issue16721

إحصائية تثير قلق املعلقني في بريطانيا، وجدال بني التيارات السياسية؛ إذ تشير نتائجها إلــــــى انـــخـــفـــاض حــــــاد فــــي شــــعــــور الــبــريــطــانــيــ بـاالنـتـمـاء الـوطـنـي واإلحـــســـاس بالفخر بتاريخ الـبـاد وبـحـاضـرهـا؛ خصوصًا وأنـهـا جـــاءت في أعقاب الخطبة العامة التي ألقاها رئيس الوزراء السير كير ستارمر، وأثـــارت انتقاد املعلقني من مـخـتـلـف أطـــيـــاف املــشــهــد الـــســـيـــاســـي، فـاتـهـمـوه بالسلبية الدعــائــه تـــردي األوضــــاع االقـتـصـاديـة واملالية واالجتماعية، واملـألـوف تلويح الزعماء بــــرايــــة الــــتــــفــــاؤل وإظـــــهـــــار صـــــــورة إيـــجـــابـــيـــة عـن أوطانهم. وربـمـا ال تبدو علقة مباشرة بـ األمـريـن، فــــهــــذه اإلحـــصـــائـــيـــة تُــــجــــرى كــــل عـــشـــر ســــنــــوات، لــكــن ســتــارمــر حــصــل عـــلـــى األغــلــبــيــة األكـــبـــر في االنـــتـــخـــابـــات الـــعـــامـــة قــبــل شـــهـــريـــن، فــهــل عـكـس خـطـابـه املـتـشـائـم الــحــالــة املــزاجــيــة الــعــامــة الـتـي تنتاب العقل الجمعي لألمة؟ األرقــام السلبية ترتفع بني األجيال األصغر ســـنـــ (دون الـــخـــمـــســـ )، فــأغــلــبــيــة كــــبــــار الــســن واملـتـقـاعـديـن (فـــوق السبعني) ال يـشـاركـون عـادة فـي االستطلعات، وأقلية منهم تـصـوّت للعمال بينما األكــثــريــة لـلـمـحـافـظـ ، والــغــاضــب بينهم على سياسة املحافظني يصوت للديموقراطيني األحرار، أو يمتنع، لكن ليس للشتراكيني. فــــــي املــــــائــــــة مــن 86 كــــــــان 2013 فــــفــــي عــــــــام الــبــريــطــانــيــ فـــخـــوريـــن بـــتـــاريـــخ الــــبــــاد، بينما في املائة فقط 64 انخفضت النسبة هذه املرة إلى (ونسبتها دون النصف بـ الـشـبـاب)؛ وحوالي في املـائـة) عبروا عن ثقتهم بنجاح 53( النصف الديمقراطية البريطانية كنظام سياسي (كانت فـي 44 )، بــيــنــمــا شـــعـــر 2013 فــــي املــــائــــة فــــي 69 املـائـة فقط بافتخارهم بـاإلنـجـازات االقتصادية .2013 في املائة في 57 لبريطانيا، وكانت النسبة لـكـن اإلحـصـائـيـة لـهـا جـانـب إيـجـابـي بشأن تـــعـــريـــف املـــواطـــنـــة الـــتـــي أصـــبـــحـــت أكـــثـــر شـــمـــوال واحتضانًا لألقليات اإلثنية، إذ انخفضت نسبة من يشترطون ميلد الشخص على أرض اململكة املتحدة كي يحق له وصف نفسه بأنه «بريطاني في 55 إلــى 2013 فـي املـائـة عــام 74 حقيقي» مـن املائة فقط حاليًا. املــاحــظ أن االســتــطــاع اسـتـمـر طـــوال الـعـام املــــاضــــي، عــنــدمــا كــــان رئـــيـــس الــحــكــومــة ووزراء املناصب القيادية مـن أبـنـاء املهاجرين امللونني، وكــانــت سـيـاسـاتـهـم أكــثــر وطـنـيـة وتـــشـــددًا تجاه املـــصـــالـــح الــقــومــيــة مـــن الـــعـــمـــال واألحــــــــزاب الـتـي قياداتها من البيض من أبناء السكان األصليني، وكثير من الرياضيني البريطانيني الذين أحرزوا البطوالت العاملية من امللونني واملهاجرين. لكن بقية نتائج االسـتـطـاع سلبية وتثير تـبـادل االتـهـامـات، خصوصًا وأن معلقي الجيل األكــــبــــر ســـنـــ مــــن املـــحـــافـــظـــ يـــتـــهـــمـــون الـــيـــســـار الـــلـــيـــبـــرالـــي فــــي مـــؤســـســـات اإلعـــــــام وفـــــي مــجــال التعليم بانتقاء أحـداث تاريخية خـارج السياق، وباالنحياز لحركات راديكالية معادية لبريطانيا فــــي الـــتـــغـــطـــيـــات الـــصـــحـــافـــيـــة، وتـــشـــويـــه مـنـاهـج الـتـعـلـيـم مــمــا أدى إلــــى نـــشـــوء جــيــل يــخــجــل من تاريخه بدال من االفتخار به. في املائة في 13 فقد ب اإلحصاء تناقصًا بـ نسبة الذين يفضلون جنسيتهم البريطانية على ،2013 في املائة عام 62 جنسيات أخرى، إذ كانوا في املائة فقط، 49 وانخفضت النسبة اليوم إلـى فـي املـائـة، أن يكونوا 51 ، بينما يفضل األغلبية مواطني بلدان أخرى. املؤرخون املحافظون كالسير دافيد ستاركي منزعجون مما يرونه تزييف التاريخ بانتقائية األحداث، ووضعها خارج السياق، فمعظم األمم، وتقريبًا كل اإلمبراطوريات، كانت لها سياسات دون مـسـتـوى املـعـيـار األخـــاقـــي املـقـبـول الــيــوم، ســواء كتاريخ استعماري أو فـي اقتناء وتجارة العبيد؛ لكن لبريطانيا ما تفخر به في تصحيح األخطاء. فبجانب انضمام املستعمرات السابقة إلـى الكومنولث البريطاني بعد االسـتـقـال، فإن بــريــطــانــيــا كـــانـــت األولــــــى الـــتـــي أصــــــدرت قــوانــ تـحـريـم تــجــارة العبيد واقـتـنـائـهـم فــي ثلثينات القرن التاسع عشر، ولعبت البحرية امللكية الدور األكبر في اعتراض سفن تجار العبيد إلعتاقهم، بـــــل وســــقــــط ضـــحـــايـــا مـــــن الــــبــــحــــارة والـــضـــبـــاط البريطانيني في مهام تحرير العبيد. وألن املـــــعـــــلـــــمـــــ الـــــبـــــريـــــطـــــانـــــيـــــ لــــديــــهــــم استقللية ومـرونـة فـي اختيار املناهج، شهدت السنوات األخـيـرة مناهج دراسـيـة تقدم التاريخ اإلمــبــراطــوري بانتقائية سلبية، كما ال توضح )، والــقــومــيــة Patriotism( الــــفــــرق بــــ الـــوطـــنـــيـــة )، فاألولى إيجابية دفاعية، Nationalism( املتطرفة تتفانى في حماية مكان جغرافي وأسلوب حياة اجتماعي وثـقـافـة مفضلة، بـا مـحـاولـة فرضها عــلــى اآلخــــريــــن؛ فـــي حـــ أن األخـــيـــرة تــــؤدي إلــى شوفينية متطرفة، قد تكون هجومية عدوانية، كما رأيـنـا مـن تـاريـخ الــحــروب الـتـي بـدأتـهـا قوى شمولية تفرض قوميتها على اآلخرين. اخــــتــــاط املـــفـــهـــومـــ لـــــدى األجــــيــــال الــشــابــة جعلهم يـركـبـون مـوجـة االنـــســـاخ عـــن، وشـجـب، تاريخ البلد كأساس للهوية واملشاعر الوطنية، ويعدونها قومية شوفينية، وتصبح السخرية مـــن مـــاضـــي األمـــــة مـــوضـــة بـــ الـــشـــبـــاب، لـيـبـدوا منتمني إلى الحاضر الجديد كعالم بل حدود. تـــذكـــرت الـــشـــاعـــر اإلغـــريـــقـــي سـيـمـونـيـديـس ق.م.) الــذي اهتمت أبياته التأملية 486 - 556( بـالـذكـرى والـتـاريـخ وحــضــارة املــكــان، وأشـعـاره عــن مــعــارك اإلسـبـرطـيـ والـيـونـانـيـ والـفـرس في القرن الخامس قبل امليلد، منها بيت معناه «لم يهزموا بالغزو، وإنما بنسيانهم تاريخهم وحضارتهم». Issue 16721 - العدد Sunday - 2024/9/8 األحد الــــتــــراث الــشــعــبــي الــلــيــبــي ثَــــــري بـــاألمـــثـــال والـــحِـــكـــم واملـــواعـــظ والحكايات. من ضمن الحكايات املشهورة، واحدة تُروى عن جماعة صغيرة من الناس أرادوا الخروج في نزهة، وأخذوا معهم مستلزمات وجبة غـــذاء، ومـن ضمنها دجـاجـة حيّة على أمـل أن تُــذبـح وتُــؤكـل. وحني وصلوا املكان املـراد، وبـدأوا في تجهيز الوجبة، وأرادوا ذبح الـدجـاجـة، اكتشفوا أنـهـم نـسـوا إحـضـار سـكـ . فأطلقوا سراحها. الدجاجة تلك ال تختلف عن أي دجاجة أخرى مطلوقة السراح. ذهبت تجري إلى أقرب كومة تراب، وبدأت في نبشها بمنقارها ورجليها، فكشفت عن سكني مدفون، أدّى بهم إلى ذبحها! الحكاية تُــروى للداللة على الحُمق والغباء. وتـذّكـر بما ظهر علينا مؤخرًا في بريطانيا من تقارير إعلمية تتحدث عن تسريبات صـادرة من مكتب رئيس الحكومة البريطانية السير كير ستارمر، ورغــبــتــه فــي إصــــدار قــانــون بـمـنـع الــتــدخــ فــي الــفــضــاءات الـعـامـة املفتوحة، مثل حدائق املقاهي، والحانات، واملطاعم، واملستشفيات وغيرها. تــقــريــبــ ، أصــــــدرت حــكــومــة الــســيــر تـــونـــي بلير 2007 فـــي عــــام العمالية قـانـونـ بمنع الـتـدخـ تحت أسـقـف األمــاكــن الـعـامـة. ذلك القانون أفضى إلى ظاهرة لم تكن معروفة من قبل، أُطلق عليها اسم «ركـــن املـدخـنـ ». وهــي أمـاكـن انـتـشـرت وصـــارت ملتقى للمدخنني أمـام املقاهي واملؤسسات والحانات واملطاعم. تلك الظاهرة حفّزت أصـحـاب املـقـاهـي واملـطـاعـم واملـؤسـسـات إلــى االسـتـثـمـار فـي إنشاء أماكن تتيح للرواد والعاملني التدخني من دون الحاجة إلى الوقوف فــي الـــشـــوارع. الـعـديـد مــن املـقـاهـي أنــشــأت حــدائــق صـغـيـرة يَــؤُمُّــهـا مدخّنون من الزبائن. اآلن، وفقًا للتسريبات األخيرة، يسعى السير ستارمر إلى منع التدخني بتلك األماكن. التقارير اإلخبارية توضّح أن السبب وراء ذلك نابع من أمرين: ألــف شخص سنويًا في 80 أن عــدد الـوفـيـات نتيجة الـتـدخـ بلغ إنـجـلـتـرا، وأن مـيـزانـيـات املــؤســســات الـصـحـيـة تنفق مـبـالـغ هائلة على علج املدخنني مما يصيبهم من أمراض، خصوصًا السرطان، عافاكم الله. حكومة املحافظني تحت رئاسة ريشي سوناك فرضت ضرائب مــرتــفــعــة عــلــى املـــدخـــنـــ ، بـــرفـــع أســـعـــار الــســجــائــر بـــغـــرض ردعــهــم وإجبارهم على التخلي عنها. إال أن القرار أدّى إلى انتشار التهريب في تجارة السجائر. أضف إلى ذلك أن شركات صناعة التبغ، خلل السنوات األخيرة، عملت من جهتها على اختراع أنـواع جديدة من السجائر اإللكترونية. وتمكّنت من االلتفاف على قوانني الحكومة. وانتشرت السجائر الجديدة في بريطانيا وخارجها، خصوصًا بني املراهقني. أي أن املدخنني لم يرتدعوا باملنع أو بالخوف من اإلصابة بـــاألمـــراض واحـتـمـال املــــوت، أو بـرفـع األســـعـــار. وحـــ يفكر رئيس حكومة في إصدار قانون بمنع التدخني في أماكن وفضاءات عامة مفتوحة مثل الحدائق، فإنه بذلك يثير حفيظة وغضب قطاع كبير من الشعب، ومـن رجـال األعـمـال، خصوصًا املتخصصني في قطاع الضيافة. ويجعلهم يشعرون بنوع من االضطهاد تمارسه ضدهم مختلف الحكومات، رغم أنّهم يعيشون في مجتمع ليبرالي، تعد فيه الحرية الشخصية شبه مقدسة، وليس من حق الحكومات فيه أن تتدخل فيما ال يعنيها. قد يرى البعض أن هذا الرأي ليس محايدًا، على اعتبار أن صاحبه مُدخن شره. وهو قول ال يخلو من صواب. إال أنّه، في الوقت ذاته، ال ينفي صواب ما ذُكر من حقائق. اآلن، وبـعـد أقــل مـن ثـاثـة أشـهـر مـن وصـــول حــزب الـعـمـال إلى عــامــ ، ومـشـكـات وأزمـــــات معاشية 14 الـحـكـم، بـعـد غــيــاب اسـتـمـر واقتصادية واجتماعية، تراكمت طيلة السنوات املاضية خلل فترة حكم املحافظني، وفي حاجة ملحّة إلى حلول عملية وسريعة، يدير رئيس الحكومة بظهره لتلك األزمـات واملشكلت، ويفكر في إصدار قانون يثير حفيظة املدخنني وأصحاب املقاهي واملطاعم والحانات وغيرهم، وهم كثر. وعلى األرجـح أن أغلبهم صوتوا لحزب العمال في االنتخابات النيابية األخيرة. وهو في ذلـك، في رأيـي، مثل تلك الدجاجة، وما جنته على نفسها من سوء مصير. الورقة املقدمة بإلغاء التدخني في األماكن والفضاءات املفتوحة لـن تقلل مـن عــدد املدخنني فـي األمـاكـن والـفـضـاءات املفتوحة، ولن تقلل من عـدد املدخنني. ولـن يكون لها مفعول السحر، كما يتوقع السير ستارمر. وسيتمكّن املدخنون من االلتفاف على القانون في وقت قصير في حالة صدوره. أضف إلى ذلك أن هذه الروح األبوية فــي الــقــانــون املــزمــع ال داعــــي لـهـا وغــيــر مـطـلـوبـة؛ ألن أغــلــب الـنـاس يفضلون مناكفة الحكومات برفضهم االمـتـثـال إلــى أي قـــرارات أو قــوانــ وصـائـيـة الـصـفـة، يـشـتـمّــون منها حَــدْبــ أبــويــ . آخــذيــن في االعتبار، أن الحكومات التي تتخذ قوانني وسياسات تتسم بروح أبوية والتظاهر بالحرص على صحة املواطنني، ال تتورع عن إرسال شـبـاب إلـــى املـــوت فــي حـــروب عبثية خــاســرة ال فــائــدة مـنـهـا. حـرب بريطانيا في أفغانستان على سبيل املثال ال الحصر. كان األولى بالسير ستارمر ترك املدخنني لحالهم، واالهتمام مثل بالبحث عـن حـل ملشكلة قـــوارب الهجرة التي مـازالـت تواصل عبور بحر املانش، محمّلة بشحناتها البشرية يومًا إثر آخر، وتزيد في تصاعد التوتر في املناخ السياسي وفـي ارتـفـاع أعــداد الغرقى في البحر، وتصاعد وتيرة الحملت اإلعلمية ضـده شخصيًا، أو التفكير في حلول تضمن القضاء على الجريمة املنظمة، خصوصًا في مجال تهريب املخدرات والسرقة، أو التهرّب من دفع الضرائب. مـــع أن حــديــث عــبــد الـحـمـيـد أبــــو سـلـيـمـان عـــن «الـنـظـريـة التقليدية»، أو تـراث الفقهاء املسلمني في رسالته للدكتوراه، كان حديثًا غامضًا ومشوشًا، فإنَّه ما لبث أن أبرم حكمًا متممًا بـــه حـديـثـه الــغــامــض واملـــشـــوش عـــن تــــراث الـفـقـهـاء املـسـلـمـ . هـــذا الـحـكـم هــو «إخـــفـــاق الـفـكـر الـتـقـلـيـدي». قـــال ابـــتـــداء تحت هـــذا الــعــنــوان: «عـنـدمـا يتكلَّم الـكـتـاب عــن الـنـظـريـة التقليدية اإلســـامـــيـــة، فــإنــهــم ال يـتـكـلـمـون عـــن الـــقـــرآن الــكــريــم أو الـسـنـة النبوية الشريفة، ولكنهم يرجعون عادة إلى التأملت الفقهية اإلسلمية...». وبعد أن أوضح املقصود بهذه امللحوظة، أحال إلى كتابات مكتوبة باللغة اإلنجليزية، هي: «تاريخ القانون اإلسلمي» لنويل ج. كولسون، و«من القانون الديني إلى الوطني» وهي دراسة ملجيد خدوري تضمنها كتاب «التحديث في العالم العربي» الذي قام بتحريره ج. هـ. تومسون ور. د. رايـشـاور، و«القانون اإلسـامـي» لسعيد رمضان. وأحـال إلــى كتاب مكتوب باللغة العربية، هـو كتاب «الفقه اإلسـامـي: مدخل إلــى دراســـة نظام املـعـامـات فيه» ملحمد يوسف موسى. وقــال: «ولقد تقيَّد الـدارسـون والنقاد املحدثون ومـن تبعهم من أنـصـار هـذه املـدرسـة الفكرية، بشكل عــام، باالستنتاجات التي توصل إليها الفقهاء التقليديون، صارفني األنظار عن الكيفية التي تم بها التوصل إلى تلك النتائج»، ثم أحال إلى ثلثة مراجع أجنبية وإلى مرجع باللغة العربية. املـراجـع األجنبية هـي: «اإلســـام والحيادية» لفائز صايغ، وهي دراسـة تضمنها كتاب «اإلسـام والعلقات الدولية»، وهو كـتـاب حــــرَّره جـــي. هــــ. بـروكـتـر، و«الـــحـــرب والــســام فــي الـقـانـون اإلسلمي» ملجيد خدوري، و«القانون اإلسلمي» لسعيد رمضان. املرجع العربي كان كتاب «آثار الحرب في الفقه اإلسلمي» لوهبة الزحيلي. وقـــال أيـضـ : «ولـــم يعط الـكـتـاب املـعـاصـرون الـشـيء الـذي يستحق الذكر، بل لم يولوا أي اهتمام ملنهجية هؤالء الفقهاء وال إلـى الـظـروف التي كانوا يعملون تحت طائلتها. وتعامل النقاد مع الفكر اإلسلمي التقليدي من خلل اإلطـار املرجعي الغربي الحديث بــدءًا مـن الفرضيات الخاطئة حتى الوصول بهم إلى االستنتاجات املماثلة». أكمل كلمه هذا، فقال: «ومع أن املوالني إلى هؤالء (يقصد بهؤالء الفقهاء األقدمني) قد حاولوا مواجهة التحديات الحديثة عــن طـريـق اسـتـمـراريـة التفكير بـاسـتـخـدام املـعـايـيـر القديمة، فإنهم أخفقوا في تفهم الظروف الجديدة املتغيرة واملستجدة على الـــدوام. وهـكـذا اجتهدوا تقديريًا كمحاولة منهم إلعـادة بـنـاء الـنـظـام االجـتـمـاعـي اإلســامــي حـتـى يــتــاءم مــع املطالب املتنازع عليها بـ النقاد وحتى يـرضـوا الـنـزوات االنفعالية ويشبعوا الرغبات العاطفية للمسلمني حـ لـم يتحقق على اإلطلق إال النزر اليسير من ذلك للقضية اإلسلمية». في املقتبسني األخيرين، لم يحل إلى مراجع؛ مما يعني أن امللحوظتني اللتني تضمناها هما ملحوظتان خاصتان به، لم يستمدهما من مراجع يحيل إليها. أول مشكلة تـواجـهـنـا هــي مـعـرفـة هــل «الـكـتّــاب» في املـقـتـبـس األول هـــم «الــــدارســــون والــنــقــاد املـــحـــدثـــون» في املقتبس الثاني و«الكتاب املعاصرون» في املقتبس الثالث أم أننا أمام ثلث فئات منهم؟ ثــانــي مـشـكـلـة أن هــــؤالء كـثـر مـــتـــعـــددون، فـيـهـم أنــــاس من الغرب وأناس من البلدان العربية وأناس من البلدان اإلسلمية. فهو - على األقل - لم يحدد هويتهم املنهجية أو األيديولوجية أو البلدانية. ثــالــث مشكلة هــو يـتـحـدث عــن تــــراث فـقـهـاء اإلســــام لكن بطريقة غائمة تفتقر إلـى التحديد ويعوزها الـوضـوح. وهي الطريقة نفسها التي أشار فيها إلى «الكتّاب» وإلى «الدارسني والنقاد املحدثني» وإلى «الكتاب املعاصرين» بإزاء هذا التراث، طريقة تجعلك تسأل نفسك غير مرّة: يا ترى من هم هؤالء؟ رابــــع مـشـكـلـة، مـــن هـــم الـفـقـهـاء الـتـقـلـيـديـون فـــي املقتبس الثاني؟! هل يعني بهم الفقهاء القدامى؟ إنه يعني بهم الفقهاء القدامى. وهـذا التصنيف يفترض أنه ابتداء من القرن الثاني الهجري انقسم الفقهاء إلى تيارين: تيار تقليدي وتيار تحديثي! تقسيم الفقهاء إلى فقهاء تقليديني وإلى فقهاء تحديثيني يستعمل في العصر الحديث ال العصر اإلسلمي الوسيط. خامس مشكلة أن امللحوظات التي أوردها ال سياق لها في موضوعه الذي عنونه بـ«إخفاق الفكر التقليدي». فهي منتزعة من مراجع وردت فيها في سياق مختلف عن موضوعه. لهذا الــســبــب بــــرزت املــلــحــوظــات الــتــي أوردهــــــا فـــي مــوضــوعــه دون سيقان. ســـادس مشكلة، وهــي املشكلة الـكـبـرى، أنــه لـم يبني كيف أخفق الفكر التقليدي، وأين أخفق. أنهى الحديث عن موضوعه بإشارة مقتضبة إلى ما يمكن تسميته «تحدي العصرنة»، الــذي فرضته الحضارة الغربية عــلــى الــفــكــر اإلســــامــــي، فـــقـــال: «وفـــــي ظـــل هــــذه األوضــــــاع كــان الجدل حول الجهاد الهجومي إزاء الجهاد الدفاعي، والقانون الشخصي مقابل القانون اإلقليمي، والحياد مقابل التحايد؛ جــدال غير ذي جـــدوى. واقتضت متطلبات الـضـرورة اكتساب وتوظيف أدوات ومناهج جديدة». إن الـــجـــهـــاد فـــي اإلســــــام والــــجــــدل حـــولـــه: هـــل هـــو جـهـاد هجومي أم جهاد دفاعي أم هو جهاد هجومي وجهاد دفاعي؛ هـو مـا كــان يجب أن يتحدث عنه فـي مـوضـوعـه، ويـقـول رأيـه فيه، لكنه تهرب من ذلـك لكيل يتضح إلـى أي فريق يصطف. وللحديث بقية. الملحوظات التي أوردها الكاتب ال سياق لها في موضوعه الورقة المقدمة بإلغاء التدخين في األماكن والفضاءات المفتوحة لن تقلل من عدد المدخنين جمعة بوكليب علي العميم عادل درويش OPINION الرأي 14 ملحوظات دون سيقان «العمال» البريطاني بين الهجرة والجريمة المنظمة... والتدخين! الوطنية واالنتماء والتاريخ لم يُهزموا بالغزو وإنما بنسيانهم تاريخهم وحضارتهم

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==