issue16718

ال مبالغة فـي الـقـول بـأن األيـــام السعيدة التي عاشها أصحاب مواقع التواصل االجتماعي انقضت أو كادت، وأن الرياح أتـت وتأتي على غير ما تشتهي سفن كل واحـد من أباطرة هذه املواقع. وليس في وصفهم باألباطرة شيء من التهويل، ويكفي إلثبات ذلك أن نلتفت إلى أن كاماال هاريس، مرشحة الحزب «الــديــمــقــراطــي» فـــي الــســبــاق إلــــى الــبـيــت األبـــيـــض تـخـوض السباق بينما وراءهــا نصف دستة على األقـل من الساسة والــــرمــــوز فـــي الـــحـــزب، أمــــا دونـــالـــد تـــرمـــب، مـــرشـــح الــحــزب «الــجــمــهــوري»، فـيـخـوض الــســبــاق نـفـسـه ولــيــس وراءه إال إيلون ماسك، صاحب منصة «إكـس»، التي ال يزال كثيرون من روادها يسمونها باسمها القديم «تويتر». إنـنـا نـقـرأ أن وراء هــاريــس يـقـف الـرئـيـس جــو بـايـدن، والـرئـيـس األسـبـق بـــاراك أوبــامــا، وزوجـتـه ميشيل أوبـامـا، ونـــانـــســـي بـــيـــلـــوســـي، رئـــيـــســـة مـــجـــلـــس الـــــنـــــواب الـــســـابـــقـــة، والرئيس األسبق بيل كلينتون، وزوجته هيالري كلينتون، وابــن الرئيس األسـبـق جيمي كـارتـر. ثـم نتطلع إلـى الجهة املقابلة فـ تقع أعيننا إال على تـرمـب مـجـردًا مـن أي دعم حزبي جمهوري مماثل أو مشابه، وال يظهر إلى جواره أحد يسانده ويعلن ذلــك إال بالكاد مـاسـك، ومــن خــ ل منصته الشهيرة طبعًا. الغريب أن املنصة نفسها كانت إلى جوار الديمقراطيني ، وبــلــغ خــ فــهــا مـــع تــرمــب إلــــى حـــد وقــف 2020 فـــي ســبــاق حـسـابـه عليها تـمـامـ، فلما دار الــزمــان دورتــــه، كـانـت هي قـد بيعت مـن مالكها القديم إلــى مـاسـك، وكـــان هـو قـد بـدّل اسمها من «تويتر» إلى اسمها الحالي، وكان قد تخلى عن الديمقراطيني، وكان في مرحلة تالية قد أعلن أنه لن يصوّت لهم. وعـــنـــدمـــا يـــقـــول إنــــه لـــن يـــصـــوّت لـــهـــم، فــاملــفــهــوم أن منصته هــي الـتــي ستفعل ذلـــك ال هـــو، ألنـــه فــي النهاية صوت واحد كونه شخصًا، أما املنصة فتأثير، وسطوة، وتـوجـيـه، وإيــحــاء، إلــى آخــر مـا يمكن أن يـقـال فـي اتجاه محاوالت إقناع الناخبني بأن يصوتوا لهذا وليس لذاك من املرشحني في السباقات املختلفة. فهل يستطيع واحــد مثل ماسك أن يـعـوّض ترمب في مواجهة هـاريـس، ومعها كل هـذه الفرقة التي تعزف لحنًا واحدًا؟ هذا ما سوف نتبينه في ختام السباق الرئاسي الذي سيشهد نهايته في الخامس من الشهر بعد املقبل. ولكن حتى يأتي ذلك اليوم، سيكون علينا أن نالحظ أن دخول منصات التواصل االجتماعي إلى عالم السياسة لم يكن باملجان، وأن ماسك نفسه إذا كان يبدو سعيدًا هذه األيــــام، وهـــو يستضيف املــرشــح الـجـمـهـوري عـلـى منصته لساعتني، فإن عليه أن يتحسب مما هو مقبل، ألن االقتراب من السياسة إلى هذا الحد هو مثل اقتراب الفراشة من النار بأكثر مما هو الزم. وملــاذا يذهب صاحب «إكــس» بعيدًا؟ يكفيه ما أصابه في البرازيل الواقعة جنوب الواليات املتحدة، عندما قررت املحكمة العليا حظر منصته على أرضها، وعندما خاطبه الرئيس البرازيلي لوال دا سيلفا فقال: «مَــن يتصور نفسه هذا الرجل؟». كـــــان حــــظــــره هــــنــــاك ســـيـــاســـة فــــي ســـيـــاســـة، ولـــــم يـشـأ البرازيليون إخـفـاء السبب، فقالوا إنــه انـخـرط فـي تشكيل مـيـلـيـشـيـات رقــمــيــة، وإن مهمتها كــانــت الــدعــايــة للرئيس السابق بولسونارو، الذي غادر القصر وفي نفسه شيء منه وال يزال. والطبيعي أن هذه امليليشيات وهي تُروج للرئيس السابق، ال تفعل ذلـك على سبيل التسلية وقـضـاء الوقت، ولكنها تمارس ما تمارسه على أمل تمكني بولسونارو من أن يعود، فيذوق الشيء الذي ال يزال في نفسه منذ أن غادر. وعندما يصل األمر بمنصة تواصل اجتماعي إلى هذا املـدى، فهي لم تعد منصة للتواصل االجتماعي كما نشأت في األصــل، أو كما تسمي نفسها كلما جــاءت سيرتها في أحاديثنا العامة، ولكنها صارت منصة للدعاية السياسية، وبكل ما يترتب على ذلك من عواقب إلى آخر الطريق. وفي فنزويال كادت «إكس» تواجه مصيرها نفسه لدى الحكومة في البرازيل، وإذا كانت قد أفلتت هذه املرة، فال أحد يستطيع أن يخمن ما سوف يصادفها في مرات مقبلة. ولـسـبـب غـيـر مـفـهـوم أعــلــن تــرمــب سـخـطـه عـلـى مـــارك زوكـــربـــيـــرغ، صـــاحـــب مـنـصـة «فــيــســبــوك» ومــعــهــا عــــدد من املنصات األخـرى، فقال إنه سيحبسه مدى الحياة إذا كُتب له أن يدخل البيت األبيض من جديد. وأيـ كـان السبب في سخط ترمب عليه، فإن رضاه عن صاحب «إكس»، وسخطه على صاحب «فيسبوك»، ال بـد أنـه لهما عالقة بالسياسة بمعناها املباشر. وعندما وصل بافل دوروف، صاحب منصة «تلغرام»، من الشهر املاضي كان األمن في انتظاره، 24 إلى فرنسا يوم فلما أطلقوا سراحه منعوه من مغادرة األراضي الفرنسية، وقيل في األسباب إن سـوء استخدام للمنصة قد جـرى في األيـام املاضية. وإذا علمنا أن دوروف روسـي الجنسية في األسـاس رغم تعدد الجنسيات التي يحملها، وإذا انتبهنا إلــــى أن الــــــروس يــســمــونــه مـــــارك زوكـــربـــيـــرغ روســــيــــا، وإذا استرجعنا ما بني موسكو وعواصم االتحاد األوروبي وفي مقدمتها باريس من سوء عالقة منذ إعالن الحرب الروسية على أوكرانيا، فإننا نستطيع أن نخمن الباقي. السياسة هي التي أغرت صاحب «إكـس» بما أدى إلى حـظـرهـا فـــي الـــبـــرازيـــل، والــســيــاســة هـــي الــتــي حــظــرت سفر دوروف إلــى خـــارج فـرنـسـا، والـسـيـاسـة هـي الـتـي أسخطت الرئيس األميركي السابق على صاحب «فيسبوك»، وفي كل مرة كانت املنصات الثالث تنحرف عن تواصلها االجتماعي إلى دور سياسي، ولكنها لم تكن تتوقع أن يكون الثمن هو الحرمان من التواصل القديم ومن الدور الجديد معًا، وكلمة السر في املوضوع هي البرازيل. ذكرت في مقال األسبوع املاضي أن عقل اإلنسان لـيـس مـرتـبـة واحـــــدة. فـثـمـة عـقـل عـمـلـي يــديــر حياتك الــيــومــيــة، وثــمــة عــقــل نــظــري يــتــأمــل حــقــائــق األشــيــاء ويفكك معانيها. هـذا التقسيم ليس جـديـدًا، فقد شـاع فـي كتابات الفالسفة اليونانيني، ومنهم انتقل إلى علماء املسلمني، على يد أبي نصر الفارابي، كما أظن. واشتُهر الفارابي بلقب «املعلم الثاني» مقارنة بأرسطو املعروف باسم املعلم األول، وقد جمع تعريفات العقل من مختلف كتب أرســطــو، ورتّــبـهـا بـإيـجـاز فـي رسـالـتـه املـعـروفـة باسم «رسالة في العقل». وثمة مـؤشـرات إلـى أن هـذا التقسيم، إضـافـة إلى القول بالعقل الفطري، كان معروفًا في عصر اإلسالم األول، قبل تـعـرف املسلمني على الفلسفة اليونانية، حــــيــــث تـــظـــهـــر نــــصــــوص صــــريــــحــــة وإشـــــــــــــارات قـــويـــة للمستويات الثالثة في روايات عن النبي محمد - عليه الصالة والسالم - وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وآخرين، وجميعها منشورة، ومنها ما هو قوي اإلسناد ومنها الضعيف. وأشـــارت الـروايـات إلـى العقل الفطري باسم عقل الطبع أو العقل املطبوع، أي السابق للتجربة. وأشير إلـيـه فـي الفلسفة املـعـاصـرة بـاسـم «املــبــادئ القبلية». وهــــي – فـــي األصـــــل - مــجــمــوعــة الـــقـــواعـــد الـــتـــي يــولَــد اإلنـــســـان وهـــو مـجـهَّــز بـهـا تـكـويـنـيـ ، وتــعــد الزمــــة كي يـخـطـو خــطــواتــه األولـــــى فـــي الــحــيــاة، ومـنـهـا الـغـرائـز الــضــروريــة للبقاء عـلـى قـيـد الـحـيـاة، ومـنـهـا التمييز بــ الـبـشـر (األم واألب مــثــ ً) وبـــ الـــجـــمـــادات. وكــذا طـريـقـة الـتـعـبـيـر عــن الــفــرح واأللـــــم، وأمـــثـــال ذلــــك. لكن الـفـ سـفـة أضــافــوا إلـيـهـا أيـضـ قـضـايـا عقلية بحتة، مــثــل إدراك الــعــقــل الســتــحــالــة اجـــتـــمـــاع املـتـنـاقـضـات وربطه بني الحدث وسببه، وأمـثـال ذلــك. واملفهوم أن هذه القضايا، وإن أدركها اإلنسان بالحدس، إال أنها ال تتبلور وتتضح قبل سن الرشد. ورفـض الفالسفة التجريبيون مثل جون لوك وديفيد هيوم هذا الـرأي؛ بـنـاء على أن كـل املسائل العقلية نتاج للتجربة، ولم يكن في العقل قبل ذلك سوى الغرائز البحتة، التي لم يعدّوها عمليات عقلية باملعنى املتعارف. ثم نأتي إلى التقسيم الثنائي بني العقلني النظري والعملي. أما العقل العملي فهو الذي يستعمله الناس كافة من دون استثناء. وال أظن أحـدًا ال يستعمل هذا املستوى، فهو يحتاج إليه في كل جزء من أجزاء حياته، مـن املـأكـل واملـلـبـس إلــى الوظيفة والـعـ قـة مـع الناس وغيرها. وحني نتحدث عن خضوع اإلنسان إلمالءات الجماعة وانسياقه مع الحشد (سلوك القطيع)، فإننا نــتــحــدث عـــن هــــذا املـــســـتـــوى مـــن الــتــعــقــل، أي الـتـعـقـل املستعمل عــادة فـي تدبير الحياة اليومية املنتظمة، وهو – بالتعريف – محدد في إطار العالقة مع املحيط الطبيعي أو االجتماعي، انفعاال بمقتضياته أو تفاعال معها. أمـــــا الــعــقــل الـــنـــظـــري، فـــإنـــه يـسـتـعـمـل فــــي أبــســط مستوياته عند غالبية الناس، حني يواجهون مشكالت فيسعون للبحث عن حلول، من خـارج الصندوق كما يـــقـــال، أي حـــلـــول غــيــر مــعــتــادة أو مــتــعــارفــة، ملـشـاكـل حياتية أو وظيفية أو معرفية، حني يجب على اإلنسان أن يتخلص من تناقضات في فكرة أو في موقف. أمـــا فـــي املــســتــويــات األعـــلـــى، فـلـن تـجـد إال «زبـــدة الــــزبــــدة» كــمــا يـــقـــول الـــفـــرنـــســـيـــون، أي زبـــــدة الـعـلـمـاء واملخترعني واملكتشفني والفنانني والفالسفة والخبراء ورجال املال والسياسة. إن تميز هـــذه الـفـئـة القليلة عــن عــشــرات املـ يـ من أصحاب العقول في شرق األرض وغربها، لم يأت اعـتـبـاطـ وال ألنـهـم يـمـلـكـون واســطــة قــويــة، بــل ألنهم نجحوا في اخـتـراق جــدار املـألـوف واملعتاد، وطرحوا أفـــكـــارًا جـــديـــدة تـسـهـم فـــي تـغـيـيـر مـــســـار املـــ يـــ من الناس وتحسني حياتهم. وجود هذه الفئة على وجه الخصوص، ووجود املبدعني وأهل العلم عمومًا، دليل على القيمة العظيمة للعقل ودوره في تغيير الحياة، وهـو دعـوة لكل عاقل كي يثق في العقل وقـدرتـه على تغيير الحياة، وهو – بطبيعة الحال – رد على أولئك املرتابني في قابليته إلدارة املجتمع البشري وإصالحه. فـــــي زيـــــارتـــــه األخـــــيـــــرة إلــــــى لـــبـــنـــان فـي مـــنـــتـــصـــف شـــهـــر أغـــســـطـــس (آب) املــــاضــــي، اجتمع املبعوث األميركي آمــوس هوكستني مـــع رئــيــس مـجـلـس الـــنـــواب الـلـبـنـانـي، نبيه بــــري، وتــنــاقــل اإلعــــ م الـلـبـنـانـي أخـــبـــارًا عن حَــمْــل تــحــذيــرات أمـيـركـيـة لـلـبـنـان مــن تفاقم الوضع في الجنوب، مما سيؤدي إلى عملية إسـرائـيـلـيـة تـدمـيـريـة سـتـطـول جميع أنـحـاء الـــــداخـــــل الـــلـــبـــنـــانـــي، وأن هـــوكـــســـتـــ نـصـح بفصل قضية لبنان عن حرب غـزة. وقد نقل بــعــض الــصــحــف أن الـــرئـــيـــس بــــري رد على ضيفه بالقول إن الرسالة أُرسلت إلى العنوان الــخــطــأ، وإن عــلــى هـوكـسـتـ الــضــغــط على بنيامني نتنياهو لوقف جنونه. ولـــكـــن وراء الـــكـــوالـــيـــس، ومـــــن مــصــدر مـــقـــرب جـــــدًا مــــن بــــــري، جـــــاء أن «أهــــــم هـــدف مــن الـــزيـــارة كـــان الـطـلـب مــن رئــيــس املجلس الـنـيـابـي نـقـل رســالــة إلـــى قــيــادة (حـــزب الـلـه) فحواها أن الرد على قتل القيادي فؤاد شكر أمــر تتفهمه الــواليــات املـتـحـدة، ولـكـن ضمن ضوابط و(خطوط حُمر) على (حزب الله) أ يتجاوزها، وإذا فعل، فإن الـرد سيأتي فورًا من البوارج الحربية األميركية والبريطانية الـــتـــي هـــي عــلــى مــســافــة قــريــبــة مـــن الـشـاطـئ اللبناني، وسيُستعمل في الرد ما سيُدهش (الـــحـــزب) بالتقنية الـدقـيـقـة املـــدمِّـــرة لـكـل ما فـــوق األرض وتــحــتــهــا». وضــمــن «الـخـطـوط الحُمر» في الرسالة املطلوب عـدم تجاوزها امـتـنـاع «الـــحـــزب» عــن اسـتـعـمـال صـواريـخـه املتوسطة وبعيدة املــدى، وحصر العمليات فـــي صـــواريـــخ «الــكــاتــيــوشــا» وعــــدد مــحـدود مـــــن املـــــســـــيّـــــرات؛ وعــــــــدم اســــتــــهــــداف مـنـصـة «كــــاريــــش» الســـتـــخـــراج الـــغـــاز؛ وعـــــدم ضــرب األماكن السكانية املأهولة واملنشآت العامة، مثل املــطــارات واملــوانــئ ومـحـطـات الكهرباء واملــســتــشــفــيــات، وكـــذلـــك الـتـبـلـيـغ عـــن مـوعـد ساعة 12 الضربة بواسطة وسيط قطري قبل مـن حصولها». وقــد أوفــد بــري بعد مغادرة هـوكـسـتـ أحـــد املـسـتـشـاريـن لـ جـتـمـاع مع منسق األنشطة في «حزب الله»، وفيق صفا، إلبالغه الرسالة. أغـسـطـس (آب) 25 فــي فـجـر يـــوم األحـــد قــذيــفــة «هــــاون» 230 املـــاضـــي أطــلــق الـــحـــزب ومسيّرة، متفاديًا منصة «كاريش» واملناطق السكنية واملنشآت املهمة، وأعلن «الحزب» عن إصابة مبنى جمع املعلومات االستخباراتية ». وقــد 8200 فـــي غــالــيــلــوت املــســمــى «مــبــنــى استبقت إسرائيل هجوم «حزب الله» بثالث ساعات ووجهت ضربات سمّتها «استباقية» »، واستهدفت مخازن 16 نفذتها طائرات «إف أسلحة وذخـيـرة ومنصات إطــ ق صواريخ بلدة لبنانية جنوبية. 30 في وفــي مـسـاء يــوم «املــعــركــة»، أطــل األمـ العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، وألقى خـطـابـ أعـلـن فـيـه أن الـــرد عـلـى اغـتـيـال فــؤاد شــكــر قـــد حـــصـــل، وأنـــــه ألـــحـــق هــزيــمــة نــكــراء بــجــيــش الــــعــــدو، وبــــشّــــر الــلــبــنــانــيــ بـأنـهـم يـسـتـطـيـعـون الـــعـــودة إلــــى قـــراهـــم وحـيـاتـهـم الطبيعية، وانطلقت تظاهرات احتفالية في مـنـاطـق «الـــحـــزب» مهللة ومـكـبـرة ومعظمة لألمني العام. مـا قبل رسـالـة هوكستني مختلف عمّا يليها؛ إذ أصـبـح مــن الــواضــح أن مَـــن يحدد عـمـلـيـات «الــــحــــزب» الـعـسـكـريـة و«الــخــطــوط الـــحُـــمـــر» هـــي الــــواليــــات املـــتـــحـــدة بــاملــبــاشــر، وبالتالي أصبح «الـسـ ح وآالف الصواريخ لـــردع الــعــدو» لـيـس إال تـبـريـرًا لحمله وردع مــعـارضــيــه فـــي الـــداخـــل إذا اســتــطــاع. ورغـــم إعـــ ن نـصـر الـلـه أن الـــرد عـلـى قـتـل الـقـيـادي شـــكـــر قــــد تـــــم، فـــــإن إســــرائــــيــــل اســــتــــمــــرّت فـي اعـتـداءاتـهـا واغـتـيـالـهـا مقاتلي «املـمـانـعـة»، ضــمــن تـعـتـيـم قـــســـري شـــامـــل مـــن «الـــحـــزب»، إضافة إلى ما يحدث في جنوب لبنان. وقد قال أحد املواطنني الجنوبيني إنه خالل قيادة سيارته متجهًا من قريته إلـى مدينة صيدا شماال اضطر إلـى التوقف بعد أن سطع في وجــهــه ضـــوء قـــوي أصــابــه بـالـعـمـى الـكـامـل، وقد سمع صوت مسيّرة على علو منخفض جـــدًا، وبـعـد فـتـرة ابـتـعـدت، واسـتـعـاد الرجل نـــظـــره بـــعـــد نـــحـــو ســــاعــــة. وقـــــد شـــــرح خـبـيـر عسكري لبناني بــأن العملية مـتـكـررة، وأنـه من املرجح أنها نتيجة معلومات مخابراتية إســـرائـــيـــلـــيـــة، وفــــي حـــالـــة هــــذا الـــرجـــل كـانـت تتعلق بأحد قـادة «حـزب الله» الـذي يتجول بسيارة شبيهة بتلك التي أُوقفت، وأنه بعد عملية تدقيق اتضح أن األمــر غير ذلــك، فلم تُقصف. هـذا هو وضـع الجنوب اللبناني... أرض يسرح فيها الجيش اإلسرائيلي، ويرتع قتال وتدميرًا واعتداء على املواطنني، وليس هــنــاك مـــن يـــــردع، وإذا أراد «الــــحــــزب» الــــرد، فـسـيـكـون ضـمـن «خــطــوط حُــمــر» ال قــــدرة له على تجاوزها. من املؤكد أن «حـزب الله» يـدرك أن ردع اإلســرائــيــلــي بــــات وهــمــ لــلــدانــي مـــن البيئة الحاضنة وللقاصي من اللبنانيني عمومًا، وأن ما يسعى إليه هو سيطرته على القرار السياسي في لبنان، التي هي امتداد لسيطرة إيران املترامية على البحر األبيض املتوسط. إال إن معضلة «الحزب» وأسياده في طهران أنـهـم ينجحون بتفوق فـي الـسـيـطـرة؛ ولكن يفشلون في إدارة ما يسيطرون عليه، فتعم الـفـوضـى والـجـريـمـة، ويــســود الـفـقـر والـعـوز والتخلف. مـــن نــاحــيــة أخــــــرى، تــســعــى إيــــــران إلــى الـــبـــنـــاء عــلــى املـــكـــاســـب الــدبــلــومــاســيــة الـتـي تحققت لها من خالل تجنب الصراع املباشر مـع إسـرائـيـل وســط حــرب غـــزة، عبر اإلشـــارة إلى رغبتها في إبـرام اتفاق جديد مع القوى الغربية بشأن برنامجها النووي. وفـــي مـقـابـلـة مــع الـتـلـفـزيـون الحكومي أغسطس املاضي، أشار وزير 23 اإليراني يوم الخارجية املع حديثًا، عباس عراقجي، إلى التحول في السياسة، مما جعلها تتماشى مــع مـوقـف الــغــرب عـبـر االعـــتـــراف بـــأن أجـــزاء من «خطة العمل الشاملة املشتركة (االتفاق ،2015 الــــــنــــــووي)» املـــتـــفـــق عــلــيــهــا فــــي عـــــام أصـبـحـت غـيـر صـالـحـة بــمــرور الــوقــت. وقــال عراقجي إن «(خطة العمل الشاملة املشتركة) في شكلها الحالي غير قابلة لإلحياء»؛ ألنه لم يتم الوفاء باملواعيد النهائية الرئيسية في االتفاق، مما يستلزم إجـراء محادثات بشأن إعادة فتح هذه البنود وإجراء تغييرات. OPINION الرأي 12 Issue 16718 - العدد Thursday - 2024/9/5 اخلميس العقل المساير والعقل المتمرد للسياسة ثمن تدفعه منصات التواصل أميركا تحدد «الخطوط الحُمر» لحرب «حزب هللا» وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com هدى الحسيني‏ توفيق السيف سليمان جودة

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==