issue16722

Issue 16722 - العدد Monday - 2024/9/9 الاثنين الإعلام 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز يعتمد معظم الأخبار المتعلقة بمفاوضات «هدنة غزة» سواءً عربياً أو غربياً على «تسريبات» من مصادر «مُجهّلة» ترند خلقوا المشكلة... وقالوا إنها بلاحل! يحفل عالمنا بكثير مـن التحديات الصعبة، التي تتطلّب استجابات عاجلة؛ ومنها على سبيل المثال ما يتعلّق بالتغيرات المُناخية الـحـادة، أو الجوائح والأوبـئـة، أو الذكاء الاصطناعي وتــطـوراتــه المـتـسـارعـة والمـذهــلــة، فـضـاً بالطبع عــن التحديات المُزمنة التي تتجسّد في الفقر والطغيان والنزاعات والحروب، التي تشتعل في بقاع عديدة من العالم. ولا يُـــمـــكـــن تـــوقـــع اســـتـــجـــابـــات نـــاجـــعـــة لــلــتــعــامــل مــــع تـلـك التحديات من دون درجة واضحة من التوافق بشأن خطورتها، ثـم اليقين فـي أن ثمة سبلً مـحـددة يمكن مـن خللها التصدي لها، وتخفيف أثرها، ثم توافر الهمة اللزمة والإرادة والمــوارد الكافية للتجاوب معها. لـــقـــد ســـعـــت بـــعـــض مــــراكــــز الــتــفــكــيــر الـــكـــبـــيـــرة إلـــــى تـعـيـ التحديات المؤثرة على الصعيد العالمي، بل إلى ترتيبها لجهة أهميتها وخطورتها كذلك، وفي كل الأحوال لم يكن هناك خلف على أن الأخبار المُضللة، الناشئة عن الوسط الاتصالي الراهن، ودور وسائل «التواصل الاجتماعي» فيه، تأتي في مقدمة تلك التحديات. كما كان لافتاً أن هذا التوافق النادر عبر العالم لم يستثنِ الحكومات والمُشرعين والنُخب وأفراد الجمهور العادي، وحتى صُناع المشكلة نفسها؛ أي مالكي ومشغلي شركات التكنولوجيا الكبرى القائمة على النظام الاتصالي العالمي، بجوانبه المختلفة. يقر الجميع، من دون استثناء تقريباً، بأن الأخبار المُضللة مـشـكـلـة عـالمـيـة خـطـيـرة ومـــؤثـــرة، وبــــأن مـفـاعـيـلـهـا قـــــادرة على الوصول إلى شتى جوانب حياتنا، بل قادرة أيضاً على تقويض السلم والاسـتـقـرار، وعلى سلب الإنـسـان الـفـرد مقومات الحكم الـذاتـي العقلني، وعلى تجريد المجتمعات مـن فضيلة اتخاذ القرارات الصائبة. ليست الأخبار المضللة مشكلة طـارئـة... هذا صحيح. فقد كانت موجودة في زمن الإعـام «التقليدي»، وكانت قـادرة على إحـداث الأثر السلبي، وهو أمر لا يمكن دحضه. لكن ديناميات الــنــظــام الاتــصــالــي الـــراهـــن، بـطـاقـتـهـا الــفــريــدة وخـوارزمـيـاتـهـا الــنــافــذة وتــمــددهــا الـشـبـكـي وانــتــشــارهــا الـقـيـاسـي، جـعـلـت من تلك المشكلة قضية عابرة للحدود والمجتمعات وشتى جوانب الـــحـــيـــاة، وجـعـلـتـهـا أيـــضـــ جـــــزءاً مـــن آلـــيـــات الــــصــــراع الـــدولـــي، والتنافس المحلي. ولذلك، فقد حدد استطلع للرأي أجراه «المنتدى الاقتصادي العالمي»، أخيراً، قضية «المعلومات المُضللة» باعتبارها «الخطر الـعـالمـي الأول للعامين المُـقـبـلـ »، بـعـدمـا كـــان تعبير «الأخــبــار المُفبركة» أكثر التعبيرات تأثيراً وحضوراً على الصعيد العالمي، .2017 وفق قاموس «كولينز»، لعام والـــيـــوم، لا نـجـد رفــضــ أو تـقـلـيـاً مــن خــطــورة «الـفـبـركـة» والأخـــبـــار المُــضـلـلـة، حـتـى بـــ أبــــرز عـــرّابـــي الـــوســط الاتـصـالـي الـعـالمـي الـــراهـــن وأقــطــابــه المــؤثــريــن، الــذيــن اتـفـقـوا جـمـيـعـ ، بل استثناء، على أنهم يرصدون هذا التحدي، ويدركون خطورته، و«يبذلون الجهود» لمواجهته. وبين هؤلاء يبرز الملياردير الأميركي بيل غيتس، المؤسس المُــــشــــارك لــشــركــة «مـــايـــكـــروســـوفـــت»، وأحــــد الــفــاعــلــ الــبــارزيــن المُـهـتـمـ بـــ«مــواجــهــة الأخـــطـــار الـعـالمـيـة» بــأنـواعـهـا المُـخـتـلـفـة، الـذي أبلغنا، من خلل مقابلة مع شبكة «سي إن بي سـي»، في الأسبوع الماضي، أن «مشكلة الأخبار المُضللة سيتم تسليمها إلى الجيل الأصغر سناً»، بسبب عدم وجود حل واضح لإبطاء انتشارها. ويـــوضـــح غــيــتــس فــكــرتــه بـــالـــقـــول إن مــشــاكــل مـــن نــوع الــــجــــوائــــح والـــتـــغـــيـــر المُــــنــــاخــــي، لـــيـــســـت ســـهـــلـــة الــــحــــل، لـكـن «مواجهتها مُمكنة وأقل صعوبة، لأن ثمة مسارات واضحة للتغلب عليها»، وهو الأمر الذي نفهم منه أن قضية الأخبار المُضللة لا تتوافر على مسارات واضحة لمواجهتها، أو هكذا أراد لنا غيتس أن نفهم. يريد لنا غيتس، وغيره من عرّابي الوسط الاتصالي العالمي الراهن، أن نستسلم لفكرة أن الأخبار المُضللة «مسألة قدَرية»، ومشكلة بل حـل، سنسلّمها إلـى الأجيال المُقبلة، لأنـه لا سبيل واضحاً لحلها أو التعامل معها، وهنا تكمن المغالطة الكبرى. والـشـاهـد أن مشكلة الأخــبــار المُضللة إنـمـا تكمن فـي قلب أنموذج الأعمال الذي تقوم عليه وسائط «التواصل الاجتماعي»؛ لأن تلك الأخيرة، ببساطة، تستديم وتزدهر بالتفاعل الـذي لن تـحـد مـنـه بــإرادتــهــا الــحــرة، وبــــ«خـــرق الأســقــف» الـــذي سـتـراوغ لإدامته، بما يجلب لها مزيداً من الزبائن والأرباح. لمشكلة الأخبار المُضللة حـلّ بكل تأكيد، لكن هـذا الحل لن يُفعّل من دون موافقة عرّابي الوسط الاتصالي العالمي الراهن، أو حملهم على التخلّي عن عنصر جوهري من أنموذج أعمالهم، وهــــو عـنـصـر الإتــــاحــــة المــــقــــرون بـــعـــدم وجـــــود الـــقـــدر الــــــازم من المساءلة للمتفاعلين. سـيـبـدأ حــل مشكلة الأخــبــار المُـضـلـلـة عـنـدمـا يتفق الإطـــار الاتصالي العالمي على ضرورة إخضاع المدونين، أو «الإعلميين الجدد»، أو «الصحافيين المواطنين»، أو المتفاعلين عبر الوسائط الـرائـجـة، لـنـوع مـن التسجيل، والإفــصــاح الشفاف عـن الهوية، قبل مساءلتهم عمّا يبثّونه ويروّجون له من أخبار «مُفبركة»، ثم اتخاذ إجــراءات بحق المتلعبين، من دون الجور على حرية الـــرأي والتعبير، وهــو أمــر لـن يُـرضـي أصـحـاب تلك الـوسـائـط، لأنـــه سـيُـحـد مــن ميزتهم النسبية، وسـيُـقـلّـص الـتـفـاعـات عبر منصاتهم... التي هي مناجم ثروة ونفوذ لا تنضب. «هدنة غزة»: لماذا تتضاربعناوين التغطيات الإعلامية؟ طـــــــــوال الأشـــــهـــــر المـــــاضـــــيـــــة، حــــظــــي مـــســـار المفاوضات الرامية إلى تحقيق «هدنة» في قطاع غزة، باهتمام وسائل الإعلم العربية والأجنبية. واحتلت الأخبار المتعلقة بالمباحثات مساحات واسعة في التغطيات الإعلمية، وسط تضارب في العناوين والتفسيرات بين «التفاؤل» بقرب الوصول إلى اتفاق حيناً، والحديث عن «فشل» المــفــاوضــات حـيـنـ آخــــر. وبـــ هـــذا وذاك تنشر وســـائـــل الإعــــــام يــومــيــ تـــقـــاريـــر مــتــبــايــنــة، إمــا عـن عـثـرات وعقبات تقف فـي طـريـق الـهـدنـة، أو عــن جـهـود تمنح دفـعـة نـحـو الــحــل، الأمـــر الــذي يـثـيـر تـــســـاؤلات بــشــأن أســـبـــاب هــــذه الــتــضــارب فـي العناوين، والمعلومات، ومــدى تأثيره على مصداقية الإعلم. وفـــــي حــــ أرجــــــع خــــبــــراء هـــــذا الـــتـــضـــارب إلــــى غـــيـــاب المـــعـــلـــومـــات مـــن مـــصـــدرهـــا الأصــلــي والاعتماد على التسريبات، حـــذّروا من «تأثير النقل عن مصادر مُجهّلة على ثقة الجمهور في وسائل الإعلم». الـواقـع أنــه يعتمد معظم الأخـبـار المتعلقة بمفاوضات «هدنة غزة»، سواءً عربياً أو غربياً، على «تـسـريـبـات» مـن مـصـادر «مُـجـهّـلـة» تتكلم عـــن تـفـاصـيـل مـقـتـرحـات الــتــهــدئــة، إضـــافـــة إلـى بعض التصريحات الرسمية، إما من الوسطاء (مصر وقطر والـولايـات المتحدة)، أو من طرفي المفاوضات (إسرائيل وحماس). ولــــكــــن بـــحـــســـب مـــــراقـــــبـــــ ، فـــــــإن «أطــــــــراف المفاوضات لا تدلي بمعلومات بقدر ما تسرب مـــن تـفـاصـيـل تـعـبّـر عـــن وجــهــة نــظــرهــا، بـهـدف الـــتـــأثـــيـــر عـــلـــى مـــســـار المــــفــــاوضــــات أو تـحـسـ موقفها فيها». الصحافي والمــدرّب الأردنـي خالد القضاة، نـــائـــب رئـــيـــس شـعـبـة الاتـــصـــال بـجـامـعـة الــــدول العربية لشؤون الحريات الصحافية والسلمة المهنية، عدّ في لقاء مع «الشرق الأوسط» الإعلم «طـــرفـــ » فــي المــفــاوضــات الـــدائـــرة حــالــيــ ، وقـــال: «أطـــراف التفاوض تستخدم الإعــام سلحاً في المـعـركـة، لتعزيز وجـهـة نظرها وخـلـق رأي عام مناصر لها، فكل طرف يستخدم الإعلم لتحقيق مصالحه». وأضاف أن «طبيعة المفاوضات التي تجري دائـــمـــ فـــي غــــرف مـغـلـقـة تــفــرض هــــذه الـصـيـغـة، بـحـيـث يـعـتـمـد الإعـــــام عــلــى مـــا يــصــل إلــيــه من تسريبات أو معلومات من أطراف التفاوض». وتـــــابـــــع الــــقــــضــــاة أن «مـــــــا يـــنـــشـــر يـــســـبّـــب ارتــبــاكــ لـلـجـمـهـور، الـــذي بـــات مـضـطـراً للبحث عــن المـعـلـومـات مــن أكــثــر مــن مــصــدر أو وسيلة إعـامـيـة، لتكوين صـــورة أقـــرب لـلـواقـع فــي ظل انحيازات إعلمية واضحة». مـــــن جـــهـــة ثــــانــــيــــة، وفــــــق كــــتــــاب نـــشـــر عـــام وحـــــرّره الــبــروفــســور الـــراحـــل جـــون دربــي 2003 بجامعة نوتردايم الأميركية وروجر ماكغينتي الـبـروفـسـور حـالـيـ بـجـامـعـة درام البريطانية، فإن «إحدى الفرضيات الأكثر شيوعاً في جميع مـــفـــاوضـــات الــــســــام، أنــــه مـــن الــــضــــروري إبــقــاء وسائل الإعـام خارجاً، حيث يقال إنه كلما زاد مستوى المـشـاركـة الإعـامـيـة، زاد احتمال فشل المباحثات». وبـــحـــســـب الــــكــــتــــاب، فـــــإن «هــــــذه الــفــرضــيــة صحيحة فــي معظمها، لأن إجــــراء المـفـاوضـات تحت وهـج الأضــواء أصعب بكثير من إجرائها خلف الأبــــواب المغلقة، لكن فـي الـوقـت ذاتـــه من المهم لصانعي السياسة النظر للمسألة بشكل أعــمــق... ثـم إن الإعـــام يشكل حلقة فـي أحجية المفاوضات، فعندما يلعب الإعلم دوراً بنّاءً في نقل أنباء المفاوضات التي تجري في مناخ داعم، لا يـعـود مــن المحتمل أن يـكـون لــه تـأثـيـر سلبي على نتائجها». الإعلام وصانع السياسة بينهما مصالح متبادلة أيـــضـــ ورد فــــي الـــكـــتـــاب أن «الـــعـــاقـــة بـ الإعـــام وصـانـع السياسة تعتمد على مصالح متبادلة، فــالأول يريد معلومات لصناعة قصة جـــاذبـــة لـلـجـمـهـور يـتـمـتـع فـيـهـا بـأكـبـر مساحة مــن الـنـقـد والتحليل وحــريــة الــعــرض، والـثـانـي يريد نقل سياساته لقطاع أكبر مـن الجمهور، مع السيطرة الكاملة على نـوع وحجم وطريقة نقل المعلومات دون نقد». واستخلص أن «هذه العلقة الجدلية هي التي تحدد دور الإعلم في العملية السياسية». عـــــلـــــى الـــــجـــــانـــــب الـــــعـــــمـــــلـــــي، قـــــــــال يـــــــوان مـــــاكـــــاســـــكـــــيـــــل، الـــــصـــــحـــــافـــــي الــــبــــريــــطــــانــــي الاستقصائي ومراسل صحيفة «الغارديان» الــبــريــطــانــيــة الـــســـابـــق، لــــ«الـــشـــرق الأوســــــط»، إن «واحــــــدة مـــن كــبــرى المــشــاكــل الــتــي تـواجــه الصحافيين، هي انعدام ثقة الجمهور... وأن إحـــدى الــطــرق لـلـبـدء فــي اســتــعــادة الـثـقـة هي الالــتــزام بالشفافية فـي نقل المـعـلـومـات بقدر الإمكان، وهذا يعني تجنب المصادر المجهولة كلما كان ذلك ممكناً». ماكاسكيل شرح أن «الأخبار التي تنشر وقـــت المــفــاوضــات تـعـتـمـد فــي معظمها على مــصــادر مُـجـهّـلـة، مــا قــد يـنـتـج عـنـه تـضـارب فــــي المــــعــــلــــومــــات، وربــــمــــا يــــقــــوض الـــثـــقـــة فـي الإعـــام»، لافتاً إلـى أنـه خـال عمله صحافياً حاول فقط استخدام اقتباسات من أشخاص تــكــلــم إلــيــهــم فـــعـــاً، وعـــنـــد الــنــقــل مـــن وكــالــة أنـبـاء أو صحيفة أخـــرى، أو متى مـن مواقع التواصل الاجتماعي، كان يحرص على نسبة الاقتباسات لمصدرها. أيضاً ذكـر ماكاسكيل أنـه «فـي كل الأحـوال يــنــبــغــي اســـتـــخـــدام المــــصــــادر المـــجـــهـــولـــة بـشـكـل مقتصد جداً... وهذا مع أن استخدامها قد يكون ضرورياً في ظروف استثنائية، لا سيما إن كان الكشف عـن هوية المـصـدر قـد يعرض حياته أو وظيفته للخطر». بــالــتــوازي، كــانــت دراســــة نـشـرتـهـا جامعة ، أســهــم فـيـهـا الــبــاحــث و. 1974 أكـــســـفـــورد عــــام فيليبسدافيسون، قد أشارت إلى أن «التسريبات يمكن أن تعرقل المـفـاوضـات الـدولـيـة، ولكن في الوقت ذاته قد يسهم الإعلم في تحقيق الاتفاق عبر تسليط الضوء على القضايا قيد التفاوض، مــــا يـــســـاعـــد فــــي ضـــمـــان الــتــنــســيــق بــــ أطـــــراف التفاوض، ويربط الحكومات بالجماهير، عبر قنوات اتصال تكميلية للدبلوماسية». مراعاة المعايير المهنية وفــــي حـــــوار مـــع «الــــشــــرق الأوســــــــط»، ألـقـى الدكتور محمود خليل، أستاذ الإعـام بجامعة القاهرة، باللئمة على الصحافيين في تضارب المــعــلــومــات الـــتـــي تـنـشـر عــلــى لـــســـان مـسـؤولـ رســــمــــيــــ ، بـــيـــد أنــــــه شــــــدد عـــلـــى «ضـــــــــــرورة أن يــــراعــــي الـــصـــحـــافـــي المـــعـــايـــيـــر المــهــنــيــة فــــي نـقـل الــتــصــريــحــات، فـــا يــتــزيــد أو يــغــيــر فــيــهــا، ولا يعالجها بشكل يتضمن نـوعـا مـن الانـحـيـاز». وتابع أن «الصحافي دوره هنا ناقل للسياسة وليسصانعاً لها. وبالتالي فهو ينقل تفاعلت الأطـــراف المختلفة في الحدث ويعرض وجهات نظرها جميعاً». وقياساً على مفاوضات «هدنة غزة»، لفت خليل إلـى أنـه «فـي جــولات التفاوض المتعددة، كـــان مـعـظـم مــا نـشـرتـه وســائــل الإعــــام معتمداً على تسريبات من مصادر مُجهّلة». وأردف: «لا بـد للصحافي أن يلتزم الـحـذر فـي التعامل مع التسريبات التي تهدف إلى الترويج لوجهة نظر ما بهدف التأثير على مسار المفاوضات». وعزا انتشار التسريبات إلى نقص المعلومات، وغياب القوانين التي تكفل حرية تداولها. مــن ثـــم، لمـواجـهـة الـتـضـارب فــي المعلومات وتداعياته من تراجع للثقة في وسائل الإعلم، يـنـصـح الـــدكـــتـــور خـلـيـل بـــــ«الالــــتــــزام بـالمـعـايـيـر المهنية فـي نقل المعلومات والــتــوازن فـي عرض التحليلت، مـن دون انـحـيـاز لوجهة نظر على حـسـاب أخــــرى، لأن تـلـك الانــحــيــازات تـؤثـر على التغطية، وعلى المصداقية أيـضـ ». وشـدد على «ضرورة إعطاء مساحة أكبر للمعلومات مقارنة بـالـتـحـلـيـات والـتـفـسـيـرات، لا سـيـمـا أن بعض التحليلت قـد ينطوي على خـــداع للجمهور». واســـتـــطـــرد أن «مـــســـاحـــة الــتــحــلــيــل فـــي الإعــــام العربي أكبر من مساحة المعلومات التي تراجع وجودها لصالح التسريبات في ظل غياب حرية تداول المعلومات». من جلسات التفاوضحول وقف الحربعلى غزة (أ.ف.ب) القاهرة: فتحية الدخاخني يوان ماكساكيل (جامعة غلاسكو) ملخصات الذكاء الاصطناعي على «غوغل» تقلق ناشري الأخبار أثـــــــار إطـــــــاق «غـــــوغـــــل» خــــدمــــة مــلــخــصــات الأخـــبـــار المــدعــومــة بــالــذكــاء الاصــطــنــاعــي، أو ما »، قلق Google AI Overviews« أطــلــقــت عــلــيــه الناشرين، بسبب تأثير هذا الاتجاه على نتائج البحث، إذ تسبب ذلك في «دفن» المحتوى الأصلي المُعَد من قِبل ناشرين مُحنكين أسفل الملخصات والإعلنات المدفوعة، وفق مراقبين. «غـــوغـــل» كـانـت قــد أعـلـنـت نـهـايـة أغسطس (آب) المــــاضــــي عــــن إطـــــــاق مـــلـــخـــصـــات مــكــتــوبــة بــواســطــة الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي لـبـعـض الأخـــبـــار، وتصدّرها نتائج البحث قبل الأخبار، في تجربة اقتصرت على الولايات المتحدة وبريطانيا. ويــذكــر أن «غــوغــل» أطـلـقـت الـخـدمـة عينها مايو (أيـار) الماضي في الولايات المتحدة، 21 في لكنها أوقفت لاحقاً بعد الكشف عن «نتائج غير دقيقة أنتجت بواسطة الذكاء الاصطناعي». ومع أنــــه يــنــدر لــــ«غـــوغـــل» تــقــديــم مـلـخـصـات لأحــــداث جارية، أبلغ خبراء «الشرق الأوسـط» في لقاءات معهم عن قلقهم بشأن تأثير هـذه الخطوة على «ظـــهـــور الــصــحــف ومـــصـــادر الأخـــبـــار الـرئـيـسـيـة خلل عمليات البحث في مراتب متأخرة». وفــق نتائج نشرتها شـركـة «أوثــوريــتــاس» لــاســتــشــارات الـبـحـثـيـة عـلـى مـوقـعـهـا الـرسـمـي، في المائة من نتائج البحث على «غوغل» 17 فإن فــــي بــريــطــانــيــا والـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة تــتــصــدرهــا مـلـخّـصـات مــدعــومــة بــالــذكــاء الاصــطــنــاعــي، في حـــ يـظـهـر مــصــدر الـخـبـر فـــي مـــراتـــب مـتـأخـرة. وقال الرئيس التنفيذي للشركة، لورانس أوتول، لـ«بريس غازيت»، إنه يعتقد أن خدمة ملخصات «غوغل» ستصبح «الأولوية في نتائج البحث»، وأشــــــار إلــــى أن «غـــوغـــل لـــم تــكــن واضـــحـــة بـشـأن معايير نتائج محركات البحث، ما قد يؤثر على زيارات المواقع الإخبارية». محمد الكبيسي، الباحث والمـــدرب العراقي فـي الإعـــام الرقمي بفنلندا، قــال: «إن ملخصات الأخـــــبـــــار المــــدعــــومــــة بــــالــــذكــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي مـن (غـــوغـــل) ربـــمـــا تـــكـــون مــفــيــدة؛ لــكــن إذا خضعت لـضـوابـط الشفافية». وأوضـــح أن «هـــذه الخدمة قــد تـفـيـد الــذيــن يـبـحـثـون عــن مـعـلـومـات سريعة وشاملة حـول موضوعات معينة... وإذا طبّقت هـذه التقنية بـدقـة، فإنها قـد توفر قيمة مضافة للمستخدمين». وعن تأثير هذا الاتجاه على الأخبار، شرح الكبيسي أن «هـــذا الاتــجــاه لا يعني بـالـضـرورة تـــقـــلـــيـــص حـــجـــم الأخــــــبــــــار، بـــــل يـــمـــكـــن أن يـــكـــون تكميلياً، فالملخصات توفر نظرة عامة سريعة، في حين تظل المقالات الإخبارية المفصلة متاحة لأولئك الذين يرغبون في قراءة معلومات أعمق... ذلـك أن الأمــر يتعلق بتلبية احتياجات مختلفة من الجمهور». مـــن جــهــة ثــانــيــة، يـــؤيـــد الــبــاحــث الــعــراقــي حـقـوق الـنـاشـريـن، مـوضـحـ : «يـجـب أن تحقق ملخصات (غوغل) هذه عنصر الشفافية، وهذا مرهون بالإشارة إلى المصادر الأصلية. المصادر الإخبارية الأصلية عنصر أساسي لاستمرارية هذه الخدمات، كما أن إظهار المصادر بوضوح يسهم فـي ضـمـان الاعــتــراف الـدقـيـق بالمحتوى الأصــلــي»، مـشـدداً على حتمية تكامل الجهود بــــ «غـــــوغـــــل» والــــنــــاشــــريــــن لـــضـــمـــان تـحـسـ الخدمات. هــذا، وفـي تجربة أجرتها صحيفة «بريس غـازيـت» لقياس مــدى تأثير ملخصات «غـوغـل» المـــدعـــومـــة بـــالـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي عــلــى الأخـــبـــار، وجدت أنه لدى البحث عن إجابة لسؤال: «مَن هم رؤساء تحرير الصحف الوطنية في بريطانيا؟»، يـــــقـــــدم «غـــــــوغـــــــل» مـــلـــخـــصـــ بـــــواســـــطـــــة الـــــذكـــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي بـــوصـــفـــه نــتــيــجــة أولـــــــى. وأشــــــارت إلـــى أن المــعــلــومــات الــتــي اسـتـنـد إلـيـهـا الملخص مصدرها تقرير سابق نشرته «بريس غازيت»، لـكـن المـلـخـص لــم يُـشـر لـهـا بصفته مـالـكـ أصلياً للمعلومات، في حين ظهر رابط التقرير الأصلي في نتائج متأخرة على محرك البحث. وتعليقاً على خـدمـة الملخصات الإخـبـاريـة من «غوغل»، قالت الدكتورة رضوى عبد اللطيف، مـديـر الـعـاقـات الأكـاديـمـيـة بمؤسسة «صحافة الـــذكـــاء الاصـطـنـاعـي للبحث والاســـتـــشـــراف» في دبـي، وخبيرة ومدربة الإعــام الرقمي وصحافة الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي، لــــ«الـــشـــرق الأوســـــــط»: «إن (غــــوغــــل) عــــازمــــة عـــلـــى مـــواصـــلـــة طــريــقــهــا نـحـو مـشـاريـع الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي، وفـــي هـــذا الإطـــار عــــقــــدت شـــــراكـــــات مــــع نـــاشـــريـــن بـــــارزيـــــن بــهــدف مـــشـــاريـــع تـــغـــذيـــة أدوات الـــــذكـــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي بالمعلومات... غير أن هـذا لا يُشير إلـى إمكانية الاستغناء عـن المنصات الإخـبـاريـة، وإن شهدت تأثيراً يخص ظهورها على محرك البحث، ومن ثم تراجع الزيارات». القاهرة: إيمان مبروك

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky