issue16739

6 مذكرات ISSUE Issue 16739 - العدد Thursday - 2024/9/26 الخميس ASHARQ AL-AWSAT في الحلقة الثالثة من مذكرات رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان، أحد أبرز وجوه الدبلوماسية فــي المـمـلـكـة، كـوالـيـس تـولـيـه وزارة الـصـحـة مــع وزارة الإعلام، بعد اتهامات وجهتها إليه «شخصية كبيرة» بـ «إيواء الشيوعيين» في وزارة الإعــ م. ويـروي قصة الطلب الذي قدمه إلى الملك فيصل للإعفاء من المنصب الــــوزاري، كاشفاً عـن أن شـعـوره «بــالمــرارة والإحـبـاط وأنا أصارع وزارة المالية كي أحصل على الحد الأدنى لـــوزارة الصحة» كــان بـ أسـبـاب الطلب غير المـألـوف الـذي انتهى بموافقة لجنة شكّلها الملك للبتّ فيه من دون أن يفاتحه في شأنه أو يحدثه عنه. تنفرد «الشرق الأوسط» بنشر فصول من المذكرات التي ستتوفر في جناح «شـركـة رف للنشر» بمعرض الـريـاض الدولي للكتاب بعنوان «جميل الحجيلان: مسيرة فـي عهد سبعة ملوك». )4-3( تنفرد بنشر مذكراترجل الدولة السعودي الذي عاصر جميع الملوك الحجيلان: اتُهمت بـ«إيواء الشيوعيين» فرد الملكفيصل بتكليفي وزارة إضافية ، اسـتـدعـى 1970 ) فـــي مـــايـــو (أيــــــار المـلـك فيصل الــوزيــر الحجيلان وأبلغه بــأنــه سـيـعـيـنـه وزيـــــراً لـلـصـحـة. يـتـذكـر الـــحـــجـــيـــ ن: «مـــضـــت أيـــــام مـــن دون أن يصدر أمر ملكي بذلك، وفي هذه الأثناء ذهــــبــــت مـــــع الــــدكــــتــــور رشـــــــاد فــــرعــــون، المــــســــتــــشــــار الـــــخـــــاص لـــلـــمـــلـــك فـــيـــصـــل، إلـــى مـكـتـب الأمـــيـــر خـــالـــد، ولـــي الـعـهـد، لــلــســ م عــلــيــه كـــالمـــعـــتـــاد، ووجــــدنــــا فـي مكتبه شـخـصـيـات مــن وجـــوه المجتمع والأمـــــــــــراء. دار الـــحـــديـــث عــــن الإعــــــ م، وانـــبـــرت شخصية عــامــة كـبـيـرة ليست ذات مــنــصــب رســـمـــي بـــالـــتـــطـــاول عـلـى وزارة الإعـــ م متهمة إيــاهــا، ووزيـرهـا معها، بـإيـواء العناصر الشيوعية من مــوظــفــيــهــا الـــكـــبـــار، وحـــصـــلـــت مـــشـــادة كلامية حادة بيننا». نقل الدكتور رشاد فرعون الواقعة إلى الملك فيصل، ولم يستفسر الملك من الــحــجــيــ ن عــمــا جـــــرى. بــعــدهــا بـــأيـــام، أخـــبـــره رئـــيـــس ديــــــوان رئـــاســـة مـجـلـس الـوزراء الشيخ صالح العباد، بأن الملك يـــريـــد أن يُـــصـــدر أمـــــراً بـتـعـيـيـنـه وزيــــراً لـلـصـحـة، بـالإضـافـة إلـــى وزارة الإعـــ م ويــرغــب فــي أن يـكـتـب الـحـجـيـ ن بخط يده مشروع الأمر الملكي! ويعلق: «يريد الملك بذلك أن يبعث برسالة بأن فيصلاً لا يقبل أن يجري تطاول على واحد من وزرائـــــه، ولا يـقـبـل أن يُـطـعـن المـوظـفـون المواطنون في ولائهم». 1970 صــدر الأمـــر المـلـكـي فـي مـايـو بـــتـــعـــيـــن الــــحــــجــــيــــ ن وزيــــــــــراً لــلــصــحــة ووزيـــراً لـإعـ م بالنيابة. وبـعـد أشهر عُـــــنّ الــشــيــخ إبـــراهـــيـــم الــعــنــقــري وزيــــراً لــــإعــــ م، وتـــفـــرغ الــحــجــيــ ن لـلـصـحـة، وعـن ذلـك يـقـول: «جئت لـــوزارة الصحة وأنـــا إنــســان لا يـرحـب بــرؤيــة الطبيب، ويـكـره تعاطي الـــدواء، ولا يطيق رؤيـة المـــســـتـــشـــفـــيـــات، وزيــــــــارة المــــرضــــى عـلـى أســــرّتــــهــــم. جـــئـــت لـــــــوزارة الـــصـــحـــة، كـي أجـــد نـفـسـي فـــي عــالــم الــطــب والأطـــبـــاء، وأنا أشد ما أكون جهلاً بكل ما يتصل بهذا الوسط الإنساني النبيل. هـذا ما كـنـتُ عليه مـن الـهـواجـس، وأنـــا أستقر في مكتبي في وزارة الصحة في الأيام الأولى من عملي متفرغاً لهذه الوزارة». مواجهة الكوليرا وإعادة طائرة الحجاج بـــعـــد أشــــهــــر مــــن تــــولــــي الــحــجــيــ ن مسؤولية الصحة، ظهر وباء الكوليرا في المنطقة الـشـرقـيـة، ونتجت منه أكـثـر من وفـــاة. يـقـول الـحـجـيـ ن: «كـنـتُ قلقاً 150 للغاية، ورأيت في تفجر هذا الوباء، وأنا فــي الأشــهــر الأولــــى مــن عملي فــي وزارة الصحة، نذيراً لا يبشر بالخير، ودليلاً على صعوبة وحساسية العمل الذي أنا مقبل عـلـيـه... والــوبــاء يـضـرب جـــزءاً من الوطن، وقد يهدد بضرب أجزاء أخرى». شكّل الملك فيصل لجنة برئاسة النائب الثاني لرئيسمجلس الوزراء وزير الداخلية آنـــــــــذاك المــــلــــك فــــهــــد، ومـــنـــحـــه الـــصـــ حـــيـــات اللازمة، وباشرت وزارة الصحة مهامها في مكافحة الوباء واتخذت عدداً من الإجراءات الاحــــتــــرازيــــة والـــوقـــائـــيـــة الـــتـــي تـــذمـــر مـنـهـا الـسـكـان، وتــم تحويل أحــد الـقـصـور الملكية مستشفى للطوارئ ومعالجة آلاف الحالات المـصـابـة، وأُعــلــن رسـمـيـ نـظـافـة المملكة من الكوليرا. ويـذكـر الحجيلان أنــه فـي مـوسـم حج وصلت رحلة «طيران الشرق الأوسط» 1972 الـلـبـنـانـيـة مــن نـيـجـيـريـا، وعــلــى مـتـنـهـا ما يـــزيـــد عــلــى مــائــتــي راكــــــب. جـــــاءت الــرحــلــة مــن المـنـطـقـة المـــوبـــوءة بـالـكـولـيـرا، مــن دون التقيد بـإجـراءات منظمة الصحة العالمية، فوجّه بعدم السماح لركاب الطائرة بدخول المـمـلـكـة، وأجـبـرهـا عـلـى مــغــادرة جـــدة بعد ســـاعـــة مــــن هـــبـــوطـــهـــا. «أخــــبــــرت المـــلـــك بـمـا كــــان، كــأنــي بــه قــد فــوجــئ بـمـا عــمــدتُ إلـيـه من إجراء حاسم سريع، وسأل، رحمه الله: ألــم يكن هـنـاك حـل آخـــر؟ قـلـت: لا يـا طويل العمر، ليكون في ذلك وقاية للبلاد، وردع لشركات الـطـيـران الأخـــرى. نظر إلــيّ نظرة صـــامـــتـــة خـــالـــيـــة مــــن الـــشـــعـــور بـــالارتـــيـــاح، وقال: لا حول ولا قوة إلا بالله». بعثةلإدارة المستشفيات كــانــت المـسـتـشـفـيـات تــــدار مـــن قِـبـل أطباء، وكان هذا الخيار الوحيد المتاح لـــلـــوزارة فــي إدارة مستشفياتها الــذي درجت على السير عليه. وقد يبدو الأمر للوهلة الأولى معقولاً؛ فالطبيب أدرى بـشـؤون المستشفى والأطــبــاء العاملي فـيـه، إلا أن إدارة المستشفى هــي إدارة لمـؤسـسـة لا تقتصر فـقـط عـلـى الجانب الــعــ جــي فـيـهـا. إنــهــا إدارة لـشـؤون الموظفي والصيانة والمشتريات، والمـــســـاءلـــة الإداريـــــــــة، وغــيــر ذلــــك مـــن الــعــمــل الإداري متشعّب الوجوه. وهذه، فـــــــي الــــــغــــــالــــــب، بـــعـــيـــدة عـــــن دراســــــــــة الـــطـــبـــيـــب وتـــخـــصـــصـــاتـــه. إنــهــا عــــــــلــــــــم يـــــــــــــــــــدرس فــــي معاهد متخصصة. يــــــــــــــــــــــــــقــــــــــــــــــــــــــول الــــــــــحــــــــــجــــــــــيــــــــــ ن: «عـــــلـــــمـــــنـــــا، بـــعـــد قــــــــــــيــــــــــــامــــــــــــنــــــــــــا بـــالـــتـــحـــريـــات الــــــكــــــافــــــيــــــة، أن فــــي الــــــولايــــــات المــــتــــحــــدة مـــعـــاهـــد جــامــعــيــة مـــتـــخـــصّـــصـــة فـــــي تـــــدريـــــس عـــلـــم إدارة المـسـتـشـفـيـات لـغـيـر الأطـــبـــاء. تحمّسنا لــــــهــــــذه الــــــفــــــكــــــرة، وقــــــــررنــــــــا المــــضــــي فــــيــــهــــا؛ فــــهــــي جـــــديـــــرة بـــالمـــعـــرفـــة والاســــــتــــــكــــــشــــــاف. ابـــتـــعـــثـــنـــا دفــــعــــة أولــــــــى مـــكـــوّنـــة مـــن جـامـعـيـن غير أطــــــــــبــــــــــاء إلـــــــى معهد جامعي أمـيـركـي مُتخصّص في إدارة المــســتــشــفــيــات. أنـــهـــى المُـبـتـعـثـون دراســــتــــهــــم، وعــــــــادوا كــــي تــعــهــد إلــيــهــم الوزارة بإدارة بعض مستشفياتها». أولجهاز لغسل الكلى كــــــــــــــــان الــــــــحــــــــجــــــــيــــــــ ن كـــــــمـــــــديـــــــري المـسـتـشـفـيـات الـــجـــدد هـــــؤلاء، يتحسس طــريــقــه فـــي إدارة وزارة الــصــحــة وفـهـم عالمها. وهو يروي واقعة من هذه الفترة تـعـكـس اجـــتـــهـــاده فـــي تـلـبـيـة متطلبات مــنــصــبــه الــــجــــديــــد. يــــقــــول: «وصــلــتــنــي رســـالـــة مـــن مـــواطـــن ســـعـــودي يــقــيــم في لبنان يشكو من المعاناة التي يلقاها في مراجعته لمستشفى الجامعة الأميركية في بيروت من أجل غسل الكلى مرتي في الأسـبـوع، فضلاً عما فـي ذلـك مـن إثقال مالي عليه لم يعد قادراً على مواجهته. لــــم أفــــهــــم مــــا كـــــان يـــشـــيـــر إلــــيــــه صــاحــب الرسالة في موضوع غسل الكلى. كانت المرة الأولى التي أسمع فيها بأمر كهذا، وعـــــذري فـــي ذلــــك أنــنــي دارس لـلـقـانـون ولستُ دارساً للطب». ويــضــيــف الــحــجــيــ ن: «اسـتـدعـيـت مــديــر المـسـتـشـفـى المـــركـــزي فـــي الــريــاض الــــدكــــتــــور ســـعـــيـــد ربــــــــاح، وكـــــــان إداريـــــــ حازماً يُعتمد عليه في إنجاز المُهمّات، حـــدّثـــتـــه فـــي الأمـــــر وطـــلـــبـــتُ إلـــيـــه تــولّــي مُــهــمّــة تــأمــن هـــذا الــجــهــاز للمستشفى المـركـزي فـي الـريـاض، ووجّهته بالسفر إلــــــى بـــــيـــــروت والاجـــــتـــــمـــــاع بـــمـــســـؤولـــي الـــجـــامـــعـــة الأمـــيـــركـــيـــة كــــي يــســاعــدونــنــا بـالأمـر. لـم تـمـضِ أشـهـر إلا وكـــان جهاز غسل الكلى يعمل في المستشفى المركزي فــي الـــريـــاض، ومـعـه اخـتـصـاصـيـة فنيّة أعارها لنا مستشفى الجامعة الأميركية فـــــي بـــــيـــــروت. كــــــان هــــــذا الــــجــــهــــاز الـــــذي دفعت إليه الصدفة فتحاً فـي خدماتنا الصحية، ولحقت بـه أجـهـزة أخـــرى في مستشفياتنا الأخرى». طلب الإعفاء و«الحجة الضعيفة» بــــــعــــــد ثــــــــــ ث ســــــنــــــوات الملكفيصل (غيتي) الرياض: بندر بن عبد الرحمن بن معمر كنت أشعر بالمرارة والإحباط وأنا أصارع وزارة المالية كي أحصل على الحد الأدنى لوزارة الصحة ضربت الكوليرا المنطقة الشرقية فحوّلنا قصراً ملكياً مستشفى للطوارئ... وقضينا على الوباء الحجيلان متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» عن مذكراته (تصوير: محمد عثمان)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky