issue16752

الثقافة CULTURE 17 Issue 16752 - العدد Wednesday - 2024/10/9 الأربعاء ماريو فارغاسيوسا علىالمحك منزل كارلساندبورغ «كونّيمارا» هو الاسم الذي تعرف به الدارة الرابضة فوق هضبة أمام سلسلة جبال كارولاينا الشمالية، تحيط بها صنوبرات معمّرة وبحيرات وقمم مكللة بالثلوج، وفـي جـوارهـا منازل عريقة تكاد تحجبها الأشجار والنباتات، وتسرح حولها قطعان الماعز والغزلان البرية. ويقول الساكنون هنا إنهم من حين لآخر يشاهدون دببةً تحوم حول البيوت بحثاً عن طعام لصغارها، لكني لم أحظَ برؤيتها خلال نزهاتي الصباحية في هذا المكان الساحر. كان ساندبورغ في السابعة والستين من عمره عندما وصل إلى هذه ، وأدهشه جمال الطبيعة فقرر شراء «كونّيمارا»، حيث 1945 المنطقة في عام أمضى ما تبقّى له من عمر حتى مماته. شهد ساندبورغ النور في إيلينوي من والدين هاجرا إلى الولايات المتحدة من السويد، وعلى غرار 1878 عام العديد من الكتّاب الأميركيين عاش حياة حافلة بالمغامرات، تنقّل خلالها من البيع الجّوال في القرى والدساكر، إلى الالتحاق بالجيش النظامي، ثم ممارسة الصحافة وقرض الشعر وتأليف الأغاني الشعبية، مصحوباً دائماً بقيثارته التي كان يعزف عليها في المهرجانات والحفلات ومحطات القطار. كان اشتراكياً في شبابه، وموظفاً في الحزب الاشتراكي الـذي كان له عدد من رؤساء البلديات والبرلمانيين في الولايات الوسطى من الغرب الأميركي. لم يكن ساندبورغ كبيراً بين الشعراء، خصوصاً وأنه من جيل إليوت وباوند، لكن قصائده كانت جذّابة تحظى بشعبية واسعة بين عامة القرّاء. كـان ويتمان ملهمه الأول في الأشـعـار التي نظمها حـول الناس العاديين، من جـزاريـن وفلاحين إلـى عمال المناجم والحمالين، وحــول التطور المـادي الذي كانت بدأت تظهر آثـاره في ناطحات السحاب والقطارات التي تمخر عباب الجبال، وفـي تـرويـض الطبيعة وتسخيرها لمستقبل واعــد بالرفاه بـعـنـوان «نـشـوة 1904 والـــســـ م. صـــدرت مجموعته الـشـعـريـة الأولــــى عـــام هوجاء»، تبعتها مجموعات أخرى مثل «دخان وصُلب»، «أشعار شيكاغو» و«صباح الخير أمريكا». لكن شهرته جاءت مع سلسلة المقالات التي كتبها 1919 ) حـول أحــداث عرقية دامية وقعت في شيكاغو أواســط يوليو (تموز وذهبضحيتها عدد كبير من القتلى والجرحى إثر مواجهات نشبت بسبب تـعـرّض شـاب زنجي للضرب المـبـرح على يـد مجموعة مـن الشبّان البيض لأنه تجاوز الحاجر العرقي الفاصل في حمّام للسباحة. هذه المقالات التي انتهيت مـن قـراءتـهـا منذ قليل، فيها نفس ملحمي طـويـل وبـعـد أخلاقي عميق يذكّر بالروايات الكبرى التي وضعها درايزر وستياباك. تميّز شعر سـانـدبـورغ خــ ل المـرحـلـة الأولـــى بـالـوضـوح والبساطة، ثـم تـــدرّج نحو التعقيد والباطنية مـع بلوغه الشيخوخة، وحـظـي دائماً بـجـمـهـور واســـع مــن الـــقـــراء. لـكـن دخــولــه بـــاب الـخـلـود تــكــرّس عـنـد صــدور السيرة التي وضعها حـول إبـراهـام لنكولن واستغرقت كتابتها أكثر من عشر سنوات، وأمضى معظم حياته في مراجعتها وإثرائها، ونـال عليها «جائزة بوليتزر». تقع هذه السيرة في ستة أجزاء ضخمة، وهي موجودة في جميع المكتبات العامة والمدارس الأميركية، وهي أحد الدوافع الرئيسية التي تجذب السياح معي هذا الصباح لزيارة المتحف المخصص له هنا في كارولاينا الشمالية. لــم أحــــاول أبـــداً قــــراءة هـــذه الـسـيـرة الـطـويـلـة رغـــم أن الـكـتـب الضخمة والطموحة تستهويني بشكل خــاص. ولعل السبب فـي ذلــك هـو مـا قرأته بريشة الناقد الأدبي المعروف أدموند ولسون، الذي أكنّ له الإعجاب وأواظب على متابعته، حيث قال: «أسوأ فاجعة أصابت إبراهام لنكولن بعد اغتياله، كان وقوعه بين يدي كارل ساندبورغ». مع زوجته المولودة 1945 انتقل ساندبورغ إلى هنا من ميشيغان عام ألف كتاب وقطيع 14 في اللوكسمبورغ، وبناته الثلاث وحفيديه، إلى جانب من الماعز. وخلال الأعمال الترميمية للمنزل نقلت المكتبة التي صارت تضمّ ألف كتاب إلى مكان آخر تنتظر إعادتها إلى موقعها الأصلي قريباً فوق 17 الرفوف التي تطلّ على ثلاثة طوابق خشبية وبهو فسيح يشرف عليه بيت صغير للحمام كــان سـانـدبـورغ يمضي فيه الليالي مطالعاً وكـاتـبـ . كان يستيقظ متأخراً فـي الصباح وينصرف، بعد الـغـداء، لـقـراءة مـا كتبه في الليل لأفراد عائلته، أو للعزف على قيثارته، ثم يجول لساعات في الطبيعة المجاورة. خلال الأوقات التي كان ساندبورغ يمضيها في المطالعة والكتابة، أو في استكشاف الجبال والغابات المحيطة بالمنزل، كانت زوجته ليليان تهتم بقطيع الماعز تساعدها بناتها وحفيدتها الكبرى. وقد أفلحت زوجته في مهمتها لدرجة أن مدخول الأسرة من الألبان التي كانت تنتجها تجاوز ما كانت تـدرّ عليها حقوق المؤلف لشاعرنا وكاتبنا، حتى أن السيدة ليليان دخلت تاريخ الصناعات الأميركية إذ كانت مؤسسة اتحاد مصانع الألبان فـي الـولايـات المتحدة ورئيسته الأولـــى، ومـا زال قطيع المـاعـز، المتحدر من القطيع الأول، فـي حظيرة يستقطب فضول أبـنـاء السياح وأحـفـادهـم إلى اليوم. وهبت الأسرة جميع كتبه ومخطوطاته 1967 بعد وفاة ساندبورغ عام ورسومه وصــوره ومراسلاته الضخمة إلـى حكومة الولاية التي جمعتها ورتبتها في هذا المتحف الذي ينظمّ نشاطات ثقافية ومحاضرات ومنتديات وحفلات موسيقية ومهرجانات شعرية طوال العام. لكن أكثر ما استوقفني في هذه الزيارة كان المكتبة والمتجر عند مدخل المتحف، حيث تعرض للبيع جميع أعماله وصـــوره، وتسجيلات بصوته يتلو فيها قصائده، وجميع أنواع السلع التي تحمل مقتطفات من أشعاره وكتاباته، إضـافـة إلـى تسجيل لمقابلة طويلة أجـراهـا سـانـدبـورغ مـع أحد الصحافيين، يسهب فيها بشرح آرائه حول الشعر والكتابة، والحديث عن كتابه المفضلين. توحي تلك المقابلة بأنه كان رجلاً صالحاً وطيّباً، ربما أكثر مما ينبغي ليكون شاعراً كبيراً، عـاش حياته بكثافة، لكن بسطحية ومن غير أن يسبر عمق المأساة الوجودية، وبعد عبوره الصاخب في مراحل عدة، اكتشف في هذا المكان الهادئ والجميل أن الحياة، رغم ما فيها من مرارة ومظالم، تستحق أن نعيشها في كنف مثل هذه الطبيعة الخلابة. كم تبدو بعيدة عن هذا المكان الحروب والإرهاب والاستبداد والجوائح والمــجــاعــة. هــنــا، نــكــاد نــصــدّق أن الانـــســـان يُـــولـــد، ويـبـقـى، طـيّـبـ ، وأن سر السعادة معلّق بأهداب النجوم، وعيون الحيوانات الأليفة، ورفرفة أجنحة العصافير التي تتهافت في الصباح الباكر على حبّات القمح التي تنثرها تحت أوجارها في الليل. تشهد لفن تصويري يعكس أثر ميراث بلاد السند حصاة بنصلت... أهي قبلة بيت الصلاة؟ وصـــل الـعـالـم الـجـيـولـوجـي الأمـيـركـي 1973 روبــرت كولمان إلـى عُمان في خريف لإنــــجــــاز دراســــــــة عــلــمــيــة مـــعـــمّـــقـــة تـــتـــنـــاول تكوين طبقات أرض هذه البلاد، وعاد إلى بعدما أنهى مهمته 1974 موطنه في شتاء الاستكشافية. توقّف الباحث خلال تجواله أمام شواهد الفنون الصخرية التي تشكّل أقـدم أنــواع التدوين الإنساني، وأشــار إلى صــخــرة كـبـيـرة تتميز بـنـقـوش تصويرية آدمـيـة ناتئة. أثـــارت هــذه الصخرة فضول العلماء منذ ذلــك الـتـاريـخ، وعُــرفــت باسم «صـخـرة كـولمـان»، نسبة إلـى الجيولوجي الذي سلّط الضوء عليها، وهي في الواقع صــــخــــرة مــــعــــروفــــة مـــحـــلـــيـــ ، وتــــســــمّــــى فـي موطنها حصاة بن صلت، نسبة إلى فارس أسطوري يُدعى صلت، تناقل الرواة قصته على مدى أجيال. تقع هذه الصخرة في ولايـة الحمراء، فـــــي مـــحـــافـــظـــة الــــداخــــلــــيــــة، وتــــبــــعــــد نــحــو كــيــلــومــتــر مــــن مـــركـــز هـــــذه الـــــولايـــــة، حـيـث تــنــتــصــب وســـــط وادي الــــخــــوض، مـلـتـقـى أوديـــة المنطقة، عند سفح مـوقـع قــرن كدم الــــذي يــحــوي الــعــديــد مـــن المــعــالــم الأثـــريـــة. أمـتـار عن 3 ترتفع حـصـاة بـن صلت نحو قـــاع الـــــوادي، وســـط أشــجــار مــورقــة تحيط جـــهـــات، ويــــذكّــــر اســمــهــا بـاسـم 3 بــهــا مـــن «معبد تـي صـلـت» الأثـــري الـــذي يقع غرب جـبـل كــــدم، مـــا بـــ مــوقــع قـــرن كـــدم وقـريـة غمر. يعود هـذا المعبد إلـى الألفية الثالثة قبل الميلاد، ويحمل اسماً باللغة السلوتية يشير إلــى «بـيـت الــصــ ة»، ويـــرى البعض أن الصخرة التي تُسمّى حصاة بن صلت تشكّل قبلة لـه، غير أن هـذه الـقـراءة تفتقر إلى أي سند، وتبقى افتراضية. فـي المـقـابـل، يتناقل الــــرواة جـيـً بعد آخـر قصة تدخل في خانة الأدب الشعبي، بطلها فــارس مغوار يُدعى صلت، تربّص بـه أعــــداؤه، فغمروا الطريق التي يسلكها بالمياه حتى صارت وحلاً. وقع الفارس في هذه المصيدة حين انغرست قوائم حصانه في الـوحـل، فترجّل عنه، وأخـرجـه من هذا الـــوحـــل، وحـــ وجـــد نفسه أمـــام الصخرة التي تحدّ طريقه، عاد إلى الخلف، وانطلق بـــســـرعـــة، ونـــجـــح فــــي اجـــتـــيـــازهـــا بـــعـــد أن ضرب حصانه بقوائمه قمة هذه الحصاة، فأحدثت حفرة لا تزال باقية، كما تركت أثراً للدماء الـتـي سـالـت منها، تشهد لـه البقع الـحـمـراء الـتـي لا تـــزال ظـاهـرة فـي الجانب الـغـربـي مــن الــحــصــاة. تــدخــل هـــذه القصة في خانة الحكايات الشعبية التي تأسّست على نقوش صخرية تصويرية، ولا تشكّل بـالـتـالـي أي أســــاس عـلـمـي لـــقـــراءة المشهد التصويري الــذي يمثّله هـذا النقش، وهو نــقــش نـــاتـــئ، بـــخـــ ف مـــا نـــــراه فـــي نـقـوش سلطنة عمان الأثـريـة الصخرية، ولا نجد ما يماثله في ميراث جنوب شرقي الجزيرة العربي الخاص بهذا الميدان. يـــعـــود هــــذا المــشــهــد الـــتـــصـــويـــري إلــى النصف الثاني من الألف الثالث قبل الميلاد كـمـا يــرجّــح كـبـار المـخـتـصـ ، ويـتـألـف من صــــورتــــ . تــحــضــر الــــصــــورة الأولــــــى على أشخاص 4 الوجه الجنوبي، وتجمع بين مــنــهــم ظــــاهــــرة، وتــآكــلــت 3 بــقــيــت مـــعـــالـــم ملامح رابعهم. في المقابل، تحضر الصورة 3 الثانية على الوجه الشمالي، وتجمع بين أشخاص، طمس الزمن ملامح اثنين منهم بشكل شبه كامل. يحضر هذا النقش على مـسـاحـة صـخـريـة مـلـيـئـة بــالــنــتــوءات، ولا يمكن قــــراءة عـنـاصـره بشكل جـلـيّ إلا من خلال الرسوم التوثيقية العلمية. عـــلـــى الــــوجــــه الـــجـــنـــوبـــي، يــحــضــر فـي الوسط رجل يرتدي مئزراً، يقف منتصباً، رافـــعـــ ذراعـــيـــه نـحـو الأعـــلـــى، حـــامـــً بـيـده اليمنى أداة تمثّل على الأرجـــح سـ حـ ذا طرف حاد. يظهر هذا المحارب في وضعية المواجهة، على ارتفاع مترين ونصف المتر، وتظهر قـدمـاه فـي وضعية جانبية. يحد مـــئـــزره حـــــزام تــزيــنــه سـلـسـلـة مـــن الـحـبـات الكروية، وتظهر على قدمه اليسرى حبات مـشـابـهـة مــرصــوفــة عـــمـــوديـــ ، مــمــا يـوحـي بـأنـه ينتعل حـــذاء طــويــً مــن الــنــوع الــذي يُـــعـــرف بــالــجــزمــة. مــ مــح الـــوجـــه ظــاهــرة، وتـــتـــكـــوّن مـــن عــيــنــ دائـــريـــتـــ فــارغــتــ ، وأنف مستطيل أفطح، وفم مطبق صغير، يتوسّطه شـقّ أفقي يحدّ شفتيه. الكتفان عــريــضــتــان ومـــقـــوّســـتـــان، والـــصـــدر أمـلـس وعــــارٍ مــن أي تـفـاصـيـل تـشـريـحـيـة. الـيـدان 5 ظــــاهــــرتــــان، وتـــتـــمـــثّـــل مـــ مـــح الــيــمــنــى بــــ أصـــابـــع تـقـبـض عــلــى الـــســـ ح المــنــســلّ في 5 الأفـــــــق، كـــمـــا تــتــمــثّــل مـــ مـــح الـــيـــســـرى بــــ أصابع متراصفة كأسنان المشط. عن يمين هذا المحارب، يحضر شخص يقف كـذلـك فـي وضعية المـواجـهـة، وتشير مـ مـح وجـهـه وشــعــره الـطـويـل إلـــى هوية أنـــثـــويـــة، وتـــتـــأكـــد هـــــذه الـــهـــويـــة بـحـضـور دائــــرتــــ مـــجـــردتـــ تــســتــقــران أفــقــيــ عند أعلى الـصـدر. تبدو هـذه المـــرأة زوجــة لهذا المـــحـــارب، وتــمــاثــل مــ مــح وجـهـهـا ملامح رفيقها من حيث التكوين. يبلغ طول هذه متر، وتحضر منتصبة في وقفة 1.25 المرأة جـامـدة تخلو مـن أي حـركـة، مـرتـديـةً ثوباً بسيطاً يعلوه حـــزام يلتفّ حــول الخصر، وتـــبـــدو ذراعــــاهــــا مـتـصـلـتـ بــبــدنــهــا. عن يـــســـار المــــحــــارب، عــنــد أقـــصـــى طــــرف وجــه الـصـخـرة الـجـنـوبـي، يـظـهـر شـخـص ثالث صــــوّر بـقـيـاس أصــغــر حـجـمـ ، مــمّــا يوحي بـأنـه ابـــن هـذيـن الـــزوجـــ . يبلغ طـــول هـذا سـنـتـيـمـتـراً، ويـمـاثـل فــي وقفته 80 الـفـتـى وقـــفـــة أمــــــه، ويـــظـــهـــر وجـــهـــه بــشــكــل جــلــي، وهو وجه دائري، وملامحه مماثلة لملامح والديه. فـــي الـــطـــرف المــقــابــل، يـظـهـر الشخص الرابع الذي امّحت ملامحه، وهو رجل يبلغ متر، يقف في وضعية مماثلة، 1.55 طوله مرتدياً مئزراً مماثلاً لمئزر جـاره المحارب. يرفع هذا الرجل ذراعه اليمنى نحو الأعلى، حاملاً بيده أداة امّحت صورتها، ويرخي ذراعه اليسرى نحو الأسفل. يتكرّر حضور هذا الرجل على الوجه الشمالي للصخرة، وتـــبـــدو ذراعــــــاه مـنـسـدلـتـ نـحـو الأســفــل. إلـــى جــانــب هـــذا الـــرجـــل، يـحـضـر مـــن جهة الـيـسـار شخصان امّـحـت معالمهما، وهما يـمـثـ ن رجـــً وامـــــرأة، كـمـا تـوحـي الـصـور الــفــوتــوغــرافــيــة الــتــي الـتُـقـطـت مـنـذ نصف قرن. تـــقـــدّم هـــاتـــان الـــصـــورتـــان الـجـامـعـتـان مشهداً يصعب فك رموزه ودلالته، والأرجح أنــــــه يـــعـــكـــس وجــــهــــ مـــــن وجـــــــوه الـــــروابـــــط الاجـتـمـاعـيـة الــتــي نــشــأت فــي تـلـك الحقبة التي عُرفت فيها شبه جزيرة عُمان باسم ماجان. على الصعيد الفني، تشابه قامات هذا المشهد في تكوينها قامات تحضر في شواهد أثرية أخرى معاصرة لها، وتشهد لـــفـــن تـــصـــويـــري يــعــكــس أثـــــر مــــيــــراث بـــ د السند الفني، كما تؤكّد الدراسات الخاصة بهذا الميدان. النقشالتصويري الذي يظهر على الوجه الجنوبي لحصاة بنصلت معرسم توثيقي له محمود الزيباوي تقدّم الصورتان الجامعتان المنشورتان مشهداً يصعب فكرموزه ودلالته والأرجح أنه يعكس وجهاً من وجوه الروابط الاجتماعية في الحقبة التي عُرفت فيها شبه جزيرة عُمان باسم ماجان «نداء القرنفل» لمصطفى موسى صدر حديثاً عن دار «نوفل- هاشيت أنــطــوان» روايـــة «نـــداء القرنفل» للكاتب المصري مصطفى موسى، التي يطعّمها الــكــاتــب بـــالأحـــداث الـسـيـاسـيـة مـــن دون أن تحضر الـتـواريـخ بشكل مـبـاشـر. إلا أن تـــحـــوّلات مــصــر تــظــلّــل الـشـخـصـيـات وترافقها. ثلاث عائلات أساسية نتابع قــدومــهــا مــن قــريــة أم عـــــزّام. تـلـك الـقـريـة الـتـي تـتـفـرّع منها القصص لتمتد إلى الــقــاهــرة والإســكــنــدريــة. الــزمــن فــي هـذه الـــروايـــة عـنـصـر مـحـكـم. يـتّـسـع لأجـيـال مختلفة نادراً ما تنجو مما ورثته! يقول الناشر عن الرواية: «نــــــداء الـــقـــرنـــفـــل... لـــكـــلّ واحــــــدة من شـخـصـيّـات الـــروايـــة قطنتها الـخـاصّـة، كـــتـــلـــك الـــقـــطـــنـــة الــــتــــي كــــــان يــــــــروي بـهـا الـشـيـخ بحبح عطشه فــي أيّــــام القحط. الـقـطـن نفسه تـبـخّـر لـــدى وفــاتــه، بينما جـــثّـــتـــه تــنــتــظــر المــــــــــادّة الـــبـــيـــضـــاء لــســدّ فـــتـــحـــات جــــســــده. ثـــمّـــة قــطــنــة لـــكـــلّ داء. يـــصـــلُ ســـلّـــم الارتـــــقـــــاء الــطــبــقــي إلـــــى يـد جـــابـــر الـــرفـــاعـــي وزوجــــتــــه ســـامـــيـــة، فلا يـــرفـــضـــانـــه، لــيــصــبــحــا ســــيّــــدَي الــبــيــت. عــــائــــ ت تـــتـــســـلّـــق وأخــــــــرى تــــهــــوي إلـــى الــــقــــاع. ســــبــــاقٌ مـــتـــواصـــل لــ نــقــضــاض على الغنائم. عزيز باشا يُـورث سلالته أملاكاً مطعّمة بالجنون. جنازته تتزامن مع صخب الحناجر التي تُطالب جمال عـــبـــد الـــنـــاصـــر بـــالـــتـــراجـــع عــــن تــنــحّــيــه. زيـــنـــب تـــخـــرج صــبــاحــ مـــن مستنقعات العشش، لتغرق في مستنقعات المرضى وســـوائـــلـــهـــم داخـــــل المــســتــشــفــى. أجـــيـــالٌ تـتـوالـى، ونـــادراً مـا تُفلت مـن ماضيها، إّ بطمره تماماً، فالميراث صلبٌ لا يمكن إزاحـتـه بخفّة. تتّسع الــروايــة لـكـلّ هـذا. بين القاهرة والإسكندرية وقرية أمّ عزّام تتفرّع القصص، ويمتدّ الزمن... تغوص الأحـــــداث فـــي الـــواقـــع المـــصـــري، وتُــرصــد تحوّلات البلاد السياسيّة والاجتماعيّة طــــــــــوال عــــــقــــــود، لــــكــــن مــــــن خــــــــ ل أعــــ الشخصيّات وخياراتها وأهوائها». مــصــطــفــى مــــوســــى: روائـــــــي وقـــــاصّ مــــصــــري، لــــه ســـبـــعـــة إصــــــــــدارات أدبــــيّــــة، ومــــقــــالات مــتــفــرّقــة فـــي مـــجـــ ت مـصـريـة وعـــربـــيـــة. حــصــل عــلــى المـــركـــز الأوّل في الـــقـــصّـــة الـــقـــصـــيـــرة مــــن «مــــركــــز مـــســـاواة . ووصـلـت 2012 لـحـقـوق الإنـــســـان» عـــام روايته «السنغالي» إلى القائمة القصيرة .)2016( لجائزة «ساويرس» الأدبيّة «نــداء القرنفل» هي روايـتـه الثانية عــن «دار نــوفــل» بـعـد «دوائــــر العميان» .)2023( بيروت: «الشرق الأوسط»

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky