issue16709

هل تنجح املرشحة الديمقراطية كاماال هاريس في قلب الـتـوقـعـات بهزيمة املـرشـح الـجـمـهـوري دونــالــد تـرمـب، والـفـوز باالنتخابات الرئاسية األميركية املقبلة؟ كاماال هاريس نجحت، حتى اآلن، في قلب توقعات عدّة؛ إذ نجحت، خــال فـتـرة زمنية قصيرة جــدًا، فـي تجسير الهوة التي كانت تفصل الديمقراطيني عن الجمهوريني في استفتاءات الرأي العام على املستوى القومي. كما نجحت في تجميع أموال تبرعات بشكل غير مسبوق في تاريخ كل الحملت، تجاوزت أكثر من نصف مليار دوالر، وفي فترة قصيرة. كما نجحت في توحيد الحزب وراءها بكل تياراته، وبشكل غير مسبوق كذلك، وإعـادة الزخم إلى الحملة االنتخابية الديمقراطية، وهي كلها مـــؤشـــرات تــقــود إلـــى اسـتـنـتـاج ال مــنــاص مــنــه: احـتـمـال فـوزهـا باالنتخابات، واحتمال أن تكون أول امرأة تحكم أميركا. املعلّقون السياسيون في أميركا وعواصم الغرب يلتفّون حول هذا االحتمال بشكل واضح، وفي ذات الوقت يشيرون إلى تباطؤ ملحوظ في زخم حملة املرشح الجمهوري دونالد ترمب. وأغلبهم يـعـزون ذلــك إلــى حالة مـن االرتــبــاك ســادت املسؤولني واملــرشــح تـرمـب بـعـد إعـــان هــاريــس تـرشـحـهـا، وكــذلــك نتيجة الفشل في تبنّيهم استراتيجية انتخابية جديدة، مخالفة لتلك املصمَّمة ضد املرشح السابق بايدن، وتكون قادرة على إيقاف املرشحة الديمقراطية هاريس، وتعيد الزخم اإلعلمي لحملتهم إلى الوضع الذي كان عليه قبل قرار املرشح الديمقراطي السابق الرئيس جو بايدن باالنسحاب. االســتــطــاعــات تــؤكــد أن املــرشــحــة الـديـمـقـراطـيـة هـاريـس تتقدم املرشح الجمهوري ترمب في عديد من الـواليـات املهمة في استفتاءات الرأي العام، والتي يتوقف الفوز في االنتخابات عـلـيـهـا، وتـشـيـر كــذلــك إلـــى تململ املــســؤولــ فــي قــيــادة حملة املـرشـح الجمهوري مـن تـصـرفـات تـرمـب، ورفـضـه الــتـزام اتباع نــصــائــحــهــم بــــضــــرورة الـــتـــركـــيـــز فــــي حـــمـــاتـــه عـــلـــى الــبــرنــامــج االقتصادي، واالبتعاد عن انتقاد املرشحة الديمقراطية هاريس. ومــــــن الـــــواضـــــح أن املـــــرشـــــح تــــرمــــب ومــــســــؤولــــي حـمـلـتـه قـــد فــوجــئــوا بـــقـــرار الــرئــيــس بـــايـــدن بــاالنــســحــاب مـــن الـتـرشـح لـانـتـخـابـات، كـمـا فـوجـئـوا بـالـدعـم والـــزخـــم الـكـبـيـريـن الـلـذيـن حظيت بهما املرشحة هاريس خـال فترة زمنية تعد قصيرة. وهـا هي اآلن، تتقدم املرشح ترمب في استفتاءات الــرأي العام على املستوى القومي، وعلى مسافة زمنية ال تبعد كثيرًا عن اليوم املوعود. إال أن عـــديـــدًا مـــن املـعـلـقـ مـــا زالـــــوا مـــتـــردّديـــن فـــي الــقــول باحتمال تمكّن كاماال هاريس من الوصول إلى البيت األبيض وحكم أميركا، ويشيرون إلـى ما حـدث للمرشحة الديمقراطية مـــن مــفــاجــآت في 2016 هـــيـــاري كـلـيـنـتـون فـــي انــتــخــابــات عـــام األسـابـيـع األخـــيـــرة، وتـمـكّــن املــرشــح الـجـمـهـوري آنــــذاك دونـالـد تـــرمـــب مـــن قــلــب الـــطـــاولـــة، والــــفــــوز بـــاالنـــتـــخـــابـــات، عــلــى الــرغــم مـن حصوله على عــدد أقــل مـن األصــــوات مـن املـرشـحـة هيلري كلينتون. وهـــم يـــرون أن وجـــود املـرشـحـة هــاريــس فــي منصب نـائـب الـرئـيـس حـالـيـا، ربـمـا يـكـون أحـــد أهـــم األســبــاب الـتـي قد تــــؤدي إلـــى عـــدم فــوزهــا بـاالنـتـخـابـات. ويــوضــحــون قـائـلـ إن وجـــــود الــرئــيــس بـــايـــدن فـــي الــبــيــت األبـــيـــض يـــعـــد بـمـثـابـة قيد شـديـد يـوثـقـهـا، ويجعلها غـيـر قــــادرة عـلـى مـواجـهـة منافسها الـجـمـهـوري بـبـرنـامـج سـيـاسـي واقــتــصــادي مستقل ومـخـالـف ،2020 للذي تبنّاه الرئيس بـايـدن منذ مجيئه إلـى الحكم عـام فهي على سبيل املثال، ملزمة أخلقيا وسياسيا بمواصلة نفس البرنامج، وعدم مخالفته أو انتقاده، وكأن الرئيس بايدن باق ولم ينسحب من الترشح، أي أن التغيير سطحي، اقتصر فقط على إحللها هي مكان املرشح بايدن ال غير؛ ألسباب معروفة، تعود إلى تدهور صحة الرئيس بايدن، وليس بإبداع برنامج سياسي واقـتـصـادي مختلف. وهــي ملتزمة أخلقيا مواصلة السياسات نفسها، والسير على الخط نفسه والخطوات نفسها؛ ألنــهــا وصــلــت إلـــى مـنـصـب نــائــب الـرئـيـس بــنــاء عـلـى تأييدها لــه، وقناعتها ببرنامجه، وسـعـت خــال الـسـنـوات املاضية من وجودها في البيت األبيض إلى تحقيقه وإنجاحه. وبالتالي، لم تُتَح لها الفرصة إلبداء تميّزها إال في هوامش مسموح بها، وقليلة، وألسباب انتخابية ال غير. رغــم كـل الحديث الـدائـر حــول كيف أن كـامـاال هـاريـس قد تصبح أول امـرأة ملونة تُنتخب رئيسة للواليات املتحدة، فإن شخصا واحدًا بالتأكيد ال يتحدث عن ذلك: كاماال هاريس. ليس في إطار الحملة االنتخابية، حيث يواصل خصمها الـجـمـهـوري دونــالــد تـرمـب شـن هجمات عنصرية وجنسانية دقيقة في املؤتمر 38 عليها. وليس في الخطاب الذي ألقته ملدة الـوطـنـي الـديـمـقـراطـي، األســبــوع املــاضــي. والــافــت أنـــه عندما قبلت نائبة الرئيس رسميا ترشيح حزبها لها في االنتخابات الرئاسية، لم تشر مباشرة إلـى عرقها أو جنسها أو الطبيعة التاريخية لترشحها. وســــواء كـــان ذلـــك نــتــاج حــســابــات سـيـاسـيـة أو حـسـابـات شخصية أو كليهما، فإنه يكشف الكثير عن هـذه اللحظة من تــاريــخ الـــواليـــات املـتـحـدة. بـعـد عـقـديـن مــن إلــقــاء بــــاراك أوبـامـا خطابه الشهير في املؤتمر الوطني الديمقراطي في بوسطن، الذي غيّر إلى األبد الخطاب الوطني حول العرق والسلطة، فإن املرشحة التي يجري النظر إليها باعتبارها وريثته السياسية، عـلـى اسـتـعـداد بـتـرك كـامـل هويتها تـتـحـدث عــن نفسها، وفـي الـوقـت ذاتـــه، ال يجد األشـخـاص املـلـونـون والـنـسـاء مشكلة في ذلك. من جهتها، قالت السيناتور الفونزا بتلر، من كاليفورنيا، وهي صديقة قديمة لهاريس، وتعتبر املـرأة السوداء الوحيدة داخـل مجلس الشيوخ: «لن يدعك العالم تنسني أبـدًا أنـك امرأة سوداء». وقد سمعت تصريحات مماثلة من ديمقراطيني في أثناء املــؤتــمــر، األســـبـــوع املـــاضـــي، بـمـا فــي ذلـــك زمــيــات هــاريــس في جمعية «ألفا كابا ألفا» التاريخية النسائية السوداء، وزميلت خريجات جامعتها األم، جامعة هوارد. الــواضــح أن هــاريــس ورفـيـقـهـا فــي الـتـرشـح، حـاكـم واليــة مـيـنـيـسـوتـا، تـيـم والــــز، قــــررا خـــوض الـحـمـلـة االنـتـخـابـيـة على أســـــاس الــقــيــم الــعــاملــيــة املـتـمـثـلـة فـــي الــحــريــة وإتـــاحـــة الــفــرص للجميع، خـاصـة أبــنــاء الـطـبـقـة املـتـوسـطـة، بـــدال عــن النغمات الضيقة املرتبطة بسياسات الهوية. وتعد هاريس ورفيقها بأن يكونا قائدين «لجميع األميركيني» في إطار ديمقراطية وطنية تعددية. وقــــالــــت هــــاريــــس فــــي خــــطــــاب قـــبـــولـــهـــا تـــرشـــيـــح الـــحـــزب الديمقراطي لها: «أتصور أميركا نتمسك فيها بقوة باإليمان الشجاع الـذي بنى أمتنا وألهم العالم. هنا، في هذا البلد، كل شــيء ممكن. ال شــيء بعيد املـنـال. أميركا حيث يهتم بعضنا ببعض، وينظر بعضنا إلى بعض، وندرك أن لدينا من القواسم املشتركة أكـثـر مما يفرقنا. ال أحــد منا مضطر ألن يفشل كي ننجح جميعا». من جانبي، أرى أن هذا تقدم، لكنه نوع ملتو من التقدم. مـن نـاحـيـة، لــم يـعـد املـرشـحـون الـسـيـاسـيـون بـحـاجـة إلـى حشر أنفسهم في صناديق ديموغرافية، إلثبات أنهم من السود بما يكفي، مثلً، للفوز باالنتخابات. من ناحية أخرى، لم يعد بإمكان هؤالء املرشحني أنفسهم شرح ما يعنيه أن تكون أسود - أو امرأة - دون املخاطرة بخسارة االنتخابات. في الحقيقة، هذا سيف ذو حدين قائم منذ فترة طويلة على الصعيد السياسي األميركي، وقد أصبح أكثر حدة على امتداد العقدين املاضيني.. لذلك، تجنبت هاريس فعل ذلك، وهذا تصرف ذكي للغاية منها. من ناحيته، حـاول أوبـامـا، هو اآلخــر، تجنب «لعب ورقة العِرق»، إلى الحد الذي جعله يتعرض للنتقاد بعض األحيان، خـاصـة مــن قِــبَــل الــســود، ملـحـاولـتـه تجنب االعـــتـــراف بقضيتي الـعـرق والعنصرية مـن األســـاس. ومــع ذلــك، وباعتباره عضوًا جديدًا في مجلس الشيوخ عن والية إلينوي، ألهمت خطاباته الـحـمـاسـيـة األمـيـركـيـ مــن مختلف الـخـلـفـيـات لـلـمـشـاركـة في «سياسة األمل»، بدال عن سياسات الريبة واالنقسام. بـأنـه «ال تـوجـد أمـيـركـا ســوداء 2004 وصـــرح أوبــامــا عــام وأمـــيـــركـــا بــيــضــاء وأمـــيـــركـــا التـيـنـيـة وأمـــيـــركـــا آســـيـــويـــة. هـنـاك الواليات املتحدة األميركية فحسب». الـيـوم، إن الطريقة التي تختار بها هـاريـس الحديث، أو على األرجح عدم الحديث، عن العرق والجنس ستكون كاشفة ومؤثرة في خضم سباق رئاسي محموم. وقد يحدث هذا فرقا كبيرًا في محاولتها هي ووالـز كسب أصـوات الناخبني الجدد واملستقلني داخل الواليات الحاسمة. فــي أثــنــاء آخـــر مـحـاولـة تـرشـح لـهـاريـس ملنصب الرئيس سنوات، صممت شعار حملتها على غـرار الشعار الذي 4 قبل استخدمته شيرلي تشيشولم، أول امـــرأة ســـوداء تسعى إلى الفوز بالرئاسة. وعندما قبلت ترشيحها ملنصب نائب الرئيس في وقت الحق من العام نفسه، أشـادت بنفسها بفخر وقارنت نفسها بالنساء الـسـود األخــريــات الـاتـي كـسـرن الــحــدود غير املرئية. ومــع ذلـــك، تغير الـزمـن اآلن. وبـــدال عـن أن تـكـون صاخبة يشجع الساسة على أن يكونوا حذرين 2024 وفخورة، فإن عام ومتواضعني للغاية بشأن هوياتهم. وفي حني يقر الكثير من الناخبني اليوم بوجود تفاوتات على أســـاس الـعـرق والــنــوع، فإنهم ال يرغبون فـي سـمـاع ذلـك، ألنهم يرون أن األمر لم تَعُد له أهمية كبيرة. وكشف استطلع رأي أجرته حديثا «إيه بي سي نيوز»، بالتعاون مع «واشنطن في املائة من األميركيني ال يبالون 47 بوست» و«إبسوس»، أن بنوع الرئيس القادم. ومع ذلك، ال أزال متشككة في األمر. ومن الواضح أن حملة هاريس تشاركني هذا التشكك. اليوم، تتصرف هاريس على نحو قد يكون مألوفا، ويقوم على درس تعلمته من والدتها الراحلة، شياماال جوباالن، التي نصحتها ذات يـــوم: «ال تـدعـي أحـــدًا يـخـبـرك مَــن أنـــتِ، بـل أنـت أظهري لهم مَن أنتِ». * خدمة «نيويورك تايمز» ثـمـة «جــــو» اســمُـــه كــامــاال هـــاريـــس. مـنـاخ، لحظة، شعور... ماذا بعد؟ عـــبَـــرت كـــامـــاال هـــاريـــس امـــتـــحـــان املــؤتــمــر الـــوطـــنـــي لــلــحــزب الـــديـــمـــقـــراطـــي. شـــكَّـــل الــحــدث الـــذي استضافته مدينة شيكاغو نقطة تحول حاسمة في حملتها؛ إذ أعادت من خلله تقديم نـفـسِــهـا بـــصـــورة جـــديـــدة وخـــطـــاب سـيـاسـي بـدا ســاعــيــا لـصـفـة تـمـثـيـلـيـة أوســـــع لــــدى الـجـمـهـور الديمقراطي. ثمة إجماع أن هاريس نقلت مزاج الديمقراطيني نحو الكثير من التفاؤل والبهجة، ونجحت في حقن القاعدة الديمقراطية بأسباب اإلثــــــارة واالرتــــيــــاح حــيــال املـــســـار الــجــديــد الـــذي اتـخـذتـه حملة الـحـزب الـديـمـقـراطـي بعد خـروج الرئيس جو بايدن من السباق. كـــان الفـتـا مـثـا تعديل هـاريـس لوجهتها الــــيــــســــاريــــة الـــــواضـــــحـــــة، والـــتـــخـــفـــف مـــــن أثـــقـــال تــركــيــزهـا سـابــقـا عــلــى قــضــايــا الــهــويــة والـــعِـــرق واإلثــنــيــة والـــجـــنـــدر. بـشـكـل عـــام شــكَّــل خطابها الـشـخـصـي، وعــمــوم مـخـرجـات املـؤتـمـر الوطني لـــلـــحـــزب الـــديـــمـــقـــراطـــي، انـــطـــاقـــة جـــــديـــــدة، مـن خـــال إعــــادة الـتـركـيـز عـلـى مــوضــوعــات مشاكل الطبقة الوسطى، وتقوية االقتصاد األميركي، واإلفـراط في تظهير االهتمام بمشاكل التضخم وتـكـالـيـف املعيشة وجـشـع الـشـركـات وأصـحـاب االحتكارات وهموم الرعاية الصحية. ويعد هذا التحول نحو الوسط استراتيجية فطنة من قبل الديمقراطيني بغية استقطاب جمهور أوسع في انتخابات تدل كل املؤشرات على أن الفوز فيها سـيـحـصـل بــهــوامــش ضـيـقـة بـــ الــحــزبــ . كما أنـــه، واألهـــــم، تـحــول يحسم صــراعــا ديمقراطيا داخليا حول هوية الحزب الديمقراطي ومساره بـــ هـــيـــاري كـلـيـنـتـون 2016 مــنــذ انـــتـــخـــابـــات ودونــالــد تـرمـب. وهــي وجهة أسَّــس لها وصـول الــرئــيـس بــــاراك أوبـــامـــا كــــأول رئــيــس مــن أصــول أفريقية في تاريخ أميركا، وتفاقمت حدتها مع . تميزت هذه 2013 موجة «بلك اليفز ماتر» عام الحقبة بتصدر سياسات الهوية خطاب الحزب الديمقراطي، في مقابل استثمار الجمهوريني مع دونالد ترمب في الخطاب االقتصادي الشعبوي، وتجييش الوطنية األميركية الـتـي يختصرها عـــنـــوان: «لـنـجـعـل أمــيــركــا عـظـيـمـة مـــرة أخــــرى». بــيــد أن إعـــــادة الـتـغـلـيـف والــتــســويــق هــــذه الـتـي خـضـعـت لـهـا كـــامـــاال هـــاريـــس، جــــاءت شحيحة على مستوى السياسات املوصلة إلـى علجات واقـــعـــيـــة لــلــمــشــكــات الـــتـــي تـــصـــدت لـــهـــا. قـدمـت هـاريـس وعـــودًا وأمـنـيـات سياسية واقتصادية واجتماعية، أكثر مما قدمت مقترحات محددة وأجـــنـــدات تـفـصـيـلـيـة. وبــــدا فـقـرهـا واضـــحـــا في الـــســـيـــاســـات الـــخـــارجـــيـــة والـــدفـــاعـــيـــة فـــي لحظة تتعرض فيها الواليات املتحدة لحزمة تحديات من أنظمة ودول ساعية بجد وكد، إلعادة تعريف النظام العاملي وتوازناته. بدا خطابها حول السياسة الخارجية مثل محاولة فارغة إلظهار التزامها التفوق العسكري األميركي واالفتخار الوطني على املسرح الدولي مــن دون تـقـديـم أي مـضـمـون حـقـيـقـي، مــا جعل مواقفها تبدو كجهد سطحي لتلبية التوقعات والـــــلـــــوازم، بـــــدال مـــن الـتـعـبـيـر عـــن اسـتـراتـيـجـيـة حقيقية ملعالجة التحديات العاملية املعقدة التي تواجهها أميركا. عباراتها الجوفاء حول قضايا دولية معقدة أثـارت وتثير مخاوف جدية حول قدرتها على القيادة على الساحة الدولية. حـتـى اآلن تــقــدم حـمـلـة هــاريــس الـرئـاسـيـة نـمـوذجـا الفـتـا الستراتيجية سياسية حديثة، تـــقـــوم عــلــى الــتــأثــيــر الــعــاطــفــي وخـــلـــق األجـــــواء اإليـــجـــابـــيـــة كــبــديــل عـــن املـــقـــتـــرحـــات الـسـيـاسـيـة التفصيلية واألجندات املحددة لكسب الناخبني. ثمة ضجيج دعـائـي اسـمـه «األمــــل» املنبعث من ترشيح كاماال هاريس، من دون تقديم إجابات محددة عن مشاكل محددة سيكون على هاريس الرئيسة أن تتعامل معها، وفق معطيات واقعية وأرقام وتحالفات وقوانني. ال يُختلف على قــوة األمـــل كـــأداة سياسية فعالة في الحملت السياسية، بسبب قدرته على إلـهـام وإثــــارة الناخبني وتـوحـيـدهـم حــول رؤيــة مـا للمستقبل. ولـكـن التركيز على األمـــل وحـده لتلميع صــــورة هـــاريـــس، قـــد يـخـفـي الـتـحـديـات الحقيقية التي تواجهها الـبـاد، ويُــوظَّــف ربما للتغطية على افتقارها لخبرات القيادة العملية اللزمة للحكم بشكل فعال. مـــا قــدمــتــه هـــاريـــس حــتــى اآلن ال يـتـجـاوز تعديل صورتها كمرشحة الـحـزب الديمقراطي من دون إيضاح جوهر مشروعها السياسي أو االقـتـصـادي أو اإلصـاحـي، ومـن دون مصارحة الناخبني بشأن التحول الذي طرأ على مواقفها من القضايا الحيوية، وموجبات انزياحها من يسار الحزب إلى وسطه. ولــئــن تـــجـــاوزت امــتــحــان املــؤتــمــر الـحـزبـي ونجحت في إعــادة تعريف الحزب الديمقراطي وضبط توجهاته، فإن اللحظة الرئيسية املقبلة بالنسبة لها ستكون املناظرة مع دونالد ترمب يوم العاشر من سبتمبر (أيلول). ال يغيب طبعا أن إعادة تقديم كاماال هاريس لألميركية كـ«قائدة رؤيـــويـــة» تتناقض بشكل صـــارخ مــع صورتها الــســابــقــة كـــــ«عــــبء» كـبـيـر عــلــى الــديــمــقــراطــيــ ، بسبب رداءة أدائــهــا كنائبة لـلـرئـيـس، وهـــو ما يطرح الكثير من الشكوك حول أصالة صورتها الــجــديــدة ومـتـانـتـهـا. فـقـد جـــرى االشــتــغــال على تغليف وتــســويــق هــاريــس الــجــديــدة بـعـيـدًا عن اإلعلم واملحاسبة، وبذل الكثير من الجهد للنأي بها عن أي مناسبة تشكل تحديا للصورة التي يعاد بناؤها وتسمح بالتدقيق في تفاصيلها. والـــحـــال، فـــإن املــنــاظــرة املـنـتـظـرة سـتـشـكـل أكـبـر امـتـحـانـاتـهـا؛ ألنـهـا ستكشف عــن مـــدى قدرتها على إخفاء أو تجاوز أوجه القصور التي تعتري خــبــرتــهــا وتــجــربــتــهــا، ومــــا إذا كـــانـــت الــســرديــة الجديدة مدفوعة بالضرورات السياسية أم أنها تعكس فعل قدرات هاريس القيادية الحقيقية. OPINION الرأي 12 Issue 16709 - العدد Tuesday - 2024/8/27 الثالثاء هاريس... معنى الترشح للرئاسة هل استغلّت هاريس سقطات ترمب؟ كاماال هاريس: «الجو» كبديل عن السياسة وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com نديم قطيش ما قدمته هاريس حتى اآلن ال يتجاوز تعديل صورتها كمرشحة لحزبها دون إيضاح جوهر مشروعها إريكا دي. سميث االستطالعات تؤكد أن المرشحة الديمقراطية هاريس تتقدّم المرشح الجمهوري ترمب جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==