issue16734

11 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS قالوا ASHARQ AL-AWSAT Issue 16734 - العدد Saturday - 2024/9/21 السبت األطراف الشيعية الحاكمة في العراق تواجه أخطر أزماتها يــمــكــن الــــقــــول إن الــعــمــلــيــة الــســيــاســيــة ،2003 الـتـي أسّــسـهـا الــوجــود األمـيـركـي عـــام بـعـد إســقــاط الـرئـيـس الـسـابـق صـــدام حسني سنة 21 ونظامه، لم تنتج حتى اآلن بعد مرور «نظامًا سياسيًا مؤسساتيًا». وهـــذا، مـع أن ما أُنتج «شكل نظام» يقوم على قواعد عمل ديمقراطية تحكمها انتخابات دوريـة ثابتة، وتـــفـــرز حـــكـــومـــات تــتــشــكّــل فـــي ضــــوء نـتـائـج االنــتــخــابــات. وصَـــــدَق هـــذا عـلـى االنـتـخـابـات األخـــيـــرة، الــتــي فـــاز فـيـهـا «الــتــيــار الــصــدري» بـزعـامـة رجــل الـديـن الشيعي الـشـاب مقتدى مقعدًا)؛ إذ 73( الصدر بأكبر عدد من املقاعد تمكّن الصدر من تشكيل الحكومة بـ«تحالف وطــــنــــي عـــــابـــــر» قـــــوامـــــه تـــــيـــــاره (الـــشـــيـــعـــي)، متحالفًا مــع كتلة سـنّــيـة كـبـيـرة تـضـم حـزب «تـــقـــدّم» بــزعــامــة مـحـمـد الـحـلـبـوسـي، وكتلة كــرديــة كـبـيـرة متمثلة بـالـحـزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بـارزانـي، ومع ذلــــك لـــم يـتـمـكـن مـــن تـشـكـيـل الــحــكــومــة الـتـي أرادها الصدر أن تكون حكومة غالبية وطنية «ال شـرقـيـة وال غــربــيــة» طـبـقـ لـلـشـعـار الـــذي رفعه، وهو األمـر الـذي أدّى إلى انسحابه من البرملان. هـــذا االنــســحــاب جـــاء مــع تـعـزيـز الـقـوى الـشـيـعـيـة املــعــارضــة لــه مـكـانـتـهـا. ولــكــن هـذا التطوّر لم يترجَم إلى تحوّل هذه القوى إلى كتلة سياسية تعمل بـمـوجـب نـظـام داخـلـي وســيــاقــات عـمـل تنظيمية واضـــحـــة املـعـالـم. وللعلم، تنضوي هذه القوى في كتلة «اإلطار التنسيقي» التي تضم أبــرز الـقـوى الشيعية املعروفة مثل: «دولـة القانون» بزعامة نوري املالكي، و«فيلق بدر» بزعامة هادي العامري، و«عـــــصـــــائـــــب أهــــــــل الــــــحــــــق» بـــــزعـــــامـــــة قــيــس الــخــزعــلــي، وتـــيـــار «الــحــكــمــة» بــزعــامــة عــمّــار الحكيم، و«الـنـصـر» بزعامة حيدر العبادي، وشخصيات شيعية أخرى مثل فالح الفيّاض وهمام حمودي. الخوف من السوداني بـــعـــد انـــســـحـــاب الـــــصـــــدر، الــــــذي «تــــرك الجمل بما حمل» لقوى «اإلطار التنسيقي»، اخـتـارت األخـيـرة محمد شـيّــاع الـسـودانـي، املــهــنــدس الــــزراعــــي ورجــــل الــــدولــــة، لــيــرأس الحكومة. وميزة السوداني لجهة اختالفه عــن مـعـظـم الــقــيــادات الـعـراقـيـة الــتــي تـولّــت مناصب عليا، بما فيها رئـاسـة الحكومة، أنــه تـــدرّج فـي الوظيفة العمومية مـن أدنـى مــســتــويــاتــهــا إلــــى أعــــ هــــا؛ إذ بــــدأ مـوظـفـ زراعـــيـــ فـــي زمـــن صــــدام حــســ ، ثـــم أصـبـح قـائـمـقـامـ ألحــــد أقــضــيــة مـحـافـظـة مـيـسـان بـــعـــد عـــهـــد صــــــــدام، ثــــم مـــحـــافـــظـــ ملـــيـــســـان، وزارات قبل تكليفه بتشكيل 5 فوزيرًا لنحو .2022 الحكومة أواخر عام أيــــــضــــــ مـــــــن املُــــــــفــــــــارقــــــــات فـــــــي وضـــــع الـسـودانـي أنــه رُشّـــح لـرئـاسـة الحكومة مع أن كـتـلـتـه تـضـم نـائـبـ فـقـط فـــي الــبــرملــان، وكـــذلـــك أنــــه حــقــق سـلـسـلـة نــجــاحــات خــ ل الـسـنـتـ األخــيــرتــ ، بـــدأت تثير املـخـاوف لدى األوساط السياسية الشيعية. فالرجل نجح فـي إنـجـاز نسب كبيرة مـن برنامجه الـحـكـومـي، وحـــاز رضًـــى سياسيًا ووطنيًا عامًا تمثّل بدعم كامل من قبل العرب السنّة والــكــرد. وفــي املـقـابـل، صــار الـخـوف األكبر لدى قوى «اإلطـار التنسيقي» هو أن يشكّل الـــســـودانـــي فـــي أي انــتــخــابــات مـقـبـلـة كتلة كبيرة تهدّد مكانة العديد من تلك القوى، وقد تمهّد لحصوله على واليـة ثانية. وما حصل أخيرًا على صعيد ما سُمّي بـ«شبكة جــوحــي»، الـتـي على أثـرهـا اعـتُــقـل عــدد من املوظفني في مكتب السوداني، خلط األوراق كثيرًا داخل املكوّن الشيعي بالدرجة األولى. حـــول هـــذه املــســألــة، بـــالـــذات، ال عالقة لـلـكـرد والـــعـــرب الـسـنّــة بــهــذه الـقـصـة، التي تــتــضــمّــن تــســريــبــات صــوتــيــة وتـسـجـيـ ت تــتــعــلّــق بـــقـــيـــادات شــيــعــيــة. وهـــــو مــــا عــــدّه كــــثــــيــــرون بـــمـــثـــابـــة تـــهـــديـــد لـــلـــمـــكـــانـــة الــتــي يحتلها موقع رئيس الحكومة فـي العراق بوصفه املنصب التنفيذي األول في البالد. وبغض النظر عـن كــون التسريبات - التي هي اآلن أمـام القضاء - محصورة بقيادات شــيــعــيــة فـــقـــط، فـــــإن أي تـــأثـــيـــر عـــلـــى مــوقــع رئــــاســــة الـــحـــكـــومـــة قــــد يــــؤثــــر عـــلـــى مـجـمـل العملية السياسية، وبالتالي يُلحق الضرر بـالـقـوى السياسية مـن مختلف املـكـوّنـات. وفــي هــذا الـسـيـاق، مـع أنــه لـم تظهر نتائج الـتـحـقـيـقـات فـــي هـــذه الـقـضـيـة بــعــد، تُــبـذل حاليًا مساع مستمرة بني القيادات الشيعية للملمة األمر ومنع توسّعه؛ ألن من شأن أي تداعيات أخرى لهذا امللف تهديد الحاكمية الشيعية بالدرجة األولى، التي باتت تعاني اآلن أخـطـر أزمـــة مـنـذ تـولّــيـهـا السلطة عـام .2003 صمت الصدر لتاريخه، لم يعلّق مقتدى الصدر على ما حصل خالل األيام األخيرة داخل «البيت الشيعي»، الذي يُعد هو وتياره الكبير جزءًا أسـاسـيـ مـنـه، حـتـى وإن لــم يـعُــد جـــزءًا من كتلة «اإلطـــار التنسيقي» التي شُكّلت بعد . وللعلم، 2021 انسحاب الصدر أواخـر عام كان «البيت الشيعي» قد مر خالل العقدين املـــاضـــيـــ مــــن الــتــغــيــيــر فــــي الــــعــــراق بــعــدة مـــراحـــل عـلـى صـعـيـد الـــوصـــف الــــذي يـحـدّد مكانته داخل العملية السياسية في العراق. في املرحلة األولى، بعد تغيير النظام، تــشــكّــل مـــا سُـــمّـــي «الـــبـــيـــت الــشــيــعــي» الـــذي بـرز فيه رئيس «املؤتمر الوطني العراقي» )، مع 2015 الراحل أحمد الجلبي (تُوفّي عام أن الجلبي تـــرأس تجمّعًا سياسيًا طابعه الـــعـــام عـلـمـانـي. غـيـر أن قـصـة «الــبــيــت» لم تستمر طويال بعد تراجع أهمية الجلبي، الـــــــــذي كــــــــان يــــــــرى دوره هــــــو األهـــــــــم عــلــى صـعـيـد إقـــنـــاع األمــيــركــيــ بــإســقــاط نـظـام صـــدام حـسـ ؛ ذلــك أنــه بعد بـــروز األحـــزاب اإلسالمية التقليدية، مثل «حــزب الـدعـوة» و«املــــجــــلــــس األعــــلــــى لــــلــــثــــورة اإلســــ مــــيــــة» و«التيار الصدري» و«بدر» و«عصائب أهل الـــحـــق»، بـقـي الـجـلـبـي عـلـى الــهــامــش حتى . وإثر 2015 وفاته املفاجئة والغامضة عام انتهاء ما سُمّي «البيت الشيعي» األصلي، شُـــكّـــل «االئــــتــــ ف الـــعـــراقـــي املــــوحّــــد» الـــذي ،2005 حصد معظم نتائج انتخابات عــام ومن بعده تشكل «التحالف الوطني» الذي .2018 انتهى عمليًا عام ثم، بعد املظاهرات الكبرى، في أكتوبر ، انقسمت القوى 2018 (تشرين األول) عـام الشيعية، خـصـوصـ، بعد صـعـود «التيار الصدري» وزعيمه مقتدى الصدر، الذي ظل ؛2021 يتصدر نتائج االنتخابات حتى عام مقعدًا. وبعدما انسحب، 73 إذ حصل على اضـــطـــرت الـــقـــوى الـشـيـعـيـة إلــــى تــكــويــن ما يُطلق عليه اليوم «اإلطار التنسيقي» كجهة تنسيقية تـــوحّـــد مـــواقـــف الـــقـــوى الشيعية الـرئـيـسـيـة، وهـــي عمليًا الـكـتـلـة الـبـرملـانـيـة الكبرى تمثيال التي جاءت برئيس الوزراء الحالي السوداني. زعـيـم «الـتـيـار الـــصـــدري»، الـــذي يُنظر إلـــيـــه كــقــائــد ألكـــبـــر تـــيـــار شــيــعــي، لـــم يعلن بعد موقفًا واضـحـ مـن إمكانية مشاركته فـي االنـتـخـابـات املـبـكـرة. لكنه عندما أعلن الـــعـــام املـــاضـــي عـــن تـغـيـيـر تـسـمـيـة «الـتـيـار الــصــدري» إلــى «الـتـيـار الوطني الشيعي»، شــعــرت الـــقـــوى الـسـيـاسـيـة - وفـــي مـقـدّمـهـا الــقــوى الـشـيـعـيـة - أنـــه عــائــد ال مـحـالـة إلـى .2025 االنتخابات املقبلة املقررة بنهاية عام لـكـن األهــــم أن الــصــدر لــم يـعـلّــق عـلـى أقــوى «هـــزّة» تعرض لها البيت الشيعي الحاكم ، والتي تمثلت بسلسلة من 2003 منذ عـام الفضائح املالية والسياسية غير املتوقعة بالطريقة الـتـي حصلت بها أو تداعياتها املنتظرة. ومع أن الحراك السياسي خالل السنة قبل األخيرة من حكم السوداني اتجه نحو االنـــتـــخـــابـــات، ســــــواء كـــانـــت مـــبـــكـــرة أو فـي مـوعـدهـا بنهاية الـعـام املقبل - فـضـ عن الجدل حول القانون االنتخابي - فإن القاسم املشترك على صعيد هذا الحراك هو الصدر. وهــــذا مـــع أن الـــصـــدر، كـمـا ســبــق، لـــم يعلن رسميًا اعتزامه املشاركة في االنتخابات، ال هو شخصيًا وال أي من القيادات الصدرية املعروفة. «اإلطار التنسيقي» أما «اإلطاريون»، قبيل سلسلة الهزات التي لحقت بهم أخيرًا، فكانوا يتسابقون عـلـى تـقـديـم مــا يــبــدو «رغـــبـــات قــويــة» في التحالف مع الصدر، وعلى رأسهم «دولة الـقـانـون» بزعامة املـالـكـي... الــذي يــرى أن الخطر األكبر عليه في االنتخابات املقبلة يأتي من السوداني ال من الشركاء اآلخرين في «البيت الشيعي». وللتذكير، الـسـودانـي كــان محسوبًا عــلــى «دولـــــة الـــقـــانـــون» و«حـــــزب الـــدعـــوة» قبيل انشقاقه عـن املـالـكـي، إال أنــه تحوّل اآلن إلــى رقـم صعب بعد النجاحات التي حـقـقـهـا كـرئـيـس لـلـحـكـومـة؛ ولــــذا تـحـاول الـــــقـــــوى الـــشـــيـــعـــيـــة املــــنــــافــــســــة الـــــحـــــد مــن قـــوتـــه بــعــد ظـــهـــور «شــبــكــة جــــوحــــي». من جــهــة أخـــــرى، فـــي حــــال نــســج تــحــالــف بني الـسـودانـي والـصـدر، فـإن هـذا يعني بـروز ائتالف كبير ولو كان تحت اسم «شيعي»، قـد يـكـرّر تجربة «الـتـحـالـف الـثـ ثـي» بني الـصـدر والــبــارزانــي والـحـلـبـوسـي... الـذي فشل بسبب «الثلث املعطّل». مـــع هــــذا، املـتـغـيـر األهــــم عـلـى صعيد هذه املسألة أن خطورتها لم تعُد تقتصر على املالكي وائتالفه، بل تشمل كل قوى «اإلطـــــار الـتـنـسـيـقـي». وبـالـفـعـل، انـدفـعـت قــــيــــادات «اإلطـــــــار» إلــــى الــبــحــث عـــن نـقـاط خلل فـي أداء الـسـودانـي وتطلعاته، بـدءًا بـقـضـيـة انــســحــاب الـــقـــوات األمــيــركــيــة من الــــعــــراق، ومـــــــرورًا بـسـلـسـلـة مـــن الـقـضـايـا األخــــــــرى، ووصــــــــوال إلـــــى «ســــرقــــة الـــقـــرن» وهروب نور زهير (املتهم الرئيسي فيها) وتأجيل محاكمته، األمر الذي عدّته بعض قـــوى «اإلطــــــار» خــلــ تتحمل مسؤوليته الحكومة. وهكذا، جاءت قصة التسريبات فــــي مــكــتــب رئـــيـــس الـــحـــكـــومـــة «هــــديــــة مـن الــســمــاء» لـبـعـض الـــقـــيـــادات الـشـيـعـيـة في «حربها» على السوداني. السوداني مع بزشكيان في بغداد (رويترز) على الـرغـم مـن كونها أكثر كتلة برملانية عــددًا وتنتمي إلـى املـكـون املذهبي األكـبـر فـي الـبـاد، ال تبدو قـوى «اإلطــار التنسيقي» التي تمثّل الحاكمية الشيعية في العراق في أحسن حاالتها؛ ففي الوقت الذي ال يمر أي رئيس جمهورية أو رئيس بـرملـان إال مـن خــال موافقتها، ســـواء كـانـت داخـــل البرملان كونها األكثرية في البرملان، أو بالفضاء الوطني كون الشيعة يمثلون غالبية عدد سكان العراق؛ فإن أصعب املشاكل التي بدأت تعانيها ليست مع الشركاء (الكرد والعرب السنّة) مثلما ، بل 2003 كانت عليه الحال عقب سقوط النظام السابق عام من داخلها. يعرف مُتابع الشأن العراقي أن القوى الشيعية تحتكر املنصب األول في الـدولـة، أال وهـو رئاسة الحكومة، وهذا احتكار عُرفي ال وجود له في الدستور. والشيء نفسه ينطبق عـلـى مـنـصـب رئــيــس الـجـمـهـوريـة املـحـجـوز لـلـكُــرد، ورئـاسـة البرملان املخصّصة للعرب السنّة. بيد أن الخلف بشأن منصب رئيس الـــوزراء داخـل أوســاط القوى الشيعية دب منذ أيام رئيس الـوزراء السابق مصطفى الكاظمي؛ ذلك أن الكاظمي جاء عقب مظاهرات كبرى هزّت النظام السياسي في البلد، وأدّت فضل عن استقالة رئيس الــوزراء األسبق عـادل عبد املـهـدي، إلـى سقوط مئات القتلى وعـشـرات آالف الجرحى، معظمهم من املناطق و«الحواضن» الشيعية التي تقول الحاكمية الشيعية إنها تمثّلهم. والـحـال أن األوضــاع السياسية فـي الــعــراق، أثّـــرت كثيرًا على البعد االجتماعي والـوطـنـي، وعـبّــرت عنها الـشـعـارات الـتـي رفعتها مظاهرات تشرين األول (أكتوبر)، وأبرزها: «نريد وطنًا». بعد عقدين من إسقاط حكم صدام حسين بغداد: حمزة مصطفى هدية خامنئي... وصواريخ بزشكيان * تتواصل داخل «البيت الشيعي» العراقي مساعي احتواء أزمة التسجيالت التي يمكن أن تضعف القوى الشيعية، بل وتهدد مكانتها في قيادة البالد. وبالتوازي، عقدت »، اجتماعًا لها أخيرًا بمناسبة قرب ذكرى االنتفاضة، 2018 قوى «انتفاضة تشرين عام لبحث مسار عملها املستقبلي. وبينما كانت أنظار الجميع تتجه نحو زيــارة الرئيس اإليـرانـي مسعود بزشكيان إلـى الـعـراق، كـأول محطة له بعد تسلمه منصبه، بُذلت وتُــبـذل مـحـاوالت الحـتـواء قضية التسريبات أو هروب املتهم الرئيسي بما سُمّي «سرقة القرن»، واالتهامات التي وجّهها رئيس «هيئة النزاهة» حيدر حنون إلى القضاء بتعطيل مسار عمل الهيئة اتخذت سياقات مختلفة. وفـي حني سعت قـيـادات شيعية إلـى احـتـواء األزمــة تمامًا والـخـروج منها بأقل الخسائر، مع االستمرار في دعم الحكومة ورئيسها محمد شياع السوداني، فإن أطرافًا شيعية أخـرى داخـل «البيت الشيعي» إمـا تميل إلـى تقليص صالحيات رئيس الحكومة ورفض منحه والية ثانية، أو ترفض أي طروحات ال تذهب باتجاه إقالة السوداني. مع أن شيئًا من ذلك لم يظهر إلى العلن، فهذا ما يدور في الغرف السرية للقيادات الشيعية. وإذا كان بعض هذه القوى ينتظر قرارات القضاء كي يحدد موقفه النهائي، فإن املسار العام لألحداث، طبقًا لكل املؤشرات، يتجه نحو التهدئة، ال سيما عقب الزيارة التي قام بها إلى العراق الرئيس اإليراني مسعود بزشكيان. زيارة بزشكيان يراها خصوم السوداني الشيعة أنها تصب في مصلحته، غير أن هـذه الـقـيـادات أيـ كانت مكانتها فـي الـعـراق ال تستطيع فـي النهاية التأثير فـي القرار اإليــرانــي. ومــن جانب آخــر، لـم تخل زيـــارة بزشكيان مـن مـفـارقـات، منها مـا لها دالالت رمزية مهمة واألخرى خطيرة. فمن ناحية، ما إن هبطت طائرة بزشكيان واكتملت مراسم االستقبال الرسمية، حتى تلقى رئيس الـوزراء العراقي هدية نادرة من املرشد اإليراني علي خامنئي حملها إليه الرئيس اإليراني. والهدية هي عبارة عن لوحة مكتوبة باللغة العربية من خامنئي شخصيًا يشيد فيها بالجهود التي بذلتها الحكومة العراقية في تأمني زيارة محرم األخيرة، ال سيما املعاملة الحسنة للزوّار اإليرانيني، وهو ما اعتبره مراقبون بمثابة رضًى إيراني كامل ومن أعلى سلطة (أي سلطة املرشد) عن السوداني. مقابل ذلك، قبيل هبوط طائرة الرئيس اإليراني في مطار بغداد بساعات معدودة، استُهدف موقع دعم لوجستي تابع للسفارة األميركية في بغداد ضمن املطار نفسه. وأدى ذلك إلى إرباك قوي، وإثارة عشرات التساؤالت حول مَن هو املستفيد من إفشال الزيارة ما دام الرئيس اإليراني قريبًا من الفصائل املسلحة. وفي هذا السياق، رأت «كتائب حزب الله» - إحـدى أبـرز هـذه الفصائل - على لسان الناطق باسمها أن الضربة الصاروخية على املطار عشية زيارة بزشكيان تهدف إلى التأثير سلبًا على الزيارة، داعية بغداد إلى التحقيق فيما حدث. «بـالـنـسـبـة لـنـا فــي املـمـلـكـة (األردنــــيــــة)، اتـفـاقـيـة الـسـ م مـــوجـــودة مـنـذ عــقــود ووُظّـــفـــت لـخـدمـة الـشـعـب الفلسطيني. وبـمـوجـب هـــذه االتـفـاقـيـة اسـتـعـدنـا أراضــــي محتلة وثبتنا مواقف سياسية واضحة لنصرة الشعب الفلسطيني... نحن نوظّف هذه االتفاقية لحماية مصالح األردن ولخدمة الشعب الفلسطيني، وفي ضوء ما يجري أؤكد أن اتفاقية السالم هذه بـاتـت وثيقة يمألها الــتــراب، إذا نظرنا إلــى كـل مـا يمكن أن تتيحه االتفاقية من تعاون إلى غير ذلك، وهو متوقّف اآلن». أيمن الصفدي نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية األردن «مستوى املعاناة في غزة، ومـــســـتـــوى املــــوتــــى والـــــدمـــــار ال مثيل له في كل ما شهدته منذ أن أصـــبـــحـــت أمـــيـــنـــ عـــامـــ (فـــي )... الحقيقة هي أن ال شيء 2017 يبرر العقاب الجماعي للشعب الـفـلـسـطـيـنـي، وهــــذا مــا نشهده على نحو دراماتيكي في غزة». أنطونيو غوتيريش، األمين العام لألمم المتحدة «إننا (في السلطة الروسية) ندين بشدة الهجوم غير املسبوق عـلـى لـبـنـان الـصـديـق ومـواطـنـيـه، وهــــــــو يــــمــــثــــل انــــتــــهــــاكــــ واضــــحــــ لسيادته وتـحـديـ خـطـرًا للقانون الدولي من خالل استخدام أسلحة غــيــر تــقــلــيــديــة... ونـــنــاشـــد جميع األطراف املعنية بضبط النفس». ماريا زاخاروفا، الناطقة باسم وزارة الخارجية «مــــــا يــــحــــدث فــــي غــــــزة الــــيــــوم يـــمـــكـــن أن يــكــون الـفـصـل األخـــيـــر مـــن املـــأســـاة الــتــي يـعـيـشـهـا الشعب الفلسطيني، أو سيكون الفصل األول من واقـع أكثر مأساوية ملنطقتنا كلها... أقف على هذه املنصة، في هـذا املنعطف التاريخي واملــأســاوي، ألقــول للشعب الفلسطيني إن هناك تغييرًا سيأتي، وإن مصيرهم لـيـس مـعـانـاة وعــذابــ ال نـهـايـة لـــه، وإن الـحـريـة هي حقهم الطبيعي ومصيرهم». رياض منصور، السفير الفلسطيني لدى األمم المتحدة قيادات بـ«اإلطار التنسيقي» تريد البحث عن نقاط خلل في أداء السوداني وتطلعاته... بدءا بقضية االنسحاب األميركي

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==