issue16726

ما نالحظه ويحز في النفس هو حالة االستسالم الكبيرة الــتــي تـــمـــارَس تــجــاه شـبـكـات الــتــواصــل االجــتــمــاعــي إلـــى درجـــة أن الــشــعــور بــالــزمــن تـغـيـر ونــمــط الــعــ قــات االجـتـمـاعـيـة تغير والعالقات داخل األسرة تغيرت. حتى األطفال الذين من املفروض أنــهــم يــؤســســون لـتـجـاربـهـم ولـخـبـراتـهـم فـــي الـطـبـيـعـة والـبـيـت والـــحـــي ومــؤســســات الـتـربـيـة والــثــقــافــة كـــي يـكـتـسـبـوا املـــهـــارات الـــ زمـــة ويـسـتـخـدمـوا حـواسـهـم ويـــطـــوروا مـلـكـاتـهـم وذكــاءهــم الــــفــــردي واالجـــتـــمـــاعـــي أصـــبـــحـــوا هــــم أيـــضـــا ضـــحـــايـــا شـبـكـات التواصل االجتماعي. إذا كانت أجيالنا نحن التي لم تعش زمن شبكات التواصل االجتماعي إال منذ عقد أو أكـثـر، أي بعد أن تجاوزنا الطفولة والشباب، ورغم ذلك نشعر اليوم بنوع من االنفصام في العالقة بالزمن واألشياء والناس والحياة ونعاين بأسف واقع التباعد االجتماعي الذي أثر بدوره على القيم داخل األسر واملجتمعات بــشــكــل عــــــام. وإذا كـــــان حـــــال مــــن نـــجـــا مــــن شـــبـــكـــات الـــتـــواصـــل االجتماعي فـي طفولته وشبابه ليس على مـا يـــرام، فكيف هو حــــال أطــفــالــنــا الـــيـــوم الـــذيـــن يـحـمـلـون الـــهـــواتـــف ويـــبـــحـــرون في الشبكات ساعات وساعات؟ الـغـريـب أن الـعـالـم تعامل مـع هــذه املشكلة الخطيرة على كونها أمــرًا واقـعـا وال يمكن الـعـودة إلـى الـــوراء. بـل إن الخطاب بدأ يتخذ طابعا علميا مؤسسيا يستسلم فيه لفكرة: إنّهم جيل «فيسبوك» و«توتير» و«تيك توك». طبعا الكل يتهرب من هـذا اإلدمـــان وهــذا الهجوم الخطير لشبكات التواصل االجتماعي بوصفها عنوان ثورة تكنولوجيا االتـــصـــال الــحــديــثــة، ويــلــقــي املــســؤولــيــة عــلــى الــعــائــلــة مـــن دون ســواهــا، والـحــال أن هــذه املـؤسـسـة االجتماعية وحـدهـا الـتـي ال تـزال صامدة وتدافع عن القيم االجتماعية رغم ما باتت تعرفه من مشكالت وتوترات ألسباب اقتصادية باألساس وتغير شكل العالقات داخلها من عالقات عمودية إلى أخرى أفقية تفاعلية. مـا يثلج الـصـدر هـو الخبر الـــذي تـداولـتـه وسـائـل األعــ م في األيام األخيرة، ومفاده أن الحكومة األسترالية تعتزم تقديم مشروع قانون فيدرالي يمنع األطفال الذين سنهم دون السادسة عشرة من استخدام شبكات التواصل االجتماعي. ووصف رئيس الحكومة األسترالية شبكات التواصل االجتماعي بـاآلفـة، وأن مكان األطفال الحقيقي في فضاءات اللعب ودور الثقافة بدال من قضاء الوقت في اإلبحار في شبكات التواصل االجتماعي وهم أطفال. وللتذكير، فإن منظمة «يونيسيف» سبق أن أصدرت رقما ألـــف طـفـل يـسـتـعـمـلـون شـبـكـات الـتـواصـل 175 مـرعـبـا وهـــو أن االجتماعي للمرة األولى كل يوم. لكن، هل تكفي دولة واحدة للتصدي لهذه اآلفة التي تقضم مهارات األطفال في كل أنحاء العالم؟ طبعا مـن املـهـم أن تعلن دولـــة مـا مثل هــذا الـنـهـج، واألهــم هو أن تكون هناك خطة دولية متفق عليها للتصدي لهذه اآلفة ولحماية األطـفـال، أي أن صياغة اتفاقية دولـيـة ملنع استخدام األطفال لشبكات التواصل االجتماعي من شأنه أن يؤسس ملوقف عاملي إنساني، ويصبح االنضمام إلى هذه االتفاقية واملصادقة عليها مؤشرًا من مؤشرات التنمية املستدامة، وأيضا من شروط دعم الدول في مجاالت حماية األطفال. اليوم هناك اتفاقية دولية لحقوق الطفل حظيت بمصادقة غالبية الـــدول. واملطلوب هو اتفاقية دولية تؤطر خيارًا عامليا مـشـتـركـا مـــع تـدعـيـمـه بـتـشـريـعـات وطـنـيـة عـلـى غــــرار الـتـجـربـة األسترالية. في هذا السياق، من املهم إيضاح نقطة تتمثل في أن الضرر الحاصل لألطفال في عالقتهم بشبكات التواصل االجتماعي في البلدان العربية هو أكبر بكثير مقارنة بالدول األوروبـيـة، ومع ذلـــك فـــإن حـالـة الـقـبـول واالســتــســ م لهيمنة شـبـكـات الـتـواصـل االجتماعي على وقت أطفالنا يكادان ال يصدقان. إنـنـا الــيــوم أمـــام مشكلة حقيقية، ويـمـكـن للتشريعات أن تـخـلـق وعـــيـــا مـخـصـصـا بـــهـــذه الـــخـــطـــورة. قـــد يــــرى الــبــعــض أن التشريعات لن تقدم ولن تؤخر في هذه الظاهرة وتفشيها، ولكن من املهم أن نتذكر أن حماية األطفال هي مسؤولية الدولة أوالً. وتقتضي مصلحة األطفال وجـود مثل هذه التشريعات امللزمة للجميع أكان من األسرة واملدرسة وكل األطراف املحيطة بالطفل. ويــصــبــح دور كـــل مـــن يــجــد طــفــ يـسـتـخـدم شــبــكــات الــتــواصــل االجــتــمــاعــي أن يـــقـــدم إشـــعـــارًا فـــي األمـــــر إلــــى اآللـــيـــات الـوطـنـيـة الخاصة بحماية الطفولة في كل الدول. بمعنى آخر، الطفل الذي يستخدم شبكات الـتـواصـل االجـتـمـاعـي يجب أن يتم التعامل معه بصفته طفال يتعرض للعنف ولإلهمال وللتقصير. لذلك؛ فالطفل يُعد في خطر مدقع من دون تشريع خاص وملزم يلجم شبكات التواصل االجتماعي، خصوصا منها «تيك توك» التي تؤسس لعالم التفاهة من نعومة األظافر. أمـا رمـي كل العبء على األســرة واألولـيـاء؛ فإنه هـروب من املسؤولية التي هـي مسؤولية الجميع مـن دون استثناء. فهل تنتقل عـدوى أستراليا إلى كل بلدان العالم ونسمع عن قوانني تتالى وفق وتيرة العدوى اإليجابية؟ لو صدّقنا كل التهم التي نسمعها ونقرأها عن اآلخرين، الـتـي تنفي عنهم صـفـة الـعـروبـة واإلســـــ م، فعلى األرجــــح أن الغالبية منا لن يكونوا عربا أو مسلمني. ستكون القلة الذين يوجّهون االتهامات يمينا ويسارًا، ويقيمون حفالت مستمرة مــن الـتـخـويـن، ويـــطـــردون اآلخـــريـــن مــن جـــذورهـــم الـعـربـيـة أو عقيدتهم الدينية هـم فقط املسلمني والــعــرب! أمــا مـ يـ في هذه املنطقة فال. خارجون من العروبة، ومارقون من اإلسالم. وبعدها نسأل أنفسنا ونحن إذن مَن؟ عرب ومسلمون أم ماذا؟ اآللـيـة الـتـي يستخدمونها هـي آلـيـة التخوين املـعـروفـة، التي ال تعمل إال باستخدام أهم املعاني والقيم لدى الشعوب، ولكن بعد تفريغها من معناها، وتحويلها إلـى سـ ح يُوجَّه لصدر الخصوم ألهـــداف مـتـعـددة: اغتيال الشخص معنويا، الترهيب، االبــتــزاز! الـعـروبـة واإلســـ م الـلـذان مـن املفترض أن يمثال عامال مشتركا وثقافة جامعة لشعوب املنطقة أصبحا من أدوات الكراهية والتقسيم واالنـتـقـام! االخـتـ ف في الـرأي يقذفك خارج دوائر العروبة واإليمان. األسئلة املهمة هي: ملاذا تنتشر هذه الثقافة؟ وما هدفها؟ وكيف بدأت؟ وكيف نعالجها ونكافحها؟ بدأت قديما، ولكن نشرتها في عصرنا الحديث التيارات القومية والدينية املتطرفة التي هيمنت في عقود سابقة. أي خالف مع أنصار هذا التيار القومي املتطرف بفروعه املختلفة يعني تهمة بالعمالة للغرب واإلمـبـريـالـيـة والـرجـعـيـة. وهي مستمدة من الحركات القومية األوروبية املتطرفة، مثل النازية والـفـاشـيـة، الـتـي اسـتـخـدمـت الـخـطـاب ذاتــــه. ونــعــرف فــي تلك الفترة وحتى اآلن كم الشتائم البذيئة واالتهامات بالتخابر والـصـهـيـونـيـة ملــجــرد االخـــتـــ ف فـــي رؤيــــة األشـــيـــاء. هـــم فقط حــراس القومية، ويدخلون ويخرجون منها مَــن يـريـدون. إذا رضـــوا عليك جـعـلـوا مـنـك قـومـيـا ووطـنـيـا، وإذا غـضـبـوا منك جعلوا منك خائنا عميالً. من الجانب الديني، نشرت التيارات املــتــطــرفــة، خـصـوصـا جــمــاعــات اإلســـــ م الـسـيـاسـي الشيعية والسنية، ثقافة التخوين والتكفير واإلخـــراج من امللة. وكأن اإلســـ م ملك لهم وحــدهــم. إذا كنت معهم أدخــلــوك فـي الدين اإلســـ مـــي، وإذا اختلفت معهم طــــردوك مـنـه، وأغـلـقـوا الـبـاب خلفك. يلعبون دور الله تعالى الذي يُدخِل ويُخرِج من رحمته من يشاء. لنشكر الله الرحيم أن مصيرنا ليس بأيديهم. ما الغرض من آلية التخوين؟ ليست عبثا، ولكن ألغراض متعددة؛ أوالً: تستخدم إلضفاء الشرعية على هـذه التيارات والـحـكـومـات الـتـي تعتمدها. تـرديـد مثل هــذه الـشـعـارات من دون عمل أي شيء سيمنحها الشرعية املطلوبة عند شعوب عاطفية تنخدع بها. إنها خدعة قديمة جديدة. ثانيا: بغرض التشتيت عن الفشل الداخلي. والحظوا أن الحكومات الفاشلة استخدمت هذه الشعارات حتى تخرج من أزماتها الداخلية. ثــالــثــا: بـحـثـا عـــن الــســلــطــة، وهـــــذا مــثــل مـــا تـفـعـلـه الـجـمـاعـات والتنظيمات املتطرفة التي ال تُــخـوِّن فقط، ولكن تقتل باسم الدين من أجل الوصول إلى السلطة. رابعا: من أجل الترهيب واالبتزاز واإلخضاع، سواء ألفراد أو جهات أو حكومات. ومــن أجــل ذلـــك، تستخدم أعـــدل القضايا مـن أجــل كـل ما ذكـــرنـــاه، الـشـرعـيـة والـسـلـطـة وتـثـبـيـت الـحـكـم واالبــــتــــزاز، كما يحدث اآلن مع غــزة. وبينما أهـل غـزة يُقتلون يوميا بطريقة وحــشــيــة، الـتـفـت هــــؤالء إلـــى اآلخـــريـــن يـخـرجـونـهـم مـــن الـديـن والعروبة باسم فلسطني، ويوزعون صكوك الغفران والوطنية. وحتى إنهم قاموا بتخوين الفلسطينيني أنفسهم وأهـل غزة الذين يدفعون الثمن من دمائهم. ولو الحظنا أنهم استخدموا هذه القضية بحثا عن السلطة، ولهذا انصب جهدهم على عدد مـن الـــدول العربية والتحريض عليها، مُتَّهِمِينَها بالتواطؤ والعمالة من أجل تقويض شرعيتها. كيف نعالج هــذه الـثـقـافـة؟ أوال بـاالعـتـراف بها ومعرفة مـــصـــادرهـــا كــمــا ذكــــــرت. إذا عــــرف الــشــخــص جـــــذور املـشـكـلـة سـهـل عـلـيـه مـعـالـجـتـهـا. هـــذه الـــتـــيـــارات والــجــمــاعــات هـــي مَــن روّجها وزرعها في العقول، ولكن التخوين ثقافة املهزومني، والـدلـيـل أن الـحـكـومـات والــتــيــارات والـجـمـاعـات الـتـي تبنَّتها فشلت وانـــهـــارت، مــن الـنـاصـريـة إلـــى البعثية إلـــى الخمينية إلـــــى اإلخــــوانــــيــــة. مــكــافــحــتــهــا تـــبـــدأ مــــن نـــشـــر ثـــقـــافـــة بــديــلــة، تنطلق مـن فـكـرة أن املــزايــدة على اآلخــريــن بـالـديـن والـعـروبـة والــوطــنــيــة فـــكـــرة خــاطــئــة ومـــضـــرة بــاملــجــتــمــع، وتـتـسـبـب في تقسيمه وزرع الكراهية داخـلـه. املجتمع ينقسم إلـى وطنيني وخـــونـــة، ومـسـلـمـ وكـــفـــار، وهــــذا ال يــخــدم أي قـضـيـة، ولكن يُحوِّلها إلـى ذريعة لالنتقام. إنها أيضا خـزان لألحقاد التي تتوارثها األجيال. إذا تشرَّبت أن اآلخرين خانوا وطنك وباعوه فستشعر بشكل طبيعي بالحقد عليهم. التخلُّص منها هو الحل الوحيد، وذلك أيضا الستبدال ثقافة التسامح بها، وفهم الدين بصورة رحبة وإنسانية، ومن املعيب استخدامه مسدسا كاتما للصوت، وكذلك فهم القومية بأنها عنصر جامع ألبناء الوطن الواحد، والقومي الجيد هو الذي يخدم وطنه، ويسهم في ازدهـــاره، ويحمي مواطنيه من الـحـروب املـدمـرة، ويحفظ أرواحهم. نزع ثقافة التخوين واستبدال ثقافة متحضرة بها ليس سـهـ ً، ولكن ليس صعبا. وبـرأيـي أننا نعيش اللحظة املــنــاســبــة لــتــغــيــيــرهــا، خــصــوصــا مـــع حـــكـــومـــات مــعــتــدلــة في املنطقة، وخصوصا في الخليج، مستنيرة تركز على النجاح االقتصادي والرفاه االجتماعي، وليست بحاجة إلى استخدام الشعارات القومية والدينية املتطرفة إلثبات حكمها وبسط شرعيتها. لقد أثبتت نجاحها، وتحولت إلى نموذج لغيرها مـن دون أن تستخدم الـخـدعـة القديمة املـمـلـة. ولـهـذا تحولت إلــى هــدف للمخونني؛ ألنـهـا ال تستخدم لغتهم، وال تخضع البتزازهم، وال تزج نفسها بحروبهم العبثية. لقد حافظت على قوة الدولة، ولم تسمح بظهور ميليشيات وجماعات تضعفها وتــؤدي إلـى تفككها (وهــذا هو الـهـدف)، وركَّــزت على اإلنسان فقط، من دون أن تخرجه من دينه أو عروبته! لقد حان الوقت لنشر الثقافة الوطنية اإلنسانية األخالقية العقالنية والدينية الرفيعة، بعيدًا عن ثقافة التخوين، وكل ما تحمله من سموم وأحقاد وكراهية. تـشـكّــل الـسـرقـتـان املـوصـوفـتـان للمال العام والـخـاص، أي ما تُعرف فـــي بـــغـــداد بـقـضـيـة نــــور زهــيــر رجــل األمــــــــانــــــــات الــــضــــريــــبــــيــــة املـــــفـــــقـــــودة، ومـــــــا تُـــــعـــــرف فـــــي بـــــيـــــروت بــقــضــيــة تـبـخـر الــــودائــــع املــصــرفــيــة الـخـاصـة والهندسات املالية املشبوهة واتهام حاكم البنك املركزي اللبناني السابق ريـــاض سـ مـة، باملسؤولية عنهما، تحديا للقوى السياسية ومؤسسات الدولتني (العراق ولبنان)، خصوصا القضائية. ال يــــمــــكــــن حــــصــــر الـــســـرقـــتـــ عمليا بالفاعلني الـظـاهـريـن ريــاض ســ مــة ونــــور زهــيــر، فـهـمـا شـريـكـان مع أكثر من طـرف داخـل السلطة في جـريـمـتـيـهـمـا؛ أطــــــراف فــاعــلــة أمّــنــت الـــغـــطـــاء الرتـــكـــابـــاتـــهـــمـــا بـــحـــق املــــال الـــعـــام والــــخــــاص. غــطــاء أو فـاعـلـون مـجـهـولـون، مــهــددون اآلن بفضيحة تـــــاريـــــخـــــيـــــة ســـــتـــــؤثـــــر فـــــــي الـــطـــبـــقـــة الـــســـيـــاســـيـــة الــــحــــاكــــمــــة ومــســتــقــبــل العملية السياسية في كال البلدين، في حالتني: األولـى إذا نجح القضاء في كال البلدين بــأداء دوره من دون ضغوط سياسية وكشف املستور في الـجـنـايـتـ ، أمـــا األخــــرى فـهـي كشف املـتـهـمَــ مـــا لـديـهـمـا مـــن مـعـلـومـات وفـــضـــح املـــتـــعـــاونـــ مــعــهــمــا، وهــــذا مــا دفـــع شخصية عـراقـيـة سياسية مـــعـــروفـــة بـــرزانـــتـــهـــا وتــــوازنــــهــــا إلـــى املطالبة بمحاكمة علنية لنور زهير وفي الوقت نفسه حذَّر بأن العملية السياسية في خطر. عودة الكالم عن الخطر على العملية السياسية في العراق ليس مرتبطا فقط بقضية نـور زهير، ولكن يبدو أن إحـدى أهـم صواعق تفجيرها يضاف إليه ما يُتداول في العراق عن قضية التنصت على كبار املسؤولني، وصوال إلى تسريبات وابـتـزازات دفعت بقاضي هيئة النزاهة ورئيسها حيدر حنون إلى التحول إلى «شـاهـد مـلـك» بعدما قــدم اعـتـرافـات على نفسه وعـلـى آخـريـن فـي قضية رشـوة حكومية ورفع مسؤوليته عن قرار اإلفراج عن نور زهير. في بيروت حتى اآلن لم تظهر أي عالمات لـ«شاهد ملك» في قضية الودائع والهندسات املالية، ولكن املدعي العام التمييزي الذي فاجأ الجميع بقرار توقيف ريـــاض سـ مـة وتحويله إلــى التحقيق فـي قضية اخـتـ س ثـانـويـة جـــدًا، باتت مؤسسته واستقاللها أمــام تحد فعليٍّ، فهي ال تستطيع تقديم سالمة مرتكبا وحـده أو تقوم بمالحقة أسماء جانبية في القضية كانت أداة تنفيذية لـه، وال تستطيع إطالق سراحه بكفالة أو لعدم اكتمال األدلـة، ففي بلد طائفي ومنقسم ويعاني أزمة دستورية وشلال عاما، تأخذ أي إدانـة سياسية أو أمنية أو مالية بعدًا طائفيا، فيتحول الجاني إلى مجني عليه طائفيا، فمعضلة سالمة أنه ال يمكن إبـقـاؤه فـي التوقيف طـويـ ألن ضغوطا سـتـمـارَس للكشف عـن شركائه وليست أدواته، وهم من طوائف أخرى يجب رفع الغطاء عنهم، وهذا ما سيزعزع استقرار املنظومة الحاكمة، وأما إطالق سراحه فإن القاضي الذي سيتخذ القرار سيُحمل غـطـاءه السياسي والطائفي مسؤولية التستر على سـ مـة. وهــذا قد يؤدي إلى فوضى وتحركات في الشارع ستهدد ما تبقى من استقرار عام هش. فمن القضاء إلى شبهات التنصت عليه وعلى مسؤولني كبار، يواجه «اإلطار التنسيقي» العراقي الحاكم تحديات عـديـدة، أهمها فـقـدان الثقة بـ مكوناته وبحكومته، وبـات يجاهر بالحديث عن تطويقها وعن مستقبل رئيسها، فيما تتراجع حصانة املنظومة اللبنانية الحاكمة خارجيا وداخليا، وهي للمرة األولى قـد تـكـون مـهـدَّدة بفقدان تماسكها تحت ضـغـوط قضائية أخـــرى أشــد خطورة عليها من سالمة وهندساته، وهي أقرب إلى أن تكون قدرها. قـدر كأنه مشترك بني البلدين أو بني ساحتني «التحرير والشهداء»، فمن بغداد إلـى بيروت، ومـن نـور زهير إلـى ريـاض سالمة، يبدو أن أفعال الطبقتني السياسيتني اللبنانية والعراقية لن تبقى من دون ردود فعل من معارضيهما أو من الشارع الـذي خصوصا في العراق يقترب من لحظة االشتعال، في فصل خريف سياسي جديد قد يتمظهر مرة أخرى في «تشارين». OPINION الرأي 12 Issue 16726 - العدد Friday - 2024/9/13 اجلمعة هل نحن عرب ومسلمون؟! دولة واحدة ال تكفي للتّصدي لشبكات التواصل بيروت ـــ بغداد... قضاء أم قدر؟ وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com مصطفى فحص يبدو أن أفعال الطبقتين السياسيتين اللبنانية والعراقية لن تبقى من دون ردود فعل من معارضيهما ممدوح المهيني آمال موسى

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==