issue16757

ارتفعت في الأشهر القليلة الماضية، لا سيما في الأسابيع الأخــــيــــرة، حــصــة ســـوريـــا فـــي الـــحـــضـــور عــلــى وســـائـــل الإعــــام العربية والأجنبية، فأضيفت إلـى الأخـبـار تحليلت وتقارير ومـــقـــالات رأي، وتــصــريــحــات لمــســؤولــن دولـــيـــن وآخـــريـــن في دول إقليمية وكبرى ذات صلة بالصراع في سوريا وحولها. والسبب الرئيسي لبروز سوريا في الإعلم، تطورات سياسية ومـــيـــدانـــيـــة ذات صــلــة بـــالـــحـــرب الـــتـــي تــشــنــهــا إســـرائـــيـــل عـلـى الفلسطينيي في قطاع غـزة والضفة، والتي جـرى توسيعها إلـى لبنان بالتركيز على «حـزب الله» اللبناني، وبداية فصل جــديــد مــن عـنـف وتــدمــيــر، يـمـكـن أن يـتـطـور إلـــى غـــزة جــديــدة. ووســـط تـطـور الـحـرب الإسـرائـيـلـيـة، ظـهـرت تـداعـيـات إقليمية للحرب في ضربات إسرائيلية - إيرانية من جهة، وفي تصعيد وتـنـوع الهجمات الإسرائيلية فـي سـوريـا ضـد أهـــداف تخص إيــــران ومـيـلـيـشـيـاتـهـا الـشـيـعـيـة هــنــاك، وأهـــــداف تـخـص نـظـام الأسد من جهة ثانية. وترافقت الاحتدامات العسكرية المتصاعدة في المنطقة مع خط اتصالات ومشاورات عبر عواصم المنطقة وعواصم كبرى فـي الـعـالـم، سعياً لـوقـف الـصـراعـات والاحــتــدامــات العسكرية، لــلــتــوصــل إلــــى هــــدن مـــن شــأنــهــا فــتــح مــــســــارات نــحــو اتــفــاقــات وتسويات إسرائيلية - فلسطينية وأخرى إسرائيلية - لبنانية، وقد تفتح أبواب اتفاقات وتسويات لصراعات إقليمية تطورت في إطار تداعيات الحرب الإسرائيلية الجارية. ويتفق الساسة والمهتمون بالمنطقة على أن سوريا تمثل الخاصرة الهشة والضعيفة، ليس بفعل نحو أربعة عشر عاماً من صراع فيها وحولها، بل أيضاً بما صار فيها من سلطات أمر واقع، تخضع لقوى إقليمية ودول كبرى هي بعض من تجسيد الاحـــتـــالات الأجـنـبـيـة، وهـــي سـاحـة صـــراعـــات بـيـنـيـة، ارتفعت وتائرها في ظل الحرب الإسرائيلية الراهنة، رغم أن نظام الأسد سعى مـن أجـل البعد عـن حلفائه الإيـرانـيـن وميليشياتهم في مــحــور المــقــاومــة المـنـتـشـريـن وســاحــهــم فـــي مـنـاطـق سـيـطـرتـه، وتجنب الـرد على الهجمات الإسرائيلية على قواته ومواقعه، وأظهر ليونة إزاء مساعي تركيا تطبيع العلقات معه. ســيــاســات دمــشــق حــيــال جـــوارهـــا الإقــلــيــمــي، تـسـعـى إلـى إرضـاء الجميع، دون أن تذهب إلى خيارات تجعلها في خدمة طـــــرف، تـــاركـــة الأبـــــــواب مــفــتــوحــة عــلــى الــجــمــيــع. غــيــر أن هــذه السياسة أو بعضها مما كـان مقبولاً في وقـت سابق، لا يمكن قبوله اليوم وسط تصاعد الصراع السياسي والعسكري، حيث الجميع يتطلعون إلـى مكانتهم وتأثيرهم في الواقع السوري الــــذي سـتـتـرك تـبـعـات الــحــرب الإسـرائـيـلـيـة أثــرهــا عـلـيـه وعلى أطراف الصراع الأخرى في وقت قريب، حيث يتطلع كل واحد أن يكون ما يحكمه الأسد من سوريا تحت نفوذه، وأن تكون كلمته هي العليا فيه على الأقل. أول الأطراف إسرائيل، وهي اللعب الأساسي الذي ضمن بقاء نظام الأسد، ومرر كل التدخلت التي أدت إلى بقاء النظام رغم ما أبـداه من تحفظات على وجـود إيـران وميليشياتها في سوريا، الذي لم يشكل في يوم من الأيام تحدياً جدياً، وقد أكدت التطورات الأخـيـرة الأمــر، غير أنـه ومـع فكرة تصفية امـتـدادات إيران في غزة ولبنان، حدث تغيير في خريطة قوى السيطرة في سوريا، أساسه تحجيم قـوة إيــران و«حــزب الله»، ومـا يعززها فـي بنية نظام الأســد مـن هياكل وشخصيات، وهـو مـا تكفلت بـــه الــهــجــمــات الإســرائــيــلــيــة فـــي الأســـابـــيـــع المـــاضـــيـــة، وكــــان في جملتها تغيير خط الحدود، وضرب قواعد الصواريخ السورية والمطارات، والقصف الإنذاري لأحد مقرات ماهر الأسد، أحد أهم أركان النظام في العلقة مع إيران و«حزب الله». إن الـتـحـول فــي مــواقــف إسـرائـيـل مــن إيــــران وأدواتـــهـــا في ســوريــا، لــم يـكـن بسبب الأخـــيـــرة، الـتـي كـانـت مـسـرح تـحـولات، سعت إيران من خللها نحو توسيع هامش وجودها وحراكها الإقـلـيـمـي، وهـــو نـهـج لا يـتـوافـق لـيـس مــع طـمـوحـات إسـرائـيـل فقط، وإنما مع تنامي الانتشار الإيراني من الخليج إلى ساحل المتوسط ومضيق باب المندب على البحر الأحمر، وسط تصعيد القدرات الصاروخية والنووية، وتصاعد قدرات سيطرة أدواتها وفي المقدمة «حزب الله». ولعل ما يضفي على موقع إيران أهمية زائدة، قدرتها على مسايرة مختلف الأطراف في سوريا، ولو بدرجات، عبر نظرية «الـصـبـر الاسـتـراتـيـجـي» مـع إسـرائـيـل بالسكوت عـن أعمالها، وشـكـلـيـة الــــرد وســـط تـفـاهـمـات تـقـتـرب مـــن الـعـلـنـيـة، وتـطـويـر تـفـاهـمـات مـتـعـددة المـسـتـويـات والمـحـتـويـات مــع أطــــراف مـؤثـرة بينها روسيا وتركيا ونظام الأسد، بحيث تظل مصلحتها فوق كل ما يحصل من خلفات ومنافسات معهم. ويمثل الطرف التركي القوة الإقليمية الثالثة في التأثير على سوريا؛ إذ هي ترعى وتدير سلطة الأمر الواقع في الشمال الـــغـــربـــي، الـــتـــي تـسـيـطـر عـلـيـهـا أدواتــــهــــا مـــن الــجــيــش الـوطـنـي وحــكــومــة الائـــتـــاف إلـــى جــانــب هـيـئـة تـحـريـر الـــشـــام وحـكـومـة الإنقاذ، ممثلة لما بقي من جماعات الإسلم المتطرف ومعها آلاف الـجـنـود الـذيـن يعطون تركيا فـرصـ لـــدور أكـبـر فـي أي تسوية محتملة، ســواء تمت وفـق الاتفاقيات الـدولـيـة، لا سيما القرار ، كما تقول الولايات المتحدة، أو حسب مسار آستانة، الذي 2254 تديره روسيا بمشاركة كل من إيران وتركيا ونظام الأسد. خـــاصـــة الأمــــــر، أن ســـوريـــا الـــيـــوم فـــي مــرحــلــة انـتـقـالـيـة، تسعى فيها كـل مـن إسـرائـيـل وإيـــران وتركيا للسيطرة عليها عبر استخدام كل الـقـدرات والإمكانيات المتاحة، وتترافق تلك المساعي في الجانبي السياسي والعسكري بمتابعة لصيقة من الفاعلي الكبار، لا سيما الولايات المتحدة وروسيا، والتي في ضوئها يمكن أن يتقرر مصير سوريا، فيما تقف الأخيرة أسيرة مساعيها، التي تركز على شيء واحـد هو بقاء النظام، وبعده لكل حادث حديث! أهم الخلصات، بعد سنة على عملية طوفان الأقصى في غلف غزة، وحرب المساندة والإشغال من لبنان، أن «الطوفان» أغــــرق مُـــعِـــدّيـــه. «حـــمـــاس» بــاتــت تقتصر عـلـى يـحـيـى الـسـنـوار والحلقة الضيقة المحيطة بـه، و«حــزب الـلـه» فقدَ السيد حسن نصر الله، وكان سبقه إلى هذا المصير ثلة من قيادات الصفي الأول والثاني، وربما الثالث في الحزب. أكــتــوبــر (تــشــريــن الأول) حصيلتها 7 سـنـة بـعـد عـمـلـيـة نهاية «حماس» في عرينها بالقطاع، حيث بات اهتمام سكانه يقتصر على تأمي المأكل والمشرب والمسكن، وليس، بالتأكيد، على الأفكار والعقائد وأهداف الإسلم السياسي ومشاريعه. أما جمهور «حزب الله» فصار شبه مشرد بعد نزوح نحو مليون نسمة من الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية، نتيجة حصاد السياسة التي زرعها ونمّاها الحزب على مدى عقود. وبلغت شظايا «الطوفان» أيضاً الراعي الأكبر للمنظمتي، وربما المخطّطة للعملية، من دون أن يكون لدينا الدليل المادي، إنما المساران السياسي والعسكري، على مدار هذه السنة وما سبقها، يــؤشــران إلــى مسؤوليتها. فـقـدت إيـــران دفـعـة واحــدة ذراعــــن مــن أذرعـــهـــا فــي المـنـطـقـة: الـــحـــزب، وهـــو عـمـيـد أذرعــهــا ومـوجـهـهـا، الـــذي تــعــرّض، ولا يــــزال، لـضـربـات سـريـعـة مميتة يصعب أن يخرج منها سالماً. أما «حماس»، حليفة الحزب، فقد أفقدت، بهزيمتها، الإسـام السياسي؛ بشقّه السني والحليف لإيران، أصلً رئيساً من أصوله العسكرية. الجانب الأكـثـر تـضـرراً مـن عملية الـطـوفـان والــحــرب التي أشعلتها هو الشعب الفلسطيني، وخاصة سكان القطاع المدمّر عـلـى بـكـرة أبــيــه، وفــقْــد الآلاف مــن الـضـحـايـا الأبـــريـــاء والشعب أكتوبر في اهتزاز علقة 7 اللبناني. تسببتشظايا أضرار عملية الولايات المتحدة مع حليفها الاستراتيجي إسرائيل، جراء فشل الأخيرة بأن تكون الوكيل الصالح لرعاية وحماية مصالحها في المنطقة، والتشويشوالعرقلة اللذين مارستهما حكومة بنيامي نتنياهو اليمينية المتعصبة لأهدافها وسياساتها في المنطقة، وتعنته في حربه الهوجاء، ما اضطر واشنطن للتدخل مباشرة بالمال والسلح والأساطيل لحمايتها. «الطوفان» أغـرق أيضاً الدبلوماسية ودورهــا في المنطقة، ففشلت بمقاربة المعضلت الرئيسة، واقتصرت على مـبـادرات تكتيكية تركز على بعث الحياة في مفاوضات متعثرة، ووقف لإطلق النار متعذر، وتأميوصول المساعدات الإنسانية وأعمال الإغاثة. وبعد أن تحولتحرب غزة والإسناد إلى نزاع مباشر بي إيران وإسرائيل، تحولت الدبلوماسية، ولا سيما الأميركية، إلى منع الحرب الواسعة بي البلدين وجـرّ الولايات المتحدة إليها، وتقويض علقاتها المــأزومــة أصــاً بروسيا والـصـن، لتضيف مشكلة جديدة إلى الحرب الأوكرانية، ومسألة تايوان. وبمعزل عما إذا كان نتنياهو مُحقاً أم لا بنقل المعركة إلى ما يَعدّه الرأس المدبر والمحرك للنزاعات في المنطقة، واعتماده المقاربة الأمنية والعسكرية لمواجهة الأدوار الإيـرانـيـة، تحوّل الحراك الدبلوماسي عن المسار الرئيس؛ وهو ترتيبات لوقف حربيْ غزة ولبنان، والتركيز على مسار التسوية ومفاوضات إنشاء الدولة الفلسطينية بوصفه أساساً لا بد منه لسحب ورقة فلسطي والمقاومة من إيران وتدخلتها في شؤون المنطقة. يزعم نتنياهو وحكومته المتشددة أنـه، باعتماد المقاربة الأمـنـيـة لـكـل المـشـاكـل مــع الفلسطينيي فــي الــداخــل والـقـطـاع، و«حـزب الله» في لبنان وإيــران، يقاتل من أجل معسكر السلم والاعتدال ضد محور الممانعة والمقاومة والتشدد الديني وراعي المنظمات خــارج الـدولـة وأدوارهـــا المزعزِعة للستقرار والــدول الوطنية. يصعب إنـكـار حقيقة وجـــود معسكرين، إنـمـا فـي الوقت نفسه لا يجوز تجاهل ما آلت إليه إسرائيل خاصة مع حكومة نــتــنــيــاهــو، إذ أصــبــحــت أقـــــرب إلــــى مـعـسـكـر الـــتـــشـــدد الــديــنــي والعقائديي والمتعصبي، منها إلى المعسكر الذي تدّعي الدفاع عنه والانتماء إليه. الإشكالية الإسرائيلية هذه لا تنفي ضرورة القضاء على المنظمات خارج الدولة، والتي باتت مسيطرة على الـقـرار السياسي في عـدد من البلدان وقابلة للتمدد، وصـارت أقرب إلى التحكم في سياسة الإقليم وتغلبت على أدوار الدول. من جهة أخرى، الانقسام بي المعسكرين ينسحب إلى داخل الـــدول نفسها فـي كـل معسكر، الـتـي تعاني مـن شـقـوق تختلف مـن دولـــة لأخـــرى. إيـــران تعاني مـن شـقـوق داخـــل الـنـظـام، مهما بلغت المكابرة والاعــتــداد بالنفس، ومــا تـعـرّض لـه «حــزب الله» مـؤخـراً يحاكي مـا يجري داخــل إيـــران. إسرائيل نفسها تعيش انقساماً داخلياً وخلفات مستحكمة بي المتشددين والمعتدلي، والمتدينيوالعلمانيي، وبي المتديني أنفسهم، بيدعاة السلم وحل الدولتي، ودعاة ضم الأراضي وطرد الفلسطينيي. المشهد بعد حـربـيْ غــزة ولـبـنـان أصـبـح أكـثـر تعقيداً، ما يزيد مـن الشكوك فـي الـــدور الأميركي وقـوتـه، ويـدعـم القائلي بـعـدم الـرهـان على الأميركيي فـي زمــن خـفـوت الـــدور الـروسـي وفعاليته، وانكفاء الصي عن التدخل والاكتفاء بالمراقبة. المخارج صعبة تبدأ بإعادة الدور إلى الدول، بعد انتزاعه من سطوة الميليشيات خـارج الدولة، وباتت ملمح ذلك واقعاً ولــم تعد سـرابـ ، سيما إذا تـداعـى حلف الأقـلـيـات. الأمــل أيضاً بـسـقـوط الصهيونية الـديـنـيـة فــي إســرائــيــل. إعــــادة الــــدور إلـى الــــدول تـسـمـح بـمـعـالـجـة مـشـاكـل ونـــزاعـــات المـنـطـقـة بـمـبـادرات مـــن داخـــلـــهـــا، تـــرعـــاهـــا دول الاعــــتــــدال الـــعـــربـــي، لــعــلــه يـسـاعـد الدبلوماسية الأميركية بأن تكون أكثر فاعلية. هـــل انــتــصــرت فــرنــســا عــلــى ألمــانــيــا في الـحـرب العالمية الأخــيــرة؟ ومــا نتيجة حرب الـــصـــن والـــيـــابـــان الــثــانــيــة؟ وهــــل انـتـصـرت أميركا في حروب الشرق الأقصى؟ لن تقدم إجابة صحيحة ولو حاولت، حيث الــســؤال خطأ فـي مـبـدئـه. والصحيح: ماذا حققت دولة من حربها؟ هذا سؤال يردع أقوى دولة في العالم عن خوضحرب لمجرد الانتصار العسكري. ويحفّز أصحاب القدرة العسكرية الأضعف فيدفع التاريخ بالأمل. في النهاية، المعيار: ماذا تحقق من أهداف؟ فماذا حققت مصر في حـرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول)؟ أولاً، قـرار الحرب. لا يتمنى إنسان أن يكون فـي موقع القيادة المصرية بعد حرب . هزيمة كبرى على المستوى العسكري، 1967 واحـــتـــال مـسـاحـة صـعـبـة الـــدفـــاع مـــن أرض البلد ومن معنوياتها. لــــكــــن مــــصــــر بـــــــــدأت حـــــــرب اســــتــــنــــزاف بــجــنــودهــا الــنــظــامــيــن. شــعــبــهــا تـــبـــرع مـن مدخراته المحدودة، وفنانوها طافوا العالم يدعمون المجهود الحربي. وقيادتها اتخذت قـــرارات مفاجئة غربلت بها تحالفاتها، ثم خطة تمويه استراتيجي، ثم حرب. أكـتـوبـر؟ 6 إنْ سـألـتـنـي: مــــاذا أحـــب فــي سأبدأ بهذا؛ بأننا أمة اكتشفت نفسها. مصر دولة كأهل الكهف، ضاربة في الزمن بحساب الــســنــن، حــديــثــة الــعــهــد بــحــســاب الـسـيـاسـة المــعــاصــرة. لــم يتخذ مـصـري لها قــــراراً بهذا عـــــام. وبــيــنــمــا تفتح 2500 المـــســـتـــوى طـــــوال عينيها للشمس ورئـتـيـهـا لــلــهــواء، وجـــدت نـفـسـهـا فـــي عـــالـــم مــضــطــرب، لـيـسـت خـبـيـرة في لغته ولا تملك أدواتــه. عقلها مشوّش، لا تعرف من هي. وعليها أن تتعلم بثمن باهظ. فــــي الـــتـــاريـــخ الـــعـــبـــرانـــي انـــشـــق الـبـحـر لــبــنــي إســـرائـــيـــل أمــــــام المـــصـــريـــن بـمـعـجـزة خارقة للطبيعة، تحول فيها المـاء من سائل أكتوبر، اخترق المصريون 6 إلـى صلب. في الـــصُـــلـــبَ بـــالمـــاء، وعــبــرنــا عــلــى مــــاء تحصن كيلومتراً، قيل لنا 160 بخط دفـاعـي طـولـه إنه سيُحيل المـاء نـاراً. فعلنا ذلك في زمن لا معجزات فيه. على مسمع ومشهد من العالم، على عادة تاريخنا ذي الشواهد، من الأهرام إلى المعابد والمسلت. وأحــــــب الـــتـــنـــوع داخــــــل الـــبـــلـــد الــــواحــــد، الآن بـــــالـــــذات ونـــحـــن مـــحـــاطـــون بـــعـــالـــم مـن الميليشيات والـدوافـع الطائفية أكلت الـدول مــن حـولـنـا. حـاربـنـا بجيش مــن كــل انتماء ديــنــي وجــغــرافــي وطـبـقـة اجـتـمـاعـيـة. كلهم جعلوا مصر أولاً. ما من عائلة في بوصلة مصر لم تقدم من أبنائها في الحرب. والمفاجأة أنني أحب النضج السياسي فــــي أثــــنــــاء «الــــثــــغــــرة». حــــــدوث اخــــتــــراق مـن الخصم كان وارداً، بالنظر إلى فارق القدرات الـــعـــســـكـــريـــة والاســـتـــطـــاعـــيـــة والـــتـــحـــالـــفـــات الـــدولـــيـــة. لــكــن قـــــرار الــــســــادات فـــي مـواجـهـة الـثـغـرة كـــان تجسيداً لتفكير اسـتـراتـيـجـي، رابـــط الــجــأش، وبـعـيـد عــن نرجسية النصر الـعـسـكـري فــي جــولــة. تـخـيـلـوا لــو استجاب السادات للضغوط وسحب القوات من شرق الــقــنــاة لـيـتـعـامـل مــع الــثــغــرة، لانـحـرفـنـا عن الهدف الأكبر، وربما أعادت إسرائيل احتلل سـيـنـاء. أدركـــت الـقـيـادة بـوعـي أن النصر لا يقاس بالمعركة وحدها، بل بما تحققه تلك المعركة لأمة بأكملها. أمــــا أن إســـرائـــيـــل وصـــلـــت إلــــى الـكـيـلـو ، فلتذهب إلى القاهرة إن شاءت. لسارت 101 نائمة إلى حتف محتوم، في مواجهة أهلية، وَلَفَقَدَ جيشها النظامي ميزته الكبرى أمام ميزتنا الكبرى. وَلَعَادلنا العتاد العسكري بالبشر. أتعجب إذن من طوائف من المتفلسفي، الــــذيــــن يـــحـــبـــون كــــل عــــــام تـــخـــريـــب احـــتـــفـــاء أكـتـوبـر، مـذكّـريـن إيّــانــا بأننا 6 المـصـريـن بـــ لـم ننتصر عسكرياً. ننتصر عسكرياً على مَن؟! على إسرائيل أم على الولايات المتحدة الــتــي تـضـمـن صـــراحـــةً تــفــوق إســرائــيــل على مَـــــن حـــولـــهـــا مــجــتــمــعــن؟ مــــا هـــــذه الـــشـــروط التعجيزية المثبطة المحبطة! لقد حققنا في حــــدود قــدراتــنــا إنـــجـــازاً عـسـكـريـ وسياسياً باهراً. بهذا تقاس الحروب. انتصرنا على الخوف، وعلى التعجيز، وعـلـى دعـايـة أمثالكم. انتصرنا على حمق الــقــرارات، والـرعـب مـن نتائجها، ونرجسيةٍ تــزيّــن أوهـــامـــ . لسنا قـــوة عظمى فنُحاسَب بهذا المعيار. بل أمـة من الفلحي كـان أكثر من نصفها أمياً. ملكم يريد فقط أن يثبت أنه ليسصيداً سهلً. وبــــهــــذا وذاك حــقــقــنــا مـــــرادنـــــا المــــــادي وهدفنا من الحرب. إسرائيل ليست جمعية خــيــريــة. لـــو عــلــمَــتْ أن فـــي قــدرتــهــا الـحـفـاظ على سيناء محتلة، بل على شبر واحـد من أرضـــنـــا مــحــتــاً، لــســاومــت عـلـيـه واخــتــبــرت قدرتنا، لاحتفظت بعشر مستوطنات بَنَتْها ونقلت إليها عائلت، ولاحتفظت بمشاريع اســـتـــثـــمـــرت فـــيـــهـــا. لـــقـــد خــضــنــا الــــحــــرب مـع إســـرائـــيـــل تـــحـــت قــــيــــادة الـــيـــســـار مـــمـــثـــاً فـي غـولـدا مـائـيـر، وعـقـدنـا الـسـام مـع إسرائيل تحت قيادة اليمي ممثلً في مناحم بيغن. لا هــذا ولا تلك، لا الحمائم ولا المـتـشـددون، لا العلمانيون ولا الـتـوراتـيـون، اعـتـقـدوا أن لـديـهـم مــن الأوراق مــا يـضـغـطـون بــه علينا لنقبل بأقل مما أردنا؛ استرداد كامل أرضنا، وبدرجة لا تقل أهمية؛ تحقيق السلم. أكـتـوبـر أعـــاد تعريف معنى النجاح 6 في الحروب، ليس فقط بالمعارك العسكرية، بــل بـمـا يُـنـجـز عـلـى الأرض وفـــي الـسـيـاسـة، وما يتبقى منه من أثر على الحياة اليومية للمواطني. OPINION الرأي 12 Issue 16757 - العدد Monday - 2024/10/14 الاثنين «الطوفان»: غرق الميليشيات وعودة الدول سوريا علىصفيح القوى الإقليمية! أكتوبر»: قرار الثغرة 6« لا يقل أهمية عن قرار العبور وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com خالد البري أكتوبر» أعاد تعريف 6« معنى النجاح في الحروب سام منسى فايز سارة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky