issue16708

كشف «حـــزب الــلــه»، فـي لبنان مــؤخــرًا، فـي فـيـديـو، عن منشأة عسكرية وآلـيـات محمّلة بالصواريخ تتحرك ضمن أنــفــاق واســعــة ومـحـصَّــنـة ومـــضـــاءة. قـبـل هـــذا الـكـشـف غير املـسـبـوق، سبق الـحـديـث عـن أنـفـاق لـــ«حــزب الـلـه» (لــم يحظ باالهتمام الـذي يستحقه) لخطورة أبعاده ومراميه. اعتبر البعض أن اإلعــان وتوقيته قد يكونان في إطـار رد الحزب على اغتيال إسرائيل ألحد كبار قيادييه، فؤاد شكر. بمعزل عن أسباب هذا الكشف، وهي مهمة وأساسية، فإن له أبعادًا عـدة، منها متعلق بالحزب ومسيرته وسلوكه ومراميه في لبنان، ومنها متعلق باملوقف الرسمي والحكومي تحديدًا، ومــنــهــا مــرتــبــط بــــردة الــفــعــل الـشـعـبـيـة ومـــوقـــف الـلـبـنـانـيـن الــعــاديــن مـــن حـــدث بــهــذا الـحـجـم وخــطــورتــه مـــن الـنـواحـي الوطنية والسياسية واألمنية. بـدايـةً، ال بـد مـن التذكير بـأن حفر األنـفـاق بـات ظاهرة سنة، وردت تقارير 15 في الشرق األوسط. منذ نحو أكثر من إسرائيلية عن تعزيز «حـزب الله» ملواقعه في جنوب لبنان عـبـر حـفـر األنـــفـــاق، فــي مختلف أنــحــاء املـنـطـقـة املـضـطـربـة. 2007 سبقته «حماس» إلى ذلك بحفر شبكة أنفاق منذ عام كيلومتر، 500 تحت غــزة، وصلت إلــى رفــح يُــقـال إنها تبلغ وانــضــمــت إلـــى أعـــمـــال حـفـر األنـــفـــاق جــمــاعــات املـسـتـوطـنـن اليهود اليمينيي الذين يحفرون نفقًا بي مدينة داود وباب املغاربة في البلدة القديمة بالقدس. بطبيعة الحال، لكل من هـــذه األنـشـطـة غـرضـه الـــخـــاص؛ فـــ«حــزب الــلــه» كـــان يستعد لخوض معركة مستقبلية مع إسرائيل، وهو اآلن يخوضها، وحــفــرت «حـــمـــاس» أنـفـاقـ لـتـهـريـب الـبـضـائـع والـــســـاح إلـى غزة لتتحول إلى أماكن محصنة جعلت الحرب تستمر أكثر من تسعة أشهر، ويـحـاول املستوطنون اإلسرائيليون ربط تراثهم اليهودي بأساليب ملتوية تحت األرض. أعمال حفر األنفاق هذه تقوم بها قوى ومنظمات فاعلة غير حكومية، تعتبر أن من حقها العمل تحت األرض أو في أي مكان آخر باسم قضايا كبرى ومقدسة، على الرغم من وجود دولة ذات سيادة، سواء كانت تلك الدولة لبنان أو إسرائيل أو غيرهما. الحقيقة األكثر حزنًا أن كل هذا الحفر جرى بمعرفة أو تواطؤ عناصر من الدولة ذات السيادة، ما يكشف خواء هذه السلطة، وهي سلطة مستضعفة وال تأخذ نفسها على محمل الجد أو أنها متواطئة. إسرائيل مثل تتغاضى عن أجندات الجهات الفاعلة غير الحكومية أو تخضع لها. هــــذه الــجــهــات اآليــديــولــوجــيــة الـفـاعـلـة غـيـر الحكومية سعت، على مدى سنوات، إلى إضعاف شرعية سلطة الدولة فــي الــشــرق األوســـــط؛ مــا جـعـل الـسـلـطـة عــاجــزة عــن مـواجـهـة أنشطتها املتوسعة واملخربة، كما هي الحال في لبنان وجزئيًا في إسرائيل التي تشهد نموًا فطريًا لجماعات التشدد الديني العنصري أدَّى إلــى شقوق ظـاهـرة فـي املجتمع اإلسرائيلي. مشكلة سيادة «الجهات غير الحكومية» باتت مشكلة حقيقية في املنطقة ومظهرها األحدث: «سلوك األنفاق». كل ذلك يمهّد للعودة إلى األبعاد اللبنانية الثلثة للكشف عن أنفاق «حــزب الـلـه»، بمعزل عن حقيقة حجمها وعددها. األمـــر ال يـدعـو للمفاجأة أو الـدهـشـة؛ كـونـه يـدخـل فـي صلب سياسة التمكي املعتمدة من الحزب منذ عقود، ويبي أحادية أدائـــه وتـحـولـه، نتيجة تـراكـم الــخـروقــات، إلــى الـحـاكـم بأمره في شؤون البلد والعباد. الحزب لم يعد بحاجة للكتمان أو التغطية بل تحول إلى املغطي والراعي ألطراف وقوى لبنانية متواطئة. أنفاق بهذا الحجم قد تكون مـوزَّعـة على أكثر من منطقة ليست إال الدليل الساطع على سلطة احتلل قادرة على بسط نفوذها في مناطق مختلفة قد تتعدى الجنوب، وذلك نتيجة لتهاوي السلطة وتـواطـؤ بعضها وتـزلُّــف وانتهازية قوى سياسية أخرى ومهادنة بعضها اآلخر ألسباب نفعية، وعلى مدى عقود. أما البعد املتعلق بلبنان الرسمي، فلم يعد من املبالغة الـقـول، بعد سـقـوط مفهوم الــدولــة، إن لبنان ليس أكـثـر من مساحة جغرافية وجرى اختصاره بـ«حزب الله». فالحكومة عاجزة عن إدارة شؤون املواطني العادية من خدمات كهرباء ومياه وصحة وتربية؛ فكيف لها أن تسجل موقفًا معترضًا أمام املجتمع الدولي باسم مَن تمثل. بعد الكشف العلني عن األنفاق، باتت حكومة تصريف األعمال بمثابة وكيل تفليسة وســاعــي بـريـد بــن الـجـهـات الـدولـيـة املنشغلة بمنع توسع الحرب. أما الخطورة األشد، فتكمن في ردة الفعل الشعبية شبه الغائبة؛ إذ لم تلحظ البلد تجمعًا أو مظاهرة أو اعتصامًا مـــنـــددًا بـــهـــذه املـــمـــارســـات. وبــاســتــثــنــاء املــنــاطــق الـجـنـوبـيـة املضطربة وبعض املـواقـف الفولكلورية فـي اإلعـــام التي ال تقدم وال تؤخر وتهدف لتسجيل املواقف، تشهد البلد حياة عادية وزحمة حفلت ومهرجانات. الــتــكــيّــف أو االســـتـــســـام أو الـــيـــأس أمــــــراض مـمـيـتـة في الحالة اللبنانية. وما من قوة قـادرة على منع مليون لبناني يحملون الشموع املضيئة كل ليلة في ساحة الشهداء يطلبون السلم للبنان ال أكثر وال أقل، عوض التجمع في االحتفاالت واملـــهـــرجـــانـــات عــلــى أنـــواعـــهـــا الـــتـــي تـجـمـع اآلالف. الـشـمـوع املليونية وحــدهــا قــــادرة عـلـى مـحـاولـة الـــخـــروج مــن األنـفـاق املستجدة والنفق القديم الذي دخله لبنان ولم يخرج منه. كـــل أربـــــع ســـنـــوات يـشـهـد املـجـتـمـع األمـيـركـي طـقـوس تجديد دمـــاء الحياة الــــســــيــــاســــيــــة فــــــي الــــجــــســــد الـــســـيـــاســـي األميركي، من خلل مهرجانات الخطابة فـي طـقـوس مـا يـعـرف بمؤتمر الـحـزب، ســــــواء كـــــان هـــــذا الــــحــــزب جـــمـــهـــوريـــ أو ديمقراطيًا، ولكن طقوس الديمقراطيي غـالـبـ أكــثــر إثــــارة ومـتـعـة، وهــنــاك قـول أميركي مأثور بما يشبه الـدعـاء: «لعل الـــلـــه يـعـطـيـك األمـــــــوال كــالــجــمــهــوريــن، ويمنحك متع الحياة كالديمقراطيي». كــــان مــؤتــمــر الـــحـــزب الــديــمــقــراطــي فـي مدينة شيكاغو بـواليـة إلينوي في من أغسطس (آب)، 22 حتى 17 الفترة من مفعمًا بـالـخـطـابـات الــرنــانــة، بـأصـوات رؤســــــــاء ســـابـــقـــن مـــثـــل بـــيـــل كــلــيــنـتـون وبـــــــاراك أوبــــامــــا، إضـــافـــة إلــــى الــرئــيــس الحالي جو بـايـدن، كـان الـداخـل مبهرًا، ولــكــن خــــارج أروقـــــة املــؤتــمــر كـــان هـنـاك املـعـتـرضـون املـطـالـبـون بـإنـهـاء الـحـرب في غزة، وكانت أعدادهم غفيرة، رغم أن اإلعـــام لـم يمنحهم التغطية املناسبة، كانت أصوات املحتجي عالية مما أجبر كل من جو بايدن وكاماال هاريس على اإلشارة إلى غزة في خطابيهما. رغــــــم خـــطـــب رجـــــــال مـــفـــوهـــن مـثـل بـــاراك أوبــامــا، فــإن السياسة األميركية والـــــــرأي الـــعـــام فــيــمــا قــبــل االنــتــخــابــات يــتــغــيــران بـشـكـل ســـريـــع، فـمـن مــنــا اآلن يتذكر محاولة اغتيال ترمب؟ قد نتذكر الـــعـــصـــابـــة الـــبـــيـــضـــاء عـــلـــى أذنـــــــه الــتــي أصبحت مـــادة للتندر، بـــدال مـن كونها رمزًا ملأساة، ولكن الحدث أصبح بعيدًا ومن املاضي، ومع ذلك يتذمر األميركان يوم السادس من يناير (كانون الثاني) والـهـجـوم على مبنى الـكـونـغـرس؛ ألنَّــه هـــجـــوم عــلــى مـــؤســســـات الــــدولــــة وعـلـى القيم األميركية. السياسة األمـيـركـيـة الـيـوم لـم تعد تـركّــز على مـــادة السياسة ومحتواها، بل تركز على الشكل، كيف كانت أجواء مـــؤتـــمـــر الــــحــــزب الـــديـــمـــقـــراطـــي، مـقـابـل مــــؤتــــمــــر الــــــحــــــزب الـــــجـــــمـــــهـــــوري؟ كــيــف كـانـت شخصية تـرمـب وفــانــس، مقابل شخصية هاريس ووالز؟ من منهم وصلت رسالته للجمهور، ومــــــــــــدى تـــــأثـــــيـــــرهـــــا عـــــلـــــى الــــنــــاخــــبــــن املـــــتـــــأرجـــــحـــــن والـــــــذيـــــــن ســـيـــحـــســـمـــون االنتخابات؟ عــــنــــصــــر الــــــــجِــــــــدَّة (بــــمــــعــــنــــى أنـــهـــا شخصية جديدة) منح هاريس أفضلية على ترمب، خصوصًا أن ترمب ارتكب األخـطـاء ذاتـهـا التي ارتكبتها هيلري كـلـيـنـتـون، وأدَّت إلـــى هزيمتها أمـامـه. يـومـهـا وصـفـت هــيــاري مــؤيــدي ترمب بـــــالـــــرعـــــاع، واألمـــــيـــــركـــــيـــــون ال يــحــبــون مـــن يــتــعــالــى عــلــيــهــم. تـــرمـــب الـــيـــوم في كـــل أحــاديــثــه عـــن هـــاريـــس ووالـــــز يـبـدو متعالي ًا. وفي هذا تكمن نقطة ضعفه. في خطابه املهم رسم باراك أوباما مــامــح املـشـهـد عـنـمـا قــــال: «تــرمــب كـان يــدعــو إلـــى الــفــوضــى وعــــدم االســتــقــرار. هو فيلم سيئ، وكما نعرف من األفـام في حالة إنتاج نسخة تالية من أي فيلم فغالبًا الجزء الثاني يكون دائمًا أسوأ من األول. وهذا هو حال ترمب اليوم». ومع ذلك تبقى هذه االنتخابات في إطار التعادل اإلحصائي، ففارق خمس نـقـاط يـعـد داخـــل هـامـش الـخـطـأ، الكفة مـتـعـادلـة واملـجـتـمـع األمــيــركــي منقسم، وطـــــقـــــوس إنـــــتـــــاج اإلجــــــمــــــاع مـــــا زالـــــت كــمــا كـــانـــت رغــــم تـكـنـولـوجـيـا االتـــصـــال الحديثة. كــتــب أحــــد مـعـلـقـي «وول سـتـريـت جورنال» أن ترمب يخسر في التجمعات الكبيرة، ولكنه أكثر تميزًا من هاريس في التجمعات الصغيرة وجهًا لوجه. تـبـقـى سـيـاسـة (وجــهــ لــوجــه) أهـم بكثير من مقابلة ترمب مع إيلون ماسك، والتي استمع إليها املليي، ومع ذلك لم تضف نقطة واحدة لرصيد ترمب. منذ زمن، قال عضو مجلس النواب األمــــيــــركــــي عـــــن مـــاســـاشـــوســـتـــس تـيـب أونيل، والذي كان رئيس البرملان السابع واألربعي: «كل السياسة محلية». لــــذلــــك، ورغــــــم الـــطـــقـــوس الـــكــبـــيـــرة، ستحسم هـــذه االنـتـخـابـات فــي صــاالت صغيرة فـي الـقـرى والنجوع األميركية بفوارق بسيطة من األصوات. OPINION الرأي 12 Issue 16708 - العدد Monday - 2024/8/26 االثنني دولة في حفرة وحزب في نفق طقوس السياسة األميركية وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com مأمون فندي ترمب اليوم في كل أحاديثه عن ًهاريس ووالز يبدو متعاليا سام منسى الكليبتوقراطيون وبيت مال الليبيين الــصــراع على منصب حـاكـم أو محافظ البنك املـركـزي فـــي لـيـبـيـا هـــو بــمــثــابــة الــســيــطــرة عــلــى بــيــت مــــال الـلـيـبـيـن وتــجــويــعــهــم مـــن فــئــة الــكــلــيــبــتــوقــراطــيــن، واملـــقـــصـــود بهم الفاسدون الذي أفسدوا الحياة السياسية ونهبوا املال العام، وهم من املفترض حراس عليه. يـسـتـمـر صــــراع الــشــرعــيــات حــــول مـــن يـمـلـك حـــق إقــالــة مـحـافـظ املــصــرف املـــركـــزي بــن الــرئــاســات الـــثـــاث: الـبـرملـان ومـــجـــلـــس الـــــدولـــــة واملـــجـــلـــس الــــرئــــاســــي، رغــــــم أن اإلعــــــان الـدسـتـوري واضــح وضــوح الشمس فـي كبد السماء نـهـارًا، حـيـث نـــص اإلعــــان الــدســتــوري عـلـى أنـــه اخـتـصـاص أصيل ملجلس النواب بعد التشاور مع مجلس الدولة. املصرف املركزي الليبي كان قد تجاوز االنقسام الشديد في املاضي، حيث طبعت العملة شرقًا وغربًا، وأصبح دينار الشرق املعدني ال يشترى به في الغرب، وكذلك الدينار الورقي فــي الــغــرب ال يـشـتـري بــه فــي الـــشـــرق، وأصــبــح لـكـل مصرف إدارتــه، ولكن بفضل املخلصي، توحد املصرف املركزي في بضع سني، وأصـبـح بــرأس واحـــدة، ومحافظ واحــد، ولكن سرعان ما عاد التشظي والصراع مجددًا في تكليف املجلس الرئاسي، الذي ال يملك الصلحية، محافظًا جديدًا، فأشعل الصراع مجددًا باقتحام مبنى املصرف املركزي وكسر أبوابه من قبل ميليشيات مسلحة، توالي املجلس الرئاسي. الــصــراع للسيطرة على املـصـرف املــركــزي ليس جديدًا ، والصراع 2014 في ليبيا، فمنذ بداية األزمة السياسية عام قائم على من يتحكم في خزانة أموال الليبيي، حيث سيطر ،2011 اإلســـام السياسي مبكرًا على املـصـرف املـركـزي عــام وكـــلّـــف املــجــلــس االنــتــقــالــي «لـــثـــوار فـــبـــرايـــر» (الــســلــطــة غير املنتخبة) محافظًا جلبه قــادة اإلســـام السياسي، وشكلوا لجنة إلدارة املـصـرف املــركــزي، جــل أعضائها مـن «اإلخـــوان املسلمي»، وهـنـا بـــدأت السيطرة على املـــال الـعـام والتحكم فيه، بل إن املصرف املركزي الليبي دعم في وقت ما حكومة مــعــروفــة بـمـلـيـاري دوالر، ال يـعـلـم أحـــد مـصـيـرهـا، خـاصـة وهـم يتعاملون مـع املــال الليبي على أنـه بيت مـال «جماعة اإلخـــوان». وبــدا هـذا واضحًا عندما تهاوت الليرة التركية، مـلـيـارات دوالر 8 فــســارع املــصــرف املــركــزي الليبي بتقديم وديعة إلنقاذ الليرة التركية. الــصــراع على املــصــرف تبعته تــطــورات سريعة وقعت خـــال األشــهــر األخـــيـــرة، وبـلـغـت ذروتــهــا عـلـى مـــدى اليومي األخيرين، جعلته يأخذ منحنى خطرًا، يهدد بتفاقم االنقسام السياسي، وتجدد النزاع العسكري في قلب طرابلس، والتمدد داخل أنحاء البلد. الصراع على البنك املركزي الليبي بدأ منذ إقالة املحافظ الحالي من قبل البرملان بقرار صحيح يحمل الشرعية القانونية والـسـيـاديـة، ولكن املحافظ املـقـال امتنع عن االمتثال وتسليم البنك املركزي، واستمر في عمله ضاربًا بقرارات البرملان (السلطة التشريعية) عرض الحائط. فالفرقاء السياسيون الليبيون أعجبتهم فكرة تبادل أدوار الخلف للستمرار في السلطة كالخلف املصطنع بي مجلسي النواب والـدولـة، اللذين يمارسان الخلف وتبادل أدوارهـــمـــا للبقاء فــي الـسـلـطـة، فــي ظـل ســوء إدارة أزمـــة من جـانـب «األمـــم املـتـحـدة» ومبعوثيها الفاشلي، ضمن إدارة الفوضى واإلبقاء على حالة الل دولة في الحالة الليبية. في ليبيا سلطات متفرقة وأجسام أقـرب إلى منظمات املجتمع املدني منها إلى هياكل الدولة املعروفة، وفي الغالب تـمـثـل مـشـاريـع سـيـاسـيـة وأطـــرافـــ مـتـصـارعـة، وتـفـتـقـر إلـى الوزن السيادي الحقيقي، إنها كيانات تتداخل أدوارها، وفي الغالب ال تملك القدرة على تنفيذ قراراتها. األزمة في ليبيا جزء منها محلي، على خلفية سياسيي ليبيي يرفضون تسليم السلطة والبقاء في حالة خلف دائم حـتـى ال تـحـدث االنـتـخـابـات الـتـي مــن املــؤكــد أنـهـا فــي حالة انعقادها ســوف تزيح كـل هــؤالء «البائسي» الـذيـن تخمت جيوب بعضهم بنهب املال العام. كـل املـــبـــادرات األمـمـيـة فشلت، ألنـهـا ال تـــزال تـشـرك غير الفاعلي الحقيقيي في األزمة الليبية، سواء من الداخل املحلي أو الخارجي. وطاملا أن السياسيي الليبيي في حالة تبادل أدوار الخلف، الذي يؤججه التدخل الخارجي بمنأى عن حل حقيقي لألزمة في ليبيا، سيبقى الوضع على ما هو عليه. والـواقـع أن بيت القصيد فـي األزمـــة فـي ليبيا هـو عدم وجود جدية دولية لحل األزمة الستفادة كل األطراف من هذا. حتى األتــــراك رغــم تغير واضـــح فـي سياستهم، فإنهم ليسوا شـركـاء حقيقيي لـ سـف، وال يـــزال الـسـاسـة األتـــراك يلعبون دور املمثل البديل (الدوبلير) محل املمثل األميركي الـــاعـــب الـحـقـيـقـي فـــي لـيـبـيـا، واملــنــاكــف لــلــوجــود الـــروســـي، وبالتالي ال يمكن التعويل على تركيا كحليف أو شريك في ليبيا، ما دامــت مساندة بقوة لـــ«اإلخــوان» في غـرب البلد، فـهـي مــن يحميهم ويـمـكّــنـهـم مــن الـسـيـطـرة املـفـصـلـيـة على مؤسسات البلد في طرابلس وما جاورها. سيبقى الــصــراع قـائـمـ عـلـى املــصــرف املــركــزي الليبي مـا دام اإلســـام السياسي يـعـدّه بـيـت مــال التنظيم، ال بيت مال الليبيي. حتى لو تبدلت كراسي البنك املركزي بأخرى جديدة سيبقى الوضع الليبي منهكًا، واملواطنون الليبيون في املعاناة. جبريل العبيدي

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==