issue16752

لا أدري مـــا ســتــكــون عــلــيــه الـــحـــال فـــي الــشــرق الأوســــط وقـــت نـشـر هـــذا المـــقـــال؛ مــا هــو حــــادث وقـت كـتـابـتـه كـــان الاســـتـــعـــدادات الإســرائــيــلــيــة لــلــرد على الضربة الإيرانية، بينما قامت بضرب قلب بيروت وشــــنّ هـجـمـات مـتـتـالـيـة عـلـى الــجــنــوب، وقــبــل ذلـك حلقت طائراتها فـوق البحر الأحمر لتسجيل غارة حارقة على الحديدة في اليمن. ما لفتنا النظر إليه طـــوال الأسـابـيـع المـاضـيـة هـو أن «التصعيد» يــزداد فــي مـواجـهـة مـفـاوضـات وقـــف إطـــاق الــنــار. الآن لم تعد هـنـاك مـفـاوضـات، وإن كـانـت هـنـاك مفاوضات على المفاوضات. وما لفتنا النظر إليه أيضاً هو أنه لا يـوجـد لدينا إلا أنفسنا، الـتـي نعتمد عليها في مواجهة موقف بدأ على شكل نوع من الحرب الدورية التي تجري بين «حـمـاس» وإسـرائـيـل، وحملت اسم «حرب غزة الخامسة»؛ ولكنه انتهى الآن على شكل حــــرب إقـلـيـمـيـة تـــتـــورط فـيـهـا إيــــــران وتــوابــعــهــا في الـعـراق وسـوريـا ولبنان وفلسطين والـيـمـن. تصوّر أن الحرب تجري من أجـل القضية الفلسطينية فيه كثير مــن التبسيط، وفـيـه مــا هــو أكـثـر مــن الــخــداع. إسرائيل تتحمل جــزءاً كبيراً مـن المسؤولية نتيجة استمرار احتللها، وازديــاد مستوطناتها، والعنت والظلم والعنصرية في مواجهة عرب وفلسطينيين. ولكننا، أي الدول العربية، من ناحية أخرى نتحمل مسؤولية مَن تَصَوّرَ أن شرر النيران في الجيرة لن يقترب منه، ثـم بعدها تشتعل النيران التي لا قِبل لنا بها. «الربيع العربي» يتحمل مسؤولية الضعف الاستراتيجي الذي ألمّ بالمنطقة، وجعل دول الجوار، خصوصاً إيران وإسرائيل، تتوحش بتدمير الدولة الــوطــنــيــة فـــي بـــلـــدان عــربــيــة، مـــن خــــال ميليشيات حملت علم المقاومة فحلت الميليشيات محل السلطة السياسية في اتخاذ قرارات الحرب والسلم. وفــي الـيـمـن، جـــاءت الميليشيات الحوثية لكي دول، وتعتدي على الدول العربية 3 تقسّم اليمن إلى المــــجــــاورة مـــع تــهــديــد الـــتـــجـــارة الـــدولـــيـــة والإضــــــرار الاقتصادي بمصر. جرى ذلك أمام أعيننا خلل السنوات الأخيرة، حـتـى انـفـجـرت كلها مـــرة واحــــدة فــي بــــوادر لنشوب حــــــرب إقـــلـــيـــمـــيـــة شــــرســــة تــــفــــوق فــــي الـــعـــنـــف كــــل مـا سبقها من أحــداث. إسرائيل بلغ بها النصر مبلغه إلـــى الـــدرجـــة الـتـي تـريـد بـهـا ضـــرب كــل مــن أصابها بصاروخ، ويسبق الضرب اغتيال القيادات المسؤولة الـــذي يـتـم بطريقة فيها قـــدر غـيـر قليل مــن المـهـانـة، كــمــا حــــدث فـــي إيـــــران مـــع اغــتــيــال إســمــاعــيــل هـنـيـة، وفي لبنان مع قتل السيد حسن نصر الله مع رفاقه الـــكُـــثـــر. إيــــــران مـــن نـاحـيـتـهـا تـــريـــد أن تــحــافــظ على مكانتها «الثورية» ونظامها السياسي في الداخل الإيراني من خلل انتصارات زائفة في الخارج. هذه الثنائية العنيفة تـــدوس على دول عربية استبدت بها الميليشيات، وعلى القضية الفلسطينية بجرّها إلى مزيد من الظلم والاحتلل. الآن وقد قامت المملكة العربية السعودية بـالـدعـوة لتحالف دولــي يسعى من أجل حل الدولتين، ويضع الهدف الاستراتيجي فـي المـقـدمـة، ويـدعـو فـي الـوقـت نفسه الـرفـاق العرب والمسلمين والأوروبيين إلى تحقيق انطلقة في هذا السعي. هذه الخطوة المباشرة تحتاج إلى قوة دافعة ذات مصداقية لا يمكن أن تـكـون إلا عربية متصلة بجميع الأطــراف، ولديها من السوابق الداخلية في المشروع الوطني ما يؤدي إلى خلق مشروع إقليمي للأمن والسلم والتنمية. هناك أمران ضروريان في هذا السياق، أولهما أنــه مـع الأهـمـيـة الكبيرة لـلـولايـات المـتـحـدة، فـإنـه لا يـمـكـن الاعــتــمــاد عليها فــي فــض الأزمــــة المــركــبــة من أزمات متنوعة، إلا إذا كان لهذه الأزمة مكون إقليمي واضح. الولايات المتحدة تظهر بعد أن تكون القوى الإقـلـيـمـيـة قـــد قــامــت بــواجــبــاتــهــا، واتـــخـــذت قــــرارات صــعــبــة، والــتــخــلــص مـــن تـقـالـيـد مــرضــيــة مـــوروثـــة. وثــانــيــهــمــا أن حـــل الـقـضـيـة الـفـلـسـطـيـنـيـة، وإعـــــادة الاحـــتـــرام والـتـقـديـر لـلـدولـة الـعـربـيـة، واسـتـعـادتـهـا الـحـازمـة لـقـدرة اتـخـاذ قــــرارات الـحـرب والــســام هي أول الطريق وليس آخره لاسترداد الاستقرار والأمن للمنطقة، وتخلصها مــن فـــزع الـــحـــروب والأزمـــــات. الدعوة هنا تقوم على ائتلف عربي من السعودية ومـــصـــر والإمـــــــــارات والأردن بـــوضـــع اسـتـراتـيـجـيـة شاملة للتعامل مع الأزمة الأم وباقي الأزمات المتفرعة منها، مـن خــال وضــع أهـــداف واضـحـة، واستخدام أدوات السياسة والاقتصاد والدبلوماسية والإعلم للتعامل مع الأزمة المركبة. وبـــصـــراحـــة، فــــإن «تـــحـــالـــف» ولـــيـــس «ائـــتـــاف» المقاومة والممانعة تَـسَـبّـبَ فـي حالة مرعبة مـن عدم الاستقرار في المنطقة بيابسها وبحارها مع تدمير دول قومية طــال زمـــان اسـتـمـرار تمزّقها وتحوّلها إلى منصات مولّدة للإرهاب والأزمات. دول الإقليم، خصوصاً إيران وإسرائيل، تحتاج لتعاملت خاصة واســتــراتــيــجــيــة تـــدفـــع فـــي اتـــجـــاه الأمـــــن الإقــلــيــمــي، وتــحــقــيــق المـــصـــالـــح المـــشـــتـــركـــة فــــي الــــســــام والأمـــــن والتنمية، والبعد عن السلح النووي. حل الدولتين خطوة مهمة وجوهرية، وهي من المنظور الإقليمي أولى الخطوات وليس آخرها. الخروج من الأزمة المركبة يـــدور نـقـاش حـــول ارتـــبـــاط الـجـبـهـات، أسـاسـه فــكــرة كــانــت منطقية فـــي بـــدايـــات وحــتــى منتصف الــــحــــرب عـــلـــى غــــــزة، وهــــــــي... «إن تـــوقـــفـــت فــــي غـــزة فستتوقف على كل الجبهات الأخرى». وقد استخدم الوسطاء بمن فيهم الأميركيون هذا الربط لتقوية إمكانية تحقيق وقفٍ لإطلق النار وإتمام دفعات من التبادل، لعل الأسابيع الستة التي كانت مقترحة بما توفره من هـدوء شامل على كل الجبهات، تنتج أفقاً لحل نهائي والتهيئة للدخول في ترتيبات ما وُصف باليوم التالي. نـتـنـيـاهـو كـــان لـــه رأي آخــــر؛ إذ أغــلــق الأبــــواب بإحكام أمام أي إمكانية لوقف إطلق النار ولو ليوم واحد، وانتهج سياسة وضعت الوسطاء في سباق حــواجــز يـقـطـع الأنـــفـــاس؛ إذ كـلـمـا كــانــت مـحـادثـات الغرف المغلقة تشير إلى احتمال التوصل إلى اتفاق، لـــم يـكـن نـتـنـيـاهـو لـيـكـتـفـي بـمـجـرد إضـــافـــة شـــروط جـــديـــدة، بـــل كــــان يـــطـــوّر عـمـلـيـاتـه فـــي المــــيــــدان، إمّـــا على هيئة مذابح لا مبرر عسكرياً لها أو بتوسيع الاجتياح لمناطق جديدة حتى أوصل الأمور إلى رفح ومـحـور فيلدلفيا والمعبر المـصـري - الفلسطيني، وها هو يقوم بترحيل للمرة الثانية أو الثالثة من شـمـال غـــزة، موجهاً بـذلـك رسـالـة إلــى كـل مـن يهمه الأمر بأن الحرب على غزة ستتواصل حتى تحقيق «النصر المطلق» الذي سعى إليه منذ بدء الاجتياح ، ولـم يتخلّ 2023 ) فـي أوائـــل أكتوبر (تشرين الأول عنه رغم مرور سنة عليه. نتنياهو يربط حربياً بين الجبهات ويعتبرها جــبــهــة واحـــــــدة، ويــعــلــن أنــــه يـــخـــوض حـــربـــ عليها جميعاً فـي وقــت واحـــد، وهــذا هـو الارتــبــاط الفعلي وفق نظرية نتنياهو بين غزة ومن يحارب معها. أمّــا الـحـل، ســواء كـان مؤقتاً أو طويل الأمــد أو حتى دائماً، فل ترابط بشأنه ولكل جبهة منها حلّه الـخـاص، المنفصل عـن حـل الجبهة الأخـــرى توقيتاً ومضموناً. نــــقــــل نـــتـــنـــيـــاهـــو زخـــــــم الـــــحـــــرب إلـــــــى الــجــبــهــة الـشـمـالـيـة، وأعـــلـــن أن هـدفـهـا فـــي غــايــة المــحــدوديــة والـــتـــواضـــع... وهـــو تـوفـيـر إمـكـانـيـة إعــــادة نـازحـي الشمال إلى بيوتهم، معلناً أن التدخل البري سيكون جزئياً ومؤقتاً، كان هذا هو الخطاب الإعلمي اللزم لتهدئة مخاوف الذين يخشون تطور الأمور إلى حد اشتعال حربٍ إقليمية، غير أن ما حدث على الأرض منذ بدء المناوشات المحدودة على الجبهة الشمالية، أن دخلت إسرائيل حرباً شاملةً، على تلك الجبهة وكــــانــــت الاغــــتــــيــــالات الــجــمــاعــيــة لـــلـــقـــادة والــــكــــوادر والــنــشــطــاء مـــن المــســتــويــات كــافــة وفــــي كـــل الأمــاكــن مؤشراً على أن حرب الجبهة الشمالية لن تنحصر في جغرافية الجنوب، أو حتى الضاحية ببيروت، ولـــن يـكـون هـدفـهـا الـرئـيـسـي إرجــــاع الــنــازحــ إلـى بـيـوتـهـم وإنـــمـــا تـصـفـيـة «حــــزب الـــلـــه» أيـنـمـا وجـــد، بتعديلت 1701 وتـحـديـث النسخة القديمة لـقـرار وتطبيقات وفق الأجندة الإسرائيلية. تــصــفــيــة «حـــــــزب الــــلــــه» فــــي لـــبـــنـــان ومـــاحـــقـــة نشطائه أينما وُجدوا، ليست نهاية المطاف بالنسبة لنتنياهو، بل هي مجرد شـرط للذهاب إلـى ما هو أبعد، أي إيران. نتنياهو يدير «أم المعارك» مع إيـران عبر خطٍ تـشـاوري مفتوح مع واشنطن، منذ موقعة البيجر واغتيال القادة وعلى رأسهم السيد حسن نصر الله، وعـلـى جـــدول الأعــمــال بند واحــــد... حتمية توجيه ضربة قوية لإيـران، والمساومات التي يديرها قائد الجبهة الوسطى الجنرال كوريل، تدور حول تجنب إسرائيل ضرب المفاعل النووي، والمنشآت النفطية، بينما يـــرى نتنياهو أن الـفـرصـة الـذهـبـيـة سنحت ولا مجال لإهدارها، وها هو في تلكئه المدروس في أمر الرد، يمارس هوايته في الابتزاز متسلحاً بدعم المتربص ترمب الذي يدعو أميركا إلى رفع تحفظها عــلــى ضــــرب المـــفـــاعـــل الــــنــــووي وغـــيـــره مـــن الأهـــــداف الحيوية الأخـرى، التي ربما تكون مقدمة لتقويض النظام الإيراني وتحييد القوة العسكرية الإيرانية الأساسية بصورة نهائية. أثبت نتنياهو حتى الآن أنه مرّر أجنداته منذ الأيـــام الأولـــى للحرب على غــزة وحـتـى أيـــام الحرب على الجبهة الشمالية، والوقوف على عتبة حرب مع إيران، وما يجري الآن هو وضع الجميع في المنطقة والعالم في حالة انتظار لما ستسفر عنه المحادثات الأميركية - الإسرائيلية، وإذا مـا اتفق على ضربة تحت الأسقف الأميركية أو بـادرت إسرائيل إلى ما فوقها فكل مـا سيجري على كـل الجبهات محكوم بـــمـــا ســتــنــتــجــه الــــقــــوة الإســـرائـــيـــلـــيـــة مــــن مـــعـــادلات أساسها الميدان. نظرية نتنياهو في الربط والفصل بين الجبهات OPINION الرأي 13 Issue 16752 - العدد Wednesday - 2024/10/9 الأربعاء حل الدولتينخطوة مهمة وجوهرية وهي من المنظور الإقليمي أولى الخطوات وليسآخرها عبد المنعمسعيد ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١ ٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghas an Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidro s Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zai Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Gha san Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief A istants Editor-in-Chief Aidr os Abdula iz Zaid Bin Kami S ud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ الرئيس التنفيذي جماناراشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي ssistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا ئي التحرير محمد هاني Mohamed Hani نبيل عمرو نقل نتنياهوزخم الحرب إلى الجبهة الشمالية وأعلن أن هدفها في غاية المحدودية والتواضع

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky