issue16725

ســنــوات، ريـــاض سلامة 4 بتأخير يـفـوق الــــ سـنـة عـلـى حـاكـمـيـة مـصـرف 30 المـتـسـلـط طـيـلـة لـبـنـان وراء الـقـضـبـان! هــل تحمل هـــذه الخطوة تــبــاشــيــر عـــدالـــة لـــم يــعــرفــهــا لــبــنــان مــنــذ عــقــود، خصوصاً منذ النهاية الرسمية للحرب الأهلية وصدور قانون العفو عن جرائم الحرب وتكريس قانون الإفـ ت من العقاب؟ قياساً على التجربة الــلــبــنــانــيــة مـــن المــبــكــر الـــتـــفـــاؤل، لــكــن شــيــئــ من المـحـاسـبـة قـــد يــكــون مـمـكـنـ مـــع تـضـافـر عـوامـل شتى داخلية وخارجية! مـنـذ مـــا قـبـل انــفــجــار أزمــــة الانــهــيــار المـالـي ، والـــــــــذي كــــــان شـــــــــرارة انـــطـــ ق 2019 فـــــي عــــــام «ثــورة تشرين»، لم يرتبط اسـم بالانهيار العام مليار دولار هي ودائــع لملايين 120 ونهب نحو المواطنين، مثلما ارتبط اسم رياضسلامة، الذي كان «بروكر» في «ميريل لينش»، فأتى به رفيق الحريري إلى حاكمية البنك المركزي! وفـــق تـقـريـر «الــتــدقــيــق الــجــنــائــي»، تـجـاوز ســ مــة قـــانـــون الـنـقـد والـتـسـلـيـف، و«فـــتـــح على حــســابــه»، فــــأدت الــهــنــدســات المــالــيــة إلـــى تكبيد مليار دولار خسائر. ارتبط 74 المصرف المركزي ،2015 و 2001 اسمه بــ«فـوري» التي نشطت بين ولاحـــقـــ بــــ«أوبـــتـــيـــمـــوم» الـــتـــي نـشـطـت مــنــذ عــام ، وبعدها بـ«منصة صيرفة» الـتـي هـدرت 2015 مليار دولار أسـسـت لقيام شريحة 20 أكـثـر مـن جـديـدة مـن الأثــريــاء الــجــدد، وتــجــاوزت الأربـــاح غــيــر المـــشـــروعـــة المـــلـــيـــاري دولار، وعـــلـــى الـــــدوام 80 » بالتعاميم الـظـالمـة الـتـي فـرضـت «هــيــركــات في المائة على المودعين، وبسياسة «دعم» خطرة مولت محتكرين وميليشيا «حزب الله» تحديداً. ومع جمعية المصارف إلى جانب رئيس البرلمان نبيه بـــري كـــان الــتــوافــق عـلـى مـنـع إقــــرار قـانـون «كـابـيـتـل كــونــتــرول» حـتـى تمكن المـحـظـيـون من نـقـل عـــشـــرات مــلــيــارات الـــــــدولارات إلـــى الـــخـــارج، رغــم تـوقـف المــصــارف عـن الــدفــع، فاستفاد كبار السياسيين والإداريين وكبار الضباط والقضاة! عــبــر «فـــــــوري»، اكــتــشــف الــقــضــاء الـفـرنـسـي والألماني جرائم مالية ارتكبت في أوروبا، نجمت عن رشـوة وتبييض أمـوال استفاد منها سلامة 339 وعــائــلــتــه. فــتــم حــجــز حــســابــاتــه وقـيـمـتـهـا مليون دولار وأمـــ ك عـقـاريـة، وصـــدرت مذكرتا تـوقـيـف مــن فـرنـسـا وألمــانــيــا بحقه بتهم بينها جرائم اختلاسوسرقة وتبييضالأموال، ولاحقاً مذكرة توقيف دولية عن الإنتربول. أما ارتباط اسـمـه بـعـمـولات «أوبـتـيـمـوم» فـهـي قـصـة كبيرة قال التدقيق الجنائي إن ملف «أوبتيموم» حجب عـن المدققين الـذيـن عـثـروا على عمليتين نجمت مليون 112 عنهما أربــاح غير مشروعة قيمتها دولار. ولاحــــظ الـتـقـريـر المـــذكـــور أن الـهـنـدسـات المالية عبر «أوبتيموم» مصممة لإنشاء عمولات تــدفــع لأطـــــرافٍ ثــالــثــة، وسـجـلـت هـيـئـة الأســــواق مخالفة فـي عام 96 » المالية ارتـكـاب «أوبـتـيـمـوم فقط! لكن تدقيقاً أجرته مؤسسة «كـراول» 2017 بحسابات «أوبـتـيـمـوم» كشف المـسـتـور؛ إذ فاق مليارات دولار! 8 حجم العمولات الـ «فـــــوري» و«أوبــتــيــمــوم» تـأسـسـتـا بوصفهما واجهة لأعمال مالية قــذرة. على رأس الأولــى رجا ســـ مـــة شــقــيــق ريـــــــاض، ورجــــــا أبـــوعـــســـلـــي، مــديــر التطوير في المصرف المركزي، ممسك بـ«أوبتيموم»، وهــــو «شــــريــــك» الـــحـــاكـــم مــنــذ تـــزامـــ فـــي «مــيــريــل لينش». ويكشف الاقتصادي توفيق كسبار عن أن مصرف لبنان كان يبيع ويشتري عبر «أوبتيموم» فـــي الـــوقـــت نـفـسـه ويــســجــل عـــمـــولات فـلـكـيـة. على سبيل المثال ورد في التدقيق الذي أجرته «كراول» أبــرم المصرف المـركـزي مع 2017/6/21 أنـه بتاريخ مليون 600 ملياراً و 48 «أوبتيموم» اتفاقية بقيمة لـيـرة؛ كـي تسدد قسط المحكمة الـدولـيـة، وورد في الاتـفـاقـيـة نفسها أن قيمة الـعـمـولـة عـلـى العملية مليون ليرة! 70 ملياراً و 24 تبلغ لا شك أن إصدار قاضي التحقيق في بيروت بلال حلاوي مذكرة توقيف وجاهية بحق سلامة ليس أمــراً عـابـراً أو عـاديـ . مؤكد أن القاضي ما كان ليصدر مذكرة التوقيف، بعد سنوات حظي خلالها سلامة بأعلى حماية، لو لم تكتمل لديه العناصر الجرمية والمستندات، فضلاً عن نتائج جـلـسـة الـتـحـقـيـق. الــرجــل هــو صــنــدوق الأســــرار الأسود، لأخطر منهبة أين منها جرائم «مادوف» المالية التي هـزّت يوماً «وول ستريت»، فهو من مـوقـعـه حـاكـمـ امـتـلـك أســــرار الأســمــاء والأرقــــام، وكــــيــــف وهــــــو وكــــيــــل تـــحـــالـــف مـــافـــيـــا ســيــاســيــة بنكرجية ميليشياوية احتلت السلطة، نهبت المال العام والودائع فأفلست البلد وأفقرت أهله! رغم دسامة الوقائع يبقى القلق مقيماً، من أن الـيـد السياسية الغليظة لــن تـتـرك التحقيق يـأخـذ مــجــراه، بـل تعمل لتعطيل مـسـار العدالة والمـحـاسـبـة هــنــاك، مــا يـشـي بـمـحـاولات لتقزيم المـلـف وحــصــره بـشـقٍ متعلق بـسـمـسـرات أمـــوال مليون دولار، فتكون 42 الاســتــشــارات، البالغة المــحــاســبــة عــلــى أرقـــــــام مــتــواضــعــة مــــن الأمــــــوال الــــعــــامــــة. فـــتـــتـــم الـــتـــســـويـــة، ولا تـــكـــشـــف أســـمـــاء المتورطين معه، وهم فئات سياسية ميليشياوية طـائـفـيـة، كـمـا أوســـــاط مـصـرفـيـة وأولـيـغـارشـيـة وصحافية ودينية. الظرف العام مُواتٍ لفرض فتح كل حسابات المـــصـــرف المـــركـــزي بـشـفـافـيـة؛ لأن الانـــهـــيـــار كــان مـــبـــرمـــجـــ ، وضـــــع المــــواطــــنــــ أمــــــام خـــطـــر إبـــــادة جـمـاعـيـة، مـــا يـفـتـرض مـحـاكـمـة شـامـلـة لكشف مـلـيـار دولار هي 120 الحقيقة فــي تـبـديـد نـحـو أموال المودعين والحقوق التي ينبغي أن يحميها القضاء. إذاك يمكن توقع فتح كـوة ضـوء وأمـل لشعب غالبيته ضحايا، متمسك بقناعته بأن زمـن المساءلة والمحاسبة آتٍ، ما سيمنح لبنان واللبنانيين فرصة لبدء تلمس طريق النهوض، رغم تسلط عصبة من الأشرار على البلد! Issue 16725 - العدد Thursday - 2024/9/12 الخميس تقترب الحرب على غزة من سنتها الأولى، مبادرات عربية وغربية وروسية لم تحل عقدة الحرب، والضحية الشعب الفلسطيني المنكوب. الطرفان، «حماس» وإسرائيل، كلما تقدمت المـفـاوضـات فـجّـرا الـسـاحـات، ووضـعـا العصي بــالــدوالــيــب. مـــن الـــواضـــح أن رئــيــس الـحـكـومـة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ينتظر وصـول الـرئـيـس الأمـيـركـي الـسـابـق دونــالــد تـرمـب إلـى سـدة الحكم، فهو صديقه وحليفة، ولا ننسى حـ كانت صــورة نتنياهو جــزءاً مـن الترويج لحملته الانتخابية الماضية. مجيء ترمب ليس في صالح الفلسطينيين ولا حــــركــــة «حـــــمـــــاس»؛ لأنـــــه ســيــعــيــد تــبــويــب الـقـضـيـة الـفـلـسـطـيـنـيـة، ولــــن يــنــدفــع نــحــو حل الـــدولـــتـــ الـــــذي اتــفــقــت عـلـيـه الــــــدول الـعـربـيـة، وصهره جاريد كوشنير، مكشّر عن أنيابه على حركة «حماس» و«حزب الله»، وهو أحد صنّاع عـقـيـدة تـرمـب الـسـيـاسـيـة فــي الــشــرق الأوســـط؛ لذلك فإن الوقت قد حان لتقديم لغة العقل على لغة الحرب، وحسم الخلاف مع إسرائيل لوقف الحرب سيكون أسهل في زمن بايدن، والمقترح الــــذي طــرحــه بــايــدن مـنـاسـب عـلـى الأقــــل لوقف التصعيد في المنطقة. ثـمـة أصــــوات إسـرائـيـلـيـة تـطـالـب بـتـجـاوز حــــل الــــدولــــتــــ ، وهـــــي فـــاعـــلـــة مـــثـــل مــــا يـطـرحـه الـفـيـلـسـوف الإســـرائـــيـــلـــي عُـــمـــري بــــوم بـنـظـريـة سـيـاسـيـة صـاخـبـة وهـــي بــعــنــوان: «جـمـهـوريـة حـــــيـــــفـــــاء» يــــــقــــــول: «لا نــــهــــايــــة لـــــلـــــصـــــراع بــ الـفـلـسـطـيـنـيـ والإســـرائـــيـــلـــيـــ إلا بـــالمـــســـاواة فــي الـحـقـوق بينهما؛ بـعـيـداً عــن حــل الـدولـتـ الـــفـــاشـــل»، كــمــا يــــرى الــفــيــلــســوف الإســرائــيــلــي عُـمـري بــوم مـؤلـف كـتـاب «مستقبل لإسرائيل» (هـذا عنوان الكتاب وفق نسخته الإنجليزية)، داعياً ألمانيا -المتحفظة نتيجة تاريخها النازي- إلـى عـدم اعتبار انتقاد يهودية دولــة إسرائيل من المحرمات، خصوصاً في ظل صعود اليمين الإسرائيلي. المؤرخ الألماني والخبير في قضايا الشرق الأوسط، رينيه فيلدأنغل، حاوره موقع «قنطرة» يذهب أبعد من ذلك حين يقول: «أعتقد أنّــنــا سـنـواجـه قـريـبـ مــن جـديـد أوضــاعــ يجب على ألمانيا فيها أن تتّخذ موقفاً من السياسة الإســرائــيــلــيــة. لا يـمـكـن الــحــفــاظ عــلــى الــوضــع الـراهـن. أنـا لا أتـحـدّث فقط عن الضم الرسمي، فقد تم ضمّ الضفة الغربية في الواقع منذ فترة طويلة، بل أخشى من احتمال حـدوث عمليات تهجير أيضاً. صحيح أنّ الحكومة الإسرائيلية لـــن تـسـمـيـهـا هـــكـــذا، ولــكــن حــســب الـــــرأي الــعــام الإسرائيلي، لم يتم قَـطّ تهجير الفلسطينيين، ولـــم تـكـن تـوجـد نكبة - ولا يـوجـد احــتــ ل ولا فصل عنصري». قــلــت فـــي أوائــــــل الـــحـــرب بــــأن هــــذه الــحــرب سـتـصـيّـر حـــل الــدولــتــ جــــزءاً مـــن المـــاضـــي في حــــال إطـــالـــة أمــــد الــــصــــراع، والآن تُـــطـــرح أفــكــار أخـــرى، منها نظرية «جمهورية حـيـفـاء»، هذه الــتــي عـرجـنـا عـلـيـهـا، ووقــــف الـــحـــرب، ثـانـيـهـا؛ إدراك «حــمــاس» بــأن هــذه الأيـــام حـاسـمـة، وأي اتفاق قبل مجيء ترمب سيجعل حظوظها في كسب جـولاتٍ سياسية جيدة سيكون في غاية الصعوبة. الخلاصة؛ أن الفرصة متاحة لقبول مبادرة مصر ومعها الـــدول الـعـربـيـة، ومــن دونـهـا فإن الدول كلها لن تستنفد جهدها ووقتها، وتترك مــشــاريــعــهــا، مـــن أجــــل إيـــقـــاف حـــــرب، طــرفــاهــا عــنــيــدان. إن الــتــفــاوض عـبـر الــتــاريــخ جـــزء من أسـس الـحـرب، حتى الـحـروب العالمية صحبت بالتفاوض، ذلك أن لا أحد يستطيع إفناء الآخر، فـالـطـاولـة هــي الــحــل، وذلـــك لأســبــاب سياسية وإنـــســـانـــيـــة ولــــــدوافــــــع أخــــ قــــيــــة. عـــبـــر تـــاريـــخ القضية كل عـام تنقص المكاسب الفلسطينية، ذلــــك أن تـــقـــادم الـــزمـــن لــيــس مـــن صـــالـــح إنــهــاء المــشــكــلــة، فــــرص عـــديـــدة ضـــاعـــت، وقــــد تـحـدث عنها الرئيسان الأميركيان الأسبقان كلينتون، وأوباما، وتحدّث عنها بالتفصيل الأمير بندر بن سلطان. الفرصة مواتية الآن، لكن من دون ضبط الـحـرب بالعقل ولـجـم التهور لـن تنجح المبادرات، وهذا يحتاج إلى صوت حكمة وليس صوت قنبلة. مــا كـــان لـلـتـقـريـر الـــصـــادر قـبـل أيــــام عــن بعثة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حـقـوق الإنـسـان والأمـــــم المــتــحــدة بـــشـــأن الـــوضـــع فـــي الــــســــودان، أن يثير كـل هــذه الضجة لـو أنــه اقتصر على توثيق الانـــتـــهـــاكـــات والــــدعــــوة لمـحـاسـبـة مـرتـكـبـيـهـا. لكن الــتــقــريــر وسّـــــع فـــي تــوصــيــاتــه وخـــــاض فـــي دعـــوة ملغومة لإرســـال قــوات دولـيـة إلـى الــســودان، تحت شعار حماية المدنيين، ما فتح باب الجدل واسعاً، وعــــرّض اللجنة لاتـهـامـات بـتـجـاوز صلاحياتها، وتسييسمهمتها، بل وضعها في دائرة التجاذبات والصراعات حول أزمة الحرب السودانية. حــتــى قــبــل أن تـقـحـم الـبـعـثـة نـفـسـهـا فـــي هــذا المــوضــوع، فـإنـه كــان مـثـار أخــذ وردّ واسـعـ ، منذ أن تبنته بعض أطــراف القوى السياسية والمدنية فـــي تـنـسـيـقـيـة «تـــقـــدم» ورفــضــتــه بــشــدة الـحـكـومـة السودانية، لذلك لم يكن غريباً أن تصبّ توصيات البعثة مزيداً من الزيت على نيران الجدل، وأن تجد نفسها في دائرة الانتقادات والاتهامات. مــــن نـــاحـــيـــة شــخــصــيــة، فـــإنـــنـــي لا أفـــهـــم أبــــداً استعداد بعضالناس للتفريط فيسيادة أوطانهم بـاسـتـدعـاء الـتـدخـ ت الأجـنـبـيـة. هـنـاك فــرق كبير بــ دعـــم مـهـمـة تـقـصـي الـحـقـائـق عــن الانـتـهـاكـات التي ارتكبت، وبين استدعاء التدخل بقوات دولية - أفــريــقــيــة. تــوثــيــق الانــتــهــاكــات مــطــلــوب، وكــذلــك مـبـدأ المحاسبة عليها، أمــا فتح الـبـاب للتدخلات الخارجية فسوف يضيف إلى التعقيدات والمخاطر، ناهيك عما فيه من تفريط في سيادة البلد. من حق الحكومة السودانية أن تنظر للدعوة لإرســـــــال قـــــوة دولــــيــــة عـــلـــى أنـــهـــا «مـــســـيـــســـة»، وأن المـعـيـار فــي تطبيق مـثـل هـــذا الأمــــر تحكمه دائـمـ مصالح وحـسـابـات سياسية. فضمن هــذا الإطــار يمكن للمرء أن يسأل: لماذا لا ترسل مثل هذه القوة لحماية المدنيين في غزة مثلاً؟ ولمـاذا لم نرَ تدخلاً دولياً وتحركات لإرسـال قـوات دولية إلى إثيوبيا إبان حرب التيغراي؟ هــــنــــاك أيــــضــــ تـــعـــقـــيـــدات كـــثـــيـــرة فــــي الـــوضـــع الــراهــن فــي الـــســـودان، تجعل مـحـاولـة إرســــال قـوة دولـــيـــة مـحــفـوفــة بــالــصــعــاب والمـــخـــاطـــر. فـالـحـرب الراهنة، خلافاً لحرب دارفور السابقة، منتشرة في مساحات شاسعة ومتباعدة، ما يؤشر إلى عقبات لوجيستية كـبـيـرة، ويعني إقـحـام قـــوات ضخمة، وهـو أمـر قد لا يتيسر، في ظل الـظـروف الإقليمية والـــدولـــيـــة الـــراهـــنـــة. أضــــف إلــــى ذلــــك أن الـحـكـومـة السودانية رافضة تماماً للأمر، ما يعني مزيداً من التعقيدات لنشر مثل هذه القوات. صحيح أن هناك سابقة إرســـال قـــوات أممية - أفريقية إلــى دارفـــور ، عـلـى الـــرغـــم مـــن رفـــض ومـعـارضـة 2007 فـــي عـــام نظام البشير، لكن الظروف وقتها كانت مختلفة، والـــســـودان كــان تحت طائلة البند الـسـابـع. اليوم يصعب تمرير قرار بإرسال قوات دولية في مجلس الأمــــن مـــع الــتــوقــعــات بـمـعـارضـة روســـيـــا والـصـ لـــه، فـــي ظـــل الـــصـــراع بينهما وبـــ الـــغـــرب، وعـــدم رغـبـتـهـمـا فـــي تــرســيــخ ســـوابـــق جـــديـــدة بـالـتـدخـل العسكري الـدولـي، إذ تنظر بكين بعين الريبة إلى مواقف الغرب إزاء تايوان، بينما روسيا منهمكة في صراع كبير مع الغرب في أوكرانيا. من ناحية أخرى، فإنني أشكك أن تكون الدول الغربية ذاتها راغبة في الانخراط بشكل أوسع في الأزمـة السودانية، بما يصل حد المشاركة بإرسال أي قـــوات إلــى الــســودان. فـهـذه الـــدول منكفئة على أزماتها ومشاغلها الداخلية، إضافة إلى أولوياتها الأخرى في حربي أوكرانيا وغزة. لجنة تقصي الحقائق تبنت فـي توصياتها مـوقـفـ جـدلـيـ آخـــر بـدعـوتـهـا لتوسيع نـطـاق قــرار مجلس الأمــن بحظر الـسـ ح فـي دارفــــور، الــذي لم يـطـبـق بــجــديــة أصـــــ ً، حــيــث يـشـمـل الـــيـــوم جميع الأطـــــــــراف، بــمــعــنــى الـــجـــيـــش و«الـــــدعـــــم الـــســـريـــع». هــــذه الـــدعـــوة مــلــغــومــة، إذ لا يـمـكـن بــــأي حــــال من الأحـــوال مـسـاواة الجيش الـسـودانـي ومشروعيته بـــــ«قــــوات الـــدعـــم الـــســـريـــع» الـــتـــي تــــمــــردت، لا على الــجــيــش الــــذي كــانــت تـعـمـل تــحــت رايـــتـــه فـحـسـب، بل على البلد كله، بعد أن اختارت طريق التدمير للمؤسسات والبنى التحتية والمـصـانـع ووسائل الإنتاج الـزراعـي، ونهبت ودمـرت البنوك والمتاجر والـجـامـعـات والمستشفيات والمـتـاحـف والأرشـيـف والوثائق الرسمية، واستهدفت المواطن باستباحة دوره ونهب ممتلكاته وتشريده وقتله، والتعدي عـــلـــى حــــرائــــره بـــجـــرائـــم الاغـــتـــصـــاب المـــوثـــقـــة عـلـى نطاق واســـع. وفـي هـذه الـظـروف، فـإن أي محاولة لإضعاف الجيش ستكون بالضرورة ضد مفهوم حـمـايــة المــدنــيـــ ، لأن المــواطــنـــ يــنــزحــون مـــن أي مـنـطـقـة يـدخـلـهـا «الـــدعـــم الــســريــع» ويــلــجــأون إلـى مناطق سيطرة الجيش بحثاً عن الحماية والأمان، وإذا سئل هـؤلاء عمن يفضلون أن توقف إمـدادات السلاح إليه، فإن الإجابة ستكون واضحة بالتأكيد. إن أفـضـل طـريـقـة لحماية المـدنـيـ هــي وقـف الـحـرب، وهـو ما يمكن أن يحدث لو أوقفت بعض الــــــدول والأطــــــــراف تــدخــ تــهــا لــلــتــأجــيــج وإرســـــال شـحـنـات الـسـ ح إلــى «قــــوات الـدعــم الـسـريــع». أمـا الدعوات لمزيد من التدخلات وإرسال قوات، بما من شأنه ترسيخ سيطرة «قـوات الدعم السريع» على مناطق وجودها الحالية، فإنها لن تزيد الأمور إلا تعقيداً، وتضيف إلى المخاطر المحدقة بالسودان. أفضلطريقة لحماية المدنيين هي وقف الحرب وهو ممكن الحدوث لو أوقفت بعض الدول تدخلاتها للتأجيج الفرصة مواتية الآن لكن من دونضبط الحرب بالعقل ولجم التهور لن تنجح المبادرات فهد سليمان الشقيران عثمان ميرغني حنا صالح OPINION الرأي 14 إرسال قوات دولية ليسحلاً للسودان! إدارة التفاوض... صوت الحكمة لاصوت القنبلة «مادوف» لبنان وراء القضبان: المحاسبة ممكنة؟ زمن المساءلة والمحاسبة آتٍ ما سيمنح لبنان واللبنانيين فرصة لبدء تلمسطريق النهوض

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky