issue16719

OPINION الرأي 12 Issue 16719 - العدد Friday - 2024/9/6 اجلمعة وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com الطبقية الخطيرة المسكوت عنها فـــي أذهـــانـــنـــا أن الـطـبـقـيـة مـــاديـــة فــقــط. بـمـعـنـى أن الطبقية هي التي تميز بني األغنياء والفقراء. ولكن هل فعال الطبقية هي مفهوم مادي محض؟ إن التمعن فـي طبقات معنى الطبقية يقودنا إلى أبـــعـــاد أخـــــرى يــتــوفــر فـيـهـا مـعـنـى الـتـمـيـيـز، وقــــد يـكـون يستجيب ملقومات فكرة الطبقية أكثر حتى من الطبقية بمعناها املادي. أليس تقسيم الناس اليوم إلى متعلمني وأمـيـ نوعًا آخــر مـن الطبقية املعرفية املقيتة، وأليس األشد قسوة هو تداعيات الطبقية املادية ونفيها؟ ما شعور شاب فقير متحصل على شهادة جامعية وقــارئ للمتنبي واملـعـري وابـن رشـد ومسكويه ونيتشه وسارتر وغيرهم من علماء العلوم الطبيعية والتجريبية واإلنسانية واالجتماعية؟ وأفترض أنه قابض على أهم مـورد من مــوارد الـثـراء. بل إنـه مؤهل للخروج من طبقة إلى أخرى واكتساب أسباب الكرامة والفرص االقتصادية الجيدة. إذن الثراء شعور وواقع معًا. لذلك؛ فإن الطبقية األكثر ايالمًا هي الطبقية املعرفية وهي ذات داللة مضاعفة أوالً؛ ألن اكتساب العلم واملعرفة والتمكن من القراءة والكتابة هي مفاتيح تحقيق الذات واالنخراط في البيئة االجتماعية والعالم، إضافة إلى أن التعلم هـو أهــم مـا يميز اإلنــســان، األمــر الــذي يجعل من األشخاص الذين يحرمون من الحق في التعلم ويقضون حـيـاتـهـم فــي حــالــة أمــيّــة فــي زمـــن الـجـامـعـات الضخمة، ويـوصـفـون بالتالميذ والــطــ ب مـا يجعلهم أقــل تحققًا إنسانيًا وأقــل استثمارًا مللكة العقل التي تميز اإلنسان عن سائر الكائنات. فــــي الــحــقــيــقــة إن الـــحـــديـــث عــــن الــطــبــقــيــة املــعــرفــيــة التعليمية ليس في مستوى الحديث عن الطبقية املادية من حيث الكم أو حتى النوع. وهو ما يعني أن مثل هذه الطبقية الخطيرة شبه مهملة. سنبسط الفكرة أكثر: إننا نتحدث عن األمية وهي مـشـكـلـة كـــبـــرى لـــم تـسـتـطـع اإلنــســانــيــة الـــتـــي غــــزت عـالـم الفضاء وقطعت أشواطًا مذهلة في العلم واالكتشافات أن تقضي عليها تمام القضاء. ال شك في أن العالم متفطن إلى هذا الكابوس ومن والـعـالـم يُحيي بشكل منتظم الـيـوم الـدولـي 1967 سنة ملـحـو األمـــيّـــة، ولـكـن مــع ذلـــك فـإنـهـا لــم تــمــحَ. طبعًا نحن هنا ال نتحدث عن األميّة الجديدة املتعلقة بالرقمنة بل ال نزال في املستوى الداللي األول واملباشر ملعنى األمية واملقصود بها التمكن من القراءة والكتابة. وباعتبار أن العالم سيحيي هذا اليوم الدولي بعد غد األحد فإنه من مليون شخص من الشباب والكبار 771 املهم التذكير بأن غير ملمني بـاملـهـارات األساسية للقراءة والكتابة حتى يومنا هذا. وكـــمـــا تـــــــرون، فــاملــشــكــلــة كـــبـــيـــرة جــــــدًا، وهـــــي سـبـب مانع حقيقي لتحقق الكرامة اإلنسانية وأهـم عقبة أمام التنمية. ففي لحظة تاريخية تتقلص فيها حظوظ شاب صاحب شهادة جامعية لكنه ال يتقن اإلعالمية واللغة اإلنــجــلــيــزيــة، فــكــيـف ســيــكــون حــــال شـــبـــاب ال يـمـتـلـكـون أبجديات القراءة والكتابة؟ وال نـجـادل التحليل القائل إن الطبقية املـاديـة هي مـنـتـجـة ألشـــكـــال شـتـى مـــن الـطـبـقـيـة، ومـنـهـا التعليمية واملـعـرفـيـة، بـاعـتـبـار أن حــظ الـفـقـراء مــن املـعـرفـة أقـــل من األغــنــيــاء، بـخـاصـة أن مـرحـلـة مجانية التعليم بالشكل الذي كانت عليه في الستينات والسبعينات والثمانينات تقريبًا هي في خطواتها األخيرة من االنـقـراض. فالفقر عقبة أمام كل شيء بما في ذلك التعليم الجيد واكتساب اللغات. غير أن إعطاء الطبقية التعليمية حيزًا واضحًا في نقاشاتنا ومــداوالتــنــا مـن شـأنـه أن يـأخـذنـا إلــى الشكل األكثر خطورة من أشكال الطبقية ذات التداعيات السيئة على املستقبل، وقبل ذلك الحاضر. ومن املؤسف أن األمية ال تمس كبار السن أو الكهول فقط، بل إن خطورتها تكمن باألساس في كونها تشمل فئات عمرية اجتماعية تمثل القلب النابض للمجتمع وملستقبله، حيث إن نسبة األطفال في عمر العشر سنوات الــذيــن ال يمكنهم قــــراءة نــص بسيط وفـهـمـه قــد ازدادت في املائة سنة 70 إلى 2019 في املائة سنة 57 وانتقلت من ، وهو ما يعمق من حدة هذه املشكلة من منطلق أن 2022 األجيال القادمة مصابة في جزء منها بداء األمية. طبعًا من املفارقات أن يجمع الزمن الحضاري ذاته بني أمية ماليني من البشر وقنبلة الذكاء االصطناعي. لــن يظل 2030 الـــســـؤال: إلـــى أي حــد فـعـ فــي سـنـة أحــد خلف الـركـب فـي ظـل األرقـــام املـشـار إليها والجهود املنخفضة الـوتـيـرة املـبـذولـة بحكم مــا يعصف بالعالم اليوم من أزمات ومشكالت من كل لون ورائحة؟ آمال موسى إسرائيل الموسّعة ولبنان الضيّق يتخذ اليمني اإلسرائيلي الحاكم بشقيه (الليكودي والعقائدي) من عملية السابع من أكتوبر (تشرين األول) ذريعة من أجـل تصفية القضية الفلسطينية، التي 2023 تــبــدأ بـالـنـسـبـة إلــيــه سـيـاسـيـ بـرفـضـه املـطـلـق قــيــام دولـــة فـلـسـطـيـنـيـة عــلــى مـــا تــبــقــى مـــن أراضــــــي الــضــفــة الـغـربـيـة وقــطــاع غـــزة عـاصـمـتـهـا الـــقـــدس، أمـــا جـغـرافـيـ وعـقـائـديـ فإن الوصول إلى هذا الواقع يوجب إعـادة احتالل الضفة الغربية بالكامل، أي استعادة أراضي «يهودا والسامرة»، حسب النص التلمودي، إلى الدولة العبرية وتغيير واقعها الديمغرافي. لذلك فــإن العلمية العسكرية اإلسرائيلية فـي شمال الضفة حاليًا ليست أمنية فقط، بل لها بُعد استراتيجي أخطر على مستقبل الفلسطينيني في الضفة، كونها تأتي فـي سياق مـشـروع وزيــر املالية اإلسرائيلي سموتريتش املــعــروف بــ«حـسـم الــصــراع»، الـــذي يتبناه ويـنـفّــذه رئيس الوزراء بنيامني نتنياهو، وهدفه السيطرة التدريجية على الضفة الغربية إلى أن يتم ضمها بالكامل، ويترافق ذلك مع تنفيذ مخطط تغيير ديمغرافي للواقع السكاني في الضفة، مـن خــ ل زيـــادة عــدد املستوطنات وتكثيف االستيطان، حتى يصل إلى حجم مواز للتعداد الفلسطيني. على املستوى السياسي، يتمسك اليمني اإلسرائيلي برفض قيام الدولة الفلسطينية. أما على املستوى امليداني فإنه يعمل منذ سنوات على جعل قيامها مستحيالً، من خـــ ل قـضـم الـجـغـرافـيـا وحـصـر الـديـمـغـرافـيـا فــي الضفة، وتحويل املدن والقرى إلى مساحات ضيقة بنسبة سكانية عالية، أي مجمعات سكنية غير متصل بعضها ببعض، مــن خـــ ل تقطيع الـجـغـرافـيـا وجعلها غـيـر قـابـلـة للحياة ودفـــع الفلسطينيني إلــى الـهـجـرة. كما أن مـشـروع «حسم الصراع» في رأي الخبراء يستهدف تهجير جزء من سكان شمال الضفة إلـى وسطها وجنوبها مرحليًا، والسيطرة على مزيد من األراضــي، وزيـادة وتيرة املستوطنات حتى ، والــعــمــل على 169 الــعــشــوائــيــة الـــتـــي وصــــل عـــددهـــا إلــــى ألف فلسطيني في الضفة يملكون 750 استهداف أكثر من رقــمــ وطــنــيــ أردنــــيــــ ، ودفــعــهــم إلــــى االنـــتـــقـــال إلــــى الـضـفـة الشرقية لنهر األردن. الخريطة الـجـديـدة للكيان اإلسـرائـيـلـي الـتـي ظهرت في آخر مؤتمر صحافي لنتنياهو من دون حدود الضفة الـــغـــربـــيـــة، هــــي فــعــلــيــ نـــعـــي رســـمـــي إســـرائـــيـــلـــي لــلــحــدود الـــســـيـــاســـيـــة التـــفـــاقـــيـــة أوســـــلـــــو، حـــيـــث يـــمـــكـــن تـسـمـيـتـهـا بالخريطة الجديدة إلسرائيل املوسّعة، التي تقوم على ضم الضفة الغربية وتقطيع قطاع غزة وإفراغ أجزاء واسعة من جنوب لبنان من سكانه، وهذا قد يتطلب إما إعادة احتالل الجنوب، وإما تنفيذ ما هو أوسع من حدود القرار األممي جغرافيًا، ولكن بالنار. 1701 إسرائيل املوسّعة تبدو على حساب الفلسطينيني أوال وحقوقهم، وعلى حساب اللبنانيني ثانيًا، فلبنان املُنقسم يبدو أنه أحد ضحايا تداعيات عملية «طوفان األقصى»، نتيجة االنـقـسـام السياسي واالجـتـمـاعـي العموديني بني طوائفه على قضايا داخلية وخارجية متراكمة، وعزز هذا االنقسام دخول «حزب الله» حرب اإلسناد، وحديث نُخبه عـن الـيـوم الـتـالـي لـلـحـرب، والـتـطـرق إلــى األحــجــام والـــدور والــدســتــور والـــســـ ح، مـمـا أثـــار قلقًا لــدى نُــخـب الـطـوائـف األخـــرى، فرفعت مـجـددًا مطالبتها بالفيدرالية، أو حتى االنـــفـــصـــال، بــاعــتــبــاره األنـــســـب لـــدى الـبـعـض لــحــل األزمـــة اللبنانية املُستعصية، والذي ترافق مع تراجع فكرة العيش املشترك في بلد واحـد، لصالح عيش واحد أو أحـادي لكل جماعة أو طـائـفـة، فـي بلد شبه مشترك أو مـا زال بعض أبنائه يتمسكون بالحد األدنى من مشتركاته. وعليه، مِن تراجع حل الدولتني في فلسطني إلى تقدم حل الدويلتني أو أكثر في لبنان، تعمل تل أبيب على زيادة املساحات الديمغرافية واألمنية وفرض إسرائيل املوسّعة، بـيـنـمـا يُــعــيــد الـلـبـنـانـيـون إنـــتـــاج تـنـاقـضـاتـهـم مــنــذ قـيـام دولــة لبنان الكبير، التي يعدها البعض أقـل من حجمهم والبعض اآلخر أنها ضاقت عليهم. مصطفى فحص لبنان المُنقسم يبدو أنه أحد ضحايا تداعيات عملية «طوفان األقصى» إسرائيل تخشى االنتحار لـــــم يـــعـــد الـــــكـــــ م عـــلـــى «الــــتــــدمــــيــــر الـــــذاتـــــي» اإلسرائيلي، شاغل العرب املتفائلني، بل صرت تقرأ عنه فـي «نـيـويـورك تايمز» و«هــآرتــس» و«تايمز أوف إسرائيل»، ويحذّر منه دبلوماسيون غربيون كـــبـــار، تـــعـــز عـلـيـهـم ولــيــدتــهــم املـــدلـــلـــة، ويـخـشـون فقدانها. ولــــيــــس آخــــــر الـــســـيـــل كــــتــــاب رئــــيــــس تــحــريــر «هـــآرتـــس» ألـــوف بـــن، «تـدمـيـر إسـرائـيـل لنفسها: نتنياهو... الفلسطينيون وثـمـن اإلهــمــال» الـذي في كتابه ينعى دولته، وال يرى مَخرجًا متاحًا، ال بإقامة دولة واحدة وال دولتني. ورغم موضوعيته في التحليل وقراءته الثاقبة، ال يقترح حال سوى مالطفة الفلسطينيني ومعاملتهم بقليل من اللني. ونــــتــــنــــيــــاهــــو بـــــــإجـــــــرامـــــــه، كـــــمـــــا ألـــــــــــوف بـــن بموضوعيته، فإن اإلسرائيليني بمختلف فئاتهم، يـــشـــعـــرون بـــكـــارثـــة الـــطـــريـــق املــــســــدود، وال سبيل أمامهم سوى مواصلة اإلبادة أو استراحة محارب قبل حــرب جـديـدة. وبـــدال مـن إيـقـاف مـجـازر غـزة، تمنى نتنياهو أن تُفتح جبهة مع لبنان، وإن لم تتيسر فلتكن جهنم الجديدة في الضفة. تــبــاهــت «الـــوكـــالـــة الــيــهــوديــة» بــأنــهــا جلبت ألـــــف مـــهـــاجـــر إلـــــى إســــرائــــيــــل خـــــ ل عـــقـــد مـن 70 الـزمـن، وكـانـت تستعد لإلتيان بمزيد مـن البشر واالســــتــــثــــمــــارات الـــتـــي بــلــغــت حـــــدًا قـيـاسـيـ . فـقـد 55 ســجــلــت إســـرائـــيـــل نــاتــجــ مـحـلـيـ وصــــل إلــــى ألـف دوالر للفرد متفوقة على أملانيا وبريطانيا ، بفضل االسـتـقـرار، وتـدفّــق املهاجرين، 2022 عـام ورؤوس األموال. لـــكـــن الــــخــــطــــوط الـــبـــيـــانـــيـــة انـــعـــكـــســـت سـلـبـ وبشكل سـريـع ومـتـدحـرج بعدما صـــوَّت البرملان على إجراء 2023 اإلسرائيلي في يوليو (تموز) عام اإلصـ ح القضائي الذي تريده حكومة نتنياهو. تلك كانت نقطة الفصل. بعدها، عبّر ما يقرب من فـي املـائـة مـن السكان عـن رغبتهم فـي مغادرة 30 إســرائــيــل، وكــثــيــرون بــــدأوا بـاسـتـصـدار جــــوازات أوروبية، أو استعادتها. من بني هؤالء ثالثة آالف طبيب، ونخبة تكنولوجية. رأى املــــــــؤرخ اإلســــرائــــيــــلــــي إيـــــــ ن بـــابـــيـــه أن إسـرائـيـل كـانـت على شفا انـفـجـار وربـمـا انهيار، عـنـدمـا وقـعـت عملية «طــوفــان األقـــصـــى»، وأُجـبـر اإلسرائيليون على التماسك والتضامن، ملواجهة عدوهم املشترك. لكن في املقابل، ثمة أعداد كانت مترددة في الهجرة حزمت أمتعتها ومشيت على عــجــل. ورغــــم تـسـتـر الـسـلـطـات اإلسـرائــيــلــيـة على أعــداد املهاجرين، وتذرعها بصعوبة إحصائهم، فإن الرقم األكثر تواضعًا يشير إلى نصف مليون شخص، وثمة من يقول إنه يصل إلى املليون. أي يكاد يقارب عـدد الفلسطينيني الذين هُــجّــروا في .1948 نكبة اسـتـطـ ع جـديـد لــلــرأي يُــظـهـر أن واحــــدًا من كل أربعة يهود إسرائيليني، وأربعة من كل عشرة عرب إسرائيليني سيهاجرون إلى دولة أخرى، إذا أتيحت الفرصة. املـشـكـلـة ليست فــي الـــعـــدد، بــل فــي الـنـوعـيـة. فــاملــهــاجــرون هـــم األكـــثـــر تـعـلـيـمـ ، واألوفــــــر ثـــروة، ويرفضون العيش في دولة ديكتاتورية، يحكمها متطرفون متدينون. لهذا يخشى محبو إسرائيل مـــن نـــزيـــف الــعــلــمــانــيــ والـــيـــســـاريـــ ، والــشــبــاب واألثــــريــــاء، الــذيــن تعتمد عليهم إســرائــيــل لبناء واجـهـتـهـا وسـمـعـتـهـا، وتـنـمـيـة الـسـيـاحـة. هــؤالء يصنعون ازدهـارهـا، غالبيتهم آتـون من أوروبــا، أسَّسوا وحكموا، وها هي الفئة التي عُــدَّت درجة ثانية تقوم بانقالب عليهم. سيبقى، والـحـالـة هـذه، املتطرفون والفقراء الذين يزعمون أن ديانتهم تمنعهم من العمل أو االنخراط في الجيش، ويكرسون حياتهم للدعاء واإلنجاب، وحلب موارد الدولة بأجور، ال يؤدون أي خـــدمـــة مـــقـــابـــلـــهـــا. فـــئـــة ســـتـــمـــارس مــــزيــــدًا مـن العنصرية والعنف، وستجد الحكومات الغربية الــتــي تـحـمـيـهـم الـــيـــوم، صــعــوبــة أكــبــر فـــي الــدفــاع عــن سلوكياتهم املـمـجـوجـة، وجـرائـمـهـم املــقــززة، وتصريحاتهم املنفّرة. وتــحــاول إسـرائـيـل أمـــام واقـــع يـــزداد وعـــورة، أن تخيف يهود العالم من ارتفاع معدالت العداء للسامية، لتعكس األرقـــام دون جـــدوى. فاملشكلة تتجاوز الديمغرافيا، لتصبح اقـتـصـاديـة، وهـذا أصعب. كــتــب دان بـــيـــري، املــتــخــصــص فـــي الـــشـــؤون اإلسرائيلية، على موقع «ثي هيل» أن العلمانيني بـعـضـهـم يـــغـــادرون بـالـفـعـل، و«يــفــكــر آخـــــرون في تــقــســيــم إســـرائـــيـــل إلـــــى دولــــتــــ ؛ دولــــــة عـلـمـانـيـة ليبرالية، ذات أغلبية يهودية ساحقة، على طول الــســاحــل مـــن تـــل أبــيــب إلــــى حــيــفــا، ودولـــــة ديـنـيـة قـومـيـة فـــي كـــل مــكــان آخــــر، حــــرّة فـــي الــشــجــار مع الــفــلــســطــيــنــيــ . وســــــوف يـــكـــون تــــوزيــــع الــســكــان مـتـسـاويـ تـقـريـبـ إذا بـلـغ عـــدد ســكــان كــل منهما خمسة مـ يـ نسمة، ولـكـن مـن الصعب أن نرى كيف يمكن الدفاع عن أي منهما». وهــــذا مـــا يـفـتـح بــــاب الـــســـؤال حــــول احـتـمـال انـــدالع حــرب أهلية، يتحدث عنها بعض الكتّاب وكنا نراها بعيدة، ولكن، هل حقًا أن ما حدث في غزة أخَّر االنفجار اإلسرائيلي الداخلي أم أخمده؟ فاملجتمع اإلسرائيلي أبعد ما يكون عن التجانس. مـجـمـوعـات مـــن بـــلـــدان شــتــى، وعــــــادات مـتـبـايـنـة، تتشابه في الدين (وليس دائمًا)، وتختلف في كل شيء آخر. ومــــــن جـــمـــلـــة الـــــتـــــحـــــذيـــــرات، رســـــالـــــة كـتـبـهـا مـن كـبـار رجـــال األعــمــال واملــــال، وقَّــعـهـا كبار 130 املــســؤولــ املـالـيـ الـسـابـقـ ووزارات حكومية وبـنـك إسـرائـيـل، حـــذروا جميعهم مـن انعكاسات كـارثـيـة إلعــفــاء الـيـهـود املـتـشـدديـن مــن التجنيد، بسبب نموهم املـرتـفـع، وأعــدادهــم املـتـزايـدة، مما سيجعل العديد ممن يتحملون العبء االقتصادي يفضلون الهجرة من إسرائيل على إعالة هؤالء. فـهـل حـقـ بـمـقـدور إســرائــيــل أن تصمد أمــام تحدياتها الداخلية، ولكم من الوقت؟ سوسن األبطح هل حقا بمقدور إسرائيل أن تصمد أمام تحدياتها الداخلية... ولكم من الوقت؟

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==