issue16706

7 حوار INTERVIEW Issue 16706 - العدد Saturday - 2024/8/24 السبت أطلعنا السادات على قرار الحرب «المحدودة» ... وطلب كتمان السر ASHARQ AL-AWSAT إلــيــه فـــي بــــرج الـــعـــرب. رحــب بـنـا وقــــال: «ال بــد أن أبلغكم بــخــبــر مـــهـــم. بـــعـــد فـــتـــرة مـن الـــــزمـــــن ســتــنــطــلــق الـــــشـــــرارة وســيــعــبــر الـــجـــيـــش املـــصـــري قناة السويس ويدمر خط بارليف وبعد وصــــولــــه إلـــــى عـــشـــرة كـــيـــلـــومـــتـــرات وراء القناة ستتدخل الـدول الكبرى وتحوش (تـتـدخـل) بيننا وسـيُــدعـى (إلـــى) مؤتمر جـنـيـف مـــن أجــــل عــقــد مـــحـــادثـــات ســـام. وأنـــا عــاوزكــم أن تـسـتـمـروا بـعـد ذلـــك في الـعـمـل الــفــدائــي. املـطـلـوب تحضير عـدد من املشاركني في العمل الفدائي. املطلوب فدائي) 400( تحضير عدد من املجاهدين لـيـمـارسـوا الـعـمـل الـفـدائـي وراء خطوط الـــــعـــــدو». وطـــلـــب مـــنـــا إبــــقــــاء األمــــــر ســـرًا (كـان املقصود عدم إبـاغ الرئيس حافظ األسـد)، وأن ننسق وصول الفدائيني مع محمد عبد السلم مدير املخابرات العامة آنـــذاك. حصل نقاش خـال الجلسة. كان الـــخـــبـــر مـــفـــاجـــأة لـــنـــا، وطــــــرح األخ «أبــــو إيـاد» أسئلة كثيرة عن درجـة االستعداد الـعـسـكـري وآفــــاق املـعـركـة ومـــا إذا كانت للتحرير أم لتحريك الـوضـع السياسي. واهتم «أبو إياد» بإبلغ األخ «أبو عمار» وأعضاء القيادة باألمر. عندما اندلعت الـحـرب ذهبنا، األخ «أبو إياد» وأنا، إلى قصر الطاهرة حيث كان الرئيس السادات، لنستطلع األنباء. وحـــــ رآنـــــــا، قـــــال إن كــــل شـــــيء عـــلـــى مـا يــرام. وكـان تلقّى قبل وقت قصير برقية تــفــيــد بـــــأن الـــجـــيـــش املــــصــــري دمّــــــر خـط بارليف ويستكمل تدمير املواقع هناك أو محاصرتها. كان الرئيس السادات فرحًا بــاإلنــجــاز الـكـبـيـر الــــذي تـحـقـق بخسائر قليلة وكـــان يــقــول: «خـلـصـنـا مــن ضغط العرب». كان يومًا رائعًا بالفعل. بـــــــعـــــــد أيــــــــــــــــام حـــــــصـــــــل االخــــــــــتــــــــــراق (الـــدفـــرســـوار) وانـقـلـبـت الـــصـــورة وأُعــلــن وقف إطلق النار. الحقيقة أنه كان هناك رأي يقول إن الجيش املصري كـان قـادرًا عـلـى تصفية شــــارون وقـــواتـــه، لـكـن ذلـك لـم يحصل، وحُــكـي عـن الـتـدخـل الكثيف للواليات املتحدة لدعم إسرائيل. * كـيـف كــانــت عــاقــة الــرئــيــس الـــســـادات بالقيادة الفلسطينية؟ - الحقيقة أنـهـا كـانـت عـاقـة جيدة. ذات يـــــوم ذهـــبـــنـــا إلـــيـــه وكــــانــــت الــســاعــة الـــثـــانـــيـــة عــــشــــرة ظــــهــــرًا وكــــنــــا قـــبـــل ذلـــك مـررنـا على أمــ هـويـدي (كـــان قـد تولى رئاسة املخابرات العامة املصرية ووزارة الـحـربـيـة فــي عـهـد جـمـال عـبـد الـنـاصـر). ســــأل األخ أبــــو عـــمـــار الــرئــيــس الـــســـادات عن األحوال فأجابه: «دول كلهم حشتهم حـــــش، مــــا فـــيـــش مــــراكــــز قــــــوى، خــــاص، خــلــصــنــا مـــنـــهـــا». فــوجــئــنــا وابــتــســمــنــا. وقال له أبو عمار: «كنا قبل ساعتني في مصر الجديدة وزرنا األخ أمني هويدي»، فابتسم السادات وقال: «أنت خرجت من هنا وأنا حشتو (اعتقلته) من هنا». كان صارمًا حاسمًا في هذه املسألة. * وقرار طرد الخبراء السوفيات؟ - كـان قـــرارًا مفاجئًا. كانت السفارة الــــســــوفــــيــــاتــــيــــة قــــريــــبــــة مــــــن مــــقــــر إقــــامــــة السادات. ذهبت للقاء السفير بولياكوف في السفارة ولعلني كنت العربي الوحيد الذي فعل ذلك، فقد كان معزوال وأخبرني أنـــــه فـــوجـــئ تـــمـــامـــ بــــالــــقــــرار. حـــصـــل مـا حــصــل، وتــــردد أن الـــســـادات قـــال لهنري كيسنجر بعد ذلك إنه يجب إعطاء مصر مكافأة على طرد الخبراء السوفيات، فرد كيسنجر: «يا سيادة الرئيس كان عليك أن تطلب ذلك قبل طردهم». عرفات سجينا في سوريا ثم لبنان * منذ متى تعرف الرئيس حافظ األسد؟ - منذ الستينات وكان وزيـرًا للدفاع. حـــصـــلـــت أحـــــــــداث واســـتـــشـــهـــد 1966 فـــــي ضـــابـــطـــان مــــن شــبــابــنــا فــــي «فــــتــــح» هـمـا يـــوســـف عــــرابــــي ومـــحـــمـــد حــشــمــة نـتـيـجـة ملسنة. بعد الحادث أُدخلت قيادة «فتح» السجن: «أبـو عمار» و«أبــو جهاد» و«أبـو صبري» و«أبو علي إياد» وآخرون. شملت قـــيـــاديـــ . جـــئـــت مـع 11 االعــــتــــقــــاالت نـــحـــو زميل لنا ملعالجة هذا املوضوع واتصلنا بــــصــــاح جــــديــــد وحــــافــــظ األســـــــد وأحـــمـــد سويدان (رئيس األركان السوري). كـــــان الـــلـــقـــاء مــــع األســــــد جــــيــــدًا. وفـــي الــواقــع كـانـت هـنـاك اتـهـامـات موجهة إلى شعبة فلسطني فــي حــزب «الـبـعـث» وكــان يتردد أن «أبو عمار» ورفاقه من «اإلخوان املـسـلـمـ » لكنهم فـوجـئـوا بـــوجـــودي في هـذه الثورة وأنـا ال علقة لي بــ«اإلخـوان» وانتمائي إلى حزب البعث معروف. 51 أمضى عـرفـات فـي االعتقال نحو يومًا، وكـان في سجن املـزة بعد إخضاعه لـتـحـقـيـق كـــامـــل. ذهـبـنـا إلـــى األســــد وكـــان وزيرًا للدفاع، وتحدثنا معه وقلنا له: ثمة إشاعات بأن القيادة السورية تريد إعدام املعتقلني، فأجاب: من قال لكم ذلـك؟ قلنا: إنـهـا إشــاعــات فـي دمـشـق. فـقـال: تفضّلوا واذهبوا وتسلّموهم. ذهـــــبـــــنـــــا وأخــــــرجــــــنــــــا «أبـــــــــــو عـــــمـــــار» واألخوة، وبقي اثنان منهم هما أبو يحيى وأبـــــو الــعــبــد الــعــقــلــوق أعـــضـــاء «املــجــلـس الثوري»، وقد حُوكما الحقًا. وكان رئيس املـــحـــكـــمـــة الـــعـــمـــاد أول مــصــطــفــى طـــاس وحـــكـــم بــــالــــبــــراءة، لــكــن بــقــي عــبــد املـجـيـد زغموم معتقل في ذلك الوقت. وبعد فترة قصيرة شارك «أبو عمار» فـــي عـمـلـيـة فــدائــيــة انــطــاقــ مـــن األراضــــي الـــلـــبـــنـــانـــيـــة واعــــتــــقــــل فـــــي لــــبــــنــــان. اعــتــقــل الجيش اللبناني املجموعة الفلسطينية وفــي النهاية تمكنا مـن اإلفــــراج عـن «أبـو عـــمـــار» ورفـــاقـــه بــعــد وســـاطـــة ســـوريـــة مع الـلـواء سامي الخطيب الــذي كــان ضابطًا فـي «املكتب الـثـانـي» وكــان على رأس هذا الجهاز املقدم غابي لحود. الحــقــ تـفـرغـنـا أنـــا واألخ «أبــــو أيـــاد» وبقينا فــي ســوريــا ثــم ذهـبـنـا إلـــى األردن فــخــرجــت أنــــا إلــى 1970 ووقـــعـــت أحــــــداث مصر. * مــــرت الــعــاقــة بـــن الــقــيــادتــن الــســوريــة والفلسطينية بمراحل صعبة، أي املراحل كانت األصعب؟ عندما دخــل الجيش 1976 - مرحلة السوري لبنان، وكانت «الحركة الوطنية» في لبنان تعارض هذا الدخول، ونحن كنا نـعـتـقـد بــــأن وجــــود الـجـيــش الـــســـوري في لـبـنـان ربـمـا يـــؤدي إلـــى صـــدام مــع الـثـورة الفلسطينية، وكانت هناك «جبهة الرفض الفلسطينية» التي كنا على خلف معها. * هناك جهات فلسطينية اتهمت سوريا بمحاولة وضع اليد على القرار الفلسطيني؟ - لـــيـــســـت قـــضـــيـــة وضـــــــع يـــــد عــلــى الـــقـــرار الفلسطيني. مــعــروف أن القضية الفلسطينية هي القضية األولـى بالنسبة إلى سوريا وموضع اهتمامها األول وإال ملـــاذا قـدمـت مـا قـدمـت. يجب أن نـفـرّق بني هــــذا وذاك. الــرئــيــس األســـــد واألخــــــوة في الــقــيــادة الــســوريــة قــالــوا أكــثــر مــن مـــرة إن الفلسطينيني يحكمون القرار السوري وال نحكم نحن الـقـرار الفلسطيني. علقاتنا مـــــع الــــرئــــيــــس األســــــــد قــــويــــة ومـــســـتـــمـــرة، وبــــاســــتــــمــــرار كــــــان هــــنــــاك تـــنـــســـيـــق. وفـــي الــلــقـاءات كــان الـرئـيـس األســـد يـشـدد على الــــتــــحــــالــــف االســــتــــراتــــيــــجــــي بـــــ ســــوريــــا والــثــورة الفلسطينية. إنــه إنـسـان بعثي، وربــمــا لـهـذا الـسـبـب قــد أكـــون األقــــدر على فهمه بسبب خلفيتي الـحـزبـيـة. أكـثـر من فـــي املـــائـــة مـــن مــــوازنــــة ســـوريـــا كـانـت 60 موضوعة عمليًا في تصرف هذه القضية. * هل كان الرئيس األسد يسجل ملحظات على سلوك املقاومة الفلسطينية في لبنان؟ - ال، إلـــــى أن اصـــطـــدمـــنـــا بــالــجــيــش السوري. عندها كان السؤال: ملاذا تعترض املقاومة الفلسطينية على دخول الجيش السوري؟ الرئيس األسد شخصية هادئة يستمع بإصغاء للجميع. صبور ومثابر. يُــعـجـب بـــه مــحــدثــه، إذ لــديــه الـــقـــدرة على الـتـحـدث فــي مـواضـيـع مـتـعـددة لـسـاعـات طويلة. صاحب نفس طويل ال يتوافر لدى كثير من الزعماء أو رؤساء الدول. ال يـــبـــدأ حــديــثــه عـــــادة فـــي املـــوضـــوع الـــســـيـــاســـي. أحـــيـــانـــ يـــبـــدأ بــالــحــديــث عن الطقس ويترك لزائره فرصة طرح ما يريد ويناقشه فـي آرائــــه. لـديـه إملـــام بمواضيع متعددة. العالقة مع العراق * وعلقتك مع الرئيس صدام حسي؟ تعرّفنا على الرفيق «أبو 1968 - بعد عــــدي». بعضنا عـرفـه فــي الـقـاهـرة عندما جـــــاء فــــي أعــــقــــاب مـــشـــاركـــتـــه فــــي مــحــاولــة اغتيال عبد الكريم قـاسـم. كنا نذهب إلى بغداد التي فتحت أبوابها لنا بعد معركة الكرامة وكنا نلتقي الرئيس أحمد حسن البكر ونائبه السيد صـدام حسني. فتحنا مــكــاتــب فـــي الــــعــــراق وكـــنـــا نــجــمــع الــتــمــور واملساعدات. * انشقاق «أبــو نـضـال» أثــار مشكلة مع العراق؟ - نعم تــرك ظـــاال على الـعـاقـات بني العراق ومنظمة التحرير. * كان االعتقاد أن القيادة العراقية تحرّك «أبو نضال»؟ - نـعـم كـــان لـديـنـا مـثـل هـــذا االعـتـقـاد لكن التصرف العراقي كان ينطلق من فهم سياسي واضح. العراق ال يخفي مواقفه. * وأسلوب صدام حسي؟ - يحاول أن يفهم محدثه وأن يحاوره. هـــــــادئ ويـــــركـــــز اهـــتـــمـــامـــه عـــلـــى مــــحــــاوره ويحاول أن يفهم منطلقاته وأغراضه وهو ملّاح وعلى جانب من الذكاء. * والقسوة؟ - لـــم تـكـن هــنــاك قــســوة فـــي الـتـعـامـل معنا. كانت كل مطالبنا تستجاب وبسرعة وكان كريمًا معنا خصوصًا بعدما أصبح رئيسًا. قدّم العراق الكثير. * هل كان البكر متشددًا مع املقاومة؟ - كـــان صـــارمـــ ، يـشـدد عـلـى أن حـزب «الـــبـــعـــث» هـــو الـــطـــريـــق، وأن عــلــى الـــثـــورة الـفـلـسـطـيـنـيـة أن تـــكـــون جـــــزءًا مـــن الـكـيـان العربي الكبير. * أنــــشــــأ الــــــعــــــراق «جـــبـــهـــة الـــتـــحـــريـــر العربية» وأنشأت سوريا «الصاعقة»، هل أثار ذلك حساسيات؟ - الــــواقــــع أن ذلــــك كــــان يــعــكــس رغـبـة الفلسطينيني املقيمني في تلك الــدول وقد اعتُبروا جزءًا من منظمة التحرير. * عـشـيـة الـتـسـعـيـنـات بــــدت الـــعـــاقـــة بي منظمة التحرير والعراق قوية جدًا؟ - نعم، فقد قدّم العراق دعمًا متزايدًا لـلـمـنـظـمـة خـــصـــوصـــ بـــعـــد خـــروجـــهـــا مـن بــيــروت، ومـــرّت مرحلة جـفـاء بـ املنظمة وســـوريـــا ربــمــا تــكــون ســاهــمــت أيــضــ في تعزيز العلقة مع بغداد. * هل كان العراق املصدر األساسي لدعم املنظمة؟ - الـحـقـيـقـة أن الـسـعـوديـة تــأتــي في الـطـلـيـعـة وقـــد قــدمــت الـكـثـيـر، واإلنـــصـــاف يـقـتـضـي الـــقـــول إن دول الـخـلـيـج سـاعـدت الشعب الفلسطيني كثيرًا. * ذهبت إلى بغداد بعد غزو الكويت... من التقيت؟ - التقيت السيد طــارق عزيز وكانت بغداد بل ماء وال كهرباء. ذهبت ألطمئن. قــــــــال إن األوضـــــــــــــاع صــــعــــبــــة وإن بــعــض املتمردين يعيثون فـسـادًا فـي الجنوب ثم انتقلوا إلــى مدينة الــثــورة فـي بـغـداد لكن الجيش العراقي استطاع أن يضبط األمور. تحدث طارق عزيز عما أصاب العراق. * علقتك بـطـارق عزيز قديمة كيف ترى أسلوبه؟ - يدرس األمور بدقة وعناية وال يبلور موقفًا إال بعد التدقيق والتمحيص وهو هادئ الطبع ال ينفعل ويتحدث كأنه يقرأ مـــن كـــتـــاب. يـتـكـلـم بـشـكـل مـتـسـلـسـل. وهـو كان أساسيًا في املوضوع الفلسطيني مع العراق. صورة أرشيفية تجمع (من اليمين) أبو علي مصطفى، القدومي، عرفات، جورج حبش، أبو إياد، وأبو ماهر اليماني (غيتي) 2002 الرئيس العراقي صدام حسين مستقبال القدومي في بغداد عام حافظ األسد (غيتي) أنور السادات (أ.ف.ب)

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==