issue16741

OPINION الرأي 14 Issue 16741 - العدد Saturday - 2024/9/28 السبت وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com خالد منزلاوي هجوم عسكري ودبلوماسي أثـــــار تـــزامـــن الــهــجــوم الــشــامــل والمـــفـــاجـــئ الـــــذي شـنّـه الــجــيــش الـــســـودانـــي عــلــى مـــواقـــع تـحـتـلـهـا «قــــــوات الــدعــم السريع» في مدن العاصمة الخرطوم، بأضلاعها الثلاثة، من محاور متعددة، مع وجود الفريق عبد الفتاح البرهان في نيويورك، ولقاءاته مع عدد من الزعماء ورؤساء الدول، كثيراً من الأسئلة والتحليلات التي حاولت قراءة الحدثين من مناظير مختلفة ومتباينة. الــتــحــلــيــل الأول والأقــــــــرب لـلـمـنـطـق لـــذهـــن كــثــيــر مـن المــتــابــعــ أن هــــذا الــهــجــوم تـــم الـتـخـطـيـط لـــه مـــن الأســــاس لكي يتزامن مع وجـود البرهان في الجمعية العامة للأمم المـــتـــحـــدة، ولـــكـــي يـــرســـل رســـالـــة أن الــجــيــش الـــســـودانـــي لا يــزال متماسكاً ويستطيع قلب الطاولة على «قــوات الدعم السريع»، ولهذا يجب أن توضع ملاحظاته وتحفظاته على مسارات التفاوض في أذهـان الوسطاء، وتقابل بالاهتمام اللازم. وكانت الفكرة باختصار وبشكل مباشر ومختصر... «نحن هنا ولا يزال لدينا قوة وتأثير على الأحــداث.... فلا تهملونا»؛ فهل وصلت الرسالة وحققت هدفها...؟ قد يختلف الناس في قــراءة الموقف وقــراءة النتائج، لكنني مـمـن يـعـتـقـدون أن الـرسـالـة قــد وصـلـت بــدرجــة مـا، وأثـــارت الاهتمام، وأجـبـرت العالم على المتابعة من جديد للأحداث في السودان. وليس بالضرورة أن تصل الرسالة بالقوة ذاتها التي كان يأملها مَن خططوا لها، لكنها أيضاً لا يمكن أن تقابل بالإهمال الكامل. هــــنــــاك أيــــضــــ قـــــــــــراءات لآخـــــريـــــن تـــســـتـــحـــق الانـــتـــبـــاه والمـــراجـــعـــة، وهــــي مـــن بــعـض المـــراقـــبـــ ، ومــنـهـم نـاشـطـون فـي مجال «السوشيال مـيـديـا»، ويـدعـمـون موقف الجيش وحــلــفــائــه الــســيــاســيــ . وقــــد قــــدم هـــــؤلاء تــفــســيــراً مـغـايـراً يشير إلى أن هذا الهجوم خطّطت له ونفذته عناصر داخل الـجـيـش بـالـتـنـسـيـق مـــع هـيـئـة الـعـمـلـيـات الـتـابـعـة لجهاز الأمن والمخابرات وكتائب الحركة الإسلامية المتحالفة مع الجيش، مـن دون علم الـبـرهـان. ويـقـول هــؤلاء إن الرسالة الحقيقية مـوجّـهـة مـن هــذه المـجـمـوعـات للفريق الـبـرهـان، ومـفـادهـا أنـهـم يــريــدون أن يقطعوا عليه الـطـريـق حتى لا يقدم تنازلات للوسطاء خلال لقاءاته في نيويورك. ويتهم هـؤلاء الفريق البرهان بأنه لا يريد أن يقاتل، وأنـه السبب في تعطيل حـراك الجيش لاستعادة المـدن التي سقطت في يد «الدعم السريع». ومــضــى آخــــرون فــي تـقـديـم صــــورة درامـــيـــة أكــثــر مما هو متوقّع، وهـي أن هـذا الهجوم هو محاولة انقلابية لم تكتمل، لأن النتائج المتوقّعة منها لم تأتِ كما كان متوقّعاً، إذ كـان المخطّط أنـه بعد أن تنتصر قــوات الجيش وتحتل قلب الـخـرطـوم، أن يتم الإعـــ ن عـن عـزل الـبـرهـان، وتكوين قيادة جديدة. الـــواقـــع يـــقـــول، حـسـب المــعــلــومــات المـــتـــوفـــرة، إن قـــوات الجيش وحلفائه شنوا هجوماً متزامناً من أم درمـان عبر جسري النيل الأبيضوالفتيحاب للدخول إلى وسط مدينة الخرطوم؛ حيث القصر الجمهوري والقيادة العامة للقوات المسلحة ومعظم مباني الحكومة، وأنهم عبروا الجسرين ووصـلـوا إلــى منطقة المـقـرن، لكن تـم صـد الهجوم وعــادت قــــوات الـجـيـش إلـــى مـواقـعـهـا فـــي أم درمــــــان، بـعـد خسائر كبيرة ومؤلمة في صفوف الطرفين. كما شنّت قوات الجيش هجوماً آخر من شمال الخرطوم بحري في منطقة الكدرو، واسـتـطـاعـت الـــقـــوات الـتـوغـل فــي المـنـطـقـة حـتـى الحلفايا، لكنها تعرضت لمقاومة شرسة ولم تستطع التقدم كثيراً. كـل هـذه السيناريوهات التي حـاولـت شـرح مـا حدث تـــواجـــه تــحــديــات حـقـيـقـيـة لـتـثـبـت مـصـداقـيـتـهـا، ولـتـكـون أقـــرب لـلـواقـع وللحقيقة، كـمـا أنـهـا تسبب آلامـــ للبعض. فالسيناريو الأول الـذي يقول إنـه هجوم تم الإعــداد له من قـبـل الــقــيــادة الـسـيـاسـيـة والـعـسـكـريـة لـيـتـزامـن مـــع وجـــود الـبـرهـان فـي دهـالـيـز الأمـــم المـتـحـدة يسبب حـرجـ للبعض حين يقولون إن هذا ربما يكون آخر أوراق الجيش ومنتهى قدراته، ويفضلون بالتالي أي سيناريو آخر. بــالمــقــابــل، فـــإن سـيـنـاريـو الــتــحــرك المــنــفــرد مـــن بعض الـفـصـائـل وحـكـايـة الانــقــ ب عـلـى الـبـرهـان تـحـتـاج لـدلائـل وبـــراهـــ أكـــثـــر مــمــا تـــم تـقـديـمـه حــتــى تــجــد نـصـيـبـهـا من الـتـصـديـق، كـمـا أنـهـا بــالــضــرورة سـتـشـوه صـــورة الجيش وتشير لفقدان الانضباط، وهذه صورة لا يريدها البعض أن تنتشر فتضعف معنويات الجنود. لـم يحقق الهجوم النتائج المتوقّعة، وسـبّـب خسائر كثيرة، لكنه أيضاً أوصل رسالة بأن المحاولات ستتواصل، وأن على «قوات الدعم السريع» ألا تظن أن المعركة قد انتهت تماماً، لكنه أثــار أيضاً القلق حـول وضـع الـقـوات المسلحة وقـــدراتـــهـــا الــقــتــالــيــة ومـــــدى انـــضـــبـــاط وحـــداتـــهـــا والـــتـــزام المجموعات المتحالفة معها. أهـم رسـالـة أرسلتها هـذه المـعـارك للعالم أن الأحــداث في السودان لم تنتهِ بعد، وأن أي قراءة سياسية له تحتاج للتحديث والـتـجـديـد المـسـتـمـر، فـكـل يـــوم جـديـد لـيـس مثل سابقه. فيصل محمد صالح الفرق بين المقاومة والمغامرة عـنـد قــــراءة خـطـب الأمــــ الــعــام لــــ«حـــزب الــلــه» حسن نصر الله نجد في معظمها الحديث عن أن سلاح المقاومة هو من أجل تأمين «أهلنا في الجنوب»، من بين الكثير من الحجج التي قُدمت في تلك الخطب، وعلى أرض الواقع نرى «أهلنا في الجنوب» اليوم وهم يتدفقون نازحين إلى حيث لا يــــدرون، فـضـً عـن تصفيات قــيــادات الــحــزب، وبعضها مستغرب؛ إذ كانوا في حصن حصين! لـقـد ثـبـت مـــن المــعــركــة الـــدائـــرة الـــيـــوم فـــي كـــل مـــن غـزة ولــبــنــان، أن الــنــظــام الإيــــرانــــي يـخـسـر آخــــر طـلـقـاتـه، وكـــان واضـــحـــ أن اســتــنــبــات «المــيــلــيــشــيــات» فـــي كـــل مـــن لـبـنـان واليمن والعراق، وعزل بقية القوى الفلسطينية واحتضان «حـمـاس»، ما هي إلا أدوات، وقـد سمعنا تـكـراراً أن إنشاء الميليشيات فـي ديــار الـعـرب هـو مـن أجــل ألا تـحـارب إيــران على أرضها! وقد اختارت بشيء من الفطنة أن تعلق كلمة «فلسطين وتحريرها» كعنوان، وانتهينا باستنزاف دماء هائل في غزة، ونزوح في لبنان، ومغامرة بأرواح الناس. هل نعود إلى بعض التاريخ لنعرف كم نخسر لأننا لا نقرأ ولا نتعلم من تجاربنا؟ نــشــر أســـتـــاذ الاجـــتـــمـــاع فـــي الـجـامـعـة 1990 فـــي عــــام الأمـــيـــركـــيـــة فــــي بــــيــــروت المـــــرحـــــوم الــــدكــــتــــور فــــــؤاد إســحــق الخوري كتيباً صغيراً بعنوان: «العسكر والحكم في البلاد الــعــربــيــة»، كــتــاب فــيــه مـــن المـــ حـــظـــات الــذكــيــة مـــا يـتـوجـب العودة إليه ونحن في خضم هذا المشهد الصراعي المميت، فــي كــل مــن غـــزة ولــبــنــان. مــع شـــيء مــن الـخـيـال يمكن بكل أريحية تعميم مـا وصـل إليه مـن نتائج مـن دراسـتـه حول العسكرية العربية، وهو يتابع نتائج الحروب بين إسرائيل وبعض الــدول العربية ذات الحكم العسكري، وتنزيل تلك الأفكار على الميليشيات المقاتلة اليوم، فسوف نجد نتائج شبه متطابقة. الكتيب يستعرض تــاريــخ نـشـأة الـجـيـوش العربية، وخلفية منتسبيها الاجتماعية، وهو دراسة سوسيولوجية لافتة تستحق التأمل. مــا يعني الـــقـــارئ الــيــوم فــي ذلـــك الـكـتـيـب هــو الأفـكـار الحاكمة التي تطرق إليها الكاتب، وهي في تقديري فكرتان مـركـزيـتـان؛ الأولـــى الـسـ ح المستخدم للجيوش المـحـاربـة، والثانية مفهوم الانتصار وكيف يُقدّم للعامة. الــفــكــرة المـــركـــزيـــة الأولـــــى يــــرى الـــخـــوري أن «الـجـيـش الـعـربـي أول قـطـاع فــي الــدولــة الـعـربـيـة الـحـديـثـة يستخدم التقنية الحديثة، لكن تلك التقنية جلها مستورد، وليست هناك علاقة بين استيراد السلاح الحديث من الخارج، وبين مستوى التقنية بشكل عـام في المجتمع؛ أي تأهيل البشر لاستخدامه بفاعلية»، ويضيف أن «استيراد السلاح مهما كــان حديثاً وفــعــالاً، لا يعني امـتـ ك التقنية الحربية في البلد المـسـتـورد. التقنية فعل إنــتــاج، وفـعـل ثقافة حديثة قائمة على العلم، أمــا الاسـتـيـراد فهو فعل ارتــهــان. إنتاج الــســ ح ســـيـــادة، واســتــيــراد الــســ ح ارتـــهـــان لـلـغـيـر». هـذه الفكرة المركزية ثبتت صحتها على الأرض يومَي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، عندما تفجرت في شوارع ومــنــازل وأســــواق بــيــروت أجــهــزة الــنــداء وأجــهــزة الاتـصـال الـ سـلـكـي فــي أجــســام الـبـشـر، آخـــذة معها بـعـض الأرواح والأطراف والعيون! الفرق الزمني بين الفكرة التي جاء بها الخوري وتفجيرات الأسبوع الماضي في بيروت، هو فقط أربعة وثلاثون عاماً من الزمن الذي بُدّد، والغفلة المستمرة، وإبــدال الميليشيات بالجيوش، وإشباع الناس بالشعوذة السياسية. الـفـكـرة المــركــزيــة الـثـانـيـة يـــرى الـــخـــوري كـيـف يُــســوّق «مــفــهــوم الـنـصـر والــهــزيــمــة»، فــيــرى مـمـا درس مــن نتائج ، أن «الـجـيـوش 1990 الــحــروب مــع إسـرائـيـل الـسـابـقـة لـعـام الـــعـــربـــيـــة الـــتـــي خـــاضـــت الـــــحـــــروب قــــد كُـــتـــب لـــهـــا الــنــصــر، مــــن وجـــهـــة نـــظـــر قـــادتـــهـــا، حـــتـــى لــــو خـــســـرت الأرض بـعـد المعركة»! ويضيف: «ما دام الجيش باقياً، والنظام قائماً، فـعـلـى الـشـعـب أن يـطـمـئـن»! وإن اسـتـبـدلـنـا بـالـجـيـش هنا الميليشيات، لكان الحكم صحيحاً أيضاً، فما دامـت قيادة الميليشيات قائمة، فإن الأرض والبشر الذين قُتلوا ليسوا مكمن إزعاج لأحد! إذا قـرأنـا الـنـص الـسـابـق فـي ضــوء مـا يـحـدث فـي كل من غزة ولبنان، نرى تقريباً النتيجة ذاتها، المهم أن يبقى زعماء الميليشيات، وهم الذين يمثلون «الصمود» حتى لو سُوّيت الأرض ومَن عليها، وخسر عشرات الآلاف أرواحهم، كـمـا ذهـبـت الأرض إلـــى احــتــ ل جــديــد، وشُــتّــت الــنــاس من ديـارهـم! فكرة الصمود هنا منحرفة عن مقاصدها، ليس لدى قادة الميليشيات، ولكن مع الأسف لدى قاعدة عريضة مـن البشر، والـذيـن «يـؤمـنـون» أن بـقـاء «قـيـادة الميليشيا» بحد ذاته «انتصار على العدو»، حتى لو فُقدت الأرض. لا أحـــد يبيعك الــســ ح التقني الـحـديـث، مــا تشتريه هـو الجيل الثالث أو ربـمـا الثاني مـن التقنية العسكرية؛ الأولــى يحافظ عليها؛ فهي من «أســـرار الـدولـة». حتى في الـصـراع بـ الـغـرب والـشـرق الـدائـر الـيـوم فـي أوكـرانـيـا، ما يتوفر لـ وكـرانـيـ ، رغــم كـل مـا يغمرنا الإعـــ م مـن نيات مساعدتهم، هو تقنية عسكرية من الدرجة الثانية، فكيف إن كنت تشتري التقنية من السوق المفتوحة! آخــــر الـــكـــ م: الــنــاقــص فـــي فـضـائـنـا الـــيـــوم هـــو الـعـلـم بقدراتنا الذاتية، والعلم بقدرات الخصم، وهما مصدر كل ما نشاهد من مآسٍ. «ميثاق المستقبل»... تأسيسلمرحلة جديدة فــي حقبة مفصلية ومـهـمـة يـقـف الـعـالـم فيها عــنــد مــفــتــرق طــــرق ويـــمـــر بـمـنـعـطـف تـــاريـــخـــي، فـــإنّ قــمــة المـسـتـقـبـل فـــي نـــيـــويـــورك هـــي أكـــثـــر مـــن مـجـرد اجتماع بروتوكولي لقادة العالم؛ فهي تمثل نقطةَ تحول حاسمة للإنسانية والدبلوماسية وتعددية الأطـــــــــراف، ولـــحـــظـــة حـــاســـمـــة لـــلـــتـــعـــاون الـــعـــالمـــي مـن أجــل تطوير الحوكمة الـدولـيـة للحفاظ على السلم والأمـن الدوليين، وتحقيق التنمية والازدهــار. وهو ميثاق ركـز على الوقاية العالمية والسلام المستدام، والـتـرابـط بـ الـسـ م والأمـــن والتنمية، وفـيـه تمت صياغة اتفاقيات دولية جديدة وتحويلها إلى عمل على أرض الــواقــع لـوضـع الـعـالـم على مـسـار أفضل يفيد الجميع، ويهدف إلى تحسين الظروف الحالية وحماية المستقبل للأجيال القادمة. وتــــــمّ تـــأطـــيـــر ذلـــــك فــــي اتــــفــــاق رئـــيـــســـي يُـــعـــرف بـــ«مــيــثــاق المـسـتـقـبـل» فـيـه دعــــوة لـلـعـمـل والإصــــ ح لوضع العالم على مسار أفضل يعود بالخير على الجميع في كل مكان، ويعمل على معالجة الالتزامات الـــدولـــيـــة الـــقـــائـــمـــة مـــنـــذ فـــتـــرة طـــويـــلـــة والـــتـــحـــديـــات الناشئة، وتضمّن الـميثاق الرقمي الدولي. وإعـلان الأجيال المقبلة هو الاتفاق الدولي الأوسع نطاقاً منذ سـنـوات عـديـدة، وتتويج لعملية جامعة استغرقت ســنــوات لـضـمـان تكيف الـتـعـاون الــدولــي مــع وقـائـع اليوم وتحديات الغد. فقد أصبح التعاون العالمي ذو الفاعلية أكثرَ أهـمـيـة، لكنّه لا يـــزال يـواجـه الـعـديـد مـن التحديات، وخاصة في خضم الصراعات المستعرة، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، والاستقطاب، وانـعـدام الثقة المتزايد في الأنظمة المتعددة الأطـــراف، وكلها تـــــقـــــوّض المـــــبـــــادئ الأســــاســــيــــة لـــلـــعـــ قـــات الـــدولـــيـــة وللدبلوماسية وصنع الــقــرار، وهــو الأمــر الــذي أثر بلا شك على هياكل الأمم المتحدة، التي تم تأسيس الــعــديــد مـنـهـا مـنـذ عـــقـــود، ولـكـنّـهـا لــ ســف لـــم تعد عادلة أو فعالة بما فيه الكفاية. ولمــــعــــالــــجــــة هـــــــذه الــــعــــقــــبــــات، يــــهــــدف المـــيـــثـــاق إلــــى تـنـشـيـط الــنــظــام الــــدولــــي، وضـــمـــان اســتــعــداده بشكل أفـضـل لمـواجـهـة الـتـحـديـات الـعـالمـيـة الحالية والمـسـتـقـبـلـيـة، كـــي يـــواصـــلَ الــنــظــام الــعــالمــي تـقـدمـه الاقتصادي، ويتعزز سلامُه الاجتماعي، وتتسارع الــــجــــهــــود الــــرامــــيــــة إلــــــى تـــحـــقـــيـــق أهـــــــــداف الــتــنــمــيــة المـسـتـدامـة، ولـــن يـكـون ذلـــك مــن دون تـعـزيـز النظام المتعدّد الأطراف لـمواكبة التغيرات العالمية وحماية احتياجات ومصالح الأجيال الحالية والمستقبلية. ركّـــز المـيـثـاق عـلـى التنمية المـسـتـدامـة، والسلم والأمن الدوليين، والعلوم والتكنولوجيا، والشباب والأجــــيــــال الـــقـــادمـــة، وإحــــــداث تـغـيـيـر فـــي الـحـوكـمـة العالمية. إنّ أحدَ الأهداف الرئيسية لميثاق المستقبل هو للتنمية المستدامة، لكونها أفضلَ 2030 إحياء أجندة مـخـطـط لـديـنـا لـحـمـايـة مستقبلنا المــشــتــرك، ولـكـن التقدم نحوها واجه العديد من الصعوبات، وتولدت وتحقيق أهدافها 2030 قناعة تامة بـأنّ أجندة عـام للتنمية المــســتــدامــة، يـتـطـلّـبـان المـــزيـــدَ مـــن الـجـهـود الدولية، من خــ لِ اتخاذ إجـــراءات عاجلة وواسعة النطاق، إضافة إلى تغيير بعض السياسات وزيادة الاســـتـــثـــمـــارات، لــتــســريــع الـــتـــقـــدم وضـــمـــان تحقيق الأهــداف في الوقت المحدّد. وعلى وجه الخصوص، ستكون هناك حاجةٌ إلى زيادات كبيرة في الاستثمار المالي في البلدان النامية المثقلة بالديون، ما يصعب عليها الاهتمام بالصحة والتعليم. ومن دون اتخاذ إجـــــــــراءات عـــاجـــلـــة وواســــعــــة الـــنـــطـــاق، ســتــظــل هـــذه الأهداف بعيدة المنال. فلا يمكن تحقيق التنمية من دون إرساء دعائم السلم والأمن، التي تستدعي جهوداً حثيثة من أجل منع نشوب النزاعات وحلّها بالطرق السلمية. ونـــــظـــــراً لأهـــمـــيـــة الـــتـــكـــنـــولـــوجـــيـــا والــــتــــعــــاون الرقمي، فإنّ الـميثاقَ الرقمي العالمي، الملحق بميثاق المــســتــقــبــل، سـيـعـمـل عــلــى ســـد الـــفـــجـــوات الــرقــمــيــة، حيث سيكون أول اتفاق عالمي بشأن تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليضعَ أسسَ إنشاء منصة دولية يكون مركزها الأمـــم المـتـحـدة، تجمع جميع الأطـــراف على إطـار عالمي شامل للتعاون الرقمي وحوكمة الذكاء الاصــطــنــاعــي، والـــتـــزام تـصـمـيـم واســـتـــخـــدام وإدارة الـتـكـنـولـوجـيـا لـصـالـح الـجـمـيـع؛ لـكـونـهـا مجتمعة تشكل عاملاً حاسماً في التصدي للتحديات البيئية والاقــتــصــاديــة والاجـتـمـاعـيـة، إضــافــة إلـــى كـــون هـذا الاتفاق أولَ اتفاق عالمي حقيقي حول تنظيم الذكاء الاصـطـنـاعـي عـلـى الصعيد الـــدولـــي. فـــالازدهـــار في تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي القوية قد يحسّن بـالـفـعـل حـــيـــاة الـــنـــاس، لـكـنـه أيـــضـــ زاد مـــن إلــحــاح المطالبات بالتنظيم مـع تنبه المـزيـد مـن الحكومات للمخاطر. إضافة إلى ذلك، فإنّه لم يغفل الأهمية الكبيرة لدور الشباب بعدّهم القوةَ المحركة لبناء المستقبل، فـكـان إعـــ ن الأجــيــال الـقـادمـة الـــذي تـــمّ الـتـركـيـز فيه عــلــى أهــمــيــة مــــراعــــاة الــــقــــادة بـــوضـــع المــسـتـقــبــل في عـ الاعـتـبـار، عندما يتخذون قـراراتـهـم الآن. ومن جـــهـــة أخــــــرى يـــهـــدف إلـــــى تــمــكــ الـــشـــبـــاب وتـنـمـيـة قـدراتـهـم الإبــداعــيــة، وتهيئة بيئة تلبي تطلعاتهم وطموحاتهم. لــذا يتوجب العمل بحكمة وبصيرة لتنفيذ سياسات تضع الأجـيـال القادمة فـي محور الاهـــتـــمـــام ومــــا يـهـيـئ لــهــم مـسـتـقـبـً أفـــضـــلَ وأكــثــر استدامة. وفــيــمــا يـتـعـلـق بـــإحـــداث تـغـيـيـر فـــي الـحـوكـمـة الـعـالمـيـة، فـــإنّ الأثـــر الأكــبــر سـيـكـون فــي مـجـال الأمــن والـسـلـم، لأنّـــه يمثل الالــتــزام الأكـثـر تقدمية، ويدعو صراحة إلى إصلاح مجلس الأمن، ويركّز على خطط لتحسين فاعلية المجلس وتمثيله. وتــطــرّق إلــى تعزيز الأطـــر الـدولـيـة الـتـي تحكم الــفــضــاء الـــخـــارجـــي، بـمـا فـــي ذلـــك الالـــتـــزام الــواضــح بمنع سباق التسلح في الفضاء الخارجي، والحاجة إلـى ضمان قــدرة جميع البلدان على الاسـتـفـادة من الاســتــكــشــاف الآمــــن والمـــســـتـــدام لـلـفـضـاء الــخــارجــي. ودعـــا إلـــى اتــخــاذ خــطــوات لتجنب تسليح وإســـاءة استخدام التقنيات الجديدة، مثل الأسلحة القاتلة المستقلة، وأعاد التأكيد على أنّ قوانين الحرب يجب أن تنطبقَ على العديد من هذه التقنيات الجديدة. إنّ ميثاق المستقبل بما ركــز عليه مـن محاور وما تضمنه من ميثاق رقمي عالمي، وإعلان للأجيال الـقـادمـة، يـؤسـس لمرحلة جـديـدة مـن العمل المتعدد الأطــــراف، ويـؤكـد الـــدور الـحـيـوي لـ مـم المـتـحـدة في إرســــاء الـقـواعـد والأعـــــراف الــدولــيــة، وتـعـزيـز العمل الجماعي، ويسهم في إرسـاء أسس معاصرة لنظام دولــي منصف وعـــادل وسـريـع الـتـجـاوب، يقوم على المسؤولية المشتركة والتضامن الإنـسـانـي مـن أجل عالم أكثر عدلاً وأمناً واستدامة. محمد الرميحي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky