issue16706

يُـــعـــرِّف املــــؤرخ جــاديــس االسـتـراتـيـجـيـة الــكــبــرى لـلـدول «بـأنـهـا مــواءمــة بــن تطلعاتها غـيـر املـــحـــدودة، مــع قـدراتـهـا املــــحــــدودة بــــالــــضــــرورة». لــكــن مـصـيـبـة األمـــــم الـــتـــي تتنطح الستراتيجية تجاوزها التاريخ، تصير هزيمتها التاريخية حتمية. ذلــــك أن لـــلـــدول أطـــــــوارًا! صـــعـــودًا أو هــبــوطــا أو تـفـكـكـا، بــقــدر تــوافــقــهــا أو تــعــارضــهــا مـــع إيـــقـــاع عــصــرنــا الــعــاصــف. فإما أن تُحَدِّث األمة، أي أمة، روحها الحضارية في مواجهة التحديات الهائلة املاثلة، وإما أن تغرق في مسار درامي من الوهن والتداعي. مع نهاية الحرب العاملية األولــى قَبَر التاريخُ، من دون رجـــعـــة، آخــــر اإلمـــبـــراطـــوريـــات الــكــونــيــة، لـيـمـتـد الـــخـــراب من بريطانيا، وأملانيا، وروسـيـا، والنمسا، وتركيا. وفـي حينه تسببت فضالت األوهام اإلمبراطورية بكوارث كونية، إلى أن اندثرت تحت وطأة أحالمها الخائبة. منذ القرن املاضي، تغيَّر جذريا منطق القوة والهيمنة. وفيما يتركَّز الصراع الراهن على اإلبداع واإلنتاجية والرفاه، تتمكن جـغـرافـيـات صـغـيـرة مـثـل هـولـنـدا والــيــابــان وتــايــوان وســنــغــافــورة إلــــــخ... مـــن أن تـتـفـوق فـــي سـلـم الـتـحـضـر على الـعـديـد مــن بـقـايـا اإلمــبــراطــوريــات الـتـلـيـدة. لــم يـعـد الـصـراع منوطا باستعباد شعب، وتراجعت بشكل واسع أهمية املوارد الطبيعية، لتضمحل معها ذرائع الهويات والنفوذ العقائدي و«الثوري». لــكــن، هـــذا الـتـحـول ال يــــزال عــزيــزًا عـلـى كـثـيـر مــن األمـــم. ويُشكل املشروع اإلمبراطوري اإلقليمي إليـران نموذجا لهذا الفشل، وهذا العناد الباهظ ضد مسار التاريخ. فعلى الجسر الذي يفترض أن تعبر منه األمة اإليرانية نـحـو الـــحـــداثـــة، يـضـع «الـــحـــرس الـــثـــوري» ألــغــامــه الـنـاسـفـة، ليصبح خـلـيـط الـجـمـود الـعـقـائـدي و«مـــعـــاداة اإلمـبـريـالـيـة» و«الـــطـــائـــفـــيـــة الـــعـــقـــائـــديـــة» و«الـــقـــومـــيـــة اإليــــرانــــيــــة»، مــعــيــارًا لإلخالص والصمود. رغـم أن «الـحـرس الـثـوري» لم يحقق أيـا من طموحاتها «الــنــبــيــلــة»، فـلـقـد حــقــق كــثــيــرًا مـــن طــمــوحــاتــه «األقـــــل نــبــ ً». واستفاد من االنقسامات اآليديولوجية والطائفية والدينية، لينخر فـي جسد دول فـي مـحـور الـبـؤس، (مـحـور املـقـاومـة)، على حساب التضحيات الهائلة للشعب اإليراني، وحرمانه من الرفاه والتقدم. بـــل صــــار مـــن غــيــر املــمــكــن اتـــخـــاذ أي قـــــرار كـبـيـر لـأمـن الــقــومــي فـــي الـــعـــراق أو لـبـنـان مـــن دون مــبــاركــة امليليشيات اإليرانية، رغم أنها ال تتحمل أي مسؤولية ملعالجة البطالة أو الفساد، أو حتى جمع القمامة. امليليشيات اإليرانية تحتكر القوة، بينما تخضع الدولة والحكومات وحدها للمساءلة. وباعتبارها الثيوقراطية الوحيدة في الشرق األوسط، تتقن إيران إدارة التفرقة آيديولوجيا ضد الدولة الوطنية العربية. فاآليديولوجيا هي املعيار األعلى لتحالفاتها وليس الدين. وكـل هـذا بـدأ منذ سعيها لتعزيز قبضتها على الحكم عــبــر إطـــالـــة أمــــد الـــحـــرب املـــدمـــرة مـــع الــــعــــراق، ووصــــــوال إلــى » األمــيــركــيــة، فـيـمـا يـنـخـر الـعـنـاد 19- حـظـر لـقـاحـات «كـــوفـــيـــد اإلمبراطوري الباهظ لنخبها الحاكمة صُلب الدولة اإليرانية ذاتها. وإذ تــبــدع إيـــــران بعنجهيتها الـعـسـكـريـة فـــي تكريس قدراتها نحو تطوير برنامجها النووي، والحرب اإللكترونية، واإلرهاب، وزعزعة أمن الطاقة، وإذكاء الصراعات في اإلقليم، فـإنـهـا تــبــدو، مـثـل العـــب كـمـال األجــســام الـــهـــرِم، الـــذي يعاني فـشـ مـتـعـدد األعـــضـــاء، لكنه يستمر بـاسـتـعـراض عضالته أمام املرآة. فلطاملا أجادت إيران استعراض العضالت، ولطاملا تجنَّبت جوالت املصارعة. وهـــربـــا مـــن انــكــشــافــهــا، تـتـنـطـح إيــــــران اآلن، بـقـدراتـهـا امليكروسكوبية، لقلب النظام العاملي. بذلك تتمثل الفجوة الهائلة بـن تطلعات قـدراتـهـا، مـا يعني اسـتـمـرار استنزاف املوارد الوطنية. ليغرق الشعب اإليراني في حلقة مفرغة من اإلحباط االقتصادي والسياسي واملزيد، املزيد من القمع. ويـجـري كـل ذلــك فيما يرفل زعـمـاء النظام اإليــرانــي في الــنــعــم، لـيـتـحـول شـيـئـا فـشـيـئـا الـــــوالء الــعــقــائــدي فــيــه لـــوالء مافيوي محض. لكن كل هذه األوهــام تذهب. في حقيقة األمـر، ال تراجع لـلـوجـود األمـيـركـي فــي الـخـلـيـج. وتـثـبـت اسـتـطـ عـات الـــرأي الـعـربـيـة، أن الـقـلـوب والـعـقـول الـعـربـيـة ال تهفو نـحـو النهج اإليـرانـي، بل نحو االنفتاح االجتماعي، والتكامل عامليا مع قوى االزدهار والتقدم. وتحي لحظة الحقيقة! إذ وكما يقول دو توكفيل: «تحي الـلـحـظـة األكــثــر خــطــورة بـالـنـسـبـة لـنـظـام سـيـئ حــن يسعى إلصالح نفسه». ومهما كابرت، فليس ثمة أمثلة في التاريخ، عن منظومة مافيوية تتحول إلى منظومة منتجة للتحضر والتقدم. وإذ يترتب على النظام اإليراني التكيف من أجل البقاء، يـكـتـشـف أنــــه حــتــى الــتــظــاهــر بـــاالنـــفـــتـــاح، سـيـعـنـي إنــهــاض القوى السياسية الهائلة الكامنة للشعب، وإضعاف هيمنته الـــخـــارجـــيـــة. لـيـصـبـح اإلصــــــ ح كـــابـــوســـا يـــهـــدد بـنـيـة الــــوالء املافيوية، لصالح القوى الحقيقية في املجتمع اإليراني. املـــرة تـلـو األخـــــرى، تجهض الــقــيــادة اإليــرانــيــة مـوجـات اإلصالح العارمة. وبدءًا من رفسنجاني إلى روحاني، وصوال ملا يتم الترويج له من صعود رئيس إصالحي جديد، يكابر النظام اإليـرانـي، ويرفض إصالحيا من «أبنائه الشرعيي»، ويجبر جواد ظريف على االستقالة. خــ صــة األمــــر، لــن تــهــزم أمـريـكـا وال إســرائــيــل األوهــــام اإلمــبــراطــوريــة لـلـقـيـادة اإلســ مــيــة اإليـــرانـــيـــة، بــل سيهزمها الشعب اإليراني، الذي يدفع الثمن األكبر. هـل عـنـوان املـقـال محاولة إلثـــارة الذعر والهلع فـي الـنـفـوس، أو مـغـاالة تدخل تحت طـائـلـة فـكـر املــــؤامــــرة؟ مـــن املـــؤكـــد ال هـــذا وال ذاك، وإنما هو مشاغبة لواقع عاملي محمل باأللم ومشحون بالترقب، على أبــواب أكثر من قارعة. بـعـد أقـــل مــن خـمـس ســنــوات مــن تفشي »، ال يــزال العالم عُرضة 19- فـيـروس «كـوفـيـد لجائحة أخـرى. فعلى مدى األشهر الخمسة املاضية، شكلت ساللة متحولة من فيروس » تم اكتشافها في األبقار H5N1« اإلنفلونزا الـــحـــلـــوب خـــطـــرًا مــحــتــمــ لـــفـــيـــروس مسبب للجائحة. الحــــقــــا وفـــــــي األســـــبـــــوعـــــن املــــاضــــيــــن، انـتـشـرت أنــبــاء وبـــاء جــديــد؛ جـــدري الــقــرود، ومـــا بـــن الــفــيــروســن املـكـتـشـفـن حــديــثــا، لم تــفــعــل الـــحـــكـــومـــات واملـــنـــظـــمـــات الـــدولـــيـــة، ال سيما منظمة الصحة العاملية، والتي يشكك الكثيرون في مصداقيتها، سوى القليل جدًا لالستعداد ملثل هـذا السيناريو، على الرغم من الدروس التي كان ينبغي لها أن تتعلمها من املعركة العاملية ضد جائحة «كوفيد». تـــــبـــــدو مــــســــألــــة الـــــــوبـــــــاء الـــــــقـــــــادم أمــــــرًا محسوما، سواء كان بفعل الطبيعة، أو ضمن مـؤامـرات البشر، وجماعات اإلعتام السرية، وضمن ديالكتيك الصراعات الديموغرافية العاملية، ال سيما ما بات مستقرًا في وجدان املــ يــن حـــول الـعـالـم ويــعــرف بـاسـم «املـلـيـار الـــذهـــبـــي»؛ أي تـخـفـيـض عـــدد ســكــان الـعـالـم للحفاظ على أفضل مستوى من الحياة، ألقل عدد من البشر. هـل بشريتنا املـعـاصـرة على موعد مع فوضى كونية معاصرة، قد يطلق شرارتها وباء عاملي قـادم، كثيرًا ما حذر منه رجاالت علم وبحث كبار من أمثال بيل غيتس، حتى ولو كانت هناك صعوبة في التفريق بي ما إذا كانت أحاديثه قراءات علمية استشرافية، أم تـنـبـؤات ذاتــيــة؛ أي خططا يـجـري اإلعـــداد لها؟ تـــبـــدو الـــخـــيـــوط مـــتـــداخـــلـــة، والــخــطــوط متشابكة، بـن مـا هـو اقـتـصـادي بـاألسـاس، وعـــســـكـــري بـــالـــدرجـــة الـــثـــانـــيـــة، واجــتــمــاعــي ثقافي في كل األحوال. اعـتـقـد الــكــاتــب والـفـيـلـسـوف الـفـرنـسـي األشهر فرنسو مـاري آروييه املعروف باسم ) أن تــــاريــــخ الـجـنـس 1778-1694( فــولــتــيــر البشري ينتقل من الهمجية إلـى الحضارة، ثم يعود إلى الهمجية، وقد كان قريبا جدًا من إحياء النظرية اليونانية التقليدية للثقافات التي تعمل وفقا لـــدورات، بـدال من التقدم أو التراجع. تبدو أجيالنا املعاصرة وكأنها تطبيق حـــي لــفــكــرة تـــطـــور الـــحـــضـــارة، والـــتـــي تـبـدأ كتجمع رأسـمـالـي اقـتـصـادي، ال ينفك يأخذ طــريــقــه فـــي املـــركـــزيـــة والـــنـــمـــو، وفــــي مـرحـلـة الحـــقـــة يــتــمــدد إلـــــى الــــخــــارج مــــهــــدرًا الـكـثـيـر مــن طــاقـاتــه الــداخــلــيــة، حـيـث تــقــوده رغـبـات الـهـيـمـنـة، ولــهــذا يـفـسـح الــطــريــق للعسكرة، وهــــذه بـــدورهـــا تـعـمـل عــلــى تــأمــن الــســيــادة والريادة االقتصادية. هنا، وعندما تظهر املنافسة واملصلحة االقـتـصـاديـة، غالبا مـا تفسد أخـــ ق البشر، وتنحط األشكال الفنية والدينية والعسكرية، فتصعد االقــتــصــادات الـرأسـمـالـيـة الـربـويـة، لـــــتـــــزداد هــيــمــنــة رأس املـــــــال عـــلـــى الــعــنــصــر البشري، والــذي يتحول إلـى خـادم غـارق في فالحة األرض، وأعباء الديون. نـبـدو قـريـبـن جـــدًا مــن مـشـاهـد أحـــوال الـــفـــوضـــى الـــتـــي عـــمـــت الــــكــــون قـــبـــل الـــحـــرب العاملية الثانية، حيث أكبر قدر من الديون الـعـاملـيـة، وأســــرع مــعــدالت نـمـو لـهـا، وأكـثـر كــمــيــات طــبــاعــة لـلـنـقـود مـــن جــانــب الـبـنـوك املركزية، عطفا على أكبر فجوات بي الثروة والدخل والقيم، أما عن الشعبوية الناشئة فـــحـــدّث وال حـــــرج؛ إذ تـــكـــاد تـــقـــوم بعملية انــــزيــــاح لــأنــظــمــة الــســيــاســيــة الــتــقــلــيــديــة، وأخــــــيــــــرًا ولــــيــــس آخــــــــــرًا، أخــــطــــر صــــراعــــات مسلحة، يُحتمل أن تنطلق فيها األسلحة النووية هذه املرة. هل في األمر تهويل من جانبنا؟ قــطــعــا ال؛ إذ يــكــفــي إمــــعــــان الـــنـــظـــر فـي 35 أوضـــاع الـديـون األميركية والـتـي نـاهـزت تريليون دوالر، وهي جزء من عملية عاملية لخلق ديــون مفرطة، مـا يمكن أن يــؤدي إلى انفجار فقاعات الــديــون، ومــن ثـم االنكماش االقــــتــــصــــادي، وتـــالـــيـــا الـــــركـــــود والـــتـــضـــخـــم، وصـــــوال إلـــى أزمــــة عـاملـيـة يـمـكـن أن تـتـجـاوز الـــكـــســـاد الـــعـــظـــيـــم أواخــــــــر ثـــ ثـــيـــنـــات الـــقـــرن املاضي. ضـــمـــن مـــ مـــح الـــفـــوضـــى والـــصـــراعـــات الــداخــلــيــة فـــي مـخـتـلـف دول الـــعـــالـــم، وربــمــا أكـــثـــرهـــا خــــطــــورة، مــــا يـــجـــري فــــي الــــواليــــات املـتـحـدة على عتبات انـتـخـابـات رئـاسـيـة قد تـــكـــون كـــارثـــيـــة، حــيــث نـسـبـة الــســكــان الــذيــن بـاتـوا يميلون إلـى اليمي املتطرف تتجاوز في املائة. 25 مـا يـحـدث فـي الـغـرب يـكـاد يـكـون حربا بـــــن مـــعـــتـــدلـــن ومــــتــــطــــرفــــن آيـــديـــولـــوجـــيـــا وحزبيا، األمر الذي قد يفتح مسارات للعنف تهدد بزوال مشهد الحضارة الغربية. ال تـــــزال الـطـبـيـعـة تـــهـــدد الــبــشــريــة بما هـو أكثر خطرًا مـن ترسانة القيصر بوتي، التكتيكية أو االستراتيجية، والتي باتت قاب قـوسـن أو أدنـــى مـن االسـتـخـدام، وعـلـى غير املصدّق أن يراجع حالة الغليان والفيضانات والسيول، والبقية تأتي مع أسف شديد. أما ما ستفعله التكنولوجيا اإلبداعية املسماة الـذكـاء االصطناعي في هـذا اإلطــار، فهذا أمر سيحدد قريبا. ويـــبـــقـــى الـــــتـــــســـــاؤل: أهــــــو وقــــــت فــيــالــق العقالء لتجنيب العالم الفوضى، عوضا عن فيالق الحمقى ألمبرتو إيكو؟ OPINION الرأي 14 Issue 16706 - العدد Saturday - 2024/8/24 السبت مأزق إيران والثمن الباهظ الوباء القادم ومالمح الفوضى الكونية وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com إميل أمين هل بشريتنا المعاصرة على موعد مع فوضى كونية معاصرة؟ سمير التقي كانت أول مرشحة جدية للسباق باتجاه البيت األبيض هـــيـــ ري كــلــيــنــتــون، الـــتـــي خـــاضـــت االنـــتـــخـــابـــات عـــن الــحــزب ، وقتها، 2016 الديمقراطي ضد دونالد ترمب الجمهوري عام قبل االنتخابات بأشهر عقدنا فـي «مـركـز دراســـات الخليج» فـي جامعة الـكـويـت، نـــدوة مغلقة للنظر فـي احتمال فــوز أي مـن املـرشـحـن، دُعـــي إليها مَــن لهم خـبـرة بـالـشـأن السياسي األميركي، بعد نقاش تَوافق معظم الحاضرين على أن هيالري هي الفائزة، عدا شخص واحـد من املشاركي، فقد توقّع فوز دونالد ترمب، ضربت املثال ألبـن أن التوقع في االنتخابات األمـيـركـيـة تشوبه صـعـوبـة. وقـتـهـا، فـــازت كلينتون بأغلبية أصوات الناخبي، ولكنها فشلت في الحصول على أغلبية من أصوات املجمع االنتخابي. ربما أعقد نظام انتخاب ديمقراطي هو في أميركا، فهي تتبنى نظاما مركبا، ال يعتمد على أصوات الناخبي مباشرة، بل على أصـوات ما يُعرف بـ«املجمع االنتخابي»، وهو حجم األصـــــــوات املــخــصــصــة لــكــل واليــــــة، وتــخــتــلــف تــلــك األصـــــوات حسب عــدد سـكـان الـواليـة نفسها، وأيـضـا عــدد ممثليها في صوتا 55 الكونغرس، وتتراوح أصوات املجمع االنتخابي بي أصــــوات فــي مقاطعة 3 لــواليــة كاليفورنيا (األكــثــر سـكـانـا) و كولومبيا التي تشمل العاصمة. مَـــن يحصل عـلـى غالبية األصـــــوات، ولـــو بـصـوت واحــد في الـواليـة، يحصل على كل أصــوات املجمع االنتخابي لتلك الوالية، عدا واليتي، هما نبراسكا ومي، حيث توزع أصوات املجمع االنتخابي حسب نسبة الفوز. وكـمـا هـو مـعـروف فــإن بطاقة االنـتـخـاب تحمل اسمي، املرشح الرئاسي ونائبه (أو نائبته) وينص قانون االنتخاب عـلـى أ يـكـون االثـــنـــان مــن واليـــة واحـــــدة! املـجـمـع االنـتـخـابـي صوتا، وهو مجموع أعضاء الكونغرس زائد 538 يتكون من ثـ ثـة أعـضـاء (منطقة كولومبيا)، وعـلـى املـرشـح أن يحصل صوتا من الهيئة االنتخابية على األقل للفوز. 270 على هذا التعقيد في معظمه نشأ مع املمارسة الديمقراطية األميركية في القرن الثامن عشر، وقتها كانت هناك صعوبة في التواصل بي الواليات، وبالتالي تأخذ العملية االنتخابية أشهرًا وعلى درجات للحصول على النتيجة النهائية، وكمثل أي مـجـتـمـع، تُـــسَـــن الــقــوانــن لــزمــن، ويــمــر الــزمــن فــ تتغير، لصعوبة االتـفـاق على طريقة التغيير، فيبقى ما سَنّه اآلبـاء معطِّال ملصالح األبناء! نُــقــل عـــن هـــيـــ ري كـلـيـنـتـون أنــهــا قــالــت بــعــد خـسـارتـهـا إن النساء األميركيات قد خذلنها، فقد 2016 االنتخابات عام كن يردنها أن تكون «مثالية»! حيث تفجّرت في وجهها، قبل أيام من االنتخابات فضيحة، باستخدام بريدها اإللكتروني الـخـاص فـي عملها الـرسـمـي خـــارج مـا تنص عليه تعليمات وزارة الخارجية، التي كانت تشغلها قبل ذلـك بسنوات! عدا أن النساء األميركيات كما نُقل عنها «ال يثقن بامرأة أن تكون الـقـائـد األعــلــى لـلـقـوات املـسـلـحـة»! فــي تـصـريـحـاتـهـا الـ حـقـة تُسمي نفسها من «شهداء الديمقراطية»! هــل تـتـكـرر تـلـك الـعـقـبـات أمـــام كــامـاال هــاريــس، الـظـروف اختلفت، على الـرغـم مـن أن كـامـاال هـاريـس مـن ذوات البشرة الداكنة، على عكس هيالري! هل تغير املـزاج 2016 سنوات من انتخابات عـام 8 بعد األميركي، وهل أصبح ممكنا أن تكون رئيسة الواليات املتحدة امرأة وملونة أيضا؟ أم أن سيناريو هيالري سوف يتكرر من جديد؟ ذلـــك ســـؤال تصعب اإلجــابــة عـنـه فــي هـــذه املـرحـلـة، رغـم املــؤشــرات األولــيــة. إنـهـا، أي كــامــاال، تتقدم بشكل طفيف في استطالعات الرأي التي تُجرى بي فترة وأخرى! تـرمـب لــه مــن املـثـالـب الـكـثـيـر، وأيــضــا لــه مــن املناصرين الذين ال يعترفون بتلك املثالب، بل يعدّونها من إيجابياته؛ صـريـح وربـمـا إلــى حـد الـخـروج عـن املــألــوف، ويستطيع بكل بساطة قلب املتخيَّل إلــى حقيقة، ورغـــم مواجهته كثيرًا من الـقـضـايـا الـقـانـونـيـة، بــل إن بعضها تـمـت إدانـــتـــه فـيـهـا، فـإن جمهوره ال يزال صامدًا، وأمام كاماال هاريس (التي يسميها ترمب كامباال عاصمة أوغندا) عديد من العقبات، إال إذا تدفق الجيل الشاب بكثافة على التصويت! السباق الـذي يشاهده العالم أمـام ناظريه فيه كثير من «الـ مـعـقـول»؛ فيه اسـتـخـدام عـبـارات قاسية واتـهـامـات فظة، وتمويه كثير. االنتخابات األميركية صناعة متكاملة بحد ذاتها، وتُصرف فيها أموال كثيرة، وتطلق وعود أكثر، بعضها يبدو أنه حتى خارج املصالح الوطنية املتعارف عليها، مثل وعد دونالد ترمب شركات النفط األميركية، بأن يُطلق يدها في استكشاف النفط، حتى على حساب الضرر بالبيئة. هــو أن 2024 وعـــام 2016 االخــتــ ف بــن انـتـخـابـات عـــام دونالد ترمب قد جــرّب، وثبت الكثير من قصوره السياسي، وازدرائـــه لقواعد النظام الديمقراطي، إن لم تكن الرياح تهب باتجاه أشرعته قد يخرب اللعبة، وقد يكون ذلك مدخال لنقده الذي قد يؤثر في الرأي العام األميركي، إال أن كل االحتماالت مفتوحة. آخـــر الـــكـــ م: فـــي حـــال فـــوز كـــامـــاال هـــاريـــس فـــي نوفمبر (تشرين الثاني)، فإن أميركا تدخل فصال سياسيا جديدًا غير مسبوق! هل أميركا مستعدة لرئيسة امرأة؟ محمد الرميحي

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==