issue16735

يفكر كثير من السودانيني في أوضاع الحرب الحالية، وفي كيفية تجاوزها، وتعمل مجموعات سياسية ومدنية وعسكرية مهتمة على بحث ومناقشة سبل وقف الحرب. باملقابل، فإن من الضروري التفكير في أوضاع ما بعد الحرب، والتجهيز ملواجهة كثير من القضايا املعقدة، ومنها مصير البنادق املتعددة من حركات مسلحة وميليشيات متعددة وكتائب جهادية. خـريـطـة حـمـلـة الــبــنــادق فـــي الـــســـودان مـعـقـدة ومـتـحـركـة، وتــــحــــتــــاج لـــتـــحـــديـــث مــســتــمــر ملـــعـــرفـــتـــهـــا ودراســــــــــة أوضـــاعـــهـــا وتوجهاتها، ومن ثم وضع تصورات لكيفية التعامل معها بعد نهاية الحرب. هناك الجيش الرسمي، القوات املسلحة السودانية، وهناك اتفاق عام على أنه يجب أن يكون املؤسسة العسكرية الوحيدة في الـبـ د، وهـو الجيش القومي املـوحـد. الخالف الوحيد هنا هو أن بعض القوى املدنية تقول إن املؤسسة العسكرية تحتاج لعملية إصالح شاملة وجذرية تعيد تأسيس عقيدتها الوطنية، وتـعـيـد لـهـا قـومـيـتـهـا وتـبـعـد عـنـهـا الـعـنـاصـر الــفــاســدة وذات االنتماء السياسي واآليديولوجي. ثم هناك الطرف اآلخر في الحرب، «قـوات الدعم السريع»، وهي ليست كتلة متماسكة كما يبدو للبعض، فمع بداية الحرب انضمت لها مجموعات قبلية مسلحة لم تكن جــزءًا منها قبل الحرب، مثل مجموعة «كيكل»، ولديها أجندتها الخاصة، وال يعلم أحد مدى التزامها بقرارات القيادة، خاصة لو تم التوصل لـوقـف إطـــ ق الـنـار أو وقــف الـعـدائـيـات تمهيدًا التـفـاق السالم الشامل. فـي التحالف الـعـريـض مـع الجيش هـنـاك بـنـادق متعددة وذات أجندة مختلفة، هناك أوال الحركات املسلحة املوقعة على اتفاق سالم جوبا، ومعظمها من دارفــور. هناك «حركة تحرير السودان»/ مناوي، و«حركة العدل واملساواة»/ جبريل إبراهيم، و«حـركـة تحرير الــســودان»/ مصطفى طمبور، وانشقاقات من املجلس االنتقالي الذي يقوده دكتور الهادي إدريس، و«تجمع قوى تحرير السودان» بقيادة الطاهر حجر، وما تبقى من قوات «الحركة الشعبية» بقيادة مالك عقار. ويـــضـــم الـــتـــحـــالـــف أيـــضـــا املـــجـــمـــوعـــات الـــتـــابـــعـــة لـلـحـركـة اإلســ مــيــة، بمسميات مـتـعـددة، منها كـتـائـب الــبــراء بــن مالك والـزبـيـر بـن الــعــوام وغـيـرهـا، ومـجـمـوعـات االسـتـنـفـار الشعبي في الواليات التي يقودها املنتمون للحركة اإلسالمية. ولهؤالء عـــ قـــة مــعــقــدة مـــع قـــيـــادة الــجــيــش، لــديــهــم فـــي الـــوقـــت الـحـالـي مصلحة مشتركة فــي مـواجـهـة «قــــوات الــدعــم الــســريــع»، الـعـدو املشترك، وإزاحـة القوى املدنية من الصورة، وقفل الطريق أمام عودتها. لكن في الوقت نفسه هناك اختالف في األجندة وفي تـصـورات مـا بعد الـحـرب. وال يـصـدق أحــد أن تستسلم كتائب الحركة اإلسالمية بسهولة ألي اتفاق يتوصل إليه الجيش مع «الدعم السريع»، ويلقي أفرادها السالح ويعودوا ملنازلهم دون أن يضمنوا النصيب األكبر في السلطة. وهــنــاك حــركــات مسلحة فــي دارفـــــور وجــنــوب كـــردفـــان لم تـدخـل فـي الـحـرب بوصفها طـرفـا رئيسيا، لكنها تتحرك على هوامشها، مثل «حركة تحرير السودان»/ عبد الواحد، واملجلس االنتقالي، و«تجمع قوى تحرير السودان»، ثم «الحركة الشعبية شمال» بقيادة الحلو في جبال النوبة. الـوجـود املسلح األكثر تعقيدًا هو ذلـك املـوجـود في شرق الــــســــودان. هــنــاك وجــــود ملــجــمــوعــات تـنـتـمـي لــحــركــات مــنــاوي وجبريل وطمبور في معسكرات بمنطقة القضارف، ومناطق أخرى، لكن الجديد هو املجموعات املسلحة التي تتبع ملكونات اجتماعية مـن شــرق الــســودان، ومعظم معسكرات هــذه القوات مــوجــود داخـــل األراضــــي اإلريــتــريــة، وتـجـد دعـمـا مــن الحكومة اإلريترية. أولـــى الـجـمـاعـات «مـؤتـمـر الـبـجـا» بـقـيـادة مـوسـى محمد أحمد الذي أعلن قبل أشهر تخريج ثالثة آالف مقاتل يعتقد أن معظمهم ينتمي لقبيلة الهدندوة التي يتزعمها الناظر محمد األمني ترك. بعدها أعلنت «الجبهة الشعبية للتحرير والعدالة» بـقـيـادة األمـــ داؤود تـخـريـج دفـعـة مــن املـقـاتـلـ قُــــدرت بستة آالف مقاتل، وينتمي داؤود ومجموعته لقبيلة البني عامر. ثم تناسلت بعد ذلك الحركات املسلحة؛ فقد أعلنت «حركة تحرير شرق السودان» بقيادة إبراهيم عبد الله دنيا تخريج دفعة من املقاتلني ينتمون أيضا لقبيلة البني عامر، ثم جاء الـدور على الهدندوة الجميالب الذين أعلنوا ميالد الحركة الوطنية للعدالة والتنمية بقيادة الشيخ محمد طاهر بيتاي، وهـم على خالف قـديـم مــع الـنـاظـر تـــرك. وظــهــرت أخــيــرًا مـجـمـوعـة مـقـاتـلـة تتبع لقبيلة الرشايدة. لـــم تـنـخـرط املــجــمــوعــات املـسـلـحـة فـــي شـــرق الـــســـودان في الــحــرب الـحـالـيـة، ولـــم تــشــارك فـيـهـا، لــذلــك هــنــاك تــخــوفــات من أن تكون هـذه املجموعات تستعد لـجـوالت مقبلة فيما بينها، خـاصـة أن هـــذه املنطقة شـهـدت تــوتــرات ونـــزاعـــات قبلية. وقـد يكون مفهوما بالطبع في ظل سيادة ثقافة الحرب والعسكرة أن تظهر حركات مسلحة في مناطق كثيرة، لكن قيام هذه الحركات على أسـاس إثني وبخطاب قبلي واضـح يعطي مؤشرات تنذر بــالــخــطــر، وتــحــتــاج التـــخـــاذ احــتــيــاطــات ملــواجــهــة هــــذا الـخـطـر ومعالجة قضايا الشرق بعقالنية وواقعية شجاعة. في خطابه التلفزيوني املسجل، بعد «ضربة البيجر» التي تلقاها حـزبـه يـومـي الـثـ ثـاء واألربـــعـــاء املـاضـيـ ، قـــال حسن نصرالله، وبنبرة مكسورة: «إننا عقالنيون»، حيث أقر بالتفوق التكنولوجي إلسرائيل، ومبررًا ذلك بأن خلفها الواليات املتحدة والغرب، و«الناتو». كـمـا أكـــد نـصـرالـلـه أن تـفـجـيـرات «ضـــربـــة الـبـيـجـر» كـانـت «بالنسبة لنا ثقيلة ودامية، وكانت امتحانا كبيرًا لنا»، مضيفا: «ال شـك أنـنـا تعرضنا إلــى ضـربـة كبيرة أمنيا وعسكريا غير مسبوقة في تاريخ املقاومة وغير مسبوقة في تاريخ لبنان». وتعهد نصرالله بالرد قائالً: «بالنسبة للحساب العسير، فالخبر هو فيما سترونه ال فيما ستسمعون ونحتفظ به في أضـيـق دائــــرة»، إال أن حـزبـه تلقى بعد خطابه ضـربـة قاصمة، حيث صفت إسرائيل قيادات فرقة الرضوان باجتماع في قلب الضاحية. هـــذه الـضـربـات اإلسـرائـيـلـيـة املتتالية عـلـى «حـــزب الـلـه»، وخـــــ ل ثـــ ثـــة أيــــــام، تـــقـــول لــنــا أمـــــرًا واحــــــدًا، وهــــو أن بـنـيـامـ نتنياهو لم يغير الوقائع على األرض في غزة وحسب، بل إنه يغير في شكل وتركيبة «حزب الله». كـمـا أنـــه، أي نتنياهو، يـغـيـر؛ لـيـس قــواعــد االشـتـبـاك في لــبــنــان، وإنـــمـــا قـــواعـــد الـــحـــرب بـكـل املـنـطـقـة، حـيـث االســتــخــدام الـوحـشـي لــآلــة الـعـسـكـريـة، ولــعــب كــل أوراقـــــه االسـتـخـبـاراتـيـة املــؤثــرة، مـن خــ ل اسـتـهـداف قــيــادات كــان يُعتقد أنـهـم خطوط حمراء. حـــدث ذلـــك بـاغـتـيـال إسـمـاعـيـل هـنـيـة فــي طـــهـــران، وكـذلـك صالح العاروري، من «حماس»، وقيادي «حزب الله» فؤاد شكر، وبقلب الضاحية، والخميس املاضي، قامت إسرائيل بتصفية قيادات «الرضوان»، وعلى أعلى مستويات. نعم فارق التكنولوجيا واضح بني إسرائيل وخصومها، لكن فــارق الـقـوة واضــح أيـضـا، وحجم الـدعـم الـدولـي إلسرائيل أكــثــر وضـــوحـــا، خـصـوصـا واشــنــطــن، الــتــي أعـلـنـت عـــن إرســـال حاملة الطائرات «ترومان» إلى قبالة الساحل اللبناني. والقصة ليست أفعاال وحسب، بل إن هناك تصريحا الفتا ملستشار األمن القومي األميركي جيك سوليفان، أمس (السبت)، حيث قال إنه يشعر بالقلق حيال التصعيد بني إسرائيل ولبنان، لكنه أوضح أن قتل إسرائيل قياديا كبيرًا بـ«حزب الله» يحقق العدالة، بحسب «رويترز». وعليه، فهل حسن نصرالله، أو الحزب، عقالنيان كما قال؟ أشك! وليس حتى بمستوى عقالنية إيران التي تفعل املستحيل لتجنب مواجهة إسرائيل، وبالتالي جر الواليات املتحدة لهذه املعركة، وهذا هدف إسرائيلي واضح. ولذلك قال املرشد اإليراني إن التفاوض مع العدو مقبول، وإنــه ال ضير بالتراجع التكتيكي، وسمعنا الرئيس اإليـرانـي مسعود بزشكيان يقول: «باغتيال هنية، أرادت إسرائيل جرَّنا إلــى حــرب إقليمية، لكنَّنا مـارسـنـا ضبط الـنـفـس»، مـع وصفه لألميركيني بـ«اإلخوة». ولذا فإن نتنياهو يتحرك اآلن من أجل فرض واقع، وتغيير قــواعــد الـــصـــراع، ومــحــاولــة جــر واشــنــطــن لـلـمـعـركـة، والجميع يستوعب ذلـــك، بـمـا فيهم إيــــران، والــطــرف الـوحـيـد الــواقــع بني كـمـاشـة االســتــفــزاز، واإلهـــانـــات، ومـحـاولـة الـظـهـور بـالـقـوة هو «حزب الله». وهــــذه الــفــرصــة الــتــي يـبـحـث عـنـهـا نـتـنـيـاهـو، فـــإن وقـعـت الحرب املوسعة على لبنان فحينها يكون الحزب مدمرًا بنيويا، وإن لم تقع فإن نتنياهو يقود تغيير «حزب الله»، بل قل تدميره املمنهج. هذه الصورة الواضحة والتي ال يراها الحزب اآلن من هول الضربات والصدمات. تـرتـفـع الــيــوم أصــــوات لـبـنـانـيّــة، كانت أكــثــر خــوفــا وتـــــــردّدًا، مــطــالــبــة «حــــزب الــلــه» بـــالـــتـــوقّـــف عـــن مـــواصـــلـــة الــــحــــرب، وبــالــكــف عـن تعريض املدنيّني ملـوت مـجّــانـيّ. ذاك أن الـــذرائـــع كـلّــهـا تـسـاقـطـت، ونــظــريّــة «الــحــزب يــحــمــي لـــبـــنـــان» صـــــار مــــن بـــالـــغ الــصــعــوبــة الدفاع عنها، حتّى أن «لبنان»، بكل ما هو عـلـيـه مــن ضـعـف وإضـــعـــاف، بـــات يـمـلـك من القدرة على «حماية الحزب» ما يفوق قدرة الحزب على «حماية» لبنان. واالعـتـراف بالواقع دون مكابرة ليس ترويجا للهزيمة، وال انحيازًا إلى إسرائيل، بـــل هـــو رغــبــة فـــي وقــــف الــهــزيــمــة عــنــد حـــدّ، ووقـــــــف الـــقـــتـــل واملــــــــوت عـــنـــد املـــحـــطّـــة الــتــي بلغاها. فكل ما يحصل يأمر بذلك، ويحض على البحث عن كـل فرصة سياسيّة ال تزال متوفّرة ملغادرة املأساة التي تتمادى. فليس مـن معجزات فـي األفـــق، وهناك تــوازنــات قــوى قـد ال تعجبنا لـكـن ال بــد من التسليم بها، وبأن أحدًا لن يهبط من السماء لـتـعـديـلـهـا. والـــحـــال أن إســـرائـــيـــل تـتـصـرّف تصرّف وحش هائج ال يثنيه أي اعتبار عن ارتـكـاب املــجــازر، والـتـقـديـرات كلّها تتحدّث عن تصعيد كبير على الجبهة اللبنانيّة – اإلسرائيليّة، وهذا فيما بات واضحا تماما أن الـــرد العسكري املمكن ال يستطيع وقف ذلـــــك، تــمــامــا كــمــا ال يـسـتـطـيـع وقـــفـــه الـضـغـط الـسـيـاسـي والــدبــلــومــاســيّ، ال فــي غـــزّة وال في لبنان الـذي فقد كل أوراقــه في هذا امليدان. أمّا املاضون في تحميس «حزب الله» و»حماس»، وفـي إدانــة كـل دعــوة إلـى التوقّف عن مواصلة القتال، فال يفعلون غير التسبّب بمزيد من الدم والضحايا واملضي على الطريق التي أوصلتنا إلى ما وصلنا إليه. لقد احتل تعبير «الشماتة» موقعا معتبرًا في شبكة املشاعر التي أثارتها األيّام السوداء األخيرة املستمرّة. والشماتة، دون أدنـى شكّ، شـعـور مـريـض، خصوصا حـ تـطـال مدنيّني صـــدف أنّــهــم كــانــوا هـنـاك عـلـى مـقـربـة مــن هـذا الـتـفـجـيـر أو ذاك. لــكــن ألـسـنـا جـمـيـعـا مـرضـى بنتيجة هذا الوضع املزمن من تفشّي الكراهية والحقد في ما بني «األخـــوة»، وهـو ما فاقمته كثيرًا حــرب لـم تسند غـــزّة بـل صـدّعـت لبنان؟ وهل يمكن، لغير املالئكة، وهم قلّة، واملُداهنني، وهـــم كــثــرة، أن يستجيبوا لــدعــوات التضامن مع «حزب الله»، غاضّني النظر عن أنّه ساقهم إلـــى حـــرب كــهــذه غـصـبـا عـنـهـم، ولـــم يـكـن ذلـك لـلـمـرّة األولــــى، وهـــذا مــع الـعـلـم أنّــهــم عـارضـوا دائـــمـــا حـــروبـــه ووقــــفــــوا ضــــدّهــــا، واعــتــبــروهــا أكثر ما يعطّل قيام دولتهم وما يمنع إصالح سياستهم واجتماعهم. وقــد حصل ذلــك بعد تـــاريـــخ لـــم يـعـد قـصـيـرًا مـــن الـعـنـف واالغــتــيــال الـــلـــذيـــن طـــــاال لـــبـــنـــانـــيّـــ وســـــوريّـــــ كـثـيـريـن جـــــدًّا، نـاهـيـك عـــن أفـــعـــال الـتـشـهـيـر والـتـخـويـن وسواهما؟ والـيـوم، في ظـل تحريم كـل مراجعة وكل اعـــتـــراف، مــا الـــذي يمكن قـولـه لــرافــض الـحـرب بــوصــفــهــا حـــربـــا إيـــرانـــيّـــة – إســـرائـــيـــلـــيّـــة حني يـعـلـم أن الـسـفـيـر اإليــــرانــــي فـــي بـــيـــروت يحمل «الـبـايـجـر» الـــذي يحمله الــكــادر الـعـسـكـري في «حزب الله»؟ وهل يُفترض باللبناني «الوطني والشريف» أن يتحمّس ملوته في حرب إيرانيّة – إسـرائـيـلـيّــة؟ ومــا الـــذي يـقـال ألهــل الضحايا حــتّــى تفجير 2005 ) شــبــاط (فـــبـــرايـــر 14 مـنـذ مـرفـأ بـيـروت ومــا تـــ ه، مـمّــن طُــمـس التحقيق في جرائم موتهم، حني يعلن زعيم «حزب الله» أن التحقيقات بصدد ضحايا وسائل االتّصال عـلـى وشـــك أن تـنـتـهـي؟ ومـــــاذا يــقــال لـلـسـوري الـــذي ال يـقـرأ سـيـرة قـائـد عـسـكـري مــن الـحـزب إال ويكتشف أنّه شرب دم أخيه السوريّ؟ وهل يـكـفـي لــــرأب هـــذه الـــصـــدوع كـلّــهـا وقـوفـنـا «فـي وجه العدو الصهيونيّ» كما لو أن هذا الشعار طاقة سحريّة تُسلَّط على شعوب مسحورة؟ لكن رغم كل شيء، وكل ما يحصل، ال تزال حرارة التشهير والتخوين حتّى اليوم تنافس حــــرارة الـــســـ ح. ذاك أن املــطــلــوب هــو أن يقال مـا تقوله اآللــة الحربيّة وتوابعها بحذافيره. فـــإذا اسـتـمـرّت األمـــور العسكريّة فـي التدحرج نــحــو األســــــوأ لـــن يــتــبــقّــى لــنــا ســــوى أن نــــودّع العقل نهائيّا، فنعلن مـثـ أنّــنـا ننهزم لكثرة ما انتصرنا، وأنّــنـا نتراجع لشدّة ما تقدّمنا! وبهذا فقط نكون «وطنيّني شرفاء»! وأغـلـب الـظـن أن عمليّة قضم العقل هذه يُـــــراد لـهـا أن تـــتـــوّج كـــل مـــســـارات الـقـضـم الـتـي سبقتها وطـالـت سـائـر مستويات الـوجـوديـن الــخــاص والــعــامّ. وهـــذا إنّــمـا يـصـدر عـن تقليد عـريـق فـي ديـارنـا يمكن تسميته بالسيناريو القيامي املعكوس. فبحسب الرواية الناصريّة 1967 ) مـثـ ً، حصلت هزيمة حــزيــران (يـونـيـو فيما كانت تتفجّر اإلنــجــازات واملكاسب التي كان التشكيك بها يرقى إلى خيانة موصوفة، وبعد أن استعرضت سـوريّــا عبقريّة فـذّة عبّر عنها ذكـــاء حـافـظ األســـد، إذا بـسـوريّــا نفسها تتفسّخ وتنهار... لـكـن بـغـض النظر عـمّــا تنتهي إلـيـه هذه الكارثة املطنطنة، املغلّفة باالنتصارات املؤزّرة، يـبـقـى شــــيء واحــــــد: فــلــربّــمــا بــــدا ذات مـــــرّة أن اللبنانيّني مرشّحون ألن يغدوا شعبا واحـدًا، لكن املـؤكّــد أن هــذه الـحـرب قتلت مـا تبقّى من أمـــل بــذلــك. ولــســوء الــحــظ بـــات املــرجّــح بعدها أنّهم لن يغدوا. OPINION الرأي 12 Issue 16735 - العدد Sunday - 2024/9/22 األحد نتنياهو يغير «حزب هللا» مصير البنادق المتعددة بعد الحرب عن أيّام لبنان السوداء و«الشماتة» وأمور أخرى وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة إسرائيل تتصرّف تصرّف وحش هائج ال يثنيه أي اعتبار عن ارتكاب المجازر نتنياهو يتحرك اآلن من أجل فرض واقع وتغيير قواعد الصراع طارق الحميد ظهور حركات مسلحة في مناطق كثيرة على أساس إثني وبخطاب قبلي يعطي مؤشرات خطيرة فيصل محمد صالح

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==