issue16757

Issue 16757 - العدد Monday - 2024/10/14 الاثنين الإعلام 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز مكاري: على المؤسسات الإعلامية الالتزام باحترام مواثيق دولية وقع عليها لبنان ترند الانتخابات الأميركية... آليات تأثير مختلفة إذا تُــــرك الأمــــر لـحـمـات الــدعــايــة الانـتـخـابـيـة لـحـسـم اسـم الـرئـيـس الأمــيــركــي المـقـبـل، فـــإن المـرشـحـة الـديـمـقـراطـيـة كـامـالا هاريس ستكون الفائزة بهذا المنصب الخطير بكل جدارة؛ لكن الأمور أكثر تعقيداً من ذلك. تنفق الحملة المؤيدة لهاريسأكثر منضعفما تنفقه حملة خصمها الجمهوري دونـالـد ترمب على الإعـانـات السياسية. وعلى منصات مثل «فيسبوك» و«إنستغرام»، تتسع الفجوة في الإنفاق بينهما باطراد لمصلحة المرشحة الديمقراطية. وهو أمر لم يُحدث اختراقاً لصالحها حتى اللحظة؛ إذ تبقى الحظوظ في خانة التعادل، قبل أقل من شهر من موعد الانتخابات المرتقب في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. لطالما تـم التعويل على أدوار الدعاية السياسية وأمــوال الـحـمـات الانـتـخـابـيـة وحــجــم الــتــبــرعــات، لـحـسـم اســـم المـرشـح الفائز بالانتخابات السياسية الأهـم في العالم. ولطالما جرى التركيز على أدوار وسائل «التواصل الاجتماعي» المؤثرة في هـــذا الــصــدد، فــي وقـــت تتصاعد فـيـه أهـمـيـة أنـشـطـة الـعـاقـات العامة والاتصال في المجال السياسي بصورة غير مسبوقة. لـكـن الانـتـخـابـات الـرئـاسـيـة الأمـيـركـيـة المُـنـتـظـرة لا تُظهر اســتــجــابــة مـــواتـــيـــة فـــي هــــذا الــــصــــدد؛ إذ يـــبـــدو أن حــســم تلك الانــتــخــابــات لـــن يـتـأثـر كـثـيـراً بـمـبـلـغ الــعــشــرة مــلــيــارات دولار الـــتـــي تـــقـــدّر بـــيـــوت الـــخـــبـــرة المــتــخــصّــصــة أنـــهـــا ســتُــنــفــق خــال في المائة عن 25 المنافسة الضارية، بزيادة بلغت نسبتها نحو .2020 الانتخابات السابقة في ويـرجـع ذلــك إلــى أن معظم تلك الأمـــوال يُـوجّـه للإعلنات الــســيــاســيــة الـــتـــي تــســتــهــدف أســـاســـ تــعــزيــز إقـــبـــال المــؤيــديــن وتحفيزهم للمشاركة، ومحاولة التأثير في المتأرجحين الذين لـم يحسموا أمـرهـم حيال أحــد المـرشـحَـ المتنافسَين، وهــؤلاء في المائة فقط من 3 تقدرهم استطلعات الرأي الموثوقة بنحو الناخبين المُنتظر إدلاؤهم بأصواتهم. لــن يـفـعـل المــــال الـسـيـاسـي الـكـثـيـر فــي خـضـم تـلـك المـعـركـة الـسـاخـنـة، وذلـــك لا يـعـود لـقـلّـتـه، كـمـا لا يـعـود لتقلص أهمية الحملت الدعائية؛ لكنه يرجع ببساطة إلى أن تلك الانتخابات تـجـري بـ مـرشـحَـ يـجـسّـدان الانـقـسـام الكبير الـــذي يشهده المجتمع الأميركي، ويتمتع كل منهما بمخزن تصويتي داعم، ينطلق في مساندته من اعتبارات سياسية واجتماعية ونفسية عميقة، ولا ينتظر حثّاً أو إلحاحاً ليتحرّك في اتجاه معين. لــــذلــــك، فـــقـــد جــــــرى الاتـــــفـــــاق بــــ أركــــــــان الـــحـــمـــلـــتـــ عـلـى تخصيص المـبـالـغ الأكــبــر لــلــولايــات المــتــأرجــحــة، ولاسـتـهـداف فـــي المـــائـــة الــتــي لـــم تـحـسـم أمـــرهـــا بــعــد، وهـــو أمـر 3 شـريـحـة الـــــ يعكس بوضوح الحالة التنافسية الراهنة التي تشهد اصطفافاً مبدئياً للنّخَب والأفراد العاديين، بمعزل عن مفاجآت الساعات الأخيرة، وانتظار هنات المنافس، أو خفوت جاذبيته وتأثيره بشكل مفاجئ. ورغـــم أن وسـائـل «الـتـواصـل الاجـتـمـاعـي» تحظى بتأثير وتمركز عميقين في الواقع السياسي الأميركي، ورغم أدوارها المــؤثــرة عـــادة فـي الاستحقاقات السياسية السابقة؛ يـبـدو أن تأثيرها في انتخابات نوفمبر المقبل لن يكون بالقدر ذاته من الحسم أو الأهمية. صحيح أن عـــدد مستخدمي تـلـك المـــواقـــع يــــزداد بـــاطّـــراد، وصحيح أن الموضوعات السياسية -وفي القلب منها التنافس الانتخابي الـراهـن- تحظى بقدر متزايد مـن الاهتمام عبرها، وصــحــيــح أنـــهـــا تــخــضــع لمُـــــــاّك لــهــم مــصــالــح ومــــواقــــف حـيـال المـرشـحـ ، وأنــهــم يُــســخّــرون منصاتهم لـخـدمـة تـلـك المصالح باطراد؛ لكن مع ذلك، فإن قدرتها على تغيير حظوظ المرشحين المتنافسين تـتـراجـع، فــي ظــل الانــحــيــازات السياسية السابقة للمستخدمين، وتقوقع معظمهم فـي «الـجـيـوب الـخـوارزمـيـة» التي تنشأ عبر طاقة الاستخدام تلقائياً، فضلً عن انقسام تلك المنصات ذاتها بين من يؤيد ترمب ومن يدعم هاريس. عندما رأى الرئيسجو بايدن أن يعلن انسحابه من المعركة الانــتــخــابــيــة، مـــن خـــال مـنـشـور بــثّــه عـلـى حـسـابـه الشخصي فـي «إكـــس»، وعندما اخـتـار ترمب منصته «تـــروث سوشيال» لـبـث أول تعليق لــه عـلـى مـحـاولـة اغـتـيـالـه فــي شـهـر سبتمبر (أيـــلـــول) المـــاضـــي، وحـــ جـــرت الإعـــانـــات المُــهــمــة عـــن اخـتـيـار المرشحين لمنصب نائب الرئيس، أو الاتفاق على عقد المناظرات الانتخابية، عبر وسائل «التواصل الاجتماعي»، ظن البعض أن ذلك سينعكس مباشرة في تصاعد أهمية هذه الوسائل خلل العملية الانتخابية؛ لكن ذلك التقدير ليسصائباً على الأرجح؛ فثمة فارق كبير بين دور تلك المنصّات بوصفها آليات اتصال سياسي لا يُنازِع أحد في مدى انتشارها وسرعتها ونفاذها، وبـــ دورهـــــا بـوصـفـهـا مُــحــفــزة وداعـــمـــة بـشـكـل مـبـاشـر لأحـد المرشحَين المتنافسَين، في انتخابات تبدو متعادلة الحظوظ، عــلــى قـــاعـــدة فــــرز ســيــاســي واجـــتـــمـــاعـــي فـــي مـجـتـمـع مـنـقـسـم، تنحصر فـيـه المـسـاحـة الـوسـطـى لـصـالـح تـيـاريـن عـلـى طـرفَـي نقيض في كثير من القضايا الخلفية. ســيــظــل المــــــال الـــســـيـــاســـي مُـــهـــمّـــ ومــــؤثــــراً فــــي المــنــافــســات الانتخابية، وربـمـا يـكـون عـامـاً قـــادراً على الحسم فـي بعض الأحـيـان، وستبقى وسائل «التواصل الاجتماعي» قــادرة على تغيير حظوظ المرشحين في الانتخابات السياسية في كثير من البلدان؛ لكن ذلك لن يحدث -على الأرجح- في انتخابات نوفمبر الأميركية؛ لأن مناط المنافسة يتصل بـدوافـع أعمق من نطاق تأثيرها، ويعكس انقساماً مجتمعياً حاداً. تقف وراءها المصالح والانتماءات السياسية «الحروب التلفزيونية» معارك لبنانية صغيرة تنتهي بالتسويات مـــع احــتــكــار الـــحـــرب المــــدمّــــرة الحقيقية الأضــــواء والمـشـاعـر وأوقــــات الـبـث فـي لبنان، تـــــــدور «حـــــــــرب» إعــــامــــيــــة أســـكـــتـــتـــهـــا الأيــــــام والأســابــيـــع الأخـــيـــرة. وهـــي حـــرب لا تستعر على الأرض بل في فضاء محطتي التلفزيون المحليتين «الجديد» و«إم تي في»، وقذائفها تـصـلـهـمـا بــــــاردة، وأسـلـحـتـهــا تـقـتـصـر على الـتـراشـق الـكـامـي، وتـصـبّ فـي خانة خطاب الـــكـــراهـــيـــة. ومــــع أن المــتــفــرجــ لا يــشــعــرون بعبئها عليهم، فإنها تستفزّهم لينقسموا بين هذه المحطة أو تلك. هذا النوع من «الحروب» ليس بالجديد على اللبنانيين، بل سبق أن عاشوا ما يشبهه في حقبات مختلفة. وكانت أقدمها تلك التي دارت بــ «الــجــديــد» و«المـسـتـقـبـل» فــي عهد رئـــيـــس الــحــكــومــة الــــراحــــل رفـــيـــق الـــحـــريـــري، فتبادلتا الحملت الإعلمية الساخنة، كل من وجهة نظره. أيضاً، من المعارك التي احتدمت إعلمياً، تلك التي دارت رحاها في مرحلة ثانية بين محطتي «المستقبل» و«تلفزيون المـنـار» إثر 2005 اغتيال الرئيس رفيق الحريري في عام ، عندما شنتا 2008 مايو (أيار) عام 7 وأحداث الهجمات الإعلمية الممنهجة؛ إحداهما على الأخرى. ثـــم هـــنـــاك مـــن الـــخـــافـــات المـــعـــروفـــة بين الــتــلــفــزيــونــات الـلـبـنـانـيـة، الـــخـــاف الــــذي ذر قـــرنـــه بـــ «إم تـــي فــــي» و«إل بـــي ســـي آي»؛ فـــالأولـــى ســانــدت حـــزب «الـــقـــوات اللبنانية» بمطالبته بحصّة مـن محطة الـــــ«إل بـي سي آي»، والأخيرة ردّت بحملت تشير فيها إلى تــدخــات «إم تــي فـــي» لـغـايـات شخصية. ثم هـنـاك «المـواجـهـة» التلفزيونية الـتـي عاشها اللبنانيون بين «إن بي إن» التابعة للرئيس نـبـيـه بــــرّي (زعـــيـــم حــركــة أمــــل) و«الـــجـــديـــد»، ووصل الأمر إلى رمي قنابل ومتفجرات على «الجديد»، فاتهمت هذه الأخيرة «حركة أمل» بضلوعها بهذه الأحداث. كـــل تــلــك الــحــمــات كـــانـــت تـغـيـب لـتـعـود بعد فترة. وأحـدث فصولها ظهر أخيراً على شــاشــتــي «إم تـــي فــــي» و«الــــجــــديــــد». وبــــدأت المشكلة عـنـدمـا عـرضـت الأولــــى فــي نشرتها الإخـبـاريـة تـقـريـراً اتهمت فيه شـركـة «ميب» الــــتــــي يــمــلــكــهــا مــــالــــك «الـــــجـــــديـــــد» وشــــركــــاه مـــلـــيـــون دولار، عـــلـــى أســــاس 38 بـــاخـــتـــاس صيانة معامل إنتاج الكهرباء من دون صرف أي جزء من المبلغ، بينما يعاني اللبنانيون من الظلم. وردّت قناة «الجديد» على تقرير المحطة المنافسة في حملت إعلمية متتالية. وتـــطـــورت الأمـــــور فـيـمـا بـعـد لـتـطـال شخص رئـيــس مجلس إدارة «إم تــي فـــي»، واتـهـامـه بـــالـــفـــســـاد اســــتــــنــــاداً إلـــــى مـــلـــف تـــخـــابـــر غـيـر شـرعـي اتـهـم بــه. وغـلـب على الـطـرفـ تبادل الاتـــهـــامـــات، مـــا أجّــــج نــــار الـــحـــرب الإعــامــيــة بينهما حتى خارج نشرات الأخبار. أســـئـــلـــة كـــثـــيـــرة يـــطـــرحـــهـــا الــلــبــنــانــيــون المهتمون بقطاع الإعــام حـول هـذه الحملت الإعلمية المتبادلة. وفي حين بعضهم يعدّها «فقاقيع هـواء» لا تلبث أن تنتهي بتسويات لأن الطرفين في النهاية يصلحان الأمور وفقاً لمصالح يتقاسمانها، يراها آخرون نوعاً من «الفلتان الإعــامــي»، حيث الـدولـة اللبنانية تقف متفرجة مـن دون وضــع حــدّ لها. وثمة فئة ثالثة ترى أن ما يحدث نوع من الضغوط الـــتـــي يــمــارســهــا كـــل طــــرف بــحــســب أجــنــدتــه السياسية. تدخّل القضاء وزير الإعلم اللبناني زياد مكاري تكلّم عـن المـوضــوع لــ«الـشـرق الأوســــط»، لافـتـ إلى أن هـذه الحملت «تضرّ بأخلقيات المهنة»، مـع أنها تُـعـدّ جـاذبـة للمشاهد؛ لأنها تصبّ في خانة الفضائح والإثارة. وذكر مكاري أنه تدخل أكثر من مرة للحد من حملت من هذا الــنــوع. وأوضــــح أن «هـــذا الأمـــر مــثــاً، حصل عــنــدمــا عــالــجــت مـشـكـلـة وقــعــت بـــ (المـــنـــار) و(نيو تي فــي)، وبـرأيـي أن هـذه الخلفات لا تتفاقم إذا ما عولجت في القضاء اللبناني. فالقضاء هو المسؤول الوحيد عن تهدئتها؛ لأن وزارة الإعـام ليس بيدها حلّ هذا النوع من القضايا». وشــــــــدد الـــــوزيـــــر مـــــكـــــاري: «أنــــــــا أطـــالـــب النيابات العامة بالتحرك بهذا الخصوص. كل يوم نشهد مادة فساد واتهامات وكراهية فـــي الـــخـــطـــاب الإعــــامــــي، وعـــلـــى المــؤســســات الإعلمية الالتزام باحترام مواثيق دولية وقّع عليها لبنان لنبذ الكراهية والأخبار الزائفة». حروب الإعلام والمصالح مــــن جـــهـــتـــه، قـــــال الـــدكـــتـــور عـــلـــي رمّــــــال، العميد الـسـابـق لكلية الإعــــام فــي الجامعة اللبنانية، إن له رأياً مغايراً في هذا الموضوع، وإن الإعـــام بـرمّـتـه أصـبـح مـمـولاً مـن جهات خارجية، وكل جهة تحاول بلسان محطتها الـحـفـاظ على مصالحها. ومــن ثــم، يختصر رمّال رأيه الأكاديمي بالقول: «حروب الإعلم هـــي حـــــروب المـــصـــالـــح. وعـــلـــى الـــرغـــم مـــن أن التلفزيون وسيلة ترفيهية، فإنه يتحوّل إلى مـكـان لـلـتـرويـج لمــــادة مـثـيـرة تــرفــع مــن نسب المشاهدة». وأردف: «إن عمل المحطات شبيه إلـى حـد كبير بالعمل الاسـتـخـبـاراتـي... فهم يــجــمــعــون المـــعـــلـــومـــات ويــحــتــفــظــون بنسبة منها، ويُخرجون إلى العلن نصفها الآخر من باب غايات ومصالح خاصة... وبذلك يصبح المشاهد تابعاً، لـهـذه المحطة أو تـلـك، حسب انتمائه». كيفتنتهي هذه الحروب وعلى أي أساس؟ يــــرد الـــدكـــتـــور رمّــــــال: «إدارة المـصـالـح تقوم على لفلفة الملفات. وفي نهاية المطاف، نـراهـم يتقاسمون الـغـنـائـم. وتـحـت عنوان نــوقــف الـــحـــرب كـــي لا نـخـسـر مــعــ ، تـوضـع الـــتـــســـويـــات؛ لأن الـــفـــســـاد لــيــس بــعــيــداً عن الإعـــــام... وهـــذا الأمـــر لا يقتصر فقط على الإعلم اللبناني بل هو موجود في الإعلم الغربي أيضاً». الوزيرزياد مكاري (الشرق الأوسط) بيروت: فيفيان حداد د. عليرمال (الشرق الأوسط) تفاقم «المعلومات المضلّلة» إبّان الحروب والكوارث يجدّد الحديثعن آليات مواجهتها مرة أخرى تجدّدت التحذيرات بشأن تفاقم انتشار «المعلومات المضلّلة» في أوقات الحروب والــــكــــوارث الـطـبـيـعـيـة عــلــى مــنــصــات الــتــواصــل الاجتماعي، لا سيما مع استمرار النزاعات في مناطق عدة من العالم؛ مما أثار تساؤلات بشأن آليات مواجهة «التضليل المعلوماتي». وبـــيـــنـــمـــا أكـــــد بـــعـــض الــــخــــبــــراء أن فـــتـــرات الحروب والكوارث الطبيعية تُعدّ «بيئة خصبة» لانــتــشــار «المــعــلــومــات المــضــلــلــة»، أشــــار آخـــرون إلــى أن الـجـهـود الـتـي بُـذلـت حتى الآن لمواجهة التزييف «لم تؤتِ ثمارها». تـــقـــريـــر كـــــان قــــد نـــشـــره مــعــهــد «بـــويـــنـــتـــر» الأميركي، المتخصص في الدراسات الإعلمية، خــــال الأســـبـــوع المـــاضـــي، حــــول كـيـفـيـة انـتـشـار «المعلومات المضلّلة» في «حــرب غــزة»، أورد أن «الصور ومقاطع الفيديو التي جرى تغييرها أو إخراجها من سياقها غمرت منصات التواصل الاجتماعي؛ مما أدى إلى تشويه الواقع». وتابع الـتـقـريـر أنـــه «فـــي أوقــــات الأزمـــــات، لا سيما في بدايتها، غالباً ما يكون هناك فراغ معلوماتي؛ مـا يتيح المـجـال لانـتـشـار التضليل». ونـقـل عن عالم السلوك المتخصص في التضليل والتطرف العنيف بمؤسسة «راند»، تود هيلموس، قوله: «الجميع يريد معرفة الحقيقة، ومع محدودية المــعــلــومــات المـــتـــاحـــة، تـــكـــون هـــنـــاك فـــرصـــة أمـــام البعض لاستغلل الفراغ المعلوماتي». وأضاف هــيــلــمــوس أن «الــطــبــيــعــة شـــديـــدة الاســتــقــطــاب لحرب غزة أجّجت نيران المعلومات المضلّلة». ولـكـن، لـم يقتصر الأمــر على «حــرب غـزة»، وإنـمـا امتد إلــى إعـصـار «ميلتون» الــذي ضرب أخـــيـــراً ولايــــة فــلــوريــدا الأمــيــركــيــة، لا سـيـمـا مع انـــتـــشـــار «مــــزاعــــم» عــلــى مــنــصــات الـــتـــواصـــل أن الإعـــصـــار كــــان «مُـــــدبّـــــراً»، و«حـــصـــل تـــاعـــب في الطقس». إذ لمّحت النائبة الجمهورية اليمينية المــــتــــطــــرفــــة، مـــــــارجـــــــوري تــــايــــلــــور غـــــريـــــن، عــبــر حساباتها عـلـى مــواقــع الـتـواصـل الاجـتـمـاعـي، إلـــى أن حـكـومـة بــادهــا «تستطيع الـتـحـكـم في الـــطـــقـــس»، وهــــي المــــزاعــــم الـــتـــي عـــدّهـــا الــرئــيــس الأميركي جو بايدن «أكثر من سخيفة»، معلقاً «هـــــذا غـــبـــاء شـــديـــد، ويـــجـــب أن يـــتـــوقـــف»، وفــق تصريحات تناقلتها وسائل الإعلم الأميركية. الــــكــــاتــــب الــــصــــحــــافــــي الأردنـــــــــــــي، الــخــبــيــر الــقــانــونــي المــخــتــص فـــي الـــجـــرائـــم الإلـكـتـرونـيـة وتشريعات الإعلم، الدكتور أشرف الراعي، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «تزايد انتشار المعلومات المضلّلة على مواقع التواصل الاجتماعي إبّـان الــكــوارث والــحــروب صــار يمثّل تـهـديـداً خطيراً للأمن الاجتماعي والسياسي، فضلً عن الأمن والسلم الدوليين»، مشيراً إلى أنه «جارٍ استغلل حـــالـــة الــــخــــوف والاضـــــطـــــراب لــتــحــقــيــق أهـــــداف متنوعة، سواءً كانت سياسية أو اقتصادية، أو حتى لزعزعة الاستقرار». وبــنــاءً عـلـيـه، طـالـب الــراعــي بـــ«اتــبــاع نهج شامل ومتكامل لمواجهة المعلومات المضلّلة... مع ضـرورة وجود تشريعات صارمة وواضحة تـــــجـــــرّم نــــشــــر المــــعــــلــــومــــات الـــــزائـــــفـــــة، وتــطــبــيــق الاتــفــاقــيــات الـــدولـــيـــة، مــثــل: اتـفـاقـيـة بـودابـسـت لمـــكـــافـــحـــة الــــجــــرائــــم الإلـــكـــتـــرونـــيـــة، والاتـــفـــاقـــيـــة العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات». ولفت إلـى «دور وسائل الإعــام في التصدي لانتشار المـــعـــلـــومـــات المـــضـــلّـــلـــة، مــــن خـــــال نـــشـــر أخـــبـــار موثوقة، والتزام معايير مهنية صارمة للتحقّق مـــن صــحــة المـــعـــلـــومـــات، بـــالإضـــافـــة إلــــى تـطـويـر مـهـارات الصحافيين بشأن المعلومات الرقمية وآليات رصد ومكافحة الأخبار المضلّلة». ودعـــى الــراعــي إلـــى «تـطـويـر تـقـنـيـات أكثر فاعلية لمـراقـبـة المـحـتـوى الـــذي يتم تــداولــه على نـطـاق واســــع»، مطالباً بـــ«رفــع مـسـتـوى الـوعـي لدى مستخدمي منصات التواصل لكي يتمكنوا من التمييز بين الأخبار الصحيحة والمغلوطة، ما يحدّ من انتشار المعلومات المضللة». ويُذكر، فـي هــذا الإطـــار، أن دراســـة لمـوقـع معهد «نيمان لاب» الأمــــيــــركــــي، المـــتـــخـــصـــص فــــي الـــــدراســـــات الإعـامـيـة، أشـــارت فـي أبـريـل (نـيـسـان) الماضي إلى أن «التشريعات التيصاغتها الحكومات في دول عدة حول العالم لمكافحة (الأخبار الزائفة) لا تفعل الكثير لحماية حرية الصحافة». مـــن جــانــبــه، قــــال الأســـتـــاذ المــســاعــد بقسم الــصــحــافــة فـــي الــجــامــعــة الأمــيــركــيــة بــالــقــاهــرة، خـالـد عـز الــعــرب، لــ«الـشـرق الأوســــط»، إنــه «في أوقات الحروب غالباً ما يكون هناك تعمّد لنشر المعلومات المضلّلة، بوصفها جـزءاً من الدعاية والحرب النفسية، وبهدف فرض سردية معينة خــــال الـــــنـــــزاع». وأضـــــــاف: «شـــهـــدت حــــرب غــزة انــتــشــاراً كـبـيـراً لـلـمـعـلـومـات المــضــلّــلــة، معظمه كــان مـن الجانب الإسرائيلي فـي بـدايـة الحرب، بـــهـــدف فــــرض الــــروايــــة الإســرائــيــلــيــة عــلــى سير الأحـــــداث... ثـم إن التضليل المعلوماتي ينتشر أيضاً في فترات الـكـوارث الطبيعية، وقـد يكون ذلـك مصحوباً بـأهـداف سياسية أو اقتصادية أحــيــانــ ، أو نـتـيـجـة لـنـقـص المــعــلــومــات فـــي ظل حاجة ملحة لدى الناس إلى معرفة التفاصيل، ولا شـــك فـــي أن الــــكــــوارث والــــحــــروب تُـــعـــدّ بيئة خصبة لانتشار التضليل المعلوماتي». عز العرب عدّ، من ناحية أخرى، أن مواجهة التضليل المعلوماتي «معضلة كبيرة... وهناك استراتيجيتان في هذا الموضوع: الأولى تتعلّق بـمـحـاولات منصات الـتـواصـل ضبط المحتوى، وحــذف الحسابات والمعلومات (الـزائـفـة)، وهو سلح ذو حدين يُواجه بانتقادات تتعلّق بالحد مـن حـريـة التعبير. أمــا الاستراتيجية الأخــرى فتتعلق بـسـنّ تـشـريـعـات، ســـواء عـلـى مستوى الأفراد أو المنصّات، لمعاقبة من ينشر معلومات مضلّلة». القاهرة: فتحية الدخاخني

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky