issue16754

من حضر أعمال القمة الفرنكفونية التاسعة عشرة الــتـــي عــقــدت مـــؤخـــراً فـــي فــرنــســا، تــحــت شــعـــار «الإبـــــداع والابـــتـــكـــار وريــــــادة الأعــــمــــال»، وبــحــضــور الـــعـــشـــرات من رؤساء الدول والحكومات من الدول الأعضاء في المنظمة الــدولــيــة للفرنكفونية، سـيـخـرج بـقـنـاعـة أن الـعـديـد من ممثلي الـــدول لـم يــعــودوا يبيتون ســراً نظرتهم السيئة تجاه اللغة الفرنسية والمنظمة الدولية للفرنكفونية في عالم تطغى عليه اللغة الإنجليزية، وملبد بالصراعات والانـقـسـامـات، ومـوسـوم بـإعـادة تـوزيـع الأدوار وويـات الــحــرب فــي الــشــرق الأوســـــط. الـشـاعـر الـسـنـغـالـي الكبير أمادو لامين سال أسرّ إليّ ونحن نستمع إلى حديث قامت بــه وزيــــرة الانـــدمـــاج الأفــريــقــي والـــشـــؤون الـخـارجـيـة في السنغال، السيدة ياسين فال، أن فرنسا كانت ستحافظ عــلــى قــوتــهــا لـــو كــــان رئــيــســهــا وســـفـــراؤهـــا فـــي الــبــلــدان الأفـريـقـيـة والـعـربـيـة يستمعون إلــى مفكري تلكم الــدول وفنانيها وكتّابها وتجاوبوا مع مستلزمات اللحظة... الاســـتـــعـــاء الــلــغــوي والــثــقــافــي المــــــوروث مــنــذ أيـــام الاســتــعــمــار لـــم يـعـد يــغــري أحـــــداً، ولـــم تـعـد الـنـخـب في الـــــــدول الأعــــضــــاء فــــي المــنــظــمــة الـــدولـــيـــة لـلـفـرنـكـفـونـيـة تستحي مــن الإشــــارة علناً فــي مـثـل هـاتـه الاجـتـمـاعـات الرسمية إلــى مـسـاوئ الاخــتــراق اللغوي الـــذي لا يعود بالخير على بلدانها ومــا يتركه مـن آثـــار سلبية على النسيج الاجتماعي، بل الاقتصادي والثقافي. الرئيس الفرنسي الـراحـل فرانسو ميتران كـان قـد شـرح مفهوم الآيديولوجية الفرنكفونية، عندما أكد «أن الفرنكفونية ليستهي اللغة الفرنسية فحسب. إننا إذا لم نتوصل إلى الاقتناع بأن الانتماء إلى العالم الفرنكوفوني سياسياً واقتصادياً وثقافياً يمثل قيمة مضافة، فإننا سنكون قـد فشلنا فـي العمل الــذي بـدأنـاه منذ عـدة ســنــوات..!!» فالفرنكفونية عنده، ليست في اللغة الفرنسية، بل هو ذاك الاخـتـراق الثقافي أو هو ذاك الانغماس في تجربة الآخر سياسياً، اقتصادياً، ثقافياً، وهو ما يعني التبعية المطلقة وليست النسبية. وبالفعل هناك فشل. وهذا ما جـعـل دولاً مـثـل مــالــي تـخـفـض مـكـانـة الـلـغـة الفرنسية لتصبح «لغة العمل» بعد أن كانت لغة البلد الرسمية؛ وهــــو مـــا جــعــل الـــيـــوم الــعــديــد مـــن الـــعـــائـــات مـــن الــــدول الأعضاء في المنظمة الدولية للفرنكفونية ترسل أولادها لتتمة دراستهم في الجامعات الأنغلوساكسونية بدل الفرنسية، وهو ما سمح بظهور وزراء في تلكم البلدان تــكــويــنــهــم أنـــغـــلـــوســـاكـــونـــي صــــــرف؛ كـــمـــا ظـــهـــرت نـخـب جديدة تتحمل مسؤوليات متنوعة، ولها علقات دولية متجذرة، غايتها البحث عن شراكات اقتصادية ومالية متكافئة ومـتـوازنـة لصالح بلدانها، تبحث عـن الندية وعــن دول لا تتبنى تـوجـهـات استعلئية فـي علقتها مع الآخـر، ولا تحمل رسائل دعوية أو قيمية... ولهاته الأسـبـاب وغيرها ثـار الأولـــون والآخـــرون فـي دول غرب ووســـط أفـريـقـيـا فــي تــوافــق غـيـر مـسـبـوق ضــد الـوجـود العسكري الفرنسي... ومـــــا زلـــــت أحـــتـــفـــظ بـــنـــصّ رســــالــــة كـــــان قــــد أرســلــهــا إلـــــيّ المــــرحــــوم الــــوزيــــر والمـــفـــكـــر المـــغـــربـــي مــحــمــد الــعــربــي المـــســـاري، تـتـنـاول جــــزءاً مــن الإشـكـالـيـة الــتــي نـتـدارسـهـا في هاته المقالة، عندما أسـرّ إلـيّ فيها أن الفرنسية كما كـانـت الإسـبـانـيـة طيلة مائتي عــام بالنسبة لمعاملتنا الدبلوماسية والتجارية هـي لغة انفتاح وتـواصـل، ولا يمكن الـتـفـريـط فيها الآن وقـــد أصـبـحـت رأســـمـــالاً ثابتاً للمغاربة، رغــم أن فرضها كــان بفعل حـــادث سلبي هو الاسـتـعـمـار؛ والــتــاريــخ مـمـلـوء بـــالأحـــداث السلبية التي أدت إلى غير ما يسعى إليه مدبروها: «أذكر أنني طلبت مـن وزيـــر الـخـارجـيـة، فـي مقابلة اصطحبت فيها المدير السابق للقناة الثانية، وهــي بعد مـن القطاع الـخـاص، أن تساهم الـخـارجـيـة فـي دعــم مـالـي للقناة نـظـراً للوقع الــذي لبرامجها فـي أفريقيا الغربية إلـى درجــة ضايقت القناة الفرنسية (كـنـال بـلـوس)، أي أن الفرنسية فرصة لتعاون ثلثي فرنسي أفريقي مغربي، فضلً عن كونها لغة انفتاح، ولكن لا يقبل أن تتحول إلى أداة انغلق، كما يريد غلة التغريب...»، ومعنى أن ما يضايقنا وأصبح يمثل مظهر استفزاز ليس هو وجـود الفرنسية (...) بل طغيانها الذي دفع البعض إلى فرض هيمنة احتكارية، وهكذا فإن الزيادة في الشيء نقصان، كما قال أسلفنا، وعـــــدم الــتــبــصــر لــــدى الــتــمــكــ لـلـفـرنـسـيـة عــلــى حـسـاب العربية هو الذي أصبح عند البعض مسألة لا تطاق... لا يمكن فصل الفرنكفونية عن تطورها التاريخي المرتبط بالمرحلة الاستعمارية، وأيضاً بمرحلة التحرر وبـــالمـــتـــغـــيـــرات الــــجــــديــــدة، ولـــكـــن يـسـتـحـيـل خـــلـــق روح التعاون الإنساني ببعد كوني، إذا لم تـزل من جينات الفاعلين الفرنسيين النظرة الاستعلئية، وبــدأ هؤلاء باحترام الآخـر والتعامل معه كندٍ، وليس كمستخدم، وتطبيق قاعدة رابـح - رابـح في كل شـيء. إذا لم تفعل ذلــــــك، فـــــإن قـــــوة دول مـــثـــل الـــصـــ وروســـــيـــــا ســـتـــزداد بدرجة غير مسبوقة، خاصة في أفريقيا، وهي تتحلى بــ«الـتـواضـع» و«المـسـؤولـيـة» و«الــذكــاء الاستراتيجي» في تثبيت علقات وشراكات تبحث عنها تلكم البلدان، ويكفي أن تـتـواصـل معها بــأي لغة تـشـاء، حتى اللغة الإنجليزية التي هي الآن في خدمة الشركاء والأعــداء، على السواء. هناك قرار صدر عن مجلس الأمن منذ أشهر، يقضي بضرورة إيقاف إسرائيل إطـاق النار والحرب الهمجية ضد غزة، ولكنها لم تهتم وواصلت اعتداءاتها بالوتيرة نفسها وأكثر، حيث أصبحنا اليوم أمام حرب إسرائيلية على غزة ولبنان. ما يلفت الانتباه أكثر من إسرائيل هو رد فعل الدول الــكــبــرى وعــلــى رأســهــا الـــولايـــات المــتــحــدة الأمــيــركــيــة، إذ نلحظ أنه بدلاً من استخدام خطاب يلزم ويدفع إسرائيل لتنفيذ قــــرار مـجـلـس الأمــــن، نـــرى فــي المـقـابـل أن خطاب التوسل هو المهيمن، من ذلك: الــتــوســل لإســـرائـــيـــل لـلـقـيـام بــهــدنــة لـتـطـعـيـم أطــفــال غزة، والتوسل إليها أيضاً لإيقاف الهجمات على لبنان وجنوبه لأن هناك كارثة إنسانية. خـطـاب تهيمن عليه رغـبـة تـوسـل خفيفة وشكلية؛ لأن الخطاب نفسه الموجه لإسرائيل لم يخل من عبارات، تفيد بأن دولاً كبرى عدة، ترى أن إسرائيل على حق. لذلك فهو توسل رغم ما يحمله من صدمة واستغراب شديدين فإنه بـا قيمة ولا معنى وأقـــرب مـا يكون إلـى ذر الرماد في العيون. كـــيـــف نـــفـــهـــم خــــطــــاب الـــتـــوســـل عــــوضــــ عــــن الإلـــــــزام والضغط؟ مـــا يـسـاعـد عـلـى فـهـم هـــذا الــتــوســل هـــو الـبـحـث عن مصلحة الغرب فيما تقوم به إسرائيل. وهنا يمكن طرح الـــســـؤال الــتــالــي: هـــل لـــو لـــم تـكـن إيـــــران مـــوجـــودة لكانت إسرائيل ستلقى كـل هـذا الـدعـم وغـض الـطـرف والتأييد المـخـفـي؟ وتُـــرى لـو كـانـت إيـــران دولـــة منضبطة وبعيدة عن الملف النووي وخارج هذا النوع من الطموح المخيف، فهل كانت إسرائيل ستكون المدللة لدى الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الأوسط؟ إن هذه الأسئلة تعني أن إسرائيل تقوم بحرب وكالة ضد إيران وأن قوتها من قوة موكليها الذين لن يسمحوا بإضعافها إلا إذا قــرروا القيام بالحرب مع إيــران وجهاً لوجه: أي الولايات المتحدة الأميركية وإيران. وكــمــا سـتـكـون وتــيــرة الــتــفــاوض الـــدولـــي مــع إيـــران سيكون نسق الحرب بينها وبين إسرائيل. وكما هو واضــح، فـإن الحرب قائمة وكـل دعـوة إلى إيـــقـــاف الـــنـــار لـــن تــتــجــاوز فـــي أفــضــل الـــحـــالات المـطـالـبـة بهدنة، وعادة ما تكون هدنة في الظاهر من أجل المدنيين مـن غــزة ولـبـنـان، ولكنها فـي الحقيقة سياسياً ستكون لصالح إسرائيل بأي شكل من الأشكال. إذن؛ مـا يحصل هـو تفويض مـن الــولايــات المتحدة ومـبـاركـة مـن دول أوروبــيــة كـبـرى، وهــو استنتاج ليس جــديـــداً وأصــبـــح أكــثــر وضــوحـــ مــن ذي قــبــل. لــذلــك؛ فـإن مــا يهمنا أكــثــر حـالـيـ لـيـس الـتـفـويـض فــي حــد ذاتــــه أو استخدام خطاب التوسل أو وجـود موافقة من الولايات المتحدة وتنسيق وغير ذلـك، وخاصة أن توقيت الحرب انـطـلـق مـنـذ دخـــول الـسـنـة الأخــيــرة مــن ولايـــة بــايــدن في البيت الأبـيـض، حيث أصبح التفويض مـحـدداً رئيسياً مـن مـحـددات نتائج الانتخابات الرئاسية فـي الـولايـات المـــتـــحـــدة... المــشــكــل كــمــا نـــــراه حــالــيــ هـــو فـــي بــنــود عقد التفويض وصلحياته. لم يولِ تفويض الولايات المتحدة لإسرائيل الاهتمام بانحرافاتها الكبيرة والخطيرة. لم يضع التفويض أي شـروط تهم المدنيين. كـان التفويض خالياً من الخطوط الــحــمــر بــخــصــوص الــنــســاء والأطــــفــــال والمـــدنـــيـــ . ولـعـل الأرقــــام وصـــور المــجــازر فـي غــزة وبـلـوغ القتلى أكـثـر من ألفاً، ونزوح قرابة المليون مواطن لبناني وافتراشهم 42 الــشــوارع بـــالآلاف فـي مشهد يكشف عـن كـارثـة إنسانية ونحن على أبــواب فصل الشتاء، خير تأكيد على غياب أي خط أحمر. لذلك؛ فنحن أمام تفويض مطلق الصلحيات وعلى الطريقة الإسرائيلية التي تعد الخسائر البشرية وزهق الأرواح عناوين انتصار وغلبة. مــن هـــذا المـنـطـلـق فـإنـه بـالـنـظـر إلـــى عـجـز المنظمات الدولية والـرأي العام وقـوى الضغط السلمية عن إيقاف العدوان، فإن العمل لا بد من أن يتشبث بالدفاع عن حق المـدنـيـ فــي الـحـيـاة، وفـــي ألا يـكـونـوا ضـحـايـا تفويض مطلق الصلحيات فـي عالم يتشدق بـالمـسـاواة وحقوق الإنـسـان ويناضل مـن أجـل الحقوق الـفـرديـة، والـحـال أن مـواطـنـ مــن غـــزة أو آخـــر مــن لـبـنـان مـهـدد فــي أي لحظة بانهيار بيته وافتراش الشارع هو وعائلته، هذا إذا ظل حياً يرزق. إن مـــــا يـــحـــصـــل مـــــن اســـتـــخـــفـــاف بـــــــــــأرواح الــــنّــــاس ومعاقبتهم بسبب انـتـمـائـهـم أو لمـنـاصـرة سـيـاسـيـة أو لرفض الاحتلل أو حتى بسببصمتهم، سيظلن وصمة عار على جبين الإنسانية. لــــذلــــك؛ فـــــإن كــــل هـــــذه الــــتــــجــــاوزات والانــــحــــرافــــات الخطيرة وقتل المدنيين وضــرب عُـــرضَ الحائط بقرار لم يصدر إلا بعد عقود من القهر والاستفزاز لا يمكن أن يؤسس للسلم، الأمر الذي يجعل كل الإنسانية في خطر دائم. لعلها المرة الأولى منذ تأسيسه سنة التي يـواجـه فيها النظام الإيـرانـي 1979 أسـئـلـة صعبة عــديــدة ومـعـقـدة، تـبـدأ من طبيعته إلـى شكله وتصل إلـى مستقبله المرتبط موضوعياً بـالـخـارج، أي نفوذه المهدد بكثير من المتحولات، هذه الأسئلة تـامـس مـا كــان يملكه الـنـظـام مـن أدوات الـقـوة، وتفتح النقاش بعيداً فـي مـا كان يُصرّ على إظهاره للداخل والخارج بأنه مــتــ وسـيـسـتـمـر طــــويــــاً، وهــــل لـــم يــزل بمقدوره التصرف داخلياً وخارجياً كما تصرف منذ عقود، بأنه ثابت على الرغم مما عصف بالمنطقة من متحولات؟ فـــي الـــثـــابـــت داخـــلـــيـــ ، لــلــمــرة الأولــــى مـــنـــذ قــــيــــام الــــنــــظــــام الإســــــامــــــي تـــحـــاول طهران الحفاظ على ضمانات استقراره واســــتــــمــــراره الـــداخـــلـــيـــ ، لـــذلـــك تـــحـــاول ضـــمـــان أمــــريــــن: الأول مــرحــلــة انـتـقـالـيـة آمــنــة وهـــادئـــة، أمـــا الآخــــر فـالـحـفـاظ على هـيـبـة الــنــظــام ونـــفـــوذ الــــثــــورة، ولـــكـــن ما يزيد الأمـور تعقيداً أن الأمرين مرتبطان بعضهما ببعض. فـــالأول يحتاج إلـى استقرار والآخـر يحتاج إلـى القوة والـــدور، ولكي تحافظ طـــــهـــــران عـــلـــى قـــوتـــهـــا ودورهــــــــــا الـــلـــذيـــن حـــولـــتـــهـــمـــا إلــــــى تــــشــــدد داخـــــلـــــي ونـــفـــوذ خارجي، بات عليها أن تتجنب معارضة داخلية داخل تركيبة السلطة، أي احتواء أجنحة النظام كافة، وهــذا ما حصل في انـــتـــخـــاب الـــرئـــيـــس مـــســـعـــود بــزشــكــيــان، ومنع أي حـركـات احتجاجية تبدأ عــادةً مطلبية ثم تتحول سريعاً إلى سياسية. أمـا خارجياً، فالدفاع عن فائض خرائط نــفــوذهــا المـــهـــددة بــفــقــدان أجـــــزاء واســعــة مــنــهــا، أو فـــقـــدان سـيـطـرتـهـا الـسـيـاسـيـة والعسكرية على بعضها، وهـذا ما تعدّه القيادة الإيرانية مخاطر شبه وجودية، لأنـــه سـيـدفـع «الأعــــــداء» إلـــى الانــتــقــال من الـــــخـــــارج إلــــــى الــــــداخــــــل، أي مــواجــهــتــهــا مباشرةً، مما يؤدي إلى كسر هيبتها بعد تحطيم أو تعطيل نفوذها. فـــعـــلـــيـــ ، مـــــن الــــثــــبــــات داخــــلــــيــــ إلــــى مـحـاولات الثبات خارجياً، تـواجـه إيـران لـــلـــمـــرة الأولـــــــى فــــي تـــاريـــخـــهـــا مــتــحــولات خارجية كبرى تعصف بفائض خريطة الجغرافيا (السياسية والاستراتيجية) أي مــنــاطــق نـــفـــوذهـــا، واحـــتـــمـــال انــتــقــال المتحول الـخـارجـي إلــى الـداخـل الوطني، وتنتقل معه معادلة الدفاع عن الثورة في الخارج إلى الدفاع عن النظام في الداخل، ما بدا واضحاً في الخطاب الأخير لمرشد الجمهورية فـي حفل تـأبـ الأمـــ العام لـ«حزب الله» الراحل حسن نصر الله. فـالـواضـح أن الـنـظـام الإيـــرانـــي دخـل معركة الـدفـاع عـن النفس، كــأن المواجهة بينه وبــ الكيان العبري حتمية، لذلك اخـتـار الانـتـقـال مـن الــدفــاع إلــى الهجوم، فـقـام بـضـرب أصـــول عسكرية إسرائيلية مباشرة من خلل صواريخ بعيدة المدى، وأعـــــاد تـشـكـيـل وحــــدة الــســـاحـــات لـتـكـون جبهة إسناد له هذه المرة. يـــدرك الـنـظـام أن المـواجـهـة الحالية مـع تـل أبـيـب ليست جـولـة، بـل هـي حرب مــتــحــولات إقـلـيـمـيـة، قـــد يـصـعـب بـعـدهـا الحفاظ على ثابتين (سـامـة الجغرافيا الــــوطــــنــــيــــة ســــيــــاســــيــــ ، والـــــحـــــفـــــاظ عــلــى النفوذ الجيوسياسي والجيوعقائدي) ولــكــن المـعـضـلـة أنـــه إذا ضــحّــى بـالـثـانـي؛ بمساومات دبلوماسية أو تحت الضغوط العسكرية، فإنه لا يضمن بقاء الأول كما هــو، أن لا ينتقل المـتـحـول الـخـارجـي إلى الداخل، وتصبح الثورة والدولة والنظام أمام متحولات صعبة وكبيرة. أمـــــــام احـــتـــمـــال مـــواجـــهـــة عــســكــريـة شـامـلـة أو تــنــازلات دبـلـومـاسـيـة قاسية، ربط النظام نفسه بثنائية البقاء والنفوذ، بــــ فـــائـــض الــــخــــرائــــط الــجــيــوســيــاســيــة واســتــقــرار الـنـظـام، وصـعـوبـة الـفـصـل ما بـ الـنـفـوذ الـخـارجـي وشـرعـيـة الـداخـل. لـذلـك فــإن المـواجـهـة المحتملة قـد تفرض عـــلـــى طــــهــــران الاخـــتـــيـــار مــــا بــــ الــثــابــت الـــداخـــلـــي نــســبــيــ والمـــتـــحـــول الـــخـــارجـــي عموماً. OPINION الرأي 12 Issue 16754 - العدد Friday - 2024/10/11 الجمعة ماذا يعني الاكتفاء بالتوسللإسرائيل؟ مصير الفرنكفونية في عالم متغير ًإيران... بين الثابت والمتحول داخلياً وخارجيا وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com مصطفى فحص يدرك النظام أن المواجهة الحالية مع تل أبيب ليست جولة بل هيحرب متحولات إقليمية آمال موسى عبد الحقعزوزي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky