issue16724

إن تجربة فرنسا السياسية منذ الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر يوليو (تموز) الماضي، وحتى ترشيح ميشال بارنييه لتشكيل الحكومة الجديدة، تقول إنه يمكن مـمـارسـة «ألاعــيــب ديـمـقـراطـيـة» تـحـتـرم الـقـواعـد القانونية والدستورية القائمة، ولكنها لا تعبّر بشكل كامل عما جاء في «صـنـدوق الاقـتـراع» ولا نتيجة التصويت الشعبي قبل إعلان النتائج. والحقيقة أن «اللعبة الأولى» حدثت عقب إعلان نتائج الجولة الأولـــى مـن الانـتـخـابـات التشريعية الـتـي جــاء فيها حزب «التجمع الوطني» اليميني المتطرف في المرتبة الأولى، في المائة من أصوات الناخبين، 33 بعد أن حصل على نحو يليه تحالف اليسار المتمثل في «الجبهة الشعبية الجديدة» في المائة من الأصـــوات، ثم حل حزب 28 وحصل على نحو في المائة، 20 الرئيس إيمانويل ماكرون ثالثاً، وحصل على وأخيراً جاء حزب «الجمهوريين الديغولي» رابعاً، وحصل فـي المـائـة مـن الأصــــوات، والـــذي ينتمي إليه رئيس 10 على الوزراء المكلف بارنييه. والجولة الثانية لا يحسمها فقط التصويت الشعبي؛ إنما أيضاً حجم التحالفات و«التربيطات» السياسية التي تقوم بها الأحزاب والكتل المختلفة في مواجهه تيار أو حزب بعينه، وهو ما حدث في فرنسا بين كل القوى السياسية، في مواجهة مرشحي اليمين المتطرف ممثلاً في حزب «التجمع الوطني» وحلفائه. والمــــعــــروف أن قـــانـــون الانــتــخــابــات فـــي فــرنــســا يجعل في 12.5 الإعـــادة بين كل من حصل في الجولة الأولــى على المائة من أصــوات الناخبين، بما يعني أن الإعـــادة يمكن أن مـرشـحـ ، وهـنـا تـوافـقـت أحــــزاب تحالف 5 أو 4 تـكـون بــ الـيـسـار فــي «الـجـبـهـة الـشـعـبـيـة» مــع تـحـالـف الـيـمـ المـؤيـد Le( » لــلــرئــيــس مــــاكــــرون، عــلــى شـــعـــار «الـــســـد الـــجـــمـــهـــوري ) أي تحالف كل القوى السياسية تقريباً barrage republican من اليمين واليسار، والتي تعد نفسها مدافعة عن مبادئ الجمهورية، في مواجهة مرشحي أقصى اليمين الـذي يعد مهدداً لهذه المبادئ. وقد تُرجم هذا «السد» انتخابياً، في السماح للمرشح الذي حصل على أعلى الأصوات فقط بخوض جولة الإعادة فـي مـواجـهـة أقـصـى الـيـمـ ، وسـحـب بقية المـرشـحـ ، وهو 100 مــا عـظّـم مــن فـــرص فــــوزه، وخـسـر أقـصـى الـيـمـ نـحـو مقعد في جولة الإعادة، بفضل هذه التعبئة وهذا التنسيق السياسي والانتخابي. وهــنــا قـــد تــكــون الأصـــــوات الــتــي حـصـل عـلـيـهـا أقـصـى اليمين أكبر من أصوات بقية الأحزاب، وهو ما حدث بالفعل، ولـــكـــن مـــا جــــرى عـمـلـيـ فـــي أرض الــــواقــــع أن هــــذا «الاتـــفـــاق الديمقراطي» الذي لا يجرّمه الدستور والقانون بين الأحزاب المناوئة لأقصى اليمين، جعل النتيجة تخرج مخالفة لنسبة التصويت الشعبي الــذي حصل عليه ووضعته فـي المرتبة الأولى بين القوى السياسية. وجاءت نتيجة الجولة الثانية مخالفة للأولى، بفضل هـذا التربيط السياسي والانتخابي. فقد حصلت «الجبهة مـقـعـداً 12 مــقــعــداً، بــجــانــب 182 الـشـعـبـيـة الـــجـــديـــدة» عــلــى ليساريين مستقلين، ثم جاء تحالف «معاً» الذي يقوده حزب 168 مــاكــرون (الـنـهـضـة) فــي المـرتـبـة الـثـانـيـة، وحـصـل عـلـى مقعداً، ثم جاء حزب «التجمع الوطني» في المرتبة الثالثة، مـقـعـداً، وأخــيــراً جــاء حــزب يمين الوسط 143 وحـصـل على 6 مقعداً، بجانب 66 الديغولي (الجمهوريون) وحصل على مقاعد لمستقلين. وجــاءت «اللعبة الثانية» الأسبوع الماضي، حين كلف الــرئــيــس الــفــرنــســي الــســيــاســي المــخــضــرم مــيــشــال بـارنـيـيـه بــتــشــكــيــل الـــحـــكـــومـــة الـــــجـــــديـــــدة، رغــــــم أنــــــه يــنــتــمــي لــحــزب «الجمهوريين» الــذي يمثل التكتل السياسي الأضـعـف بين «الأربعة الكبار» الذين يشكلون البرلمان الفرنسي. صحيح أنه ينتمي ليمين الوسط الديغولي الـذي كان يعد التيار الأكبر في فرنسا، منذ أن أسس الجنرال ديغول ولمدة نصف قرن، قبل أن يبدأ 1958 الجمهورية الخامسة عام في التراجع في عهد الرئيس الأسبق سـاركـوزي، وصحيح أنـــه وزيـــر سـابـق وسـيـاسـي لـديـه احـــتـــرام وسـمـعـة أوروبــيــة طيبة وأداء مهني رفيع، فقد قاد مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) بمهارة شديدة؛ إلا أنه في النهاية لا ينتمي للحزب أو التكتل الأكبر الذي جرى العرف أن يختار رئيس الجمهورية الحكومة منه. وصحيح -أخــيــراً- أن الـنـص الـقـانـونـي والــدســتــوري لا يمنع رئيس الجمهورية من كسر العرف السائد، ما دام سينال برنامج حكومته ثقة الـبـرلمـان، إلا أن «الـعـرف الديمقراطي» تراجع أمام «الألاعيب الديمقراطية»، واختار ماكرون رئيساً للوزراء ينتمي للتكتل الأضعف داخل البرلمان. وتأتي المفارقة الكبرى من كون كل من التحالف المؤيد للرئيس وحـزب «الجمهوريين» لن يستطيعا أن يصلا إلى مقعداً، وهي النسبة المطلوبة لكي يوافق البرلمان على 289 بــرنــامــج الـحـكـومـة ويـعـطـيـه ثـقـتـهـا. ويـــبـــدو أن هــنــاك خطاً ساخناً قـد فُـتـح بـ الرئيس وحـــزب أقـصـى اليمين لإعطاء الثقة لبارنييه، بما يعني أن هـذا «السد الجمهوري» الذي تشكّل لمواجهة اليمين المتطرف في الانتخابات التشريعية قـــد تـــ شـــى حـــ تــغــيــرت حـــســـابـــات المـــصـــالـــح الــســيــاســيــة، وصــــار بــقــاء حـكـومـة مـــاكـــرون رهـيـنـة بــدعــم أقــصــى اليمين الـذي عدّ هزيمته في الانتخابات أحد مظاهر الحفاظ على الجمهورية الفرنسية. على أثـر مقتل ثلاثة إسرائيليين، الأحـد الماضي، عند معبر حدود جسر الملك حسين بالضفة الغربية المحتلة على يــد سـائـق شـاحـنـة أردنــــي، أثـنـى سـامـي أبـــو زهــــري، رئيس الدائرة السياسية لـ«حماس» بالخارج، على الهجوم واصفاً إياه بالرد على الهجوم الإسرائيلي على غزة. وقال إن «عملية معبر الملك حسين هي رد طبيعي على جرائم حـرب الإبــادة الإسرائيلية ضد أهـل غـزة، وهـي شكل جديد لانخراط الأمة بالمواجهة»، بحسب «رويترز». وطالما حاولت، وحثت «حماس» على إقحام الأردن في هذه الحرب، لكن هذه ليست القصة. حيث قـالـت «حــمــاس» بـالأمـس إنــه مـا لـم يتم الاتـفـاق على وقف إطلاق النار فلن يرى الرهائن الإسرائيليين النور، وهنا قد يقول قائل إن هذا طبيعي، وما المطلوب أصلاً من «حماس» الآن وسط تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي؟ المطلوب ببساطة هو أن تحذو «حماس» حذو «حزب الله»، الذي يبدو أنه وجد المخرج لطلب الهدنة مع إسرائيل، وتجنب الحرب، عبر قول المرشد الإيراني علي خامنئي إن التراجع أمام العدو تكتيكياً أمر مقبول. حيث نقلت وكالة «مهر» الإيرانية عن المرشد تأكيده أنه لا ضير في «التراجع التكتيكي» أمام العدو، مشيراً إلى أن هذا التراجع قد يكون بالميدانين العسكري أو السياسي. وإن أحد أسس الحرب النفسية التي يستخدمها الأعداء هو تضخيم صورتهم والإيحاء بضرورة الخشية منهم. مضيفاً أنه «عندما تتسلل هذه الحركة من الحرب النفسية التي يمارسها الـعـدو إلـى الساحة العسكرية، تــكــون نـتـيـجـتـهـا الـــخـــوف والـــتـــراجـــع»، مـــؤكـــداً أن هـنـاك تراجعاً تكتيكياً كما هي الحال مع التقدم، ولا ضير في ذلك. وهـا هـي الحكومة اللبنانية تعلن رغبتها فـي إجـراء مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل من أجل تجنب الحرب، وكلنا يعرف أنـه لا يمكن فعل ذلـك مـن دون موافقة «حـزب الله» الذي من الواضح أنه يريد تجنب هذه الحرب. والأمر الآخر هو التعامل الإيراني مع مقتل إسماعيل هنية قـائـد «حــمــاس» الــراحــل، الـــذي اغتيل فـي إيــــران، وها هي طهران تتجنب الرد العسكري على إسرائيل، بل وأعلن الأوروبيون أنهم تلقوا إشارة لرغبة طهران بالتفاوض. وهذه الإشارة تعد الخطوة الثانية بإعلان رغبة إيران في التفاوض مع الغرب، وذلك بعد أن أعلن المرشد الإيراني، قبل أسـبـوع أو أكـثـر، أنــه لا ضير بالتفاوض مـع واشنطن حول الملف النووي. وعليه؛ فلماذا تسعى «حماس» لفتح جبهة أردنية مما يعني خطراً حقيقياً على الضفة الغربية، والأمـــن القومي الأردنـــي، والعربي، كما يعني خطراً وجودياً على القضية الفلسطينية، بينما تسعى إيران و«حزب الله» للتفاوض؟ لمــــاذا لا تـطـالـب «حـــمـــاس» الــســنــوار الآن بـــرد وتـدخـل إيراني عسكري عبر طهران نفسها، أو عبر «حزب الله» بدلاً من مطالبة الأردن، أو غيره من الدول العربية، خصوصاً أن «حماس» تتغنى بالدعم الإيراني؟ ولمــــــاذا لا يــقــتــدي الـــســـنـــوار بـــــ«حــــزب الـــلـــه» ويـسـتـمـع لنصيحة المـــرشـــد الأعـــلـــى الإيــــرانــــي، ويـحـمـي مـــا تـبـقـى من القضية الفلسطينية، وليس فقط غــزة؟ ولمـــاذا لا ضير في «التراجع التكتيكي» أمام العدو بالنسبة لإيران وحرام على أهل غزة؟ هل من إجابة؟ ليس كلّ المستوطنين في الضفّة الغربيّة والـقـدس الشرقيّة من المؤمنين. فهناك أيضاً المستوطنون الـوظـيـفـيّـون، بالباحثين منهم عـــن إيــــجــــارات مـنـخـفـضـة لــلــمــنــازل، ومُــحــبّــي الـعـيـش فــي الطبيعة، والمـتـخـفّـفـ مــن أعـبـاء العالم، والساعين وراء شـروط يرونها مثلى لتربية أبنائهم...، وهؤلاء يشاطرون المؤمنين سرقة الأرض وقهر الفلسطينيّين. مــــع هـــــــذا، فـــالمـــؤمـــنـــون مـــنـــهـــم يــمــلــكــون «الـــقـــضـــيّـــة» الـــتـــي لا يـمـلـكـهـا الأوّلـــــــــون مــمّــن تحرّكهم أنانيّة سينيكيّة عديمة الأخلاق، وإن كانت نتائج أفعالهم لا تقلّ فداحة عن نتائج الأفعال التي يقدم عليها الدينيّون. فالأخيرون يخوضون في الضفّة حرباً أخـــــرى. وهـــــي، وإن اســتــظــلّــت بــالــحــرب على غـــــــزّة، وبــــاتــــت تــســتــمــدّ مــنــهــا مــــا يــؤجّــجــهــا، تحتفظ لنفسها بعناصر تستقلّ بـهـا. ذاك أنّــهــا بــالأصــل سـابـقـة زمــنــ عـلـى حـــرب غـــزّة، كما تستقي مبرّرها شبه الوحيد من مقدّمات دينيّة مُلزمة. وإلـــــى هــــذا لا تــشــكّــل الــســيــاســة أيّـــــ من اعـتـبـارات الـحـرب الـديـنـيّـة، فهي غير معنيّة بانعكاس الاستيطان على علاقات إسرائيل بـداعـمـيـهـا الــغــربــيّــ ، أو عـلـى صــورتــهــا في عالمٍ بـات يُــراد لصوره أن تنسجم مع رفض الاســتــيــطــان، وغــيــر مـعـنـيّـة كــذلــك بـانـعـكـاس أفـــعـــالـــهـــا عـــلـــى مــــوقــــع دولــــتــــهــــا فـــــي الـــشـــرق الأوسـط، وعلى بناء السلام أو هدم كلّ سلام مــع دولــــه. وإذا كـــان الاسـتـيـطـان الصهيونيّ القديم محكوماً بإقامة الدولة، فالدولة، وفق الاســـتـــيـــطـــان الــــراهــــن، يـنـبـغـي أن تـــكـــون هي المحكومة بحماية الاستيطان. أمّا أن تختلط، بنتيجة التهجير، أوراق الخرائط في المنطقة انـــطـــ قـــ مــــن الأردن، مــــع مــــا يـــنـــطـــوي عـلـيـه ذلـــك مــن حـمـولـة دمـــويّـــة، فــهــذا لا يــنــدرج في حسابات المستوطنين. وهم غير معنيّينحتّى بانفجار في الضفّة لا تتوفّر قوات إسرائيليّة كافية للتعامل معه. أمّا أحداث كعمليّة جسر أللنبي، التي استُنفرت لها أعـصـاب العالم، فتدخل عندهم في العاديّات، تماماً كعاديّة أنْ يتعرّض قادتهم وناشطوهم لعقوبات دوليّة. هكذا فالعُته، أو الخبَل، الــذي كثيراً ما يوصف به المستوطنون الدينيّون، لا يقتصر على حمل معتقدات بالية مصدرها الغيب، بــل يـشـمـل الـتـعـامـل مــع الـعـالـم المـعـاصـر كما لــو أنّـــه لــم يـصـر مــا صــــاره. ذاك أنّ الصحيح والــصــائــب، فــي عــرفــهــم، هــو بـالـضـبـط مــا لم يُـــتَـــح لـــه أن يــحــصــل، ولـــيـــس مـــا حـــصـــل. أمّـــا الـحـرب فتغدو قـيـامـيّـة، لا تضع أوزارهــــا إلاّ في الفناء والعدم. فهي تجمع قواها من وراء ظـهـر الــتــاريــخ، مــا يُـجـيـز إطـــ ق الـنـعـت الــذي كثيراً ما يُطلق على المستوطنين، أي الأسراب والــقــطــعــان الـــتـــي تــمــثّــل شـــطـــراً مـــن الـطـبـيـعـة الأولـــى مَنسيّاً فـي الـحـضـارة المـعـاصـرة. وما يزكّي «غرابتهم» وضعهم الملتبس بمعايير الــدول والـحـدود. فهم مواطنون إسرائيليّون يعيشون فــي الـضـفّـة الـغـربـيّـة الـتـي يُفترض أنّها ليست إسرائيليّة، إلاّ أنّها، مع هذا، «خطّ أخــضــر» لـوقـف إطـــ ق الــنــار ولـيـسـت حـــدوداً دوليّة. لكنّ المفارقة أنّ خروج المستوطنين عمّا يُــفــتــرض أنّـــــه دولـــتـــيّ وســـيـــاســـيّ ومـحـسـوب ديبلوماسيّاً محميّ بالدولة الإسرائيليّة، وإن تظاهرت أحياناً بامتعاض حيالهم. ففضلاً عن تمثيلهم في الحكومة الحاليّة بالوزيرين بن غفير وسموتريتش، فـإنّ الجيش يمدّهم بـالـسـ ح، وتُـمـنـح لهم تـراخـيـص الـبـنـاء كما يُغضّ النظر عن انتهاكاتهم. وهــــنــــا يـــظـــهـــر الـــفـــضـــائـــحـــيّ فــــي ســلــوك الـــــدولـــــة، بــــل الـــفـــضـــائـــحـــيّ فــــي أحـــــد مـــصـــادر الصهيونيّة ذاتها. فممّا يفعله المستوطنون أنّـــهـــم يـــعـــيـــدون إلــــى الأذهـــــــان مـــا يُـسـتـحـسـن نسيانه، من أنّ المشروع الصهيونيّ الأصليّ بدأ استيطانيّاً. لكنْ بينما لم يكن الاستيطان القديم مَرعيّاً بدولة، رغم التعاطف البريطانيّ الـــجـــزئـــيّ والمــــشــــروط، فــالاســتــيــطــان الــحــالــيّ يحظى بـالـرعـايـة هـــذه. وعـلـى عكس حركات الاســـتـــيـــطـــان والــــتــــوسّــــع الـــقـــديـــمـــة فــــي ســائــر العالم، والتي خاطبت الآخر ولو كذباً، فكان مثلاً ما سمّته قصيدة كيبلنغ «عـبء الرجل الأبــــيــــض»، فـــــإنّ هــــذا الاســتــيــطــان مــونــولــوغ بحت. أمّـا «الانتساب الإسرائيليّ إلى الغرب الديمقراطيّ» ففضيحته كامنة أيضاً في هذا الاستيطان، بما يتعدّى نهب الأرض وامتهان الــــســــكّــــان. ذاك أنّ الــصــهــيــونــيّــة جـــهـــدت فـي برهان أولويّة القوميّ على الدينيّ يوم كانت القوميّة واحداً من المفاهيم الصاعدة، وهاهم المستوطنون يقولون العكس، ويذكّروننا بأنّ مؤمنين مثلهم من روسيا هم الذين حسموا فـي جعل فلسطين، لا الأرجـنـتـ أو أوغـنـدا، المكان المرشّح للدولة المرتجاة. وقـــــد تــفــيــد الإشــــــــارة إلـــــى أنّ نـتـنـيـاهـو والــتــقــلــيــد الــجــابــوتــنــســكــيّ يــشــغــ ن مـوقـعـ وسيطاً بين الصهيونيّة العلمانيّة والدينيّين، ليس لأنّـهـمـا ديـنـيّـان، وهـمـا ليسا كـذلـك، بل لأنّهما أصوليّان سياسيّان وقوميّان، يعيدان الـصـراع إلـى جــذور تكوينيّة مفترضة أفقُها العنف المحض. فـهـم، إذاً، الــــروح الـخـفـيّـة للصهيونيّة، تستلحقها وتكمّلها، بما يجعل الماضي شيئاً لا يمضي. وبوقاحة لا يملكها إلاّ الثوريّون، تتحوّل معهم سرقة الأرض التي يُفترض أنّها عيب وجريمة إلى أمر إلهيّ. وهـــذه الـظـاهـرة الـتـي وُلـــدت بُعيد حرب من جمجمة صدئة، ولّدت مجتمعاً راح 1967 يكبر مع كلّ حرب ويكبر ما فيه من صدأ. ذاك أنّ تربيتها تعهّدها مُحبّو الحروب وكارهو السياسة الـذيـن يشاطرونها خـرافـاتـهـا وإن على نحو مقلوب. وبـ هــؤلاء مَـن قـالـوا لنا : هلّموا 2023 ) أكـتـوبـر (تـشـريـن الأول 7 بعد إلـى تحرير فلسطين، فيما يحذّروننا اليوم من تهجير أهل الضفّة! OPINION الرأي 14 Issue 16724 - العدد Wednesday - 2024/9/11 الأربعاء من المرشد إلى السنوار ألاعيب ديمقراطية ... عن أولئك المستوطنين الدينيّين! وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة نتنياهو والتقليد الجابوتنسكيّ يشغلان موقعاً وسيطاً بين الصهيونيّة العلمانيّة والدينيّين لماذا لاضير في «التراجع التكتيكي» أمام العدو بالنسبة لإيران وحرام على أهل غزة؟ طارق الحميد الاتفاق الديمقراطي الذيلا يجرّمه الدستور جعل النتيجة مخالفة للتصويت الشعبي عمرو الشوبكي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky