». فــي لـبـنـان مـثـل بـاقـي الــــدول الـعـربـيـة، ومعظم دول العالم، هناك تعاطف مع القضية الفلسطينية، واســــتــــعــــداد لـــتـــقـــديـــم كــــل صــــــور الــــدعــــم الـــقـــانـــونـــي والإعلامي والمـادي لصالح الشعب الفلسطيني، من دون أن يؤيد هؤلاء المتضامنون بالضرورة الدخولَ في حرب مع إسرائيل. ومــــع ذلــــك اخـــتـــار «حـــــزب الـــلـــه» أداة المــواجــهــة المسلحة مع إسرائيل بوصفها وسيلةً وحيدة للدفاع عــن قضية نبيلة وعـــادلـــة، ودفـــع أثـمـانـ كـبـيـرة من قادته وعناصره وبيئته الحاضنة، وأشاد كثيرون بصموده وعملياته المسلحة داخل إسرائيل، كعملية بنيامينا في جنوب حيفا وغيرها. كــل ذلـــك لا يلغي حـــدوث تــحــوّل عـالمـي وعـربـي ، الـــتـــي مــثّــلــت آخــــر صــور 1973 تـــبـــلـــوَر عــقــب حــــرب الـتـضـامـن الـعـسـكـري الــعــربــي بـــإرســـال وحـــــدات من مــخــتــلــف الـــجـــيـــوش الـــعـــربـــيـــة لــلــقــتــال فــــي الـجـبـهـة المـصـريـة والـسـوريـة فـي مـواجـهـة إسـرائـيـل، وأيضاً الاقتصادي باستخدام سلاح النفط في وجه الدول الغربية الداعمة لإسرائيل. وإذا كــان البعض يــرى أن «كـامـب ديـفـيـد» هي المسؤولة عن تكريس الحلول المنفردة في التعامل مـع الــصــراع الـعـربـي - الإسـرائـيـلـي، وأعـطـت رسالة لباقي الـدول العربية أن القضية الفلسطينية باتت بالأساس تخصّ شعبها، إلا أن هناك تحوّلات جرت فــي بنية المجتمعات الـعـربـيـة والـعـالمـيـة جعلت كل شعب يحارب من أجل حريته واستقلاله، أو دفاعاً عن أرضه وسيادته، وفي الوقت ذاته تتضامن معه الشعوب «الشقيقة» أو الحليفة لتحقيق أهدافه. وســـيـــبـــدو لافـــتـــ مــشــهــد الـــتـــضـــامـــن الأمـــيـــركـــي والغربي مع أوكرانيا، وإرسالهم دفعات كبيرة من المـــال والــســ ح لـهـا، إلا أنـهـم تعاملوا بـقـواعـد عالم ما بعد الحرب الباردة، ولم يرسلوا جنوداً للحرب تحت يافطة «التضامن الأيديولوجي»، أو مقاومة «الاحتلال الروسي». ومن هنا بات من الصعب قبول أن يكون لبنان استثناءً من هذه الحالة العامة عربياً ودولياً، ومن غير المعقول أن تكون هناك دولة مثل الأردن شعبها متضامن حـتـى الـنـخـاع مــع القضية الفلسطينية، ومع ذلك لا تَعدّ الدخول في حرب مع دولة الاحتلال أحــــد خــيــاراتــهــا، وكـــذلـــك بــلــد بـحـجـم مــصــر، لـديـهـا جـــيـــش قـــــــوي، ولــــيــــس مـــطـــروحـــ رســـمـــيـــ وشـعـبـيـ الـدخـول في مواجهة مسلحة مع إسرائيل من أجل دعم المقاومة الفلسطينية، وأن الانتقاد الذي وجهته تيارات سياسية وشعبية للأداء الرسمي كان يتركز فيما عُدّ تقصيراً في درجة الدعم المدني والقانوني للشعب الفلسطيني، وليس لأنها لم تحارب. ولــــذا يــبــدو لافــتــ أن يــقــرّر تنظيم مـثـل «حــزب الله» موجود في بلد ثـانٍ، وبشكل منفرد عن باقي المكونات اللبنانية، تحويل التضامن المـشـروع مع الشعب الفلسطيني إلى حرب لا يريدها الناس، بما فيهم قطاع كبير من بيئته الحاضنة. تداعيات العدوان الإسرائيلي المدمّر على لبنان سـتُـفـقـد «حـــزب الــلــه» جـانـبـ مــن بيئته الـحـاضـنـة، وسـتـجـعـل هــنــاك ضـــــرورة لمــراجــعــة الـصـيـغـة الـتـي تبنّاها، وجعلت المقاومة المسلحة النمط الوحيد لـدعـم الـقـضـيـة الفلسطينية؛ لأن أزمــتــه مــع بيئته الـحـاضـنـة ومـــع مجتمعه الـلـبـنـانـي تتعلق بمبدأ المـــقـــاومـــة المــســلــحــة مـــن «بـــلـــد ثـــــــانٍ»، وهــــو يختلف عــــن «حـــــمـــــاس» الــــتــــي حـــتـــى لــــو فــــقــــدت جـــانـــبـــ مـن بـيـئـتـهـا الـحـاضـنـة بـعـد المـــآســـي الــتــي تـــعـــرّض لها الـفـلـسـطـيـنـيـون فـــي غـــــزة، إلا أنــــه بـمـنـطـق حـــروب التحرير الوطنية فـإن الشعوب ستحارب من أجل قضيتها، وبجانبها حلفاء وداعمون، وإنه لن يكون مقبولاً مطالبة التنظيمات الفلسطينية المسلحة من «حماس» إلى «الجهاد»، ومن «فتح» إلى «الجبهة الشعبية»، أن تحلّ نفسها ما دام بقي هناك احتلال، إنــمــا سـتـطـالـب بـمـراجـعـة الـتـكـتـيـكـات والــوســائــل، والـعـ قـة بــ الـسـيـاسـي والـعـسـكـري، والـعـزلـة عن الــعــالــم، بــل وحــتــى تجميد نـشـاطـهـا المـسـلـح الــذي سيعود في المستقبل المنظور ولـو باسم جديد ما دام بقي الاحتلال. Issue 16759 - العدد Wednesday - 2024/10/16 الأربعاء بـــعـــد نـــجـــاح الانـــــقـــــ ب الـــعـــســـكـــري فـي فـــي لـيـبـيـا، 1969 ) شــهــر سـبـتـمـبـر (أيــــلــــول بقيادة العقيد معمر الـقـذافـي، كــان مـن أول قــــرارات مجلس قـيـادة الــثــورة منع الأحـــزاب السياسية وحـظـرهـا، واعـتـبـار «مــن تحزّب خان». السؤال: خانَ من؟ وضع على الرّف. الـــذيـــن لا يــعــرفــون الـــوضـــع الـسـيـاسـي الــلــيــبــي قــبــل ذلــــك الـــتـــاريـــخ قـــد يـــذهـــب بهم الاعـتـقـاد إلــى أن الأحـــزاب السياسية آنــذاك، وقبل ذلك الحظر سيئ الصيت، كانت جزءاً من المعمار السياسي الليبي، ومرحّباً بها، ومـــوجـــودة، وتــمــارس نشاطاتها الحزبية. وفــــــي الــــــواقــــــع، فــــــإن الــــنــــظــــام المـــلـــكـــي سـبـق النظام العسكري في عدائه لـ حـزاب، وقام بحظرها ومنع تواجدها ونشاطاتها بعد أول انتخابات نيابية بعيد الاستقلال. ذلك القرار بالحظر دفـع بـالأحـزاب إلـى الاختفاء مــــن أرض الــــــواقــــــع، إمــــــا بــــحــــلّ نـــفـــســـهـــا، أو بالتوجه نحو العمل السرّي. هذا من جهة. مــــن جـــهـــة أخــــــــرى، تــــــرى أســـــتـــــاذة عـلـم الـــســـيـــاســـة، الأمـــيـــركـــيـــة لـــيـــزا أنـــــدرســـــون، أن هـــنـــاك قـــاعـــدة عـــامـــة تـحـكـم عـــ قـــة الأحـــــزاب بالنظام القائم في أي بلد. فـإذا كان النظام الـقـائـم ديـمـقـراطـيـ كــانــت أحــــزاب المـعـارضـة ديـمـقـراطـيـة، والــعــكــسصـحـيـح. والأحـــــزاب الـتـي ظـهـرت وعـمـلـت ســرّيــ فــي الـــداخـــل، أو عــلــنــيــ فــــي الـــــخـــــارج، تـــأســـســـت عـــلـــى نـسـق الـــنـــظـــام الــعــســكــري الـــقـــائـــم آنـــــــذاك، وكــأنــهــا نـسـخـة مـــنـــه. حــيــث الــقــائــد الــزعــيــم والمـنـقـذ والمـــحـــرر الــــذي يـنـفـرد بـسـلـطـة الـــقـــرار، ومـن حوله يلتف مـريـدون ومصفقون، ولا مكان لمـــعـــارض لـــه بـيـنـهـم، ومـــن يــشــاء مـعـارضـتـه عــلــيــه الانــــســــحــــاب مــــن الــــحــــزب، ومـــمـــارســـة المعارضة من خارجه! العمل السرّي، والمنع من التواجد فوق الأرض، لـم يكونا كافيْ لــردع البعض من المخاطرة، وتأسيس أحزاب برايات مختلفة. ووجــــدت تـلـك الأحـــــزاب فـرصـتـهـا ومـمـارسـة نـشـاطـاتـهـا فـــي الـــداخـــل ســـرّيـــ عــلــى حــيــاء، والـــــخـــــارج عــلــنــيــ وبـــــجـــــرأة؛ ذلـــــك أن عـــديـــداً مــن الـنـشـطـاء الـسـيـاسـيـ اخـــتـــاروا الإقـامـة فـي المـنـافـي، فـي دول الــجــوار أو فـي أوروبـــا وأمــيــركــا. خـــ ل ســنــوات الـحـكـم الـعـسـكـري، تمكن النظام مـن خـ ل أجهزته الأمنية من اخـــتـــراق الــعــديــد مـــن أحـــــزاب المـــعـــارضـــة في الخارج، وزرع العديد من عناصره داخلها، وعلى أعلى المستويات. كما عمل على شراء البعض من القيادات بالأموال. ومن فشل في استقطابهم بـالأمـوال سعى إلـى تصفيتهم جسدياً. بـــعـــد ســــقــــوط الــــنــــظــــام الـــعـــســـكـــري فـي ، شـهـدت ليبيا طفرة 2011 ) فبراير (شـبـاط في ظهور الأحزاب. تلك الطفرة لم تكن حكراً على ليبيا، بل شهدتها دول عديدة، خاصة في دول أوروبا الشرقية عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. مــن سـمـات تـلـك الـطـفـرة الـحـزبـيـة طفو أعــــــــداد كـــبـــيـــرة مــــن الأحـــــــــزاب عـــلـــى الــســطــح فــــجــــأة، أغــلــبــهــا مــعــلــق فــــي الـــــهـــــواء، أي بـ جــــذور أو أنـــصـــار أو رؤيــــة ومــنــهــج. مـجـرد يافطات تحمل أسماءً وشـعـارات فارغة بلا مـعـنـى، يـقـف وراءهــــا أشــخــاص انـتـهـازيـون فـي الأغـلـب، يـريـدون الحصول على نصيب من كعكة تتناهبها الأيـــدي. وليبيا لم تكن استثناءً. الـــفـــقـــاعـــة الـــصـــابـــونـــيـــة الـــحـــزبـــيـــة الــتــي تلاشت في الهواء 2011 ظهرت بعد فبراير ســــريــــعــــ ، كـــمـــا هـــــو مــــتــــوقــــع، ولــــــم يـــبـــق فـي الـسـاحـة ســـوى حـــزب «الإخـــــوان المـسـلـمـ »، كقوة حزبية منظمة وفاعلة، بكوادر حزبية مــــــؤطــــــرة، وبــــــأهــــــداف ســـيـــاســـيـــة واضــــحــــة، وتــــمــــكــــنــــوا مـــــن الـــتـــســـلـــل إلـــــــى المــــؤســــســــات الــتــشــريــعــيــة والــتــنــفــيــذيــة والإعــــ مــــيــــة. من الممكن الإشـــارة إلــى المجلس الأعـلـى للدولة كمثال. الـــــســـــؤال عـــمـــا حـــــدث لــبــقــيــة الأحــــــزاب الأخــــرى المـسـجـلـة بـــــوزارة الـــعـــدل، وتــجــاوز عـــددهـــا الـخـمـسـ حـــزبـــ ، لـيـس فـــي حـاجـة إلى عناء البحث عن إجابة. وباستثناءات قليلة - حزب السلام والازدهــار على سبيل المـــثـــال، بـرئـاسـة مـحـمـد خــالــد الـغـويـل - لم يـــعـــد لـــهـــا وجـــــــود واخــــتــــفــــت بـــــأســـــرع مـمـا ظـــهـــرت. ولا يــبــدو لـهـا حــضــور واقـــعـــي إلا من خـ ل البيانات الباهتة التي يصدرها مــؤســســوهــا، مـــن حـــ لــحــ ، فـــي مختلف المناسبات، تذكيراً بأنهم مـا زالـــوا أحـيـاءً، ومــا زالـــوا يطمعون فـي حصة مـن الكعكة. لكنها عـلـى الـــواقـــع، مـجـرد أحــــزاب ورقـيـة، بمقرات حقائبية، بداخلها أخـتـام وأوراق تحمل شعارات براقة، يتنقل بها أصحابها من موقع إلى موقع، ولا شيء آخر. هل يحلم فتى أميركا المعجزة إيلون ماسك برئاسة الولايات المتحدة الأميركية؟ ربما يكون الجواب نعم، غير أن طريقه إلى البيت الأبيضيبدو وكأنه يمر بالضرورة من بوابة الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، وبالتحديد من خلال حتمية فوز المرشح الجمهوري دونالد ترمب. الــحــديــث يــبــدو مــثــيــراً، ذلــــك أن مــاســك لـــم يــكــن يـومـ سياسياً، ولم يمارس أي عمل من أعمال السياسة، ما يعني أنــه سيضحى النسخة الثانية مـن تـرمـب رجــل الـعـقـارات القادم من خارج المؤسسة السياسية الحزبية الأميركية. الذين تابعوا جولات المرشح ترمب الأخيرة، لا سيما فـي الــولايــة الحاسمة بنسلفانيا، ربـمـا راعـهـم الحماسة غير الاعتيادية التي ظهر بها ماسك على خشبة المسرح بالقرب من ترمب، وقد بدا راقصاً ومشجعاً أكثر منه أهم رجل أعمال معاصر في تاريخ أميركا. هــنــا أمــــر مـــا خــفــي يـــجـــري، صـفــقــة مـــن نــــوع بـعـيـنـه، وبــعــيــداً عـــن حـــديـــث المــــؤامــــرة، بـــل مـــن عــمــق الـبـراغـمـاتـيـة الأمــيــركــيــة، وأيـــــادي الـــدولـــة الـعـمـيـقـة الــتــي تــرســم صـــورة رؤساء أميركا من غير تهوين أو تهويل. في يوليو (تموز) ، غـرّد ماسك قـائـ ً: «أنـا لا أكـره هـذا الرجل (ترمب)، 2022 لكن حان الوقت لكي يعلّق ترمب قبعته ويبحر نحو غروب الشمس». كــــان تـعـلـيـق تـــرمـــب عــلــى مـــؤســـس شــركــتــي «تــســ » و«سبيس إكس» مدفوعاً بإهانة بذيئة؛ حيث وصفه بأنه كـاذب، وقد كذب عليه بشأن من صوت له في الانتخابات ..2020 الرئاسية عام خــــ ل عــامــ بــــدت الـــخـــ فـــات تـــــذوب، وصــــار مـاسـك يـبـذل جــهــوداً «غـيـر مـسـبـوقـة»، مــن أجـــل إعــــادة تـرمـب إلـى البيت الأبيض، وها هو يسكب ملايين الدولارات في حملة المرشح الجمهوري، بعد ادعائه في البداية أنـه لن يتبرّع للحملات الانتخابية بشكل عام. »، أشاد ماسك بترمب، وروّج لبعض من X« على قناة الأفـكـار التي يؤمن بها التيار اليميني الأمـيـركـي، والتي يـعـدّهـا الـيـسـار الـديـمـقـراطـي مــن قبيل نـظـريـات المــؤامــرة، كما انتقد كامالا هاريس. ليس غريباً في عالم السياسة الأميركية هذه التحولات والتبدلات، وما يجري بين ترمب ومـاسـك يضعنا أمــام تـسـاؤلات عــدة، لعل أولـهـا وأهمها: «مـــن هــو الـفـتـى مــاســك، وهـــل يـمـثّـل نـفـسـه، أم أنـــه مــــرآة لا تـعـكـس فــي الــحــال صــــورة صـانـعـيـه، لكنها فــي المستقبل يمكن أن تفعل؟». يـبـدو الـرجـل المـولـود فـي جـنـوب أفريقيا، وكـأنـه لغز ملفوف بأحجية، ملقى فـي بئر عميقة، ذلــك أن مجالات عمله وأفــكــاره تتقاطع جـذريـ وسـيـادة الــدولــة، والجميع يتساءل من هذا الذي يسمح له ببرامج فضائيةصاروخية، وأبحاث شرائح يمكن أن تُزرع في الدماغ البشري. أبــعــد مـــن ذلــــك، تــبــدو تـطـلـعـات مــاســك خــــارج كـوكـب الأرض، خصوصاً لجهة إقـامـة مستوطنات بشرية فوق المريخ، أمراً يتجاوز مقدرات المؤسسات الخاصة، ويتسارع مع قدرات الدولة وأجهزتها الرسمية. ليس سـراً أن ماسك ومـن دون أدنـى شك على شراكة مـــع الـــدولـــة الأمــيــركــيــة الــعــمــيــقــة، وفــــي مـقـدمـتـهـا المـجـمـع الصناعي العسكري، ودوره في توفير وسائل اتصال في حـرب أوكرانيا عبر شبكته الإنترنتية، وكـذا التعاون في تخليق وسـائـل حماية لأجـهـزة الاسـتـخـبـارات، أمــر يؤكد أنـنـا أمـــام فـتـى حـــارق خــــارق، مــن صنيعة الأخ الأكــبــر في الداخل الأميركي. السؤال التالي: هل جهود ماسك يمكن أن تقود ترمب بالفعل إلى الفوز في الانتخابات الرئاسية القادمة؟ على الـرغـم مـن أن ماسك خلط منذ فترة طويلة بين علامته التجارية الشخصية، وآيديولوجيته المحافظة، فـإن تعليقاته للمذيع الأميركي الإشكالي تاكر كارلسون في تجمع ترمب في بتلر بولاية بنسلفانيا، تمثّل مرحلة جديدة من نشاطه السياسي. ومع دخول الانتخابات مرحلتها النهائية، يستخدم ماسك بنشاط فائق ثروته ونفوذه التاريخيين؛ لتسهيل نجاح الحزب الجمهوري في الانتخابات بزعامة ترمب. عطفاً على ذلك فقد غيّر ماسك خلال عطلة نهاية الأسبوع » إلىصورة له X« أيقونة ملفه الشخصي على حسابه على » سوداء. MAGA« وهو يرتدي قبعة هـل مـن أحــد فـي الـداخـل الأمـيـركـي يستطيع أن ينكر نـــفـــوذ مـــاســـك مـــن حــيــث الــــثــــروة الــهــائــلــة الـــتـــي يـمـتـلـكـهـا، وبصمته الثقافية الهائلة، خصوصاً على شبكة الإنترنت؟ بـالـقـطـع لا، مــا يـعـنـي أن حــضــوره قــد يـغـيّـر مــوازيــن القوة في المنافسة المتقاربة بين هاريس وترمب، لا سيما إذا خرج بمفاجآت جديدة. ما الثمن الذي سيدفعه ترمب إلى ماسك نظير دعمه؟ لقد وعــده بأنه حـال عـودتـه إلـى البيت الأبـيـض، سيشكّل لجنة كفاءة حكومية -وهي فكرة سياسية غامضة بدورها قدّمها ماسك- تراجع كثيراً من اللوائح الحكومية. أتـــكـــون هــــذه هـــي الــخــطــوة الأولـــــى لـلـفـتـى مــاســك في الـولـوج إلـى البيت الأبـيـض ومـن ثـم إحـكـام قبضته عليه، وإعلان أميركا مغايرة؟ دعونا ننتظر لنرى. هل من أحد في الداخل الأميركي يستطيع أن ينكر نفوذ ماسكمنحيث الثروة الهائلة التي يمتلكها؟ الفقاعة الصابونية الحزبية التي تلاشت 2011 ظهرت بعد فبراير في الهواء سريعاً كما هو متوقع جمعة بوكليب إميل أمين عمرو الشوبكي OPINION الرأي 14 ماسكوأحلام الرئاسة الأميركية ليبيا... أحزابٌ فيحقائب «حماس» و«حزبالله» وسؤال الحاضنة الشعبية تداعيات العدوان الإسرائيلي المدمّر على لبنانستُفقِد «حزبالله» جانباً من بيئته الحاضنة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky