issue16758

لم يكن من المتوقع أن تكون آثار غزة أفضل حظاً من سكانها بعد عـام وأكثر مـن الـحـرب الإسـرائـيـلـيـة غير المسبوقة؛ غــــيــــر أن مــــســــتــــوى الــــتــــدمــــيــــر و«تـــعـــمـــد الاستهداف» يدفعان خبراء للاعتقاد بأن حرباً أخرى غير منظورة تستهدف «دفن الذاكرة» تحت الصواريخ والقذائف. ووفـــــــق آخــــــر حـــصـــر مــــتــــاح لـــــــوزارة الـــســـيـــاحـــة والآثـــــــــــار الـــتـــابـــعـــة لـلـسـلـطـة الـــوطـــنـــيـــة الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــيـــة، نـــشـــرتـــه عـــام موقعاً أثرياً موثقاً، 37 ، فإن هناك 2019 موزعة على امتداد غزة، وتنتمي لحقب تاريخية مختلفة وأنماط معمارية. ويُـــــقـــــدّر خــــبــــراء أثـــــريـــــون، تــحــدثــوا لــ«الـشـرق الأوســـط»، أن «الـحـرب المدمرة في المائة من 70 في غـزة دمـرت أكثر من الآثــــــار والمـــعـــالـــم الـــتـــي شُـــيـــدت فـــي حقب زمنية وتاريخية مختلفة، وقد تعرضت إما لتدمير أو أضرار بليغة وجزئية». يقول الخبير بالآثار الدكتور أحمد الأســــطــــل إن الــــحــــرب اســـتـــهـــدفـــت أيــضــ معالم القطاع التي يصل تاريخ بعضها بعد الميلاد، 2000 قبل الميلاد، و 3500 إلى ومــن أهمها المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، الذي تضرر بشكل بليغ، إلى جانب كنيسة القديس برفيريوس، التي يُعتقد أنها ثالث أقدم كنيسة في العالم، وأحد أهم الكنائس بالشرق الأوسط. وأضـاف الأسطل، الذي يدير «مركز إيــــــوان لــلــتــراث الــثــقــافــي» الــتــابــع لكلية الهندسة بالجامعة الإسلامية في غزة، إن «غــالــبــيــة المــعــالــم والآثــــــار والمــتــاحــف الأخــــــــــــرى فــــــي غــــــــزة تــــعــــرضــــت لــقــصــف إســرائــيــلــي يـسـتـهـدف دفـــن ذاكـــــرة أبـنـاء القطاع تحت الصواريخ والقذائف». أشهر فقط من الحرب، كشفت 3 قبل وزارة السياحة والآثــار أنها عثرت على قبور جـديـدة فـي الجهة الشمالية من 5 «المـــقـــبـــرة الـــرومـــانـــيـــة» الـــتـــي تــقــع شـمـال الــــقــــطــــاع، تـــحـــديـــداً فــــي جـــبـــالـــيـــا، وبــلــغ إجمالي المقابر المكتشفة حينها (يوليو/ قبراً أثرياً رومانياً. 130 )2023 تموز راهناً باتت جباليا إلى جانب بيت لاهيا وبيتحانون المجاورتين لها شمال غــــزة مــوقــعــ لـعـمـلـيـات عـسـكـريـة مكثفة ضمن ما يُعرف بـ«خطة الجنرالات» التي تـسـتـهـدف إقــامــة حـــزام إسـرائـيـلـي لعزل شمال القطاع. بــــــالــــــعــــــودة إلــــــــى الــــخــــبــــيــــر الأثــــــــري الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــي، أحـــــمـــــد الأســــــطــــــل، فـــإنـــه يعتقد أن هناك مـا وصفه بـ«استهداف شامل، طال إلى جانب الأماكن الدينية، المتاحف، والمقابر والمواقع الأثرية». قائمة اليونيسكو خلال فترة ما قبل الحرب، استطاعت الكثير مـن المـتـاحـف مـثـل: قصر الباشا، ورفــــح، جـلـب الـكـثـيـر مــن الـــــزوار، كـمـا تم اكتشاف موقع دير القديس هيلاريون - تل أم عامر، في مخيم النصيرات وسط قرناً. 17 القطاع، ويعود تاريخه إلى وفي يوليو الماضي، أدرجت منظمة الأمـــم المـتـحـدة للتربية والـعـلـم والثقافة (الـيـونـيـسـكـو)، ديـــر الـقـديـس هـيـ ريـون - تــل أم عـامـر عـلـى كــل مــن قـائـمـة الـتـراث العالمي، وقائمة الـتـراث العالمي المعرض للخطر، إقــــراراً بـ«القيمة الـتـي يكتنزها هذا الموقع والحاجة إلى حمايته». و«ديـــــــر الـــقـــديـــس هــــيــــ ريــــون» أحـــد أقدم المواقع في الشرق الأوسـط، وأسسه الــــقــــديــــس هـــــيـــــ ريـــــون، واســــتــــقــــبــــل أول مـجـتـمـع رهـــبـــانـــي فـــي الأرض المــقــدســة. ويــقــع الـــديـــر عـلـى تـقـاطـع طـــرق رئيسية لـلـتـجـارة والــتــبــادل بــ آسـيـا وأفـريـقـيـا، وكــــان مــركــزاً لـلـتـبـادل الـديـنـي والـثـقـافـي والاقـــتـــصـــادي، مــقــدمــ بــذلــك مـــثـــالاً على الأديـــــرة الــصــحــراويــة الــتــي انــتــشــرت في العصر البيزنطي. وقـد استندت لجنة الـتـراث العالمي، بالنظر إلـــى الـتـهـديـدات المـحـدقـة بموقع الـتـراث مـن جــراء الـنـزاع الـدائـر فـي قطاع غــــــزة، إلـــــى إجـــــــــراءات إدراج المــــواقــــع فـي حــــالات الـــطـــوارئ المــنــصــوص عـلـيـهـا في اتفاقية التراث العالمي. مواقع عسكرية وتــــظــــهــــر دراســـــــــــة حــــديــــثــــة أجـــرتـــهـــا مــجــمــوعــة «الــــتــــراث مـــن أجــــل الــــســــ م» أن الهجوم الإسرائيلي على غزة منذ أكتوبر 100 دمـــر أكــثــر مــن 2023 ) (تــشــريــن الأول موقع أثري وتاريخي. بينما يفيد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة (التابع مـــن المــواقــع 206 لـحـركـة «حــــمــــاس»)، بـــأن الأثـــريـــة والــتــراثــيــة فـــي الــقــطــاع دُمـــــرت أو تــضــررت إمـــا بشكل بـالـغ أو جـزئـي بفعل العدوان الإسرائيلي. ويـــفـــيـــد خـــــبـــــراء «الـــــشـــــرق الأوســـــــط» بأنه «لا يمكن حسم حجم الـضـرر بسبب أن بعض هــذه المـتـاحـف والمــواقــع تقع في مــنــاطــق تــعــدّ عـسـكـريـة إســرائــيــلــيــة يمنع الاقـــتـــراب مـنـهـا، مـثـل تــل أم عـامـر القريب مـــن مــوقــع تـمـركـز تـلـك الـــقـــوات فـــي مـحـور نـتـسـاريــم وســـط الــقــطــاع، وكـــذلـــك المـقـبـرة الرومانية في شمال القطاع والقريبة من تمركز قوات أخرى عند الشريط الحدودي لـتـلـك المـــنـــاطـــق، الــتــي يـمـنـع عــلــى الـسـكـان الوصول إليها». وتـم استهداف جميع المـواقـع تقريباً على الرغم من أن بعضها مدرج على قائمة التراث العالمي. أقدم مساجد غزة يـــعـــد المـــســـجـــد الـــعـــمـــري أحـــــد أكــثــر المــواقــع الأثــريــة تعرضاً لأضـــرار نتيجة الـــقـــصـــف الإســــرائــــيــــلــــي؛ فـــهـــو مــــن أقــــدم المـــســـاجـــد بــــغــــزة، وحــــولــــه الـصـلـيـبـيـون م إلــى كـاتـدرائـيـة مكرسة 1149 فـي سنة ليوحنا المعمدان، لكن الأيوبيين دمـروا م، ثـم أعـــاد المماليك 1187 معظمها عــام بــنــاء المـسـجـد فــي وقـــت مـبـكـر مــن الـقـرن الــثــالــث عــشــر المــــيــــ دي، قــبــل أن يــدمــره م، لـــكـــن ســــرعــــان مـا 1260 المــــغــــول عـــــام اســتــعــاده المـسـلـمـون، ودُمــــر مـــرة أخــرى بعد وقوع زلزال ضرب المنطقة في نهاية القرن الثالث عشر، وفي القرن السادس عــشــر أعـــــاد الــعــثــمــانــيــون بــــنــــاءه، لكنه تــعــرض لأضـــــرار بــعــد قــصــف بـريـطـانـي أثناء الحرب العالمية الأولى وتم ترميمه مـــن قــبــل المــجــلــس الإســـ مـــي 1925 فـــي الأعلى آنذاك. حمام السمرة ومــن بـ المعالم الأثـريـة فـي قطاع غـزة «حمام السمرة»، الـذي يبلغ عمره حماماً أثرياً 13 عام، وهو واحد من 700 قديماً في فلسطين. ويقع حمام السمرة في قلب مدينة غزة التاريخية قرب حي الزيتون، ويعد ثاني أقدم المعالم بعد المسجد العمري، وهــــو الــوحــيــد المـتـبـقـي مـــن الـحـمـامـات الــتــاريــخــيــة فـــي قــطــاع غــــزة، أنــشــئ في متر 500 العهد العثماني على مساحة مــربــع، ثــم أعـيـد ترميمه وتــجــديــده في العصر المملوكي، على عهد الملك سنجر بن عبد الله المؤيدي، وسُمي بهذا الاسم نــســبــة لــلــســامــريــ الــــذيــــن عـــمـــلـــوا فـيـه لفترة من الزمن. ويـــعـــد حـــمـــام الــســمــرة مـــــزاراً طبياً وسـيـاحـيـ ، إذ تتميز أرضـيـتـه بدفئها عـلـى مــــدار الــيــوم واســتــخــدم فــي بنائه الـــحـــجـــر الــــرخــــامــــي لمـــقـــاومـــتـــه رطـــوبـــة المـاء، ويتميز الحمام بروعة التخطيط والبناء العمراني الذي يتجسد بتدرج درجـــــــــات الــــــحــــــرارة عـــنـــد الانــــتــــقــــال مـن غرفة لأخـــرى، إذ تبدأ بالغرفة الـبـاردة فالدافئة ثم الساخن. عـــامـــ )، 53( ويــفــيــد ســمــيــر الــبــيــك الذي يقيم بجوار منطقة حمام السمرة، أن موقعه تعرض لأضرار بالغة لم يعد بعدها صالحاً. ويـقـول البيك لــ«الـشـرق الأوســـط»: «كـــــان الـــحـــمـــام جـــــزءاً مـــن حــيــاتــنــا هنا وحياة الكثيرين، الذي قصدوه كموقع للتطبيب الـشـعـبـي الــــذي يـعـتـمـد على استخدام المياه الباردة والدافئة». ويـــخـــلـــص الـــخـــبـــيـــر الــفــلــســطــيــنــي فـي الآثـــار إلـى أن «غالبية تلك المناطق تعرضت إما للتدمير الكامل أو الضرر الجزئي؛ وتم قصفها لأنها تمثل الهوية التاريخية وجـذور الشعب الفلسطيني وتنوع الحضارات والحقب التاريخية في غزة». 7 حربمتعددةالخرائط NEWS «اليونيسكو» أدرجت دير القديسهيلاريون ـ تل أم عامر على قائمتي «التراث العالمي» و«التراث العالمي المعرضللخطر» إقراراً بقيمته والحاجة إلىحمايته ASHARQ AL-AWSAT Issue 16758 - العدد Tuesday - 2024/10/15 الثلاثاء القصف الإسرائيلي دمر معالم تاريخية إسلامية ومسيحية ورومانية آثار غزة تكابد حرباً لـ«دفن الذاكرة» غزة: «الشرق الأوسط» (أ.ف.ب) 2021 ... وامرأة وطفل يمشيان أمام المتحففي أبريل 13 صور التقطت الشهر الماضي (يمين) لآثار تدمير متحفقصر الباشا في غزة الذي يعود للقرن الـ (أ.ف.ب) 12 مبنى مدمر مُلحق بكنيسة القديسبورفيريوسفي غزة ويعود تاريخها إلى القرن الـ (يسار)... وآثار الدمار على المبنى الأثري (يمين) كما تظهر الشهر الماضي (أ.ف.ب) 2020 عاملون بالقطاع الصحي يطهرون جدران مسجد العمري التاريخي في غزة عام

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky