issue16751

يحزن اللبناني على حاله كثير الحزن هـذه الأيــام، التي تنفّذ فيها «إسرائيل نتنياهو» استباحات من كل نوع بسمائه وأرضـــه، بعد استباحة ثورية ذات نكهة إيرانية لقرار دولته غير مكتملة الأصـــول الدستورية، وإلــى درجــة أن هـذا الوطن سبتمبر/ 18 الذي سبق أن انتشلته السعودية (اتفاق الطائف ) مـــن جـحـيـم اقــتــتــال بـنـي طــوائــفــه، كـمـا انـتـشـال 1989 أيـــلـــول يـوسـف مــن الـجـب، سيذهب مـثـاً فـي الأوطــــان الـتـي يتشارك معظم أطيافها الـحـزبـيـة؛ وكــل طيف على نحو مـا يكلّف به أو يوحى إلـيـه، فـي زعـزعـة هـذا الـوطـن الــذي تمعن «إسرائيل نتنياهو»، وكـمـا «إسـرائـيـل شــــارون»، قبل عقديْن مـن الزمن تدميراً لبعض مناطقه؛ بل في معظم مناطقه. وموجب استحضار اتفاق الطائف علجاً للوطن المبتلى بالعدوان بعد الاستباحيْ أكثر من ضـروري، حيث إن وثيقة اتــفــاق الـطـائـف لــم يقتصر بـعـض مـضـمـونـهـا عـلـى اسـتـبـدال الـتـسـالـم المـــتـــدرج بـالاقـتـتـال إلـــى حـيـث يـبـلـغ مـــدى الانـصـهـار ، وإنـمــا كـانـت بمثابة خريطة 1943 الـوطـنـي، كـمـا حــدث عــام طريق للبنان الذي ينعم بالاستقرار، كما سائر أوطان كثيرة، إنـمـا مــن دون أن تــشــرّع طـائـفـة أو أكـثـر مــن طـوائـفـه الكثيرة الأبواب أمام أصحاب مشروعات لا تعطي التوافق أهمية، ولا تراعي التركيبة الراسخة لتعدد المناحي الطوائفية فيه. ولـقـد كـــان مــن شـــأن اسـتـيـعـاب كـنـه التركيبة المجتمعية والطوائفية في لبنان أن يقتصر طيف خيار المواجهة نصرة للشعب الفلسطيني في غــزة، على مساندة معنوية إعلمية واسـتـضـافـات عـاجـيـة وتـوفـيـر أدويــــة، وبــذلــك يـؤخـذ المـوقـف اللبناني من جانب المجتمع الدولي في الحسبان، وبالتالي لا يصار هذا التدمير للقرى والبلدات الجنوبية كما للضاحية التي باتت عاصمة «لبنان حـزب الله»، وهـي تسمية شجعت التوجهات التي خرجت التكهنات فـي شأنها إلـى العلن، بل ذهب البعض إلى تفضيل خيارات تحويل الوطن الواحد إلى لبنانات عدة، كل يلوذ في لبنانه الذي لا يعنيه أمر المواجهات بالسلح. هـــــذا الــــــذي جـــــرى لـــلـــبـــنـــان وتـــنـــوعـــت مـــحـــطـــات الــتــدمــيــر والإبـــادة مـن جانب إسرائيل لبعض مناطق بلداته ولمناطق فـي عاصمته، كــاد يـحـدث مثيله بتونس فـي مثل هــذه الأيــام ، لـــــولا أن الــبــورقــيــبــيــة ومـعـهـا 1985 الأوكـــتـــوبـــريـــة مــــن عـــــام حكومتها المزالية (الرئيس محمد مزالي) كانتا على درجة من الحصافة لاستدراك ما من المصلحة الوطنية استدراكه. ومـــذاك لـم تكن هنالك إيـــران ذات الأذرع. كــان لبنان في أحـــســـن حــــال كــمــا كـــانـــت «حــــمــــاس» فـــي غــــزة تــحــبــو. وكــانــت تونس هي الأُخــرى في منأى عن ظاهرة الأذرع التي أصابت لـبـنـان وســـوريـــا والـــعـــراق وغــــزة، والـيـمـن الـــذي تـبـعـثـر. كانت هـنـالـك «فــتــح» يـقـودهـا يـاسـر عــرفــات مـحـاطـ بمجموعة من رفاق التأسيس، ولأن السند الناصري كان في عز شأنه، فإن الرئيس عبد الناصر مــارس مع لبنان ذي الشأنيْ الرئاسي (شـــــارل حــلــو) والــعــســكــري (قـــائـــد الــجــيــش إمــيــل الـبـسـتـانـي) مـا ليس فـي الـحـسـبـان، حيث إنــه كــان بمثابة سابقة توقيع اتفاق بي لبنان والتنظيم الفلسطيني الأقــوى (حركة فتح)، وكانت الوثيقة المذيلة بتوقيع قائد الجيش اللبناني وتوقيع ياسر عرفات والمسماة «اتفاق القاهرة»، وتجيز مرابطة قوات فلسطينية في مناطق من جنوب لبنان، بمثابة الشرارة التي تطورت مع الوقت إلى الحرب اللبنانية، فإلى حرب إسرائيل آريـيـل شــارون على لبنان، وكما هـي حـرب إسرائيل بنيامي نـتـنـيـاهـو المـسـتـمـرة عـلـى لــبــنــان، بــــدءاً بــاغــتــيــالات رمــــوز في المــقــاومــة بــنــوعــيْــهــا... مــقــاومــة «حـــمـــاس» المـسـتـضـاف بعض قيادييها في «لبنان حزب الله»، كما استضافة ياسر عرفات ومــعــظــم الــقــيــاديــن مـــن حــركــة «فـــتـــح»، وحـلـفـائـهـا بـتـأشـيـرة رئاسية ممهورة بتوقيع قائد جيش لبنان، إلى جانب توقيع ياسر عرفات. ومثل هذه الصيغة لم يتم اعتمادها من جانب إيران، وإن كان التوقيع تم ضمناً من خلل تحالف «حزب الله» مع رئيس الجمهورية ميشال عون. هــذه الـتـجـاوزات لـأصـول الـدسـتـوريـة أفـرغـت لبنان من صلبة موقفه وهزت كيانه، وجعلت التصويب عليه يبدو كما لو أنه فريسة للصائدة المستبيحة أوطان الآخرين وسياداتهم بدعم مبرمج ورضا غير مسبوقة فعالياته من جانب الإدارات الأميركية والحكومات الأطلسية. ومن بعض هذه الفعاليات والاســتــبــاحــات مــا حـــدث لــدولــة تـونـس - فــي مـثـل هـــذه الأيـــام سنة - التي حطت في ربوعها قوافل «فتح» بقائدها 39 قبل يـاسـر عــرفــات ومـقـاتـلـن فــي جـنـوب لـبـنـان تـصـرفـوا بموجب ذلك الاتفاق الذي أشرنا إليه، الأمر الذي أوجب تسفيرهم إلى تونس الدولة التي ارتضت الاستضافة مع حسبان المفاجآت من جانب إسرائيل. ولـهـذه الـحـالـة مـن تشابه الـحـاضـر فـي لبنان مـن جانب إســرائــيــل، مــع الــــذي حـــدث قـبـل ذلـــك فــي تــونــس، أي مــا أشبه الــيــوم الـلـبـنـانـي بـالـبـارحـة الـتـونـسـيـة، بقية هــوامــش تعتمد على الذاكرة والمعايشة. شفى الله لبنان من رهانات الخيارات المتعجلة. اليوم اللبناني... والبارحة التونسية OPINION الرأي 13 Issue 16751 - العدد Tuesday - 2024/10/8 الثلاثاء التجاوزات للأصول الدستورية أفرغت لبنان من صلابة موقفه وهزّت كيانه فؤاد مطر ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-i -Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١ ٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghas an Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidro s Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Ghassan Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ ƒ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief Assistants Editor-i -Chief Aidroos Abdulaziz Zai Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ ا ن أ ا م و Gha san Charbel ‚ ا ƒ „ ر † ‡ ن ˆ‰ „ و ر ˆ ‚ ا ا روس ‹ †Œ ز ƒ د ا ’ Editor-in-Chief A istants Editor-in-Chief Aidr os Abdula iz Zaid Bin Kami S ud Al Rayes ١٩٨٧ ª« ¬ˆ أ ١٩78 ª« ¬ˆ أ الرئيس التنفيذي جماناراشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي ssistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا ئي التحرير محمد هاني Mohamed Hani أكتوبر بين الغباء والعمالة عـــلـــى أرض الــــــواقــــــع، فـــــــإنّ الـــــسّـــــنـــــوار حــــقّــــق لـــلـــمـــتـــشـــدّديـــن الإسرائيليي ما عجزَ عنه المتشدّدون من حكامِ إسرائيل، بيغن مــن قـطــاعِ غـزة، 2005 وشـامـيـر، وكـذلــك شــــارون الـــذي خـــرجَ عــام وفكّك المستوطناتِ، وسلّمه للسلطة الفلسطينية. لمـــاذا فعلَها يحيى الـسـنـوار؟ لا أستطيعُ أن أجـــزمَ لمـــاذا قام بهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) ومن خلفه، هل كان عن جهلٍ منه أم بتدبيرٍ إيراني؟ وهو ما أتصوّرُه، مع الاعتراف بأنّه لا يوجد دليلٌ على ذلك. بـأكـثـر من 2023 انـتـهـتْ مـعـركـة هـجـوم الـسـابـع مــن أكـتـوبـر أربعي ألف قتيل، وربع مليون جريح، وتشريد مليي السكان، كلهم الــيــوم يـصـارعـون مــن أجـــل الـحـيـاة، للحصول عـلـى وجبة واحدة في اليوم، وهم الآن سيحتاجون إلى سقف وبطانيات مع قدوم الشتاء. فشلَ هجومُ السنوار في تحرير شبرٍ واحدٍ من الأراضي التي قــال إنـهـا هــدف العملية. أصبحت إسـرائـيـلُ أكـثـرَ نـفـوذاً وتـغـوّلاً داخلَ فلسطيَ وفي المنطقة. لقد دمّر القضية الفلسطينية دولياً، وفعلَ ما لم يفعلْه من قبله حتى أبو نضال المعروفُ بخطورته. ستستمرّ صورُ القتلى الإسرائيليي في السابعِ من أكتوبر هي السائدة، أطفالاً ونساءً وشيوخاً، وصور المخطوفي أيضاً الذين كان بينهم أطفال وحتى رضّعٌ وعجزة. هذا لا يبرّر جرائمَ نتنياهو بعملية القتلِ المتعمدة لسكان غزة العزل المدنيي. لقد نجحَ السنوار في إطلقِ موجة من الغضبِ والكراهية المتبادلة. السنوار تسبب في دفنِ حركة «حماس»، ودمّر حليفَه «حزب الله»، وأنهَى «حركة الجهاد الإسلمي» في غزة والضفة الغربية. هذه هي نتائجُ معركة السابع من أكتوبر. لا يهمّ ما يقوله المقيمون من قادتِها خارجَ غزة: مشعل أعلن الانتصار، وخامنئي بــــدوره أعــلــنَ انــتــصــارَ «حـــزب الــلــه» وهـــو يـــؤبّـــنُ مــئــاتِ الــقــيــاداتِ القتيلة التي لم تتمكّن حتى من إطلقِ رصاصة في هذه الحربِ للدّفاع عن نفسِها. مثلما قضَى بن لادن على تنظيمِه (القاعدة)، بهجماتِ الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). ولـــو أنّـــنـــي مـــن تـامـيـذ مـــدرســـة «نــظــريــة المــــؤامــــرة» مـــا كـنـتُ استطعت مقاومة فكرة أنّ السنوارَ أو من معه موظّفون في جهازِ «الموساد» السّري الذي عُرف باختراقِه التنظيماتِ الفلسطينية؛ خصوصاً داخلَ السّجون الإسرائيلية، وقامَ بالهجومِ لتبرير كلّ ما حدث لاحقاً. الحقيقةُ في القيادة، الأغبياءُ أخطرُ من العملء. لقد كانتْ حروبُ «حماس» تحت قيادةِ هنية ومشعل والشيخ ياسي غاراتٍ صغيرة، عملياتٍ محدودة... طعناً، دهساً، وخطفَ جندي أو اثني هنا وهناك، كانَ هدفُهم الإبقاءَ على القضية حيّةً، وربّما التوصل إلى حلولٍ سياسية مناسبة، مدركيَ فارقَ ميزان القوة. ثم جاءَ السّنوار بعملية لا يمكن تفسيرُها إلا بواحدة من ثلث: إمـا أنّـه ينتمي لتنظيم «الـقـاعـدة»، وليس «حـمـاس»، تسلّل إلى الحركة وتسنّم القيادةَ ونفّذَ عمليةً انتحارية هدفها التدميرُ وليسَ التحرير. وحقّق بالفعلِ هدفه. أو أنّــه -مثل قــادة «حـمـاس»- على ارتـبـاطٍ بـإيـران؛ لكنه نفّذ مشروعَ طهرانَ من دون حساب. إيران أهدافُها إقليمية، مثل وقفِ الممر التجاري الهندي، والاتفاقية الدفاعية، والهيمنة على العراق مقابلَ ما تحقّقه عملية أكتوبر. هنا، لا السّنوار ولا إيران حقّقا أهدافهما بعد. الاحــتــمــالُ الأخــيــر، أنّ الــسّــنــوار جــاهــلٌ سـيـاسـيـ ، لــم يتوقعْ أنّ العملية عـلـى مـدنـيـن إسـرائـيـلـيـن كـانـت ستتسبب فــي مثل هـذا الـرقـم مـن الضحايا، أو لـم يــدرس جيداً احـتـمـالاتِ ردة فعلِ إسرائيل. ربما من جهله ظنّ مثل كثيرٍ من البسطاء أنّ إسرائيل لن تقاتلَ وستكتفي بالتفاوضِ على من تمّ اختطافه. عسكرياً وسياسياً دمّـــر الـسـابـعُ مـن أكـتـوبـر أهـــمّ تنظيمي مسلحي في منطقة الشرق الأوسط، هما «حماس» و«حزب الله». وهذا يخدمُ أهدافاً إقليمية ودولية ليست بالسيئة، إنما الكارثة الإنسانية لا يمكن وصفها، ولا نرى حلً لها في الأفق في كلّ من مليي إنـسـان مشردين أو تحت 5 غــزة ولـبـنـان؛ إذ يوجد نحو التشريد، وهذا رقمٌ مَهولٌ، وأكبرُ من طاقة المنظمات الدولية على إنقاذهم. الوقتُ اليوم هو للتضافر لإنقاذِ ضحايا السابعِ من أكتوبر، لــم يـكـونـوا قــــادة ولا عـسـكـراً فــي هــذيــن الـحـربـن حـتـى يُـعـاقَـبـوا عليها. وكـذلـك منع الـكـوارث المقبلة التي تسبب السنوار فيها، من مخاطر حربٍ أهلية في لبنان، وتهجير مليي الغزاويي من القطاع، واستيلء إسرائيل عليه. الــجــانــبُ الإنــســانــي أيــضــ لــه غــــرضٌ سـيـاسـي، لـلـشـروع في الــخــطــواتِ الـتـالـيـة لتصحيح الـــقـــرارات الـخـاطـئـة، فــي فلسطيَ ولبنان، على مرّ التاريخِ المعاصر. السابعُ من أكتوبر علمة فارقة لا تزال تداعياتُها مستمرة. عسكرياً وسياسياً دمّر السابعُ من أكتوبر أهمّ تنظيمين مسلحين في منطقة الشرق الأوسط عبد الرحمن الراشد

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky