issue16758

يــعــتــقــد فـــاســـفـــة الــــحــــروب أن الــــحــــرب هـي الـوحـيـدة الـتـي تحقق الأهــــداف، وتكسر الأعـــداء والخصوم، وتحذر المنافسين، لكن هذه النظرية لدى هؤلاء الفلسفة نظرية خاطئة. الـواقـع يقول إن الـدخـول فـي الـحـرب سهل، لـكـنـه يـــقـــود إلــــى مــــأزق كـبـيـر عــنــد الـتـفـكـيـر في الـــــخـــــروج، ولا ســيــمــا عـــنـــدمـــا تـــكـــون حـــربـــا مـن أجــــــل الــــحــــرب لاســــتــــعــــراض الـــــقـــــوة، والمـــــبـــــارزة الاســتــراتــيــجــيــة. إن مـــا تـــقـــوم بـــه إســـرائـــيـــل من تـــدمـــيـــر عـــلـــى مـــســـرح الإقـــلـــيـــم الـــعـــربـــي يـنـتـمـي إلـــى نـظـريـة فـاسـفـة الــحــرب لــلــحــرب، وينطلق مــن قــامــوس المـــبـــارزة الاسـتـراتـيـجـيـة لتخويف الإقــلــيــم، وخـلـخـلـة مـفـهـوم الأمـــــان داخــــل الـــدول الوطنية المستقرة. يـــعـــيـــش الإقــــلــــيــــم فـــــي قـــلـــب هــــــذه الـــنـــظـــريـــة الـخـطـيـرة، الــتــي يــؤمــن بـهـا بـنـيـامـ نتنياهو، رئــيــس وزراء إســرائــيــل، وأحــــد تـامـيـذ فلسفة هــــذا الـــنـــوع مـــن الــــحــــروب، الــتــي كــــان يــؤمــن بها «جــــابــــوتــــنــــســــكــــي»، الـــــــــذي كـــــــان يـــــــرى ضـــــــرورة الاسـتـخـدام الـدائـم للسيف على الـرقـاب، وأن أي مساحة أرض يصل إليها الجندي الإسرائيلي فــهــي مِـــلـــك لــــه، كــمــا كــــان يــــرى أنــــه يــجــب أن يتم بناء حائط حديدي بين إسرائيل وبقية الإقليم، وإذا ما أتيحت الفرصة لإسرائيل، فإنها تكسر الـحـائـط الـحـديـدي، وتـضـم مـزيـداً مـن الأراضـــي، وهــي نفس الفلسفة التي تحكم الـحـرب الـدائـرة الآن، وتبدو واضحة في خريطة نتنياهو، التي رفــعــهــا مـــن فــــوق مـنـصـة الأمـــــم المـــتـــحـــدة، وأعــــاد تكرارها في تصريحات واضحة، عندما قال: «إن أيادينا تطول كل مكان في الشرق الأوســـط، بل في العالم». إن وهـــم أصــحــاب هـــذه الـنـظـريـة وأحـفـادهـم لا يــتــعــلــمــون مــــن دروس الــــتــــاريــــخ، فـــالـــتـــورط فـــي الـــحـــرب أحـــيـــانـــا يـــكـــون مُـــغـــريـــا تــحــت نـشـوة الاستعراض والمـبـارزة، ومحاولة فرض النفوذ، بينما لحظة الـخـروج هـي لحظة المـــأزق الكبير، فعندما تنغرس أقدام الحرب في الوحل، تصبح دروب الـــخـــروج وعــــرة ومــــســــدودة فـــي الـنـهـايـة، وتـــفـــشـــل نـــظـــريـــة هـــــــؤلاء الـــفـــاســـفـــة، ويــــجــــدون أنفسهم أسرى لحرب استنزاف لا نهاية لها، بل يصعب على متخذ قـرار الـحـرب، أن يتخذ قـراراً بإسكات أصوات المدافع. منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام ، انـدلـعـت الــحــرب الإسـرائـيـلـيـة عـلـى غــزة، 2023 كــان يمكن أن تتوقف بعد أيـــام، أو أسـابـيـع، أو أشـــهـــر، لــكــن هـــــؤلاء الــفــاســفــة مـــن طـــهـــاة المـــوت قـــرروا مـواصـلـة نظرية الاسـتـيـاء على مـقـدرات الخرائط، وأصولها الوطنية، وترويع الشعوب، وكـسـر جـــدار المـسـتـقـبـل، ولـــذا انــحــاز هـــؤلاء إلـى سيناريو الحرب الدائمة، والمستمرة والمتسعة على مسارح عمليات الإقليم، من دون أن يرتدعوا بقانون دولي، أو قانون إنساني، أو حتى نداءات مـن حلفائهم المـوثـوقـ ، وهـا هـي الـحـرب تتسع يوما بعد يوم، وتشد أطرافا بعيدة لم تفكر يوما فـي خـوض حــرب، لكنها عرضا قـد تجد نفسها مضطرة لخوض معركة لم تتوقعها. إن المـــــــأزق الــحــقــيــقــي الآن هــــو اخـــتـــفـــاء أي سيناريو محتمل لنهاية الـحـرب الإسرائيلية، المـتـسـعـة عـلـى المـــســـرح الــعــربــي، ولا سـيـمـا أنـهـا تشد قــوى إقليمية غير عربية مثل إيــــران، إلى مـــســـرح الـــعـــمـــلـــيـــات، الــــــذي يــــــدور عـــلـــى أراضـــــي المـنـطـقـة الـعـربـيـة، والــطــرفــان يــتــصــادمــان، على هذه الأرض والضحية مقدرات الشعوب العربية، ومستقبل المنطقة، ومن ثم فإن منسوب الخسائر المستقبلية يزداد ويرتفع، كما حكى لنا التاريخ عن تجاربه المؤلمة. وإذا عدنا بالذاكرة، فسنجد أثمانا باهظة دفعتها البشرية، نتيجة أوهــام فلسفة الحرب هـــــــؤلاء، وبــســـبـــب الإصــــــــرار عــلـــى الإقــــامــــة داخــــل الحروب، وكذلك انـدلاع الحروب العرضية التي تسببت فيها الحروب الأصلية. مــثــاً انــدلــعــت الــحــربــان الـعـالمـيـتـان الأولـــى والـــثـــانـــيـــة عـــرضـــا، وتــســبــبــت فـــي هــــاك مـايـ الــضــحــايــا، وتــدمــيــر الـبـنـيـة الــبــشــريــة، ولا تـــزال الآثـار السلبية لهاتين الحربين واضحة؛ بسبب الــــــدواء الــخــاطــئ الــــذي وصــفــه فـاسـفـة الــحــرب، والنتيجة واضـحـة أمـامـنـا، ومتمثلة فـي الخلل السياسي في المجتمع الدولي، المنحاز لمجموعة دول تستحوذ على القرار والقانون الدولي، من خــال امتلكها حـق النقض «الـفـيـتـو»، مـن دون بقية الدول. نفس النهج الفلسفي للحروب قاد الولايات المــتــحــدة إلـــى الـــتـــورط فـــي الـــحـــرب الـــكـــوريـــة، في بداية خمسينات القرن المـاضـي، وبعدها بزمن قــصــيــر تــــورطــــت أمـــيـــركـــا نــفــســهــا فــــي مـسـتـنـقـع آخــر هـو المستنقع الفيتنامي، الـــذي استمر من الخمسينات إلـــى منتصف الـسـبـعـيـنـات، وبعد ذلك واصلت أميركا مسار التورط، عندما وجدت نفسها في أفغانستان، ثم العراق في عقد واحد، ولا تــــــزال مـــتـــورطـــة فــــي رمــــــال الــــشــــرق الأوســـــط المتحركة، والـغـريـب أنـهـا تـتـورط الآن، بوصايا فلسفتها في الحروب من جانب، وبفعل وصايا فلسفة نتنياهو من جانب آخر. إن الـــخـــطـــر الأكــــبــــر هــــو أن تــــواصــــل أمــيــركــا الــدخــول فــي دوائــــر الـــتـــورط، وتـنـغـرس فــي رمــال الــشــرق الأوســــط المـتـحـركـة، دفــاعــا عــن حليفتها إسرائيل، فإن حدث ذلك، فلن تستطيع، هذه المرة، الــخــروج مــن هـــذه الـــرمـــال، وسـيـدفـع الـعـالـم ثمن أوهام فلسفة الحروب وخداع طهاة الموت. Issue 16758 - العدد Tuesday - 2024/10/15 الثلاثاء حتى 1975 مــنــذ الـــحـــرب الأهـــلـــيـــة الــلــبــنــانــيــة عــــام يومنا، لم ينعم لبنان باستقرار دائم حقيقي. لبنان، هذا البلد الذي كان يُدعى بـ«سويسرا الشرق»، أضحى بلداً متداعيا فقيراً تغمر مواطنيه الكآبة والحزن والخوف من المستقبل وما يخبّئونه لهم. إن الشعب اللبناني ينهار، وبــخــاصــة بـعـد الـضـائـقـة المــالــيــة والمـعـيـشـيـة الــتــي ألمّـــت . حيث صرف 2019 بـه منذ أكتوبر (تشرين الأول) عـام معظم اللبنانيين، إن لـم نقل جميعهم، معظم أموالهم ومـدخـراتـهـم، وحُــجــزت، إن لـم نقل سُـرقـت ودائـعـهـم في المصارف، ومنذ تخلف لبنان عن سداد ديونه الأجنبية - وانفجار مرفأ 2019 أضف إلى ذلك جائحة «كورونا» عام - هبط إجمالي الناتج 2020 ) بيروت في أغسطس (آب إلى ما يُقدّر 2019 ملياراً عام 52 المحلي الاسمي من قرابة ، كما ورد في بيانات البنك 2021 دولار عام 23.1 بنحو من تقرير مرصد الاقتصاد الذي 2021 الدولي: عدد ربيع ذكر فيه أن لبنان يواجه أزمة اقتصادية مركبة لم يشهد لها مثيلً من قبل ووصفها بأسوأ الأزمات على مستوى الـعـالـم مـنـذ الــقــرن الـتـاسـع عـشـر، وأعـتـبـرهـا واحــــدة من أسوأ الكوارث الاقتصادية في العصر الحديث. وتابع البنك الدولي بأن الانكماش الاقتصادي أدّى إلى تراجع ملحوظ في الدخل الإنفاقي، بحيث انخفض في 36.5 نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي بنسبة . ولبنان الــذي يعاني من 2021 و 2019 المـائـة بـ عامي ، سيواجه ضغوطات 2019 أزمــة اقتصادية خانقة منذ إضــافــيـــة فـــي حــــال حـــــدوث حــــرب شــامــلــة بـــ إســرائــيــل و«حزب الله». من الصعب أن نتنبأ بما قد يحدث في لبنان وفي ساحة الـشـرق الأوســـط، بخاصة بعد سلسلة اغتيالات لقادة كبار من «حـزب الله»، آخرها اغتيال الأمـ العام لـلـحـزب حـسـن نـصـر الــلــه، ومـــا زال مصير الأمـــ الـعـام المنتظر هاشم صفي الـديـن مـجـهـولاً، فـي ظــلّ تهديدات إسرائيلية بالهجوم البري الذي أخذ طريقه وبدأ تنفيذه على لبنان. الـتـداعـيـات السلبية الناتجة عــن الــصــراع فـي غزة وتــــزايــــد الـــقـــتـــال الــــدائــــر عــلــى حـــــدود لــبــنــان الـجـنـوبـيـة والـنـزوح السكاني الهائل (نحو المليون نـازح أصبحوا نـازحـ داخــل بلدهم) مـن الـقـرى الجنوبية الـحـدوديـة، فـضـاً عــن الـنـازحـ الـسـوريـ الــذيــن يـتـجـاوز عـددهـم مليون نـــازح، أدّت إلــى أزمـــة حـــادة وتـفـاقـم الوضع 1.5 الاقتصادي والاجتماعي وحتى الديموغرافي. مما أثّر سلبا على البنية التحتية (من كهرباء ومياه وطرقات... إلــــخ) فــي بـلـد يـعـانـي أصــــاً مــن اقــتــصــادٍ مـتـهـالـك، ومـن المؤكد أنه سيؤدي إلى انكماش ناتجه المحلي الإجمالي في المائة بين أكتوبر 50 بشكل كبير، الذي كان أكثر من بخسارة وصلت إلى مليار 2024 ) وسبتمبر (أيلول 2023 تقريبا، وقد يتسع الانكماش إذا ما استمر اتساع رقعة العدوان. مليارات 8 إن خسارة لبنان كبيرة جداً، وتبلغ نحو دولار أمــيــركــي، بــالإضــافــة إلـــى تـقـلـص الــنــاتــج المحلي مليار دولار. وإذا طـال أمـد الحرب 16 الإجمالي البالغ بين إسرائيل و«حــزب الله» أو فرضت إسرائيل حصاراً بريا وبحريا على لبنان، فهذا سيوقف مـرور البضائع مـــن خــــال الـــشـــريـــان الأســـاســـي والـــبـــوابـــة الـــوحـــيـــدة بــراً المنفتحة على السوق الإقليمية (من استيراد وتصدير) والـعـالمـيـة، وقـــد حـصـل هـــذا فـعـاً بـعـد قـصـف الـطـائـرات الإسرائيلية نقطة المصنع بـ لبنان وســوريــا. أمــا إذا حصل حصار بحري فهذا سيؤثر على التجارة المحلية والـدولـيـة، وإمــــدادات النفط مـن بنزين وغــاز وغيرهما، وإذا اجتاحت إسرائيل لبنان، كما تهدد يوميا، فستكون الخسائر الحقيقية والمحتملة أكبر بكثير مما هو متوقع وسيؤثر سلبا بطريقة غير مباشرة على أسواق الطاقة والتجارة الدولية، وقد تـؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والـــغـــاز وانــخــفــاض مـلـحـوظ لـتـدفـقـات الـعـمـلـة الصعبة والـتـي ترتكز مصادرها على السياحة، والاستثمارات الأجــنــبــيــة، والـــتـــحـــويـــات المـــالـــيـــة، بــخــاصــة مـــن ذويــهــم والتي تعتمد عليها الأسر للعيش بكرامة. والصادرات الـــتـــي أصــبــحــت نــــــادرة شـحـيـحـة بــعــد هـــجـــرة الــشــركــات الاستثمارية الأجنبية والشركات اللبنانية ذات المهارات العالية وهجرة الأدمـغـة واليد العاملة فيستأثر لبنان بشكل كبير، حيث إن لبنان بحاجة مـاسـة إلــى العملة الصعبة من أجل سداد فاتورة وارداتــه. والبنك المركزي في لبنان يعمل جاهداً على استمرار استقرار وتوحيد سعر الصرف. إن الـــقـــطـــاع الــســيــاحــي يــتــعــرض لــخــســائــر كـبـيـرة، وبـسـبـب الــحــرب أوقـــف عـــدد كبير مــن شــركــات الـطـيـران شركة) الرحلت من وإلى مطار بيروت، بينما 30 (نحو في المائة من أكتوبر 23 انخفض عـدد القادمين بنسبة مــا سبّب 2022 مـقـارنـة بـالـفـتـرة نفسها عـــام 2023 عـــام بتقليل حـجـم الأعـــمـــال فــي الــفــنــادق والمــطــاعــم ومـكـاتـب إيجار السيارات. وإذا تطور الوضع الأمني بين إسرائيل و«حـزب الله» إلى حرب شاملة، فإن السياحة ستتوقف مليارات دولار 4 كليا تقريبا، وقد يؤدي ذلك إلى فقدان من عائدات السياحة. هذا غيضٌ من فيض مما يمكن أن يقال عن الوضع اللبناني الخطير. وفــي حــال قـيـام الـقـوات الإسرائيلية مليين لبناني سيصبحون 4 باجتياح بري فإن أكثر من نازحين داخل بلدهم، تحت سمع وبصر العالم. * باحثة لبنانية العودة إلـى منطق الدولة هي الحل بالأمس والـــــيـــــوم وغـــــــــداً، فـــــي فـــلـــســـطـــ ولــــبــــنــــان والـــيـــمـــن والـــعـــراق وإيـــــران وكـــل دول المـنـطـقـة الــتــي تعيش فيها الميليشياوية بديلً عن «الدولتية» وبنسب مـتـفـاوتـة، لكن هــذا الـتـحـدي الـيـوم بعد الهمجية الإسـرائـيـلـيـة وضـــرب عُـــرض الـحـائـط بـكـل قـوانـ وأعـــراف المجتمع الـدولـي وحتى علقتها بالدول الغربية بما فيها حالة التبني المطلق من الولايات المتحدة، سيكون مرهونا بسؤال لا يقل أهمية عن باقي الدول المرتبطة بالنزاع بشكل أساسي وهو: ماذا عن اليوم التالي؟ ليست ثمة حروب أبدية، لكن سلوك إسرائيل وتذرعها بوصف الحرب الوجودية، لم يخرج من نطاق ردة الفعل تجاه «الطوفان» في السابع من ، لأنــه بـالـضـرورة لم 2023 ) أكـتـوبـر (تـشـريـن الأول يـطـرح حـتـى الآن الـــســـؤال المـقـبـل، لا عـلـى مستوى الأفق السياسي واستحقاقات المرحلة، وإنما مجرد شـعـارات والـحـديـث عـن النصر الساحق مـع مزيج مــن التلميحات اليمينية ذات الـطـابـع التلمودي والخطاب القيامي، الأمـر الـذي ما يجعلها تقترب من الميليشيا، وتزداد عليهم سوءاً بأن أطراف النزاع معها اليوم يطرحون مسألة خيارات اليوم التالي وفــق منظورهم ومــع كثير مـن الـتـفـاوض، وهــو ما وصفه يزيد الصائغ من مركز كارنيغي بـ«مسلسل الديناميات والـصـراعـات العصية على الحل التي خلفت مـفـاوضـات مـسـدودة وهـدنـات مؤقتة هشة وقابلة دوما للنهيار في اليمن وليبيا والعراق». الـتـسـويـات السياسية لا يمكن أن يصنعها الإباديون واليمينيون وأصحاب الحروب الأبدية والمطلقة، وإذا كـانـت تلك الإطـاقـيـة سبب وجـود للميليشيات، فــا يمكنها حتما أن تـكـون سبب وجود أي كيان يطمح للتلبس بشكل الدولة، فضلً عــن أدوارهــــــا فــي منطقة لــم يـعـد قــدرهــا مـشـاريـع التدمير وتغيير الخرائط بفوقية لا تراعي الحد الأدنى من السيادة ومنطق الدولة وسلوكها، وهو ما عبّر عنه بكثافة ودقة المؤرخ والخبير بالمنطقة يـــوجـــ روغـــــــان بـــقـــولـــه: «لا يــمــكــن لــــدولــــة تـنـشـد التطبيع أن تكون غير طبيعية في ذاتها!». الــســعــوديــة ودول الاعـــتـــدال لا يـمـكـن لـهـا أن تتساهل في حقوق الشعب الفلسطيني وسيادة لبنان، وهــي واضـحـة أيضا فـي مسألة التصعيد في المنطقة التي تضر بمشاريع التنمية والعيش المشترك، وهو ما لا يمكن أن يأخذ طريقه للواقع باستمرار منطق الاحـتـال وحـــروب الإبـــادة التي تـنـفـذهـا إســـرائـــيـــل فـــي غــــزة ولـــبـــنـــان، كــمــا أنــــه من جهة ثانية يعطي أكبر ذريعة لتمدد وبقاء ثقافة الميليشيات والعود الأبدي لها حتى مع استهداف الـــقـــادة والـبـنـيـة الـتـحـتـيـة، لأن ذريــعــة الـتـدمـيـر لا يمكن أن تمنح الحياة وهــو مـا يشبه الصيرورة التاريخية وتثبته الـوقـائـع، خصوصا مـع حالة الاستسهال والرغبة في التخلي التي تسم تدخلت المـقـاربـات الغربية، وخصوصا الــولايــات المتحدة كما رأينا في العراق والفشل الكبير في أفغانستان وعــــــودة «طـــالـــبـــان» مـــجـــدداً وهــــي أكـــثـــر الـتـصـاقـا بكيان يمارس أبشع سلوك في استهداف المدنيين مـن داخـــل المنطقة الـتـي رغــم كـل المـآسـي والتاريخ الطويل لا يمكن أن يكون هذا قدرها الأبدي. هــنــاك أيــضــا فــرصــة تـاريـخـيـة لـلـبـنـان الـيـوم للقفز على حالة الـادولـة، وتغول الميليشيا الذي لم يكن له مبرر بالأمس، وحتما لا يمكن أن يكون له مبرر اليوم وغداً. الحل في لبنان أيضا يتمثل في العودة إلى منطق الـدولـة وبشكل توافقي واقتناص اللحظة ، وهو اختبار صعب 1701 التاريخية لتنفيذ القرار لكنه ليس مستحيلً متى وجدت الإرادة اللبنانية أولاً، سـواء كـان ذلـك بشكل استباقي، أو التوصل لإيقاف الحرب. اختبار صعب يعيشه لبنان خصوصا النخب الـسـيـاسـيـة، عطفا عـلـى الخلفية الـــســـوداء لثقافة الميليشيا في ترهيبواغتيال المعارضينوالسيطرة على جـزء كبير من السلطة، حوالي نصف مقاعد مجلس النواب، ومن هنا يمكن فهم خوف كثير من النخب اللبنانية من إعادة تشكل الميليشيا مجدداً. لكن لا يمكن تبرير ذلـك من أجـل الطائفة الشيعية قبل اللبنانيين لا سيما الذين سيواجهون أسئلة كبرى حول الانسلخ من «التشيع السياسي» الذي لا علقة له بالطائفة وتنوعها وتاريخها، كما أن إعـادة تموضع وتقوية الجيش في المـدن اللبنانية وبـــيـــروت سـتـعـطـي رســـالـــة واضـــحـــة كـضـامـن لمنع انـدلاع أي موجات عنف طائفي، عطفا على الحالة الإنـسـانـيـة الصعبة لمـلـيـون ونـصـف المـلـيـون نــازح ينتظرون العودة إلى بيوتهم من دون أن يلوح ذلك في الأفق القريب. الانــــســــداد الــســيــاســي فـــي المـنـطـقـة الـــيـــوم في أقصى مراحله، ولا أدل من تأثيراته العميقة في الـــداخـــل الإيـــرانـــي والإســرائــيــلــي بـغـض الـنـظـر عن ثنائية النصر والخسارة التي مكانها في أحوال كهذه مـدرجـات الغوغاء، وليس في حالة تتطلب ســـد الــــفــــراغ والـــحـــد مـــن الـــفـــوضـــى الـــتـــي ستحيل الأوطان إلى خرائب غير قابلة للعيش. الحل في لبنان يتمثل في العودة إلى منطق الدولة 1701 وتنفيذ القرار تداعيات الحربعلى لبنان أدّت إلى تفاقم الوضع الاقتصادي والاجتماعي وحتى الديموغرافي * سعاد كريم يوسف الديني جمال الكشكي OPINION الرأي 14 ماذا عن اليوم التاليلإسرائيل أولاً؟! لبنان... وطن في مهب الريح طهاة الموت... ومأزق الخروج المأزق الحقيقي الآن هو اختفاء أيسيناريو محتمل لنهاية الحرب الإسرائيلية

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky