issue16742

فـي الـسـنـوات الـتـي تلت الـحـرب العراقية - اإليــرانــيّــة، قـــررت السلطة العليا فــي طـهـران Forward( اعتماد استراتيجيّة الدفاع املتقدّم )، وذلك بهدف حماية الداخل اإليراني Defense بسبب هشاشته األمنية املرتفعة. أشـرف على هذا املشروع، وخطط له، قائد «فيلق القدس» قـاسـم سليمانيّ، الـــذي ركّـــز على وكـــاء إيــران فـــي املـنـطـقـة، مـــن الـــعـــراق إلـــى ســـوريـــا ولـبـنـان ووصـوال إلى اليمن. إضافة إلى مد النفوذ في اإلقليم، كان الهدف دائمًا خلق درع واقية لألمن القومي اإليراني عن بُعد. كما كان الهدف خلق ستار ضبابي للسلوك اإليراني يعطيه القدرة على النكران والتهرّب من املسؤولية. بكلم آخــر، بــات بمقدور إيـــران أن تُطلق صـاروخـ مــا، أو مـسـيّــرة، على إسـرائـيـل تحت غــطــاء الــــوكــــاء. وقــــد تُـــجـــرّب أسـلـحـتـهـا أيـضـ تحت املعيار نفسه. ومن هنا، تم ابتكار مفهوم وحــدة الساحات بعد بـدء الحرب اإلسرائيلية عـلـى قـطـاع غــــزّة، حـيـث قـاتـلـت إيــــران بالوكيل حسب املـبـدأ الـتـالـي: إذا خسر يخسر لوحده، وإذا ربــح تـربـح إيـــران مـعـه. جـرّبـت إيـــران هذا املـبـدأ لـلـمـرة األولـــــى فـي حـــرب يـولـيـو (تــمــوز) بني إسرائيل و«حــزب الـلـه». لكن تجربة 2006 الحرب الحالية تبدو مختلفة تمامًا. استراتيجية إيران بعد الحرب على غزّة بــعــد بــــدء الـــحـــرب عــلــى غــــزة فـــي أكــتــوبــر (تـشـريـن األول) الــعــام املـــاضـــي، عــمــدت إيــــران، عبر وكيلها األهم، «حزب الله»، إلى فتح جبهة لبنان كجبهة إسناد تسمح بتثبيت كثير من الـــقـــوات اإلســرائــيــلــيّــة عـلـى الـجـبـهـة الشمالية مــع لـبـنـان، بـهـدف تخفيف الـضـغـط عــن قطاع غزة. وإذا كان تثبيت القوات اإلسرائيليّة على الـحـدود اللبنانية هدفًا استراتيجيًا لـ«حزب الله»، فهو قدّم أيضًا خدمة غير مباشرة لهذه الـقـوات. كيف؟ سمح لإلسرائيليني بمزيد من الــوقــت لـلـتـعـرف عـلـى طـريـقـة تـنـظـيـم، وكيفيّة عـمـل، مقاتلي «حـــزب الـلـه»، بالطبعة املُحدّثة ) - فــإســرائــيــل لــديــهــا مــنــذ ســنــوات Updated( قائمة واسـعـة بمواقع «حــزب الـلـه» وتحركات قياداته، لكن الشهور التي مرت منذ بدء التوتر على جبهة لبنان سمحت لها بمزيد من الوقت لتحديث «بنك األهداف». وألن املــعــركــة تـسـتـلـزم حــركــيّــة مـسـتـمـرّة لـــلـــقـــيـــادات الـــعـــســـكـــريّـــة، اســـتـــطـــاعـــت إســـرائـــيـــل اســتــهــداف الـــقـــيـــادات املــيــدانــيّــة لــــ«حـــزب الـلـه» بأعداد كبيرة. حيّدت قيادات املناطق العسكريّة عــلــى جـبـهـة الـــجـــنـــوب. طـــالـــت الـــضـــربـــات، كما يبدو، جميع قيادات «قوة الرضوان». بـــاإلضـــافـــة إلــــى كـــل ذلـــــك، شـــكّـــل الـــوجـــود العسكري اإلسرائيلي املُثبّت في الشمال، نقطة انـطـاق للحملة الشاملة الحالية على «حـزب الــلــه»، كـمـا سـاعـد فــي التحضير لـانـتـقـال من الـحـرب الحالية املوضعيّة وحــرب االستنزاف )، إلـى حـرب املـنـاورة، في Positional Warfare( حال قرّرت إسرائيل خوض الحرب البريّة. حـــــاول «حـــــزب الـــلـــه» فـــي الـــبـــدايـــة إشــغــال الــقــوات اإلسـرائـيـلـيـة عـلـى الــحــدود مــع لبنان، لـكـنـه لــم يـتـدخـل لــضــرب الـحـشـود الــتــي كانت تتجمع عـلـى حــــدود قــطــاع غــــزة. ربـــط الـحـزب الحقًا وقف النار على الجبهة اللبنانية بوقف الـنـار على جبهة غـــزّة. وهـنـا، يتظهّر خلل في الـتـفـكـيـر االســتــراتــيــجــيّ، خـصـوصـ أن نـجـاح االستراتيجيّة التي يتبعها «حـزب الله» صار يتعلّق مـبـاشـرة بـحـسـابـات اإلسـرائـيـلـيّــ في الــقــطــاع. وضـــع «حـــزب الــلــه» فــي الـــواقـــع شـرط نجاح استراتيجيّته بيد عدّوه اللدود، بنيامني نتنياهو. فــي املــقــابــل، كـــان نتنياهو يـخـطـط لغزة . فـفـي ذلـــك الــوقــت اسـتـقـال من 2005 مـنـذ عـــام حــكــومــة آريـــيـــل شــــــارون، ألن هــــذا األخـــيـــر قــرر االنـــســـحـــاب مـــن قـــطـــاع غـــــزّة مـــن جـــانـــب واحــــد. ويـريـد نتنياهو اآلن حكم غـزة عسكريًا. وهو يستغل الفرصة االستراتيجيّة التي تلت عملية «طــــوفــــان األقـــــصـــــى»، لـتـصـفـيـة حـسـابـاتـه مـع مـا يُــعـرف بــ«مـحـور املــقــاومــة». فبعد سنة من تـدمـيـر قـطـاع غــــزّة، انـتـقـل نتنياهو فـجـأة إلـى الضفة الغربيّة لضرب هيكلية مقاومة بـدأت تتظهّر وتتمأسس، بدعم إيرانيّ. وبذلك، يكون نتنياهو قد أمّن ظهر الجيش اإلسرائيلي الذي بات بإمكانه التوجّه إلى جبهة لبنان. ركّز الجيش اإلسرائيلي على مراكز الثقل في املثلث االستراتيجي لـ«حزب الله»، واملؤلف من: فــفــي كــــل مـنـطـقـة مـــن هــــذا املــثــلــث، سعت إسرائيل إلـى زرع الفوضى داخــل بيئة «حزب الله» وبنيته قبل بدء التصعيد الكبير حاليًا. فجّرت أجهزة االتصاالت التي يحملها عناصر الـــحـــزب وقـــيـــاداتـــه، مـــا أدى إلــــى مـقـتـل وجـــرح آالف منهم (ومـــن املـواطـنـ الـعـاديـ أيـضـ ). أتــبــعــت إســـرائـــيـــل هــــذه الــتــفــجــيــرات بتصعيد اســـتـــهـــداف قـــيـــادات الـــحـــزب األســـاســـيّـــة، حتى وصــل األمـــر إلــى قتل أمينه الـعـام حسن نصر الله في في الضاحية الجنوبية. وإذا أضيفت هــذه االغـتـيـاالت إلــى االغـتـيـاالت التي حصلت عـلـى مــســرح جــنــوب الـلـيـطـانـي، فيمكن الـقـول إن «حـزب الله» يعاني حاليًا من نقص قيادي استراتيجي وعملني بشكل كبير. يـــســـتـــهـــدف نـــتـــنـــيـــاهـــو الــــوكــــيــــل األبــــــــرز، واألقـــــــــوى، لــــ«مـــحـــور املــــقــــاومــــة». فـــهـــو يُــشــكّــل جوهرة التاج في املشروع اإليـرانـي اإلقليميّ. فإذا سقط، فقد ينهار املشروع الذي استثمرت . فهل ستسمح إيـران 1983 فيه إيــران منذ عـام بـذلـك؟ وهــل أخـطـأ كـل مـن «حـــزب الـلـه» وإيـــران بـالـحـسـابـات االســتــراتــيــجــيّــة؟ وهـــل وصـــل ما يُسمّى مشروع املقاومة إلى االمتداد األقصى، خـصـوصـ أنـــه وبــعــد نـقـطـة االمـــتـــداد األقـصـى يبدأ املردود السلبي للمشروع؟ جبهات وحدة الساحات تعتقد إسـرائـيـل أنـهـا ضـربـت جبهتني مــن جـبـهـات «وحــــدة الــســاحــات»، هـمـا قطاع غـــزّة والـضـفـة الـغـربـيّــة. وهــي الـيـوم تتعامل بـــقـــوّة مـــع الــجــبــهــة األهـــــم واألخــــطــــر عـلـيـهـا، جبهة لبنان، محاولة تفكيكها. ولـكـن مـاذا عــن املتبقي مــن وحـــدة الــســاحــات، أي اليمن والعراق وإيران؟ ال تشكّل جبهة الــعــراق خـطـرًا وجـوديّــ على إسـرائـيـل كما تشكّل جبهة لـبـنـان. أما الــيــمــن، فـقـد يــكــون مـشـكـلـة إلســـرائـــيـــل، لكنه أيضًا مشكلة إقليميّة ودولية نظرًا إلى سلوك الـحـوثـيـ فــي بـــاب املــنــدب. فــمــاذا تـبـقّــى من وحدة الساحات؟ إيران بالطبع. فماذا عنها؟ اعـتـمـدت إيـــران استراتيجية الخنق أو «األنـــاكـــونـــدا» حـــول إســـرائـــيـــل. وصــلــت هـذه االستراتيجيّة إلى االمتداد األقصى لها، وبدأ االرتـــــداد السلبي ينعكس عـلـى األصــيــل في هذه االستراتيجيّة. وإذا كان األصيل يطلب دائـمـ تـــورّط الوكيل فـي الـحـروب بالواسطة ) لتحقيق أهـــدافـــه الـجـيـوسـيـاسـيّــة، Proxy( فقد يـؤدّي سلوك الوكيل في بعض األحيان إلـى جـر األصيل إلـى حـرب ال يريدها، وغير مستعد لها. تكمن معضلة إيــــران الـحـالـيّــة فــي عـدم توفّر الخيارات االستراتيجيّة املناسبة. هي تـعـانـي الـــيـــوم مـــن حــالــة «خـــاســـر - خــاســر»، فـــي أي خـــيـــار تــــأخــــذه. فــــإن تـــركـــت الــوكــيــل، فــســوف تـفـقـد مـصـداقـيـتـهـا. وســــوف تـذهـب جـــهـــودهـــا واســـتـــثـــمـــاراتـــهـــا ســــــدى. وســــوف يسقط مشروعها اإلقليمي. وســـوف ينقلب عليها األصيل ألنها تركته في مهب الريح. لكنها إن تـدخّــلـت لـحـمـايـة الــوكــيــل، فسوف تدفع األثمان الكبيرة، وسوف تنقلب عليها استراتيجيتها األسـاسـيّــة (الـدفـاع املتقدّم)، وسوف يُضرب الداخل اإليراني بكل أبعاده، خـصـوصـ الــســيــاســيّــة، وهـــي أبـــعـــاد تتعلّق بديمومة النظام. أظـــهـــرت األحـــــداث األخـــيـــرة، ومـــا قبلها فـــي الـــداخـــل اإليــــرانــــي، مــــدى هــشــاشــة األمـــن القومي اإليرانيّ. تظهّر هذا األمر في سلسلة االغـــتـــيـــاالت اإلســرائــيــلــيــة املـــتـــكـــررة للعلماء النوويّني. كما تظهّر أيضًا في سرقة إسرائيل لـ رشـيـف الـــنـــووي مــن مـحـيـط طـــهـــران. لكن صورة الضعف األخطر إليـران تظهّرت عقب مقتل الرئيس إبراهيم رئيسيّ. فقد استعانت إيـــــران بــقــوى خــارجــيــة لــلــوصــول إلــــى مـكـان تحطّم مروحيّته، ما سلّط الضوء على حالة سلح الجو اإليراني الكارثيّة. أبريل 14 و 13 هاجمت إيران إسرائيل في (نيسان) املاضي، بمسيّرات وصواريخ. تكتّل الغرب، وفي طليعته أميركا، حول إسرائيل. فــي املــائــة مــن هـذه 99 أُســقــط مــا يــقــارب مــن الــــوســــائــــل. لـــكـــن الـــــــرد اإلســـرائـــيـــلـــي الـــرمـــزي من 19 واملــحــدود على الـهـجـوم اإليــرانــي فـي الشهر نفسه، عكس ضعف الدفاعات الجويّة إليـــران وانـكـشـاف أمنها الـقـومـي، خصوصًا مـشـروعـهـا الـــنـــوويّ. فـقـد اسـتـهـدف الـطـيـران اإلسرائيلي منصات دفاع جوّي من املفروض أن تحمي املنشآت النووية، ودمّرها. في ظل هذه األهــداف واالستراتيجيات املـتـصـارعـة بــ إسـرائـيـل ومــحــور املـقـاومـة، وجّــــــهــــــت الـــــــدولـــــــة الــــعــــبــــريــــة ضـــــربـــــة كـــبـــرى لخصومها باغتيال أمــ عــام «حــزب الله». فماذا عن التداعيات؟ أتــــى اغـــتـــيـــال نــصــر الـــلـــه بــعــد مــحــاولــة إسرائيل تفريغ الحزب من تركيبته الهرميّة في كل األبعاد؛ في البنية العسكريّة والبيئة الـــحـــاضـــنـــة، وبـــطـــريـــقـــة مـــتـــدّرجـــة وســـريـــعـــة، وبشكل لم يترك للحزب وقتًا كافيًا اللتقاط األنفاس واسترداد زمام املبادرة. كان الهدف التدمير املـــاديّ، باإلضافة إلـى ضـرب كيفيّة وعـــي مجتمع «حـــزب الــلــه» لــــدوره وأهميّته .)Cognitive Shock( أتـــى االغـتـيـال ليتحدى مـبـاشـرة الـــدور اإليـــرانـــي فــي املـنـطـقـة، عـبـر اســتــهــداف مركز ثقل ما يُسمّى وحدة الساحات، خصوصًا أن نصر الله بدأ يلعب دورًا محوريًّا في املشروع اإليراني اإلقليميّ، خصوصًا في الفترة التي تلت اغتيال قاسم سليماني. تتمثّل معضلة إيران الحالية في انعدام الــخــيــارات الــجــيّــدة. فـهـي «خــاســر - خـاسـر» في كل الحاالت. فإن تدخّلت، فسوف يُضرب الــــداخــــل اإليـــــرانـــــيّ. وإن تــمــنّــعــت وتـــــــردّدت، فسوف تفقد مصداقيتها، وبالتالي يضيع االستثمار اإليراني الذي بدأ منذ الثمانينات فيما يُسمّى محور املقاومة، لتنهار املنظومة. تـــتـــطـــلّـــب إعــــــــادة تـــرتـــيـــب وضـــــع «حــــزب الـلـه» إعـــادة تركيب املنظومة الـقـيـاديّــة وفي كـــل األبـــعـــاد، خـصـوصـ أن إســرائــيــل أفـرغـت الـحـزب مـن الـــرأس ومــن هرميّته العسكريّة. وإعــــــــــادة تـــرتـــيـــب وضــــــع الــــحــــزب ســيــحــتــاج بالطبع إلــى وقــت ليس بقصير. لكن الوقت هـو الــعــدو الـقـاتـل لـــ«حــزب الـلـه» حـالـيـ . كما أن إعادة تركيب الحزب تحتّم البدء من مركز األمـــ الــعــام الـبـديـل، إلـــى مجلس الــشــورى، إلى املجلس الجهاديّ، وصوال إلى القيادات املـيـدانـيّــة العملنيّة الـتـي تقاتل حاليًا دون رأس مُدبّر. هــل سـتـحـاول إيــــران اآلن إدارة بـيـروت مباشرة بعد أن كانت تديرها بالواسطة في ظــل غـيـاب نصر الـلـه؟ فـي الـبـدايـة، قـد يكون على إيران أن تسترجع بعضًا من املصداقيّة فـي أوســـاط مـؤيـدي وكلئها الـذيـن يخشون أنها تخلت عنهم، ســواء كـان ذلـك «حماس» أو «حزب الله». وستكون إيران أيضًا بحاجة السـتـرجـاع مصداقيّتها والــخــوف منها في عيون األعداء املتربّصني بها. في حالة كهذه، يقول العلم السياسي إن الحل ملشكلة ما بني متحاربني قد يتظّهر بحالتني هما: أن يبيد فريق الفريق اآلخــر، وبذلك يفرض املنتصر حلوله بالقوّة، أو أن يسعى الفريق األضعف إلى تعديل ديناميكيّة موازين القوى القائمة كـــي يـحـجـز لـــه مــكــانــ عــلــى الـــطـــاولـــة. فكيف سيكون عليه السلوك اإليراني؟ ال يبدو أن وضـع إيــران اإلقليمي جيّد، وال يــبــدو أن لـديـهـا خـــيـــارات جـــيّـــدة كـثـيـرة. ولــذلــك قــد يمكن الــقــول إنـهـا ستسعى، بعد هــذه النكسة، إلــى محاولة تحسني وضعها واالنـــتـــقـــال مـــن حــالــة «خـــاســـر - خـــاســـر» إلـى مرحلة لن تكون حتمًا مرحلة «رابح - رابح». 6 لبنان... بعد اغتيال نصر هللا NEWS Issue 16742 - العدد Sunday - 2024/9/29 األحد تكمن معضلة إيران في عدم توفّر الخيارات االستراتيجيّة المناسبة، فهي تعاني من حالة «خاسر ــ خاسر» في أي خيار تأخذه ASHARQ AL-AWSAT مشروع إيران مهدد بعد «نكسة» نصر هللا وتفكيك «وحدة الساحات» سبتمبر (إ.ب.أ) 28 آثار الدمار الذي خلّفته الغارات اإلسرائيلية على مبان في الضاحية الجنوبية لبيروت في المحلل العسكري : لحظة أمل نادرة للبنان : نتنياهو يستغل فرصة انتخابات أميركا... وشنكر لـ آرون ميللر لـ بايدن يعد مقتل نصر هللا «معيارا للعدالة لضحاياه» قــــال الـــرئـــيـــس جـــو بـــايـــدن أمــــس إن مقتل زعـيـم «حـــزب الـلـه» حسن نصر الـلـه فـي ضربة جــويــة إسـرائـيـلـيـة هــو «مــعــيــار لـلـعـدالـة لكثير من ضحاياه» ومنهم آالف املدنيني األميركيني واإلسرائيليني واللبنانيني، بحسب ما قال. وشـدد بايدن على أن أميركا تدعم تمامًا حــق إسـرائـيـل فــي الــدفــاع عــن نفسها فــي وجـه «حـــــــزب الـــــلـــــه» و«حــــــمــــــاس» والــــحــــوثــــيــــ وأي «جماعات إرهابية أخــرى» مدعومة من إيــران. وقال إنه وجّه وزير الدفاع لويد أوسنت بتعزيز وضــــع الـــقـــوات األمــيــركــيــة فـــي الـــشـــرق األوســــط لـــردع أي عــــدوان وتقليل مـخـاطـر الـتـحـول إلـى حـرب شاملة باملنطقة، مشددًا على «أن هدفنا هــو خـفـض التصعيد فــي الــصــراعــات الحالية ســـــواء فـــي غــــزة أو لــبــنــان مـــن خــــال الــوســائــل الدبلوماسية». وقـبـل ذلـــك، عـبّــر الــوزيــر لـويـد أوســـ عن دعـــمـــه الـــكـــامـــل لــحــق إســـرائـــيـــل فـــي الــــدفــــاع عن الــنــفــس فـــي مــواجــهــة «الــجــمــاعــات اإلرهـــابـــيـــة» املــــدعــــومــــة مــــن إيـــــــــران. وقــــالــــت وزارة الــــدفــــاع األميركية (البنتاغون) إن أوسنت تحدّث مرتني، الجمعة، مـع نظيره اإلسرائيلي يــوآف غاالنت بـشـأن األحـــداث فـي لبنان، موضحة أن الـوزيـر األمــيــركــي قـــال إن واشــنــطــن مـسـتـعـدة لحماية قواتها ومنشآتها في املنطقة وملتزمة بالدفاع عن إسرائيل. وصـدر املوقف األميركي بعد ساعات من تأكيد «حزب الله» مقتل أمينه العام حسن نصر الله، في الضربة الجوية التي نفّذتها إسرائيل، يوم الجمعة، على مقر القيادة املركزية للحزب في ضاحية بيروت الجنوبية. ونقلت محطة «سي إن إن» عن مسؤولني أمــيــركــيــ ســابــقــ وحــالــيــ قــولــهــم إن مقتل نصر الله أدى إلى تأجيج املخاوف بشكل كبير مـــن نـــشـــوب حــــرب واســـعـــة الــنــطــاق فـــي الــشــرق األوســــــــط، وهـــــو االحـــتـــمـــال الــــــذي ســـعـــت إدارة الرئيس جو بايدن بشدة منذ أشهر ملنعه. وتعليقًا على مقتل زعيم «حزب الله»، قال ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية األميركي السابق لـشـؤون الـشـرق األدنـــى، إن «نـصـر الله ورعــاتــه اإليــرانــيــ هــم مــن طـلـبـوا هـــذه الـحـرب ضد إسرائيل». وأضـاف في تصريح لـ «الشرق األوسـط» أن نصرالله «كان بإمكانه أن ينهيها فــي أي وقــــت، لـكـنـه اخــتــار أال يـفـعـل ذلــــك. ومـع مــوتــه فـقـد جــر لـبـنـان مـــرة أخــــرى إلـــى مـواجـهـة مدمرة أخرى مع إسرائيل». وحول لبنان، قال شنكر «إنها لحظة أمل نادرة، األمل في أن تتمكن النخبة السياسية من اغتنام الفرصة إلعـــادة تنشيط الـدولـة وإعــادة الــتــوازن إلــى السياسة بعيدًا عـن هيمنة حزب الله املستمرة منذ عقود. لكن بالنسبة إليـران، فهذه ضربة هائلة. خلل العام املاضي، شهدت وكيلها الفلسطيني، «حـمـاس» فـي غــزة، يشن حربًا ويخسرها أمام إسرائيل، مما تسبب في مـعـانـاة إنسانية هائلة للفلسطينيني. واآلن، شهدت الجمهورية اإلسلمية تدهور جوهرة الـتـاج لوكلئها. لقد فقدت إيـــران مستشارها الــجــهــادي الـرئـيـسـي. وكــــان نـصـر الــلــه، فعليًا، بديل لقاسم سليماني». إلى ذلك، قال آرون ديفيد ميللر، الباحث البارز ونائب رئيس معهد كارنيغي، لـ«الشرق األوســــــــــــط»، إن الــــضــــربــــة اإلســــرائــــيــــلــــيــــة الـــتـــي استهدفت زعيم «حزب الله» حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية «توضح لي من حيث املبدأ أن جـيـش الــدفــاع اإلسـرائـيـلـي ورئــيــس الــــوزراء نتنياهو استنتجا أن التهديد االستراتيجي الحقيقي ال يتمثل في حماس في الجنوب، لكنه يكمن في الشمال (مع لبنان). وأعتقد أن رئيس الـوزراء اإلسرائيلي توصل إلى هذا االستنتاج واستغل أن الكنيست في عطلة، وأن االنتخابات األمــيــركــيــة أمــامــهــا أســابــيــع، ولـــذلـــك فـــإن قـــدرة الواليات املتحدة على فرض عقوبات أو تقييد قدرات إسرائيل أو وضع شروط على املساعدات العسكرية األميركية قـد تثير انـزعـاجـ كبيرًا، وهــــــذا مــــا يــعــطــي نــتــنــيــاهــو فـــرصـــة لــلــمــنــاورة مـن اآلن وحـتـى الـخـامـس مـن نوفمبر (تشرين الثاني)»، موعد االنتخابات األميركية. ويــــضــــيــــف الــــبــــاحــــث الــــــبــــــارز الــــــــذي عــمــل مفاوضًا في إدارات أميركية عدة، أن االنتخابات األمــيــركــيــة تـحـتـل مــكــانــة بــــــارزة فـــي حـسـابـات نــتــنــيــاهــو وهـــــي أيـــضـــ تــحــتــل مـــســـاحـــة بـــــارزة ومفهومة فـي حـسـابـات إدارة بــايــدن، و«أســـوأ شــــــيء بـــالـــنـــســـبـــة لــــهــــذه اإلدارة ولـــلـــمـــرشـــحـــة الديمقراطية كـامـاال هـاريـس هـو انـــدالع حرب شاملة اآلن وحـصـول تصعيد إسـرائـيـلـي ضد (حـــــزب الــــلــــه). مـــن الــســهــل تــخــيّــل أن الـــواليـــات املتحدة يمكن أن تنجر إلــى هــذه الـحـرب، ولـذا فـــــإن األمــــــر مـــحـــفـــوف بـــاملـــخـــاطـــر بــالــنــســبــة إلــى اإلدارة األميركية». ويرى ميللر أن اغتيال حسن نصر الله لن يكون نهاية فصل أو بداية قصة جديدة، ألن إسرائيل تواجه حاليًا ثلث جبهات وحرب استنزاف، واحدة مع حماس وهي األقل في األهمية االستراتيجية، والثانية مع «حزب الله» التي ستستمر بشكل ما، أما الثالثة فهي مع إيـران و«مـن ثم لن تنتهي هذه الحروب في وقت قريب وال توجد نهايات دبلوماسية لها». ويــقــول: «لـقـد أصـــدر حـــزب الـلـه تـهـديـدات كثيرة باستهداف إسـرائـيـل. والـسـؤال اآلن هل سيتراجعون عن القيام برد فعل انتقامي هائل؟ ويـــجـــب أيـــضـــ أخــــذ الـــــرأي الـــعـــام الـلـبـنـانـي في االعـتـبـار ألنــه املتأثر بالضربات اإلسرائيلية، وفي اعتقادي أن حزب الله سيلجأ بمرور الوقت إلى استخدام القوة الناعمة». وحـول رد الفعل اإليـرانـي، يضيف ميللر: «اإليـــــرانـــــيـــــون فــــي مــــــــأزق، فـــهـــم ال يـــــريـــــدون أن يـــــروا وكـيـلـهـم الــرئــيــســي فـــي الـــصـــراع الـعـربـي اإلسرائيلي يُغتال بهذه الطريقة، وفـي الوقت نــفــســه ال يـــــريـــــدون أن يـــنـــجـــروا إلـــــى مــواجــهــة مـسـتـمـرة مــع إســرائــيــل - وهــــذا يتضمن أيضًا الــــواليــــات املـــتـــحـــدة - بــمــا يـــــؤدي إلــــى ضــربــات عـلـى الـجـيـش اإليـــرانـــي وربـــمـــا عـلـى منشآتهم النووية». الرئيس األميركي جو بايدن خالل مغادرته الطائرة الرئاسية التي أقلّته إلى والية ديالوير أمس (أ.ف.ب) واشنطن: إيلي يوسف وهبة القدسي

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==