issue16724

5 سبتمبر 11 ذكرى ISSUES Issue 16724 - العدد Wednesday - 2024/9/11 الأربعاء ASHARQ AL-AWSAT «الأفـــــغـــــان الـــــعـــــرب». وذات يــــوم جــــاء الــبــشــيــر ونـائـبـه إلى مكتب الترابي وأبلغاه بــــــــأن تــــرتــــيــــبــــات مـــــغـــــادرة أسامة بن لادن قد أُنجزت. وزار الرجلان بن لادن في مقر إقامته، ثـــم تـــولـــت طـــائـــرة عــســكــريــة نــقــلــه إلــى أفغانستان. احتضنت حـركـة «طـالـبـان» زعيم «الــــقــــاعــــدة» ووفّـــــــرت لـــه المــلــجــأ الآمــــن. لـم يكن المــ عمر يتوقع أن يـكـون هذا الـــزائـــر سـبـبـا فـــي ســـقـــوط نــظــامــه. في أواخــــــر الـتـسـعـيـنـات كــــان الــــســــؤال عن بن لادن طبيعيا حين يلتقي صحافي مسؤولاً سودانيا. سألت الرئيس عمر الــبــشــيــر فــــأجــــاب: «جـــــاء بـــن لادن إلــى الــســودان فـي أعـقـاب الـحـرب الأفغانية من مدخل الاستثمار في مجال الطرق والمـــــطـــــارات والـــــزراعـــــة، وهــــي مــجــالات ظـل يعمل فيها وتعمل فيها شركات تابعة لأسـرتـه منذ أمـد طـويـل، وليس له أتباع أو شبكات تنبت بهذا المعنى في السودان سوى مجموعة قليلة من مساعديه ظلت دائما حوله. ظل هؤلاء بــعــيــديــن عــــن الإعـــــــ م وأجـــهـــزتـــه عـلـى أي مستوى، بـل لـم يشاركوا حتى في مـنـاسـبـات ونـــشـــاط المـجـتـمـع الـــعـــادي. لـــكـــنّ أمــيــركــا جـعـلـت مــنــه بـعـبـعـا تــرى صـــورتـــه فـــي كـــل مــكــان وحــتــى بـعـد أن خرج من السودان وهي تعلم جيداً أنه يعيش في شبه عزلة في بلد بعيد، لكنّ هواجسها تغلب معلوماتها». كـــ م الـبـشـيـر لا يُـلـغـي أنـــه التقى الـــرجـــل مـــــرات عــــدة فـــي أثـــنـــاء وجــــوده فـــي الـــخـــرطـــوم ويــصــعــب الاعـــتـــقـــاد أن الــرئــيــس كــــان غــيــر مـطـلـع عــلــى عـ قـة حلقة فــي جـهـاز الأمـــن الــســودانــي ببن لادن و«مزارعه». وكـــــــــان مــــــن الـــطـــبـــيـــعـــي أن أســــــأل الترابي نفسه، فـقـال: «نـعـم، قـام بيني وبينه حـــوار مــحــدود، فهو كــان يبني فـي الـسـودان طرقا ومـطـارات وهـو من أســــرة تـعـمـل فـــي هــــذا المـــجـــال. لـــم يكن رجــــــً يـــدخـــل فــــي الـــســـاحـــات الــفــكــريــة والــــصــــحــــافــــيــــة، ولــــــم يُـــكـــتـــب عـــنـــه فـي الصحافة ولـم يُــرَ يوما فيها. تحدثت مـــعـــه عــــن أفـــغـــانـــســـتـــان وعـــــن أنـــنـــا كـنـا نخشى أن يـتـرك الـــروس وراءهــــم بعد خروجهم منها أناسا ثوريين تمرّسوا فـــــي تـــخـــريـــب (الــــبــــاطــــل والاســــتــــبــــداد الأجنبي) ولكنهم لم يتمرنوا على أي شيء آخر فيحدث لهم ما حدث للثورة الفرنسية وكــل الــثــورات الأخـــرى. قلت لـــه إنــنــي كـنـت أتـــحـــدث مـــع الإخـــــوة في أفـغـانـسـتـان قـبـل ســقــوط كــابــل وكـيـف يـــجـــب أن يُــــحــــضّــــروا لمــــا بـــعـــد تــحــريــر الــبــ د. وحـدّثـتـه أن كـابـل سقطت قبل أن يتهيأوا لذلك ولــم يكن لديهم بعد اســتــعــداد لإقـــامـــة مـجـتـمـع مـسـلـم على مثالهم». ورداً على سؤال عن الجهات التي طالبت بخروج بن لادن من الـسـودان، قـال الـتـرابـي: «جــاء خـروجـه بطلب من الـبـريـطـانـيـ نــيــابــةً عـــن الأمــيــركــيــ . المـمـلـكـة الـعـربـيـة الـسـعـوديـة لــم توجه ضـغـطـا مــبــاشــراً عــلــى الــــســــودان وهــي لـطـيـفـة أصـــــ ً. هـــو شــعــر بــــأن وجــــوده يُـــــــحـــــــرج الــــــعــــــ قــــــات بـــــــ الـــــــســـــــودان والــــســــعــــوديــــة، والـــــبَـــــلـــــدان تــربــطــهــمــا عـــ قـــات وثـيـقـة جــــداً. الــعــ قــات طيبة جـــــداً ومـــــن الـــســـودانـــيـــ نـــحـــو نـصـف مليون مواطن يعملون في السعودية ولم يطردوا واحـداً منهم، وبن لادن لم يكن يريد أن يُحرج هذه العلاقات». أفغانستان والمرحلة الأخطر عاد أسامة بن لادن إلى أفغانستان لــتــبــدأ المـــرحـــلـــة الأخـــطـــر فـــي تـجـربـتـه. بعد شهور من عودته سيطرت حركة «طــــالــــبــــان» عـــلـــى أفـــغـــانـــســـتـــان وعـــدّتـــه ضـيـفـا عـلـيـهـا. بـعـد عــامــ فـقـط دوت تفجيرات فيسفارتي الولايات المتحدة في كينيا وتنزانيا، ووجهت واشنطن أصـــابـــع الاتـــهـــام إلـــى زعــيــم «الــقــاعــدة» المتحصن في أفغانستان، وتكرر الأمر نــفــســه بـــعـــد الـــهـــجـــوم الــــــذي اســتــهــدف المدمرة «كول» الراسية في ميناء عدن. أصــدر بن لادن في تلك الفترة بيانات توحي بأنه أطلق الحرب على الولايات المـتـحـدة، لـكـن لــم يـتـوقـع أحـــد أن ينقل الحرب إلى أراضيها، وهو ما حدث في .2001 ) سبتمبر (أيلول 11 حـ حـــاول الرئيس جـــورج بوش الابــن تبرير قـــراره بغزو الـعـراق، أورد جملة اتهامات ضد نظام صدام تشمل أسلحة الدمار الشامل والقمع والمقابر الجماعية وانتهاك الــقــرارات الدولية. لــكــنّ الـتـهـمـة الــتــي اسـتـوقـفـت كثيرين كــــانــــت كـــــ م بـــــوش عــــن تــــعــــاون نــظــام صـــدام مـع «الــقــاعــدة». لـم تـقـدم الإدارة الأمـيـركـيـة دلــيــً عـلـى تــعــاون مــن هـذا الـــنـــوع وظــــل الـــحـــديـــث عـــن عـــ قـــة بين نـظـام صـــدام و«الــقــاعــدة» مـجـرد تهمة لــم يـتـقـدم مَـــن يثبتها أو يـقـدم الدليل عليها. قصة محاولات التواصل أســـــوةً بـصـحـافـيـ كـثـيـريـن أثـــار موضوع الاتصال بين صدام وبن لادن فــضــولــي، فـــرُحـــتُ أســــأل عــنــه. لــم أعثر على جـــواب لــدى مـعـارضـي صـــدام ولا لـــدى بـعـض الــذيــن عـمـلـوا مـعـه آنــــذاك. وكـــان لا بـد مـن مـحـاولـة الــوصــول إلى «الــــصــــنــــدوق الأســــــــود» الــحــقــيــقــي، أي إلـى ذاكــرة المخابرات العراقية في تلك الـــفـــتـــرة. وافـــــق رئـــيـــس شــعــبــة أمــيــركــا فــي المـــخـــابـــرات، ســالــم الـجـمـيـلـي، على الـــتـــحـــدث، وشـــــاءت الــصــدفــة أن يـكـون وراء المحاولة الأولــى للاتصال بزعيم «القاعدة». قبل الغزو العراقي للكويت كانت الــــعــــ قــــات بــــ الـــــعـــــراق والـــســـعـــوديـــة طــبــيــعــيــة وإيــــجــــابــــيــــة. وقّـــــــع الـــبـــلـــدان اتـــفـــاقـــيـــة أمـــنـــيـــة تـــحـــظـــر الــــتــــدخــــل فـي الـــشـــؤون الــداخــلــيــة وتـــوقـــف نـشـاطـات الأجـــهـــزة الاســتــخــبــاراتــيــة عــلــى أرض الــدولــة الأخـــرى إلا فـي حـــدود النشاط العادي للسفارات. وكان صدام حسين يـــتـــحـــدث بـــإيـــجـــابـــيـــة عـــــن الـــســـعـــوديـــة ووقوفها إلـى جانب الـعـراق في الأيـام الصعبة وكان يشيد بالملك فهد بن عبد العزيز واحترامه الروابط بين البلدين وعدم امتناعه عن تقديم أي دعم ممكن إبان الحرب العراقية - الإيرانية. وروى أحـــد الـــذيـــن عـمـلـوا فـــي قـصـر الـرئـاسـة الــــعــــراقــــي أن المــــلــــك فـــهـــد بـــــذل جـــهـــوداً حثيثة فـي الـسـاعـات التي أعقبت بدء الغزو لتدارك الموقف وإعـادة الأمر إلى طـــاولـــة المــــفــــاوضــــات، لـــكـــنّ صـــــدام كــان ذهب بعيداً. أدت الأزمــــــــة عــمــلــيــا إلــــــى ســقــوط الاتــفــاقــيــة الأمــنــيــة والــتــزامــاتــهــا. حين بـــــــدأت تـــــتـــــوارد أخــــبــــار عــــن اتــــصــــالات تُــــجــــريــــهــــا المـــــعـــــارضـــــة الــــعــــراقــــيــــة مــع الــــســــعــــوديــــة، كـــتـــبـــت المـــــخـــــابـــــرات إلـــى الرئيس تقترح إلغاء الاتفاقية الأمنية مـــع الــســعــوديــة لـكـنـه رفـــــض. وعـنـدمـا كررت المخابرات حديثا عن الاتصالات بين المعارضة العراقية والرياض، طلب صــدام تـزويـده بتقرير شهري عن هذا المــــوضــــوع. وفــــي وقــــت لاحــــق استنتج صــدام أن السعودية بــدأت تدعم فكرة تـغـيـيـر نــظــامــه فـــأصـــدر تــوجــيــهــا إلــى المخابرات بـ«العمل بكل قوة خصوصا لتقويض الوجود العسكري الأميركي في السعودية». قال الجميلي: «حين يصدر توجيه مـن هــذا الـنـوع مـن الـرئـيـس شخصيا، فـعـلـى كـــل الأجـــهـــزة الأمــنــيــة أن تبحث عن كل الأوراق التي يمكن أن تسهم في تنفيذه. كنت فـي ذلــك الـوقـت مسؤولاً عن شعبة سوريا في الجهاز، وكانت لـــديـــنـــا عــــ قــــات مــــع جـــمـــاعـــة الإخــــــوان المـسـلـمـ فـــي ســـوريـــا - جــنــاح عـدنـان عقلة. أرسل عبد الملك شقيق عدنان أن لدى الإخوان علاقات مع بن لادن وأنهم على استعداد لإيـصـال رسالتنا إليه. استدعيته واستقبلته في أحـد فنادق بـــغـــداد فـــأكـــد اســـتـــعـــداده لــلــقــيــام بـهـذا الـــدور. حمّلته رسالة شفوية فحواها أن لدينا الآن هدفا مشتركا وهو إخراج الـــقـــوات الأمـيـركـيـة مــن المـنـطـقـة، وأنـنـا يـمـكـن أن نــتــعــاون فـــي هــــذا المــضــمــار. أعـــطـــيـــنـــاه نـــفـــقـــات الـــســـفـــر وكــــانــــت فـي آلاف دولار». 10 حدود وأضاف: «عاد الرجل بعد شهر أو أكثر قليلاً. أبلغنا بأن موقف بن لادن كــان متشدداً جــداً وأنــه كــرر مــرات عدة أن النظام فـي الـعـراق كـافـر وهــو الـذي تـسـبـب فـــي مــجــيء الـــقـــوات الأمـيـركـيـة إلى المنطقة، وأنْ لا مجال لأي لقاء مع ممثليه أو التعاون معه. نحن نتحدث عــن الــســنــوات الأولــــى مــن التسعينات ولـــــــم تــــكــــن هـــــنـــــاك عـــمـــلـــيـــات لــتــنــظــيــم سـبـتـمـبـر. 11 (الــــقــــاعــــدة) مـــن قــمــاشــة وسمعت يومها مـن مـديـر (العمليات الخارجية) في الجهاز فاروق حجازي أن رداً مشابها مــن بــن لادن جـــاء عبر قناة أخرى». لقاء بنلادن ومسؤول مخابراتصدام فهم الجميلي لاحقا أن حجازي زار الخرطوم والتقى بن لادن بعد وساطة قـام بها سياسي ورجــل ديـن سوداني هـــو الــدكــتــور حـسـن الـــتـــرابـــي. ويــقــول: «أطلع حجازي الرئيس على ما جرى ولـــم يـحـدث أي تــعــاون مــع (الــقــاعــدة). وهــــــذا مــــا قـــصـــده جــــــورج بـــــوش الابــــن حين قال إن الرئيس أرسل مبعوثا إلى بـن لادن. أعتقد أنــه كــان يـعـرف أنــه لم يحصل أي تعاون، لكنه امتنع عن ذكر ذلك لتبرير الغزو». مـــصـــدر آخـــــر رفـــــض الـــكـــشـــف عـن اسمه قـال إن بن لادن أظهر في لقائه مع حجازي «شيئا من المرونة بالنسبة إلى موقفه من نظام البعث العراقي». وأضــــاف أن بــن لادن «طــالــب فــي حـال الـتـعـاون أن تـكـون لـه معسكرات تقام تماما خـــارج سلطة الـدولـة العراقية، وأن يـمــتـلــك حـــريـــة تــحــديــد الأهــــــداف والـــتـــوقـــيـــت». وأشــــــار إلــــى أن «صــــدام ســـــأل حــــجــــازي عــــن مـــوقـــفـــه فــــــردّ بـــأن إدارة جماعة بن لادن لن تكون سهلة، وأن ثـمـن الـتـعـاون مـعـه سـيـكـون بالغ الــخــطــورة. فطلب صـــدام مــن حـجـازي طي الموضوع نهائيا». نــــهــــايــــة المـــعـــنـــيـــ بــــذلــــك المــــوعــــد الـخـطـر مــعــروفــة. الــتــفّ حـبـل الإعــــدام حـــــول عـــنـــق صــــــدام حـــســـ . وأعـــدمـــت الــســلــطــات الــعــراقــيــة فـــــاروق حــجــازي الــــــذي لـــجـــأ إلـــــى ســــوريــــا بـــعـــد ســقــوط نـظـام صـــدام لكنه أُرغــــم عـلـى التوجه إلى الحدود السورية - العراقية، حيث اعـــتُـــقـــل. وطــــــاردت الـــقـــوات الأمـيـركـيـة أســــامــــة بــــن لادن حـــتـــى تــمــكــنــت مـنـه وقتلته في باكستان. تقع المدن أحيانا في إغراء التهور وتــــكــــلّــــف نــفــســهــا عـــلـــى يــــد مــغــامــريــن مــا يــفــوق طـاقـتـهـا ثــم تـرتـطـم بـالـواقـع وبـــــالـــــعـــــالـــــم. دفـــــعـــــت الـــــخـــــرطـــــوم ثــمــن اسـتـقـبـال المـطـلـوبـ وعـوقـبـت قـبـل أن تحاول خفض الأضـرار وتغيير اتجاه البوصلة. هـنـاك مـن يـقـول إن خرطوم البشير حلمت أن تكون عاصمة أعداء الـــغـــرب، وإن الــتــرابــي حـلـم بـــأن يـكـون مـرجـع حـركـات الإســـ م السياسي في تكرار لتجربة الخميني. كلّف الرجلان السودان ما يفوق طاقته. منزل بنلادن في السودان (أرشيفية - الشرق الأوسط) صدام مجتمعاً بأركان نظامه غداة اتهام جورج بوشله بالتعاون مع «القاعدة» (غيتي) مباركمتحدثاً إلى الصحافيين في مطار القاهرة بعد نجاته من محاولة الاغتيال في إثيوبيا (أ.ف.ب) البشير ونائبه أمام القضاء بعد إطاحتهما (أ.ف.ب) قصة لقاء فاشل استخدمه جورج بوشللربط بين «البعث» و«القاعدة» وتبرير إسقاط النظام العراقي زار مدير العمليات الخارجية في المخابرات العراقية الخرطوم والتقى بنلادن بعد وساطة قام بها حسن الترابي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky