issue16738

6 مذكرات ISSUE Issue 16738 - العدد Wednesday - 2024/9/25 الأربعاء ASHARQ AL-AWSAT الحجيلان: الملكخالد طلب مني قراءة بيان خلع الملكسعود اســـتـــدعـــى المــــلــــك فـــيـــصـــل، جـمـيـل الــــحــــجــــيــــان مــــــن الـــــكـــــويـــــت لـــيـــصـــدر الأمـــر المـلـكـي بتعيينه وزيــــراً لـإعـام وعضواً في مجلس الـــوزراء (مـارس/ )، لـيـصـبـح أول مـــن يحمل 1963 آذار لـقـب وزيـــر الإعـــام فـي الـسـعـوديـة. لم يــكــن ذلــــك تــغــيــيــراً فـــي الأشـــخـــاص أو مـسـمـيـات الأجـــهـــزة فــحــســب؛ بـــل كــان أيـــضـــا اســتــحــداثــا لــســيــاســة إعــامــيــة جديدة. جــــــــاءت ثــــــــورة الــــيــــمــــن والــــخــــاف المــــصــــري - الــــســــعــــودي الــــــذي أعـقـبـهـا لتشكل تحديا للعلم السعودي أدى إلـى أن تعيد الدولة النظر فيما كانت عـلـيـه صـحـافـتـهـا، ووســـائـــل إعـامـهـا بــوجــه عــــام. كـمـا أنـــه مــع الأيـــــام، تـعـزّز الاقتناع لـدى الـدولـة، ولــدى المتابعين لأداء الـــصـــحـــافـــة، بــأنــهــا لـــم تـــعُـــدْ في مــســتــوى الـــتـــحـــديـــات الـــتـــي تـواجـهـهـا البلد، وبوجوب الاستجابة لمُتطلبّات المــرحــلــة بـــإعـــام قــــادر جــديــد عــلــى كل المستويات. تـولـى جميل المـنـصـب فــي ظــروف داخـــلـــيـــة وإقــلــيــمــيــة بـــالـــغـــة الــتــعــقــيــد، وواجـــه فـي وزارتـــه الوليدة الكثير من الـتـحـديـات والمــصــاعــب وجــابــه أزمـــاتٍ عـدة. جاء قيام وزارة الإعـام في وقت تـــعـــاظـــمـــت فـــيـــه مــــســــؤولــــيــــات الــــدولــــة الداخلية، ووجـدت السعودية نفسها، طـــرفـــا فــــي خـــــاف ســـيـــاســـي كــبــيــر مـع الـــرئـــيـــس جــــمــــال عـــبـــد الـــنـــاصـــر حـــول الـيـمـن. كما وجـــدت نفسها فـي صـراع عقائدي وسياسي صامت مكتوم مع اليسار العربي، يسانده دعم سوفياتي يجاهر بعدائه لكل الأنظمة السياسية المحافظة في المنطقة. كــــانــــت قــــد تــــداعــــت عـــلـــى المــنــطــقــة العربية أحــداث كبرى أخلّت بموازين الــــــقــــــوى فــــيــــهــــا، وأربــــــكــــــت المــــــعــــــادلات السياسية التي كانت مرتكزاً لعلقات عربية - عربية واضحة المعالم. وكان عــــداء الــســعــوديــة، وعــلــى نـحـو خـاص في عهد الملك فيصل، للفكر الشيوعي، عـــــداءً مـعـلـنـا تــجــاهــر بـــه الـــريـــاض من خــــال إعــامــهــا مــجــاهــرة يـــدهـــش لها المراقبون. لـــــم يـــنـــس الاتـــــحـــــاد الـــســـوفـــيـــاتـــي أن الـــســـعـــوديـــة هـــي الــــدولــــة الــوحــيــدة فــي الـعـالـم الـتـي رفـضـت أن تقيم معه علقات دبلوماسية، رغم كل ما قامت بــه مـوسـكـو مــن مــســاعٍ لـــدى الــريــاض. أثــــــار هـــــذا المــــوقــــف الــــســــعــــودي غـضـب الأحــــــزاب الــيــســاريــة الــعــربــيــة المــوالــيــة لمــوســكــو، فـانـضـمـت إلـــى الأخـــيـــرة في عدائها المستور وحربها الصامتة على السعودية. كانت موسكو والأحزاب اليسارية الــعــربــيــة المـــوالـــيـــة لــهــا تـــحـــاول الـنـيـل مــــن ســـيـــاســـة الـــســـعـــوديـــة، واتــهــامــهــا بــــــ«الـــــتـــــبـــــعـــــيـــــة المُـــــطـــــلـــــقـــــة لـــلـــســـيـــاســـة الأميركية، وتنكرها للأهداف القومية الـعـربـيـة». لكن السعودية ظلت تمثل «قـــلـــعـــة الــــصــــمــــود» فــــي وجــــــه امــــتــــداد النفوذ السوفياتي في المنطقة. قصة إذاعة بيان خلع الملكسعود عـــلـــى أن «أكــــثــــر المــــواقــــف حـــرجـــا» في حياة الحجيلن، كما يتذكر، كان حــيــنــمــا طُـــلـــب مـــنـــه إذاعـــــــة بـــيـــان خـلـع المــــلــــك ســــعــــود ومـــبـــايـــعـــة ولــــــي الــعــهــد الأمــيــر فيصل ملكا عـلـى الــبــاد. ومـن المـــفـــارقـــات أن تــلــك الـجـلـسـة المـشـتـركـة لمجلسي الـــوزراء والـشـورى عُـقـدت في قاعة الطعام نفسها التي ترجم فيها الحجيلن فـي اللقاء بـ الملك سعود 12 ووزيـــــر الــخــارجــيــة الإســبــانــي قـبـل سنة من ذلك التاريخ. يـــتـــذكـــر الـــحـــجـــيـــان قـــــائـــــاً: «فـــي جــــمــــادى الآخـــــرة 27 صــــبــــاح الاثــــنــــ نـــوفـــمـــبـــر (تـــشـــريـــن 2 المـــــوافـــــق 1384 عُـقـدت جلسة مشتركة 1964 ) الـثـانـي لأعــــضــــاء مـــجـــلـــس الـــــــــــوزراء وأعــــضــــاء مجلس الشورى في قصر الحمراء في الرياض، برئاسة الأمير خالد بن عبد العزيز، نائب رئيس مجلس الـــوزراء، وحـــضـــور أعـــضـــاء المــجــلــســ ، واطــلــع المجتمعون على خطاب أسرة آل سعود وعـلـى بـيـان العلماء الـذيـن قـــرروا فيه خلع الملك سعود ومبايعة ولي العهد الأمير فيصل بن عبد العزيز ملكا على البلد، وقد أيّـد المجتمعون بالإجماع ذلك وقرروا مبايعة الأمير فيصل محل أخيه الملك سعود. أُعــــد بــيــان «الـــخـــلـــع» و«المــبــايــعــة» لإذاعــتــه وإحــاطــة الـعـالـم بـــه، ولـــم تكن قــد قــامــت، بـعـد، الإذاعــــة فــي الــريــاض؛ إذ كانت إذاعـة المملكة في جـدة. يروي الحجيلن: «كـنـت واقـفـا أتـحـدّث بهذا الأمــــر مـــع الأمـــيـــر خــالــد الــــذي سيكون ولـــيـــا لــلــعــهــد، والأمــــيــــر فـــهـــد بــــن عـبـد الــــعــــزيــــز، وزيـــــــر الــــداخــــلــــيــــة، والأمــــيــــر مساعد بن عبد الرحمن، وزيـر المالية والاقتصاد الوطني. طُلب مني العمل عـلـى إذاعـــتـــه، قــلــت: سـأبـعـث بـــه، حــالاً للذاعة في جـدة، كي يبادروا لإذاعته بشكل استثنائي قبل نشرة الأخبار. اســـتـــدرك الأمــيــر خــالــد المــوضــوع، وقال لي: تذيعه أنت. وسانده في هذا الــــرأي كــل مــن الأمــيــر مـسـاعـد والأمــيــر فــهــد. قـلـت لــهــم: لـيـس أمــــراً مــألــوفــا أن يــتــولــى وزيــــر الإعـــــام إذاعـــــة خــبــر عن الـــســـعـــوديـــة، والمـــهـــم فـــي الأمـــــر هـــو أن يُذاع البيان، وليس في من يذيعه كان الأمـــراء الثلثة على اقتناع، وإجماع، بـوجـوب قيامي بـإذاعـتـه. كنت كارها لـــهـــذا الأمـــــــر، فــالــخــلــع والـــبـــيـــعـــة شـــأن الأسرة المالكة، ولا أريد أن يحسب عليّ من خلل إذاعتي له بأني طرف فيه، لا سيما والملك سعود في قصره ينتظر، بين لحظة وأخـــرى، سماع هـذا البيان المـزلـزل، ولـن يغفر لـي أن أتـولـى إذاعـة هذا الخبر، وأنا الذي كنت محل عطفه ورعايته. تـــقـــرّر إذن، أن أســـافـــر حـــــالاً إلــى جــدة، ومعي البيان لإذاعـتـه. نقلتني نحو الساعة الحادية عشرة صباحا بـــتـــوقـــيـــت الـــــريـــــاض، طــــائــــرة (بــويــنــغ ) كانت الوحيدة والعاملة حديثا 707 في الخطوط الجوية السعودية. وفي الــطــائــرة بــــدأت المــواجــهــة مــع الـنـفـس، والحيرة فيما أنا مُقدِم عليه. تذكّرت كــل الـتـحـولات الـحـاسـمـة فــي حياتي، وأنا أعدّ نفسي لقراء ة البيان (بخلعه عـــن حــكــم الــــبــــاد). يـــا لــهــا مـــن محنة لـــم أســـع بـأسـبـابـهـا، بـــل كُـــتِـــبَـــتْ عـلـيّ. شـــعـــرت بـــالـــحـــرج الـــــذي لا تــنــفــع مـعـه دفوع. كنت أرى في «خلع» الملك سعود شـأنـا عائليا لأســـرة آل سـعـود، وأرى فــي الإعــــان عـنـه، أيـضـا أمـــراً هــو لهم قـبـل أن يـكـون لـغـيـرهـم. عـلـى أن لهذا الحدث الكبير أيضا وجها آخـر. إني أدرك جــســامــة الـــحـــدث، وأدرك أيـضـا أن الــعــالــم سـيـفـاجـأ بـــه، وأنــــه سيثير الــــكــــثــــيــــر مــــــن الـــــدهـــــشـــــة والـــــتـــــســـــاؤل، وقـــــد يــفــتــح أبــــوابــــا واســــعــــة لــلــتــأويــل والـــحـــســـابـــات الــســيــاســيــة الــخــاطــئــة، ومـــــن هـــنـــا تـــأتـــي أهـــمـــيـــة قـــيـــام وزيــــر الإعلم بإذاعة البيان. إن (خلع) الملك سعود ليس واحداً مــــن الانــــقــــابــــات الـــعـــربـــيـــة الــعــســكــريــة الموسمية (انقلب في الصيف وآخر في الشتاء) التي اعتاد عليها العالم حتى أصـبـح يــرى فيها حـدثـا مثيراً للتندر والتسلية. إن (خلع) الملك سعود حدث سياسي ضخم، يأتي من بلد ظل قدوة فــي الاســتــقــرار الـسـيـاسـي، ومـــن أســرة مالكة انفردت، منذ تأسيسها على يد المـلـك عـبـد الـعـزيـز، بفضيلة التماسك العائلي، وإحساسها بـأمـانـة الحكم، ومــا توجبه هــذه الأمــانــة مـن الحرص عـلـى اســتــقــرار الــوطــن، والــنــأي بــه عن مــخــاطــر الاخــــتــــاف، فــهــو لــيــس خـبـراً عن موت أمير، أو إقالة وزير، أو إنزال القصاص بقاتل. إنـه عـزل لملك يحكم، ومبايعة في الحكم لملك جديد؛ إذن لا بد، لأهميته من أن ينقله للعالم وزيرٌ للعلم». تــا الـحـجـيـان الـبـيـان التاريخي من استديوهات الإذاعـة في جدة ظهر .1964 نوفمبر 2 الاثنين نقل خبر وفاة الملكسعود إلى الملكفيصل ومــــــن المـــــفـــــارقـــــات الــــتــــي يـــذكـــرهـــا الـــحـــجـــيـــان فــــي مــــذكــــراتــــه، أنــــــه بـعـد أكثر من أربـع سنوات من قـراء ة بيان «خـــلـــع» المـــلـــك ســـعـــود، اضـــطـــر إلــــى أن ينقل إلـى الملك فيصل نبأ وفـاة أخيه المـلـك سـعـود فـي العاصمة اليونانية .)1969( أثينا ويــصــور الـحـجـيـان فــي مـذكـراتـه ردة فـــعـــل المــــلــــك فـــيـــصـــل فـــــي حـــضـــور الشيخ صباح الأحمد الصباح، وزير الــخــارجــيــة الــكــويــتــي، فـــي ذلـــك الـوقـت وأمير الكويت لاحقا، فيقول: «كان ردّه كـلـمـة واحـــــدة، قـالـهـا لــي بـنـبـرة عالية وبـلـهـجـة المـــفـــجـــوع: وشْ هـــــو؟! قـالـهـا وهو ينظر إلـيّ نظرة المستنكر الكاره لمـــا أقــــــول! ورأيــــــت عـيـنـيـه الــواســعــتــ تــفــيــضــان بـــدمـــع صـــامـــت مـــن دون أن يـــنـــبـــس بــكــلــمــة واحـــــــــدة. رفـــــع أطـــــراف غترته، وبدأ يجفف دموعه. التفت إلى الـشـيـخ صـبـاح الأحــمــد الـصـبـاح وقــال له، على مسمع مني: والله يا أخصباح إني تمنيت أنا وإخواني أن يبقى الملك ســعــود فـــي وطــنــه لــنــكــون جـمـيـعـا في خدمته كما نخدم والدنا، ولكن قضاء الله نافذ في عباده». اعتراضعلى برامج الترفيه يتذكر الحجيلن أنه خلل الأعوام الثمانية التي تولى فيها وزارة الإعلم، طوّر العمل الإعلمي، وأنجز ما يمكن إنـجـازه «وفـــق الـظـروف والإمـكـانـات»، لــــكــــنــــه كــــمــــا يـــــذكـــــر واجــــــــــه تــــحــــديــــات ومــــعــــارضــــات مــــن الــــقــــوى المـــحـــافـــظـــة، فيروي: «كانوا يطلبون إلينا أن نلغي الجانب الترفيهي من برامجنا. نمتنع عن تقديم الأغاني والتمثيليات، وكل مـا يتطلع إلـيـه المـواطـنـون، مـن برامج تـسـعـد ولا تــفــســد، وتــفــرح ولا تجرح، ملتزيمن بالقيم الاجتماعية لشعب متديّن محافظ، إلا أنه شعب محب الملكسعود خلال إقامته في أثينا (غيتي) في الحلقة الثانية من مذكرات رجل الدولة السعودي الشيخ جميل الحجيلان الذي عاصر جميع ملوك المملكة، يتحدث أول وزيــر إعــ م سـعـودي عـن ملابسات إذاعته البيان التاريخي بخلع الملك سعود ومبايعة ولـي العهد الأمير فيصل ملكاً على البلاد، حينما استدعاه الأمير خالد بن عبد العزيز الذي أصبح بعدها ولياً للعهد، والأمير فهد بن عبد العزيز، وزير الداخلية، والأمير مساعد بن عبد الرحمن، وزير المالية والاقتصاد الوطني، وطلبوا منه تولي قراءة البيان. بعد ذلك الموقف بسنوات، يتذكر الحجيلان ردة فعل الملك فيصل حينما نقل له خبر وفاة أخيه الملك سعود في ). تنفرد «الشرق الأوسط» 1969( العاصمة اليونانية أثينا بـنـشـر فــصــول مـــن المـــذكـــرات الــتــي سـتـتـوفـر فـــي جـنـاح «شــركــة رف للنشر» بـمـعـرض الــريــاض الــدولــي للكتاب بعنوان «جميل الحجيلان: مسيرة في عهد سبعة ملوك». )4-2( تنفرد بنشر مذكراترجل الدولة السعودي الذي عاصر جميع الملوك الرياض: بندر بن عبد الرحمن بن معمر انشغال ذهني فتح عليّ أبوابغضب في واقعة كتاب «رموز على اللوحة» خبر مبايعة الملكفيصل وخلع الملكسعود علىصدر الجريدة الرسمية للمملكة «أم القرى»