issue16707

Issue 16707 - العدد Sunday - 2024/8/25 األحد مذاقات «الطاهي الصغير» فكرة مستوحاة من الرغبة في دمج التكنولوجيا الحديثة مع الطعام لتشمل الترفيه البصري وسرد القصص الخيالية MAZAQAT 21 » يصل إلى لندن مع عدته السينمائية Le Petit Chef« عشاء من صنع يد أصغر شيف في العالم 6 الـــحـــكـــايـــة تـــقـــول إن طـــاهـــيـــا، بـــطـــول سنتيمترات فقط، ولد في مدينة مارسيليا ، ليلف بـعـدهـا الـعـالـم، 2015 الفرنسية عـــام ويقدم وجبات طعام ممزوجة بالفن السابع على طاوالت املطاعم في مدن عديدة، ليصل أخــيــرًا إلـــى لــنــدن ويــحــط رحــالــه فــي منطقة بـلـومـزبـيـري وســـط الــعــاصــمــة، حـــامـــا معه عدته السينمائية ووصفات طعامه وعارضه »)Projector( - الـــضـــوئـــي «الـــبـــروجـــيـــكـــتـــور لـيـبـهـر الـــذواقـــة ومـحـبـي الــتــجــارب الـفـريـدة بما يقدمه مـن أطـبـاق فـي أجـــواء مـن الغناء وقهقهات الكبار قبل الصغار. )» أو Le Petit Chef( - «لـو بوتي شيف الطاهي الصغير فكرة مستوحاة من الرغبة فـي دمـج التكنولوجيا الحديثة مـع الطعام لـتـشـمـل الـتـرفـيـه الــبــصــري وســــرد القصص الخيالية الجميلة، بدأت هذه الفكرة في بلجيكا وأسسها الـفـنـان واملـــخـــرج الـبـصـري فيليب سيركس ورجــــل األعـــمـــال ألـنـتـون فـيـربـيـك، وطـورتـهـا شــركــة «سـكـوملـابـيـنـغ» املـتـخـصـصـة بفنون «اإلسقاط الضوئي» ثلثية األبعاد املعروفة .»Projection Mapping« أيضا بـ الفكرة تـــدور حــول طـــاه صغير الحجم يـقـوم بتحضير الـطـعـام عـلـى الـطـاولـة أمــام الــضــيــوف بـطـريـقـة مـــرحـــة وتــفــاعــلــيــة، فمن خــــال الـــعـــارض الــضــوئــي (الــبــروجــيــكــتــور) املثبت فــوق كـل طـاولـة مـبـاشـرة، تشاهد ما يشبه الــصــور املـتـحـركـة عـلـى املـــائـــدة تــروي قـــصـــة الـــشـــيـــف الـــصـــغـــيـــر والــــحــــيــــوي الـــــذي يــقــوم بتحضير الــطــعــام، وتـتـنـاغـم حـركـات الطاهي مع ما تراه في طبقك، وعند انتهائه مــــن الـــطـــهـــي تــــــرى الـــــنـــــادل يـــأتـــيـــك بــالــطــبــق الـحـقـيـقـي ويــضــعــه أمـــامـــك، خـــدعـــة بـصـريـة جـمـيـلـة بــالــفــعــل، وال يـنـتـهـي الـــعـــرض هـنـا؛ ألنــــه خــــال تــنــاولــك طــعــامــك يـبـقـى الـطـاهـي الصغير موجودًا مع مساعديه على الطاولة، يتمشون ويتكلمون، وتسمع صوت الطاهي وهو يتكلم بلكنته الفرنسية ويبدو عصبيا في بعض األوقات فيرتفع صوته بني الفينة واألخرى. عـــنـــد الـــحـــجـــز ســـيـــكـــون أمــــامــــك الــخــيــار مـا بـ عـدة لـوائـح طـعـام، تختلف مـن حيث الــســعــر واألطـــــبـــــاق، فـيـمـكـنـك االخـــتـــيـــار بني جنيها إسترلينيا أو 129 «البريميوم» بسعر جنيهات إسترلينية أو 109 «كلسيك» بسعر جنيهات 109 «فيجيتيريان» (نباتي) بسعر إسترلينية، وأخيرًا الئحة الطعام املخصصة عاما بسعر 12 للصغار ممن هم دون سن الــ جنيها إسترلينيا. هذه األسعار ثابتة وال 49 تشمل املشروب والخدمة. اخترنا الئحة «البريميوم»، وهي عبارة عن طبق أولي من إسبانيا (طماطم مع جنب ريـكـوتـا وبـيـسـتـو)، وطـبـق ثـــان مــن إيطاليا (رافـيـولـي بالسلطعون)، وطـبـق مـن فرنسا (ستيك مـع جــزر وبـطـاطـس)، والـحـلـوى من الــيــابــان (تـيـرامـيـسـو بـاملـاتـشـا مــع سـوربـيـه الليمون). العشاء يبدأ في أوقات محددة، وتدوم مدته لساعتني، ويتخلله غناء أحد العاملني في املطعم وتعريف الحاضرين بالطبق الذي يحضره الطاهي. اللفت في «لو بوتي شيف» أن زبائنه من الكبار والصغار ومن جميع الجنسيات ومـــن املـقـيـمـ فـــي الـــبـــاد والــســيــاح أيـضـا، والغالبية تأتي للحتفال بمناسبة خاصة مــثــل أعـــيـــاد املــــيــــاد، فـــــإذا كــنــت تــبــحــث عن مـكـان تحتفل فيه بعيد مـيـاد أو مـا شابه فقد يكون هـذا املطعم خـيـارًا جيدًا وجديدًا من نوعه. الفكرة جميلة ولكن املطعم ليس مبتكرًا للذواقة؛ بمعنى أنه لن يكون مطعمك املـفـضـل الـــذي ستضمه إلـــى الئـحـة األمـاكـن الـتـي سـتـزورهـا أكـثـر مــن مـــرة لــتــذوق طبقا مـــحـــددًا تـعـشـقـه؛ ألن املـطـعـم - كـمـا ذكــــرت - أشهر، 6 أشبه بعرض واألطـبـاق تتبدل كل كما أن السعر ليس رخيصا بالنسبة إلى بـــاقـــي املــطــاعــم الـلـنـدنـيـة الــشــهــيــرة بــجــودة طعامها. وصـــل الـطـاهـي الـصـغـيـر إلـــى لـنـدن في أبــريــل (نـيـسـان) املــاضــي، ويـتـشـارك مــع «ذا لندن كاباريه»، الشهير في العاصمة، موقعه القريب من منطقة كوفنت غاردن السياحية. «لــو بـوتـي شـيـف» يفتح أبــوابــه يوميا لـلـغـداء والــعــشــاء. اإلقـــبـــال عـلـيـه كـبـيـر جــدًا، فــأنــصــحــكــم بـــالـــحـــجـــز املـــســـبـــق، خــصــوصــا 4 أن مــعــظــم الــــطــــاوالت ال تــتــســع ألكـــثـــر مـــن أشخاص؛ لذا أرى أن هذا املطعم يكون أفضل لـلـمـجـمـوعـات الـصـغـيـرة ألن الـفـكـرة تفرض ترتيب الطاوالت والكراسي؛ بحيث إن هناك «بروجيكتور» مثبتا فوق كل مقعد مباشرة، ومن الصعب إضافة مقاعد إضافية أو إعادة توزيع الطاوالت. الـــفـــكـــرة جـمـيـلـة ولـــكـــن قـــد تــشــعــر بـأنـه يـتـعـ عـلـيـك األكــــل بــســرعــة بــعــض الــشــيء؛ ألن توقيت تقديم كل طبق يجب أن يتناغم مع العرض الضوئي والغناء الحي والقصة التي تدور أمام عينيك على الطاولة. أجـــمـــل مــــا فــــي «لـــــو بـــوتـــي شـــيـــف» هـو ســـمـــاع قــهــقــهــات الـــصـــغـــار وهــــم يــشــاهــدون حـــــركـــــات الــــطــــاهــــي الـــصـــغـــيـــر وهــــــو يـعـجـن ويــشــوي ويـقـص الــخــضــراوات مــن مـزرعـتـه. شيف صغير ولكن حركته دائمة. مدخل مطعم «لو بوتي شيف» في لندن (الشرق األوسط) لندن: جوسلين إيليا عرض ضوئي حي على الطاولة (الشرق األوسط) ستيك مع الجزر والبطاطس (الشرق األوسط) تيراميسو بالماتشا (الشرق األوسط) مثلّجات تخطّى عمرها القرن تُحرّك ذاكرة متذوّقيها قبل عامني، تسلَّمت والدة كلود قريطم جائزة املائة عام على نشأة «بوظة قريطم» الشهيرة في زحلة. كانت أيام األجـداد، ولم تكن الثلجات مألوفة في املطابخ واملحال، وال الكهرباء وأصناف الراحة. تولَّت برودة الطقس في البقاع اللبناني حفظ ما يؤكل، لــتُــضــيــف ابــــتــــكــــارات اإلنـــــســـــان، وفـــــق مــبــدأ «الـحـاجـة أم االخـــتـــراع»، مــا يُــسـهِّــل العيش ويُدرِّب على التكيُّف. بدأت الحكاية من حُب الجد للحلويات واألطـــايـــب، فأكمل ابـنـه إيـلـي قريطم دربــه. تـــروي الـحـفـيـدة كـلـود لـــ«الــشــرق األوســــط»: «اعــــتــــاد جـــــدّي الـــصـــعـــود إلــــى جــبــل صنني القريب مـن زحـلـة لجَمْع الثلج وخَــلْــطـه مع الـدبـس. تــذوّق وأحــب الطعم. كــرّر الخلطة، ووجـــد أنـهـا ألـــذ مـن الـدبـس غير املُـــبـــرَّد. ثم جرَّب الحامض، وراحت تحلو له النكهات. حينها تساءل: مـاذا لو جرَّبت الحليب مع الثلج، وكـرَّت التساؤالت التي تولّى والدي أمــــرهــــا الحـــقـــا حــــ وضـــــع حـــجـــر األســـــاس لـبـدايـة فـعـلـيـة، بـعـدمـا ملـعـت فــي بـالـه فكرة أبعد من مجرّد دَمْج الثلج مع املكوِّن اآلخر بغرض االلتهام الشخصي». أحضر جـدّهـا وعــاء مـن خشب لوَضْع خليط الثلج واملـلـح مـع مـكـوّنـات املثّلجات (الـــــبـــــوظـــــة). فــــي املـــــاضـــــي، لــــم تـــتّـــخـــذ هـــذه التسمية. كانت لـذّة فقط وطعما شهيا. ثم خـطـر لــه دَق املــكــوّنــات مـعـا بـواسـطـة مـدّقـة خــشــبــيــة عُــــرِفــــت بـــهـــا تـــلـــك األيــــــــام. نـجـحـت الـخـطـوة األولــــى، فأكمل والـــدي الـخـطـوات. أسَّـــس وُجـهـة ملَــن راحـــوا يُــعـجَــبـون بالطَّعم ويترقّبون الخلطة. الـــــوعـــــاء الـــخـــشـــبـــي مــــع الــــجــــد أصــبــح نــحــاســيــا مــــع األب، لـــكـــن املــــدقّــــة ظـــلَّـــت مـن خشب. مـدّة الــدَّق امتدّت لساعة للتأكُّد من أن املكوِّن بدأ يقسو و«يمغط». تتابع كلود إيلي قريطم: «عُــرِف والـدي، فقصده الناس لتذوّق خلطاته الـبـاردة. وملّــا تأكّد من أنها تنال اإلعجاب، اجتهد ليُطوِّر. أدخل ملسته على مـكـوّنـات الحليب والـسـكّــر والسحلب واملستكة وماء الورد، وتميّز بخلطة بوظة القشطة. آنـذاك، كان نهر البردوني يقتصر عـــلـــى الـــضـــفـــاف واألشـــــجـــــار مــــن حــــولــــه. لـم تتعدَّد املحلت وال مطاعم كما اليوم. اتّخذ أبــــي زاويــــتــــه، وبـــــدأ يـبـيـع املــثــلّــجــات وســط صوت الخرير وحفيف األوراق املتمايلة مع النسائم املنعشة». تذكُر أنها كانت صغيرة حني أيقظها والــدهــا عـنـد الـثـالـثـة فـجـرًا لــــدَق «الـبـوظـة». ورث هــــذه الــــعــــادة مـــن والــــــده الـــــذي اعــتــاد االســـتـــيـــقـــاظ قــبــل الــفــجــر وارتــــيــــاد الــجــبــال القريبة واملغاور املنتشرة إلنجاز الخلطة. تــقــول: «كــنــت أســــأل أبــــي؛ (ولــكــن ألــيــس من املـبـكـر أن نـبـدأ الـعـمـل فــي هـــذه الـسـاعـة من الليل؟). رد بجواب حفظه عن أبيه: علينا االســتــعــجــال لـتـجـهـز الـنـكـهـات قـبـل شـــروق الـــشـــمـــس، تـــفـــاديـــا لــــلــــحــــرارة رغـــــم حـفـظـهـا بالثلج». ال تزال «بوظة قريطم» تستعمل املدقّة حتى اليوم لتحضير القشطة. «أما النكهات األخــرى، فتتو ّها اآلالت»، تقول االبنة من الــجــيــل الــثــالــث املُــحــافــظــة عــلــى اإلرث ألنــه بوصفها «غال جدًا، ولن نفرِّط به». سافرت إلــــــى إيـــطـــالـــيـــا وأتـــــــت بـــبـــعـــض الـــوصـــفـــات، «لــكــنــنــي طـــوّرتـــهـــا عــلــى طــريــقــتــي لتصبح خاصة بنا». وبني العربي واإليطالي، «ثمة عام 100 ملسة لم تتغيَّر، منذ ما يتخطّى الـــ إلى اليوم». لـــيـــس الـــطَّـــعـــم وحـــــــده مــــا تــــصــــر كــلــود قريطم على أال يفقد خصوصيته مـن جيل إلى جيل، بل أيضا العلقة باملكان. تتحدّث عن البردوني حيث ال تعبُره سيارة وال يزال مقصدًا ملحبّي الجلسة الحلوة والجو الفَرِح. لكن املؤثّر في الحكاية هو مرور الزمن على مَن كانوا أطفاال حني قصدوا النهر لتناوُل املــثــلّــجــات مـــع آبــائــهــم وأمــهــاتــهــم، وهــــا هم كبِروا وتزوّجوا وأنجبوا، ومنهم فَقَد السند والـــدفء بـــوداع األهـــل. تُكمل: «نوستالجيا املكان تُــراود اآلتـ إليه. كثر يتطلّعون إلى عاما. 20 املقاعد ويردّدون: هنا جلسنا قبل ... ومـنـهـم مَـــن تـغـرّبـوا في 50 . قـبـل 30 قـبـل األصـــقـــاع، وملّــــا عــــادوا فــي الـصـيـف قـصـدوا البردوني وقصدونا الستعادة الذكريات». عائلة قريطم من مدينة زحلة املُسمَّاة «عروس البقاع». وملّا شاء املؤسِّس اختيار املـــكـــان األفـــضـــل لـــيُـــشـــارك خـلـطـاتـه الـــبـــاردة مـع املــتــذوّقــ ، وجــد فـي ضـفـاف الـبـردونـي وُجهته: «حافظنا على الديكور القديم مع تــعــديــات طـفـيـفـة. فــالــحــجــارة أصــلــهــا من الجبال الصلبة»، تُنهي كلود قريطم التي تُكمل طريق جدّها ووالـدهـا مع شقيقتها، مُــــتــــجــــاوزة تـــحـــدّيـــات لـــبـــنـــان االقـــتـــصـــاديـــة واألمنية، باإلصرار على الصمود والجودة وأمانة حَمْل اإلرث. بيروت: فاطمة عبد هللا مثلّجات على ضفاف النهر في مدينةزحلة البقاعية (صور كلود قريطم) اإلرث من جيل إلى جيل (صور كلود قريطم)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==