issue16708

Issue 16708 - العدد Monday - 2024/8/26 االثنني اإلعالم 17 MEDIA د. ياسر عبد العزيز يرى خبراء أن التجارب اإللكترونية لمجالت األطفال الورقية الراسخة «محدودة» ترند لماذا ينصرف الشباب عن اإلعالم المهني؟ لــم تـكـن منظمة «الـيـونـيـسـكـو» تـبـالـغ عـنـدمـا نبهتنا إلى خطورة وسائل «التواصل االجتماعي» على الوظيفة اإلخبارية، عبر التحذير من أنها تشكل «تهديدًا وجوديًا» لــوســائــل اإلعـــــام املـهـنـيـة الـــتـــي تُــعـــد تــلــك الــوظــيــفــة سببًا جوهريًا في وجودها واستدامتها. لقد حدث ذلك قبل عامني. ومنذ إطلق هذا التحذير، صــــدرت نـتـائـج دراســـــات واســتــطــاعــات رأي كـثـيـرة تثبت دقته وأهميته، وتشير بوضوح إلى تصاعد درجة اعتماد األفـراد في املجتمعات املختلفة، وخصوصًا األصغر سنًا، على تلك الوسائل في استقاء األخبار، وما يترتب على ذلك من تشكيل املفاهيم والصور الذهنية واتخاذ القرارات. وفــــي األســـبـــوع املـــاضـــي، كــنــا عــلــى مــوعــد مـــع نـتـائـج اســـتـــطـــاع جــــديــــد، أجـــــــراه مـــركـــز «بــــيــــو» لـــأبـــحـــاث، وهـــو في 48 االستطلع الذي وجد أن السبب الرئيس الستخدام املائة من الشباب األميركي لتطبيق «تيك تـوك» يكمن في الرغبة في متابعة القضايا السياسية. وال تتعلق مشكلة الوظيفة اإلخبارية ملواقع «التواصل االجتماعي» بتطبيق «تيك تـوك» املثير للجدل فقط؛ لكنها تتسع لتشمل غيره من التطبيقات التي باتت تكسب أرضًا جديدة في الساحة اإلخبارية يومًا بعد يوم. في اململكة املتحدة، على سبيل املثال، ظهرت املؤشرات الـــتـــي تـفـيـد بــاتــســـاع هـيـمـنـة تــلــك الـــوســـائـــط خــــال الـعـقـد الحالي على نطاق التعرض للخبار؛ خصوصًا في أوساط اليافعني «الذين يشكلون نصف الحاضر وكل املستقبل»، حــــ أعـــلـــنـــت الـــهـــيـــئـــة املــــســــؤولــــة عــــن تــنــظــيــم االتــــصــــاالت «أوفــكــوم» نتائج تقرير أنـمـاط استهلك األخـبـار بالبلد فـي مطلع العقد، ليظهر لنا أن «إنستغرام» و«تـيـك تـوك» و«يوتيوب» شكلت أهم ثلثة مصادر للخبار على التوالي للمراهقني في بريطانيا، بينما تراجعت «بي بي سي» التي احتلت هذه املكانة لعقود، إلى املركز الخامس. يشكل اليافعون األقل من عشرين سنة نحو ثلث سكان الــعــالــم، ونـصـفـهـم تـقـريـبـ يـتـصـلـون بــــ«اإلنـــتـــرنـــت»؛ حيث ساعات يوميًا في تصفح املـواقـع عليها، 7 يمضون نحو لـيـتـزوّدوا من خللها باألخبار واملعلومات والتحليلت، ويـــتـــأثـــروا بــاملــنــظــور الـــــذي تـسـتـخـدمـه فـــي تــقــديــمــهــا، ثم يشكلوا رؤيتهم للعالم، ويتصرفوا على هذا األساس. وتشير الدراسات التي أجريت على الوظيفة اإلخبارية لتلك الـوسـائـط الـجـديـدة إلــى مخاطر كـبـيـرة؛ إذ تـؤكـد أن معظمها أخـفـق إخـفـاقـ شـديـدًا فـي مـواجـهـة نشر األخـبـار املُضللة، وعجز عن «تدقيق املحتوى» وفق معايير مهنية، فـي الـوقـت الـــذي تكفلت فيه «الـخـوارزمـيـات» الـتـي تعتمد عليها بترويج املحتوى الضار وغير الخاضع ألي تقييم. تـنـضـم دراســـــة «أوفــــكــــوم» األخـــيـــرة إلـــى سـيـل آخـــر من الدراسات والبحوث التي أفادت –بوضوح- بأن أنماط عرض األخبار عبر «السوشيال ميديا» تحفل باالختلق والتشويه وتغييب السياق، وتتفادى السؤال عن املصدر، كما ال تهتم باسم الناشر األصلي للمعلومة، بموازاة ميلها إلى تعزيز وجود املعلومات املُضللة عبر تبادلها والترويج لها. وفــــي الــعــالــم الــعـــربــي، صــــدرت دراســــــات كـثــيــرة اتـفـق في املائة من اليافعني والشباب 70 معظمها على أن أكثر من يتزودون باألخبار من مواقع «التواصل االجتماعي»، ورغم أن بعض هذه الدراسات أشار إلى تراجع معدالت الثقة بني هؤالء الشباب في أخبار تلك الوسائط، فإن هذا التراجع لم يُحد من نسب التعرّض املرتفعة باطراد. ووفـــــق اســتـــطـــاع أجـــرتـــه مــؤســســة «أصـــــــداء بـــي سي دبـلـيـو»، فـــإن «مــواقــع الـتـواصـل االجـتـمـاعـي غـــدت املـصـدر الرئيس للخبار بالنسبة إلى الشباب العربي» في مطلع فـــي املـــائـــة مـنـهـم يـتـلـقـون 79 الــعــقــد الـــحـــالـــي؛ إذ ظــهــر أن معلوماتهم من تلك املواقع، بموازاة تراجع االعتماد على املــؤســســات اإلعــامــيــة املـهـنـيـة، وهـــو أمـــر عـــدَّتـــه املـؤسـسـة «مـثـيـرًا»، قبل أن تـحـذر مـن كـونـه «مخيفًا» أيـضـ، بسبب شيوع األخبار املُضللة على تلك الوسائط. يـزيـد اإلقــبــال بـحـدة عـلـى الـوظـيـفـة اإلخــبــاريــة ملـواقـع «التواصل االجتماعي» في أوقات الحروب واألزمات، وعند الـغـمـوض واالرتـــبـــاك وتـفـاقـم املــخــاطــر؛ خـصـوصـ عندما تـضـعـف تـلـك الـوظـيـفـة فـــي وســـائـــل اإلعـــــام «الـتـقـلـيـديـة»، بــســبــب إجــــــــــراءات الــتــعــتــيــم والـــتـــقـــيـــيـــد، أو ال تــلــبــي نـهـم املـســتـخـدمـ املــتــصــاعــد لـلـمـتـابـعـة الــســريــعــة والـــجـــذابـــة، والتفاعل واملشاركة في األحداث الخطيرة. لــكــن فـــي مــقــابــل املـــيـــزات الــكــبــيــرة الــتــي تـتـيـحـهـا تلك املـواقـع ملستخدميها، ثمة كثير مـن السلبيات واملخاطر؛ فتلك الوسائط ال تُخضع املحتوى الذي تبثه ألي شكل من أشكال التقييم أو املراجعة، وال تُلزم من يبث هذا املحتوى بأي قدر من االلتزام، سوى ما يقرره طوعًا لذاته. وعندما ستستمر معدالت تعرض الشباب واليافعني لـــأخـــبـــار، عـــبـــر تـــلـــك الـــوســـائـــط الــــجــــديــــدة، فــــي االرتــــفــــاع، ستتحول بـالـضـرورة إلــى مـركـز صناعة األخـبـار الرئيس في العالم، من دون أن تخبرنا بالطريقة التي تستخدمها لضمان دقة تلك األخبار أو جودتها؛ وفي ذلك يكمن خطر كبير. مجالت األطفال العربية تحت اختبار الرقمنة أجيال عربية متلحقة تحتفظ بذكريات من االنغماس في عوالم بديلة تكوّنت بني الصفحات امللوّنة ملجلت األطفال املليئة بالقصص املشوّقة والصور املبهجة، غير أن رفيق الطفل العربي هذا يشهد اليوم تحوّالت جذرية تتجاوز حدود الورق امللون لتصل إلى عالم التكنولوجيا الرقمية. وفــــي حـــ يـعـتـمـد خـــبـــراء ومــتــابــعــون على تـــقـــريـــر ســـابـــق ملــنــظــمــة األمــــــم املـــتـــحـــدة لـلـتـربـيـة والـــعـــلـــوم والــثــقــافــة (الــيــونــســكــو)، أشـــــار إلــــى أن معدل قـراءة الطفل العربي للكتاب غير املدرسي دقـــائـــق فـــقـــط، وهـــــذا مـــعـــدل مـنـخـفـض لـلـغـايـة 6 مـــقـــارنـــة بـــــدول الـــعـــالـــم، فــــإن ثــمــة بـــيـــانـــات أخـــرى تـبـدو أكـثـر إيجابية، إذ تضمنت قائمة «مؤشر NOP World Culture( » إن أو بي الثقافي العاملي ) الصادر مطلع العام الحالي دولتني Score Index عربيتني بني األكثر قراءة عامليًا. مصر احتلت املرتبة الخامسة في «املؤشر»، وجــــاءت املـمـلـكـة الـعـربـيـة الـسـعـوديـة فــي املرتبة العاشرة، وهـو ما عـدّه خبراء تحدثوا لـ«الشرق األوســـط» بمنزلة «فـرصـة جيدة ملجلت األطفال ملنافسة اآليباد والهواتف الذكية». جــديــر بــالــذكــر، أن املـنـطـقـة الـعـربـيـة تصدر عـــــددًا مـــن مــجــات األطــــفــــال، تــأتــي فـــي مقدمتها «مــــاجــــد»، وهــــي مـجـلـة إمـــاراتـــيـــة صـــــدرت لـلـمـرة ، وتــرأس تحريرها منذ البداية 1979 األولــى عـام الــكــاتــب الـصـحـافـي أحــمــد عــمــر، الــــذي تــوفــي في سنة، 85 أغـسـطـس (آب) الـحـالـي عــن عـمـر نـاهـز أمــضــى معظمه فــي إثــــراء صـحـافـة الــطــفــل، ومـع وفاته تصاعدت تساؤالت حول مستقبل مجلت األطفال في الوطن العربي. تجارب راسخة أيـــضـــ ، بـــ الـــتـــجـــارب الـــراســـخـــة فـــي مـجـال صحافة الطفل مجلة «ميكي»، التي صــدرت في . وهــي مـسـتـوحـاة من 1959 مـصـر ألول مــرة عــام شخصية «ميكي ماوس» الشهيرة لشركة «والت ديـزنـي»، وعلى مـدار عقود حققت املجلة نجاحًا كبيرًا، واستمرت في الصدور حتى اليوم. وثمة تـــجـــارب أخــــرى فـــي مــصــر والـــوطـــن الــعــربــي مثل مجلت «علء الدين» و«العربي الصغير» و«قطر الـــنـــدى» و«ســـمـــســـم» -املــســتــوحــاة مـــن الـبـرنـامـج الــشــهــيــر «عـــالـــم ســـمـــســـم»- و«كــــــوكــــــو»... وأيــضــ «ســـمـــيـــر» و«ســــنــــدبــــاد» وغـــيـــرهـــا مــــن الـــتـــجـــارب البارزة في صحافة الطفل. الــــفــــنــــانــــة الـــتـــشـــكـــيـــلـــيـــة اإلمــــــاراتــــــيــــــة، آمـــنـــة الـــحـــمـــادي، رســـامـــة كـاريـكـاتـيـر وخــبــيــرة كـرتـون أطـفـال وتحكيم دولـــي، تــرى أن تـجـارب صحافة الطفل «راسـخـة حتى اآلن، ألنها تسعى جاهدة لــاســتــمــرار فـــي تـقـديـم املـفـيـد لـلـطـفـل فـــي جميع املجاالت الفنية والثقافية والترفيهية». وتخص آمنة الحمادي مجلة «ماجد» بالحديث قائلة: «ال أزال أؤمن بأن مجلة (ماجد) هي أفضل التجارب في صحافة الطفل، بدليل أنها األعلى توزيعًا». ومــن ثــم، تـعـزو آمـنـة الـحـمـادي أسـبـاب هذه االستمرارية إلى أن «مجلة (ماجد) تسعى صادقة لـتـرسـيـخ ثـقـافـة عـربـيـة تـنـبـع هـويـتـهـا مــن تــراث أصيل يحمل املـبـادئ الراقية واألخـــاق النبيلة، ويـــنـــادي بـحـب اإلنــســانــيــة. ومـــن هـنـا كــانــت لغة الخطاب املوجهة إيجابية، وجــاء ذلـك بمشاركة خبراء في عالم الطفل من كُتاب ورسّامني مُبدعني فـــي الـــوطـــن الــعــربــي، قـــادريـــن عـلـى إلـــهـــام أجـيـال املستقبل وإثـــــراء تـجـاربـهـم وتـطـويـر ذائـقـتـهـم»، على حد تعبيرها. وتــــضــــيــــف أن «املــــجــــلــــة نـــجـــحـــت فـــــي خــلــق مــســاحــات خــاصــة ملــشــاركــات األطـــفـــال مـــن خـال نشر إسهاماتهم، ما يُــعـزّز نموذجًا تفاعليًا، ما ســاهــم فـــي تـطـويـر مـواهـبـهـم فـــي إطــــار ترفيهي يـحـتـرم عقلية ونـفـسـيـة الـطـفـل بصفته فـــردًا من أسرة تحرير املجلة». التطوّر الرقمي... و«مانجا» وفـي ظل التطور التكنولوجي الكبير الذي يشهده الـعـالـم راهــنــ، تعتقد الفنانة اإلمـاراتـيـة آمنة الحمادي أن «أثر التكنولوجيا بات واضحًا وإيجابيًا على شكل مجلت الطفل، من حيث سعة املــعــلــومــات وســـرعـــة اإلنـــتـــاج وســهــولــة الــوصــول للجميع وسهولة املشاركة بني املجلة واألطفال، وأيــضــ حـمـايـة البيئة فــي تقليل االعــتــمــاد على األوراق وجــمــالــيــات األلــــــوان، وهـــو مـــا يــعــد أحـد جوانب الجمال البصري». وتشدّد على أن «الطفل العربي أكثر انفتاحًا على التكنولوجيا، ما يعني وجود فرصة لصنّاع صحافة الطفل للتطوير». مــــن نـــاحـــيـــة أخــــــــرى، عـــــد خــــبــــراء الـــتـــجـــارب اإللـكـتـرونـيـة ملـجـات األطــفــال الــورقــيــة الـراسـخـة بـأنـهـا «مــــحــــدودة»، إذ تـمـثّــل أغـلـبـهـا فـــي تعزيز األرشــــيــــف بـنـسـخـة «بــــي دي إف»، أمــــا الــتــحــول الـفـعـلـي نـحـو الـرقـمـنـة والـتـفـاعـل فــا يــــزال محل سجال. وفي السياق نفسه، جاءت املبادرة األولى إلطـــــاق مـــجـــات إلــكــتــرونــيــة تــفــاعــلــيــة لــأطــفــال عــلــى يـــد املـمـلـكـة الــعــربــيــة الــســعــوديــة مـــن خــال ، وهي 2021 طــرح تجربة «مانجا العربية» عــام مجلة إلـكـتـرونـيـة مخصّصة لـأطـفـال والـشـبـاب متوفرة عبر اإلنترنت وتطبيقات متجر «غوغل بلي» و«آبل»، فضل عن حضورها عبر منصات التواصل االجتماعي. وتـــــضـــــم «مــــانــــجــــا الــــعــــربــــيــــة» مـــجـــمـــوعـــات قــصــصــيــة عـــربـــيـــة ويـــابـــانـــيـــة مــــصــــوّرة ومـــــــزوّدة بالفيديو بصفتها طريقة لجذب الفئات العُمرية الـــصـــغـــيـــرة، كــمــا تـــقـــدّم حـــمـــات رقــمــيــة تــوعــويــة تستهدف األطـفـال والـشـبـاب، وتـطـرح املسابقات الـتـحـفـيـزيـة لـتـحـقـيـق مـــزيـــد مـــن الــتــفــاعــل. ولـقـد اتــجــهــت املــجــلــة فـــي مـــايـــو (أيــــــار) املـــاضـــي، نحو تـعـاون مـع شركة «بليستيشن» لتعزيز دورهــا فــــي صـــنـــاعـــة األلـــــعـــــاب الـــتـــفـــاعـــلـــيـــة، كـــمـــا أعــلــنــت الشهر نفسه عن خطة توسعية بإطلق «مانجا إنترناشونال». فـــي هــــذا الـــســـيـــاق، قــــال الـــدكـــتـــور الــســر علي ســـعـــد، األســــتــــاذ املــــشــــارك فـــي تــخــصّــص اإلعــــام الجديد بجامعة «أم القيوين» في دولة اإلمارات، يرى أن مجلت الطفل بشكلها التقليدي «بحاجة إلى أذرع التكنولوجيا»، مضيفًا: «تقف مجلت األطفال الكلسيكية في مفترق طرق غير مستقر، إذ يبدو أن مستقبلها متأثر بعدة عوامل أشارت إليها األبحاث الحديثة». وحـــــقـــــ ، تـــشـــيـــر األبـــــحـــــاث إلــــــى أن اهـــتـــمـــام الجمهور األصغر سنًا بوسائل اإلعلم املطبوعة آخــــــذ فـــــي الــــتــــنــــاقــــص. ومــــــن ثــــــم، فــــــإن األشــــكــــال الــكــاســيــكــيــة عـــلـــى وشـــــك االخــــتــــفــــاء، لــكــنــهــا لـن تختفي تمامًا أمـام نظيراتها الرقمية، وبـدال من ذلـــك، ستكون نموذجًا هجينًا، جــزء منه ورقــي، وجــــزء رقــمــي، وهــــذا مــن شــأنــه أن يـلـبـي األذواق املتباينة، ويساعد مجلت األطفال على البقاء في مشهد إعلمي يزداد تحديًا». وشــدد سعد، مـن ثــم، على عنصر التفاعل، بقوله: «دراســـات عـدة أثبتت أن منصّات التعلّم بــاأللــعــاب فــعّــالــة، ألنــهــا تــوفــر املـتـعـة مـــع تعليم الشخص التفكير النقدي ومهارات حل املشاكل... ومن شأن تزويد مجلت األطفال العربية بأدوات تـفـاعـلـيـة تـعـلـيـم الـطـفـل قـيـمـ كــثــيــرة، مـــن بينها الــتــعــاون ومــشــاركــة األفـــكـــار مــع آخــريــن لتحقيق أهداف تنعكس على مجتمعاتهم». مخاطر الهواتف في املقابل، تـرى الكاتبة املصرية أمـل فرح، املتخصّصة في الكتابة للطفل، التي تقلّدت عدة مناصب في مجلت عربية منها مجلة «ميكي»، أن «التكنولوجيا ورقمنة محتوى الطفل سيفُقد املـــجـــات الــورقــيــة هــويــتــهــا». وتـــشـــرح أمـــل فـــرح: «صحيح، لدينا أزمة ضخمة في مجلت األطفال، غير أن السبب ليس في شكل املجلة أو الوسيلة املستخدمة، سـواء كانت نسخة ورقية أم رقمية، بل في جاذبية املحتوى، ومــدى تطوره ليرضي حاجة أطفال اليوم». ثم تضيف: «على مدار العقد املاضي، بالغنا في الترويج للثقافة اإللكترونية بحجة عزوف الطفل عن القراءة، غير أنها فرضية تحتاج إلى إعادة نظر وتحليل أكثر دقة». وهنا تدلّل أمـل فـرح على فرضية أن الطفل العربي ال يزال معنيًا بالقراءة، مضيفة: «شهدت سلسلة كتب هــاري بوتر مبيعات ضخمة، رغم تقديمها من دون رسوم أو عناصر جذب رقمية». وكـــذلـــك تـــدحـــض ربــــط تــطــويــر مـــجـــات األطـــفـــال بــضــرورة االعـتـمـاد على التكنولوجيا، بقولها: «ثـــمـــة مــخــاطــر صـحـيـة عــــدة الســـتـــخـــدام الـهـاتـف الـذكـي واآليـــبـــاد، فقد حـــذرت دراســــات كثيرة من آثــــار ذلـــك عـلـى صـحـة الــعــ والـــدمـــاغ واإلدراك، حـتـى إن بـعـض الــــدراســــات أشـــــارت إلـــى أن املـــدة املسموح بها الستخدام الطفل الهاتف الذكي ال تتخطّى ساعة يوميًا؛ ولذلك فنحن بحاجة إلى النسخة الـورقـيـة الكلسيكية، بـشـرط أن تحمل بـــ صـفـحـاتـهـا أفـــكـــارًا عــصــريــة تــحــتــرم رغــبــات وعقلية الطفل». عودة إلى الدكتور سعد، فإنه ال يُعوّل على التطور التكنولوجي فقط، بل يرى أن الصحافيني وكــتــاب األطـــفـــال ركــيــزة فــي الـتـطـويـر، «ولـتـقـديـم محتوى جـذاب للطفال، يجب على الصحافيني والــكــتــاب تـطـويـر الـلـغـة وفــقــ للعمر والـتـجـربـة، واالستعانة بالرسوم التوضيحية وغيرها من العناصر املرئية املطوّرة وفقًا للتكنولوجيا، إلى جانب التفاعل، إذ يمكن لتقنيات سرد القصص -مثل تطوير الشخصيات والحبكات املثيرة- أن تعزز االستثمار العاطفي واالنتباه». القاهرة: إيمان مبروك إغالق «كراود تانغل» يُجدد مخاوف انتشار «األخبار الزائفة» أثـــار قـــرار شـركـة «مـيـتـا» إغـــاق أداة تعقّب املـــعـــلـــومـــات املــضــلّــلــة «كـــــــراود تـــانـــغـــل» مــخــاوف الباحثني والصحافيني بـشـأن انـتـشـار املحتوى املــــضــــر واملــــضــــلــــل، ال ســيــمــا مــــع اقـــــتـــــراب مــوعــد االنتخابات األميركية. ويــرى خـبـراء التقتهم «الـشـرق األوســـط» أن الخطوة تُــهـدد شفافية الشركة األبـــرز فـي سوق الـتـواصـل االجـتـمـاعـي. وعــــدّوا الــقــرار عائقًا أمـام الـوصـول إلـى املعلومات واملعطيات الدقيقة، ما يـزيـد مــن انـتـشـار األخــبــار الـزائـفـة عـلـى منصات التواصل. يــــذكــــر أن «مــــيــــتــــا» أعـــلـــنـــت أنــــهــــا لــــن تـتـيـح اســـتـــخـــدام أداة تــتــبّــع اتـــجـــاهـــات املـــحـــتـــوى على اإلنــتــرنـت «كــــراود تـانـغـل» اعــتــبــارًا مــن منتصف أغـــســـطـــس (آب) الـــحـــالـــي، وهـــــي الـــتـــي كـــانـــت قـد . وأفـــــادت الـشـركـة 2016 اســتــحــوذت عـلـيـهـا مـنـذ العملقة عبر مدوّنتها بأنها استعاضت عن أداة «كـــــراود تـانـغـل» بمكتبة مـحـتـوى تـضـم بيانات (معطيات) «عالية الجودة» للباحثني، وفق إفادة رسمية أصدرتها الشركة. وتابعت الشركة أنـه «جــرى تصميم مكتبة مــحــتــوى (مــيــتــا) عــلــى نــحــو يـتـيـح الـــتـــشـــارك في البيانات وتحقيق الشفافية، مـع تلبية معايير الخصوصية واألمـــان الـصـارمـة»، غير أن خبراء شككوا في «شفافية» هذه املكتبة. أكثر من هـذا، إعـان «ميتا» في وقت سابق من هـذا العام نيّتها إغــاق أداة «كـــراود تانغل»، قوبل باحتجاج من قِبَل الباحثني واملنظمات غير الربحية، حتى إنه في مايو (أيار) السابق، أرسلت كيانات معنية تضم كل من «مركز الديمقراطية والــتـكــنـولـوجـيــا األمـــيـــركـــي»، و«مــخــتــبــر أبــحــاث الطب الشرعي الرقمي» في «املجلس األطلسي»، ومــنــظــمــة «هـــيـــومـــن رايــــتــــس ووتــــــــش»، و«مـــركـــز وسائل التواصل االجتماعي والسياسة» التابع لجامعة نـيـويـورك، خطابًا إلــى «مـيـتـا»، طالبوا بضرورة «التراجع عن القرار، واإلبقاء على أداة تتبّع املعلومات املضللة على األقــل حتى مطلع العام املقبل، أي بعد إجراء االنتخابات الرئاسية األميركية. أحمد سعيد العلوي، رئيس تحرير «سي إن إن – اقتصادية»، ربط قرار التخلي عن أداة تتبّع املعلومات املضللة اآلن باالنتخابات الرئاسية األمــــيــــركــــيــــة. وأشــــــــار لـــــ«الــــشــــرق األوســــــــــط» إلـــى تصريحات نك كليغ، رئيس الشؤون العاملية في «ميتا» -ونائب رئيس وزراء بريطانيا السابق- التي زعـم فيها «عجز (كـــراود تانغل) عـن قياس مـــدى االنــتــشــار الـحـقـيـقـي لـلـمـحـتـوى، مـــا يـحـول دون قـدرتـهـا عـن عــرض مـا هـو مضلل حقًا على املنصات». وأضـــــــاف أن «(مــــيــــتــــا) تــســعــى إلـــــى تـلـبـيـة متطلبات الـوصـول إلـى البيانات التي يفرضها ) لـــاتـــحـــاد DSA( قـــــانـــــون الــــخــــدمــــات الـــرقـــمـــيـــة األوروبــــــــي، وتــعــتــقــد أن األداة الـــجـــديـــدة مكتبة ) ستكون أكثر توافقًا مع MCL( ) محتوى (ميتا هذه املتطلبات». الــعــلــوي تـــابـــع أن «ثـــمـــة مـــخـــاوف تـتـصـاعـد بـــشـــأن شــفــافــيــة الـــبـــيـــانـــات وإمـــكـــانـــيـــة الـــوصـــول إليها، خصوصًا أن مكتبة محتوى (ميتا) تعد أقـل شفافية، وقـد تتسم بصعوبة فـي الـوصـول، وهـذه التبعات تعني أن الباحثني والصحافيني سيفقدون أدوات حيوية كـانـت تتيح لهم تتبّع املــعــلــومــات وانــتــشــارهــا عــلــى وســـائـــل الــتــواصــل االجــــتــــمــــاعــــي، مـــــا ســـيـــؤثـــر عـــلـــى قــــدرتــــهــــم عـلـى رصـــــد األخــــبــــار الــــزائــــفــــة، خـــصـــوصـــ فــــي فـــتـــرات االنتخابات». ولـــفـــت الـــعـــلـــوي إلـــــى تـــأثـــيـــر إغــــــاق «كــــــراود تـانـغـل» على الصحافيني بشكل خـــاص، بقوله: «بـــعـــد إغـــاقـــهـــا واالســـتـــعـــاضـــة عــنــهــا بــــــأداة أقــل شــفــافــيــة، سـيـتـعـ عــلــى الـصـحـافـيـ االعــتــمــاد على مصادر بيانات أقـل موثوقية أو يواجهون صعوبة في الوصول إليها». الـجـديـر بـــاإلشـــارة أن املـفـوضـيـة األوروبـــيـــة طـلـبـت مـنـتـصـف أغــســطــس الــحــالــي مـــن «مـيـتـا» تقديم مزيد مـن التفاصيل بشأن إيـقـاف «كــراود تانغل»، والتدابير التي اتخذتها الشركة ملواصلة االمــتــثــال لـالـتـزامـات بـمـوجـب قــانــون الـخـدمـات )، فيما يخص السماح للباحثني DSA( الرقمية بالوصول إلى البيانات. مـــــن جــــهــــة ثــــانــــيــــة، أفـــــــــاد مــــحــــمــــود تـــعـــلـــب، املــتــخــصــص فـــي وســـائـــل الـــتـــواصـــل االجــتــمــاعــي بدولة اإلمارات العربية املتحدة، بأن قرار «ميتا» يـعـد «خــطــوة إلـــى الـــــوراء، ال سـيـمـا فـيـمـا يخص الصحافيني... إذ قلّص أمــام الصحافيني مـوارد التنقل فـي مشهد معلوماتي معقد بشكل زائـد، ومـن شـأن هـذا إثـــارة تـسـاؤالت حـول مـدى التزام «مـــيـــتـــا» بــالــشــفــافــيــة، خــصــوصــ فـــي أيـــــام غــدت الحاجة إلى الوصول املفتوح إلى بيانات وسائل الــتــواصــل االجــتــمــاعــي أكــثــر أهـمـيـة مـــن أي وقـت مضى». تعلب عـزا توقيت قــرار «ميتا» إلـى رغبتها فــــي «تـــجـــنّـــب أي مــــزاعــــم مــحــتــمــلــة بــالــتــحــيّــز أو التدخل في العملية االنتخابية األميركية»، مع أن غياب «كراود تانغل» ربما يجعل من «الصعب مراقبة ومعالجة حملت املعلومات املضللة التي ربـمـا تستهدف االنــتــخــابــات». ومـــن ثـــم، قـــال عن تبعات الـقـرار «قـد يـواجـه الصحافيون تحديات أكبر في تغطية األخبار العاجلة وفهم الخطاب العام، والتحقيق في انتشار املعلومات املضللة، ولــــذا يـمـكـن اعــتــبــار هـــذا الـــقـــرار جــــزءًا مـــن تـحـول أوســـع نطاقًا لشركة (مـيـتـا) بعيدًا عـن املحتوى اإلخباري». القاهرة: إيمان مبروك

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==