issue16756

10 أخبار NEWS Issue 16756 - العدد Sunday - 2024/10/13 األحد ASHARQ AL-AWSAT يُنتجها الطرفان في سباق تسلح البتكار طائرات أكثر فتكا «مُسيّرات التنين» الحارقة تدخل الحرب الروسية ــ األوكرانية كـانـت مشكلة مـعـتـادة ومــزعــجــة، إذ كـان الجنود الروس يستخدمون الغطاء الكثيف من خطوط األشـجـار اسـتـعـدادًا القتحام الخنادق 30( األوكـــرانـــيـــة. وقــــال الـنـقـيـب فـيـاتـشـيـسـاف عـامـا)، قـائـد سـريـة الـطـائـرات املسيرة التابعة »، واملعروفة باسم «هورنتس 68 للواء «جيغر دوفــبــوش»: «لقد استخدمنا كثيرًا مـن املــوارد ملـــحـــاولـــة إخـــراجـــهـــم وتـــدمـــيـــرهـــم». لــكــنــهــم لـم يتمكنوا مــن تنفيذ ذلـــك، كـمـا قـــال فــي مقابلة أجريت معه الشهر املاضي. لذلك منحوا سلحا جـديـدًا منعطفا حديثا، إذ ألحقوا أسطوانات رذاذ الــثــرمــايــت الـــحـــارق بــالــطــائــرات املـسـيـرة وصنعوا سلحا قادرًا على نفث معدن منصهر .)C°2426.7( درجة فهرنهايت 4400 يحرق عند وأصـــبـــحـــوا يـطـلـقـون عـلـيـهـا «طــــائــــرات الـتـنـن املسيرة». الثرمايت، الـذي تم تطويره قبل قـرن من الــزمــن لـلـحـام مــســارات الـسـكـك الـحـديـديـة، هو مزيج من األلومنيوم وأكسيد الحديد. وعندما يشتعل، ينتج تفاعل ذاتــي االسـتـدامـة يجعل إخـمـاده مستحيل تقريبا. وقــد استخدم هذا األسلوب لتأثيره املدمر في الحربي العامليتي. وفي أوكرانيا، جرى استخدامه في املقام األول بقذائف املدفعية والقنابل اليدوية. واآلن، يـتـم إلــحــاقــه بــالــطــائــرات املـسـيـرة التي تجتاح املواقع الدفاعية الروسية، فتمطر املـــعـــدن املــحــتــرق عـلـى الـــعـــدو قـبـل أن تتحطم. تــشــعــل الـــنـــيـــران الـــنـــبـــاتـــات الـــتـــي تـسـتـخـدمـهـا الــــقــــوات الـــروســـيـــة لـلـتـغـطـيـة وتـــحـــرقـــهـــا، مما يعرضها ومعداتها للهجوم املباشر. وال تـــزال طــائــرات الـتـنـن املـسـيـرة خطوة أخـــرى فـي ثـــورة حــرب الـطـائـرات املـسـيـرة التي غيرت ساحة املعركة. وأصبح دورهــا مختبرًا للرتجال والتكيف سمة مميزة لهذه الحرب. قـــال فـيـاتـشـيـسـاف: «لـقـد نجحت املهمة بـشـكـل جــيــد لــلــغــايــة». واشـــتـــرط أن يستخدم اسمه األول فقط وفقا للبروتوكول العسكري، ونـــــشـــــر مــــقــــاطــــع فــــيــــديــــو لــــطــــيــــاريــــه الخـــتـــبـــار الـــطـــائـــرات املــســيــرة واســتــخــدامــهــا فـــي الـقـتـال خارج بوكروفسك، شرق أوكرانيا. وفي األسابيع األخيرة، ومع ازدياد أعداد هــــذه الـــطـــائـــرات املـــســـيـــرة فـــي ســـمـــاء الـجـبـهـة، بــــدأ الـــجـــنـــود األوكــــرانــــيــــون فـــي نــشــر عــشــرات مـــن مــقــاطــع الــفــيــديــو لـلـهـجـمـات عــلــى وســائــل التواصل االجتماعي، على أمـل إثـــارة الخوف إلى جانب إطلق النار. ولم يستغرق األمر وقتا طـويـا قبل أن يبدأ الـــروس فـي إنـتـاج طائرات التني املسيرة الخاصة بهم. ونشر أنـدريـه ميدفيديف، السياسي من مـوسـكـو، الـشـهـر املــاضــي، شـريـط فـيـديـو على «تـــلـــغـــرام» يُــظــهــر الـــقـــوات الـــروســـيـــة تـسـتـخـدم طــــائــــرات مـــســـيـــرة لـــصـــب الــــنــــار عـــلـــى الــجــنــود األوكــرانــيــن. وقــد تضمن املقطع اقتباسا من «لعبة الــعــروش»: «األحـــام لـم تجعلنا ملوكا. هذا ما فعلته التناني». وال يــحــظــر الـــقـــانـــون الــــدولــــي اســـتـــخـــدام مـادة الثرمايت، ولكن استخدام هذه األسلحة الحارقة فـي املناطق املدنية محظور بموجب «اتـــفـــاقـــيـــة حــظــر أو تـقـيـيـد اســتــعــمــال أسـلـحـة تقليدية مـعـيـنـة»، وهـــي إرشـــــادات صـــدرت في حقبة الحرب الباردة تحت رعاية األمم املتحدة. لم تكن هناك انتقادات ذات بال لطائرات التني املسيرة، التي من املعروف أنها استخدمت فقط ضد أهداف عسكرية، وليس ضد املدنيي. وال تمثل طــائــرات الـتـنـن املـسـيـرة سـوى جــــزء ضـئـيـل مـــن األســـاطـــيـــل ســريــعــة الـتـوسـع التي يستخدمها كل الجيشي في الوقت الذي ينخرطان فيه بسباق تسلح عـاجـل للبتكار واإلنتاج الضخم للطائرات املسيرة التي تحلق سريعا وبعيدًا بشكل جماعي، مع كونها أكثر فتكا. وقــــــال الـــرئـــيـــس األوكـــــرانـــــي فــولــوديــمــيــر زيلينسكي هـــذا الـشـهـر، إن بـــاده تسير على مــلــيــون طـــائـــرة مــســيــرة هــذا 1.5 خــطــى إنـــتـــاج مليي طائرة 4 العام، ويريد زيادة اإلنتاج إلى سنويا. وقـد أنـشـأت أوكـرانـيـا هـذا الـعـام «قـوة األنظمة املـسـيـرة»، وهـي أول فـرع عسكري في العالم مخصص لحرب الطائرات املسيرة. ومــن جانبها، حولت روسـيـا اقتصادها فعليا إلى دعم مجمعها الصناعي العسكري، فـأعـلـنـت مـــؤخـــرًا عـــن مـيـزانـيـة مـقـتـرحـة لـلـعـام فـي املـائـة فـي اإلنفاق 25 املقبل بـزيـادة بنسبة مــلــيــار دوالر. 145 الــعــســكــري، لــكــي تـــتـــجـــاوز نتيجة لذلك، فإنها قادرة على إنتاج الطائرات املسيرة بسرعة غير عادية. وقال فياتشيسلف: «لقد أخذوها إلى مستوى أكثر رسمية، ويبدو أن إمداداتهم أفضل بكثير». والتقى الرئيس الروسي فلديمير بوتي مع اللجنة الصناعية العسكرية الروسية في سبتمبر (أيلول)، لتسليط الضوء على الجهود املــــبــــذولــــة لـــتـــوســـيـــع نــــطــــاق إنــــتــــاج الـــطـــائـــرات املسيرة. وفي حي أن الشركات الروسية سلمت ألف طائرة مسيرة فقط العام املاضي، 140 نحو أضعاف إلى 10 قـال بوتي إنها زادت اإلنـتـاج .2024 مليون طائرة مسيرة في عام 1.4 وقـــالـــت مــاريــنــا مـــيـــرون، الــبــاحــثــة بقسم دراسات الحرب في كلية كينغز كوليدج بلندن، إن الـروس كانوا «بطيئي للغاية في البداية»، لكنهم اآلن ينفقون مبلغا كبيرًا على البحث والتطوير، ويمكنهم توسيع نطاق االبتكارات الـــجـــديـــدة بــســرعــة أكـــبـــر مـــن األوكــــرانــــيــــن. ثم استطردت: «لقد تحركوا بسرعة». كما تلقت روســــيــــا دعـــمـــا كـــبـــيـــرًا مــــن إيــــــــران، الـــتـــي يــقــول املسؤولون األميركيون إنها ترسل الطائرات املـــــســـــيـــــرة إلــــــــى مــــوســــكــــو الســــتــــخــــدامــــهــــا فــي أوكرانيا. جدير بالذكر أن العشرات من أنواع املسيرات قيد اإلنتاج. تساعد طائرات املراقبة املـسـيـرة الـتـي تحلق عاليا فـي الـسـمـاء طواقم املـدفـعـيـة والــصــواريــخ عـلـى تـحـديـد األهــــداف. وقـــد اسـتـخـدمـت أوكــرانــيــا الــطــائــرات البحرية املـسـيـرة إلحـــداث تأثير مـدمـر، مما سـاعـد في طرد البحرية الروسية من جزء كبير من البحر األســـــود. ويـسـتـخـدم كـــا الـجـانـبـن بـانـتـظـام، الـــطـــائـــرات املـــســـيـــرة الــهــجــومــيــة بــعــيــدة املـــدى املوجهة ملحيا باألقمار االصطناعية لضرب أهداف على بعد مئات األميال. وعلى مقربة من األرض، تمتلئ السماء بـــطـــائـــرات الـــهـــجـــوم املـــســـيـــرة رخــيــصــة الـثـمـن نسبيا والقابلة للستنفاد، واملـعـروفـة باسم «إف بـــي فــــي»، وتـعـنـي الـتـحـكـم بـاملـسـيـرة عن بُعد. ويجري توجيهها بواسطة طيار يرتدي سماعة رأس تعرض بثا مباشرًا للفيديو من الطائرة، ويمكنها اآلن ضرب أهداف على بعد أمـــيـــال مـــن مــوقــع املُـــشـــغـــل. يطير 10 أكــثــر مـــن بعضها مـبـاشـرة إلــى الـهـدف وينفجر. بينما يمكن إعــــادة اسـتـخـدام الـبـعـض اآلخـــر فيحلق فـــوق الــهــدف، ويـسـقـط قـنـابـل يــدويــة أو قنابل صغيرة على قوات العدو. وتصفح فياتشيسلف كتالوغ الفيديو لــلــهــجــمــات األخـــــيـــــرة الـــتـــي كـــــان يــحــتــفــظ بـهـا عـلـى هـاتـفـه الـــجـــوال، حـيـث كـانـت صـــور املــوت والـــــدمـــــار تــتــخــلــل عـــلـــى نـــحـــو صــــــارخ مــقــاطــع فـيـديـو ألصــدقــائــه وعـائـلـتـه. ثــم قــــال: «هــــذا ما نسميه (اللهيب األبيض). إنه يحرق كل شيء كيلوغرامات من املتفجرات. 10 بما يزيد على وهذا يُسمى (ديمنتور)، كما في روايات (هاري بوتر). إنه أسود، وهو عبارة عن قذيفة هاون مــلــم. نـحـن فـقـط نـعـيـد اسـتـخـدامـه. 120 عــيــار وهــــذا هـــو (كـــاردونـــيـــتـــيـــك) - الـــرجـــال يحبونه حقا». والقائمة مستمرة. وقـــــــال فـــيـــاتـــشـــيـــســـاف إنــــــه مـــنـــذ وصــــول وحــــدتــــه إلـــــى مــنــطــقــة بـــوكـــروفـــســـك فــــي أبـــريـــل جندي 3000 (نيسان) املاضي، قتلت أكثر من روســــي. وقــــال: «هـــذه وحــدتــي أنـــا فــقــط». ومـن املتعذر التحقق من ادعاءاته بشكل مستقل. كما أنه شارك مقاطع فيديو تُظهر فاعلية الطائرات الــروســيــة املــســيــرة. وقــــال فـيـاتـشـيـسـاف، وقـد أعاد عرض شريط فيديو يصور رجل جريحا حـــال إجــائــه مــن الـجـبـهـة: «أحـــد جـنـودنـا كـان في املائة من جلده. 40 مصابا بحروق بنسبة كـنـت أنـــا مــن أوصــلــه بـالـسـيـارة». وأضــــاف أنـه في حي أن كل الجانبي في طريقه إلى إنتاج مليي الطائرات املسيرة، فإن الطيارين املهرة يـصـبـحـون أكــثــر قـيـمـة ويــصــعــب اسـتـبـدالـهـم. وقــــال فـيـاتـشـيـسـاف أخـــيـــرًا: «الـــطـــيـــارون مثل املـــتـــخـــصـــصـــن - يـــســـتـــحـــقـــون وزنــــهــــم ذهــــبــــا - ومـــن املـهـم لـلـغـايـة حـمـايـتـهـم. بـمـجـرد تحديد موقعهم، فإن العدو ال يدخر أي جهد أو موارد في تدمير املوقع». * خدمة «نيويورك تايمز» *شرق أوكرانيا: مارك سانتورا جنديان أوكرانيان يطلقان طائرة استطالع مسيّرة قرب الجبهة في دونيتسك (رويترز) توقعات بأن بلدانا في القارة السمراء ستنشط لتنويع شراكاتها بعيدا عن واشنطن وأكثر قربا من بكين ماذا تعني نتيجة االنتخابات األميركية لكثير من الدول األفريقية؟ إذا كانت االنتخابات الرئاسية األميركية تـؤثـر فــي أغـلـب مـنـاطـق الـعـالـم الـتـي تتابعها باهتمام، فإنها ظلت تاريخيا غير مؤثرة وال مـهـمـة بالنسبة لــــدول أفـريـقـيـا بـسـبـب الـثـبـات الــنــســبــي لــلــســيــاســة األمـــيـــركـــيـــة تـــجـــاه الـــقـــارة الــــســــمــــراء، بـــغـــض الـــنـــظـــر عــــن هـــويـــة الــرئــيــس األمــــيــــركــــي أو الــــحــــزب صـــاحـــب األغـــلـــبـــيـــة فـي الكونغرس. منذ إدارة الـرئـيـس األسـبـق الديمقراطي بيل كلينتون، تبنت الواليات املتحدة سياسة أفريقية تعتمد على الدخول في برامج تنموية والـحـديـث الـطـمـوح عــن الـديـمـقـراطـيـة وحـقـوق اإلنـــســـان، مـــع الــتــوســع فـــي الـــشـــراكـــات األمـنـيـة والـــدفـــاعـــيـــة فــــي ظــــل تــــزايــــد خـــطـــر الــجــمــاعــات املـتـطـرفـة بـأغـلـب مـنـاطـق الـــقـــارة، وظــلــت هـذه الـــســـيـــاســـة األمـــيـــركـــيـــة مـــســـتـــقـــرة رغـــــم تــعــاقــب الـــرؤســـاء الـجـمـهـوريـن والــديــمــقــراطــيــن على الحكم. وفي تحليل نشره موقع مركز الدراسات االســتــراتــيــجــيــة والـــدولـــيـــة بـــواشـــنـــطـــن، يـقـول كاميرون هدسون، وهو زميل باحث كبير في برنامج أفريقيا باملركز، إن األمور تغيرت كثيرًا بالنسبة النتخابات الرئاسة األميركية الحالية في ظل سلسلة الصدمات األميركية والعاملية؛ بــدءًا مـن جائحة فـيـروس «كــورونــا» املستجد، وحــــتــــى االحــــتــــجــــاجــــات عـــلـــى مـــقـــتـــل املــــواطــــن األميركي من أصـل أفريقي جــورج فلويد على يد شرطي أميركي أبيض، مــرورًا بالحرب في أوكرانيا وغزة. فــــــي الــــــوقــــــت نــــفــــســــه، فـــــــإن االســــتــــقــــطــــاب الـــســـيـــاســـي الــعــمــيــق واملــــتــــزايــــد فــــي الــــواليــــات املــتــحــدة نــســف حــتــى نــقــاط الـــتـــوافـــق الـحـزبـي الــتــقــلــيــديــة فـــي الــســيــاســة األمـــيـــركـــيـــة، ومـنـهـا السياسة تجاه أفريقيا. لذلك فطبيعة معركة االنـتـخـابـات الـرئـاسـيـة األمـيـركـيـة املــقــررة يـوم نوفمبر (تـشـريـن الـثـانـي) املقبل ونتيجتها 5 ستحدد بل شك النظرة إلى واشنطن، وستؤثر على مجموعة كبيرة مـن القضايا، ليس فقط الـتـي تهم أفريقيا بشكل مـبـاشـر، وإنـمـا التي سـتـؤثـر فــي مـصـداقـيـة الـــواليـــات املـتـحـدة لـدى القارة خلل السنوات املقبلة. ورغـــم ذلــك فمن املـؤكـد أن األفــارقــة اليوم غـيـر مشغولي كـثـيـرًا بـمـا قــد تعنيه أي إدارة أميركية جديدة بالنسبة لهم. فـــبـــعـــد تـــجـــربـــة الـــرئـــيـــس األســــبــــق بـــــاراك أوباما، لم يعد األفارقة يعتقدون أن أي شخص في البيت األبيض قد يؤثر بشكل ملموس في تحسي أحوالهم. فقد تبددت بسرعة فكرة أن وجود رئيس أميركي من أصول أفريقية يمكن أن يزيد بطريقة أو بـأخـرى االهتمام بالقارة، حيث لم تبتعد إدارة أوباما كثيرًا عن السياسة الـتـقـلـيـديـة األمــيــركــيــة تـــجـــاه أفــريــقــيــا، والــتــي تقوم على الحديث كثيرًا عن قيم الديمقراطية وحقوق اإلنـسـان، في حي تسعى إلـى تحقيق مصالح األمن القومي األميركي التي كثيرًا ما كانت تتعارض مع هذه القيم املعلنة. ورغــــم وعــــود إدارة الـرئـيـس الـحـالـي جو بايدن بمنح الــدول األفريقية نصيبا أكبر في عمليات صناعة القرار بشأن القضايا العاملية وفي املؤسسات الدولية، فإنها لم تحقق شيئا مــــن هـــــذا عـــلـــى أرض الـــــواقـــــع. فـــمـــا زالــــــت قــــارة أفريقيا ال تشغل مقعدًا دائما في مجلس األمن بعد مـــرور عـامـن على وعــد اإلدارة األميركية بـمـنـحـهـا هــــذا املــقــعــد، فـــي حـــن أن الـتـحـركـات الدولية التي تقودها الواليات املتحدة للتعامل مع مشكلة التغير املناخي والتمويل التنموي وتـنـافـس الــقــوى الـعـاملـيـة، مــا زالــــت تـصـب في صالح عالم الشمال. ولــم يـــؤد إفـــراط إدارة بـايـدن فـي الـوعـود ألفريقيا دون الوفاء بها إال إلى تعزيز االعتقاد بأن واشنطن شريك غير جدير بالثقة، بل ربما منافق. في املقابل لم يفعل املرشح الجمهوري والرئيس السابق دونـالـد ترمب وال منافسته نائبة الرئيس واملرشحة الديمقراطية كاماال هـــاريـــس، الـــلـــذان تــجــاهــا أفــريــقــيــا عــلــى مـــدار حملتيهما، أي شيء إلعطاء األفارقة االنطباع بــــأن إدارتــيــهــمــا ســتــكــونــان مـخـتـلـفـتـن بشكل ملحوظ عن اإلدارات السابقة. فــــي ظــــل هــــــذه الــــــظــــــروف، تـــنـــشـــط الــــــدول األفــــريــــقــــيــــة لـــتـــنـــويـــع شــــراكــــاتــــهــــا الــســيــاســيــة واالقــتــصــاديــة واألمــنــيــة، بـعـيـدًا عــن واشـنـطـن على مدى العقد املاضي، مما يتعارض أحيانا مـع املـصـالـح األمـيـركـيـة. وقــد أصبحت الصي حاليا، كما يقول التحليل الذي نشرته «الوكالة األملـــانـــيـــة»، أكــبــر شــريــك تـــجـــاري واســتــثــمــاري ألفـــريـــقـــيـــا. كـــمـــا أصـــبـــحـــت دول مـــثـــل روســـيـــا وتــركــيــا واإلمــــــــارات الــعــربــيــة املــتــحــدة شــركــاء أمنيي مفضلي لـلـدول األفريقية التي تبحث عـــن مـــســـاعـــدات عـسـكـريـة غــيــر مـــشـــروطـــة. هــذا التحوط ضد عدم موثوقية الواليات املتحدة ال يجعل نتيجة أي انتخابات رئاسية أقل أهمية ألفريقيا فحسب، بل يجعل أيضا من الصعب على أي إدارة قادمة تعميق العلقات مع هذه القارة. والحقيقة هي أنـه ال يمكن تصور وجود اخــتــاف كـبـيـر فــي الـسـيـاسـة األمـيـركـيـة تجاه أفـريـقـيـا إذا فــــازت هــاريــس أو تــرمــب. فبشكل عــام يمكن أن تتوقع أفريقيا اسـتـمـرار النهج األســاســي لـواشـنـطـن تـجـاهـهـا، مــن خـــال عـدد مـــحـــدود مـــن املــــبــــادرات الـتـنـمـويـة واإلنـسـانـيـة األســـــاســـــيـــــة، لــــكــــن دون تـــغـــيـــيـــر حـــقـــيـــقـــي فــي املمارسات األميركية، وال الطريقة التي ترتب بــهــا أفــريــقــيــا فـــي قــائــمــة األولـــــويـــــات الـعـاملـيـة للواليات املتحدة. ليس هذا فحسب، بل إن احتمال وصول مـــرشـــح ثـــــان مـــن أصـــــول أفــريــقــيــة؛ أي: كــامــاال هـاريـس، إلــى رئـاسـة الــواليــات املتحدة لـم يثِر اهتمام األفــارقــة كما حــدث عندما كــان أوباما يخوض السباق الرئاسي، بعد أن تعلموا أنه يــجــب عــــدم تـــوقـــع الـكـثـيـر مـــن واشــنــطــن مهما كانت أصول الرئيس. ورغـــــــم ذلـــــــك، فـــمـــن املــــرجــــح إبــــقــــاء إدارة هاريس على استراتيجية بايدن تجاه أفريقيا ،2022 جنوب الصحراء الكبرى، الصادرة عام والـــــتـــــي تـــســـتـــهـــدف رفــــــع صــــــوت أفـــريـــقـــيـــا فـي املؤسسات العاملية وفي صنع القرار األميركي بشأن املسائل السياسية التي تؤثر في القارة بشكل مباشر، وقد رأت هاريس بنفسها أهمية هـذا الهدف عندما سافرت إلـى غانا وتنزانيا ؛ «لـتـسـلـيـط 2023 ) وزامـــبـــيـــا فـــي مـــــارس (آذار الـــضـــوء عــلــى اإلبـــــــداع االســتــثــنــائــي واإلبــــــداع والديناميكية في القارة وتعزيزها». لكن هاريس وقعت أيضا في الفخ السهل بــمــحــاولــة تــصــويــر املــشــكــات املــســتــمــرة الـتـي تواجهها أفريقيا بوصفها مسؤولية الصي بـصـورة أو بـأخـرى، وتقديم الـواليـات املتحدة بـصـفـتـهـا قـــــوة خــيـريـة تــســعــى مــــن أجـــــل خـيـر وصالح الدول األفريقية. وهذا النهج األميركي ال يؤدي إال إلى زيادة انصراف دول القارة عن واشنطن والشك في نواياها. فـي الـوقـت نفسه، فـإن «مـبـدأ الـظـل» الـذي ،»2025 أطـــلـــقـــه تــــرمــــب تـــحـــت اســـــم «مـــــشـــــروع يستعي بعناصر كاملة من استراتيجية بايدن ذاتـهـا تـجـاه أفريقيا، حيث يـزعـم، على سبيل املثال، أن «النمو السكاني الهائل في أفريقيا، واالحـتـيـاطـيـات الـكـبـيـرة مــن املــعــادن املعتمدة عـــلـــى الـــصـــنـــاعـــة، والـــــقـــــرب مــــن طــــــرق الــشــحــن الـــبـــحـــري الــرئــيــســيــة، وقـــوتـــهـــا الــدبــلــومــاســيــة الجماعية تضمن األهمية العاملية للقارة». وهذا يشير إلى أن فريق ترمب يدرك على األقــــل األهـمـيـة االسـتـراتـيـجـيـة ألفـريـقـيـا على املـدى الطويل، تماما كما فعل بـايـدن. واألمـر األكـثـر أهمية هـو أن فـريـق تـرمـب ربـمـا ينظر إلى أفريقيا بوصفها قوة مهمة وليست مجرد مكون أصغر في الصراع الجيوسياسي األكبر لـلـواليـات املتحدة مـع الصي أو روسـيـا، كما فعل خلل فترة واليته األولى في منصبه، مما أثـــار اسـتـيـاء الـعـديـد مـن دول الــقــارة. وسـوف يـكـون االخــتــبــار األكــبــر إلدارة تـرمـب الثانية املحتملة هـو مـا إذا كــان قـــادرًا على مواصلة التعبير عن القيمة املتأصلة ألفريقيا بالنسبة للمصالح االستراتيجية للواليات املتحدة، أو ما إذا كان سيعود إلى أنـواع التعبيرات غير املكترثة التي ميزت واليته األولى في املنصب. ورغــم ذلـك يمكن أن يكون الـفـارق األكبر بــشــكــل عـــــام بــــن هــــاريــــس وتــــرمــــب بـالـنـسـبـة ألفـريـقـيـا فــي الـشـكـل أكـثـر مــن املـضـمـون. فما زالت اللغة املهينة التي كان ترمب يستخدمها فـــي رئــاســتــه الـسـابـقـة تـثـيـر سـخـط كـثـيـر من األفارقة، ولكن بعضهم يرى اآلن أن هذا تعبير صـريـح عــن املـكـانـة املـتـواضـعـة الـتـي تحتلها أفـــريـــقـــيـــا لـــــدى صـــنـــاع الــــقــــرار فــــي واشـــنـــطـــن. وبـــقـــدر قـــســـوة هــــذه الــحــقــيــقــة، فــــإن الـتـعـبـيـر عنها بوضوح يحدد مستوى التوقعات التي يمكن للقادة األفارقة انتظارها من واشنطن، ويحمّلهم مسؤولية تحقيق مصالح شعوبهم بعيدًا عـن واشـنـطـن، وهــو مـا يتضح بالفعل مـن دخـولـهـم فـي شــراكــات أمنية واقتصادية ومالية مع دول عديدة. أيـــضـــا، عــلــى الـــرغـــم مـــن أن نــهــج تـرمـب الــذي يتعامل مـع أغلب األمـــور بمنطق البيع والشراء قد يبدو مقززًا لكثيرين في مؤسسة السياسة الخارجية في واشنطن، فإن بعض القادة األفارقة قد يعدّونه طريقة أكثر مباشرة وشفافية في إدارة العلقات، ويعكس طريقة إدارة كثيرين منهم لـلـعـاقـات مــع شركائهم اآلخــريــن. كما أن نهج ترمب الــذي يركز على الـــجـــوانـــب االقـــتـــصـــاديـــة واملـــصـــالـــح املــبــاشــرة يـمـكـن أن يـفـتـح الــبــاب أمــــام شـكـل مــن أشـكـال الــعــاقــة بــن األنــــــداد، وهـــو تــحــديــدًا مــا يقول كثير من القادة األفارقة إنهم يسعون إليه في علقاتهم مع العالم. أخــيــرًا، فـــإن الـحـكـومـة األمـيـركـيـة املقبلة ســيــكــون عـلـيـهـا إدراك حـقـيـقـة أن عـاقـاتـهـا مـــع الــــــدول األفـــريـــقـــيـــة تـــأثـــرت سـلـبـا بـدعـمـهـا غير املـشـروط إلسـرائـيـل فـي حربها ضـد غزة ولبنان، فـي الـوقـت الــذي يتزايد فيه تعاطف الـــــدول األفــريــقــيــة مـــع الـقـضـيـة الفلسطينية. كـمـا أن الــــدول األفـريـقـيـة تنظر بـعـدم ارتـيـاح إلـــى الــدعــم األمــيــركــي املـسـتـمـر ألوكــرانــيــا في حـربـهـا ضــد روســيــا، وهـــي الــحــرب الـتـي أدى اســـتـــمـــرارهـــا إلـــــى مـــعـــانـــاة كــثــيــر مــــن شــعــوب الــــقــــارة مـــن ارتــــفــــاع أســـعـــار كــثــيــر مـــن الـسـلـع األساسية في السوق العاملية. معنى ذلـك أن الدول األفريقية ال تتوقع الكثير من انتخابات الــــرئــــاســــة األمــــيــــركــــيــــة، فــــي حــــن قــــد يــحــتــاج الـرئـيـس الـجـديـد إلــى بــذل جهد أكـبـر لترميم صورة واشنطن لدى هذه الدول. واشنطن: «الشرق األوسط» الرئيس الصيني شي جينبينغ استضاف قادة أفارقة في عشاء باذخ ببكين (أ.ف.ب) قال الرئيس األوكراني إن بالده تسير على خطى مليون 1.5 إنتاج طائرة مسيّرة هذا العام

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==