issue16710

في منزله في بيدمينستر، بوالية نيوجيرسي، قــــال املـــرشـــح الـــرئـــاســـي دونـــالـــد تــرمــب إن «مـسـاحـة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة، ولطاملا فكرت كيف يمكن توسيعها». رسالة ترمب خطيرة، كونه قد يصبح رئيسًا لــــلــــواليــــات املـــتـــحـــدة األمــــيــــركــــيــــة، بـــعـــد انـــتـــخـــابـــات الـــخـــامـــس مــــن نــوفــمــبــر (تـــشـــريـــن الـــثـــانـــي) املــقــبــل، ثـمـة أسـئـلـة دارت فــي رأســــي حـــول هـــذا الـتـصـريـح: هـل هـو وعــد جـديـد يذكرنا بـوعـد وزيـــر الخارجية ؟ وملـــاذا 1917 الـبـريـطـانـي األســبــق آرثـــر بـلـفـور عـــام اآلن؟ ومـــاذا ستكون األوضـــاع إذا مـا أصبح ترمب رئيسًا واعتمد هذه السياسة؟ أم أنها مجرد مناكفة ومــزايــدة ملنافسيه الديمقراطيني الـذيـن يعتمدون سياسة «الخطوة خطوة» في األراضي الفلسطينية املحتلة؟ وهل هذا التصريح لجذب أصوات اللوبي اليهودي املتردد في التصويت الذي يميل غالبًا إلى الحزب الديمقراطي؟ الـــشـــاهـــد أن تـــصـــريـــح تــــرمــــب يـــقـــف فــــي دائـــــرة الـخـطـر، ويـجـب أال نستهني بــه، فقبل مـائـة وسبعة أعــــــوام، أعـــطـــى بــلــفــور اإلنــجــلــيــزي فـــي ســـيـــاق معني الجماعة اليهودية وعــدًا بإقامة وطــن يـهـودي على أرض فلسطني، وما أشبه الليلة بالبارحة، فقد كانت الـحـرب العاملية األولـــى فـي ذروتــهــا، والـعـالـم أجمع يتخبط في مصير مُظلم، واليوم يتعايش العالم مع املشاهد ذاتـهـا، حـرب على أراضــي الـقـارة األوروبـيـة بـ روسـيـا وأوكـرانـيـا، وأخـــرى فـي الـشـرق األوســط بـ إسـرائـيـل وقـطـاع غـــزة، وتشمل مساحة واسعة مـــن املـــعـــارك ألطـــــراف كــثــيــرة، تــصــل ربــمــا إلــــى سبع دول، ومرشحة للتوسع اإلقليمي، بل هناك مخاوف مــن طبعة جــديــدة لـلـحـرب الـعـاملـيـة، وهـــذا لـيـس في اعـتـقـادي وحـــدي، إنما قــال بـه دونـالـد ترمب نفسه، صاحب الوعد الجديد، عندما هاجم كاماال هاريس املرشحة الديمقراطية للرئاسة، بأنه في حالة فوزها سوف تندلع حرب عاملية ثالثة. ال شــــك أن ســـيـــاســـة تــــرمــــب تـــجـــنـــح نـــحـــو عـقـد الصفقات السياسية، وليست الــحــروب، وقــد كانت لديه تصريحات واضحة حول ضرورة إيقاف الحرب في غـزة، مع العلم أنـه يدعم إسرائيل بكل ما يملك، وبـــعـــض الــتــحــلــيــات تـــؤكـــد أن بــنــيــامــ نـتـنـيـاهـو، رئـيـس الــــوزراء اإلسـرائـيـلـي، ال يـريـد إيـقـاف الحرب اآلن، انتظارًا لفوز ترمب، وفي الوقت ذاته نجد ترمب يداعب خيال اللوبي اليهودي، لجذب أصواتهم التي يـراهـا مرجحة أمـــام صناديق االقــتــراع فـي مواجهة كاماال هاريس، وقد أظهر هذه الرغبة حني قال: «أنا مــن أعـطـى إسـرائـيـل كــل شـــيء، لـكـن أصــــوات اللوبي الـيـهـودي تذهب إلــى املنافسني»، مهاجمًا هاريس، التي اختارت تيم والز نائبًا لها، ولم تختر شابيرو الـــيـــهـــودي الـــديـــانـــة، وكـــــان تـــرمــب يُـــدلـــل عــلــى وفــائــه للصوت اليهودي وإلسرائيل، لكن هذا الوفاء وصل إلى نقطة حرجة، عندما قطع على نفسه وعـدًا بأنه سيعمل على توسيع مساحة إسرائيل. إذن الحسابات تزداد تعقيدًا، طبعة ترمب هذه املــرة ليست مثل طبعته األولـــى فـي البيت األبيض، فــفــي املـــــرة األولـــــى قـــــدّم مـــا يـسـمـى «صــفــقــة الـــقـــرن»، والــســام االقــتــصــادي، واالعـــتـــراف بـالـقـدس عاصمة إلســـرائـــيـــل، وضــــم إلــيــهــا الــــجــــوالن، فـــي ســيــاســة لم تعلنها الواليات املتحدة األميركية من قبلُ، صحيح أن األمــم املتحدة واملجتمع الـدولـي ال يـوافـقـان على هـــذا الـــطـــرح، ولـــم يـعـتـرف بـــه أحــــد، لـكـن الـخـطـر في سياسة األمر الواقع، التي اتخذها ترمب، وكان يرى هو وجاريد كوشنر، أن االقتصاد هو محور الحل، وقـد فشل هـذا املخطط بعد أن غــادر البيت األبيض .2021 عام أمــا ترمب فـي طبعته الـجـديـدة، فهو يستدعي ويـتـبـنـى املـخـطـط اإلســرائــيــلــي الــقــديــم، الــــذي يـقـوم عـــلـــى تــصــفــيــة الـــقـــضـــيـــة الــفــلــســطــيــنــيــة بـالـتـهـجـيـر الـقـسـري، وإفــــراغ األراضــــي الفلسطينية مـن أكثرية الفلسطينيني، وتحويل ما تبقى منهم إلى الرعاية اإلسـرائـيـلـيـة، وبالتالي ينسف كـل قــــرارات املجتمع الدولي، والقوانني الدولية، واعتراف دول العالم بحق تقرير املصير للشعب الفلسطيني، وكل ما نتج عن األمـم املتحدة، والـواليـات املتحدة نفسها، واالتحاد األوروبي من مواقف تجاه القضية الفلسطينية حول ضرورة إقامة الدولة الفلسطينية، وحل الدولتني. ما بني الطبعتني - األولى والثانية - من ترمب، أقول إن الخطر على القضية الفلسطينية، واستقرار الشرق األوسط، يظل قائمًا، فل يهم إذا كان الرئيس األمـيـركـي الـجـديـد جمهوريًا، أم ديمقراطيًا، فربما أعـــلـــن تـــرمـــب عــــن نـــيـــاتـــه، بــيــنــمــا تــحــتــفــظ هـــاريـــس بالتصريح ذاته واملعنى ذاته، لكنها تفضل أن يظل كامنًا لحني الوقت املناسب. ثمة سؤال جديد: إلى متى يظل الشرق األوسط مختبرًا للسياسات الدولية؟ وإلى متى تظل القضية الفلسطينية سـاحـة لتصفية الـحـسـابـات وتوسيع النفوذ في اإلقليم؟ علينا أن نــقــرأ الــوعــد الــجـديـد لـتـرمـب بعناية فائقة، فقد أهملنا سابقًا الـقـراءة الصحيحة لوعد عامًا من تاريخ هذا الوعد، 31 بلفور، وبعد أكثر من اكتشفنا أن هذا التصريح الذي كان 1948 أي في عام يتضمن بضع كلمات تـحـوّل إلــى واقـــع، ونـحـن اآلن يجب أال نهمل القراءة الصحيحة لوعد ترمب حتى ال نفاجأ بواقع جديد. Issue 16710 - العدد Wednesday - 2024/8/28 األربعاء لعلَّنا ال نبالغ إن قلنَا إن تاريخ البشرية املسجل يثبت أن الــصــراع على السلطة هـو أبــرز الثيمات التي تــتــجــلَّــى فـــي الـتـنـظـيـر الـفـلـسـفـي واملـــمـــارســـة الـعـمـلـيـة. فـــالـــرســـوم الـــجـــداريـــة، والــتــمــاثــيــل، واملــــاحــــم الـشـعـريـة كـلُّــهـا تــوثّــق االنــتــصــارات فــي الــحــروب وهـيـبـة الـزعـمـاء السياسيني. أمَّا على املستوى الفكري، فقد تمَّت مناقشة شــرعــيــة الـسـلـطـة فـــي أقــــدم الــنــصــوص الـفـلـسـفـيـة الـتـي وصلتنا. فــي الـكـتـاب األول مــن جـمـهـوريـة أفـــاطـــون (كـتـاب الـــعـــدالـــة)، يـنـقـل أفـــاطـــون مــــحــــاورات أســــتــــاذِه ســقــراط مــــــع الـــســـفـــســـطـــائـــيـــ ، والــــــتــــــي دارت حـــــــول مـــفـــاهـــيـــم الـــعـــدالـــة والـــحـــكـــم، ومـــمّـــا دار فـيـهـا «أن بــعــض املـــدائـــن يحكمها الـخـاصـة، وبعضها الـديـمـقـراطـيـون، وغيرها األرســــتــــقــــراطــــيــــون». هـــــذه الـــعـــبـــارة تـــوضـــح أن أنـــمـــاط الحكم تختلف باختلف املدن ومجتمعاتها. الحقًا قام ماكس فيبر بتقعيد أنماط السلطة بشكل يتماشى مع محاورات «كتاب العدالة». مــا يهمنا هـنـا هــو تـسـويـق نــمــوذج الديمقراطية بوصفه النموذج األرقـى واألمثل للحكم، مقابل تخلّف غيره من النماذج. يعتمد هذا التسويق على فكرة كون جـمـيـع أفـــــراد الـشـعـب مـؤهـلـ لـلـمـشـاركـة فـــي العملية الــســيــاســيــة مــــن خـــــال الـــحـــق فــــي الـــتـــرشـــح لـلـمـنـاصـب والــحــق فــي الـتـصـويـت للمرشح الـــذي يـرتـضـونـه. غير أن الحقيقة التي تغيب عـن الكثيرين أن هــذا الـطـرح ال يتعدَّى املستوى النظري. فعلى صعيد الترشح، يجب أن يكون للمرشح أرضية صلبة في املشهد السياسي، مـن خــال رأس املــال االجتماعي الــذي ورثـتـه أسـرتـه أو بناه من خلل علقاته الشخصية مع األحزاب السياسية الــفــاعــلــة، وهــــذه األحــــــزاب تــكــون قـلـيـلـة بـسـبـب تـحـالـف أصحاب القوى في تكتلت تحفظ مصالحهم؛ ما يعني بالضرورة تهميش األحزاب الصغيرة. أمَّا على صعيد الـتـصـويـت، فـــاألفـــراد يـتـعـامـلـون مــع خـــيـــارات مـحـدودة اختارتها لهم األحـــزاب الفاعلة، وأي محاولة للخروج على تلك الخيارات ستعني بالضرورة ضياع الصوت. لـــنـــأخـــذ عـــلـــى ســـبـــيـــل املـــــثـــــال كــــــا مـــــن بــريــطــانــيــا وأميركا وهما نموذجان للقوى العظمى التي تمارس الـديـمـقـراطـيـة، فــأفــراد الشعبني البريطاني واألمـيـركـي الذين يعتقدون أنَّهم يمارسون الديمقراطية عن طريق انتخاب ممثليهم البرملانيني ورؤســاء حكوماتهم، هم فــي الحقيقة يــمــارســون اخــتــيــارًا بــ متنافسني اثنني تـم اختيارهما مـن قِــبَــل نخبة الحزبني املهيمنني على املشهد السياسي (املحافظون والعمال فـي بريطانيا، الجمهوري والديمقراطي في أميركا). وعلى الرغم من كل محاوالت التغيير في سيطرة األحزاب على خيارات الـجـمـاهـيـر، فـــإن الجماهير تـظـل وفـيـة لحزبها بسبب استراتيجية التخويف التي ينتهجها كل من الحزبني ضد اآلخر، عن طريق طرح ثوابت املحافظة والليبرالية. إضـافـة لـلـقـدرة املـالـيـة للحزبني املتنافسني فـي تمويل القنوات اإلعلمية عـن طريق إعـانـات الـداعـمـ ، وهـذا جـــــزء مـــن ثــقــافــة رأســـمـــالـــيـــة راســـخـــة تـــقـــوم عــلــى حصر املنافسة بني عملقني يتناوبان على الصدارة. ونـحـن الـيـوم على مـشـارف االنـتـخـابـات الرئاسية األميركية األكـثـر تعقيدًا، نجد الــحــرب اإلعـامـيـة التي تندرج ضمن السياق الذي تبنته معظم وسائل اإلعلم ، والــتــي تـتـلـخَّــص في 2016 األمـيـركـيـة مـنـذ انـتـخـابـات ضـــــرورة الــتــصــويــت ملــرشــح الـــحـــزب الــديــمــقــراطــي ملنع وصـــول دونــالــد تـرمـب إلــى منصب الـرئـاسـة. نستطيع الــقــول إن الـنـقـطـة األهـــم فــي بـرنـامـج هــيــاري كلينتون هي 2024 ، وكــامــاال هــاريــس 2020 ، وجـــو بــايــدن 2016 «فلنهزم ترمب». في اجتماع الحزب الديمقراطي، األسبوع املاضي، تم إلقاء كثير من الكلمات الرنانة من قِبل رموز الحزب، وعلى رأسهم الرؤساء السابقون بيل كلينتون وبـاراك أوبـامـا وزوجتاهما هيلري وميشيل، إضافة لرئيسة مـجـلـس الــــنــــواب نــانــســي بــيــلــوســي؛ كـلـهـم ركــــــزوا على الهجوم الشخصي على ترمب، بدال من انتقاد برنامجه الـــرئـــاســـي. تـكـمـن املــفــارقــة فـــي كـونـهـم يـنـتـقـدون تـرمـب لتهجمه على شخوص مناوئيه ومنهم كاماال هاريس، التي خاطبت ترمب في كلمتها التي ألقتها في االجتماع: «إذا كان لديك ما تقوله، فقله عندما تواجهني». ترمب ال ينكر، بل يجاهر بأنَّه يهاجم الشخوص في خطاباته، لــكــنَّــه ال يـنـتـقـد هــــذا األســـلـــوب عــنــدمــا يـنـتـهـجـه غــيــره. باملقابل، فإن رموز الحزب الديمقراطي الذين تتلخَّص بـضـاعـتـهـم فـــي الــتــخــويــف مـــن تـــرمـــب، يـنـتـقـدونـه ألنَّـــه يتهجم على شخصياتهم. هـذه املفارقة تكشف عن النفاق الـذي تمارسه تلك النخب، والذي كشف عنه موقف الحزب الديمقراطي من روبـــرت كيندي شقيق الـرئـيـس األســبــق، والـــذي عندما أعـلـن تـأيـيـده لـتـرمـب وكـشـف عــن الـسـيـاسـيـة الـداخـلـيـة لـــلـــحـــزب والــــتــــي تــعــتــمــد عـــلـــى اإلقــــصــــائــــيــــة، انــتــفــضــت الشبكات اإلعلمية املنحازة للحزب الديمقراطي لتغتال شخصية الرجل، الذي يعد سليل أسرة ضاربة الجذور فـي الـحـزب. فجأة أصبح روبـــرت كيندي - الــذي يتبنَّى برنامجًا لحماية الغذاء من التدخل الكيميائي - مروجًا سابقًا للمخدرات. إن مسمى الحزب الديمقراطي وحاله في التعامل مـــع قــضــايــا الـــشـــأن الـــعـــام يـجـعـانـنـا نـسـتـرجـع مــفــردة «الهيبوقراطية»، وهي اللفظ اإلنجليزي ملفردة النفاق، » أي الديمقراطي املنافق. Hypocrite Democrat« فنقول حــتــى قــبــل أن يـصـيـغ ويــلــيــام كــيــســي، مـديـر حملة رونـالـد ريـغـان االنتخابية، الــذي سيصبح الحقًا مـن أهــم مـديـري االسـتـخـبـارات األميركيني، كــان األمـر 1980 مصطلح «مـفـاجـأة أكـتـوبـر» عــام حقيقة فاعلة على األرض. هــــزَّت حـــرب الـسـويـس 1956 فــي خــريــف عـــام وانـتـفـاضـة املـجـر الـــداخـــل األمـيـركـي عشية إعـــادة خشي 1968 انتخاب دوايـــت أيـزنـهـاور، وفــي عــام ريـــتـــشـــارد نـيــكـسـون أن يـــــؤدي تـحـقـيـق تـــقـــدم في محادثات السلم في فيتنام إلى إفشال ترشيحه، تمامًا كما خشي الديمقراطيون أن نيكسون كان يقوّض تلك املحادثات لتحقيق مكاسب سياسية. ، كــــــان أنـــصـــار 1980 بــــالــــوصــــول إلــــــى عــــــام رونالد ريغان قلقني من أن الرئيس جيمي كارتر قـــد يـــبـــرم صـفـقـتـه فـــي الــلــحــظــة األخــــيــــرة إلخــــراج الرهائن األميركيني من إيـران. وعند نفر كثير من قد 2016 األميركيني اليوم، فإن انتخابات الرئاسة شهدت تدخل إلكترونيًا روسيًا، وشيوع وذيوع معلومات مضللة هدفت إلى إفـادة ترمب، وإن لم تثبت صحة هذه الدعاوى رسميًا. مــــفــــاجــــأة أكــــتــــوبــــر (تــــشــــريــــن األول) فــــي كـل األحـــــوال، هــي حـــدث أو أحــــداث لـهـا إمـكـانـيـة أكبر للتأثير على قــرارات الناخبني املحتملني وتسمح بوقت أقل التخاذ إجـراءات تصحيحية، وبالتالي فــــإن الــقــصــص اإلخـــبـــاريـــة املـــثـــيـــرة فـــي الـلـحـظـات األخـيـرة مـن الحملت االنتخابية، كفيلة بتغيير مسار االنتخابات. هل انتخابات الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) املقبل في حاجة إلـى حـدث جلل لترجيح كفة أحد املرشحني على اآلخر؟ من الواضح أن نقاط القوة والضعف لدى كل من ترمب وهاريس تكاد تكون معروفة وموصوفة ومألوفة لدى جموع الناخبني، ولهذا فإن مفاجأة محورية في أكتوبر املقبل في شكل تطور سياسي خـــارجـــي أو داخـــلـــي كـبـيـر، يـمـكـن أن تــزخــم إدارة بايدن، وتصب في صالح كاماال هاريس، وبالتالي تختصم من ترمب، فهي خليفته وامتداد للحقبة األوبامية إن جاز التعبير. لكن قد يحدث العكس، وتجري الرياح بما ال تشتهي سفن البيت األبـيـض بحكومته الحالية، مـا يـدعـم عـــودة مكللة بالنصر لـدونـالـد تـرمـب... ماذا عن املفاجأة املتوقعة، وهل هي معقودة حقًا بأكتوبر، أم أنها هذه املـرة قد تجري بها املقادير في سبتمبر (أيلول) مبكرًا؟ الـــواقـــع أنــهــا مــفــاجــآت، ولـــهـــذا فـــإن حصرها أو الـتـنـبـؤ بـهـا بـاملـطـلـق، أمـــر مــضــاد لطبيعتها، لـكـن وعــلــى الـــرغـــم مـــن ذلــــك، يمكننا اإلشـــــارة إلـى احتماالت عدة. على صعيد السياسة الخارجية، قـد تنجح إدارة بـايـدن فـي إنـهـاء حــرب غــزة، وتهدئة أجــواء الشرق األوسط امللتهبة، ما يدفع سريعًا في طريق صفقات سـام على نطاق واسـع بني دول املنطقة وإســــرائــــيــــل، وســاعــتــهــا ســيــكــون لـلـديـمـقـراطـيـ نصيب كبير من الفوز في الداخل. غير أنــه وفــي ظـل تعنت نتنياهو، وتمسكه بـــالـــخـــيـــارات األمـــنـــيـــة، قـــد يـنـفـجـر املــشــهــد بـحـرب واســعــة غـيـر مـتـوقـعـة، مــا يــــورط هـــذه اإلدارة في الساعة الحادية عشرة، ويومها سيؤكد ترمب أنه وحده القادر على إنهاء هذه الفوضى، وسيوفيه الحظ ويخلف هاريس. مــفــاجــأة أخـــــرى يـــجـــري الــحــديــث عـنـهـا على لــــســــان أطــــــــراف عـــــدة مــــن رجــــــــاالت اإلنــتــلــجــنــســيــا األمـــيـــركـــيـــة، وفــــي مـقـدمـهـم املـــســـؤول الــســابــق في البيت األبـيـض والبنتاغون، دوغـــاس ماكينون، ففي مقال أخير لـه عبر صحيفة «ذا هـيـل»، أشـار إلـــى أن بــايــدن املنكسر قــد يــغــادر الـبـيـت األبـيـض مستقيل ومرغمًا في أي لحظة في سبتمبر املقبل وقبل نهاية واليته، بعد أن أُجبر على االنسحاب من سباق الرئاسة... ملاذا؟ هـــنـــاك شـــبـــهـــات تــــــدور حـــــول ازدراء الـــحـــزب الديمقراطي الطريقة الديمقراطية التي يأتي بها 14 مرشحهم عبر االنتخابات التمهيدية، فهناك مـلـيـون أمـيـركـي صـــوّتـــوا لـصـالـح بـــايـــدن، وهـــؤالء تـم تهميشهم لصالح ترفيع هـاريـس بشكل غير ديمقراطي وغير الئق، قد يختصم من حظوظها. هـنـا وفـــي مـواجـهـة تــرمــب املـتـقـدم يــومــ تلو آخر، مهما تم التلعب بنتائج استطلعات الرأي لـصـالـح هـــاريـــس، ربــمــا لــن يـضـحـى أمــــام نانسي بــيــلــوســي وتـــشـــاك شـــومـــر، ومــــن خـلـفـهـمـا بــــاراك أوبــــامــــا، ســــوى مــمــارســة املـــزيـــد مـــن الـضـغـوطـات الــنــفــســيــة عـــلـــى بــــايــــدن لـــيـــرحـــل فـــجـــأة مــــن الـبـيـت األبيض، لتتقدم كاماال هاريس إلى موقع الرئاسة لبقية الحملة، عسى أن تـرتـب املـزيـد مـن األوراق املــــاورائــــيــــة األكــــثــــر إثـــــــارة لـــلـــجـــدل فــــي مـــحـــاوالت مستميتة لـقـطـع الــطــريــق عـلـى عــــودة تــرمــب إلـى البيت األبيض من جديد. مـن تلك الحيل واألالعــيــب اإلعـــان عـن حالة طــــــوارئ لـــغـــرض أو آخـــــر، يـــكـــون هــدفــهــا الـرئـيـس هـو التلعب بعملية االقــتــراع، ســواء كـان اقتراعًا بريديًا، أو فعليًا، وهو ما قد تجد األوليغارشية الديمقراطية نفسها مرغمة عليه مـرة جـديـدة، ال سيما بعد أن فعلتها غـالـب األمـــر فـي انتخابات ، وربـــمـــا بـــدايـــة الــحــديــث عـــن وبـــاء 2020 الــرئــاســة جديد يكون املدخل. وهـــكـــذا، قـطـعـ سـتـظـل أمــيــركــا فــــوق صفيح ســاخــن والـــعـــالـــم مـــن حــولــهــا، حــتــى مــوعــد إعـــان نتائج االنتخابات، حال الوصول إليه سلميًا. نحن اليوم على مشارف ًاالنتخابات الرئاسية األميركية األكثر تعقيدا عبد هللا فيصل آل ربح جمال الكشكي OPINION الرأي 14 أميركا... مفاجأة أكتوبر أم سبتمبر؟ نفاق ديمقراطي التصعلك على القرارات األممية! إلى متى يظل الشرق األوسط مختبرا للسياسات الدولية؟ ستظل أميركا فوق صفيح ساخن والعالم من حولها حتى موعد إعالن نتائج االنتخابات إميل أمين

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==