issue16721

فـي حــدث يكمن فـي تفاصيله الفخر بـــــــروّاد الـــتـــفـــرُّد واإللـــــهـــــام، تـــتـــأهّـــب وزارة الـثـقـافـة الـسـعـوديـة لـتـكـريـم روّاد الـقـطـاع الــثــقــافــي مـــن املـــبـــدعـــات واملـــبـــدعـــن الــذيــن حـــقـــقـــوا الـــتـــمـــيّـــز فــــي مــخــتــلــف املــــجــــاالت، وتستعد لتنظيم الحفل الختامي للدورة الـــرابـــعـــة مـــن «مــــبــــادرة الـــجـــوائـــز الـثـقـافـيـة الــوطــنــيــة»، االثـــنـــن، فـــي مــركــز املــلــك فهد الــثــقــافــي بـــالـــريـــاض، وذلـــــك بـــرعـــايـــة ولــي العهد، رئيس مجلس الـــوزراء السعودي، األمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز. وعبّر وزير الثقافة األمير بدر بن عبد الله بن فرحان، عن امتنانه الكبير للرعاية التي حظيت بها «مبادرة الجوائز الثقافية الـوطـنـيـة» مــن األمــيــر مـحـمـد بــن سـلـمـان، وقـال إنها «رعاية كريمة تُمثّل جانبًا من اهتمام القيادة الرشيدة بالقطاع الثقافي، وبدعم اإلبــداع واملبدعي من أبناء الوطن في التخصّصات الثقافية كافة»، مؤكدًا أن الــوزارة تعمل من خالل هذه املبادرة على تكريم أهــم املـنـجـزات الثقافية الـتـي تـُـعـزّز من مكتسبات القطاع الثقافي، وتُسهم في تعزيز أدواره التنموية واإلبداعية. وســيــشــهــد الــحــفــل الــخــتــامــي تـكـريـم جــــائــــزة ثـــقـــافـــيـــة تــغــطّــي 16 الـــفـــائـــزيـــن بــــــــــ مختلف املسارات اإلبداعية؛ وهي: جائزة شخصية العام الثقافية، وجائزة الثقافة للشباب، وجائزة التميّز الثقافي الدولي، وجائزة سيدات ورجــال األعـمـال، وجائزة املـــؤســـســـات الـــثـــقـــافـــيـــة، وجــــائــــزة األفــــــ م، وجـــــائـــــزة األزيـــــــــــاء، وجـــــائـــــزة املـــوســـيـــقـــى، وجــائــزة الــتــراث الـوطـنـي، وجــائــزة األدب، وجائزة املسرح والفنون األدائية، وجائزة الفنون البصرية، وجـائـزة فنون العمارة والتصميم، وجائزة فنون الطهي، وجائزة النشر، وجائزة الترجمة. وكــــانــــت وزارة الـــثـــقـــافـــة قــــد أطــلــقــت أعمال الدورة الرابعة من الجوائز الثقافية الــوطــنــيــة فـــي فـــبـــرايـــر (شــــبــــاط) املـــاضـــي، واستقبلت على مـدى شهرين ترشيحات للجوائز املخصَّصة للقطاعات الثقافية، ثــــــم تـــبـــعـــتـــهـــا مــــــراحــــــل الــــــفــــــرز والـــتـــقـــيـــيـــم والـــتـــحـــكـــيـــم لـــلـــتـــرشـــيـــحـــات عـــبـــر الـــلـــجـــان املـتـخـصِّــصـة فــي املـــبـــادرة؛ ويـمـثّــل الحفل الـــخـــتـــامـــي تــتــويــجــ لــلــفــائــزيــن واحـــتـــفـــاء بـــهـــم وســــــط حــــضــــور املـــثـــقـــفـــن واألدبـــــــــاء والشخصيات االجتماعية. وتُــعــد مـــبـــادرة «الــجــوائــز الثقافية الوطنية» إحدى مبادرات االستراتيجية الـوطـنـيـة للثقافة، الـتـي تـنـفّــذهـا وزارة .»2030 الثقافة تحت مظلة «رؤية اململكة وتــــأتــــي فــــي إطــــــار تـــقـــديـــر الـــــــوزارة لــلــمــنــجــزيــن مــــن األفـــــــــراد واملـــؤســـســـات الـــثـــقـــافـــيـــة، وقـــــد شــــهــــدت فــــي دوراتــــهــــا الــــثــــ ث الـــســـابـــقـــة تـــكـــريـــم مَـــــن أســهــمــوا بـفـاعـلـيـة فـــي إثـــــراء الــثــقــافــة وتنميتها بــإبــداعــاتــهــم املــتــمــيــزة عــلــى املـسـتـويـن املحلّي والدولي. في مشواره الفني الطويل رسـم الفنان املــــصــــري الــكــبــيــر حــلــمــي الـــتـــونـــي، ونـــاضـــل بــقــوة؛ ترسيخًا ملــعــان طـاملـا آمـــن بـهـا وأصــر عـلـى تــأكــيــدهــا، وأثـــنـــاء ذلـــك اصـــطـــدم املـبـدع الذي يعد واحدًا من أعمدة التشكيل املصري بالكثير مــن الـصـعـوبـات، ولـــم يفقد عـنـاده، حـــــزن بــعــمــق عـــلـــى «تــــآكــــل الـــجـــمـــال حـــولـــه»، شــعــر لــلــحــظــات بـــــ«عــــدم جـــــدوى صــرخــاتــه» املـــتـــكـــررة الــتــي يـطـلـقـهـا عــبــر لـــوحـــاتـــه، لكنه ســرعــان مــا كـــان يـعـود إلـــى مـرسـمـه، حصنه اآلمن، حيث فرشاته وألوانه وإبداعاته التي تجسد «الهوية املصرية»، وتدعو إلى «الحب والجمال والحلم»، وفق تصريحاته السابقة. وصـــبـــاح الـــســـبـــت، غـــيّـــب املـــــوت الــفــنــان عـــامـــ ، 90 حــلــمــي الـــتـــونـــي عــــن عـــمـــر يـــنـــاهـــز لتبقى رؤيــتــه فــي تـصـويـر الـحـيـاة املـصـريـة املعاصرة من خالل املزج بي التراث والحداثة تجسيدًا صادقًا لروح وطنه، وتظل بصمته في الصحافة وتصميم أغلفة الكتب والرسم الغرافيكي جـزءًا ال يتجزأ من تاريخ اإلبـداع الـفـنـي الــعــربــي. ونــعــى الــدكــتــور أحــمــد فــؤاد هَــنــو، وزيـــر الـثـقـافـة املــصــري، الـفـنـان حلمي الـتـونـي قــائــ ً: «إن الــراحــل كـــان أحـــد حـــرّاس الهوية املصرية، وشكّل وجـدان جيل بأكمله بأعماله الـخـالـدة، ليرحل تـاركـ بصمات لن تمحى على الساحة الفنية من خالل أعماله املــتــمــيــزة، الـــتـــي أســهــمــت فـــي إثــــــراء الـثـقـافـة البصرية على مدار عقود». الـفـنـان املــولــود بمحافظة بـنـي سويف ،1934 ) (جـنـوب الـقـاهـرة) فـي أبـريـل (نيسان درس الــــفــــن فــــي (كـــلـــيـــة الــــفــــنــــون الــجــمــيــلــة) بـالـقـاهـرة، وحـصـل على درجـــة بكالوريوس في الديكور املسرحي والتصوير، وشارك في مجموعة متنوعة مـن الفنون البصرية بما في ذلـك النشر. عمل الفنان، الـذي يعد أحد أبـــرز مصممي أغلفة الكتب على املستويي الـــعـــربـــي والـــــدولـــــي، مــــع كـــبـــرى دور الــنــشــر. ومن أبـرز أعماله مؤلفات أديـب نوبل نجيب محفوظ، كما عمل في مؤسسة (دار الهالل) الـــعـــريـــقـــة مـــشـــرفـــ عـــلـــى بـــعـــض إصــــداراتــــهــــا، وأقــام عشرات املعارض الفردية، وشــارك في مـــعـــارض جـمـاعـيـة عـربـيـ ودولـــيـــ ، وتقتني العديد مـن املـؤسـسـات واملـتـاحـف فـي العالم أعــــمــــالــــه. حـــصـــل الـــتـــونـــي عـــلـــى الـــعـــديـــد مـن الــجــوائــز الـعـربـيـة والــعــاملــيــة، ومـنـهـا جـائـزة ،2002 مـعـرض بـولـونـيـا لكتب األطــفــال عـــام وجـــائـــزة مـنـظـمـة «يـونـيـسـيـف» عـــن ملصقه .1979 لـ«العام الدولي للطفل» عام «مــــنــــذ تـــخـــرجـــه فــــي الـــكـــلـــيـــة لــــم يــخــرج التوني من أروقة الفن والصحافة ولن يخرج؛ فسيبقى عامله الخاص الذي صنعه، وأحالمه الــتــي رســمــهــا تـــزيّـــن تـــاريـــخ الــفــن املـــصـــري»، حــســب تـعـبـيـر الــفــنــان رضــــا بـيـكـاسـو مـديـر غاليري (بـيـكـاسـو)، الـــذي يضيف لـ«الشرق األوسط»: «منذ بداياته انطلق التوني تجاه الــتــراث، اشتبك مـع مـفـرداتـه وقيمه ورمـــوزه وأفــــكــــاره وتـــقـــالـــيـــده وصـــيـــاغـــاتـــه الـجـمـالـيـة املـــوحـــيـــة، واعـــتـــبـــره مـنـجـمـ يــعــد الـــرفـــد منه وسيلة لتأصيل وترسيخ مفاهيم االرتباط بالهوية الوطنية والـقـومـيـة والـتـواصـل مع الجذور العميقة». ووفق رضا فإن «التراث لم يكن بالنسبة للتوني مـجـرد مـصـدر لـإلـهـام، بـل إنــه أعـاد صـيـاغـة الــتــراث عـلـى نـحـو غـيـر مـسـبـوق في الـــفـــن الــتــشــكــيــلــي؛ إذ جــــدد وأبــــــدع وأضــــاف بجرأة ورؤيـة مغايرة للمستشرقي وللرواد املـصـريـن»، مـؤكـدًا: «أكـــاد أجـــزم أن أحــد أهم أســــرار تــفــرده هــو نـجـاحـه فــي إزالــــة الـحـدود الوهمية املصطنعة ما بي الفنون الشعبية وبي الفنون الرفيعة». «لقد استطاع التوني منذ بداية مشواره أن يجتذب أوال الــقــارئ الــعــادي إلــى الفنون الجميلة عـبـر رســومــاتــه فــي الـصـحـف، بعد أن كــانــت حــكــرًا عـلـى الـنـخـبـة والــصــفــوة في بيوتهم األنيقة، ثم اجتذب هؤالء الصفوة من جهة أخرى إلى الفنون الشعبية؛ ليستمتعوا بروائعها وتفاصيلها، بعد أن كـانـت تمتع وتثري ذائقة أبناء الريف والحواري واألزقة الـضـيـقـة وحـــدهـــم، وكــأنــه حـقـق مــا يـمـكـن أن نطلق عليه (العدالة الفنية) في مصر»، وفق بيكاسو. ويــــرى مــديــر الــغــالــيــري، الــــذي احتضن أعمال حلمي التوني عبر الكثير من املعارض الــفــنــيــة، أن «ذلـــــك االحـــتـــفـــاء بــالــفــن الـشـعـبـي جـــاء انــطــ قــ مـــن رؤيــــة تــقــوم عـلـى اعـتـبـاره بمنزلة ملتقى أو حاضنة لجميع الحضارات املـــصـــريـــة؛ لـــذلـــك حــــرص عــلــى الــتــعــمــق فـيـه، والـــتـــزود مـنـه إلـــى أن صـنـع لنفسه مــفــردات وعناصر وموتيفات خاصة به، بل خلق دنيا لها شخوصها وقوانينها وتجلياتها». وشكلت املــرأة مكانة بــارزة وخصوصًا فـــــي هــــــذا الــــعــــالــــم الــــــــذي رســــمــــه لـــنـــا حـلـمـي الـــتـــونـــي، نـــاضـــل مـــن أجــــل حــريــتــهــا، وخـــاف على مستقبلها الـــذي كــان يصفه بـأنـه «هو ذاتــــــه مـسـتـقـبـل مــــصــــر»؛ لـــذلـــك مــثــلــمــا اهــتــم بها مـن الناحية الفنية فـي لوحاته كمنطق للبناء البصري، والنقطة املركزية في أعماله، فإنها كانت من الناحية الفكرية هي قضيته الــكــبــرى. وازداد خـــوف الــتــونــي الــــذي خـلّــف رحيله حالة مـن الـحـزن بالوسط التشكيلي والـثـقـافـي بمصر عـلـى املــــرأة، وبـــرز ذلـــك في معرضه قبل األخير «أنا حرة»، حتى إنه قال لـ«الشرق األوســط»، في حـوار سابق: «طوال مـشـواري الفني مـن وقـت إلـى آخـر كنت أقيم معارض تحمل بي ثناياها دعوة إلى حرية املـــرأة، لكن يحمل هـذا املـعـرض صيحة أكثر إلـحـاحـ؛ ألن املـــرأة بـاتـت كالطائر املحبوس فـــي الــقــفــص الـــذهـــبـــي، املـــصـــنـــوع مـــن حـديـد صــدئ»، وتـابـع: «فـي املاضي كانت القواني هي التي تقف أمام حرية املرأة، اآلن القواني تـعـدّلـت، لكن لـأسـف الشديد ظهر لها عدو جـديـد؛ هـو املجتمع املغلق ومـحـاولـة غرس اإلرث االجتماعي البالي داخلها». وفــي آخــر مـعـارضـه، الـــذي حمل عنوان «يحيا الـحـب»، جسّد التوني الحب بجميع صــــــــوره، فــعــلــى مــســطــح لـــوحـــاتـــه طـالـعـتـنـا املـــرأة بجمالها وداللـهـا مثلما كـان يحلو له تـجـسـيـدهـا، وجـذبـتـنـا طـــاقـــات مـــن الـعـاطـفـة عبر صـيـاغـات شعبية مفعمة باألحاسيس اإلنسانية والروح الفلكلورية. وعلق التوني على معرضه هذا: «طوال حياتي أرسم عالم املرأة، وهو عالم ال ينفصل عــن عـالـم الــحــب، وعـنـدمـا أتــذكــر املــــرأة فإننا نتذكر الحب على الـفـور؛ ومـن ثـم فـإن الحب حــاضــر بــقــوة فـــي كـــل مــعــارضــي، ولــيــس من املـسـتـغـرب إذن أن يـكـون هـــذا املــعــرض الــذي ربما يكون األخير عن الحب أيضًا». يوميات الشرق تستعد وزارة الثقافة لتنظيم الحفل الختامي للدورة الرابعة من مبادرة الجوائز الثقافية الوطنية ASHARQ DAILY 22 Issue 16721 - العدد Sunday - 2024/9/8 ًاألحد ًولي العهد يرعى تكريم الفائزين في حفل تستضيفه الرياض غدا جائزة تتوّج مبدعين في مسارات ثقافية سعوديا وعالميا 16 الرياض: «الشرق األوسط» المبادرة تقدِّر المبدعين من األفراد والمؤسسات الثقافية (وزارة الثقافة) إحدى مبادرات االستراتيجية الوطنية للثقافة (وزارة الثقافة) الموت يغيّب «رسّام المرأة» وعازف األلوان بعد مشوار صاخب حلمي التوني يغمس فرشاته في الظالم ويرحل القاهرة: نادية عبد الحليم الفنان الراحل حلمي التوني جمال ودالل (غاليري بيكاسو) الهدهد من أبرز الرموز التراثية الموحية في أعماله (الشرق األوسط) عمق الفكرة وسالسة التشكيل وقوة األلوان الرمزية (غاليري بيكاسو) قدم لوحات زيتية للطفل في أحد معارضه األخيرة (الشرق األوسط) استكشف الموروث والعناصر الشعبية المستلهمة من البيئة

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==