issue16737

الثقافة CULTURE 18 Issue 16737 - العدد Tuesday - 2024/9/24 الثلاثاء «الشارقة... وجهة نظر» يحتفي بتجارب أربعة فنانين في التصوير الفوتوغرافي ،2024 تنظم مـؤسـسـة الــشــارقــة لـلـفـنـون ضـمـن بـرنـامـجـهـا لـخـريـف الـــــدورة الـثـانـيـة عــشــرة مــن مـعـرضـهـا الــســنــوي لـلـتـصـويـر الـفـوتـوغـرافـي «الشارقة... وجهة نظر»، الذي يقام في بيت عبيد الشامسي التراثي، في .2024 ) ديسمبر (كانون الأول 8 سبتمبر (أيلول) و 28 الفترة بين تسلط هـذه النسخة الضوء على المصورين الصاعدين من المنطقة وخـارجـهـا، وتـقـام تحت عـنـوان «لــو كنتُ غـيـري» المستوحى مـن قصيدة للشاعر محمود درويش، وتستحضر الأعمال المعروضة تجارب شخصية عـلـى مـسـتـويـي الــتــاريــخ والــــذاكــــرة الـجـمـاعــيـة، ورغــــم تـــنـــوّع المـنـهـجـيـات المستخدمة في إنشاء الصور الفوتوغرافية، فإن جميعها تجمعها ذكريات متشظية تتناغم مـع الـتـجـارب الإنسانية المشتركة. واخــتــارت المؤسسة أربـعـة فنانين مـن الـشـبـاب، ممن قـدمـوا طلباتهم للمشاركة فـي المعرض وذلك من خلال دعوة دولية مفتوحة، هم: سارة قنطار، وثاسيل سوهارا بكر، وأروم دايـو، ومشفق الرحمن جوهان، ليجمع المعرض بين أصوات وتــجــارب مـتـنـوعـة، مـجـسـداً روح الـتـجـريـب فــي الـتـصـويـر الـفـوتـوغـرافـي المـــعـــاصـــر، ويـــقـــدم مـنـصـة ديـنـامـيـكـيـة تـسـتـعـرض مـجـمـوعـة واســـعـــة من الأساليب، بدءاً من الوثائقية وصولاً إلى التجريبية. ، جــاوة الـوسـطـى، إندونيسيا) من 1984 تعاين أروم دايــو (مـوالـيـد خلال مشروعها: الثقافة والمجتمع الحديثَين في جاوة، مركّزةً على قضايا النسوية والأمومة والضغوط التي تواجهها النساء العازبات. ويسافر المـصـور الوثائقي وعـالـم الأنثروبولوجيا مشفق الرحمن ، بنغلاديش) في جميع أنحاء بنغلاديش لالتقاط 1997 جوهان (مواليد السرديات البصرية التي تسلط الضوء على القضايا الإنسانية وتوثيق مصاعب المجتمعات المهمشة في صراعها مع النزوح. أمـــا المــصــورة والمـخـرجـة الـسـوريـة ســـارة الـقـنـطـار فـتـوثّـق تجاربها الشخصية فـي المنفى ململمةً شظايا الـذكـريـات المنسية ومـعـايـنـةً آثـار الـنـزوح عبر سلسلتها الفوتوغرافية «نـحـو الــنــور»، إذ تسجل عبورها وفــبــرايــر 2015 مـــن ســـوريـــا إلــــى الـــيـــونـــان مــــــروراً بــتــركــيــا بـــ ديــســمــبــر ، حــيــث اســتــخــدمــت هـاتـفـهـا المــحــمــول لـتـصـويـر رحلتها 2016 ) (شـــبـــاط المحفوفة بالمخاطر، وشاركت الصور مع عائلتها، لطمأنتهم عن وضعها وسلامتها. وفي سلسلته «شواطئ مضاءة» يعاين ثاسيل سوهارا بكر ، كيرلا) مواضيع البيئة والسياسات الحيوية عبر عدسة 1992 (مواليد مــزدوجــة عـمـادهـا المـسـرح والـفـن الـبـصـري. فـي رحـلـة اسـتـمـرت استمرت لثلاثة أشـهـر زار فيها خمس ولايـــات هندية، وتتضمن صـــوراً التقطها وأدت إلى 19- خـ ل الاضطرابات التي عمّت البلاد، جـراء جائحة كوفيد تشريد مجتمعات الطبقة العاملة والتسبب بخسائر فادحة في الأرواح، بما لا يتناسب مع خسائر الطبقات الأخرى. يُذكر أن أعمال كل فنان ستُعرض في هذه الدورة بشكل مستقل على امتداد بيت الشامسي كما تتضمن برنامجاً إرشادياً مهنياً فردياً، يتيح للفنانين فـرصـة الـتـواصـل مـع مـمـارسـ ثقافيين محترفين يختارونهم بأنفسهم. الشارقة: «الشرق الأوسط» «المغفلون»... رواية فرنسية عن قسوة الخذلان وهوان المشاعر عن دار «العربي» للنشر في القاهرة، صدرت طبعة جديدة من رواية «المغفلون» للكاتب الفرنسي إريك نويوف، ترجمة لطفي السيد منصور. ويشير المترجم في تقديمه لها إلى أنه في أحد حـوارات ميلان كونديرا الـــذي يــعــدّد فـيـه أشــكــال الـــروايـــة فــي الــقــرن الـثـامـن عـشـر، أكـــد أن «روايـــة الـرسـائـل»، التي تعتمد في بنيتها على الرسالة، أتاحت حرية شكلية كبيرة للغاية لأن الرسالة يمكنها استيعاب كل شيء بشكل طبيعي جداً مثل التأملات والاعترافات والذكريات والتحليلات السياسية والأدبية. ويعتقد المترجم أنه من أجل هذه الحرية واستيعاب موجة غضب الراوي الذي سُرقت منه حبيبته وذاكرته الغاضبة المرتبكة، اختار المؤلف شكل الرسالة ليبني عليها معمار روايته. وتــعــد الـــروايـــة رســالــة طـويـلـة يـوجـهـهـا بطلها الـــــراوي الــشــاب ذو الأعوام الثلاثين ويعمل في وكالة للدعاية والإعلان، إلى الرجل الذي سرق حبيبته المثيرة والمتقلبة «مود» والذي قابله في أثناء قضاء الأخير عطلة فـي جـزيـرة قبالة مدينة رومـــا. فـي الـبـدايـة لـم يكشف الـرجـل عـن هويته الحقيقية لـكـن فيما بـعـد اكـتـشـف أنـــه سيباستيان بـروكـيـنـجـر (كـاتـب أمريكي شهير، منسحب من الحياة العامة و قرر الاختفاء مـن الـعـالـم والإقــامــة فـي غابة ليعيش حـيـاة وديــعــة بعيدة عن صخب الشهرة). تبدو القصة العامة هنا مجرد حيلة فنية استخدمها المـــؤلـــف لــيــطــرح وجــهــة نـظـره وتساؤلاته حـول العالم وهل نـعـيـش عــصــراً يـتـآمـر علينا، وكــــــيــــــف أصـــــبـــــحـــــت الــــحــــيــــاة بـمـثـابـة شـــريـــط لا نـمـثـل فيه ســــوى لــقــطــة مــمــا لا يـمـكّـنـنـا ولا يــــــمــــــكّــــــن الآخـــــــــريـــــــــن مـــن التأمل فيها وفهمها. والرواية إجمالاً قصيرة، كُتبت برشاقة وتكثيف، تتخللها أقوال مأثورة فاتنة ومخيّبة للآمال، كما تختلط فيها المشاعر باللامبالاة، في إيقاع سردي لاهث حاد اللهجة، يتسم أحياناً بالتشنج والعصبية؛ فتأتي الأحداث في غير ترتيبها ولكن حسب صعود وهبوط الحالة النفسية للراوي وذاكرته وما يتوارد إليها. نـجـح الـكـاتـب فــي اخـتـيـار وظــائــف شـخـصـيـاتـه؛ فالحبيب يعمل في الدعاية والإعــ ن، تلك المهنة التي تعرض كل شيء وتبيع كل شيء حتى الشيء وضــده، وتُقنعك بـأن تشتري ما لا تحتاج إليه. والحبيبة التي سُـرقـت منه تعمل فـي تسويق الـعـقـارات، وهـو مجال مشابه يقوم على مبدأ البيع بـأي طريقة. أمـا الكاتب الأمريكي الغني، فقد استطاع بحكم مهنته أن يبهر «مود» بماله وممتلكاته وهالته الملغزة، هو أيضاً يستلهم مهنة البيع أو التسويق حتى يُغري الفتاة بشراء رجل عجوز وترك شاب ثلاثيني. ، بــدأ مـشـواره 1956 وإريـــك نــويــوف، كـاتـب وصحفي فرنسي وُلـــد عملاً أدبياً منها هـذه الـروايـة التي نُشرت 20 وكتب نحو 1980 الأدبــي و فازت بالجائزة الكبرى للأكاديمية الفرنسية. 2001 للمرة الأولى في ومن أجـواء الرواية نقرأ: «عندما أفكر ثانيةً في مود أتذكر شارع ميزيير، أرى سيارتها الصغيرة فـي جـــراج السكان بملصقها الأصفر على الـزجـاج الأمـامـي وساعتها التي كانت تؤخّرها سـاعـةً كـل صيف. أفـكـر فـي الأطــفــال الـذيـن لـم نلدهم والــذيــن كـانـوا سيلعبون فـي حديقة لوكسمبورغ القريبة جــداً. مــود، لـو سمحتِ توقفي عـن النظر مـن فوق كتف سيباستيان، أعرفك... اتركينا لو سمحتِ، نحن في جلسة تقتصر على الرجال فقط. سيحكي لـكِ سيباستيان كل هـذا بالتفصيل بمجرد الانتهاء منها. قلْ لها يا سيباستيان، فلتذهبي لتُنزّهي الكلب العجوز الذي ينام عند قدميكِ وأنتِ تكتبين على الآلة الكاتبة. ، شيء من هذا القبيل. تلاعبت 1929 أعرف أنكَ ولدتَ يا عزيزي عام بكل سجلاتك فـي مـدرسـة الليسيه التي كنت تـرتـادهـا. رفـض المـديـر أن يزوّدنا بأي معلومات تخصك، سجلك العسكري أيضاً يتعذر الوصول إليه على نحو غـامـض. احـتـرق المكتب الــذي كـان يحويه، لـم يعد هناك أي أثـر لملفك الجامعي. نشرت أولـى قصصك في صحيفة الطلبة، فيما كـنـت بــالــكــاد فـــي الـعـشـريـن مـــن الــعــمــر، قـصـة عـــن الانــتــحــار وعـــن سمك القراميط. في فترة ما كنت تعمل على مركب يُبحر في عرض الكاريبي، كانت الكبائن ممتلئة بالمتقاعدين الذين يرتدون شورتات قصيرة ولا يغادر نصفهم حافة المرسى. كان من المفترض أن تكون المرشد الخاص بهم، هناك لغز ما في ذلك في رأيي، من الواضح جداً أنك تمسكت بهذه الوظيفة لتحقق بسببها نتائج جيدة في سيرتك الذاتية». القاهرة: «الشرق الأوسط» الروائي الجزائري يرى ضرورة قراءة تراثنا في ضوء التراثات الإنسانية الأخرى الزاوي: حين أبدأ الكتابة تسكننيسيكولوجية لغوية مغوية يُعد الــروائــي الـجـزائـري أمــ الـــزاوي مـن أبـرز الأصوات الأدبية في المشهد المغاربي الراهن؛ يكتب بـالـلـغـتـ الـعـربـيـة والـفـرنـسـيـة، وحــصــل عـلـى عـدة جـوائـز دولـيـة، منها جـائـزة «الــحــوار الثقافي» عام التي يمنحها رئيس الجمهورية الإيطالية، 2007 لغة، كما وصل عدد 13 وتُرجمت أعماله إلى أكثر من منها إلى القائمة الطويلة لجائزة البوكر العربية، )، ومــــن روايـــاتـــه 2024( » آخـــرهـــا روايــــــة «الأصــــنــــام بـالـفـرنـسـيـة «الـــخـــنـــوع»، و«طـــفـــل الــبــيــضــة». يعمل أســـتـــاذاً لــــ دب المـــقـــارن بـجـامـعـة الــجــزائــر المـركـزيـة، وتــــولــــى مــنــصــب المــــديــــر الــــعــــام لـلـمـكـتـبـة الــوطــنــيــة . صــدرت له أخيراً روايـة 2008 الجزائرية حتى عـام «منام القيلولة» عن دار «العين للنشر» بالقاهرة... هنا حوار معه حولها والمحطات المهمة في تجربته الأدبية. فــي روايــتــك الأحــــدث «مــنــام الـقـيـلـولـة» تتفرع > مــن الـــواقـــع مـــســـارات لـلـغـرابـة مــن خـــال حـكـايـة «أم» جـــزائـــريـــة... حــدّثــنــا عـــن مــامــح هـــذا الــعــالــم الـــروائـــي الجديد؟ - كــتــبــت هــــذه الــــروايــــة بــقــلــبــي، بــحــس خــاص جـــداً، كـانـت أحـداثـهـا تسكنني مـنـذ ســنــوات، وهـي مـرتـبـطـة، لـيـس بـشـكـل مــبــاشــر، بــأشــخــاص شكلوا جــزءاً مهماً فـي حياتي منذ الطفولة. كـل شخصية روائية في «منام القيلولة» لها معادلها الاجتماعي لكنها كُتبت بشكل أدبي بكل ما في الأدب من نزعة التخييل والمسخ والتحوير والاختراق. تـتـشـكـل الــــروايــــة إلــــى قــســمــ مــتــداخــلــ في تـنـاوُب وتـنـاغُـم؛ قـسـمٌ سمعتُ جــلّ وقائعه أو رُوي لي، وهو القسم الخاص بزمن الثورة المسلحة، حيث الـحـديـث عــن الـخـيـانـة الـوطـنـيـة وخـيـانـة الـصـداقـة، وفـيـهـا أردت أن أقــــول إن الــتــاريــخ هـــو مـــن صناعة الـــبـــشـــر، والـــبـــشـــر مُــــعــــرضــــون لــلــضــعــف ولارتــــكــــاب الأخـطـاء الصغيرة والـكـبـرى، والـثـورة لها منطقها المتميز بالعنف والخوف والشجاعة، كل هذه القيم تتقدم معاً مختلطةً ومتنافرةً ومتقاطعةً، وهذا هو الجو الذي يتشكل فيه شقاء وعي المناضل. أمــــا الــقــســم الــثــانــي مـــن الــــروايــــة فــقــد عايشته وعشته، وفيه أعـرض بعض شخوص تشبه بعض الذين قاطعتهم في حياتي، ولكنهم سردياً خرجوا وتـــــحـــــرروا مــــن الـــحـــالـــة الـــواقـــعـــيـــة ولـــبـــســـوا لــبــوس الشخوص الروائية، وهم من يمثلون الجيل الجديد في ظل الاستقلال وشكل الدولة الوطنية وما عاشته من تقلبات سياسية وحروب أهلية. يُحيل عـنـوان روايـتـك «الأصــنــام» إلـى ميراث > مجازي من التطرف والتحجّر، ثم سرعان ما يحملنا إلـــى فـضـاء الـــروايـــة المـكـانـي وهـــو مـديـنـة «الأصـــنـــام». حدّثنا عن هذا التراوح بين المجاز والمكان. - أحياناً يكون العنوان هو النقطة التي تتشكل منها الــروايــة كـكـرة الـثـلـج، تُحيل كلمة «الأصــنــام» إلـى بُعدين مركزيين؛ الأول يرمز إلـى هـذه الأصنام الــســيــاســيــة والـــديـــنـــيـــة الـــجـــديـــدة الـــتـــي نُــصــبــت في المؤسسات وأصبحت بديلاً عن الله وتتكلم باسمه وبديلاً عن الوطن وتتكلم باسمه، والبعد الآخَر هو الإحالة إلى مدينة «الأصنام» التي توجد في الغرب الـــجـــزائـــري، الــتــي أصـبـحـت تـسـمـى الـــيـــوم «شــلــف»، وتــغــيــيــر اســمــهــا جــــاء جـــــراء تــخــريــجــات شـعـبـويـة ديــنــيــة وســيــاســيــة أفـــتـــت بــهــا «أصــــنــــام» الـسـيـاسـة والدين في ثمانينات القرن الماضي، حيث تعرضت المـديـنـة لــزلــزال مــدمــر، ففسرته «الأصـــنـــام» الدينية والسياسية الشعبوية على أن الـلـه ضــرب المدينة بهذا الزلزال بسبب اسمها الذي تحمل والذي يُحيل إلى الشرك والكفر ويضرب وحدانية الله. بهذا المعنى فالمكان في الـروايـة ليس حيادياً بـل هـو جــزء مـن إشكالية الـــروايـــة، وهــو يحيل إلى مستوى زيف الوعي التاريخي الجمعي، اختياره له دلالاته السياسية والحضارية والعقلية. تـــحـــاورت عــبــر الـتـخـيـيـل الأدبـــــي مـــع الـقـصـة > التاريخية الأولى للقتل «قابيل وهابيل» ووضعتها في سردية مضادة في روايتك. ما الذي ألهمك لتطوير تلك المعارضة الأدبية؟ - سـبـق لــي أن نـشـرت روايــــة بـعـنـوان «حـــر بن يـــقـــظـــان»، وفــيــهــا أقـــمـــت مـــعـــارضـــة فـلـسـفـيـة لقصة «حي بن يقظان» لابن طفيل، وهي أيضاً قريبة من مـعـارضـة روايــــة «روبــنــســون كـــريـــزوي» الفرنسية، حـاولـت بها أن أقــول إن «الـحـريـة أسبق مـن الحياة والوجود»، لذا استبدلت بـكلمة «حي» كلمة «حر». وفـي روايــة «الأصـنـام» حاولت مقاربة فلسفة الأخــــوة الـتـي لــم يُـكـتـب عنها إلا القليل جـــداً، عـدت للحكاية الـتـي وردت فــي الـكـتـب الـسـمـاويـة الثلاثة عن قابيل وهابيل، وكيف كانت أول عملية إجرامية فــي الــتــاريــخ، لكني عكست الـحـكـايـة وبـنـيـت علاقة عشق بين الأخوين مهدي وحميميد، وكيف أن الأخ الأصغر يعطي حياته للمخاطر والأسفار والحروب بحثاً عن قاتل أخيه والانتقام منه. الحِس الساخر بارز كأداة نقدية في أعمالك، > كالقبض، مثلً على والـد البطل في روايـة «الأصنام» بسبب اسم ابنه... - السخرية سلاح مُقاوم، في رواية «الأصنام» اشتغلت على السخرية التي تكشف مستوى الرقابة والـــقـــمـــع المــــمــــارَس عــلــى المــــواطــــن، فــحــتــى الأســـمـــاء يمكنها أن تكون سبباً فـي توقيف وسجن مواطن بسيط، ومـن ذلـك أن الأب يتم سجنه لسبب بسيط هو أنه سمى ابنه الذي وُلد يوم الانقلاب العسكري الــــذي قــــاده الـعـقـيـد هـــــواري بــومــديــن ضـــد الـرئـيـس أحـمـد بــن بـلـة، ســمّــاه بـاسـم حميميد، وهـــو الاســم الـــذي كـــان يُـطـلـق عـلـى الـرئـيـس أحـمـد بــن بـلـة. وفـي السجن يتعرف على «الصرصور» الـذي يرافقه في زنزانته ويكسر عنه وحدته ويصبح صديقاً حميماً لـــه، ويـظـل قلبه مــشــدوداً لــه حـتـى بـعـد خــروجــه من السجن. في أعمالِك انشغال بصوت العائلت وتتبع > أصــواتــهــا ومـــآلاتـــهــا، مــا أكــثــر مـــا يـــؤرقـــك فـــي سـيـرة الأجـيـال الجزائرية المتلطمة بـ تـيـارات الاستعمار والتحرر والثورات؟ - العائلة مؤسسة بـقـدر مـا هـي قامعة هي فــي الــوقــت نـفـسـه مـــورّثـــة لمـجـمـوعـة مــن التقاليد تــتــنــاولــهــا الأجـــــيـــــال. إنّ الـــحـــريـــة لا يـمـكـنـهـا أن تُفهَم وتُـدرَك إلا داخل الأسـرة؛ فالعلاقة بين الأب والــزوجــة، بـ الأب وابنته، بـ الأخ وأخـتـه هي مــقـيـاس أســـاســـي لـفـهـم الـــوعـــي الـجـمـعـي لـحـريـة المـــرأة، والخطابات بـ أفـــراد العائلة تعكس في مفرداتها كثيراً مـن اللامسكوت عنه واللامفكّر فـــيـــه، لــــذا جـــــاءت روايـــــاتـــــي، وبــــالأســــاس روايـــتـــا «الأصــــنــــام» و«مـــنـــام الــقــيــلــولــة»، تـكـتـب الــتــاريــخ والمجتمع من خلال تفكيك سلّم العلاقات ما بين أفـــراد الـعـائـلـة، وفيما بينهم وبــ المحيط الـذي يعيشون فيه. فالأسرة تشبه في بنيتها هرم بنية السلطة السياسية بشكل واضح. يبدو التراث جلياً في تفاصيل أعمالك، كتلك > المقاربة في عنوان «الساق فوق الساق في ثبوت رؤية هلل العشاق»، وتُصدِر إحدى رواياتك برثاء المهلهل بن ربيعة لشقيقه كُليّب... حدّثنا عن علقتك بالتراث العربي؟ - أعــــدّ نـفـسـي قــارئــ نـهـمـ لـلـتـراث الـعـربـي والإســـــــ مـــــــي ومـــهـــتـــمـــ بـــــــه، الــــــتــــــراث المـــكـــتـــوب والشفوي على حد سـواء، ولكن يجب أن ننظر إلـــــى تـــراثـــنـــا، ونـــتـــعـــامـــل مـــعـــه، فــــي عـــ قـــتـــه مـع الــتــراثــات الإنـسـانـيـة الأخــــرى حـتـى تتجلى لنا الـــصـــورة الــنــاصــعــة فــيــه والمـــتـــرديـــة أيـــضـــ ، لأن الـتـقـوقـع حـــول تـــــراثٍ وطـــنـــيّ والـــزهـــو بـــه كثيراً قــد يُـسـقـطـنـا فــي مـــرض الاكــتــفــاء بـــالـــذات. حين اكتشفتْ الإنسانية قيمة كتاب «ألف ليلة وليلة» تبناه الجميع، لا لأنها من هذه الهوية أو تلك، ولكن لأنها تعكس إبداعاً خالداً يمس البشرية جمعاء. فـي تـراثـنـا الـجـزائـري أسـعـدُ دائـمـ بـقـراءة «الـحـمـار الـذهـبـي» لأبـولـيـوس، وأيـضـ «مدينة الله» للقديس أو أوغسطين وغيرهما، ويثيرني أيضاً التراث الأمازيغي الـذي هو وعـاء حقيقي لــذاكــرة الــبــ د، كما أقـــرأ الـجـاحـظ وأعــــدّه معلم الحكاية، وأقـرأ المعرّي «رسالة الغفران» وأعـدّه مُعلم الجرأة. تحمل أعمالك رؤيـة آيديولوجية ونقدية، هل > يصعب على الروائي صاحب الموقف أن يُحيّد نفسه وموقفه وهو يكتب الأدب، أم أن الحياد هنا نزعٌ لصوته الخاص؟ - الــــكــــاتــــب لــــــه قــــنــــاعــــة فـــلـــســـفـــيـــة وســـيـــاســـيـــة واجتماعية، وبالتالي لا كتابة خارج هذه القناعة، لكن يجب النظر إلى هذه العلاقة بشكل مُعقد وليس ميكانيكياً، فالفن ومنه الأدب لا يعكس قناعة الكاتب بشكل آلي ولكن الكتابة الإبداعية تقول تلك القناعة بقناع جمالي مُعقد ومركّب إنْ على مستوى اللغة أو من خلال تحليل نفسيات الشخوص الروائية أو من خلال البناء السردي نفسه، الرواية تحتاج إلى قول الآيديولوجيا جمالياً وتلك هي مغامرة الكتابة والتحدي الذي عليها مجابهته. كــيــف تــتــأمــل المــســافـــة بـــ الــلـغـتــ الـعـربـيـة > والفرنسية؟ ما الذي يجعلك تختار الفرنسية لكتابة رواية؟ - أكـــتـــب بــالــلــغــتــ الـــعـــربـــيـــة والـــفـــرنـــســـيـــة فـي روايـــة باللغة 15 انسجام منذ ثلاثين سنة. نشرت الفرنسية، بعضها يـــدرّس فـي كثير مـن الجامعات روايـــــــة بـالـلـغـة 15 الأوروبـــــيـــــة المــخــتــلــفــة، ونــــشــــرت الــعــربــيــة. تـربـطـنـي بـالـلـغـة عــ قــة شـخـصـيـة-ذاتـيـة أكـثـر منها مـوضـوعـيـة، لكل كـاتـب لغته، ومــا أُصـر عــلــيــه هـــو أنـــنـــي لا أخـــــون قـــارئـــي فـــي الــلــغــتــ . ما يشغلني بالعربية هو ذاته ما يشغلني بالفرنسية، والإشـــكـــالات الــتــي أكـتـبـهـا لا تــفــرّق بــ هـــذه اللغة وتلك. حين أبدأ كتابة العمل الروائي تسكنني حالة سيكولوجية لغوية غير مفسّرة، فأجدني أكتب من اليسار إلى اليمين أو من اليمين إلى اليسار، ثم أغرق في شهوة الكتابة بهذه اللغة أو بتلك. ما يُفرق بين الكتابة باللغتين هو القارئ، فالقارئ بالفرنسية له تقاليد قبول كل الموضوعات والإشكاليات، لا تابوه في رأســه، وهـذا ناتج عن علاقته بنصوص روائية فرنسية أو مترجمة إلـــى الـفـرنـسـيـة كُـتـبـت فــي ظل حرية كبيرة وسقف قبول عالٍ، أما القارئ بالعربية، وإن كنا نـ حـظ تـغـيـرات كثيرة طـــرأت عليه أخيراً فـإنـه لـم يتخلص مـن نصب المـحـاكَـم لـلـروائـيـ في كثير من المـــرات، هي في غالبيتها محاكم أخلاقية أو دينية لا علاقة لها بالأدب، وهذا العطب في الفهم وفــي المفاهيم قـــادم مـن مناهج المــدرســة والجامعة التي تحتاج إلى مراجعة جوهرية. الروائي الجزائري أمين الزاوي القاهرة: منى أبو النصر يتحدث الكاتب في هذا الحوار عن عالمه الروائي والمحطات التي أثّرت فيه وشكّلت وعيه ووجدانه

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky