issue16744

ثمة ورقة ضغط لو جرى الأخذ بها من جانب الــذيــن ارتـــــأوا بـعـد الـكـثـيـر مــن الــتــأمــل والــتــطــورات والــــــصــــــراعــــــات والـــــضـــــغـــــوط المــــســــتــــتــــرة، وأحــــيــــانــــا المـكـشـوفـة، مــن جـانـب رؤســــاء تـعـاقـبـوا عـلـى البيت الأبيض، بـدءاً بالرئيس جيمي كارتر، وصـولاً إلى الـرئـيـس جــو بــايــدن، الانـــخـــراط فــي تـجـربـة تطبيع الـــعـــاقـــات مــــع إســــرائــــيــــل، أن تـــهـــدئ مــــن الــجــمــوح المتوحش لرئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو والـــذيـــن يـنـفـخـون فـــي نـــار مــشــروعــه الــــذي يـذكّـرنـا بـــمـــشـــروع إســـرائـــيـــل شـــــــارون والمـــســـتـــهـــدِف الأخــــذ بـــالإبـــادة مــا أمـكـن اسـتـمـرارهـا فــي قـطـاع غـــزة وفـي مناطق من الضفة الغربية المحتلة. ما نقصده بورقة الضغط هذه أن يتداعى الذين اختاروا التطبيع مع إسرائيل إلى لقاءات تشاورية تفضي إلى لقاء على مستوى وزراء الخارجية، فإلى عقد قمة تناقش التطورات التي حدثت ولا تزال في حــق الـشـعـب الفلسطيني، وتــخــرج مــن هـــذه القمة التشاورية بقرار موحد يطالب إسرائيل نتنياهو بوقفعدوانه الذي لا عدوان يماثله. وإلى ذلك تطلب هـــذه الـقـمـة الـتـشـاوريـة مـوقـفـا واضــحــا وثـابـتـا من جانب الإدارة الأميركية والحكومات الأطلسية التي غضّت الطرْف عما تفعله إسرائيل. وعندما يستعاد الرشد الإسرائيلي ينتهي التعليق ويبدأ التشاور في موضوع التعمير الذي يقع واجب الأخذ به على الـجـانـب الـــذي اعــتــدى، وهـــي هـنـا إســرائــيــل، وعلى الإدارة الأميركية والحكومات الأوروبية الأطلسية التي شجعت أو التزمت الإدانة المطلوب تسجيلها. كما أن هذه الإدارة وتلك الحكومات بصمتها المريب عن أفعال إسرائيل على مدى أشهر، وما زال العدوان مــتــواصــاً، أحــدثــت صـدمـة فــي نـفـوس الــــرأي الـعـام الـعـربـي فــي شـكـل خــــاص، وإلــــى درجــــة أن الـشـعـور السائد في المجتمعات العربية قائم على قاعدة أن أفعال العدو الظالم هي توأم المشجع على الظلم أو الساكت عليه. وكلما تعمق هذا الشعور في النفس، انـعـكـس مــزيــداً مــن الــحــذر الـعـربـي مــن الــــدول التي تركت إسرائيل نتنياهو تمارس من أفعال العدوان أشدها ولا تضع حداً لها، كما لا تأخذ في الاعتبار أن دولاً عربية وأفريقية أخذت بخيار التطبيع مع إسرائيل على أساس أن هذه الخطوة ستساعد على نشر السلم في المنطقة، فيما الجانب الإسرائيلي وبـــمـــوجـــب مـــا جــــاء فـــي بـــنـــود اتـــفـــاقـــيـــات الـتـطـبـيـع لا يـلـتـزم ويـــمـــارس الـــعـــدوان. ويــرفــض إقــامــة دولــة فـلـسـطـيـنـيـة الـــتـــي مـــن شــــأن قــيــامــهــا نــشــر الــســام والاســـتـــقـــرار فـــي المـنـطـقـة. ولـــو أن ذلـــك لـيـس وارداً لمـا كـانـت هــذه الـــدول الـتـي أخـــذت بخطوة التطبيع ستقْدم على ما جنحت نحوه بدءاً من الخطوة التي أقـــدم عليها الـرئـيـس (الـــراحـــل) أنـــور الــســادات بعد ) إلـــى الــقــدس وألــقــى خللها 1977( زيــــارة قـــام بـهـا في الكنيست الخطاب الذي افترض أنه سينهي من خــال محتواه الـصـراع العربي - الإسرائيلي لكنه كـان ومـا تل خطوات رعاها الرئيس جيمي كارتر ، الذريعة 1979 وانتهت ﺒ«اتفاقية كامب ديفيد» عام التي تسببت في اغتياله. لكن ذلـك لم ينه التوجه نـحـو الـتـطـبـيـع وتــحــت وطــــأة الـــذيـــن خـلـفـوا كـارتـر فـي الــتــرؤس وبــالــذات بيل كلنتون وبــــاراك أوبـامـا وجــــورج بـــوش أبـــا وابــنــا وجــــوزف بــايــدن ودونــالــد تـرمـب الـــذي تـسـاوى بـالمـداهـنـة والــتــنــازلات ومنها «إهداء القدس والجولان» لحليفه نتنياهو. وهــــذ المــرجــعــيــات لــديــهــا مـــن الـــشـــأن المـعـنـوي والمادي وثبات العلقات مع دول أفريقية وإسلمية استبقت التطبيع مع إسرائيل، وأبرزها تركيا، ما يجعلها تبدأ التشاور مع الصديق الأميركي الذي جعل مـن البيت الأبـيـض ومــن الكونغرس متراسا معنويا وسياسيا ودعميا لحرب الإبادة والتجويع يواصل بها نتنياهو رهانه الخاسر. ولا بد في حال رأى الذين طبّعوا تعليق خطواتهم على أن يتفهم الأصدقاء خطوتهم هذه. كــان هنالك فـي الستينات ســاح عـربـي تمثّل بـقـرار «مقاطعة إســرائــيــل». لـم يحقق هــذا السلح الـــغـــرض بــمــا فــيــه الــكــفــايــة لأنــــه لـــم يــتــطــور، وبـقـي الـــصـــراع عـلـى حـالـه إلـــى أن جـــاءت مـــبـــادرة الـسـام ) تفتح بـاب الـسـام العربي 2002 العربية (بـيـروت - الإســـرائـــيـــلـــي بــنــيــات طــيــبــة فـــي حــــال قـــيـــام دولـــة فلسطينية عاصمتها الـقـدس. بـدل أن يقرأ الغرب الأميركي - الأوروبــي الخطوة بعقل مفتوح ويقول لـإسـرائـيـلـي مــا مـعـنـاه تـلـك هــي الـحـل الـــذي ينشر الـــســـام فـــي المــنــطــقــة، ويـــثـــبّـــت دولـــــة يـــهـــوديـــة على أرض عربية، فإنه أصغى إلى الذين يمثلهم منطق الــتــصــهــ وتــطــلــعــات نـتـنـيـاهـو كــمــا رهـــــان أريــيــل شارون من قبل. لا بـــــدّ مــــن قــــــرار ثـــابـــت ومــــلــــزم، إلـــــى أن تـقـلـب إسرائيل الصفحة، وتكتب مع العرب في صفحات السلم والاستقرار الدائم ْ. وكفى الجميع عذاب الرهانات. Issue 16744 - العدد Tuesday - 2024/10/1 الثلاثاء الموقف السعودي محدّد تجاه حل القضيتين الفلسطينية والـيـمـنـيـة، طـبـقـا لـكـلـمـة ولـــي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، نيابةً عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، لدى افتتاح الـدورة التاسعة لمجلس الشورى السعودي .2024 ) سبتمبر (أيلول 18 الــقــضــيــتــان الـفـلـسـطـيـنـيـة والــيــمــنــيــة لـيـسـتـا نسيا منسيّا... بل تشغلن بال القيادة السعودية. الأولى بحكم مركزيتها، والأخرى بحكم أهميتها... وتُـازمُـهـمـا تاريخية المـوقـف الأصـيـل مـن المؤسس المـلـك عبد الـعـزيـز بــن عبد الـرحـمـن آل سـعـود، إلى «حافظ التاريخ» الملك سلمان، وولي عهده المجدّد محمد بن سلمان. لا تُــــنــــســــى تــــصــــريــــحــــات المـــــلـــــك عــــبــــد الـــعـــزيـــز لـــــلـــــمـــــســـــؤولـــــ الأمــــــيــــــركــــــيــــــ والـــــبـــــريـــــطـــــانـــــيـــــ ودبــلــومــاســيــيــهــم خــــال الــثــلــث الـــثـــانـــي مـــن الــقــرن الـعـشـريـن حـــول الـقـضـيـة الفلسطينية، وتـشـديـده على أن مراعاة معاناة اليهود في أوروبـا ووجوب تعويضهم من معذبيهم هناك، لا يكون على حساب العرب الفلسطينيين وأراضيهم. وثائق مراسلت ومحاضر لقاءات المُوحِد ابن عبد الرحمن مـع ممثلي واشنطن ولـنـدن، خرجت للعيان من وقت طويل توضح ثبات مواقف متجدد، ويـتـجـسـد فـيـمـا تـــاه مـــؤخـــراً المُـــجـــدِد ابـــن سـلـمـان، مــع اخــتــاف الــظــروف والــتــطــورات والاعـــتـــبـــارات... أهـمـهـا الـتـصـريـح بـاسـتـمـرار المملكة عـلـى «عملها الـــدؤوب، في سبيل قيام دولــة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية» مؤكداً أن «المملكة لن تقيم علقات دبلوماسية مع إسرائيل دون ذلك». الـرسـالـة السعودية واضـحـة: لا بـد مـن حـدود غـيـر مستباحة وحــقــوق مـصـونـة أســاســا تستقيم عليه أوضاع وعلقات الدول. هــكــذا كـــان عـبـد الــعــزيــز يــصــرح، والآن الأمـيـر مـحـمـد يـــرجـــح ولا يــتــوانــى عـــن إدراج الـتـوصـيـف الأساسي لطبيعة الكيان «المحتل» لأرض فلسطين: «نــجــدد رفـــض المـمـلـكـة وإدانــتــهــا الــشــديــدة لجرائم ســـلـــطـــة (الاحــــــتــــــال) الإســـرائـــيـــلـــيـــة بـــحـــق الــشــعــب الفلسطيني». اتـسـاقـا مــع هـــذا الـثـبـات والـــوضـــوح، وتـأكـيـداً عمليا لحديث مسؤولين سعوديين إلـى مسؤولين فلسطينيين خلل الأسابيع المنصرمة، أعلن بلسان وزيــــر الــخــارجــيــة الـــســـعـــودي، عــبــر الأمــــم المــتــحــدة، إطلق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»، في .2024 ) سبتمبر (أيلول 26 ذاك عن الشاغل الفلسطيني للبال السعودي، أمـــا الــشــاغــل الـيـمـنـي فــدائــمــا وأبــــداً لمــا يـعـتـريـه من (اخــــتــــال) فــقــد حــــدد الأمـــيـــر مـحـمـد بـــن ســلــمــان أن «المملكة تسعى إلـى تعزيز الأمـن والسلم الإقليمي والدولي، من خلل بذل الجهود للوصول إلى حلول سياسية...». المـلـك عبد الـعـزيـز أوصـــى بنيه باليمن قـائـاً: «خـــيـــركـــم وشــــركــــم مــــن الــــيــــمــــن»... أي خـــيـــركـــم فـي تقدم وتـطـور اليمن وازدهــــاره، وشـركـم فـي تخلفه وفوضاه وعدم استقراره. الـشـواهـد جـمـة عـلـى عـــدم ادخــــار قـــادة المملكة جــهــداً وعــــدم تـأخـيـرهـم بــــذلاً فــي سـبـيـل إخــمــاد كل ما هاج من فِتَ اليمن، التزاما بالوصية وتجسيداً لـــلـــمـــأثـــور: «إذا هـــاجـــت الـــفـــن فـعـلــيـكــم بــالــيــمــن»، وتفسيره «احتووه، فإنه وفير الفت كثير المحن». سـبـق لـلـجـد عـبـد الـعـزيـز بــن عـبـد الـرحـمـن أن ) تصف تبعات 1927 بعث برسالة (فبراير/شباط ما بلغه من تحرك على حدود البلدين جعله يرسل «سريةً قوية... لأن جل مقصدنا سلمة أطرافنا ومن هو محسوب علينا». وأعلن آخِر الأربعينات «أنْ لا مطمع له في اليمن غير رفاهيته وقوته واستقلله وبقائه بعيداً عن المطامع الأجنبية سائراً في سبيل التقدم والرقي». يتصل بتلك المقاصد النبيلة تصريح الحفيد يونيو/ 16 ،» محمد بن سلمان (لـ«الشرق الأوسـط ) بــأنــه «حــمــايــةً لأمـنـنـا الــوطــنــي، لا 2019 حـــزيـــران يــمــكــن أن نــقــبــل فــــي المــمــلــكــة بــــوجــــود مـيـلـيـشـيـات خارج مؤسسات الدولة على حدودنا»، واستهداف «تحقيق الـرخـاء والاسـتـقـرار والازدهــــار لكل أبناء اليمن». هنا رسالة سعودية أخرى: يتأتى هذا بتفاهم وتعاون كل أبناء اليمن. وعـــلـــيـــه؛ بــــــدأت مـــشـــاريـــع خــــاّقــــة «لــلــبــرنــامــج السعودي لتنمية وإعـمـار اليمن»، وتشكل «فريق تـواصـل سـعـودي بـ الأطـــراف اليمنية» يستهدف النأي بالبلد والمنطقة بعيداً عن الفوضى الخنّاقة. يـبـ الــتــاريــخ والـــوقـــائـــع أن الــســعــوديــة، منذ نشأتها وإعلن قيامها، تعرف جيداً سبيل التعامل الأمــثــل مــع كــل «مـحـتـل» تـسـرب إلـــى بـعـض «شـــام» الـــجـــزيـــرة و«مـــخـــتـــل» فـــي بــعــض «يــمــنــهــا»، وكـيـف ومتى تُشْهِر القول الفصل في ما يهمها من قضايا، من دون إخـالٍ بمبدأ أو تغافلٍ عن الحق أو نكرانٍ للعهد. في قلب صفحات «تايم أوف إسرائيل»، كما هو حــال كبريات منصات الأخـبـار والـصـحـف، يتصدر مــانــشــيــت: «الـــســـعـــوديـــة تـــدعـــو إلــــى احـــتـــرام ســيــادة لبنان»، وهـو جـزء مـن بيان مهم يعكس ملمح من المقاربة السعودية لأزمات المنطقة يمكن اختزالها في جملة واحــدة تهم كل الأطـــراف: «الـعـودة إلـى منطق الدولة». الـــرســـالـــة الـــســـعـــوديـــة هــــي لـلـمـجـتـمـع الـــدولـــي بــــالــــدرجــــة الأولــــــــى عــــبــــرت فـــيـــهـــا المـــمـــلـــكـــة الــعــربــيــة الـــســـعـــوديـــة بـــلـــغـــة واضــــحــــة وصـــريـــحـــة مـــتـــجـــاوزة الأســمــاء والـصـفـات والأحــــزاب والتقسيمات لتصل إلـــى قـلـب الأزمـــــة، وهـــو تهشم مـفـهـوم الــدولــة ضمن المــــشــــاريــــع الــتــقــويــضــيــة المـــتـــصـــارعـــة فــــي المــنــطــقــة، لـذلـك كـــان التعبير شـديـد الـحـسـاسـيـة والـــدقـــة حين وصف «الأحــداث الجارية في الجمهورية اللبنانية الشقيقة»، وتــابــع: «ضــــرورة المحافظة على سيادة لبنان وسلمته الإقليمية»، وأكد «وقوفها إلى جانب الـشـعـب الـلـبـنـانـي الــشــقــيــق». وهـــي رســـائـــل شـديـدة الأهمية ينظمها معطى أساسي: العودة إلى منطق الدولة. وهي تقليد عريق في بيت الحكم السعودي ومرتكزات السياسة الخارجية التي شهدنا نظائرها في أكثر من مناسبة في غزو العراق ومعالجة ملف اليمن بشكل مرتجل... إلخ. هـــذه المــقــاربــة الــيــوم تـحـظـى بـتـقـديـر كـبـيـر بين المفكرين الاستراتيجيين فـي العالم والباحثين في مـــراكـــز صــنــاعــة الـــــرأي وخــــزانــــات الـتـفـكـيـر، ويـمـكـن الـتـأكـيـد عـلـى ذلـــك بـمـثـال مــن ضـمـن أمـثـلـة متعددة نُشرت في الفترة الماضية، هذا المثال الكاشف كتبه مـتـخـصـص مـــن طــــراز رفــيــع هـــو مـايـكـل نـايـتـس من معهد واشنطن المتخصص في الـشـؤون العسكرية والأمـنـيـة لـلـعـراق وإيــــران ودول الـخـلـيـج، ومـؤسـس منصة «الأضواء الكاشفة للميليشيات»؛ إذ أكد على خطأ مقاربة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في مسألة الحوثي، وأن السعودية ودول الخليج كانت مـحـقـة. ويــؤكــد: «مـــا الـــذي علمتنا الـسـنـوات العشر المــاضــيــة الــتــي تـمـثـلـت بــاحــتــال الـحـوثـيـ لشمال اليمن المكتظ بالسكان؟ أولاً، أن الوقاية دائما أرخص بـكـثـيـر مـــن الـــعـــاج عــنــدمــا يـتـعـلـق الأمـــــر بـسـيـطـرة متطرفين عنيفين على الـــدول. فـإزالـة الحوثيين من الـسـلـطـة ستتطلب الآن جــهــداً جـــديـــداً قـــد يستغرق سنوات عدة أو حتى عقوداً من الزمن، وربما يشمل العودة إلى الحرب داخل اليمن». ويـــضـــيـــف: «الــــيــــوم، تـجـنـي الــــولايــــات المـتـحـدة بجدارة ما زرعته في البحر الأحمر... إن الدرس الذي يجب أن تتعلمه الولايات المتحدة واضح: لا تشتكي مـن قيام حلفائك بالمزيد مما هـو ضـــروري لضمان أمـــنـــهـــم الــــخــــاص، ثــــم تــلــقــي بـــالـــلـــوم عــلــيــهــم عـنـدمـا يفعلون بالضبط ما أردت. على الولايات المتحدة إما أن توفر الأمــن أو تبقى بعيداً عـن الطريق فـي حين تتولى الدول الإقليمية القيام بذلك بنفسها!». واليوم يتكرر الموقف ذاته حين تعلي السعودية مـــا أســمــتــه لاحـــقـــا «الــتــســامــي الـــســـيـــاســـي»، وتـعـيـد صياغة موقفها وفق ضـرورات المرحلة وليس ردود الفعل أو الارتــبــاك والـفـوضـى، وعـلـى رأس ذلــك كله التدخل السريع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، كما حدث في إعـان الدعم والمساعدة والإغاثة لفلسطين ولبنان، ومـن دون بروباغندا أو ضجيج، وفـي نفس الوقت التأكيد بـحـزم على ضـــرورة احـتـرام الـسـيـادة وعـدم التصعيد وإيــقــاف الــحــرب؛ لأنـهـا جــزء مـن معالجة الجذور كموقف مبدئي وليس الارتـهـان للتفاصيل الـتـي عـــادة مـا تـكـون انعكاسا لمـواقـف آيديولوجية أو استغللاً لشعارات وبروباغندا حربية، وصـولاً لتحشيد واسـتـقـطـاب المتطرفين واليمينيين، وهو الحال الذي لا يمكن للطرفين الخروج منه. هناك حالة انكشاف كبيرة وتصدعات لا يمكن رأبها بمجرد البحث عن تسويات مؤقتة ومحدودة مع الإسرائيلي، حتى مع الاستناد للدعم الأميركي والإسـنـاد الغربي العام، فحالة الانـسـداد السياسي لا يمكن معها إلا التفكير في الصورة الكاملة حتى لا نضطر لتكرار مـا حــدث فـي الـعـراق وأفغانستان واليمن، لا أقـل من تثمين ما أطلقه وزيـر الخارجية السعودي على هامش اجتماعات الجمعية العامة لـــأمـــم المـــتـــحـــدة فــــي نــــيــــويــــورك، المــتــضــمــن مـــبـــادرة الـتـحـالـف الـــدولـــي لتنفيذ «حـــل الـــدولـــتـــ » بـقـيـادة السعودية ودول الاعـتـدال وعــدد من الــدول العربية والإسلمية وشركاء أوروبيين. وبـــنـــفـــس مـــفـــهـــوم الـــتـــســـامـــي الـــســـيـــاســـي ربـــط وزيـــر الـخـارجـيـة الـحـالـة الـحـرجـة الــيــوم بـجـذورهـا، مشيراً إلـى التصعيد ضد لبنان، وبحسب عبارته: «نشهد في هذه الأيام تصعيداً إقليميا خطيراً يطال الجمهورية اللبنانية الشقيقة، ويقودنا إلـى خطر اندلاع حرب إقليمية تهدّد منطقتَنا والعالمَ أجمع». الرياض اليوم هي قلب الأمـل للشرق الأوسـط، والــــســــعــــوديــــة هـــــي بــــوصــــلــــة المــــشــــاعــــر الإيـــجـــابـــيـــة لمستقبل أفــضــل. وبـعـيـداً عــن مـشـاريـع الميليشيات وخـــــداع الأوهــــــام الـشـمـولـيـة الــكــبــيــرة، أو انـتـهـازيـة الآيــديــولــوجــيــات الـضـيـقـة، هـــي مــصــدر لـاسـتـقـرار الإقليمي. خلصة القول: هناك فرصة كبيرة لإنقاذ مـــا يـمـكـن إنـــقـــاذه مـــن مـنـطـق الــــدولــــة، وهــــو يتطلب التحرك السريع من عقلء العالم قبل الندم وفـوات الأوان. السعودية لم تتأخر ولم تألُ جهداً فيسبيل إخماد كل ما هاج من فِتَن اليمن لطفي فؤاد نعمان فؤاد مطر OPINION الرأي 14 المقاربة السعودية ومنطق الدولة! فلسطين واليمن في ماضي السعودية وحاضرها خطوة ضميرية لا بدّ أن تقلب إسرائيل الصفحة وتكتب مع العرب فيصفحات السلام والاستقرار الدائميْن هناكفرصة كبيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من منطق الدولة... وهو يتطلب التحرك السريع من عقلاء العالم يوسف الديني

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky