issue16714

ال يمكن اعتبار املسلسل الخليجي الــجــديــد «فـــعـــل مـــاضـــي» عـــمـــا تـقـلـيـديـا، فــهــو يـــحـــاول تــوعــيــة الــجــمــهــور بـالـحـيـل الـتـي قـد تضعهم ضحية للمبتزين، من خلل قصة هند (شجون الهاجري)، التي كانت تعيش بهدوء مع زوجها (محمود بــــوشــــهــــري) وابـــنـــتـــهـــمـــا، إلـــــى أن تـنـقـلـب حياتها رأسا على عقب مع ظهور رفيقها الـقـديـم بــــرّاك (عـلـي كـاكـولـي) الـــذي يـهـدّد بكشف ماضيها املظلم. املسلسل الـذي بدأ عرضه، الخميس املــــاضــــي، عــلــى مــنــصــة «شــــاهــــد»، يُــظـهـر أنـه ال هـروب من املاضي؛ إذ تحاول هند تــــجــــاوز الــلـــيـــالـــي الـــحـــمـــراء الـــتـــي شـكّــلـت مـاضـيـهـا، كـمـا يتبني أن املـبـتـز بــــرّاك هو أيـضـا كــان ضحية طفولة مـؤملـة لوالدته مـــتـــعـــدّدة الـــعـــاقـــات، ومــــن هــنــا تتكشف تدريجيا األبــعــاد النفسية للشخصيات الـتـي تــحــاول الــفــرار مــن أخــطــاء املـاضـي، فــي عمل مــن إخـــراج عبد الـلـه بوشهري، وتأليف الكاتبة علياء الكاظمي، وغنّى تــتــر املــســلــســل الـــفـــنـــان اإلمــــاراتــــي حسني الجسمي. توعية الجمهور يتحدث املمثل الكويتي علي كاكولي لــــ«الـــشـــرق األوســــــط»، مـبـيـنـا أن حماسته لـ«فعل ماضي» بـدأت منذ قراءته للنص، قـــائـــاً: «كـــل عـمـل أدخــلــه عــن قـنـاعـة تـامـة، فــنــحــن نـــأخـــذ بـــاألســـبـــاب والـــتـــوفـــيـــق مـن الله، وأتمنى أن يصل هذا الجهد املبذول إلـى الجمهور». ويصف شخصية (بـراك) بالقول: «هـو دور حـسـاس، يحمل رسالة مهمة وتوعوية، فنحن نقول للناس خذوا حــذركــم، وهــنــاك أحــــداث كـثـيـرة ستحصل في الحلقات املقبلة سواء من حيث تعامل هـذه الشخصية مـع بقية الشخصيات أو مـن حيث تعامله مـع مـاضـيـه... سينتظر الجمهور أحداثا شيّقة ومليئة باإلثارة». وال يجد كاكولي مانعا من أن يقدم دورًا يــكــرهــه املـــشـــاهـــد، قــــائــــاً: «هـــــذا هو املـطـلـوب! أن يـكـره الـجـمـهـور الشخصية، فـــنـــحـــن نــــحــــاول أن نــنــبــهــم بــــــأال يـــغـــتـــروا باملظاهر والكلم املعسول، مهما كان حجم العلقة، وإن أخذت مدة زمنية طويلة، فقد يرتدي الشخص اآلخر قناعا سيرميه في لحظة ما، ومن ثم تنقلب هذه العلقة رأسا على عقب، وينتهي كل شيء»! يـضـيـف: «أتـمـنـى أن يـكـره الجمهور (برّاك)، فدوري يكمن في تقديم الشخصية بــحــيــث تـــصـــل بـــمـــا تــتــضــمــنــه مــــن رســـالـــة إلـــى الـــنـــاس، وكــمــا تــاحــظــون فـــإن معظم الــنــجــوم الـعـاملـيـ والـــعـــرب قــدمــوا أدوارًا مستفزة». ويستشهد كاكولي هنا بأعمال سينمائية قــدم أبطالها دور الجاسوس والنرجسي وغيرها، وبـرعـوا فـي تقمّص هذه الشخصيات بحيث كرهها الجمهور في أثناء عرضها. ويــــــأتــــــي «فـــــعـــــل مــــــاضــــــي» بـــوصـــفـــه مسلسل قـصـيـرًا مــن ثـمـان حـلـقـات، وهـو تـوجـه شــاع فـي الـسـنـوات الـثـاث األخـيـرة في الدراما الخليجية املقدمة عبر املنصات اإللـــكـــتـــرونـــيـــة، بــــســــؤال كـــاكـــولـــي عــــن ذلـــك يجيب: «مـن شـأن هـذه الحلقات اختصار الـــوقـــت، والــتــســريــع مـــن وتـــيـــرة األحـــــداث، وبالتالي ترتفع مقاييس العمل من خلل الصورة والجودة ومستوى اإلتقان». ويــــرى كــاكــولــي أن املـسـلـسـات الـتـي حلقة في معظمها تقليدية 30 تتألف من من حيث الشكل العام، ممّا جعل الجمهور يــتــجــه نـــحـــو مــتــابــعــة األعــــمــــال الــقـصـيــرة التي تتّبع نهج األعمال العاملية والعربية الحديثة، ويضيف: «بالنسبة لي، ال أزال أحـــرص على متابعة التلفزيون أكـثـر من أعــمــال املــنــصــات، وأحــــب فــكــرة أن يفرض علي التلفزيون مشاهدة املسلسل أو الفيلم في وقت محدد». الدراما الخليجية وبــــــســــــؤال كــــاكــــولــــي عـــــن واقــــــــع الـــــدرامـــــا الخليجية، يــقــول: «هـــي بـحـال أفـضـل مقارنة بــمــا كـــانـــت عـلـيـه قــبــل ســـنـــوات قـلـيـلـة، فـهـنـاك أعـمـال قُــدّمـت فـي الـــدورة الرمضانية املاضية كـانـت جــيــدة، وأتــوقــع أنـنـا لــو عـدنـا بـالـذاكـرة قليل إلى الوراء فإن هناك أعماال مثل (محامية الـــشـــيـــطـــان)، و(الــــصــــفــــقــــة)، و(دكـــــــة الـــعـــبـــيـــد)، و(غـسـيـل)، و(رشــــاش)، وكلها تبشر بالخير، لــكــونــهــا درامــــــا خـلـيـجـيـة تـــرفـــع مـــن مـقـايـيـس الــعــمــل الـخـلـيـجـي، الــــذي بــــات يــنــافــس عـربـيـا وعامليا». وألن كاكولي هـو أيضا مغن إلـى جانب كونه ممثلً، فمن الضرورة سؤاله عن جديده فـي هــذا الــشــأن، يـقـول: «حـالـيـا ال جـديـد لـدي، فــــاألمــــر يـــأتـــي فــــجــــأة، وعـــنـــدهـــا أقـــــــرّر إصـــــدار مجموعة من األغنيات، وأنزل تلك التي أشعر برغبة فـي تنزيلها». مـع اإلشـــارة إلــى أن آخر أغـانـيـه كـانـت «الـنـفـخـة الــكــدابــة» الـتـي غنّاها باللهجة املـصـريـة، وحققت رواجـــا كبيرًا فور صـــــدورهـــــا، وهـــــي مــــن كـــلـــمـــات هـــانـــي صـــــارو، وألحان كريم محسن. وعن األقرب إليه ما بني تجربتي التمثيل والـغـنـاء، خصوصا أنــه حقّق بصمة مختلفة فــــي كــلــيــهــمــا، يــخــتــتــم عـــلـــي كـــاكـــولـــي حـديـثـه بـالـقـول: «التمثيل هـو األحــب لــي؛ ألنــي ممثل في األسـاس، أمّا الغناء فهو موهبة ومتنفس بالنسبة لــي، وأنـــا أحــب الـفـن بشكل عـــام، من الـتـمـثـيـل والــغــنــاء واملـــســـرح واملــوســيــقــى وفـن التّشخيص، وأتمنى أن أقدم دائما فنا جميلً». القبلت املتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الـصـيـف فــي لـبـنـان، كــانــت مــن الـقـلـب. يعلم أنــه مُــقـدَّر ومُنتَظر، واآلتـــون من أجله يفضّلونه جدًا على أمزجة الغناء األخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات األلم، في حني يتجنَّب فنانون اإلفراط فــــي مــغــنــى األوجــــــــاع لـــضـــمـــان تـفـاعـل الـجـمـهـور. كـــان الفـتـا أن تُــفـجّــر أغنية «لـــو بـتـحـب حـقـيـقـي صــحــيــح»، مـثـاً، وهـــو يختمها بــــ«وأنـــا بــنــهــار»، مــزاج صالة «األطــال بـازا» املمتلئة بقلوب تـــخـــفـــق لـــــه. رقـــــص الــــحــــاضــــرون عـلـى الجراح. بارع هاني شاكر في إشعالها بعد ظن أنها انطفأت. تــــغــــلَّــــب عــــلــــى عــــطــــل فـــــي هـــنـــدســـة الــصــوت، وقـــدَّم مـا يُــدهــش. كــان أقـوى مــمــا قـــد يَـــحـــدُث ويــصــيــب بـالـتـشـتُّــت. قـــبـــض عـــلـــى مــــــزاج الــــنــــاس بـــاحـــتـــراف الكبار، وأنساهم خلل طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود املتعهّد خـضـر عـكـنـان ملـسـتـوى يـلـيـق. سيطر تـــمـــامـــا، بـــصـــوت ال يــــــزال مـــتّـــقـــدًا رغـــم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص. أُدخـــــــــل قــــالــــب حــــلــــوى لـــاحـــتـــفـــاء بــأغــنــيــتــه الـــجـــديـــدة «يــــا ويــــل حــالــي» بـالـلـهـجـة الـلـبـنـانـيـة فــي بــيــروت التي تُــبـادلـه الــحــبّ. قـبـل لـقـائـه بــاآلتــ من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها املُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحني افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضـج صيف لبنان بحفلته، وقدَّم على أرضه حلوة األوقات، فكان الغناء بلهجته وفاء لجمهور وفيّ. بــقــيــادة املــايــســتــرو بـــســـام بـــــدّور، عزفت الفرقة ألـحـان الـعـذاب. «معقول نـــتـــقـــابـــل تـــــانـــــي» و«نــــســــيــــانــــك صـعـب أكيد»، وروائع ال يلفحها غبار. األغنية تــــطــــول لـــيـــتـــحـــقّـــق جَـــــــــرْف الــــذكــــريــــات. وكــلــمــا امــــتّــــدت دقـــائـــقـــهـــا، نــكــشــت في املـــاضـــي. يـــوم كـــان هــانــي شــاكــر فـنـان اآلهـــــــات املـــســـتـــتـــرة واملـــعـــلـــنـــة، وأنّــــــات الـداخـل وكثافة طبقاته، وعبق الــورد رغـــم الـجـفـاف والـتـخـلّــي عــن الـبـتـات. حـــ غــنّــى «بــعــد مـــا دابــــت أحـــامـــي... بـعـد مـــا شــابــت أيــــامــــي... ألــقــاقــي هنا قـــــدامـــــي»، طـــــرق األبــــــــواب املــــوصــــودة؛ تــلــك الـــتـــي يـخـالـهـا املـــــرء صـــــدأت حني ضـــاعـــت مــفــاتــيــحــهــا، وهــــشَّــــم الـــهـــواء الـــبـــارد خـشـبـهـا وحـــديـــدهـــا. يـطـرقـهـا بأغنيات ال يهم إن مر عُمر ولم تُسمَع. يـكـفـيـهـا أنـــهـــا ال تُـــنـــســـى، بـــل تـحـضُــر مـثـل الـعـصـف، فـيـهـب مُــحــدِثــا فوضى داخــــلــــيــــة، ومُـــخـــربـــطـــا مـــشـــاعـــر كـــوَقْـــع األطــــفــــال عــلــى مـــا تــظــنّــه األمــــهــــات قد ترتَّب واتّخذ شكله املناسب. تتطاير القبلت مـن فنان يحترم نــاســه، ويـسـتـعـد جــيــدًا مــن أجـلـهـم. ال تغادره االبتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنان الغناء الحزين يـــضـــحـــك إلدراكـــــــــه أن الـــحـــيـــاة خـلـيـط أفــراح ومــآسٍ، وملّــا جرّبته بامتحانها األقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته عــلــى الـــنـــهـــوض. هـمـسـت لـــه أن يـغـنّــي لــلــجــرح لــيُــشــفــى، ولــلــنــدبــة فــتــتــوارى قــــلــــيــــاً. وال بــــــأس إن اتّـــــســـــم الـــغـــنـــاء بـاألحـزان، فهي وعـي إنساني، وسمو روحـي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر املتأ ِّة دواخلَه، إصرار وعناد. تــــــراءى الـــفـــنـــان املـــصـــري تـجـسـيـدًا لــلــذاكــرة لـــو كـــان لـهـا شــكــل. هــكــذا هـي؛ تـضـحـك وتــبــكــي، تُــســتــعــاد فـــجـــأة على هيئة جَـــرْف، ثـم تهمد مثل ورقــة شجر ال تملك الفرار من مصيرها األخير على عتبة الخريف اآلتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، ورد بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات املفتتنات بأغنياته، وبـمـا تُــحــرِّك بـهـنّ، بجمهور كاظم الساهر. للثنني سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح باملشاعر أمام الحشد الحاضر. نــــــــــــــوَّع، فـــــغـــــنّـــــى الـــــــوجـــــــه املـــــشـــــرق لــــــلــــــعــــــاقــــــات: «بــــــحــــــبــــــك يــــــــا غـــــــالـــــــي»، و«حـنـعـيـش»، و«كـــدة بـرضـو يـا قمر». شـــيء مـن التلصُّص إلــى الــوجــوه، أكّــد لصاحبة السطور الحب الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت مــــن قـــفـــصـــه. ربـــمـــا هــــو قـــفـــص املـــاضـــي حـ ننظر إلـيـه، فـيـتـراءى رمــــادًا. لكن الـرمـاد وجـع أيضا ألنـه مصير الجمر. وهـانـي شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يـــا ريــتــك مــعــايــا»، و«أصـــاحـــب مـــ »؛ فـفـي األولـــــى «نـــلـــف الــدنــيــا دي يـــا عني ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هــم أصـحـابـي وعــمــري وكـــل أحـبـابـي»، لتبقى «مشتريكي مـا تبعيش» بديع ما يُطرب. اســـتـــعـــار مــــن فــــيــــروز «بـــحـــبـــك يـا لـبـنـان» وغــنّــاهــا. بـعـض يُــســايــر، لكن هاني شاكر صادق. ليس شاقا كشف الصدق، فعكسُه فظ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض املحبّة»، وأكمله بـ«كيف مــــا كـــنـــت بـــحـــبـــك». وكـــــــان ال مــــفــــر مـن االستجابة لنداء تـكـرَّر. طالبوه مـرارًا بـــ«عــلِّــي الـضـحـكـايـة»، لـكـنـه اخـتـارهـا للختام. توَّج بها باقة األحزان، كإعلن هزيمة الزعل بالضحكاية العالية. يوميات الشرق ASHARQ DAILY 22 Issue 16714 - العدد Sunday - 2024/9/1 األحد يقول: نحاول توعيّة الناس كي ال تغرّهم األقنعة الزائفة : دوري في «فعل ماضي» مستفز علي كاكولي لـ شخصية برّاك في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان) الدمام: إيمان الخطاف احتفل بجديده باللهجة اللبنانية هاني شاكر في بيروت... األحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة بارع هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظن بأنها انطفأت (الشرق األوسط) بيروت: فاطمة عبد هللا همست له الحياة أن يغنّي للجرح ليُشفى ال مانع لدى علي كاكولي من تقديم دور يكرهه المشاهد ويرى أن هذا هو المطلوب

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==