issue16735

العيد الوطني السعودي الـرابـع والتسعون هو احـتـفـال سـنـوي بـاإلنـجـاز التاريخي الكبير بتوحيد الـــبـــاد واســـتـــقـــرار الــــدولــــة، فــهــو مــنــاســبــة الســتــذكــار املاضي والفرح بالحاضر لبناء املستقبل، والسعودية الـــــيـــــوم تــــرفــــل فـــــي ثــــيــــاب األمـــــــن والــــطــــمــــوح الـــجـــامـــح للمستقبل والرفاه كغاية حكم وهدف دولة في «رؤية » التي أطلقها ولي العهد السعودي قبل سنوات 2030 لتحشد خلفها كل أطياف الشعب السعودي، وتمثل نبراسًا لآلخرين. هذه الرؤية تحققت في غالب غاياتها وأهدافها قبل سنوات من موعدها املعلن؛ ما يعني قـوة الهمم الـتـي شُــحــذت، والـعـزائـم الـتـي اتــقــدت، والـجـهـود التي بُــذلــت، فــي مـسـيـرة مستمرة تــراكــم املـنـجـزات وتتسم بـــمـــرونـــة الــتــعــديــل والـــتـــجـــديـــد، وفــــي الــعــيــد الــوطــنــي السعودي يجب استحضار التاريخ ليكون خير شاهد عــلــى مـــراحـــل تــوحــيــد الـــبـــاد مـــع املـــلـــك املـــؤســـس عبد العزيز ورجاله األوفياء. أعمار الدول ال تُقاس بالسنني وال توزن باألعوام، بل باملنجزات التي تحققت، وبالخبرات التي تراكمت، وبـالـطـمـوحـات الــتــي تــحــدو لــغــد أفــضــل ضـمـن خطط معلنة واستراتيجيات متماسكة. وقبل مائة عـام من ، كـانـت الـسـعـوديـة تعيش مخاضًا 1924 الــيــوم، وفــي كبيرًا داخليًا وإقليميًا ودوليًا قبل ثماني سنوات من .1932 إعلن «اململكة العربية السعودية» في نسبية الزمان أحد منجزات العلم التي نظر لها آينشتاين وغيرت تاريخ الفيزياء وإدراك البشر للزمن بشكل علمي محكمٍ، وفي القرآن الكريم: «وإن يومًا عند ربـك كألف سنة مما تـعـدون»، وقبل نظرية النسبية، وبـــعـــدهـــا، يـعـلـم الــبــشــر أن تـــاريـــخ األفــــــراد والــشــعــوب والـــــــدول تـــاريـــخ مـــتـــحـــرك صـــعـــودًا ونــــــــزوالً، اجـتـمـاعـ وافـتـراقـ، وحــدة وانقسامًا، ودروس مائة عــام بالغة الـتـكـثـيـف واألهــمــيــة عـلـى املــســتــويــات كـــافـــة، وتقطير حكمة التاريخ خير معني ملعرفة املستقبل، وكان غوته يـقـول: «مــن ال يعي دروس الـثـاثـة آالف عـــام مـن عمر البشرية يعيش في العتمة». فــي منطقتنا، جـــرت كثير مــن مـيـاه الـتـاريـخ في سـاقـيـة الـــزمـــن؛ فـــي تـــواريـــخ مـوثـقـة وأحــــــداث مــؤثــرة، وتـنـازعـت األيــــام والـلـيـالـي صــراعــات الــــرؤى واألفــكــار فـــي أذهـــــان الـــقـــادة وعــقــولــهــم، وفـــي تــوجــهــات األفــــراد واملجتمعات والشعوب، وعامليًا جرت حربان عامليتان: ، والــثــانــيــة بـــعـــدهـــا، كـــانـــت األولــــى 1924 األولــــــى قــبــل 1924 أوروبية أكثر وتمددت الثانية دوليًا، وكان عام عامًا استثنائيًا حقًا؛ ففيه سقطت الدولة العثمانية، وهي إمبراطورية تركية غاشمة، أعلن سقوطها كمال أتــاتــورك مـن داخـلـهـا، فـثـار نـــزاع عـمّــن يحق لـه وراثــة تلك الخلفة، باعتبار «الخلفة» منصبًا دينيًا مقدسًا يــخــدم الـسـيـاسـة، فـتـنـازع الــزعــمــاء، بــ «فـــــؤاد» ملك مصر، و«حسني» شريف مكة، و«إمـام اليمن»، وحتى «ملك أفغانستان» الطامح للخلفة. هـــــذا الــــنــــزاع الـــفـــكـــري الـــســـيـــاســـي كـــــان مـحـتـدمـ حينها، ولم يكن صراع نظريات جوفاء، بل هو صراع له أثر كبير وبالغ األهمية على الواقع، وقد استطاع امللك عبد العزيز التعامل معه فـي حينه، ونقل أمني الريحاني آراءه الصائبة ورؤيـتـه الثاقبة تـجـاه هذا الصراع، في كتابه: «ملوك العرب»، وفي غيره من كتبه، وفـي مراسلته الحقًا، وأشــار لها مؤرخو السعودية وغيرهم ممن تناول تلك املرحلة وتلك السنة تحديدًا. في ذلك العام، أعلن الشريف حسني نفسه خليفة لـلـمـسـلـمـ ؛ مـــا تـسـبـب فـــي تــوتــر عــاقــاتــه مـــع مـصـر. وقـد جـاء في كتاب «موقف مصر من ضم ابـن سعود »، لزكريا سليمان بيومي، أنه 1926 - 1924 للحجاز «على عكس سياسة شريف الحجاز، فطن ابن سعود إلـى ضــرورة السعي الستمالة الحكومة والــرأي العام في مصر، فبادر بإرسال برقية تهنئة إلـى امللك فؤاد ، بـمـنـاسـبـة افـتـتـاح 1924 ) فــي يـنـايـر (كـــانـــون الــثــانــي الـــبـــرملـــان، وســعــى فـــي نــفــس الـــوقـــت الســتــمــالــة بعض الكتاب من أتباع االتجاه اإلسلمي. يذكر شكيب أرســـان فـي كتابه: «مـدونـة أحـداث أغسطس (آب) 29« الـعـالـم الـعـربـي ووقـائـعـه» أنــه فـي عبرت قوات سلطان نجد، عبد العزيز بن سعود، 1924 الحدود الحجازية، وهاجمت مدينة الطائف، وتمكنت مـن احـتـالـهـا»، وكـانـت خـطـوة كـبـرى باتجاه توحيد البلد. فـــي تــلــك املـــرحـــلـــة، بــــدأت تـنـشـط دعــــــوات مــوازيــة غــيــر سـيـاسـيـة الســـتـــعـــادة الـــخـــافـــة، ولــكــن هــــذه املـــرة لـيـسـت عـبـر «الـــــــدول»، بـــل عـبـر «الـــجـــمـــاعـــات» أو عبر «التنظيمات»، مثل «جماعة اإلخــوان املسلمني» التي أعلن عن تأسيسها بعد هذا العام بأربعة أعوامٍ. أخيرًا، فهذه إطللة على لحظة تاريخية قبل مائة عـــامٍ، وقـبـل تلك اللحظة التاريخية بمائة عـــام أخـرى دخل اإلمام تركي بن عبد الله الرياض مؤسسًا للدولة ٍالسعودية الثانية. العيد الوطني... السعودية قبل مائة عام OPINION الرأي 13 Issue 16735 - العدد Sunday - 2024/9/22 األحد عبد هللا بن بجاد العتيبي إياد أبو شقرا اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ اﻷﻣﻴﺮ أﺣﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻠﻤﺎن ﺑﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻌﺰﻳﺰ ﻫﺸﺎم وﻣﺤﻤﺪ ﻋﻠﻲ ﺣﺎﻓﻆ Ghassan Charbel رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻏﺴﺎن ﺷﺮﺑﻞ ﻣﺴﺎﻋﺪو رﺋﻴﺲ اﻟﺘﺤﺮﻳﺮ ﻋﻴﺪروس ﻋﺒﺪ اﻟﻌﺰﻳﺰ زﻳﺪ ﻓﻴﺼﻞ ﺑﻦ ﻛﻤﻲ ﺳﻌﻮد اﻟﺮﻳﺲ Editor-in-Chief Assistants Editor-in-Chief Aidroos Abdulaziz Zaid Bin Kami Saud Al Rayes ١٩٨٧ أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ ١٩78 أﺳﺴﻬﺎ ﺳﻨﺔ الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائبا رئيس التحرير زيد بن كمي Assistant Editor-in-Chief Deputy Editor-in-Chief Zaid Bin Kami مساعدا رئيس التحرير محمد هاني Mohamed Hani [email protected] في ظل تصعيد االعتداءات اإلسرائيلية... «حزب هللا» إلى أين؟! أحسب أنَّــه ال يختلف اثنان على طبيعة دور إســـرائـــيـــل، وبـــالـــذات تـحـت قـيـادتـهـا الــحــالــيــة، في الـجـريـمـة املـتـمـاديـة املـرتـكـبـة فــي غـــزة، ثــم توسيع إطارها ومفاقمتها تدميريًا في لبنان. هــــذا أمــــر ال يــحــتــاج إلــــى تـــســـاؤل أو تـشـكـيـك، وبـــــــاألخـــــــص، أن الـــفـــلـــســـطـــيـــنـــيـــ والـــلـــبـــنـــانـــيـــ «موعودون» بما هو أسوأ. وفي املقابل، ال بد من رصد الواقع التقسيمي لــلــوحــدة الفلسطينية الــــذي رَعـــتـــه إيـــــران، وأيـضـ ســعــي إيــــــران الـــــــدؤوب عــلــى فــصــل مُــــكــــوّن لـبـنـانـي إساسي عن املكوّنات األخرى... وإبعاده عن خيمة الدولة وسيادتها. عـنـدمـا فُــــرض الـتـجـديـد لـرئـيـس الـجـمـهـوريـة اللبناني األسـبـق أمـيـل لـحـود، كــان السبب املعلن لـــ«قــوى األمـــر الـــواقـــع» أنـــه «الـشـخـص الــقــادر على منع املــؤامــرة املـهـدَّد بها لـبـنـان». وفــي حينه، كان الــلــبــنــانــيــون يـــتـــداولـــون مُــســمــى «الـــنـــظـــام األمــنــي السوري اللبناني» لوصف تلك «القوى»، من دون أن يدفعهم فضولهم للتنقيب أعمق في هوية ذلك النظام، الـذي لم يكن «سـوريـ لبنانيًا» إال باالسم واألدوات املــنــفـذة. وذلــــك، ألن ذلـــك «الــنــظــام»، كما كشفت األيام واألحداث الحقًا، كان جزءًا من مشروع استراتيجي إيراني للهيمنة والتقاسم اإلقليمي. مــن جـهـة أخــــرى، مــا كـــان ممكنًا تـسـويـق هـذا املـــشـــروع االســتــراتــيــجــي بـصـفـتـه «اإليـــرانـــيـــة» وال أحلم «هيمنته التقاسمية» – مع إسرائيل تحديدًا – ولذا رست األمور على عنوان وطني برّاق وجذّاب يستحق التضحية من أجله هو... «املقاومة». أكيد، الـعـنـوان كــان لـه مـا يــبــرّره، إذ إنــه كـانـت فـي لبنان حينذاك «أرض محتلة» في جنوبه، وكانت سماؤه فضاء مفتوحًا للطيران الحربي اإلسرائيلي، كما كان عند اللبنانيني جروح وآالم وذكريات... بقدر ما كان عندهم تعاطف مع أشقائهم الفلسطينيني والعرب الجوالنيني الذين عانوا، وما زالوا يعانون، من ظلم االحتلالت اإلسرائيلية. 1968 وهــــكــــذا، مـثـلـمـا هــــب الــلــبــنــانــيــون عــــام الحتضان املـقـاومـة الفلسطينية، فإنهم تعاطفوا مع «حزب الله» عندما كان يؤدي واجبه «املقاوم» الـفـعـلـي... قبل االنـسـحـاب اإلسـرائـيـلـي مـن جنوبه . إال أن االجــتــهــادات السياسية تغيّرت 2000 عـــام ، وأخذت تظهر ولو بخجل «ملمح» 2000 بعد عام تـنـفـيـذ مـــشـــروع الـهـيـمـنـة والـــتـــقـــاســـم، الـــــذي بــــرّره أصحابه بدعم «املـقـاومـة» والـتـصـدّي لــ«املـؤامـرة» عليها. وكما سبقت اإلشـــارة، كـان فـرض التجديد «محطته األولى» 2004 ) للحود في سبتمبر (أيلول الــداعــي إلــى منع 1559 أمـــام خلفية الــقــرار األمـمـي التدخل الخارجي فـي لبنان. وفـي الشهر التالي، جرت محاولة اغتيال الوزير مروان حمادة، حليف كل من رفيق الحريري ووليد جنبلط، التي كانت «رسـالـة مبكّرة» ملن يهمّه األمــر! «املحطة الثانية» كــانــت تـصـفـيـة رفــيــق الــحــريــري نـفـسـه فـــي فـبـرايـر ، التي أطلقت تداعيات زلزالية شملت 2005 ) (شباط موجة اغتياالت فظيعة، أدّت بدورها إلى انسحاب القوات السورية من لبنان. وكـــــــان ذلــــــك االنــــســــحــــاب مـــــؤشـــــرًا لــــ«املـــحـــطـــة الـــثـــالـــثـــة»، أال وهــــي تـــولّـــي «حـــــزب الـــلـــه» الـسـلـطـة الـفـعـلـيـة صـــراحـــة بـعـد انــتــفــاء الـــضـــرورة للتمويه بـــ«الــنــظــام األمــنــي الـــســـوري الـلـبـنـانـي». ولـــم يطل الـوقـت، حتى أزفــت ساعة «املحطة الـرابـعـة»، التي »، وهي حرب أنهت أي «وهم» 2006 تمثّلت بـ«حرب يقول بأن «حزب الله» تنظيم لبناني املبدأ والوالء واملرجعية... غايته «املقاومة». وتأكد هـذا الواقع سلحه، املوجّه 2008 املؤلم عندما حوّل الحزب عام ، إلــى الــداخــل الـلـبـنـانـي... فغزا 2006 جنوبًا حتى بيروت وحـاول غزو جنوب جبل لبنان، مستعديًا بذلك مـكـوّنـات طائفية ومذهبية لبنانية كــان في غنى عن استعدائها. مع هـذا، في «املحطة الخامسة»، مع انكشاف أبـعـاد املـشـروع اإليـرانـي ودور الـحـزب فيه، تحوّل إلـى أداة قتل وتنكيل 2011 سـاح «املـقـاومـة» عـام وتهجير في سوريا، حيث اتهم مقاتلو «حزب الله» بارتكاب العديد من املجازر وعمليات التهجير في عـمـوم املـنـاطـق... اآلن، نحن مـع مـا يُمكن اعتباره «املحطة الـسـادسـة»، أي عملية «طـوفـان األقصى» وتـداعـيـاتـهـا الـكـارثـيـة فلسطينيًا ولـبـنـانـيـ، التي أسقطت وفضحت العديد من الفرضيات والنيّات. مخطّطو العملية ومنفذّوها و«إسناديوها»، إمّا غفلوا عـن حقائق أسـاسـيـة، أو تجاهلوها عمدًا، خــدمــة لــ«مـشـغّــلـيـهـم»، فــي طليعتها حـقـيـقـتـان: - الحكومة اإلسـرائـيـلـيـة الحالية هـي األكـثـر تطرفًا فــي تــاريــخ إســرائــيــل ويــقــودهــا أكـثـر قـادتـهـا عـــداء وحـــقـــدًا وأقـــلـــهـــم اكـــتـــراثـــ بــتــســويــات ســلــمــيــة، كما تـضـم وزيـــريـــن غايتهما املـعـلـنـة «الـتـرانـسـفـيـر». - تنفيذ العملية ضـد مدنيني إسرائيليني فـي سنة انـــتـــخـــابـــات رئـــاســـيـــة أمـــيـــركـــيـــة، مــــا يــعــنــي عـبـثـيـة تـوقّــع أي ردع أميركي ألي عـــدوان تهجيري يشنه بنيامني نتنياهو وجنراالته. ثم إنه حتى إذا توهّم املخطّطون واملنفّذون أن املناخ اإلقليمي قد يُربك رد الفعل اإلسرائيلي، ها هو رد الفعل - بعد قرابة سنة - يقتصر على «إسناد» قليل الفاعلية من تنظيمات تـابـعـة إليــــران، مـقـابـل كـــام متناقض ومـــنـــاور، بل وتنازلي، من القيادة اإليرانية. الصورة اآلن داخل األراضي الفلسطينية تشمل تهجير قطاع غزة، بعد تدميره، وتصفية بعض أبرز قادة «حماس»، وعلى رأسـهـم إسماعيل هنية ومحمد الضيف وصالح العاروري... وفي لبنان، ضرب البُنى االتصاالتية لــ«حـزب الـلـه»، وتصفية عــدد مـن «كــــوادر» نخبته العسكرية واألمنية، بجانب تهجير ألوف املواطنني الجنوبيني. ومقابل ذلك، في طهران، يُفتي املرشد األعـلـى بـ«التراجع التكتيكي»، ويبشّرنا الرئيس اإليـرانـي مسعود بزشكيان، قبل زيـارتـه للواليات املــتــحــدة، بـــأن «اإليــرانــيــ واألمـيـركـيـ إخـــوة وال عداء بينهم!!». وهـــــكـــــذا، يـــبـــلـــغ املـــــشـــــروع اإليــــــرانــــــي مــرحــلــة مـتـقـدّمـة. لـقـد اسـتـغـلـت طــهــران «أدواتــــهــــا» - التي طاملا غرّرت بحواضنها الشعبية – من أجل تحقيق مـشـروع الهيمنة والجلوس إلـى طـاولـة التفاوض مع إسرائيل وأميركا لتقاسم النفوذ... على حساب الدم العربي واإلنسان العربي واملستقبل العربي. لـكـن الـــوقـــت، بــاعــتــقــادي، لــم يَــفُــت بـعـد عـلـى عــودة «حـمـاس» إلـى قضية شعبها... و«حــزب الله» إلى كنف دولته.

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==