issue16753

OPINION الرأي 14 Issue 16753 - العدد Thursday - 2024/10/10 الخميس وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com هويات متزاحمة ليس معتاداً أن يتنازل الناس عن هوياتهم الفرعية، مهما كانت قليلة الأهمية عند الآخرين. بعد الحرب العالمية الثانية، تبنى الاتحاد السوفياتي ودول المعسكر الشرقي استراتيجية موسعة لتفكيك الهويات الدينية والقومية والإقليمية، واستبدال ما أسموه «هوية سوفياتية واحدة» بــهــا. بـعـد أربــعــة عــقــود فـحـسـب، رأيــنــا كـيـف تـحـولـت تلك الـهـويـات المـقـهـورة إلــى عــوامــل هــدم للهوية الـكـبـرى. هـذه التجربة المريرة تكررت في دول أخرى، وثبت عياناً أن القهر الآيديولوجي أو القومي والديني لا يفلح أبـداً في تفكيك الهويات الصغرى أو قتل ثقافتها. معرفتنا بهذه النتيجة لا تكفي لحل المشكل الواقعي، أي الارتياب القائم بين المجموعات الإثنية المختلفة، وهو ارتـيـاب يتحول إلـى قلق مـزمـن، وخــوف عند كـل طـرف من نوايا الآخر. لـهـذا الـسـبـب، نـحـتـاج لفهم ظــاهــرة الـتـنـوع والـتـعـدد في الهوية، ســواء كـان تنوعاً عمودياً كالاختلاف الديني والــعــرقــي والـــجـــنـــدري، أو كـــان أفـقـيـ كــالاخــتــ ف الطبقي والـثـقـافـي والـسـيـاسـي، إلـــخ. كما نحتاج لـوضـع الظاهرة في إطارها الصحيح، كي نشخص المشكلات بدقة، بدل أن نغرق في انفعالات اللحظة. تلافياً للتعقيد الـذي يـ زم هذه المسائل، سأخصص هـــذه الـكـتـابـة لإيـــضـــاح أن الــتــنــوع قـــد يـتـحـول إلـــى تـضـاد وتنافر بين الهويات، لكنه في غالب الحالات مجرد تزاحم، سببه مادي أو ثقافي، وقد يكون مؤقتاً. هذه نقطة مهمة لأن كثيراً مـن الـنـاس يغفلون الــفــارق الكبير بـ الاثـنـ . سوف أعرض في مقالات مقبلة جوانب أخرى... هنا ثـ ثـة أمثلة واقـعـيـة على الـتـضـاد والـتـنـافـر بين الهويات. المثال الأول سياسي من آيرلندا الشمالية، كان يتحدث للتلفزيون قائلاً: «أنا آيرلندي ولست بريطانياً». فقال له المذيع: «أنت عضو في البرلمان البريطاني وتحمل جــــــواز الـــســـفـــر الـــبـــريـــطـــانـــي»، فـــيـــرد ذاك مـــــرة أخــــــرى «أنــــا آيرلندي». وقد سمعت تكراراً لهذه القصة بنفس التفاصيل تقريباً من أديب كردي – تركي، أكد خلال حديثه مرة بعد أخـــرى أنــه كـــردي ولـيـس تـركـيـ . وسمعت شبيهاً لـهـذا من شـخـص مــصــري يــقــول أنـــا أتــحــدث الـلـغـة الـعـربـيـة لكنني لست عربياً، ولا أريد الانتساب إلى العروبة. فالواضح أن هؤلاء الأشخاص ينظرون للهوية الأوسع كضد لهويتهم الخاصة، وأن إلزامهم بالأولى يؤدي بالضرورة إلى إلغاء الهوية الأخـرى. الآيرلندي لا يرى بريطانيا وطناً له، ولو حمل جوازها، وكذلك الكردي في تركيا. وفـــقـــ لأبــــحــــاث أجـــريـــتـــهـــا فــــي ســــنــــوات مـــاضـــيـــة، فـــإن الـشـعـور بالتنافر والـتـضـاد مـحـدود جـــداً، ومـحـصـور بين فئات صغيرة متطرفة. وهذا يشمل حتى المجتمعات التي تتعرض لقهر شديد، ولعل أقرب مثال على هذا هو العلاقة الـحـالـيـة بــ الــــروس والمـسـلـمـ مــن سـكـان الـجـمـهـوريـات الـتـابـعـة لــ تــحــاد الـــروســـي أو الــجــمــهــوريــات الــتــي كـانـت متحدة معه ثـم استقلت. فرغم التاريخ الطويل للصراع، فإن الميل السائد حالياً ينحو للتسالم والتعايش وتناسي ذلـــك الــتــاريــخ. بــل نـجـد هـــذا حـتـى فــي الــــدول الـتـي شهدت صراعات أهلية كحال الشيشان ورواند ونيجيريا وآيرلندا وسريلانكا، على سبيل المثال. تبدأ المشكلات حـ يسعى أحـد الأطـــراف للاستئثار بما هو مشترك بين المواطنين. وأوضحها الفرص المتاحة في المجال العام، كفرص الإثـراء والوظائف والتعبير الحر عــن الــــذات. ونـعـلـم أن هـــذا حـصـل لــأكــراد فــي تـركـيـا، حين عاماً استعمال اللغة الكردية في المدارس 40 حظرت طيلة والمـؤسـسـات الرسمية والـصـحـافـة والاجـتـمـاعـات العامة. وحـصـل شــيء قـريـب مـن هــذا فـي الـعـراق وسـوريـا وإيـــران، الأمــر الــذي أدى إلـى تفاقم التنافر بـ الهويتين الوطنية والقومية، وتبرير الحديث عن كردستان كوطن قومي. بعبارة أخــرى، فـإن الوضع الطبيعي لعلاقة الناس مع بعضهم هو التعايش والتسالم. وهو وضع سيبقى قـائـمـ لأمـــد طــويــل، طــالمــا لــم يـتـعـرض أي طـــرف لــعــدوان يتصل خصوصاً بمكونات الهوية. ولهذا فإن أبرز عوامل ترسيخ الـوحـدة الوطنية هو تبني الحكومات لسياسة عليا تحول دون امتهان الـهـويـات الصغرى أو محاولة تفكيكها، أياً كان المبرر. فُقدان اتصال عــشــنــا نــســمــع ونـــشـــاهـــد فــــقــــدان الاتــــصــــال بــــ المـــذيـــع والضيف على الشاشة، ولكننا صرنا نسمع عنه في جنوب لبنان مرة وفي إيران مرة ثانية. وهناك فارق بين الحالتين طبعاً، لأن الاتصال الذي كان ينقطع بين المذيع وبـ ضيفه سرعان ما كـان يعود بعدها بـدقـائـق فــي أغـلـب الـــحـــالات. أمـــا فــقــدان الاتــصــال فــي جنوب لبنان وفـي إيـــران، فـ يبدو إلـى لحظة كتابة هـذه السطور على الأقل أنه سيعود. فـــي الـــبـــدايـــة فــقــد «حـــــزب الـــلـــه» فـــي الــجــنــوب الـلـبـنـانـي اتصاله مع هاشم صفي الدين، قيادي الحزب المرشح لخلافة حسن نصر الله، وقد مضت أيام على إعلان الحزب عن ذلك، من دون أن يُقال شيء عما يعنيه فقدان اتصال من هذا النوع، ولا عمّا إذا كان صفي الدين المختفي سيعود، ولا نعرف في الحقيقة مـا إذا كنا أمـــام فـقـدان اتـصـال حقيقي، أم أنــه نوع مـن التمويه مـن جـانـب قـيـادة الـحـزب أمـــام جـهـاز مخابرات إسرائيل الشهير بالموساد. لا تـعـرف ولا تستطيع أن تقطع بـشـيء نـهـائـي، ولكن الأيام وحدها كفيلة بأن تزيل هذا الغموض الذي صار سمة لأشــيــاء كـثـيـرة فــي منطقتنا الـتـعـيـسـة، وإذا كــانــت الــروايــة الإسـرائـيـلـيـة قــد جـــاءت لـتـقـول بمقتل صـفـي الــديــن، فـروايـة الحزب في المقابل لا تزال غائبة. ومــــا كـــــادت أيـــــام قـلـيـلـة تــمــر عــلــى الـــحـــديـــث عـــن فــقــدان الاتـــصـــال بصفي الـــديـــن، حـتـى تـــردد حـديـث آخـــر عــن فـقـدان إيران اتصالها بإسماعيل قاآني، قائد «فيلق القدس»، الذي كـان قـد سافر إلـى لبنان فـي أعـقـاب اغتيال حسن نصر الله نهاية الشهر الماضي. هنا نجد أنفسنا أمام شخص إيراني مـن الـــوزن الثقيل، لأنــه الشخص الـــذي جــاء فـي مـكـان قاسم .2020 سليماني بعد اغتياله في كان اصطياد سليماني في وقته بمثابة عملية اصطياد ديك رومي كما يقال في لغة أجهزة الاستخبارات عندما يكون الشخص الذي جرى اصطياده ذا وزن. صحيح أن قاآني لم ينجح فـي رسـم هالة مـن حوله مثل التي كـان سليماني قد رسـمـهـا مــن حــولــه، ولـكـن قــاآنــي يجلس فــي الـنـهـايـة أو كـان يجلس على رأس «فيلق القدس» بكل ما يقال عن إمكاناته. وقد جـاءت أوقـات في مرحلة ما بعد اغتيال نصر الله جرى فيها استخدام عبارة «فقدان اتصال» بكثرة، وفي كل المـرات كان الحديث عن فقدان الاتصال بقيادات في الحزب، غـيـر أن الـفـقـدان الأكــبــر كـــان طبعاً بصفي الــديــن ومـــن بعده قاآني. ومن طول استخدام العبارة، فقد راحت تتردد من دون أن ننتبه إلى أنها صارت وكأنها موضة في موسم اصطياد القيادات في «حــزب الـلـه»، وربما في «فيلق الـقـدس»، ولكن بدرجة أقل بطبيعة الحال. الكلام حول قاآني بالذات متضارب، ويقال عنه الشيء وعكسه، وإلى أن يتبين مدى فقدان الاتصال بقيادي الحزب وقيادي الفيلق، وما إذا كان فقداناً نهائياً، أم أنه فقدان مؤقت يرتبط بظروفه، أم أنـه تمويه وتعمية، فسوف يكون علينا أن نتوقف أمام فقدان اتصال على مستوى آخر في الحالتين الإيرانية والجنوب لبنانية. ســــوف يــكــون عــلــى «حــــزب الـــلـــه» أن يـقـفـز فــــوق فـقـدانـه الاتصال بالقيادي المرشح، وأن ينتبه إلى أنه فقد الاتصال مــنــذ فـــتـــرة طــويــلــة بـــالـــدولـــة الـلـبـنـانـيـة ذاتـــهـــا، وســــــواء كــان المقصود بالدولة اللبنانية هنا الحكومة أو الشعب اللبناني، فــفــقــدان اتـــصـــال الـــحـــزب بـالـحـكـومـة وبـالـشـعـب كـــان واحــــداً، ووقوفه في طريق الحكومة والشعب لم يكن يختلف. فقد الـحـزب اتـصـالـه بلبنان الحكومة والـشـعـب، ففقد الاتصال بجذوره التي لم يكن له لينفصل عنها، إلا إذا كان النبات يمكن أن ينفصل عن جذوره ثم تُكتب له الحياة. وفقدت إيران اتصالها بالمنطقة من حولها، قبل أن تفقد اتصالها بقائد «فيلق القدس»، وما يقال عن الحزب هناك في لبنان يقال هنا عن إيران بالنسبة للمنطقة. كانت الحكومة الإيــرانــيــة تــفــاوض إدارة الــرئــيــس الأمــيــركــي الأســبــق بـــاراك أوباما على برنامجها النووي، وكانت في الوقت نفسه تأبى أن تفاوضحول سياستها في الإقليم أو أذرعها فيه، وكانت تــرفــض أن تــصــدق أو حـتـى تـــرى أن إقـلـيـمـهـا أبــقــى لـهـا من برنامجها النووي، لأن مثل هذا البرنامج متغير ومتحول، ويخضع لما تخضع له المتغيرات والمتحولات، ولكن الإقليم ثابت ثبات الجغرافيا. تعرف الحكومة الإيرانية أن القوى الفاعلة في العالم لن تمرر برنامجها الـنـووي، وإذا كانت هي تطرق بابه من سنين، فليس معنى ذلـك أنها سيُسمح لها بالدخول، ومع الـفـارق فــإن الأمــر يشبه حالة تركيا التي تــدق بــاب الاتحاد الأوروبـــي، بينما تعرف أنها ربما تقضي العُمر وهـي تدق الـبـاب. ولـقـد استنزفت إيـــران نفسها جـريـ وراء برنامجها إياه، وكانت تستنزف معها المنطقة والإقليم. الأهـــم مــن مــعــاودة الاتــصــال بـقـائـد «فـيـلـق الـــقـــدس»، أن تتواصل إيران بمنطقتها وإقليمها بجد، والأهم من معاودة «حـــزب الـلـه» اتـصـالـه بصفي الـديـن إذا كــان لا يـــزال حـيـ ، أن يتواصل الحزب بجد أيضاً مع لبنان الحكومة والشعب، ولا يكون عبئاً عليهما. حدود البطش منذ تسلمت إسرائيل دفة الحرب، لم نعد نسمع عن الـسـ م، سـوى مـرة واحـدة في السنة، حين تمنح نوبل جائزتها كلما حلّ أكتوبر (تشرين الأول)، لشخصكان له دور في وقف عنف، أو تخفيض تصعيد، لـذا فلا بـأس أن تعطى لمن تلوثت أيديهم بالدماء، وأعلنوا شيئاً من التوبة. من ثمّ منحت الـجـائـزة لإنسانية محمد يونس، وروحـــانـــيـــة الأم تـــيـــريـــزا، مـثـلـمـا أعـطـيـت لمناحيم بيغن المقاتل العتيق في عصابات الــهــاغــانــا، وشـمـعـون بـيـريـز المـــســـؤول عن تسليح طلائع القوى الصهيونية المحتلة .1948 في فلسطين في حرب هكذا لم يعد السلام موجوداً بوصفه مفهوماً مـسـتـقـ ً، وإنــمــا بـوصـفـه نقيضاً لــــلــــحــــرب. وكــــأنــــمــــا الــــعــــنــــف هـــــو الأصـــــــل، وتـعـايـش الـنـاس فـي وئـــام هـو الاستثناء الصعب، إن لم يكن المستحيل. ولو أخذنا مـنـطـقـتـنـا الـــعـــربـــيـــة مــــثــــ ً، فـــــإن المـــطـــروح خــيــاران، لا ثـالـث لهما: هـدنـة مؤقتة بين حربين، أو نار مشتعلة. وبــمــا أنــنــا فـــي الــخــيــار الـــثـــانـــي، فقد ذهـــب نـتـنـيـاهـو، بـجـنـونـه الـعـسـكـري إلـى أقصاه، حد تحويل الحرب من «قتال» كما هو معهود، إلى «قتل جماعي» و«إبـادة»، مـع رفـضـه لأي وقــف لإطــ ق نــار فـي غـزة، واستعاضته عن ذلك بفتح جبهات جديدة فـــي كـــل اتــــجــــاه، حــتــى إنــــه يـقـصـف لـبـنـان والــيــمــن وســـوريـــا وغــــزة فـــي وقــــت واحــــد، لـلـتـدلـيـل عـلـى تـفـوقـه، واســتــعــراض قوته أمـــــام أهــــل المـنـطـقـة أجــمــعــ . وفــــي خضم الاسـتـعـراض، ذهـبـت الـطـائـرات فـجـأة إلى شمال لبنان، وقصفت في مخيم للاجئين مـسـؤولاً فـي «حــمــاس»، قتلته مـع زوجته وأطـــفـــالـــه؛ لا لأن هــــذا الــحــمــســاوي يشكل خطراً على إسرائيل، بل لتقول في بيانها إنها وصلت إلى طرابلس ثاني أكبر مدينة لبنانية. وعـلـى غـــرار غـــزة، بـعـد ضـــرب المـنـازل الآمــــنــــة، وتــهــجــيــر الـــســـكـــان، بــحــجــة أنـهـم يــقــطــنــون مــنــاطــق لـــــ«حــــزب الــــلــــه»، أخـــذت إســرائــيــل فــي مـ حـقـة الــهــاربــ المـدنـيـ ، في المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء، تـقـتـل عـنـاصـر الـــدفـــاع المـــدنـــي والمـسـعـفـ والصحافيين. ذلك لأن لإسرائيل سيناريو واحد أينما بطشت وقصفت، وهو: القتل الـعـشـوائـي، وتدمير البنى التحتية وبث الفوضى. لــكــن، هــل هـــذا مــا يـصـنـع الانــتــصــار؟ «مـنـذ الـحـرب العالمية الـثـانـيـة، لـم تتمكن قـــــــوة اســــتــــعــــمــــاريــــة واحـــــــــــدة مــــــن هـــزيـــمـــة مــجــمــوعــات مـــقـــاومـــة». ويــتــحــدث بــرنــارد بــــــادي، الـــبـــاحـــث الــفــرنــســي فـــي الــعــ قــات الـدولـيـة، فـي كتابه الجديد «فـن الـسـ م»، عن نتيجتين ممكنتين لمثل هذه الحروب: إمـا العودة إلـى نقطة الصفر، كما الحرب الكورية، أو انتصار القوى المقاومة. فــي حـــرب الـجـزائـر انـتـصـرت فرنسا، وقـــالـــت إنـــهـــا قــضــت عــلــى الــــثــــورة، لكنها اضـطـرت بعد حـ إلـى الانـسـحـاب، لنجد الـــــثـــــوار فــــي الـــحـــكـــم. حـــــرب فـــيـــتـــنـــام الــتــي أحرقت خلالها أميركا، ما لا يحصى من الفيتناميين بقنابل النابالم، خرجت تجرّ ألفجندي 60 ذيول الخيبة، وما لا يقل عن قــتــيــل. وفــــي الــــعــــراق قــضــت أمـــيـــركـــا على عشرات آلاف العراقيين، ونشرت الفوضى بدل الديمقراطية، ومن أفغانستان خرجت هــاربــة يـلـحـق بــذيــل طـائـراتـهـا عـمـ ؤهـا. الـــــقـــــوي فـــــي كـــــل هــــــذه الــــــحــــــروب يـنـتـصـر عسكرياً، ثم سرعان ما يجد نفسه مهزوماً سياسياً. «حــــتــــى الــــحــــربــــ الـــعـــالمـــيـــتـــ ، كـــان المنتصر يفرضشروطه، ويغير معادلات، ويـــقـــلـــب أنـــظـــمـــة، لـــكـــن مــــن حــيــنــهــا بــاتــت الحروب أكثر فتكاً، وتكلف أثماناً باهظة، ولم تعد تحمل حلولاً في خواتيمها، على الــطــريــقــة الــكــ ســيــكــيــة، كــمــا فـــي الـقـرنــ الثامن عشر والتاسع عشر وبـدايـة القرن العشرين». يـضـرب الـجـيـش الإسـرائـيـلـي بـيـروت بقنابل اليورانيوم، ويحرق بالفوسفور، ويـعـرض قـدراتـه التدميرية، كـل ليلة عبر البث التلفزيوني المباشر، بإحراق عشرات المـبـانـي وإسـقـاطـهـا كـالـكـرتـون، وكــأنــه لم يتعلم أن التخويف والتسلط والإرعــــاب، لــيـــســـت وســــائــــل نـــاجـــعـــة لــتــحــقــيــق الأمــــن أكــتــوبــر الـــذي 7 لإســـرائـــيـــل، بـدلـيـل وقــــوع أتاهم من حيث لا يدرون. وبما أن إسرائيل لا تملك سوى الحرب رداً على كل الأسئلة، فهي مضطرة عند كل مشكلة، أن تزيد من نسبة وحشيتها. «أتــــــحــــــدى أن تـــــجـــــدوا حــــالــــة لـــحـــرب واحدة، انتهت بانتصار واضح، وسمحت لــلــمــنــتــصــر بـــــأن يــجــنــي ثــــمــــاراً سـيـاسـيـة لـــصـــالـــحـــه، مـــنـــذ الــــحــــرب الـــثـــانـــيـــة. نـحـن بتنا نـخـوض حـروبـ مـن أجــل الــحــروب». وبرنارد بادي ليس وحيداً في رأيـه، هذا. الدبلوماسي اللبناني، والـوزيـر السابق، الـــكـــاتـــب غـــســـان ســــ مــــة، حــــ يـــســـأل عـن خلاصة تجربته في حلّ النزاعات مبعوثاً لـــــدى الأمــــــم المـــتـــحـــدة يــــــروي أنـــــه فــــي عـمـر الثالثة والسبعين، عاش خمسين سنة من الـــحـــروب، أولاهــــا فــي بــلــده لـبـنـان، ثــم في العراق وليبيا. وهذا كله له ثمن شخصي. وقال: «أعطيت دروساً كثيرة لطلابي في موازين القوى، وتغيرها، وتبدّل أدوات الحرب، لكنني وصلت إلى نتيجة واحدة: ليس بمقدور الحرب أن تحلّ أي مشكلة». سوسن الأبطح لم يتعلم الجيش الإسرائيلي أن التخويفوالتسلط والإرعاب ليست وسائل ناجعة لتحقيق الأمن الأهم من معاودة الاتصال بقائد «فيلق القدس» أن تتواصل إيران بمنطقتها وإقليمها بجد ترسيخ الوحدة الوطنية هو بتبني الحكومات لسياسة عليا تحول دون امتهان الهويات الصغرى توفيق السيف سليمان جودة

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky