issue16725

مؤسسات نشأت فيظل الانتداب البريطاني على فلسطين، بؤر أمامية متقدمة للمشروع الصهيوني Issue 16725 - العدد Thursday - 2024/9/12 الخميس كتب BOOKS 17 «كلاب تنبح خارج النافذة»... انتهازيون في عباءة الثورة تـــرصـــد روايـــــــة «كــــــاب تــنــبــح خــــارج الـنـافـذة»، الـصـادرة فـي القاهرة عـن «دار صـــفـــصـــافـــة» لـــلـــكـــاتـــب المــــصــــري صـبـحـي موسى فكرة الانتهازيين الذي يحصدون المــــكــــاســــب مـــــن وراء كـــــل ثــــــــورة دون أن يــــشــــاركــــوا فــــي أي تــضــحــيــة تـقـتـضـيـهـا الــشــعــارات الـحـالمـة الـتـي يرفعها النبلء المــنــادون بـالـعـدل والـحـريـة. وتــــزداد حدة هــــــذه المـــعـــضـــلـــة الأخــــاقــــيــــة حـــــ يـــكـــون الانـــتـــهـــازي مـثـقـفـا يــخــون دوره المنتظر في محاولة تغيير الـواقـع وتنوير الـرأي العام. ويتخذ المؤلف من تداعيات «ثورة منطلقا لهذه الفكرة من 2011 » يناير 25 خلل قصة بطل العمل، الذي يعمل كاتبا وصحافيا، يتم تكليفه بمراقبة شخص آخر يعاني من قصور عقلي. ورغم عبثية الأمـــر، فــإن البطل يـــــــــــــــؤدي المــــهــــمــــة بــــجــــديــــة شــــديــــدة تــــــجــــــعــــــل الـــــنـــــص يـــــــنـــــــطـــــــوي عــــلــــى مــفــارقــات درامـيـة بارزة. تــــــــنــــــــقــــــــســــــــم الــــــــــــــروايــــــــــــــة إلـــــــى جـــــــــــــزأيـــــــــــــن هـــــمـــــا «أنجريتا»، وهو مــــكــــان عـــشـــوائـــي يقطنه الـبـطـل أو الــــــــــــراوي الـــعـــلـــيـــم ويـــقـــع فـــي مـنـزلـة وســــــــــــــطــــــــــــــى بــــــ الــــريــــف والمـــديـــنـــة دون هـــــــــويـــــــــة واضـحـة ســوى القبح والـفـوضـى. الجزء الـثـانـي هـو «فــئــران بـديـنـة»، حيث يشير هذا العنوان، بشكل غير مباشر، إلى عدد مـن شخصيات الــروايــة الـتـي تتحرك في بـــطء وتــثــاقــل وخـــمـــول وتـــبـــدي لا مـبـالاة مذهلة تجاه ما يحيط بها حتى لو كان الـــحـــدث الأبــــــرز الـــــذي يــشــغــل الـــعـــالـــم هو احــتــجــاجــات حـــاشـــدة فـــي أكـــبـــر مـيـاديـن الـــــبـــــاد، الــــتــــي يـــتـــابـــعـــهـــا الــــعــــالــــم لـحـظـة بلحظة، ولا تبعد عـن هــذه الشخصيات سوى مسافة قريبة للغاية. من أجواء الرواية نقرأ: الساعة الآن تجاوزت الثامنة مساء، أشعر أنني في حاجة للترفيه، والاحتفال بأول يوم عمل في وظيفتي الجديدة؛ لذا سـأخـرج مـن شقتي باحثا عـن مـكـان هو الوحيد الموجود في هذه المنطقة الواقعة في آخـر العالم، المنطقة المحيطة بالبيت تكاد تكون خالية من الحياة. فقط بعض الكلب المتصارعة على غنيمة في كومة كــبــيــرة مـــن الـــزبـــالـــة، وبـــعـــض المـتـسـولـ وجـامـعـي كــانــزات المــيــاه الــغــازيــة، هــؤلاء الـــذيـــن يــقــومــون بـتـهـشـيـمـهـا فـــي مــداخــل بيوتهم المظلمة، ثـم وضعها فـي أجولة مــــــن الــــخــــيــــش تـــحـــمـــلـــهـــا عــــــربــــــات تـــقـــوم بجمعها منهم. أعبرهم في صمت كأنني لا شـيء، وأمــرّ في اتجاه الكوبري الممتد أسفل الطريق الـدائـري، حيث نهاية خط الأتـوبـيـسـات الــقــادم مـن وســط العاصمة إلى هنا، أمرّ من بين الأتوبيسات الواقفة في محطتها صامتة، فل أحـد في المكان ســوى راكـبَـ ينتظران أتوبيسا لـم يأت بـعـد. وحـدهـمـا الــظــام والــبــرد يتجليان بـــــوضـــــوح، الـــجـــمـــيـــع أغـــلـــق أبـــــوابـــــه عـلـى نـــفـــســه، تــــاركــــا إضـــــــاءة خــفــيــفــة تــطـــل مـن خلف الزجاج كي تدل على وجودهم في الحياة. كــــــان الــــوقــــت مــــا زال صـــيـــفـــا، وعــــدد الذين في الشارع أكبر من الموجودين في الـــــبـــــيـــــوت. ســـألـــت بـــــــعـــــــضـــــــهـــــــم عـــــن مقهى «سـامـبـو»، ظللت أسـأل حتى وجدت رجلً على مــــشــــارف الــســتــ يـــــــجـــــــلـــــــس أمـــــــــــــام مـــكـــتـــبـــة، قــــــال إنـــه في الشارع القادم أســـــــــفـــــــــل الـــــبـــــيـــــت قـــبـــل الأخــــــيــــــر. لـم أســــتــــطــــع أن ألمــــح الــــــضــــــوء الـــقـــلـــيـــل المــــــــنــــــــبــــــــعــــــــث مـــــن الــــــزجــــــاج المـــعـــتـــم. مــــــــــــــــــررت مــــــرتــــــ بــــالمــــكــــان دون أن أتــــــــعــــــــرف عــــلــــيــــه. رأيـت رجـاً يخرج من بـاب في حالة سكر واضـــــح. دُهـــشـــت أنــنــي لـــم أر ذلـــك الـضـوء الخفيف من قبل. ورغـم أنني لم أكن متأكداً من صدق تــوقــعــي، فـإنـنـي قــــررت المـــغـــامـــرة. سحبت الـــبـــاب الـخـشـبـي إلــــى الــــخــــارج، ثـــم دفـعـت على استحياء الباب الزجاجي المعتم إلى الـــداخـــل. رأيــــت ثـــاث مـنـاضـد مـــوزعـــة في فراغ لا يزيد عن خمسة أمتار. في الخلفية يـجـلـس رجـــل عــجــوز خـلـف ســـور لا يـزيـد عـــن نــصــف مــتــر بــجــانــب ثـــاجـــة، وأمـــامـــه قِـــدر يتصاعد مـنـه بــخــار. كـانـت إضـاءتـه خـافـتـة. ولـــم يـكـن بــه ســـوى أربــعــة زبـائـن، كــــل اثـــنـــ يــجــلــســان مـــعـــا عـــلـــى مــنــضــدة، يـــتـــهـــامـــســـان أحــــيــــانــــا، ويـــعـــلـــو صـوتـهـمـا أحيانا أخرى، بدا أنهم قد بدأوا سهرتهم مبكراً، وبدت المنضدة الثالثة كما لو أنها كانت تنتظرني، فقد غادرها للتو الرجل الذي رأيته خارجا. كانت زجاجته وبقاياه مـا زالـــت مـوجـودة عليها. جلستُ متأففا من بؤس المكان، فالمناضد والكراسي من الـخـشـب الــقـديــم الــــذي اكـتـسـب دهــانــه من تراب وعرق الجالسين عليه». القاهرة: «الشرق الأوسط» «الشارقة الثقافية»: أفريقيا في المدونة الشعرية العربية ، لــشــهــر 95 صــــــــدر أخــــــيــــــراً الــــــعــــــدد م، مــــن مـجـلـة 2024 ) ســبــتــمــبــر (أيـــــلـــــول «الــــــشــــــارقــــــة الــــثــــقــــافــــيــــة»، وقـــــــد تــضــمــن مـــجـــمـــوعـــة مــــن المــــوضــــوعــــات والمــــقــــالات والــــــحــــــوارات، فــــي الأدب والــــفــــن والــفــكــر والسينما والتشكيل والمسرح. افـــتـــتـــاحـــيـــة الــــعــــدد كــــانــــت بـــعـــنـــوان «أفريقيا في المدونة الشعرية العربية»، التي أشارت إلى أن أهم ما يميّز الملتقيات الــشــعــريــة الـــتـــي تـنـظـمـهـا الـــشـــارقـــة، هو تـــعـــزيـــز حــــضــــور الـــشـــعـــر الــــعــــربــــي بـــكـــلّ تجلياته فــي المـشـهـد الـعـالمـي، وتـحـديـداً في القارة السمراء، والاحتفاء به كقيمة حضارية وإنسانية جامعة. مدير التحرير نواف يونس احتفى في مقالته بـ«سعدالله ونـــوس... علمة فارقة في المسرح العربي»، قـال فيها إن ونوس، منذ انطلقته الأولى فيستينات القرن الفائت، قدم للمسرح العربي أفكاراً وقضايا ترتبط بواقع الإنسان العربي، وإنـــه لــم يــتــوان أثــنــاء مسيرته أن يعمل فــي أكـثـر مــن مـوقـع صـحـافـي، سـجـل من خلله شـهـادة على إبـداعـه وقـدرتـه على تقديم صحافة جـادة وملتزمة، من دون أن يتخلى عن بحثه الدائم والمستمر عن صـيـغـة جــــديــــدة، تـــؤســـس لمـــســـرح عـربـي حقيقي، على مستوى التأليف والإخراج. وفـــي تـفـاصـيـل الـــعـــدد، كـتـب يقظان مصطفى عن عالم الرياضيات والضوء كمال الدين الفارسي، الـذي تميز بمآثر واضــــحــــة فــــي نـــظـــريـــة الأعــــــــداد والـــجـــبـــر، وحــــاور حـسـن الـــوزانـــي المـتـرجـمـة مــاري أنـــيـــل الـــتـــي نـقـلـت إلــــى الــلــغــة الـسـويـديـة مختارات من الأدب العربي، فيما تناول د. محمد صابر عـرب واحــة سيوة التي تـعـتـبـر لــغــز الـــصـــحـــراء المـــصـــريـــة، وهــي مـــأهـــولـــة مــنــذ الــعــصــر الـــحـــجـــري، وقـــدم حــســن بـــن مـحـمـد بـــانـــورامـــا عـــن مـديـنـة ســــوســــة، الــــتــــي تـــعـــد جــــوهــــرة الـــســـاحـــل الـتـونـسـي، وقــد صنفت تـراثـا عالميا من قبل «اليونيسكو». أمــا فـي بــاب «أدب وأدبـــــاء» فتناول عـاء عبد الـهـادي بطولة المـكـان فـي أدب نجيب محفوظ، وكتبجمال عبد الحميد عــــن تـــشـــيـــنـــوا أتـــشـــيـــبـــي مــــؤســــس الأدب الأفـريـقـي الــذي اهتم بأبعاد الشخصية والـهـويـة، وكتبت رويـــدا محمد عـن أحد رمـــوز الأدب الـعـربـي الـحـديـث فــي ليبيا وهــــو الأديــــــب خـلـيـفـة الــتــلــيــســي، «الــــذي ظل وفيا للثقافة العربية وأثـرى المكتبة أدبــا وشعراً وترجمة». أمـا عبير محمد فقرأت سيرة الأديـب والكاتب أحمد عبد السلم البقالي، «الـذي يعد علمة أدبية ثقافية مغربية مميزة»، وتوقف سعيد الـــبـــرغـــوثـــي عـــنـــد رحــــيــــل حـــســـن ســامــي يـــوســـف، الـــــذي قــــدم إلــــى جـــانـــب الـــروايـــة عشرات الأفلم والأعمال الدرامية. وقــــدم طــــارق الــطــاهــر إضـــــاءة حــول وثائق ترى النور للمرة الأولى حول ملف الـطـالـب طــه حـسـ الـجـامـعـي، واحتفى عبد الــرزاق الربيعي بـ«المنجز الإبداعي والأســلــوب الـحـر للكاتب إسماعيل فهد إسماعيل» فـي ذكـــرى رحيله السادسة، وكــتــب د. أحــمــد الــــدوســــري عـــن الـكـاتـب والــــشــــاعــــر صــــالــــح الـــــغـــــازي الـــــــذي يــقــدم نموذجا للرواية الحديثة، وسلط ساسي جبيل الــضــوء عـلـى روايــــة «مـوعـدنـا في شـهـر آب»، آخـــر هـديـة غـيـر مـتـوقـعـة من مــاركــيــز لـــقـــرائـــه، واســـتـــعـــرض د. محمد خـلـيـل مــحــمــود إســـهـــامـــات الأديــــــب عبد الــــكــــريــــم غــــــاب فـــــي مـــخـــتـــلـــف المــــجــــالات الفكرية والإبداعية، وغير ذلك. ونـــقـــرأ فـــي بــــاب «فـــــن. وتـــــر. ريــشــة» المــوضــوعــات الآتــيــة: «فــــؤاد شـــــردودي... عــــامــــة بــــــــارزة فــــي الـــتـــشـــكـــيـــل الـــعـــربـــي» لمحمد العامري، و«فتحي محمد قباوة اســـتـــهـــواه تـشـكـيـل الـــطـــ والـــحـــفـــر على الخشب» لعبد الرزاق شحرور، و«صلح بــــن الـــــبـــــاديـــــة... حـــظـــي بــشــعــبــيــة داخــــل الــــســــودان وخــــارجــــه» لــجــيــهــان إلـــيـــاس، و«القباني وحجازي وسيد درويش رواد المسرح الغنائي العربي» لبادية حسن، و«أحمد إسماعيل من أهم كتاب المسرح وأدب الأطفال» لأديب حسن. ومـن المـقـالات الأخــرى التي نشرتها المـجـلـة: «مـــع مـؤلـفـات الــجــاحــظ» لأحمد يــوســف داود، و«سـلـيـم حـــســـن... سائح في مفازة التاريخ والحضارة المصرية» لــــلــــدكــــتــــورة بـــهـــيـــجـــة مـــــصـــــري إدلـــــبـــــي، و«الــــروايــــة فـــي الـــوطـــن الـــعـــربـــي... رؤيـــة عـلـي الـــراعـــي الـنـقـديـة» لاعـــتـــدال عثمان، و«مـــحـــمـــود فـــــاخـــــوري... مــســيــرة حـافـلـة بــالـــــتــألــيــف والـــبـــحـــث» لــســلــوى عــبــاس، و«أســـــطـــــورة المـــعـــتـــمـــد... المـــلـــك الــشــاعــر» لــخــوســيــه مــيــغــيــل بــــويــــرتــــا، و«ســـونـــيـــا نمر تـروي رحـات السندبادة العجيبة» لنبيل سليمان، و«الـسـيـد يـاسـ درس المـسـتـقـبـل أفــقــا ودلالـــــة مـعـرفـيـة» لأحـمـد فــــرحــــات، «المـــــبـــــدع... والأســـــلـــــوب» لعبد الــعــلــيــم حـــريـــص، «واســـيـــنـــي الأعـــــــرج... الــــبــــطــــل لا يــــــيــــــأس» لــــلــــوركــــا ســـبـــيـــتـــي، و«(مفضّليات) أمير تاج السر» لمصطفى عـــبـــد الــــلــــه، و«عـــــــز الــــديــــن إســـمـــاعـــيـــل... والشموخ النقدي» بقلم سعيد يقطين، و«تـــأثـــيـــر الـــعـــرب فـــي الــفــكــر الأوروبـــــــي»، د. رانـيـا يحيى، و«حميد قاسم يتناول المنجز الشعري في دراسـة أكاديمية» د. حاتم الصكر. الشارقة: «الشرق الأوسط» «أبراج من عاج وفولاذ»... حكاية تسبق بعقود قيام إعلان الدولة العبريّة كيفتنخرط الجامعات الإسرائيلية فيحرب إلغاء الفلسطينيين؟ سـاهـمـت الـتـظـاهـرات الـطـابـيّـة التي شهدتها جـامـعـات ومـؤسـسـات تعليمية في الولايات المتحدة وعدد من دول الغرب احـــتـــجـــاجـــا عـــلـــى الـــــعـــــدوان المــســتــمــر عـلـى قــطــاع غـــــزّة فـــي إلـــقـــاء الـــضـــوء عـلـى نكبة الفلسطينيين، وعــرّفــت مـايـ الغربيين العاديين بالمذبحة التي يتعرّضلها سكان قــطــاع غـــــزّة مــنــذ أكــتــوبــر (تــشــريــن الأول) المــاضــي، لكنّها كشفت أيــضــا، وفـــي إطــار سعي الطلب لمد جهود مقاطعة إسرائيل إلــى فـضـاء الثقافة والتعليم، عـن تشبيك ممنهج ومـقـونـن وعـمـيـق بــ المـؤسـسـات الأكاديميّة الغربيّة ونظيراتها في الدّولة الــعــبــريّــة يــصــل إلــــى حـــد الـــشـــراكـــة الـتـامـة أحيانا، ولا سيّما في القطاعات المعرفيّة المتعلقة بتطبيقات التكنولوجيا الحديثة في مجالات الدّفاع والأمن والتجسس. وقـد تبّ أيضا أن تلك الشراكات قد تكون محميّة بغطاء قانوني يمنع الفكاك مــنــهــا، ويــتــلــقــى كـثـيـر مـنـهـا اســتــثــمــارات ومـنـحـا مـمـولـة مــن المـــوازنـــات الـعـامـة إلـى جانب القطاع الخاص. وقــــد يـــبـــدو الأمـــــر مـــن بـعـيـد ودونـــمـــا تمحيص نتاج جهد أكاديميّ متفوّق تقوم به الجامعات العبريّة، وحرصا في المقابل من جامعات الغرب على دعم تقدّم المعارف والــعــلــوم فــي ذلـــك الــكــيــان الــغــربــيّ الـهـوى المـــــــزروع فـــي قــلــب الــــشــــرق. لــكــن الـحـقـيـقـة أن المـــؤســـســـات الأكـــاديـــمـــيـــة الإســرائــيــلــيــة مـنـذ مــا قـبـل تـأسـيـس الـكـيـان وإلـــى الـيـوم جــــزء لا يــتــجــزأ مـــن الــنــظــام الاســتــعــمــاري الاسـتـيـطـانـي عـلـى الأرض الفلسطينية، وهـــــي تــلــعــب أدواراً أســـاســـيّـــة فــــي الـقـمـع المستمر للشعب العربي الفلسطيني، وفق ما تقول الدكتورة مايا ويند، في «أبــراج الــــعــــاج وفـــــــــولاذ: كـــيـــف تــنــكــر الـــجـــامـــعـــات ،»2024 - الإسرائيلية الحرية الفلسطينية كتابها الأحدث الذيصدر عن «دار فيرسو للكتب» مؤخراً. في ستة فصول تروي الدكتورة ويند بــنــفــس عــلــمــي رصــــ تـــاريـــخ المــؤســســات الأكاديمية الإسرائيلية منذ بدايات القرن المـاضـي وإلـــى الــيــوم، وهــي حكاية تسبق بعقود قـيـام إعـــان الـدولـة العبريّة - بعد - إذ كانت مؤسسات نشأت في 1948 حرب ظل الانتداب البريطاني على فلسطين (مثل معهد إسـرائـيـل للتكنولوجيا «تخنيون ، والجامعة العبرية بالقدس 1912 - » حيفا ، و«معهد وايــزمــان» فـي رحوفوت 1925 - ) بـؤراً أمامية 1934 - بالقرب من تل أبيب متقدمة للمشروع الصهيوني في الزّمان والمـكـان، على حـد ســواء، وأسهمت بشكل فـــاعـــل فـــي تــعــزيــز صـيـغـة «الـــتـــهـــويـــد» في الأراضـــــي الفلسطينية - عـلـى حــد تعبير المــؤلــفــة - وتــســويــة الــطــريــق أمـــــام الـــدولـــة الجديدة، ومدّها بالكوادر وطرائق العمل والآيديولوجيا أيضا. لــقــد أصــبــحــت هــــذه المـــؤســـســـات، إلــى ،1948 جانب غيرها مما أطلق بعد حرب نـــقـــاط الارتــــكــــاز الأســـاســـيّـــة الـــتـــي يستند إليها مجمع صناعي عسكري جديد يكمل ويتكامل مع المجمع الصناعي العسكري للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، فكأنّها مستوطنة مختبرات أبحاث تابعة لـلـشـركـات الـعـسـكـريـة الأمــيــركــيّــة الـكـبـرى تتولى لصالحها تطوير روبـوتـات القتل الآلـــي وأدوات المـراقـبـة ومــعــدات السيطرة على الحشود وأدوات التعذيب، ومــن ثمّ تسهيل تسويقها كمنتجات تم اختبارها بـالـفـعـل (فـــي المــعــركــة ضـــد الفلسطينيين الــعــزل). ولـهـذا لـم يكن مستغربا مـثـاً أن وصف الرئيس التنفيذي لشركة «إلبيت» لصناعة الأسلحة معهد «تخنيون حيفا» بأنه «الحمض النووي لإلبيت». وعـــــلـــــى أيّ حـــــــــال، لا يــــتــــوقــــف دور الجامعات فـي «الـدولـة الأمنية العلمية»، على حد تعبير ويند، عند تطوير الطراز الأحــــدث مــن درونــــات المـراقـبـة والـقـتـل، بل وتقوم أيضا بــدور مراكز تأهيل وتدريب مــــتــــقــــدّم لـــــكـــــوادر الاســــتــــخــــبــــارات والأمــــــن والجيش، ناهيك عن أن أراضيها المسروقة مــــن مــالــكــيــهــا الـفـلـسـطـيـنـيـ تـسـتـضـيـف مـــكـــونـــات مـــن الــبــنــيــة الــتــحــتــيــة الـحـيـويـة لــاتــصــالات الـعـسـكـريّـة، ومـــواقـــع ومــراكــز يديرها الجيش الإسرائيلي مباشرة، في دمــج كـلـيّ مـــروّع للجامعات فـي منظومة الدّفاع والأمن. وتقول ويند إنها استوحت اســم كتابها (أبــــراج مـن عــاج وفــــولاذ) من بـرج جامعة حيفا الشاهق الـذي كـان آخر ، وحـــتـــى وقــــت قـــريـــب، مـقـراً 31 طــوابــقــه الـــــــ للجيش، وتحته تماما الطابق الذي يضم إدارة الجامعة. وبــغــيـــر هـــــذه الأدوار ذات الـطـبـيـعـة الــــدفــــاعــــيــــة - الأمـــــنـــــيـــــة، فـــــــإن الـــجـــامـــعـــات والمــــؤســــســــات الأكـــاديـــمـــيـــة فــــي إســـرائـــيـــل تــقــوم بــــدور مـــــوازٍ فـــي مــســاحــات التعليم والـــثـــقـــافـــة والأدلــــــجــــــة، فــتــبــيــض مـــشـــروع الاحتلل الصهيوني، وتبرر جرائمه بحق الفلسطينيين والـعـرب، وتـكـرّس أسطورة «الــديــمــقــراطــيــة الــلــيــبــرالــيــة الـــوحـــيـــدة في الـــشـــرق الأوســـــــط» المــخــصــصــة لاسـتـهـاك المواطنين الغربيين العاديين. وهـذا الـدّور الموازي يتطلّب بالضرورة تشويه معطيات الأبـحـاث فـي مختلف مـجـالات المعرفة كي تتطابق مـع الـسـرديّـة الصهيونية، وقمع أصـوات المفكرين والعلماء التي قد تخرج عــن الـخـطـوط المـــصـــرّح فـيـهـا، والتضييق عـــلـــى الــطــلــبــة الــفــلــســطــيــنــيــ فــيــهــا مـمـن فــــرضــــت عــلــيــهــم الــــهــــويــــات الإســـرائـــيـــلـــيـــة ،1948 (فـي الأراضـــي التي احتلت في عـام والــــقــــدس). وهـــــذا الـــجـــانـــب الأخـــيـــر يـأخـذ بـــعـــداً آخــــر تــمــامــا عــنــد دراســـــة اســتــهــداف سلطات الاحتلل للجامعات الفلسطينية، ولطلبتها. ولعل التدمير الكلي لجامعات غـزة وتصفية كـوادرهـا التعليمية وحـرق مـكـتـبـاتـهـا وتـجـهـيـزاتـهـا الـبـحـثـيـة خــال العدوان المستمر على القطاع تفسير عملي مباشر لمنطق الدّولة العبرية فيما يتعلّق بـ«الحريات الأكاديمية» للفلسطينيين. وهكذا نذهب إلى استنتاج صـادم لا بدّ منه: إن كل تعاون دولي مع الجامعات والمؤسسات التعليمية الإسرائيليّة - تحت غطاء التبادل المعرفي والتلقي الأكاديمي والأبـــــحـــــاث المـــشـــتـــركـــة - انــــخــــراط آثـــــم فـي الـتـمـكـ لــلــمــشــروع الــصــهــيــونــي، وتــآمــر متعمد لمنح سلطات الاحتلل الاستيطاني ورقــة تـوت تــواري بها ســوءة ممارساتها الإجــــرامــــيــــة بـــحـــق الــــوجــــود الـفـلـسـطـيـنـي عـلـى الأرض الـفـلـسـطـيـنـيـة، وأن كـــل جـدل بشأن حريّة البحث العلمي (للمؤسسات) والـــحـــريـــات الأكــاديــمــيــة (لــــأفــــراد) ينقلب مـغـالـطـة عـنـدمـا يتعلق الأمــــر بـالـكـيـانـات الــجــامــعــيــة الإســرائــيــلــيــة وبــالأكــاديــمــيــ الإسرائيليين، إذ «لا توجد حرية أكاديمية أصلً حتى تنطبق على الجميع»، على حد تعبير المؤلفة. ينضم كتاب «أبراج من عاج وفولاذ» إلــــى كــتــب مــثــل «فـلـسـطـ مــخــتــبــراً: كيف تـــصـــدر إســـرائـــيـــل تــكــنــولــوجــيــا الاحـــتـــال » لأنتوني لوينشتاين، 2023 - حول العالم و«الـــــــحـــــــرب الـــبـــيـــئـــيـــة فـــــي غــــــــــزّة: الـــعـــنـــف الاســـتـــعـــمـــاري وآفــــــاق المـــقـــاومـــة الــجــديــدة » لـــشـــريـــدة مــــولــــوي، وعــــــدة كـتـب 2024 - أخرى صدرت في الآونـة الأخيرة يتصدى مؤلفوها، وهم أكاديميون شبان شجعان، ولــــلــــمــــفــــارقــــة فــــــــإن بـــعـــضـــهـــم مــــــن أصــــــول يهودية أو يحملون جنسيات إسرائيلية، لـتـفـكـيـك الـــــصّـــــورة الـــتـــي رســمـــهـــا الإعـــــام الـــغـــربـــي خــــــال ثـــمـــانـــ عــــامــــا عــــن واحــــة مـــزعـــومـــة لــلــديــمــقــراطــيــة والـــحـــضـــارة في قلب صـحـراء الهمجيّة، ورفــع الستار عن جوانب يتم تجليها عمداً حسب أساليب «الـتـرجـمـة حتى الـنّـخـاع» الـتـي تـقـوم بها الـــــدّولـــــة الـــعـــبـــريـــة لــــــأرض الـفـلـسـطـيـنـيـة، وللفلسطينيين، وللتاريخ أيضا. «أبراج العاج والفولاذ» Towers of Ivory and Steel: How Israeli Universities Deny Palestinian .2024 ,Freedom by Maya Wind, Verso المؤلفة: مايا ويند الناشر: دار فيرسو للكتب 2024 ندىحطيط مايا ويند

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky