issue16729

Issue 16729 - العدد Monday - 2024/9/16 الاثنين الإعلام 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز غالبية الأحزاب والقوى السياسية باتت تملكوسائل إعلامها الخاصة ترند «وسيلة إعلام استخباراتية»! العنوان أعـاه ليس لي، ولكنه لوزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، وقد استخدمه لوصف منصة «روسيا اليوم» (آر تي)، المملوكة للدولة الروسية، خلل إيجاز صحافي أدلى به يوم الجمعة الماضي. وأما سياق هذا الوصف، بما تضمنه من موقف حاد ومثير، فإنه يتعلق بالحرب المكتومة بين المعسكرين الـغـربـي والـــروســـي، الــتــي يــبــدو أنــهــا تـشـمـل وســائــل ومــجــالات شتى، ليس منها القتال المباشر بالسلح. ففي صراعات الأمم، يبرز لاعب تتطوّر أدواره باطراد، لكن جوهر مهمته لا يتغير... إنه الإعلم، الذي أدت التغيرات العالمية الفارقة، التي شهدت المزاوجة بين النصوص والصور من جانب وتقنية المعلومات من جانب آخر، إلى تعظيم تأثيره بدرجة غير مسبوقة. ومـــع تــزايــد قــــدرات الـبـث عـبـر الأقـنـيـة التقليدية، وطبيعة الـنـظـام الاتـصـالـي الــدولــي المنفتحة والــعــابــرة لـلـحـدود، فضلً عـن دور وسـائـط «الـتـواصـل الاجـتـمـاعـي» المـتـجـاوز لأي عائق، بـمـوازاة ازدهــار تقنيات الاختلق وتشويه الحقائق والتزييف العميق، بات الإعـام سلحاً لا غنى عنه، ولا تشكيك في قدرته على التأثير. وعـلـى عكس مـا يعتقد الـبـعـض، فــإن المعسكر الـشـرقـي لم يكن غائباً عن الاهتمام بــدور الإعــام المؤثر والمتصاعد، وكان الزعيم السوفياتي الـراحـل خروتشوف أكثر وضوحاً في ذلك؛ حين قال: «الصحافة سلحنا الفكري والآيديولوجي، فإذا كان الجيش لا يستغني عن السلح في القتال، فإن الحزب الشيوعي لا يستطيع القيام بأعماله فـي المـيـدان الفكري والآيديولوجي بغير سلح الصحافة». لــقــد انـــهـــار الاتـــحـــاد الــســوفــيــاتــي، لــكــن مـــع مـطـلـع الألـفـيـة الـــجـــديـــدة، ظــهــر رجــــل صــلــب وعــنــيــد، ســيــقــول الــعــالــم عــنــه إنــه «قيصر جديد»، وسيحاول إعـادة بناء روسيا الاتحادية لترث الإمبراطورية المنهارة، وسيعمل بـدأب في مجالات عديدة لكي يُصلّب عناصر قوة شاملة يمكنها أن تنهض بأعباء المواجهة وتــحــقــيــق الاخــــتــــراقــــات مـــع الـــعـــالـــم الـــغـــربـــي المــتــحــفــز والـــجـــوار «المراوغ». سيعمل فلديمير بـوتـ ، الـقـادم مـن عـالـم الاسـتـخـبـارات، على ملفات الاقتصاد والتماسك الوطني والسلح وبناء النفوذ الدولي والإقليمي، ولن يستثني الإعلم، الذي أظهر مهارة لافتة في تطويره وتعزيز قدراته. لـم تـنِ موسكو «البوتينية» نظاماً إعلمياً للدفاع فقط، لكنها طـــورت أدواتــــه الهجومية بشكل مـلـمـوس، وقـــد تحققت النتائج الـبـاهـرة بشكل فــاق الـتـوقـعـات، حتى سمعنا الـصـراخ يعلو في الغرب ومناطق أخـرى من العالم تنديداً وتحذيراً من الهجمات الإعـامـيـة الـروسـيـة الفعالة والمــؤثــرة، وهــي هجمات قامت «روسيا اليوم»، وبعضشقيقاتها بدور مؤثر فيها. يسود اعتقاد على نطاق واسع في الغرب، مشفوعاً بأدلة ونتائج دراســـات أجرتها بـيـوت علمية وآلـيـات استخباراتية، مفاده أن الآلة الإعلمية الروسية نجحت في تحقيق اختراقات فـي بيئات غربية منفتحة، وأنـتـجـت أثـــراً فـي سـلـوك الجمهور في قضايا حيوية؛ مثل الانتخابات الرئاسية الأميركية ابتداء ، و«بـريـكـسـت»، واضـطـرابـات «أصـحـاب السترات 2016 مـن عــام »، والأهــــم مــن ذلـــك بالطبع 19 - الــصــفــراء»، وتــداعــيــات «كـوفـيـد الحرب الروسية - الأوكرانية، حيث دُهشت مراكز تفكير غربية من قدرة الإعلم الروسي على التأثير في مسارات الإدراك العالمي لتلك الحرب. وفــي هــذه الأزمـــة الأخــيــرة خـصـوصـ ، سيمكن استخلص جوانب الاستراتيجية التي اتبعها كل الجانبين حيال المواكبة الإعــامــيــة لــهــا؛ فـعـلـى الــجــانــب الـــروســـي سـيـظـهـر أن مـوسـكـو، التي تـدرك جيداً أنها تعاني من خلل رهيب في موازين القوى الإعلمية مع الغرب، لجأت إلى الحل الأسهل والأكثر اتساقاً مع قـدراتـهـا وطبيعة نظامها السياسي. وتماشياً مـع هــذا الحل، اسـتـخـدمـت مـوسـكـو وســائــل الإعــــام الـوطـنـيـة أداةَ قـتـال كاملة الأركــــان، عبر اعـتـمـاد «تكنيكات» الـدعـايـة المـبـاشـرة، وتكريس الصوت الـواحـد، وحجب المـواقـع والوسائل والأصـــوات الناقدة والمناوئة، وتخصيصجهود وموارد كبيرة لشن هجمات إعاقة ضد الوسائط الغربية، في إطـار تحقيق «سيادة رقمية» قالت ، قبل أن تـواصـل الشكوى وتسليط 2022 إنها بلغتها فـي عــام الــضــوء عـلـى «الانــتــهــاكــات الإعــامــيــة الـغـربـيـة الــتــي تستهدف تلطيخ سمعتها وإضــعــاف موقفها» على الصعيدين المحلي والدولي. يـقـول بلينكن إن بـــاده ستتخذ إجـــــراءات، بالتنسيق مع حلفاء، لإسكات صوت «روسيا اليوم» وشقيقاتها، أو تحجيمه، وســيــؤكــد أن ذلــــك لا يــنــاقــض «الـــتـــزامـــهـــا الـــدائـــم بــحــريــة الــــرأي والتعبير»، ولكنه يستهدف «قناة استخباراتية تمتلك القدرات اللزمة للقيام بعمليات سيبرانية، وشاركت في عمليات التأثير السرية والمشتريات العسكرية»، وهو أمر ستسخر منه رئيسة تحرير المنصة، مارغريتا سيمونيان، بالقول: «نعم هذا صحيح، فقد كنا نبث طوال الوقت من مقر جهاز الاستخبارات الروسي!». لـــم يُــعــامــل الـــغـــرب مــوســكــو إعــامــيــ بـــ«قــيــمــه وأســالــيــبــه» المُعلنة في المجال الإعلمي، ولكنه تعامل بالمثل؛ حجب بحجب، وتقييد بتقييد، وفي إطـار تلك المعاملة، راح يتهمها بتسخير أدواتـهـا الإعلمية لـــأدوار الاستخباراتية، وهـو الوصف الذي طالما استخدمته موسكو، وعواصم عالمية أخــرى، في وصفها لمنظومة الإعــام الغربية، بل وأوردت ما قالت إنـه «أدلــة دامغة عديدة» لتأكيده. الإثارة الشعبوية والابتزاز السياسي جزآن من المشهد الإعلام ووسائل التواصل يحاصران السلطات الثلاث في العراق لأول مـــــرة فــــي الـــــعـــــراق، مـــنـــذ «الــتــغــيــيــر» الـــــــــذي جـــــــرى بــــواســــطــــة الــــدبــــابــــة 2003 عـــــــام الأمــــيــــركــــيــــة وإلـــــــــى الـــــــيـــــــوم، تــــتــــمــــكّــــن وســــائــــل الإعـــــام الــعــاديــة (المـــيـــديـــا) ووســـائـــل الـتـواصـل الاجتماعي (الـسـوشـيـال ميديا) مـن محاصرة السلطات الـثـاث فـي الـبـاد، أي «التشريعية» و«التنفيذية» و«القضائية». إذ لا يـــكـــاد يـــمـــر يـــــوم واحــــــد مــــن دون أن تتناول وسائل الإعلم إحدى السلطات الثلث أو كلها مجتمعة، إلى الحد الذي دفع أحد أبرز قيادات النظام السياسي وأحد آبائه المؤسسين، وهو نـوري المالكي - ثالث رئيس وزراء عراقي بعد التغيير -، إلــى التحذير فـي كلمة متلفزة من نقل كل ما يدور في أروقة هذه السلطات إلى «الإعلم». جــــــاءت كــلــمــة المـــالـــكـــي المـــتـــلـــفـــزة مــحــاولــة لــاطــمــئــنــان عـــلـــى «الــعــمــلــيــة الـــســـيـــاســـيـــة» فـي العراق التي باتت تواجه تحديات من داخلها، نتيجة تـضـارب المـصـالـح والـسـيـاسـات وتـراكـم حالات الفساد التي وصلت إلى ما بات يُوصف في وسائل الإعلم بـ«سرقة القرن». وحـــــقـــــ ، ســـعـــى المــــالــــكــــي فـــــي كـــلـــمـــتـــه، فـي سـيـاق مساعيه لتهدئة الأوضــــاع، إلــى دغدغة مشاعر الجماهير، وبالذات، جماهير الأحزاب السياسية التي هي في الوقت نفسها مادتها فـــي الانـــتـــخـــابـــات. ومـــمّـــا قـــالـــه رئـــيـــس الــــــوزراء الأسـبـق إن العملية السياسية الـحـالـيـة، التي سنة، «جـــاءت - طبقاً لوجهة 21 مضت عليها نظره - عبر عطاءات الجهاد والدماء والشهداء الـــتـــي أنـــتـــجـــت لـــنـــا هـــــذه الــعــمــلــيــة الــســيــاســيــة الــديــمــقــراطــيــة الـــتـــي نـعـيـش فــصــولــهــا، والــتــي تأسست على أساس الديمقراطية والفصل بين السلطات». لـكـن، فــي حــ يـعـتـرف المـالـكـي بـأنـه ليس هناك شيء يهدد الدولة مثل «اضطراب العلقة بـ السلطات الـثـاث»، حــذّر مـن حصول سوء تـفـاهـم، وقـــال بــضــرورة أن «تسير الأمـــور وفق الاتـــصـــالات والــتــفــاهــمــات بـيـنـهـا حـتـى تستقر الــعــمــلــيــة الـــســـيـــاســـيـــة». كـــذلـــك نـــبّـــه فـــي الــوقــت نـفـسـه إلـــى ضـــــرورة مـنـع نـقـل اخـــتـــال الـعـاقـة واضـــطـــرابـــهـــا والمـــشـــاكـــل المـــتـــرتـــبـــة عــلــيــهــا إلـــى «وسائل الإعلم». تخمة إعلامية غير أن العراق اليوم حافل بوسائل الإعلم المــخــتــلــفــة والمــــتــــعــــددة، كـــــون غــالــبــيــة الأحــــــزاب والقوى السياسية باتت تملك وسائل إعلمها الخاصة بها (من صحف وفضائيات وإذاعـات بل حتى وكالات). وبالتالي، فإن «الحرب» التي تشنّها وسائل الإعــام ضد هـذا الطرف أو ذاك مـن داخـــل الطبقة السياسية، وإن كـانـت تبقى محصورة في نطاق التنافس والابتزاز أحياناً عبر التهديد بالكشف عن ملفّات معينة، تكمن خطورتها أحياناً في أنها تخرج عن السيطرة وتـــتـــحـــول إلــــى أزمـــــة تـــهـــدّد الـــنـــظـــام الـسـيـاسـي بكامله. أيــــــضــــــ ، يــــــــرى الـــــعـــــراقـــــيـــــون أن المـــكـــســـب هو 2003 الوحيد الـذي حصلوا عليه بعد عـام الـديـمـقـراطـيـة، وهــــذا عـلـى الـــرغـــم مـــن أن حـريـة الـتـعـبـيـر المـــنـــصـــوص عـلـيـهـا فـــي الـــدســـتـــور لم تُنظّم بقانون حتى الآن. فواقع الحال أن وسائل الإعــــــام، ســـــواءً كــانــت «مــيــديــا» أو «سـوشـيـال ميديا»، لعبت خلل الفترة الأخيرة دوراً مهماً عــلــى صـعـيـد الــكــشــف والمــحــاســبــة ومــحــاصــرة السلطات في عديد من الملفات والقضايا، التي باتت ساحتها وسائل الإعـام، لتتحوّل من ثمّ إلى قضايا رأي عام. مــن نـاحـيـة ثـانـيـة، عـلـى الــرغــم مــن امـتـاك مـــعـــظـــم الــــقــــوى الـــســـيـــاســـيـــة وســــائــــل إعـــامـــهـــا الخاصة، فإن صراع الأقطاب السياسيين بشأن المـــلـــفـــات المـــطـــروحـــة وتـــصـــادمـــهـــا وتــنــاقــضــهــا، يــجــعــل مـــن الـــحـــرب الــنــاجــمــة عـــن ذلــــك عـرضـة لــلــتــشــظــي الــــســــريــــع. وبـــالـــتـــالـــي، تـــتـــحـــوّل إلـــى مــادة؛ إمـا يسخر منها الجمهور وإمــا يتفاعل مـعـهـا بــطــرق فـــي الــغــالــب سـلـبـيـة. ومــعــلــومٌ أن الـقـوى السياسية بـــدأت منذ الآن «الـلـعـب على وتــر» الشعبوية لاسـتـثـارة الجمهور العاطفي تمهيداً للنتخابات المبكرة. إذ إن قضايا، مثل قانون العفو العام، سرعان ما تتحول إلى مادة لـلـسـخـريـة والــتــهــجّــم عـلـى عــديــد مـــن الــقــيــادات الـسـنّـيـة. والأمــــر نفسه ينطبق عـلـى مـحـاولات تعديل قانون الأحوال الشخصية، الذي تتبنّاه قوى شيعية فاعلة، في محاولة منها لاستمالة أعـــلـــى نــســبــة مـــن الــجــمــهــور الـــشـــيـــعـــي... الـــذي يعيش انقساماً بيّناً داخل المكون الشيعي. ذكاء اصطناعي بالمقلوب عـلـى صعيد آخـــر، تنشط وســائــل الإعـــام ووســـائـــطـــه المـخـتـلـفـة، بــمــا فـــي ذلــــك مـــا يُـسـمـى «الـــجـــيـــوش الإلـــكـــتـــرونـــيـــة». وهـــــذه فـــي الـغـالـب اخـــتـــصـــاص الأحـــــــزاب والــــقــــوى الــســيــاســيــة في مـتـابـعـة الأحــــــداث، وبــخــاصــة قـضـايـا الـفـسـاد، كـونـهـا المــــادة الأكــثــر إثــــارة عـاطـفـيـة للجمهور العراقي. إلا أن الـتـحـوّل الأخـطـر الـيـوم هـو دخـول الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي عــلــى الـــخـــط. فــفــي حين يـسـعـى كـثـيـر مـــن الـــــدول إلــــى الاســـتـــفـــادة من الــــذكــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي بــكــل مـــا هـــو إيــجــابــي، فطبقاً لما جرى تداوله أخيراً في العراق على نطاق واسع، تسريبات صوتية تخصّ رئيس «هيئة النزاهة» حيدر حنون، وتتهمه بتلقي رشى لقاء تسهيلت معينة في «الهيئة». الـــجـــديـــد فــــي الأمــــــر أن وســــائــــل الإعـــــام حـــاولـــت الــلــعــب عــلــى وتـــيـــرة مـــا قــيــل إن هــذه الــتــســريــبــات لـيـسـت حـقـيـقـيـة بـــل هـــي عملية مفبركة مـن خـال الـذكـاء الاصطناعي. ولكن بـــصـــرف الــنــظــر، عــمــا إذا كـــانـــت الـتـسـريـبـات حـقـيـقـيـة أم لا - خـصـوصـ أن الــقــضــاء الـــذي يحقّق بالأمر لم يقل كلمته بعد - فإن الأحكام فـــي الــغــالــب بــــدأت تــصــدر مـــن خـــال الـتـنـاول المكثّف لمثل هذه القضايا عبر وسائل الإعلم. وطـــبـــعـــ ، بـــقـــدر مــــا يــــؤثّــــر مـــثـــل هـــــذا الـضـغـط الإعـــامـــي الـــواســـع فـــي تـغـيـيـر وجـــهـــات نظر الناس، والتأثير فيهم، فإنه في النهاية يؤدي إلى مزيد من الإرباك وزيادة الغموض بين ما هو صحيح وما هو مفبرك. تـــضـــارب الآراء هــــذا لا يـعـنـي أن قضية التسريب هـي الأولـــى مـن نوعها فـي الـعـراق، لـــكـــن الـــــنـــــاس، فــــي مــطــلــق الأحــــــــــوال، صـــــاروا يشكّكون في التوقيت والسبب وراء نشر أمور كــهــذه أمــــام الـجـمـيـع وتــحــت مـتـنـاول وسـائـل الإعــــام... كـي تنتج منها ظـاهـرة خطيرة قد تُشعل الأجـــواء أو تغيّر النظام. وعلى الرغم من أن أزمـات من هذا العيار قد تكون مدوّية وفــاضــحــة لـلـنـظـام الــســيــاســي، فــإنــهــا حتماً لـيـسـت الأولـــــى ولـــن تــكــون الأخـــيـــرة، ذلـــك أنـه سبق أن انـتـشـرت تسريبات صوتية لنوري المالكي، نفسه، قبل سنتين، وأحـدثـت ضجة كــبــيــرة فـــي الأوســـــــاط الـــعـــراقـــيـــة، لــكــن الأزمــــة سـرعـان مـا انتهت مـن دون تـرك أثـر سياسي خطير يُذكر. طبيعة النظام وأزمات الإعلام فـــي الــنــهــايــة، يـــقـــول مـــراقـــبـــون إن طبيعة الــنــظــام الـسـيـاسـي فـــي الـــعـــراق أصـبـحـت جـــزءاً مـن عملية «صنع الأزمـــة الإعـامـيـة» والتلعب عليها... ســواءً كانت عبر التنافس بين القوى السياسية أو عبر التسقيط والابــتــزاز وفضح الآخرين. كذلك بات المواطن العراقي يفهم جيداً طريقة التلعب والابتزاز في صفحات التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية. والحال، أن الخبر في العراق قد يمتد صداه إلى ثلثة أيام فقط وبعدها ينتهي، والسبب أن المواطن اعتاد عـلـى أزمــــات سياسية بــ الــقــوى والأحـــــزاب... على هـذا المستوى أو حتى أعـلـى. وأيـضـ ، فإن وسائل «السوشيال ميديا» ساعدت في تسطيح الأزمــــات الـسـيـاسـيـة الـخـطـيـرة فــي الـــعـــراق، إمـا عبر التهكّم بجعلها مـــادة للسخرية والتنمّر الاجتماعي، وإما عبر التذمّر والامتعاض الذي يؤدي إلى رفض كامل للواقع السياسي. ميكروفونات القنوات العراقية حاضرة بكثافة في الظهور المدوي لرئيس«هيئة النزاهة» (فيسبوك) بغداد: حمزة مصطفى عائدات الإعلانات تفاقم النزاع بين «غوغل» والناشرين عمّقت عــائــدات الإعــانــات الــنــزاع الناشئ بــــ شــــركــــة «غـــــوغـــــل» والــــنــــاشــــريــــن، مــــا جــــدّد الــــتــــســــاؤلات بـــشـــأن تـــأثـــيـــر ذلـــــك فــــي مـسـتـقـبـل الإعــــــام، الــــذي يـعـتـمـد فـــي تــمــويــل بــقــائــه على الإعـانـات. وبينما أشـار خبراء تحدّثت إليهم «الـــشـــرق الأوســـــط» إلـــى إمـكـانـيـة الـــوصـــول إلـى حلول توافقية، فإنهم لفتوا إلى هيمنة «غوغل» على هذه السوق. الــــنــــزاع كـــــان قــــد انــــدلــــع أخــــيــــراً مــــع دعــــوى قـضـائـيـة رفـعـتـهـا الـسـلـطـات الأمــيــركــيــة، خـال الأســـبـــوع المـــاضـــي، ضــد «غـــوغـــل»، هــي الثانية مـــن نــوعــهــا فـــي غـــضـــون أقــــل مـــن ســـنـــة. وتـتـهـم الـــدعـــوى الـتـي رفـعـتـهـا وزارة الــعــدل الأمـيـركـيـة «غـــــوغـــــل» بــــ«الـــهـــيـــمـــنـــة عـــلـــى الإعــــــانــــــات عـبـر الإنترنت وخنق المنافسة». ووفـقـ لتفاصيلها فإن «غوغل» متهمة بأنها «استخدمت وسائل غير قانونية مانعة للمنافسة؛ للقضاء على أي تهديد لهيمنتها على تقنيات الإعـان الرقمي، أو تـقـلـيـص المــنــافــســة بــشــكــل كـــبـــيـــر». وتـــطـــرّق الاتهام إلى أن «غوغل استخدمت قوتها المالية للستحواذ على منافسين محتملين واحتكار الــســوق، مــا لــم يـتـرك للمعلنين والـنـاشـريـن أي خيار سوى استخدام تقنيتها». ويذكر أنه سبق لمحكمة أميركية أن قضت، الشهر الماضي، بأن الشركة العملقة «تمارس احتكاراً غير قانوني في سوق الإنترنت». في المقابل، ترفض«غوغل» هذه الاتهامات، وترى أنها «تتعارض مع مبادئ قانون المنافسة الــــتــــي تـــســـاعـــد عـــلـــى دفــــــع الـــنـــمـــو الاقــــتــــصــــادي والابـتـكـار». ولقد أوضـحـت فـي وثيقة سلمتها للمحكمة وتداولتها وسائل الإعـام الأميركية، أن «الــقــضــيــة أيـــضـــ غــيــر صـحـيـحـة مـــن نـاحـيـة الوقائع». ومـن المرجح أن يستمر نظر القضية ضد «غوغل» نحو أسابيع، وإذا ما صدر حكم بــــالإدانــــة، فـسـتـقـرر مـحـكـمـة أخــــرى الــعــقــوبــات. وللعلم، تـواجـه «غـوغـل» تحقيقات مماثلة في الاتحاد الأوروبي وبريطانيا. الباحثة في الإعـام الرقمي، الدكتورة مي عـبـد الـغـنـي، أســتــاذة الإعــــام بجامعة بنغازي في ليبيا، أفـادت «الشرق الأوســط» بأن «النزاع اشتعل أخيراً بين (غوغل) والناشرين، مع إعلن رغبة (غـوغـل) إطــاق خدمة ملخصات الأخبار المـدعـومـة بـالـذكـاء الاصـطـنـاعـي، وهــو مـا يؤثر فـي الناشرين ويقلل مـن فرصة الحصول على الإعـــانـــات». وأضــافــت أن «شـركـة غـوغـل تحقق أرباحاً تقدر بالمليين عبر الإعلنات التي تظهر عـبــر صــفــحـات الإنـــتـــرنـــت؛ مـــا دفــــع المــســألــة إلـى باحات القضاء في أوروبا وأميركا عبر دعاوى احــتــكــار لـتـقـنـيـات الإعـــــام الــرقــمــي رُفـــعـــت ضد الشركة». أسباب للنزاع، هي 4 وحــدّدت عبد الغني «أولاً، الــتــطــورات التكنولوجية المـتـسـارعـة في ميدان تقنيات الذكاء الاصطناعي، وما تفرضه مـــن تــحــديــات وتـــأثـــيـــرات ســــواء عــلــى الــشــركــات الـــرقـــمـــيـــة أو عـــلـــى مــســتــهــلــكــي ومـــســـتـــخـــدمـــي تقنياتها الإعلمية. وثانياً، الصراع الأزلي على الأربـــــاح والـسـيـطـرة عـلـى الــســوق والاســتــحــواذ عـلـيـهـا. وثــالــثــ ، رغــبــة بـعـض الــــدول والـهـيـئـات الـدولـيـة فـي الـحـد مـن سيطرة بعض الشركات الكبرى التي أصبحت مهيمنةً على الاقتصادَين المــحــلــي والـــعـــالمـــي. أمــــا الــســبــب الــــرابــــع، حسب عبد الغني، فيتعلق بالرغبة في حماية حقوق الأفراد الرقمية في ظل احتكار الشركات الكبرى للمشهدَين التقني والإعلمي». فــــي ســــيــــاق مـــتـــصـــل، قـــــال مـــحـــمـــد فــتــحــي، الصحافي المصري المتخصصفيشؤون الإعلم الرقمي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هيمنة (غوغل) عــلـى ســــوق الإعــــانــــات لـيـسـت بـــالأمـــر الـجــديــد، بــل تــعــود إلـــى ســنــوات عـــدة مــضــت، صـــار فيها (غـــوغـــل)، مــحــرك الـبـحـث الـرئـيـسـي، مستحوذاً عــلــى أكــبــر قــــدر مـــن الإعــــانــــات عــلــى الإنــتــرنــت، قبل أن يتكامل مع خدمات أخـرى ظهرت لاحقاً مثل (يوتيوب)، والبريد الإلكتروني، والتعاون مع شركاء للعمال، وأخيراً منتجي وصانعي المحتوى على منصاتها». وأردف فــــتــــحــــي: «كــــــــل مــــــا ســـــبـــــق، جــعــل (غوغل) خصماً صعباً ومنافساً قوياً في سوق الإعلنات الرقمية العالمية، الأمر الذي دفع نحو رفــــع دعـــــاوى احــتــكــار أمـــــام المــحــاكــم الأمـيـركـيـة والأوروبية، وبالأخص ما يتعلق بسوق البحث والإعـــانـــات عـبـر الإنــتــرنــت». ثــم تــابــع: «تتمتع (غـوغـل) بحصة سوقية ضخمة مـن الإعـانـات تمنحها بصفتها شركةً، قـوةً تفاوضيةً كبيرةً أمـــــام المــعــلــنــ والمـــنـــافـــســـ ، وقـــــــدرةً عــلــى عقد صفقات حصرية مع شركات تصنيع الهواتف، وشـركـات الاتـصـالات؛ لجعل محرك بحثها هو المحرك الافتراضي على أجهزتهم، ما يحد من فرص المنافسين». ويـرى فتحي أن «الـدعـاوى القضائية ضد (غـــوغـــل) قــد تــــؤدي إلـــى تـغـيـيـرات جـوهـريـة في سوق البحث والإعلنات، ما قد يفتح الباب أمام المـنـافـسـ ، وأبـــرزهـــم (فـيـسـبـوك) و(أمـــــــازون)»، مشيراً إلـى «إمكانية فـرض بعض القيود على «غـوغـل»، مـا قـد يقلص هيمنتها على السوق، وكذلك إمكانية تطوير قوانين مكافحة الاحتكار لــتــشــمــل الــــشــــركــــات الــتــكــنــولــوجــيــة الــــكــــبــــرى... مـــع أن هــــذا أمــــر شـــديـــد الـتـعـقـيـد مـــن الــنــواحــي التكنولوجية والاقتصادية والقانونية». القاهرة: فتحية الدخاخني

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky