issue16752

OPINION الرأي 12 Issue 16752 - العدد Wednesday - 2024/10/9 الأربعاء وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com محور الفشل والوهم أميركا... فرصة لتصحيح الأخطاء فناء السياسة المحتمل... نـــحـــن أمــــــام حـــالـــتـــن صـــارخـــتـــن فــــي لــعــبــة المــــزايــــدة والمـــغـــامـــرة، الــتــي كـلّـفـت دولاً عـربـيـة الـكـثـيـر مـــن المـآسـي والتدمير. حالتان لا يمكن وصفهما بالسياسة، وإنما المغامرة، وإن شئت قُلْ «البلطجة» السياسية. الأولــــــــــى، ظــــهــــور خــــالــــد مـــشـــعـــل، رئــــيــــس «حــــمــــاس» بالخارج، في الذكرى السنوية الأولــى لحرب غـزة، حيث اعتبر أن خسائر مـا وصفه بـ«محور المقاومة تكتيكية، بينما خـسـائـر إسـرائـيـل اسـتـراتـيـجـيـة». داعــيــا إلـــى فتح جــبــهـات إضــافــيــة، مـــن ضـمـنـهـا الــضــفــة الــغــربــيــة، وخـتـم حـديـثـه مـطـالـبـا أهـــل غـــزة بــالــصــمــود، مـــؤكـــداً أن النصر قـــادم وإن تـأخـر، وهــو خـــارج غــزة بالطبع، وموضحا أن «حماس» عملت جاهدةً للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار، إلا أن إسرائيل عرقلته! الأخرى، الخطاب المتلفز المسجل لنائب الأمي العام «حـــزب الــلــه» نعيم قــاســم، الـــذي قـــال إن إمـكـانـات الـحـزب بــ«خـيـر»، مضيفا: «هـــذه الـحـرب لــم تـمـسّ بـإرادتـنــا ولـن تمسّ بها، ومصممون على المقاومة والمواجهة». وفي الوقت الذي قال فيه قاسم إن «إسرائيل والدول الغربية تحاول الضغط علينا، لنخاف؛ لكننا لا نهابهم»، وإن حـزبـه تخطى «الــضــربــات المـــؤلمـــة... وهـــذه حـــرب من يصرخ أولاً ونحن لن نصرخ»، أعلن تأييد الحراك الذي يقوم به نبيه بري «الأخ الأكبر» لوقف إطلاق النار! وعليه، كلا الرجلي يبشر بأنهما، الحزب والحركة، بــــ«خـــيـــر» رغــــم دمـــــار غــــزة وجـــنـــوب لـــبـــنـــان، والــضــاحــيــة الجنوبية بـبـيـروت. ورغـــم اثـنـن وأربــعــن ألــف قتيل في غــزة، وقـرابـة ثلاثة آلاف قتيل فـي لبنان، عـدا عـن ملايي النازحي. واثناهما، مشعل وقاسم، يتحدثان باستخفاف عن معاناة الناس، ثم يتحدثان عن وقف إطلاق النار، حيث يقول مشعل إن السبب تعنت إسرائيلي، وكلنا يعرف أن القرار بيد يحيى السنوار، وليس مشعل. وقاسم يؤيد تحركات نبيه بري لوقف إطـ ق النار الآن، وبـعـد أن قُـطـع رأس «حـــزب الــلــه» ودُمـــــرت، وتــدمّــر، الضاحية الجنوبية، يحدث كـل ذلــك، وحـزبـه، وتحديداً حسن نصر الله، كان يصر على ربط لبنان بمسار الحرب في غزة، وهو الأمر الذي لم يكرره قاسم أمس! ولـــــذا فـــــإذا لـــم تــكــن هــــذه رعـــونـــة ومـــغـــامـــرة وفـــشـــ ً، ووهـــمـــا، فـــمـــاذا يـمـكـن تـسـمـيـتـهـا؟ صـحـيـح أن «حــمــاس» و«حزب الله»، وغيرهما أتباع للمحور الإيراني، ويسمون أنفسهم كذبا محور «المـقـاومـة»، إلا أن الأكـيـد أنـه ليست لديهم علاقة بالسياسة، والعمل السياسي. ولـــن أقـارنـهـم بــأحــد، بــل بــإيــران نفسها الــتــي، وإلــى الآن، تمارس السياسة بكل براغماتية لحماية مصالحها الـــقـــومـــيـــة، وتــــحــــديــــداً تــجــنــيــب إيــــــــران نــفــســهــا الــــحــــرب، والمواجهة مع إسرائيل، ومهما قلنا بحق طهران، إلا أنها تلعب سياسة، ورغم استخدامها المخرّب لهذا المحور. وعــن ذلــك كتب الباحث المـصـري كريم شفيق قائلاً: «المفارقة هنا، وليس التناقض وانتهازيته، أن براغماتية نــظــام الــولــي الـفـقـيـه الــــذي يعتمد عـلـى وكــ ئــه المحليي في اليمن والـعـراق ولبنان وسـوريـا، تسعى إلـى الحفاظ على وضعيته السياسية بطهران، وعلاقته بالخارج، في اللحظة المأزومة، ميدانيا وسياسيا». مضيفا أن إيــــران لا تــتــورع «عـــن تـحـويـل الـحـواضـن المشحونة عقائديا بفكرة الموت الخلاصي و(الاستشهاد) إلى قوة تدميرية تراكم أجساداً متهالكة». وهذا صحيح، وتـــؤكـــده الــوقــائــع عـلـى الأرض، ودمــــار أربـــع دول عربية وتشويه القضية الفلسطينية خير شاهد. ولذلك هو محور الفشل والوهم. أشهر من مغادرة إدارة الرئيس جو بايدن 4 قبل نحو البيت الأبيض، وعبر مجلة «الفورين آفيرز»، يحاجج وزير الـخـارجـيـة الأمــيــركــي أنـتـونـي بلينكن، بـأنـه يـتـوجّـب على الـــولايـــات المــتــحــدة أن تـبـلـور اسـتـراتـيـجـيـة جـــديـــدة لـقـيـادة العالم. يبدو الرجل مهموما بتحديد ملامح عصر جديد في الــشــؤون الـدولـيـة، وجُـــل همه مـواجـهـة مـا يسميها «الـقـوى الــتــعــديــلــيــة»، لا ســيــمــا روســـيـــا والـــصـــن وإيـــــــران وكـــوريـــا الــشــمــالــيــة، ويـــعـــدّهـــا جـمـيـعـا تـــرســـخ الــحــكــم الاســـتـــبـــدادي داخلها، وتسعى لفرض مجالات نفوذها في الـخـارج، كما ترغب مجتمعةً في حل النزاعات الإقليمية بالإكراه، وتسعى فــي طـريـق دعـــم تـآكـل قـــوة الـــولايـــات المـتـحـدة، عـبـر منافسة قوتها العسكرية، ومنعتها الاقتصادية. هـل يسعى الــوزيــر بلينكن فـي دروب مــصــادرة حركة الــــتــــاريــــخ، والــــتــــحــــولات الـــجـــيـــوســـيـــاســـيـــة، الــــتــــي عــرفــتــهــا إمبراطوريات كثيرة في التاريخ البشري سادت ثم بادت؟ القراءة التي قدمها بلينكن، أوسع من أن نتعرض لها في هذه السطور، غير أن نظرة متأنية معمقة، توضح لنا أن روح «القرن الأميركي»، وأفرعها، لا سيما استراتيجية «الاستدارة حول آسيا»، لا تزال قائمةً ومقبلةً، ما يؤكد فكرة «الـدولـة الأميركية العميقة»، التي تقود دفـة الـبـ د، بغض النظر عن الهوية الحزبية لساكن البيت الأبيض؛ جمهوريا كان أم ديمقراطيا. يمكن للقارئ أن يتفهّم دعوات بلينكن، لو كانت إدارة بايدن قد حققت للأميركيي والعالم، ما لم تحققه إدارات ســابــقــة مـــن نـــجـــاحـــات فـــي لــــمّ شــمــل الأمـــيـــركـــيـــن وتــوحــيــد صفوفهم، وفــي قـيـادة الـعـالـم عبر دروب التنمية وشيوع وذيوع السلم والأمن الدوليّي، غير أن العي تغنيك عن طلب الأثر أحيانا. يفاخر بلينكن بأن إدارة بايدن قد نجحت في الأعوام التي شغلت فيها البيت الأبيض في تطبيق «استراتيجية الـتـجـديـد»، مـن خــ ل الجمع بـن الاسـتـثـمـارات التاريخية فـــي الـــقـــدرة الـتـنـافـسـيـة الاقـــتـــصـــاديـــة فـــي الــــداخــــل، وحـمـلـة دبلوماسية مكثفة لإحياء الشراكات في الخارج. تبدو مفردات وزيـر الخارجية الأميركي، لا تشي بأنه يسعى في طريق أميركا مقبلة أقل غطرسة، ولا يـدري المرء عن أي نجاحات في الداخل، حيث تَرحلُ هذه الإدارة والبلاد تريليون دولار، مع تحلل 35 مكبلة بدَينٍ للعالم يصل إلـى واضـح، وربما فاضح، للحلفاء قبل الأعــداء من الدخول في شراكات جديدة مع واشنطن، التي تحكمها براغماتية قاتلة، جعلتها تتنكر لأقرب حلفائها في أوقات المحن والملمات. يـنـاقـش الــرجــل مـ مـح عـالـم جــديــد، الـقـيـادة والــريــادة فيه لأميركا، عالم، وبحسب تعبيره، يدعم تطبيق القانون الدولي، بما في ذلك المبادئ الأساسية لميثاق الأمم المتحدة، واحترام حقوق الإنسان العالمية. يـصـاب المـتـابـع لـلـشـؤون والـشـجـون الأمـيـركـيـة بحالة من الإحباط، حي المقارنة بي أدبيات ومخمليات بلينكن، وواقـــــع حـــال الــســيــاســات الأمــيــركــيــة الــداعــمــة لمـنـطـق الـقـوة الخشنة، وبعيداً عـن نظيرتها الناعمة، مـا يعني أن فكرة سيادتها لعالم قادر على التطور يعكس حقائق جديدة من العدالة الأممية، أضغاث أحلام ليس أكثر. يـروّج بلينكن لفكرة «أميركا حمامة السلام»، القادرة على إعـــادة تنشيط وخـلـق تـصـور جـديـد لشبكة العلاقات الــتــي تُـمـكّـنـهـا مـــن بـسـط سـ مـهـا الأمـــمـــي، عـبـر شـبـكـة من الشركاء الأمميي الموثوقي. غير أنـه يخطر لنا التساؤل، والبحث عن الجواب: أين هؤلاء؟ بالنظر إلـــى أوروبـــــا، نـجـدهـا منشغلةً بـالـتـسـاؤل عن نظام أمني داخلي، في حال الانفصال عن «الناتو»، بينما اليابان، الضلع الثالث في الرأسمالية العالمية، تجتاحها صحوات قومية رافضة لحضور أميركا الاستعماري الذي طـال أمـــده، أمـا الهند فثقافتها الـشـرق آسيوية لـن تنسجم يوما مع قناعات الغرب، بينما أستراليا تبقى تحت ضغوط واشنطن في «أوكوس» لمواجهة الصي وليس أكثر. بـلـيـنـكـن يـــحـــذّر بـــأصـــوات زاعـــقـــة ورايــــــات فــاقــعــة، من النظام العالمي الصيني المقبل، وسعي بكي لإعادة تشكيل النظام الدولي عمّا قريب، وقد يكون هذا بصورة أو بأخرى صحيحا، لكن أليست هــذه هـي الحكمة الأزلــيــة فـي تــداول سـلـطـان الـــزمـــان والمـــكـــان، أم أنــهــا الـعـظـمـة الأمـيـركـيـة التي تتماهى مع أفكار «الرايخ الثالث»، وحتمية السيادة لألف عام؟. لمــــاذا تــتــراجــع مـكـانـة الـــولايـــات المــتــحــدة رغـــم الـــقـــدرات الاستثنائية التي تتمتع بها؟ الـجـواب يكمن في الكيفية التي مارست بها قدراتها وإمــكــانــاتــهــا، وكــيــف تــمّــت إدارة هـــذه الـــقـــدرات. كـمـا يكمن الــجــواب أيـضـا فــي الـتـصـور الـــذي تـــرى فـيـه دورهــــا الحالي والمستقبلي في العالم. الحقيقة التي يغفل عنها بلينكن، عمداً أو سهواً، هي أن الولايات المتحدة انتقلت من مرحلة «القيادة في كل مكان»، إلـى مرحلة «لا مكان للقيادة»؛ بسبب ممارسات سياسية واضحة للعيان من أميركا اللاتينية، مروراً بالشرق الأوسط وصولاً إلى شرق آسيا، وبات السؤال المطروح: مَن يثق في العم سام؟ وهل من فرصة لتصحيح الأخطاء؟. سـنـة مـــرّت عـلـى الـيـومـن المـلـعـونـن، ولـم تُـــســـمـــع مـــراجـــعـــة وحــــيــــدة جــــدّيّــــة وعــمــيــقــة لمـا حصل. أين أخطأ القيّمون على العمليّتي؟ هل كان بالإمكان تفاديهما؟ ما العمل بعدهما؟ أي سبيل للتراجع ووقـف الكارثة عند الحدّ الذي بلغته؟ وصمت كهذا من صفات الجثث. لكنّ ما هو أسوأ، أسوأ حتّى من المثقّفي، أنّ «حــمــاس» و»حــــزب الــلــه» لا يــــزالان يــؤكّــدان على الانتصار ويتشدّقان بالمضيّ في القتال. وحــــن بــــدا الــثــانــي عــلــى شــــيء مـــن الاســتــعــداد لـلـتـعـامـل مـــع الـــواقـــع والمــــأســــاة، زارنـــــا الــوزيــر الإيــرانــيّ مبشّراً بـأنّـه ليس فـي الإمـكـان أحسن ممّا كان. والـــحـــال أنّ الــســيــاســة، والـفـلـسـطـيـنـيّـون واللبنانيّون في أمـسّ الحاجة إليها، من أبرز ضحايا السنة المنصرمة. فإسرائيل اختارت في ردّها عقيدةَ القوّة الصافية، أو دِيْن القوّة النافي للسياسة، قتلاً لا يميّز وتهديما وتهجيراً. وبزعامة نتانياهو، وشــــــراكــــــة الأحــــــــــــزاب الــــديــــنــــيّــــة، بـــــــات «الــــيــــوم الـتـالـي» موضوعا مـحـرّمـا، مثله مثل «الـدولـة الفلسطينيّة»، فيما الـــرأي الـعـامّ الإسرائيليّ، الـــذي أشـعـرتـه العمليّتان بـعـدم الأمــــان، يـؤيّـد هذه التوجّهات ويدعو إلى مزيد منها. هكذا عثرت على تتويجها مسيرة التقهقر التي بدأت في أواسـط التسعينات، ارتــداداً عن مـشـروع الـسـ م الــذي أطلقته أوسـلـو، وتوافق الـطـرفـان النقيضان، اليمي الـقـومـيّ والدينيّ في إسرائيل، والمعسكر الأمنيّ والإسلاميّ في المشرق العربيّ وإيران، على قتله. لكنْ فـوق هـذا، بـات الاستيطان اليهوديّ فــــي الــــضــــفّــــة الـــغـــربـــيّـــة والـــــقـــــدس مــــن تــعــابــيــر الاستفحال الإسرائيليّ المانع للسياسة. والآن، وفي المستقبل المنظور، سوف تثقل على صدر تلك السياسة زعامةُ نتانياهو التي كُتبت لها حياة جـديـدة، وأعـمـال الاستيطان، بالمتحقّق مـنـهـا والمـحـتـمـل، نـاهـيـك عــن تــأثــيــرات الـحـالـة الحربيّة الدائرة اليوم ومفاعيلها النفسيّة على جانبي الــصــراع. وهـــذا فـضـً عـمّـا قـد تستقرّ عليه أوضاع غزّة وجنوب لبنان ممّا يُستبعد أن يهدّئ المخاوف ويعزّز رهان المراهني على السياسة. أمّــــا عـنـدنـا، خـصـوصـا فــي غــــزّة ولـبـنـان، فتترافق الآلام العظيمة مع فُرص ليس واضحا كيف سيجري التعامل معها، وشواهد التاريخ تـــدعـــم الـــتـــحـــفّـــظ. صــحــيــح أنّ الإمــــبــــراطــــوريّــــة الإيـــــرانـــــيّـــــة الــــتــــي تـــنـــصـــحـــنـــا بـــــالمـــــوت تــعــانــي تصدّعا بات معلنا، ومع الضربات التي نزلت بقوى الممانعة، تترنّح نظريّات الحلّ العنفيّ للصراع، بمقاومة أو بسواها. لكنّ هذا الصنف ، فطال الأنظمة 1967 من الضربات تعاقب منذ والمــنــظّــمــات الــتــي رفــضــت الــحــلــول الـتـسـوويّـة واعتنقت، صادقةً أو كاذبة، دعـوات «التحرير الــكــامــل». فـفـي الـسـنـة المـــذكـــورة كــانــت النكسة 1973 الـــتـــي ألمّـــــت بــالــنــاصــريّــة والـــبـــعـــث، وفــــي ألمّـــت نكسة أخـــرى بفكرة إفـضـاء الــحــروب إلى «تحرير كامل» وليس إلى سياسة. وإذ اختار أنـــور الــســادات الـسـيـاسـة، اخـتـار حـافـظ الأسـد لفظيّة «التحرير الكامل»، جاعلاً منطقة المشرق مشاعا للحروب الأهليّة وتسلّط الميليشيات. ، هُـــزمـــت فــكــرة المــقــاومــة 1982 بــعــد ذاك، وفــــي ابتدأ، 2003 المسلّحة من خـارج فلسطي، وفي مع سقوط صدّام حسي، التجرّؤ على الأنظمة الأمنيّة والعسكريّة، وعلى متاجرتها بدعوات «التحرير الكامل» وشقيقاتها. لـــكـــنْ فــــي هـــــذه الــــغــــضــــون، كـــــان يـتـنـامـى السعي الإيرانيّ لوراثة الموتى وإماتة الأحياء. فــهــو اســتــثــمــر فـــي انـــهـــيـــار الـــنـــظـــام الـــصـــدّامـــيّ استثماره في إخفاقات منظّمة التحرير، وفي مَــيْــلَــشَــة المـنـطـقـة بــلــداً بـــلـــداً. وكــــان طـبـيـعـيّـا أن يتلازم سعيه هــذا، وبشراكة النظام الـسـوريّ، مـــع إحـــبـــاط كـــلّ مــحــاولــة سـلـمـيّـة، فلسطينيّة كــانــت أو أردنــــيّــــة أو لــبــنــانــيّــة، مـــع المـــضـــيّ في أبلسة السلام المصريّ الإسرائيليّ الـذي أرجع إلى مصر أرضها المحتلّة. لكنّ إيران، على ما يبدو، قضمت أكثر ممّا تستطيع هضمه، وهكذا نراها اليوم تستفرغه ويــســتــفــرغــهــا، مـــا يـخـلـق احـــتـــمـــالاً نــظــريّــا في الانــــتــــقــــال إلـــــى حــقــبــة مــــا بـــعـــد الـــراديـــكـــالـــيّـــات الهائجة على أنواعها. بيد أنّ الإفـــادة من تلك الفرصة وتحويل الـنـظـريّ إلــى فعليّ يبقيان أمــراً مشكوكا فيه، خــصــوصــا إذا اســـتـــمـــرّ نــتــانــيــاهــو فـــي تـعـنّـتـه حــيــال الـــدولـــة الـفـلـسـطـيـنـيّـة، وتـسـهـيـلـه مهمّة الاســـتـــيـــطـــان، وحـــديـــثـــه عـــن «تــغــيــيــر المـنـطـقـة» بـوصـفـه عــ جــا عـقـابـيّـا. وهــــذا جميعا يـغـذّي أوهام المضيّ في العنف والقتال ولو انتحاراً. وحــــتّــــى لــــو انــتــهــيــنــا إلـــــى وضـــــع إيــــرانــــيّ عاجز عن جرّنا مجدّداً إلى الكارثة، تبقى نُذر الـخـراب ناشطة وديناميّة في مستويات عدّة من حياتنا. فالوضع الأهليّ المتعفّن في كافّة بقاع المشرق، والــذي زادتــه الميليشيات تعفّنا، قـــابـــل لــ نــفــجــار أضـــعـــاف قــابــلــيّــتــه لـلـتـمـاسـك والـتـضـامـن فـي مـواجـهـة طــرف خــارجــيّ. يزيد في احتمال كهذا ما أضافته حربا غزّة ولبنان، بعد الحرب السوريّة، من تهجير واسع تتعدّى آثـــاره الديموغرافيا والـجـغـرافـيـا إلــى الرابطة الوطنيّة نفسها ومــا تستدعيه مـن أدوات في التداول السياسيّ. وفي ظلّ الموارد الاقتصاديّة الــشــحــيــحــة، وبـــالـــتـــالـــي تـــفـــاقـــم المـــعـــانـــاة الــتــي تــضــرب الـضـحـايـا وتـــســـدّ آفــاقــهــم، يُـخـشـى أن تجد النزاعات الأهليّة ما يشحذ شفرتها. هكذا تـنـمـو عـلـى هـــوامـــش الـتـهـجـيـر، خـصـوصـا إذا طال أمده، حالات رثّة، شبه ميليشيويّة وشبه مافيويّة. وقبل هذا كلّه وبعده، لا يـزال البحث عن سلطة قادرة، في لبنان أو في فلسطي، إمساكا بالريح. فما من طرف يستطيع أن يملك القرار، عـــازلاً النفوذ الإيــرانــيّ ومـوحّـداً الشعب وراءه ومفاوضا باسمه العالم. والسياسة، والحال هـــذه، تـبـدو مـطـروحـة عـلـى الأرض ينتظر من يـلـتـقـطـهـا، بــحــســب تـشـبـيـه شــهــيــر لـسـيـاسـيّ روسيّ راحل. لا يزال البحثعنسلطة قادرة في لبنان أو في فلسطين إمساكاً بالريح دمار أربع دول عربية وتشويه القضية الفلسطينية خير شاهد بلينكن يحذر بأصوات زاعقة من النظام العالمي الصيني المقبل حازم صاغيّة طارق الحميد إميل أمين

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky