issue16709

الثقافة CULTURE 18 Issue 16709 - العدد Tuesday - 2024/8/27 الثالثاء حقوق الملكية الفكرية من أكثر المواضيع المرتبطة به أهمية القانون في دعم اقتصاد الفن واستثماره تـــأتـــي عـــاقـــة الـــفـــن بـــالـــقـــانـــون مـــن عــدة جــوانــب، فيمكن أن يـكـون مـوضـوعـا يجري الــتــعــبــيــر عـــنـــه، أو عـــن املــفــاهــيــم والـــحـــاالت اإلنسانية املرتبطة بـه، كالعدالة واملـسـاواة والـــبـــراءة. كما يمكن أن يُستخدم الـفـن قـوة نـاعـمـة للتعبير عــن الـقـضـايـا الـقـانـونـيـة أو املجتمعية، حني يسلّط الضوء على القضية مــــن دون إثــــــــارة الــــجــــدل أو تــحــمــيــلــه شـكـل املعارضة املجتمعية. ومـــع ذلـــك قــد يـكـون هـــذا التعبير الفني «خشنا» أحيانا، أو صادما ومفاجئا كحالة الفنانة الكردية زهرة دوغان، التي حُكم عليها بــالــســجــن بـتـهـمـة الـــدعـــايـــة اإلرهــــابــــيــــة، حني نشرت لوحة تصوِّر مدينة نصيبني في تركيا بعد اشتباكات بني الجيش التركي واألكـراد، مع رسم األعلم التركية على املباني املدمَّرة، في إشارة واتهام واضحني للسلطات التركية بالتعدي والهجوم على املدنيني. وفــي حـــاالت يمكن أن يـكـون الـفـن بحد ذاتـــــه قــضـيـة قـــانـــونـــيـــة، بــســبـب عــــدم وجـــود تــعــريــفــات دقــيــقــة لــلــفــنــون، خــصــوصــا الـفـن املعاصر. وقد ظهرت هذه اإلشكالية في بداية الــقــرن الـعـشـريـن، حــ تـغـيـر الــفــن ولـــم يعد محاكاة للواقع. فالفنان على سبيل املثال لن يهمه رسم الطائر بشكل واقعي ألن الصور الــفــوتــوغــرافــيــة تــقــوم بـــذلـــك، فـبـحـث الـفـنـان عـن شكل آخـر للتعبير، كالتعبير عـن حالة تحليق الطير مـثـاً؛ وهــو مـا قــام بـه الفنان الــرومــانــي بــرانــكــوزي فــي منحوتته «طـائـر يحلق فـي الـسـمـاء» الـتـي تـوحـي باالنطلق والــحــريــة. هـــذا الـعـمـل كـــان مـثـار قضية عـام م في الواليات املتحدة –التي تستثنى 1926 األعــــمــــال الــفــنــيــة بــمــا فــيــهــا املـــنـــحـــوتـــات من ضريبة االسـتـيـراد- فعند وصـــول املنحوتة إلــــى أمـــيـــركـــا، رفـــضـــت الــســلــطــات اعــتــبــارهــا عمل فنيا وفرضت ضريبة استيراد، ألنها ال تـمـثـل الــطــيــر، حينها رفـــع الــفــنــان قضية لـــلـــدفـــاع عـــن عـمـلـه وقـــــدم شــــهــــادات مـــن عــدة خبراء في الفنون. وكانت نهاية الحكم هو أن تعريف الفن وقتها لم يعد صالحا ومناسبا التـجـاهـات الـفـن الحديثة الـتـي ابـتـعـدت عن التمثيل واملحاكاة واتجهت نحو التجريد. قانون الفن وقــــــد ظـــهـــر تـــخـــصـــص «قـــــانـــــون الـــفـــن» لــدى بعض شـركـات املـحـامـاة الـعـاملـيـة، بعد الـــحـــرب الــعــاملــيــة الــثــانــيــة، عــنــدمــا اسـتـولـى الـنـازيـون على كثير مـن األعــمــال الفنية في أوروبـــــا، وبـعـدمـا طـالـبـت األوطـــــان األصلية لـــهـــذه األعـــــمـــــال، بــاســتــعــادتــهــا وحـمـايــتـهــا والـــتـــعـــويـــض عـــمـــا تـــعـــرضـــت لــــه مــــن حــــاالت تزوير وتهريب. يتضمن هذا التخصص حاالت التزوير واالحــــتــــيــــال، والــــضــــرائــــب، وحـــفـــظ وحــمــايــة الحقوق، وعمليات البيع والـشـراء وغيرها مـــن الـــجـــوانـــب. خــصــوصــا مـــع األعـــمـــال ذات الـــقـــيـــمـــة الـــتـــاريـــخـــيـــة، حـــيـــث تـــظـــهـــر أهــمــيــة الــوثــائــق الــتــي تـــدل عـلـى أصـــل الــعــمــل، كما أن عـدم وجــود وثـائـق تثبت صحة عمليات البيع والـشـراء وانتقال امللكية املرتبطة به، قد يدل على أن العمل الفني -يتيم- مسروق، مما يؤثر بالتالي في قيمته املادية. ولـعـل حـقـوق امللكية الـفـكـريـة مــن أكثر املواضيع املرتبطة بالقانون، فالعمل الفني يـــمـــكـــن أن يـــتـــم اســـتـــنـــســـاخـــه واســـتـــخـــدامـــه تجاريا، أو في املنتجات النفعية املختلفة، كاألثاث واألزياء واملطبوعات. وفــــــي واحـــــــــدة مـــــن الـــقـــضـــايـــا الـــعـــاملـــيـــة الــــشــــهــــيــــرة املــــرتــــبــــطــــة بـــاملـــلـــكـــيـــة الـــفـــكـــريـــة، استُخدمت صورة للرئيس األميركي السابق بـاراك أوباما، وجرى تحويلها إلى بوستر، استُخدم فـي الحملت االنتخابية للرئيس الـسـابـق. وكـــان أصــل هــذا العمل هـو صـورة فوتوغرافية التقطها املصور ماني غارسيا، لـصـالـح وكــالــة «أسـوشـيـيـتـد بـــــرس»، وبـعـد أن حـــقـــق الـــبـــوســـتـــر الـــفـــنـــي انـــتـــشـــارًا كـبـيـرًا لــــم تــنــلــه الــــصــــورة األصـــــــل، رفـــعـــت الـــوكـــالـــة اإلعـامـيـة الـتـي تملك أصــل الــصــورة قضية عــلــى الــفــنــان شــيــبــرد فــيــري الـــــذي اسـتـخـدم الــــصــــورة فـــي تـصـمـيـمـه لـلـبـوسـتـر الـشـهـيـر للمطالبة بتعويض عن استخدامه الصورة الـــفـــوتـــوغـــرافـــيـــة، وقـــــد جـــــرى الـــتـــوصـــل إلـــى تــســويــة خـــاصـــة بـــ الــطــرفــ تــضــمَّــن جــزء مـنـهـا مـقـاسـمـة األربـــــاح الــتــي حـصـل عليها العمل الفني. الفن وغسل األموال يوجد كثير من الحاالت املشابهة لهذه القضية فـي الـفـن نتيجة عــدم وجـــود حـدود واضـــحـــة لــاقــتــبــاس واالســـتـــلـــهـــام، وتـشـابـه األفـــكـــار ومـــصـــادر اإللـــهـــام الـــتـــي تـجـعـل من بعض األساليب واملواضيع الفنية متشابهة. ومــــــــن الـــــجـــــوانـــــب الــــقــــانــــونــــيــــة كــــذلــــك، اســـتـــخـــدام الـــفـــن فـــي غــســل األمـــــــوال، إلخــفــاء اكتسابها بطريقة غير مشروعة، بسبب عدم الشفافية والغموض في سوق الفن. ويلحَظ هذا الغموض في املزادات العاملية، حني تتم اإلشــــــارة إلــــى الــعــمــل الــفــنــي عــلــى أنــــه ضمن «مجموعة خـاصـة»، أو حـ يباع مـن خلل ممثلني ملُلك مجهولي الهوية. ومن امليزات االستثمارية للفن، ارتفاع قـيـمـتـه مـــع مـــــرور الــــزمــــن، وفــــي ذات الـحـ إعفاؤه من الضريبة مما يجعله وسيلة لعدد مـن األثـريـاء حـول العالم لتجنب الضرائب. ونظرًا الختلف نظام الضرائب في البلدان، تختلف طرق االستفادة من هذه امليزة. فـــــفـــــي بـــــعـــــض الـــــــــــــدول يُـــــمـــــنـــــح خـــفـــض ضـريـبـي للمتبرعني فــي املـــجـــاالت الثقافية والتعليمية، لتشجيع الـدعـم والتبرع لهذه املجاالت، بما يساعد على تقديم الدعم املالي للمتاحف، وفي ذات الوقت خدمة للمجتمع الـــــذي يـسـتـفـيـد مـــن املـــتـــاحـــف، الـــتـــي تعتمد بـشـكـل كـبـيـر عـلـى الـتـبـرعـات الـخـيـريـة. كما يـمـكـن الــحــصــول عـلـى إعـــفـــاء ضــريــبــي، عبر اقتناء األعمال الفنية ذات القيمة املتزايدة، وحفظها في املوانئ الحرة في مناطق معفاة مــــن الـــضـــرائـــب –كـــمـــوانـــئ ســـويـــســـرا- حـيـث تـتـمـيـز هــــذه املـــوانـــئ بــمــســتــودعــات خـاصـة تحمي الثروات واألصول الفنية الثمينة. تشريعات ضرورية وقــــد تــكــون الــقــضــايــا املـتـعـلـقـة بـالـفـن مـــن الــقــضــايــا الــتــي يــنــدر تــنــاولــهــا محليا فـي املـحـاكـم الـسـعـوديـة، نـظـرًا لـحـداثـة هذا املجال وعدم انتشاره وصغر حجم الدائرة االجتماعية املرتبطة به. فـــمـــن نـــاحـــيـــة عــــاقــــة الــــفــــن بـــاإلعـــفـــاء الضريبي، فالفن ال يدخل ضمن اإلعفاءات املـنـصـوص عليها فــي الـائـحـة التنفيذية لنظام ضريبة القيمة املضافة في اململكة. كــمــا أن الــهــيــئــة الـــســـعـــوديـــة للملكية الـفـكـريـة تــوضــح إمـكـانـيـة تسجيل الـفـنـان عـمـلـه بصفته املــؤلــف الــــذي قـــام بـإنـشـائـه، وخـــدمـــة الـتـسـجـيـل هـــي خــدمــة اخـتـيـاريـة، والـــحـــمـــايـــة يـكـتـسـبـهـا الــعــمــل الــفــنــي دون الحاجة ألي إجـــراء شكلي وفقا لـ«اتفاقية بـــرن» لـحـمـايـة املـصـنـفـات األدبــيــة والفنية ،2003 الـــتـــي انــضــمــت إلــيــهــا املــمــلــكــة عــــام حيث نـصَّــت االتفاقية على مـبـدأ الحماية التلقائية. ومـع ذلـك تظهر الحاجة إلـى توضيح بعض األنظمة الخاصة بالوساطة الفنية والــبــيــع والـــشـــراء وانــتــقــال مـلـكـيـة األعــمــال وغـــيـــرهـــا. فــعــلــى ســبــيــل املــــثــــال، هـــل يحق لـلــفــنـان مــعــرفــة املـقـتــنـي لـعـمــلــه، ومــــا دفــع لـــه؟ فـاملـفـتـرض أن تـحـصـل صــالــة الـعـرض على نسبة مـن عملية الـبـيـع، إال أن بعض الــــصــــاالت تـقـتـنـي مــجــمــوعــة مـــن األعـــمـــال، وتـعـيـد بيعها بمبالغ مضاعفة لجهة ما أو مقنت مـعـروف، فـي أشـهُــر بسيطة. وفي هـــذه الـحـالـة يـتـم تضخيم أســعــار األعـمـال الــفــنــيــة، كــمــا أن الـــفـــنـــان ال يـــعـــرف الـقـيـمـة الحقيقية لبيع أعماله. مع أن نظام حماية حقوق املؤلف، يوضح أن للفنان التشكيلي حـق التتبع والـحـصـول على نسبة مـن كل عـمـلـيـة بــيــع ألعــمــالــه الــفــنــيــة، فـكـمـا يشير النظام نصا، «يتمتع مؤلفو مصنفات الفن التشكيلي ومؤلفو املخطوطات املوسيقية األصـلـيـة -ولــــو تــنــازلــوا عــن ملكية النسخ األصلية ملصنفاتهم- بالحق فـي املشاركة بـنـسـبـة مــئــويــة عـــن كـــل عـمـلـيـة بــيــع لـهـذه املصنفات». كما قدمت وزارة الثقافة في منصتها لــــلــــتــــراخــــيــــص الــــثــــقــــافــــيــــة (أبـــــــــــــدع) بــعــض الـتـراخـيـص املـرتـبـطـة بـالـفـن والــتــي تسهم فـي تنظيم وتوثيق األنشطة الفنية. ومع أن الهدف هو الشراكة مع القطاع الخاص ودعم وتمكني النشاط الثقافي في اململكة، إال أن منح التراخيص وحده ال يبدو كافيا. فـالـفـن بـحـاجـة إلـــى مـزيـد مــن الــدعــم أســـوة بـــاملـــجـــاالت األخـــــــرى الـــتـــي تـــقـــوم الــجــهــات املرتبطة بها تنظيميا بدعمها بالرعاية والـتـمـويـل والـتـطـويـر والـتـسـويـق، كما في الصناعة والسياحة وغيرها من القطاعات. إن الـــفـــن الــتــشــكــيــلــي فــــي الــســعـــوديــة بـحـاجـة إلـــى تـوضـيـح كـثـيـر مـــن الـجـوانـب القانونية املرتبطة بـه، بما يسهم في دعم اقتصاد الفن واالستثمار فيه. وحفظ حق كــــل مـــن الــفــنــان واملــقــتــنــي وصـــالـــة الـعــرض أو الـــوســـيـــط، خـــصـــوصـــا مــــع دعـــــم «رؤيـــــة » للفن وما يحدث حاليا من 2030 السعودية انتعاش في الحركة التشكيلية السعودية. * كاتبة وناقدة سعودية زهرة دوغان - مدينة نصيبين *د. جواهر بن األمير ًقضية شيبرد فيري... العمل الفني والصورة األصل الشاعر البحريني يرى أن مفهوم الجوائز يعاني خلال فادحا مهدي سلمان: صراع الشعر مع األفكار والمشاعر من أهم سمات الكتابة المسرحية اســـتـــطـــاع الـــشـــاعـــر الـــبـــحـــريـــنـــي مــهــدي سـلـمـان أن يـتـرك بصمة بــــارزة عـلـى خريطة الـــشـــعـــر فــــي بـــــــاده عـــبـــر عـــــدد مــــن دواويــــنــــه الشعرية التي تتميز بتراكيب بصرية جريئة ولغة مشحونة بــرؤى جـديـدة. صـدر ديوانه ،2007 ،» األول «ها هنا جمرة وطـن، أرخبيل لــتـتــوالــى بــعــده أعــمــالــه الــتــي لـفـتـت األنــظــار ملـــوهـــبـــتـــه الـــكـــبـــيـــرة؛ مـــثـــل «الــــســــمــــاء تـنـظـف منديلها البرتقالي»، و«لــن أقــول شيئا هذه املرة»، و«ال شيء يحدث وال حتى القصيدة». ومن الشعر تمتد تجربته اإلبداعية إلى املــســرح بــقــوة، حـيـث شــــارك مـمـثـا فــي نحو مسرحية؛ منها «اللعبة»، و«املستنقع»، 20 و«الـــــوهـــــم»، كــمــا أخـــــرج مـســرحـيــتــي «مــكــان مـا»، و«الـتـركـة»، وحصد جوائز مرموقة في املهرجانات الفنية املتخصصة... هنا حوار معه حول تجربته وهمومه األدبية: لنبدأ بثنائية الشعر واملسرح في تجربتك، > فالقصيدة، على األقل في تصور العامة، فن ذهني ساكن، في حني أن املسرحية فن بصري حركي... هل ثمة تناقض بني النوعني؟ -هـــــنـــــالـــــك بــــالــــتــــأكــــيــــد اخـــــتـــــافـــــات بــ كـــتـــابـــة الـــقـــصـــيـــدة وكـــتـــابـــة املـــســـرحـــيـــة، لـكـن هـــذا االخــتــاف ال يـرقـى لـيـكـون تـنـاقـضـا، إن األجناس األدبية اليوم تستقي من بعضها، وتـتـجـاور بكل هـــدوء، فيأخذ الشعر الحالة الـدرامـيـة مـن املـسـرح، ويـأخـذ املـسـرح الحالة التأملية الـرائـيـة مـن الشعر، وتنهل الـروايـة والـقـصـة مــن مـظـاهـر هـــذا وذاك. وعـمـومـا لم يكن الشعر يوما فنا ساكنا، على الرغم من كــونــه ذهــنــيــا، فـلـطـاملـا احـــتـــوى الــشــعــر على صــــراع عـنـيـف بـــ األفـــكـــار واملـــشـــاعـــر، وهـــذا الصراع أهم سمات املسرحية. وكذلك لم تكن املـسـرحـيـة دائــمــا فـنـا حـركـيـا، فلقد استخدم كــتّــاب املــســرح فــي كـثـيـر مــن تـجـاربـهـم طـرق وأســالــيــب الــتــأمــل الــشــعــري إلنـــتــاج الــحــدث. فعل ذلك كتّاب مسرح العبث؛ مثل يونسكو، وبــيــكــيــت، وكـــذلـــك تـــجـــارب تــوفــيــق الـحـكـيـم املـسـرحـيـة الــذهــنــيــة، وقـبـلـهـم اسـتـغـل كـتـاب املسرح الكلسيكي الحوار الداخلي واملناجاة من أجل االقتراب من روح الشعر في املسرح. أيـهـمـا أســبــق فـــي إثـــــارة ولــعــك ووجـــدانـــك، > القصيدة أم املسرحية، وكيف أثـرت إحداهما على األخرى من واقع تجربتك؟ - ال أتــــذكــــر بـــالـــتـــحـــديـــد أســـبـــقـــيـــة شـكـل على آخــر، لقد كـان الشكلن ينموان معا في تجربتي، ويتبادالن األهمية والتأثير، وكذلك يتساقيان الفهم من التجارب املختلفة. ولطاملا كـان الشعر قريبا مـن املـسـرح واملـسـرح قريبا من الشعر، منذ سوفوكليس حتى شكسبير. ولـطـاملـا كـانـت الكتابة ألحـدهـمـا تغترف من تقنيات الشكل اآلخر، ومن أدواته وإمكاناته، ليس على مستوى املمارسة في الكتابة فقط، إنما كذلك فـي آلية تحليل وتفسير وتقليب األفكار والعواطف والقضايا، ال يمكن للكاتب أن يقول أين يكمن هذا التأثير، وكيف، لكنني أومـن أنـه موجود في الكتابة للشكلني، وفي التمثيل واإللقاء على السواء. لنتحدث قليال عـن فكرة «الجمهور» فهي > حــاضــرة بــقــوة أمــامــك بصفتك مـمـثـ يـصـعـد إلـى خشبة املسرح، لكن كيف تتمثلها بصفتك شاعرًا؟ * لو سألت أي ممثل على املسرح كيف تــرى الجمهور، لـقـال لـك إنــه ال يـــراه، حضور الجمهور في املسرح هو حضور فكرة، فحني تظلم القاعة، ويصعد املمثل على الخشبة ال يرى أمامه إال الظلمة التي فيها ومن خللها يـــدخـــل ويـــخـــرج مـــن وإلـــــى الــشــخــصــيــة، أظــن فكرة الجمهور في الكتابة تشبه هــذا، ظلمة ال تـتـبـيـنـهـا، لـكـنـهـا أمــــامــــك، تـــدخـــل نـحـوهـا شـخـصـا، ومـــا إن تـخـطـو فـيـهـا حـتـى تصير شخصا آخر. ماذا عن موضوع «التطهر» بوصفه وظيفة > قـديـمـة فــي الـتـراجـيـديـا اإلغــريــقــيــة... هــل يـمـكـن أن تصنع قـصـيـدة الـنـثـر حـالـيـا حـالـة شبيهة وتـخـرج االنفعاالت املكبوتة داخـل الـقـارئ، ال سيما الخوف والشفقة؟ - بقدر الخلف على معنى محدد ملفهوم مصطلح التطهر أو التنفيس، ال يمكن القطع بإمكانية شكل ما شعري أو سواه في حيازة نـتـاج هـــذا املــفــهــوم، فـهـو مــوجــود فــي جميع األشكال - الشعرية وغيرها - كما في املسرح، بـنـسـب مـخـتـلـفـة. إنــــه جــــزء مـــن صــنــع الــفــن، طاملا أن الفن جزء منه يخاطب العقل والقلب واملشاعر واألفكار اإلنسانية، فهو فعل تطهّر أو تطهير، وكذلك في املقابل هو فعل تلويث كـذلـك، أو فلنقل هـو فتح للجروح املختلفة، لـكـن فــي كــل ذلـــك، هــو نـتـاج الـفـاعـل ال الفعل نــفــســه، الــشــاعــر ال شــكــل الــقــصــيــدة، الـكـاتـب املسرحي، ال نوع املسرحية. وبــقــدر مــا يبحث الـشـاعـر أو املسرحي أعـمـق، ويقطع أكـثـر، بقدر مـا يطهّر، نفسه، قارئه، شخصياته، أو أفكاره وعواطفه، وهو فــي كــل ذلـــك لـيـس فــعــا قـصـديـا دائـــمـــا، إنما هو نتاج إما لشخصية الكاتب، أو للظروف املــحــيــطــة بـــــه، لـــذلـــك فـــهـــو يــظــهــر فــــي فـــتـــرات تـــاريـــخـــيـــة بـعـيـنـهـا بــشــكــل أوضــــــح وأجـــلـــى، وقــــد يـخـبـو فـــي فـــتـــرات أخــــــرى، تـبـعـا لــقــدرة املجتمعات على فتح جروحها، أو على األقل استقبال هذا النوع والشكل من الفعل الفني. على مدار أكثر من نصف قرن، لم تحصد > أي جـائـزة أو تـنـال تكريما بصفتك شــاعــرًا، لكنك في املقابل حصدت عـددًا من الجوائز والتكريمات بصفتك ممثال مسرحيا... كيف ترى تلك املفارقة؟ - يـعـود ذلــك إلــى مفهوم الـجـائـزة فيما بــــ الـــشـــكـــلـــ ، والــــخــــلــــل الـــكـــبـــيـــر فــــي شـكـل الجوائز األدبية في عاملنا العربي، الجوائز ال ينبغي أن تُطلب، إنما تُعطى نتيجة لفعل مـا أو جهد مــا، هــذا يحدث فـي املـسـرح الـذي هــو عـمـل جـمـاعـي، فـاملـؤسـسـة الـقـائـمـة على املـسـرحـيـة هــي الـتـي تـتـقـدّم ملـهـرجـان مـــا، أو جــائــزة مـــا. وعـنـدهـا يحصد ممثل أو كاتب أو مـخـرج جـائـزة على جـهـده فـي هــذا العمل بعينه، فيما على الـكـاتـب أن يـتـقـدّم بنفسه لطلب جــائــزة أو تـكـريـم لــديــوان أو قصيدة، وهذا خلل ب في ضبط مصطلح جائزة، أو تكريم، أو حتى مسابقة. القاهرة : رشا أحمد مهدي سلمان يمكن أن يكون الفن في حد ذاته قضية قانونية بسبب عدم وجود تعريفات دقيقة للفنون خصوصا الفن المعاصر النص الكامل على الموقع

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==