issue16707

املشهد اليوم في املنطقة، ومنذ عملية السابع من أكتوبر (تشرين األول) والحرب على غزة، شديد التأزم، لكنه شديد الوضوح، فبعد نحو العشرة أشهر من عمر الـحـرب، واألحـــداث املـأسـاويـة التي شهدتها، وتسببت بها، بات الفرز واضحًا، وال مجال ملزيد من التضليل، أو األماني. الـيـوم ال تحتاج إلــى توضيح الــصــورة حــول قـرار «حـمـاس» فـي عملية السابع مـن أكـتـوبـر، وملـــاذا اتخذ، ومن كان يقف وراءه، وكيف أنه بال فوائد، ولو شكلية، وإنــــمــــا اســـتـــمـــرار ملــســلــســل مــــن األخــــطــــاء فــــي الـــصـــراع الفلسطيني - اإلسرائيلي. وال تـــحــتـــاج أن تـــشـــرح مـــوقـــف إيــــــــران، خـصـوصـ بــعــد اغــتــيــال إســمــاعــيــل هـنـيـة فـــي طـــهـــران. أو مــواقــف ميليشياتها الطائفية املسلحة في املنطقة، وما فعلته بأربع عواصم عربية. وال تحتاج أن تشرح موقف «حزب الله»؛ ما هو؟ وما أهدافه؟ وأنـــا أتــحــدث تـحـديـدًا عــن فـتـرة الــحــرب عـلـى غــزة، أمـــا مــواقــف إيــــران و«حــــزب الــلــه» فــواضــحــة جـلـيـة منذ عقود، ورغم كل محاوالت التشويش والتضليل من قبل بعض وسائل اإلعـ م العربية، واآلن وسائل التواصل االجتماعي. واألمـــــــر نــفــســه يــنــســحــب عـــلـــى جـــمـــاعـــة «اإلخـــــــوان املسلمني»، الـتـي حـاولـت أن تـوجـد لنفسها موقعًا من خالل املتاجرة في الحرب على غزة، لكنها تلقت ضربة مربكة بسبب اغتيال إسماعيل هنية في طهران. ورغم اتضاح الصورة، وبشكل جلي، فإن املالحظ اآلن هـــو الـتـصـعـيـد اإلعــــ مــــي، والــتــســريــبــات الــكــاذبــة واملــضــلــلــة تـــجـــاه دول االعــــتــــدال، وعـــلـــى رأســـهـــا قــائــدة اإلصـــــــ ح والـــتـــطـــويـــر الـــســـعـــوديـــة. وهــــنــــاك حــمــلــة مـن الشتائم والتخوين على منصات التواصل االجتماعي، فلماذا كل ذلك؟ قــنــاعــتــي أنـــنـــا اآلن، وبـــســـبـــب اتــــضــــاح الــــصــــورة، ووضـــــــوح املـــشـــهـــد، وصـــلـــنـــا إلـــــى مــــا أســـمـــيـــه «اهــــتــــزاز اآليديولوجيات» التي كانت تنوي االستفادة من حرب غـــزة مــن أجـــل تـعـزيـز مـواقـفـهـا، مـثـل إيــــران. أو مــن أجـل إعادة التموضع، مثل «اإلخوان املسلمني». اهــــتــــزاز اآليـــديـــولـــوجـــيـــات هـــــذا أدى إلـــــى ارتـــبـــاك سياسي لبعض الـدول، واهتزاز أعصاب للميليشيات، وكذلك الجماعات التي كانت تنوي االستفادة من حرب غزة التي كلما قاربت على النهاية، استوعب أصحاب اآليديولوجيات أن خسارتهم وشيكة، وفادحة. وأنا هنا ال أتحدث عن ربح وخسارة في غزة، وإنما مـن كـانـوا يخططون للمتاجرة بحرب غــزة لالستفادة مـنـهـا بـبـعـض الـــعـــواصـــم الــعــربــيــة، مـــن دمـــشـــق، مــــرورًا بـبـيـروت، وإلــى صنعاء، وحتى بـغـداد، وأضــف لها ما كانوا يخططونه للرياض أو القاهرة أو عمان. اهـــتـــزاز اآليــديــولــوجــيــات هـــذا هـــو خـشـيـة خـسـارة الرأي العام، األناس العاديني، وكذلك النخب، وخسارة التأثير عبر التأليب واألكـاذيـب في الـغـرب، من أوروبـا إلى الواليات املتحدة، حيث محاوالت التضليل العبثية املستمرة. اليوم الجميع يرى عواقب الحرب في غزة، وتخبط «حـــمـــاس» بــاخــتــيــار الـــســـنـــوار لــقــيــادة الـــحـــركـــة، وهـــول الصدمة من اغتيال إسماعيل هنية في إيـران، وارتباك طهران و«حزب الله» بالرد على إسرائيل، خصوصًا مع ما يفعله نتنياهو بقيادات «حزب الله»، وذلك خوفًا من العواقب. كل ذلك أدى إلى ما أسميه باهتزاز اآليديولوجيات، ألن حجم الضربة مربك، وعلى عـدة اتجاهات. هـذا هو الواقع، وهذا هو حالهم، وآخر همهم ضحايا غزة، حيث ال تسمع منهم صوت عقل، أو محاولة الستدراك ما يمكن استدراكه، وإنما تخوين وشتائم ولغة انفعالية. بينما يعيش الشرق األوسط دوامة الرد والرد املضاد بني إيـران وأذرعها والكيان الصهيوني، ينصرف االنتباه عـــن مــــســــارات الــتــفــكــك الــفــاعــلــة فـــي املــنــطــقــة، مـنـهـا املــســار اللبناني، وهـي مـسـارات مـنـذرة بالتفاقم أيـ كانت نتائج الحرب. املرة الوحيدة التي ورد فيها اسم لبنان بصيغة الجمع كانت حني هتف الشاعر الفرنسي الكبير أرتـور ريمبو في : «يا لبنانات الحلم»! 1886 كتابه «إشراقات»، الصادر عام ومـع أن اسـم لبنان انتقل للمرة األولــى من الجغرافيا إلى مــع ظـهـور «متصرفية جـبـل لـبـنـان»، 1861 الـسـيـاسـة عـــام فريمبو لم يكن يقصد لبنان السياسي بل لبنان الجغرافي، جبل لبنان، رمز الجمال األرضي في املخيلة البشرية طوال آالف السنني، من ملحمة غلغامش السومرية - البابلية، إلى النصوص التوراتية، إلى النصوص اإلسالمية، إلى املئات من كتب الرحّالة األوروبيني إلى الشرق من القرن الخامس عـشـر إلـــى الــقــرن الـعـشـريـن، مــن بينهم المـــارتـــ وفلوبير ونــيــرفــال والـكـثـيـر ســـواهـــم. ويــذكــر ريـمـبـو لـبـنـان بصيغة الجمع ألن صيغة املفرد ال تفي بالتعبير عن إيحاءات هذا الجبل امللهم. تُرى ماذا كسب لبنان، وماذا خسر من انتقاله، أواســط القرن التاسع عشر، من الجغرافي إلـى السياسي؟ سؤال كبير لسنا في صدد اإلجابة اآلن عنه. مــــن املــــؤثــــر حـــقـــ أن الــكــثــيــر مــــن الــلــبــنــانــيــ الـــيـــوم، وســـط الـضـيـاع الـفـكـري والــشــعــوري الكبير الـــذي هــم فيه، يتصوّرون بالدهم موحّدة، ويتحدّثون عنها كذلك، بينما هــي مـقـسّــمـة. فـحـركـة التفكك الـفـاعـلـة فــي ســوريــا والــعــراق واليمن ولبنان وأنحاء أخرى، تبدو جلية املعالم في «بالد األرز». ثمة انفصال كبير في أشكال الحياة والتفكير بني «الــعــاصــمــتــ »، الــضــاحــيــة الـجـنـوبـيـة واألشـــرفـــيـــة، عــــزّزه ،2020 ) أغـسـطـس (آب 4 وكــرّســه انـفـجـار مـرفـأ بــيــروت فــي الذي أرسى خطًا وجدانيًا فاصال بينهما يصعب تخطيه. فـاالنـفـجـار الـرهـيـب يــبــدو مــن جـهـة حــدثــ تــم تـــجـــاوزه في تــوالــي األحـــــداث، ومـــن الـجـهـة األخــــرى هــو أهـــم فـاجـعـة في تاريخ «لبنان الكبير» كجرح جماعي بال عدالة وال عالج. فكيف توحيد الوجدانني والذاكرتني؟ ووراء األشرفية والضاحية، ثمة لبنانان مختلفان، ظـهّــرتـهـمـا الــحــرب والــصــيــف. لـبـنـان حـــرب «اإلســـنـــاد على طريق القدس» جنوبًا وشرقًا، ولبنان املهرجانات الصيفية الــعــامــرة وســطــ وشـــمـــاال وغـــربـــ . نـحـو خـمـسـ مهرجانًا واحـــتـــفـــاال فــنــيــ ، مـــن شــاطــئ بـــيـــروت إلــــى جــونــيــة وجـبـيـل والبترون وزحلة وأهمج وأهدن والقبيات وسواها. وفـــي مــــــوازاة املـنـطـق الــســائــد فـــي دولــــة «حــــزب الـلـه» وطـــروحـــاتـــه اآليـــديـــولـــوجـــيـــة والــديــنــيــة فـــي خــــوض حــرب «اإلسناد على طريق القدس»، يقوم في الضفة األخرى من «لبنان الكبير» منطق آخر مضاد، ال ينفي كون إسرائيل هي املشكلة الكبرى في املنطقة. لكن مهمة تحرير القدس وفلسطني، فـي نـظـره، ليست مـن مسؤولية لبنان وحــده، ماليني 5 الصغير املـسـاحـة الـــذي ال يـتـجـاوز عــدد سكانه نسمة، بينما دول الــطــوق، مصر وســوريــا واألردن، غير املندرجة في القتال، تملك مساحات شاسعة وقوة بشرية مليون نسمة. ووراءهـــا عشرات الــدول والشعوب 150 من واألمـــم املتبنية قضية فلسطني. ومثلما هـنـاك «القضية الـفـلـسـطـيـنـيـة»، هــنــاك «الــقــضــيــة الــلــبــنــانــيــة». وأن لـبـنـان على مــر الـزمـن دفــع أثمانًا باهظة فـي مـوضـوع فلسطني، بـ لبنان 1949 لـم تدفعها بــ د أخـــرى. وأن اتـفـاق هدنة وإســــرائــــيــــل، كـــــان مــطــبّــقــ مــــن الـــجـــانـــبـــ حـــتـــى مـنـتـصـف الستينات، حني دخلت املقاومة الفلسطينية املسلّحة لبنان من نافذة الحريات املتوافرة فيه، بينما منعتها األنظمة األمـنـيـة الـعـربـيـة بـقـسـوة مــن االقـــتـــراب مـنـهـا. ومـــا لـبـث أن تطوّر األمر وفرض عبد الناصر وعرفات على لبنان «اتفاق القاهرة»، فبات لحركة فتح «أرضها» في الجنوب اللبناني ملـواجـهـة إسـرائـيـل. ثـم بــرز شـعـار «طـريـق الـقـدس تـمـر في ومـا جرّته من ويالت 1975 جونية» الــذي قـاد إلـى حــروب لم تنته بعد. ومع الثورة الخمينية، أضحى لبنان محورًا أسـاسـيـ فـي مخطط الـتـوسـع االسـتـراتـيـجـي اإليــرانــي في عامًا جهودًا ضخمة، 46 املنطقة، إذ بذلت طهران على مدى مالية وتنظيمية وعسكرية وآيديولوجية، كـي تقوم في لبنان دولة «حزب الله»، التي أوصلت املحور اإليراني إلى حدود فلسطني وإلى البحر املتوسط. ومثلما كانت «طريق القدس تمر في جونية»، باتت تمر في بيروت والجنوب. ويـــرى أهــل املنطق اآلخـــر أن املـواجـهـة املنطلقة مـن لبنان ال تهدف فـي عمقها ملـــؤازرة قضية فلسطني، وال القضية اللبنانية، بل لنصرة االستراتيجية اإليرانية في الشرق األوســــط. ولـبـنـان املـنـهـار، بفعل تقسيمه الفعلي وفـسـاد حاكميه وحشود الالجئني إليه، لن يجني منها إال املزيد مــن الـــخـــراب... لـبـنـانـان ومـنـطـقـان مـتـبـاعـدان، يصعب أن تصلح بينهما مسارات املنطقة. مـــل الـلـبـنـانـيّــون انــتــظــار «الـــــرد الـكـبـيـر» الـــذي هــــدّدت بــه إيــــران و»حــــزب الــلــه». بـيـد أن مَللهم لم يَطلْ، إذ سرعان ما بـدأوا ينتظرون ضربة يقول اإلسرائيليّون إنّهم سيوجهّونها. وهذا، على األقلّ، ما حملته أقوال مسؤوليهم املسعورين، ال سيّما العسكريّني منهم. ففضال عـــن دعـــواتـــهـــم إلــــى «الـــتـــركـــيـــز عــلــى الــشــمــال» والكالم عن «نقل قوّات عسكريّة إليه»، يتزايد املقتنعون بأن محاوالت آموس هوكشتاين لن تذلّل التوتّر على الحدود الجنوبيّة، ولن تعيد املُهجّرين إلى بيوتهم أو تثبّت العمل بالقرار . واالنـــتـــظـــار ألي مـــن الــضــربــتــ مـؤلـم 1701 ومخيف، وهذا ما يفعله دائمًا توقّع الحروب، ال سيّما وأن التلفزيونات ووسائل التواصل ال تـــتـــوقّـــف عـــن تــــــداول صُــــــوَر الــفــظــائــع الـتـي ارتكبها اإلسرائيليّون في غزّة ويرتكبونها. بـــيـــد أن لـــبـــنـــان لـــيـــس مــــســــرح الــخــيــبــة األوحــد. فاألسباب وراء الخوف واأللـم كثيرة وعــــابــــرة لـــلـــحـــدود. وهـــــذا ال يــعــنــي حــتــمــ أن الحرب ستقع، لكنّه يعني أن وقوعها مرجّح، ونـسـبـتـه مــرتــفــعــة. ذاك أن «الــصــفــقــة»، الـتـي تـنـقّــلـت االجــتــمــاعــات بـشـأنـهـا بـــ الـعـواصـم االقـلـيـمـيّــة والـــدولـــيّـــة، قــد ال تُــقـلـع. ولــئــن كـان الـدور األميركي في ذلك موضع نقاش، يبقى أن التفاؤل األميركي املعلن، وألسباب أميركيّة بحتة، هو وحده ما يتحايل على إعالن حقيقة وضع «الصفقة». فــــــي هــــــــذه الـــــغـــــضـــــون، تـــــوشـــــك مــــعــــارك غـــــزّة عــلــى االنـــتـــهـــاء، ومــــع انــتــهــائــهــا تنتهي غــــزّة نـفـسـهـا الــتــي لـــم تـنـفـعـهـا بـــشـــيء أعــمــال «اإلسناد» التي قدّمها «محور املقاومة». ومع املَشاهد التي تكسر القلب، الوافدة من القطاع، يــتــعــاظــم الــقــلــق عــلــى الـــضـــفّـــة الـــغـــربـــيّـــة الـتـي يستبيحها االسـتـيـطـان والـفـوضـى املنظّمة. شهرًا من 11 وهــذا فيما بــات واضـحـ، وبعد القتال، أن الكم الهائل من الضغوط واإلدانات لـــم يـنـجـح فـــي فـــرض وقـــف إطــــ ق الـــنـــار على بـنـيـامـ نـتـنـيـاهـو. فـــاألخـــيـــر، املـسـتـفـيـد من املـــرحـــلـــة االنـــتـــقـــالـــيّـــة فـــي الــــواليــــات املـــتّـــحـــدة، يـتـصـرّف، بعجرفته الكريهة املـعـهـودة، كأنّه يستدرج اآلخــريــن، واحـــدًا احـــدًا، إلــى الـحـرب. فـــهـــو يـــتـــســـلّـــح، فـــضـــ عــــن آلـــتـــه الـــعـــســـكـــريّـــة، بأرمادا أميركيّة لم تشهد املنطقة مثيال لها، قـــواعـــد بـــريّـــة وحـــامـــ ت طـــائـــرات فـــي الـبـحـر، وبــمــوقــع داخـــلـــي تــمــكّــن مـــن اســتــعــادتــه بعد ضرباته األمنيّة األخيرة في بيروت وطهران، وبتخفّفه من الضغط الذي كان يمثّله رهائن أكتوبر، أو من تبقّى منهم. ولئن كان رئيس 7 حكومة إسرائيل صريحًا في تغليبه موضوع املعابر على سالمة املخطوفني، فـإنّــه، بفعله هــــذا، يـنـتـزع أهــــم األوراق املـتـبـقّــيـة فــي عهدة «حماس»، إن لم يكن آخر تلك األوراق. فـــي املــقــابــل، تـطـغـى الـــتـــأتـــأة، فــضــ عن الـتـضـارب والـتـسـويـف، عـلـى الــكــ م اإليــرانــي فــي صـــدد «الــــــردّ»، ويُـــنـــاط بـالـرئـيـس الجديد مــســعــود بـــازشـــكـــيـــان تــلــيــ الـــســـلـــوك بحيث يـــــنـــــدرج فـــــي الـــصـــبـــر والـــحـــكـــمـــة واالنــــفــــتــــاح عـلـى الــعــالــم، مـمّــا لــم تُــعــرف بــه طــهــران قـبـ ً. ويـتّــضـح، فـي الـوقـت نفسه، أن تأثير املوقف الــعــربــيّ، بالشعبي مـنـه قـبـل الــرســمــيّ، ليس أكــبــر مـــن تـأثـيـر املـــوقـــف الـفـلـسـطـيـنـي نفسه، بــالــشــعــبــي مـــنـــه قـــبـــل الــــرســــمــــيّ. وهــــــذا مــــا ال يُفسَّر بـ «العجز» و»القمع» و»التواطؤ» دون االلتفات إلـى بعض تـحـوّالت العالم، بما فيه الشرق األوسط، ونشوء أجيال ومصالح وقيم جـديـدة يجوز التحفّظ على الكثير منها من غير أن يجوز تجاهلها والتغافل عنها. أمّــا مجتمعات املشرق التي يُفترض بها أن تشكّل ظـهـر املـقـاتـلـ وســنــدهــم، فـيـسـودهـا الـتـمـزّق واالحـــــتـــــراب األهــــلــــيّ، بــاملــعــلــن مـــنـــه، كــمــا في سوريّا، أو باملضمر، كما في لبنان والعراق. ويبقى أحـد العناصر األشـــد بشاعة في هـذه اللوحة الداكنة ما كشفه مؤتمر الحزب الـديـمـقـراطـي األمـيـركـي األخـيـر فـي شيكاغو، مُــــظــــهــــرًا لــــأســــف مــــحــــدوديّــــة الـــتـــأثـــيـــر الــــذي تمارسه حرب غزّة على الرأي العام األميركيّ. فعلى رغم صورة إسرائيل امللطّخة، والحاجة االنــتــخــابــيّــة املـــاسّـــة إلــــى الـــصـــوت املــســلــم في الواليات املتأرجحة، وتعبير قطب ديمقراطي كـــإلـــيـــزابـــيـــت وارِن عــــن رأي مـــعـــاكـــس، رفـــض املؤتمر املذكور أن يعطي الصوت الفلسطيني حــق الـكـ م. وبـهـذا كــان الـحـزب الديمقراطيّ، وهـــو الـبـيـئـة الـعـريـضـة لـــلـــرأي الـــعـــام املــرشّــح لـــدعـــم الــــحــــق الــفــلــســطــيــنــيّ، يــمــنــح أولـــويّـــتـــه القاطعة للدولة العبريّة و»حقّها فـي الدفاع عن نفسها». نــعــم، لـيـس الــعــالــم عـــــادالً، لــكــن مــا دمنا نعيش فـيـه، ونخضع لـتـأثـيـراتـه، كــان علينا أن نـتـعـامـل مـعـه بــالــعــادل فـيـه وغـيـر الــعــادل، مـــن دون أن تمنعنا عـــن ذلـــك نـــظـــرة رغـبـويّــة إلـــى الــــذات وتـقـديـر ضعيف الــدقّــة لفعّاليّتنا فـي الـعـالـم. وال يـقـال ذلــك للتيئيس أو لنشر «ثقافة الهزيمة واالستسالم»، لكنّه يقال خوفًا على حياة البشر الذين استُرخص الكثيرون منهم. وهذا علمًا بأن املطالبة بوقف العمليّة أكتوبر عند 7 االنـتـحـاريّــة التي انطلقت يــوم حــــد ربّـــمـــا بـــاتـــت مـــتـــأخّـــرة جــــــدًّا، إذ حـــتّـــى لو أوقفها اإليـرانـيّــون وأدواتــهــم فــإن نتانياهو، الباحث عـن إدامـــة الـحـرب، قـد ال يوقفها. مع هــذا يبقى مُلحًّا تعبير املعبّرين عـن الخوف على حـيـاة البشر مـمّــن يُقتلون غصبًا عنهم فـي مـعـارك غـيـرهـم. أمّـــا عـشّــاق املـــوت فلديهم بـالـطـبـع كــــل الـــحـــق فـــي الـــتـــصـــرّف بـحـيـاتـهـم، وبــالــطــريــقــة الـــتـــي يـــخـــتـــارونـــهـــا، شــــرط أن ال يأخذوا أحدًا في طريقهم ولو أعلنوه شهيدًا. OPINION الرأي 12 Issue 16707 - العدد Sunday - 2024/8/25 األحد وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة الكم الهائل من الضغوط واإلدانات لم ينجح في فرض وقف إطالق النار على نتنياهو اهتزاز اآليديولوجيات أدَّى إلى ارتباك سياسي لبعض الدول واهتزاز أعصاب للميليشيات طارق الحميّد ثمة لبنانان مختلفان ظهّرتهما الحرب والصيف أنطوان الدويهي ... عن لحظة االنتظار الصعب الراهنة اهتزاز اآليديولوجيات عن مسارات التفكك: الحالة اللبنانية

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==