issue16743

يــدخــل لــبــنــان بــاغــتــيــال إســـرائـــيـــل أمــن عام «حزب الله» حسن نصر الله، في مرحلة سياسية عاصفة، لما لاغتياله من ارتــدادات، تــبــدأ بـالـحـزب لـلـخـروج مــن «الــــزلــــزال» الــذي أصـــابـــه، ويـتـطـلـب مــنــه اســتــيــعــاب الـصـدمـة بـالـتـفـرّغ لإعــــادة تشكيل قـيـادتـه السياسية والـعـسـكـريـة لمـــلء الــفــراغ الـــذي خلفه اغتيال أمينه العام، وتدارك الخلل الذي لحق به من جراء الخروق الأمنية التي سمحت لإسرائيل بـمـاحـقـة أبــــرز قـــيـــاداتـــه وكـــــــوادره المـيـدانـيـة واغتيالهم وســط ارتــفــاع منسوب المـخـاوف من استمرارها. فـالـحـزب يـمـر حـالـيـا بـمـرحـلـة انتقالية بتولي نائب نصر الله، الشيخ نعيم قاسم، خــافــتــه بـــالإنـــابـــة، ريــثــمــا تــســمــح الـــظـــروف الــســيــاســيــة والأمـــنـــيـــة بـــانـــتـــخـــاب أمـــــن عـــام أصــيــل بـالـتـشـاور مــع المــرشــد الأعــلــى لإيـــران علي خامنئي، لسد ما يمكن من الفراغ الذي أحـــدثـــه اغـــتـــيـــال نــصــر الـــلـــه، بــعــد أن أمـضـى نصف عمره على رأس أمانته العامة، وكان وراء رعــايــتــه لـلـتـحـول الــــذي حـقـقـه الــحــزب، نظراً للهالة والكاريزما اللتي يتمتع بهما، وأتــــاحــــا لـــه الــتــأيــيــد الــــواســــع داخـــــل الــحــزب وبيئته الحاضنة، امتداداً إلى محور الممانعة على نطاق الإقليم. تحديات كبرى ويـسـجـل لـنـصـر الــلــه، مــن قـبـل مـؤيـديـه ومعارضيه، أنه تمكن من بلوغ الرقم الصعب فـي المعادلتي الداخلية والـدولـيـة، وهـــذا ما يضع خَلَفَه أمام تحدّ كبير لسد الفراغ الذي لــن يـتـأمـن بـاسـتـبـدالـه، لأن خَـلَـفَـه فــي حاجة إلــى فـتـرة سـمـاح تمكّنه مـن اسـتـعـادة موقع الحزب على الأصعدة كافة، رغم أنه لا مكان للتجاذبات الحزبية داخـلـه، بغياب المحاور وصــــــراع الـــنـــفـــوذ عــلــى غـــــرار مـــا يــحــصــل في بعض الأحزاب. لذلك، من الظلم التعامل راهنا مع خَلَفِهِ على أنـه شبيهه فـي التأثير السياسي وفي الهالة التي يتمتع بها، كما يقول مصدر بارز فـي «الثنائي الشيعي» لــ«الـشـرق الأوســـط»، سـواء بالاختلف أو بالاتفاق مع نصر الله، ما يدعو للتريث في إصـدار الأحكام المسبقة وإتاحة الفرصة للخَلَف للحكم على أفعاله، وإن كـان لا يقلّل مـن الـفـراغ الــذي تركه نصر الله لما لديه من خبرة وتمرّس حققهما طوال توليه الأمانة العامة للحزب لأكثر من ثلثة عقود. التلاقي في منتصف الطريق فــــالــــحــــزب فـــــي حــــاجــــة مــــاســــة لــتــرتــيــب أوضاعه وإعادة ترميم صفوفه كممر إلزامي لـــضـــمـــان خــــروجــــه مــــن الــــصــــدمــــة والـــحـــفـــاظ عـــلـــى دوره فــــي المــــعــــادلــــة الــــداخــــلــــيــــة، ومـــن مـوقـع قـيـادتـه لمـحـور المـمـانـعـة، الـــذي تسبب باختلفه مع المعارضة، التي يُفترضبحسب المـــصـــدر نـفـسـه، ألا تـتـعـامـل مـــع اغـتـيـالـه من زاويـــة التشفي وتصفية الـحـسـابـات، وإنما بـــالانـــفـــتـــاح لــلــتــاقــي فـــي مـنـتـصـف الــطــريــق لإنقاذ لبنان وإخـراجـه من أزمـاتـه بانتخاب رئـيـس للجمهورية، وبـالـوقـوف حاليا وراء الــحــكــومــة، بـــدعـــوة رئـيـسـهـا نـجـيـب ميقاتي للتوصل إلـى وقـف إطـاق النار، ووضـع حد لإمعان إسرائيل في عدوانها بتدمير القرى وقتل المدنيي وتهجير السكان. ويلفت المـصـدر إلــى أنــه لا مـكـان للثأر، بالمفهوم السياسي للكلمة، من «حزب الله»، ويــــنــــوه بــإيــجــابــيــة بـــالاتـــصـــال الــــــذي أجـــــراه رئـــيـــس حـــــزب «الـــكـــتـــائـــب» ســـامـــي الــجــمــيــل، برئيس المجلس النيابي نبيه بـــري، ويأمل مـن رئـيـس حــزب «الــقــوات اللبنانية» سمير جعجع، أن يحذو حـذوه، لأن هناك ضـرورة، فـــي ظـــل الــــعــــدوان الإســـرائـــيـــلـــي عــلــى لـبـنـان، لـلـتـعـالـي فــــوق الــــجــــراح الــســيــاســيــة لـصـالـح تحصي الـسـاحـة الـداخـلـيـة، مبديا ارتياحه لرحابة صدر اللبنانيي بحسن تعاملهم مع النازحي. دور أكبر لبري وإلـــــــى أن يــتــمــكــن الــــحــــزب مــــن تــرتــيــب أوضــــاعــــه، بـــالـــتـــشـــاور مـــع إيـــــــران، لا بـــد من التعويل على دور أكبر لبري، حيث لا يبقى محصوراً بتفويضه من نصر الله بالتفاوض مــــع الـــوســـيـــط الأمـــيـــركـــي أمــــــوس هـوكـسـتـن لـــتـــهـــدئـــة الـــــوضـــــع فـــــي الــــجــــنــــوب، وتــكــلــيــفــه بــالاتــصــالات لخلق المــنــاخ المــواتــي لانتخاب رئـيـس للجمهورية، ويُـفـتـرض بـــأن يتوسع تكليفه ليسهم فــي ســد الـــفـــراغ الـــذي فرضه اغــتــيــال نـصـر الـــلـــه، ريـثـمـا يستعيد الـحـزب عافيته السياسية ودوره، وإن كـــان يتعذر على قيادته، التي يُعمل حاليا على تشكيلها، اســـتـــرداد دورهــــا الـكـامـل فــي قـيـادتـهـا لأذرع محور الممانعة في المنطقة. فدور بري سيتعاظم، ليس بوصفه أمراً واقعا، وإنما هناك استحالة في التوصل إلى تسوية رئاسية مـن دونـــه، كونه الأقـــدر على الاحتكاك إيجابيا بمعظم القوى السياسية، وبعضها في المعارضة، من موقع الاختلف، لــعــل الانـــفـــتـــاح يــــؤدي لـلـتـفـاهـم عــلــى قــواســم مشتركة تُخرج انتخاب الرئيس من المراوحة. ويــــفــــتــــرض أن يـــــتـــــازم تــــفــــرغ الــــحــــزب لــتــرتــيــب أوضــــاعــــه بـــالـــتـــشـــاور مــــع الـــقـــيـــادة الإيـرانـيـة، التي اقتصر دورهــا حتى الساعة على تقديم جـرعـة دعــم معنوية للحزب في نعيها لنصر الـلـه، وكأنها تترك الـقـرار بكل ما يتعلق بالميدان لـ«الحرس الثوري»، رغم أن مصادر شيعية، تفضّل عدم ذكر اسمها، لا تخفي عتبها ولومها لطهران على خلفية أنها تواصل التفاوض غير المباشر مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وعدم الانجرار إلـــى صــــدام مـعـهـا لـتـفـويـت الـفـرصـة عـلـى ما يصبو إليه رئيس وزراء إٍسـرائـيـل بنيامي نتنياهو للإيقاع بي طهران وواشنطن، التي لـم تبد ممانعة فـي اغـتـيـال إسـرائـيـل لنصر الــلــه، الـــذي عـــدّه نتنياهو ضـــروريـــا لتغيير ميزان القوى في الشرق الأوسط. اتصالات لمنع الفتن وعــلــيــه، فــــإن بــــري يــتــصــدر الاتـــصـــالات لتوفير الحماية وتحصي الساحة الداخلية وقــــطــــع الـــطـــريـــق عـــلـــى مَـــــن يــــحــــاول افـــتـــعـــال حـــــوادث شــغــب وفــــن مـتـنـقـلـة، بـسـبـب ســوء تصرف بعض النازحي، فيما الغالبية منهم تــلــقــى تــرحــيــبــا وســـعـــة صــــدر مـــن المـضـيـفـن مـن جمعيات وأفـــراد مـن مختلف الطوائف. وعلمت «الشرق الأوســط» أنـه لم ينقطع عن الــتــواصــل مــع الأكــثــريــة الـسـاحـقـة مــن الـقـوى السياسية، مقدّراً الدور الذي يقوم به الرئيس السابق للحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلط، وكــان لـه، أي بــري، دور بالتواصل مـــــع قــــائــــد الـــجـــيـــش الــــعــــمــــاد جــــــــوزف عـــــون، والمـــديـــر الـــعـــام لــقــوى الأمــــن الــداخــلــي الــلــواء عماد عثمان، في تعزيز الحضور الأمني في بيروت الكبرى لمنع حصول أي احتكاك بي النازحي والمضيفي. وأكــد الرئيس بــري لــ«الـشـرق الأوســط» أن إسرائيل هي مَن أفشلت الجهود الدولية للتوصل إلــى وقــف إطـــاق الــنــار، وقـــال إنها ماضية فـي عـدوانـهـا، وتمعن فـي استهداف المدنيي والعاملي فـي القطاعات الصحية، مـن مسعفي ودفـــاع مـدنـي، لتفريغ الجنوب من أهله، وتدمير البلدات والقرى. جهود لوقف إطلاق النار ولـــــــفـــــــت إلـــــــــــى أن الــــــحــــــكــــــومــــــة تــــقــــوم بـــــواجـــــبـــــاتـــــهـــــا، و«نــــــحــــــن قــــلــــنــــا مــــــا لـــديـــنـــا بخصوص التوصل إلى وقف إطلق النار، وأن المــســؤولــيــة مـنـاطـة بـالمـجـتـمـع الــدولــي الـذي يفترض به وبواشنطن الضغط على إسـرائـيـل، الـيـوم قبل الـغـد، لإلـزامـهـا بوقف ، لأنه 1701 عـدوانـهـا وبتطبيق الــقــرار رقــم مــن غـيـر الـجـائـز إطـــاق يـدهـا فــي تماديها بـــتـــحـــويـــل الــــجــــنــــوب إلــــــى أرض مـــحـــروقـــة يصعب العيش فيها». وأبــــدى بـــري ارتــيــاحــه لمــوقــف رئيسي «الــــكــــتــــائــــب» ســــامــــي الـــجـــمـــيـــل، و«الــــتــــيــــار الـوطـنـي الــحــر» جــبــران بـاسـيـل. وقــــال: «آن الأوان لـــيـــتـــاقـــى الـــجـــمـــيـــع فـــــــوراً لمـــواجـــهـــة الخطر الإسرائيلي بالموقف المـوحـد، الـذي يبقى أقـــوى ســاح لدينا لمنعه مـن تحقيق أهدافه، كون العدوان لا يهدد طائفة معينة، وإنما يستهدف لبنان بصيغته ووحدته، وهـذا يدعونا جميعا للتصرف بمسؤولية والـــتـــرفـــع عـــن الــحــســاســيــات الــتــي لا تـخـدم تحصي ساحتنا، ولا خيار أمامنا سوى الضغط لـوقـف الــعــدوان الـــذي أخــذ يتوسع ويستدعي التدخل الدولي العاجل لتطبيق ، وكـنـا أول مــن أيـــد الـنـداء 1701 الــقــرار رقـــم الأميركي - الفرنسي لوقف إطلق النار، لكن نتنياهو تمرد على الإرادة الدولية برفضه الالتزام به». 4 لبنان... بعداغتيالنصرالله NEWS Issue 16743 - العدد Monday - 2024/9/30 الاثنين يدخل لبنان باغتيال إسرائيل لحسن نصرالله في مرحلة سياسية عاصفة ASHARQ AL-AWSAT الجيشاللبناني يعزّز انتشاره في عدد من المناطقخشية فتنةٍ داخلية بــالــتــوازي مــع إعــطــاء الـحـكـومـة الـلـبـنـانـيـة الأولــويــة لـوقـف إطـــاق الــنــار بــن إسـرائـيـل و«حــــزب الــلــه»، وإغـاثـة الجرحى في المستشفيات، وتأمي أماكن إيواء للنازحي، تُستنفَر الأجهزة الأمنية، وعلى رأسها الجيش اللبناني، للتصدي للإشكالات الداخلية، على خلفية موجات النزوح العارمة، كما نتيجة الغضب الكبير المسيطر على نفوس مناصري «حــزب الـلـه» بعد اغتيال إسرائيل أمينه العام حسن نصر الله يوم الجمعة الماضي. ولـــم يمنع فـتـح معظم المـنـاطـق أبــوابــهــا لمـئـات آلاف النازحي، ومعظمهم من الشيعة، بمشهد وطني جامع، حصول عدد من الإشكالات في بعض المناطق بي أهاليها ونـــازحـــن، نتيجة مـشـاجـرات ذات طـابـع سـيـاسـي، كذلك سُـجّـلـت احـتـكـاكـات بُـعَـيـد الإعــــان عــن اغـتـيـال نـصـر الله نجحت الأجهزة المعنية باستيعابها سريعا. مخاوف«المناطق الآمنة» ولعل أبرز ما يخلق إشكالات مع النازحي هو خشية ســكــان المــنــاطــق الــتــي تُـــعـــدّ نـسـبـيـا آمــنــة أن تـصـبـح هـدفـا للطيران الإسـرائـيـلـي فـي حــال تـبـنّ أن مـن بـن النازحي عناصر أو كوادر من «حزب الله»، وتصل مئات الشكاوى إلــــى بــلــديــات قــــرى وبـــلـــدات تـطـالـبـهـا بــالــتــأكــد مـــن هـويـة النازحي حديثا إلى شقة ما. عاما)، وهي من سكان منطقة 40( وتقول نسرين ن بـعـبـدا فــي جـبـل لـبـنـان، إنـهـا تـواصـلـت مــع الـبـلـديـة طلبا منها لإخـــراج الـنـازحـن مـن شقة اسـتـأجـروهـا فـي المبنى الـذي تقطن فيه، خشية أن يكون بينهم هدف إسرائيلي، مـا يـــؤدي لمقتلها وعائلتها بـغـارة مــا. وتضيف نسرين لـ«الشرق الأوســـط»: «نــدرك أن وضـع النازحي الإنساني صعب جداً، لكن سلمتي وعائلتي هي أولويتي راهنا». انتشار عسكري ويـنـفّـذ الجيش اللبناني منذ أيـــام عمليات انتشار واســعــة، فـي عــدد كبير مـن المـنـاطـق، وخـصـوصـا فـي تلك حيث اختلط مذهبي وطائفي، ويوضح مصدر أمني أن «الهدف من هذا الانتشار تَفادي الإشكالات، وردّات الفعل بـن أبـنـاء الطائفة الشيعية وبـاقـي المـكـوّنـات اللبنانية، حـتـى لا تـحـصـل فـتـنـة مـذهـبـيـة وطــائــفــيــة»، لافــتــا إلـــى أن «الجيش عـزّز انتشاره في أماكن محدّدة، ويقيم دوريـات ونقاطا مستحدَثة، كما أنه متأهّب لحصول أي تطوّر». ويشير المصدر في تصريح لـ«الشرق الأوســـط» إلى أن «الجيش يتدخّل حيث تحصل إشكالات، لكن ليس لديه عـدد كـافٍ من العناصر لينتشروا في كل مناطق ومراكز النزوح والإيواء». وأصــــــدرت قـــيـــادة الــجــيــش، الأحـــــد، بـيـانـا حــثّــت فيه المــواطــنــن عـلـى «الــحــفــاظ عـلـى الـــوحـــدة الــوطــنــيــة، وعــدم الانـــجـــرار وراء أفــعــال قــد تــمــسّ بـالـسـلـم الأهــلــي فــي هـذه المـرحـلـة الـخـطـيـرة والـدقـيـقـة مــن تــاريــخ وطــنــنــا»، منبّهة إلــى أن «الـعـدو الإسرائيلي يعمل على تنفيذ مخططاته التخريبية، وبث الانقسام بي اللبنانيي». وأكّدت قيادة الجيش استمرارها في اتخاذ «التدابير الأمنية اللزمة، والقيام بواجبها الوطني؛ للحفاظ على الـسـلـم الأهـــلـــي»، داعـــيـــةً المــواطــنــن لـــ«الــتــجــاوب مـــع هـذه التدابير، والعمل بمقتضى الـوحـدة الوطنية التي تبقى الضمانة الوحيدة للبنان». خشية الفتنة ولا ينفي العميد المتقاعد جورج نادر أن هناك «خوفا من استخدام إسرائيل عملءها في محاولة لإشعال فتنة داخلية تشكّل أكبر خدمة لها في المرحلة الراهنة»، مشدّداً عـلـى أنـــه «لا يمكن الــنــوم عـلـى حـريـر والمـسـؤولـيـة الأكـبـر تـبـقـى عـلـى الــقــوى الأمـنـيـة والـجـيـش الــلــذَيــن يـفـتـرض أن يتنبّها للتصدي لأي محاولة لإشعال هكذا فتنة». ويـشـدّد نــادر فـي تصريح لــ«الـشـرق الأوســــط»، على أن «المطلوب الوعي من البيئة التي احتضنت النازحي، فل يمكن احتضانهم وبنفس الوقت شتم رموزهم الدينية والــســيــاســيــة، كــمــا لا يـمـكـن إجـــبـــارهـــم عــلــى إزالــــــة صــور أولادهــم الشهداء عن سياراتهم»، لافتا إلـى أنـه «وبنفس الـــوقـــت يـجـب أن يــــدرك (حــــزب الـــلـــه) أن الـبـيـئـة الــتــي أدّى لتهجيرها يُفترض أن تحترم الآراء السياسية للبيئة التي احتضنتها، بمعنى أنه لا يمكن أن أكون مهجّراً إلى مكان معي وأسعى لفرض رأيـي، وأضع ما يستفز البيئة التي استضافتني». بيروت: بولا أسطيح ترقب لأجواء التشييع... ودعوات إلى الوحدة الوطنية وتطبيق «اتفاق الطائف» قلق لبناني من تداعيات داخليةلاغتيال نصرالله لــن تـقـف تـداعـيـات اغـتـيـال أمـــن عـــام «حــزب الله» حسن نصر الله على حزبه بوصفه تنظيما سياسيا وعسكريا فحسب، بل ستنسحب على الواقع اللبناني برمته، خصوصا أن هذه العملية الصادمة جاءت من خارج التوقعات والحسابات. ورغــم أن الـشـارع اللبناني شهد ردود فعل مــــحــــدودة مــــن قـــبـــل مـــنـــاصـــري الــــحــــزب وبــيــئــتــه، فـــإن مــواقــف الــقــوى الـسـيـاسـيّـة والــحــزبــيــة، بكل تناقضاتها، دعت إلى «الوحدة وتفويت الفرصة على إسرائيل التي تسعى إلـى إحــداث فتنة بي اللبنانيي». ومـــثّـــل الاجـــتـــمـــاع الـــطـــارئ لمـجـلـس الـــــوزراء الـلـبـنـانـي ومـــقـــرراتـــه خـــطـــوة مــهــمّــة عــلــى طـريـق احتواء الوضع، وأسهمت دعـوة الرئيس نجيب ميقاتي اللبنانيي إلـى «الـوحـدة ولـمّ الشمل في هـذه الـظـروف الصعبة»، إلـى تنفيس الاحتقان، سـيـمـا وأنــــه جــــدّد تــأكــيــده عــلــى «وقـــــوف الــدولــة إلــى جـانـب اللبنانيي، خصوصا الـنـازحـن من الجنوب والضاحية والبقاع». ووصــــــف الـــــوزيـــــر الـــســـابـــق رشـــيـــد دربـــــاس مــواقــف الــقــوى الـسـيـاسـيـة بــ«المـتـعـقّـلـة والمــدركــة لخطورة المـرحـلـة»، ودعــا كـاً مـن رئيس مجلس الــــنــــواب نــبــيــه بــــــرّي ورئــــيــــس الـــحـــكـــومـــة نـجـيـب مــيــقــاتــي إلــــى أن «يــتــســلّــمــا زمـــــام المــــبــــادرة، وأن يـمـسـكـا بــــرأس الــخــيــط الــــذي يــقــود إلــــى احــتــواء الأزمــة الداخلية، وأن يعمل على جمع شمل كل الأطراف السياسية حول مشروع الدولة». وبدت الانفعالات التي عبّر عنها بعض جمهور الحزب مفهومة إلــى حــدّ مــا، ورأى دربـــاس فـي تصريح لـــ«الــشــرق الأوســــــط»، أن مــا حـصـل فــاجــأ جميع اللبنانيي وليس جمهور «حــزب الله» وبيئته. وإذ لـفـت إلـــى أن الـــحـــزب «لا يــــزال جـسـمـا قـويـا، لكن هـذا الجسم من دون رأس، وعـمـوده الفقري مختلّ، وإن كانت قوته العسكرية والمالية قائمة، كما قاعدته الشعبية كبيرة، وقـد تكون تعززت بسبب الـفـاجـعـة، إّ أن هــذا الجسم يحتاج إلى قـــرار، والأهـــم أنــه يحتاج إلــى مـن يتخذ الـقـرار»، متحدثا عن «صعوبة في اختيار بديل نصر الله، ما دام أن إسرائيل ماضية بتقطيع الأوصال، وما دام أن الجواسيس ينتشرون في كلّ مكان، وهناك اختراقات سياسية وأمنية يستحيل معالجتها في ذروة الحرب». وتـــتـــرقّـــب الأوســــــاط الـسـيـاسـيـة والـشـعـبـيـة بـقـلـق الأجـــــواء الــتــي تـــواكـــب تـشـيـيـع نـصـر الـلـه، ومــــراســــم دفـــنـــه فــــي الـــســـاعـــات المـــقـــبـــلـــة، ومـــــا قـد يــرافــقــهــا مـــن تــحــركــات فـــي الــــشــــارع. ولا يُـخـفـي وزيــــر الـداخـلـيـة الـسـابـق زيــــاد بــــارود أن اغـتـيـال نصر الله «أحدث إرباكا في لبنان عموما، ولدى بـيـئـة (حــــزب الـــلـــه) خــصــوصــا، بـالـنـظـر لطبيعة الاسـتـهـداف وللشخصيّة المستهدفة»، عـــادّاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «ردود الفعل هذه مـفـهـومـة، لـكـن لــن يــكـون هــنــاك قــــرار بـالـفـوضـى، بــل قــــرار مــن قــيــادة الــحــزب بـضـبـط الـــوضـــع؛ لأن الاستقرار الداخلي هو السبيل الأفضل لحماية الحزب وجمهوره». ودعـــــــا بــــــــارود إلـــــى «الاســـــتـــــفـــــادة مــــن حــالــة تضامن اللبنانيي، أو بالحدّ الأدنـى تهيّب وقع الاغتيال ورهبته». وقـال: «صحيح أن نصر الله لم يكن موضع إجماع بلبنان، لكن الكلّ يتحسس صعوبة الموقف، وأّ تكون جريمة اغتياله سببا لإحداث مشاكل في البلد، وهذا الأمر يفترض أن يكون مفهوما لدى الحزب بوصفه تنظيما ولدى جـــمـــهـــوره»، مـــشـــدداً عـلـى «أهــمــيــة الـــــدور المـتـقـدم للجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار في البلد». ورغم هول الصدمة التي يقع تحتها «حزب الله» اليوم، طالب درباس الحزب «باتخاذ موقف شـجـاع، يقضي بتكليف بـــرّي بــإجــراء اتـصـالات داخـــلـــيـــة وخــــارجــــيــــة، وأن يـــذهـــب الــجــمــيــع إلـــى انـتـخـاب رئـيـس لـلـجـمـهـوريـة، وتـشـكـيـل حكومة جديدة، وإعــادة تكوين الدولة». ورأى أن «هناك اســتــحــالــة فـــي إعــــــادة تــكــويــن (حـــــزب الـــلـــه) قبل تكوين الدولة، ووجود رئيسجمهورية وحكومة دستورية تـفـاوض الــخــارج». ولاحــظ دربـــاس أن «(حـزب الله) بات أمـام واقـع جديد، وليس هناك مـن يأخذ المـوقـف داخــل تركيبته». وختم قائلً: «من ينتظر إيـران لتعطي تعليماتها فإنه يكون مخطئا، لأن القيادة الإيرانية في ورطــة، ويبقى الرهان على الرئيس برّي ليقدم ويطرح مبادرة». أهمية احتواء ما حصل ليست متوقفة على «حزب الله» وبيئته فقط، على حدّ تعبير الوزير بـــارود، بل مسؤولية جميع اللبنانيي، وعــدّ أن «السبيل الوحيد لتطويق تداعيات هذا الاغتيال هو انتخاب رئيس للجمهورية، وتسمية رئيس حكومة يختار فريقا وزاريــا قويا، ونبدأ بعدها فـوراً بوضع آلية لحماية لبنان أمنيا وسياسيا واقـتـصـاديـا». وأضــــاف: «المـمـر الإلــزامــي للإنقاذ والـــحـــصـــول عــلــى دعــــم الأشــــقــــاء الـــعـــرب والـــــدول الـصـديـقـة بـعـد تــوقّــف هـــذه الـــحـــرب، هــو تطبيق اتــفــاق الـطـائـف وتــطــويــره إذا اسـتـدعـت الحاجة لـذلـك بما يـخـدم اللبنانيي»، عـــادّاً أنــه «مــن حق اللبنانيي أن يطالبوا بتحسي وتطوير النظام، لـكـن لـيـس عـبـر نـسـف (الـــطـــائـــف)، والـــذهـــاب إلـى أشـيـاء أخـــرى، مثل التقسيم والـفـيـدرالـيـة، وغير ذلـــك مــن الــطــروحــات الـخـطـيـرة، ولا عـلـى قـاعـدة غالبٍ ومغلوب». ومـواكـبـة لـلـتـطـورات وتـأثـيـر الاغـتـيـال على الـــداخـــل الـلـبـنـانـي، أجــــرى نــائــب رئــيــس المجلس الإســامــي الشيعي الأعـلـى الـعـاّمـة الشيخ علي الخطيب، اتــصــالات بـالـقـيـادات اللبنانية كـافّـة، وقــال في تصريح له إن «الـظـروف الصعبة التي تـمـر بـهـا الـــبـــاد تـسـتـدعـي مـــن جـمـيـع الــقــيــادات الـــرســـمـــيـــة والـــســـيـــاســـيـــة والــــروحــــيــــة الــتــضــامــن والـتـكـافـل وتـأكـيـد الــوحــدة الـوطـنـيـة، خـاصـة أن العدوان الإسرائيلي الغاشم يستهدف كل الوطن بكل ما فيه»، لافتا إلى «ضرورة العمل على إغاثة الــنــازحــن وتــأمــن كــل وســائــل الــرعــايــة لـهـم، لأن فروسية اللبنانيي وشهامتهم تظهر فـي وقت الشدائد». بيروت: يوسفدياب «حزبالله» يتفرّغ لترتيب أوضاعه للخروج من «زلزال» اغتيال نصرالله تعويل لبناني على دور أكبر لبري لتحصين البلاد ومنع افتعال الفتن الشيخ نعيم قاسم يتولى قيادة «حزبالله» مؤقتاً (رويترز) بيروت: محمد شقير

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky