أغــــلــــق بـــنـــيـــامـــن نــتــنــيــاهــو أبــــــــواب الــــتــــفــــاوض، فـفـتـح الـلـبـنـانـيـون والفلسطينيون املـقـيـمـون فـــوق األرض أبـــواب القلق على الحاضر واملستقبل. األغلبية الساحقة منهم في غزة حيث لم يعد هناك مكان للحياة، ولبنانيون جنوبيون نــزحــوا مــن قــراهــم ومـدنـهـم؛ إذ لــم يـعـد هـنـاك مـكـان آمـــن في جنوب لبنان. واألصعب أنهم قلقون بسبب قلَّة األماكن التي ستؤويهم ألسباب كثيرة غنية عن التعريف؛ كونها واضحة فــي طبيعة الـقـبـائـل اللبنانية املـتـنـاحـرة، فـحـاضـرهـم بـات محصورًا بي قذيفة تطلقها دبابة أو صــاروخ من مسيّرة. أما مستقبلهم، فيبدو لهم كاملجهول املعلوم، فهم ال يعرفون مـتـى تنتهي الــحــرب، ولكنهم أصـبـحـوا أكـثـر تــصــورًا كيف ستنتهي، فـهـذه الــحــرب الـتـي فـرضـهـا عليهم عــدوُّهــم بعد خطأ فـي حسابات ذويـهـم، ستترك ندوبها على وجوههم وأجسادهم، وعلى بيوتهم وأرزاقهم وبالدهم. ندوب تشبه إلى حد بعيد تلك التي تركت أثرها العميق على دول ومجتمعات وجيوش كانت أكثر تماسكًا وحصانة منهم... شعوب كانت تنتظر النصر، فقدمت الغالي والنفيس من أجل تحقيقه، وأعطت أنظمتها أكثر مما أخذت، وأجَّلت الكالم إلى ما بعد االنتصار املوعود، فأصيبت بخيبة األمل، بعدما اكتشفت أن أنظمتها خدعتها وخدعت نفسها. قبل ، كانت قلوب أغلب العرب وعقولهم مع القاهرة، وحتى 1967 خـصـومـهـا أداروا وجــوهــهــم نــحــوهــا فـــي لـحـظـة الــتــحــدي، وارتـضـوا جميعًا، ولـو البعض منهم على مضض، بمقولة «ال صوت يعلو فوق صوت املعركة». الصدمة كانت أن العدو حسم املعركة بعدة أيام، فمنذ ونحن نعيد تدوير الهزيمة؛ 1967 يونيو (حزيران) سنة 5 نكابر ونسميها نكسة، كما سمينا هزيمتنا األولــى نكبة، وهي فاجعة، فيما اليوم نواجه خطر نكبة ونكسة جديدتي، ورؤوســــ حامية تعيد املـقـولـة ذاتــهــا: «ال صــوت يعلو فوق صوت املعركة». وألن املــواجـهـة شـبـه حتمية، وألن الـحـشـود واضـحـة، وفــــــارق الــــتــــوازن واضـــــح أيـــضـــ ، لــيــس اآلن، بـــل مــنــذ حــرب ، فأولئك الذين أطربهم الصوت االفتراضي للمعركة، 1973 انـتـبـهـوا وحـــــذروا أنظمتهم مــن مـنـاطـحـة الــثــور األمـيـركـي، وفـــي هـــذا يــقــول األســـتـــاذ حــــازم صـاغـيـة فــي وصـــف حالتنا الــيــوم: «تـواجـهـنـا الحقيقة الـتـي لـم تكن صحيحة كما هي صحيحة راهنًا. فالفارق التقني يجعل التفكير بالعنف كحل للمعضلة الـكـبـرى أقـــرب إلـــى انـتـحـار مُــعـمّــم، فـحـن نضيف الـدعـم األميركي والغربي الهائل إلسرائيل يغدو االنتحار وصفًا لطيفًا ال يفي بالغرض». مـرة جـديـدة، وقـد ال تكون األخـيـرة، تستدرج إسرائيل مَــــن يـــريـــد مــواجــهــتــهــا إلــــى األخــــطــــاء ذاتـــهـــا الـــتـــي ارتـكـبـهـا مَـــن سـبـقـهـم؛ فـــوحـــدة الــســاحــات أصــابــهــا مـــا أصــــاب وحـــدة الــجــبــهــات، فــالــحــرب لـــم تــعــد عــلــى «حــــمــــاس»، بـــل لتصفية القضية الفلسطينية، وحــرب اإلسـنـاد لـم تجبر الـعـدو على التراجع، وال عرض طهران بمقايضة ردها مقابل الهدنة كان له مكان على طاولة املفاوضات. هذه الحسابات السياسية واالســتــراتــيــجــيــة تـخـتـلـف بـــن مَــــن يـقـيـم فــــوق األرض ومَـــن يقيم تحتها، بالنسبة لـلـذيـن تحتها فـــإن الـبـقـاء عـلـى قيد الحياة انتصار. أمـا نحن الـذيـن فوقها فإننا على مشارف ، سـتـتـرك نــدوبــهــا طـــويـــ ً، ليس 1967 نـكـسـة جـــديـــدة، كـمـا فـقـط عـلـى أجــســادنــا، بــل عـلـى أحــ مــنــا وحـريـتـنـا وتـحـريـر أوطاننا واستعادة الحق الفلسطيني، وعلى ذاكرتنا ولغتنا وثقافتنا، فمن «الطنطورية» لـرضـوى عـاشـور إلـى «ثرثرة فوق النيل» لنجيب محفوظ، لعل روائيًا لبنانيًا سيكتب ذات يوم «ثرثرة فوق الليطاني». نعم، الصوت يعلو فوق صوت املعركة، ألننا ال نريد أن نخسر ما تبقى من أوطاننا، وأن نخسر فلسطي إلى األبد؛ فاألفضل لفلسطي تجنُّب مناطحة الثور األميركي الهائج، فهو قـد غـض بصره عـن املشاهد املنقولة مباشرة لفاجعة اإلبادة الجماعية في غزة، والقتل والقمع اليومي في الضفة، والـدمـار والـنـزوح في جنوب لبنان، وأعطى حليفه الوحيد كل ما يريد، حتى يأخذ ما يريد، فقد أغلق بنيامي نتنياهو أبواب التفاوض وفتح أبواب...؟ الخليج تحول مزيج ًا من الجنسيات، واألعراق، واألديان، والـثـقـافـات. مـركـز لـأعـمـال وجــــاذب لـ سـتـثـمـارات ورؤوس األمـــــــوال، ومــتــصــل ومــنــدمــج مـــع الـــغـــرب والــــشــــرق، سياسيًا واقتصاديًا وثقافيًا. الناجحون من كل مكان والباحثون عن مستقبل ألطفالهم يذهبون إلـيـه. لـم يعد الخليج محصورًا بمواطنيه، لكنه مكان مفتوح ووطــن للجميع. فـي شوارعه وأســـواقـــه ومــطــاراتــه خليط مــن كــل الـــوجـــوه. يشعر الجميع باالنتماء له وأنه جزء منه ومسؤول عنه. وهذه ميزة كبيرة؛ ألن هـــذا املــزيــج اإلنــســانــي املـتـعـدد املـتـنـاغـم هــو سـمـة الـــدول املتحضرة في عاملنا املعاصر. ومـــع هــــذا، فـــإن أكــثــر بـقـعـة يـتـم الـتـحـريـض عـلـيـهـا هي منطقة الخليج؟ الـــدول الخليجية تتبنى سياسات واقعية وليست عدوانية. دفاعية وليست هجومية. ملاذا إذن الهجوم عليها؟ هــل األمـــر مـحـيـر؟ بالطبع ال. الــهــدف هــو إضعافها وتقويضها. والسبب بسيط وواضح وعملي يجب أن نفهمه بـــوضـــوح وبــعــقــل بـــــارد وبــــ مــشــاعــر أو تـفـكـيـر مـــؤامـــراتـــي. مشروعها السياسي واالقتصادي والثقافي مختلف تمامًا ويـــقـــف عــلــى الـــضـــد مـــن مـــشـــروع املــيــلــيــشــيــات والــجــمــاعــات املـتـطـرفـة. نــجــاح املـــشـــروع الـخـلـيـجـي هــو هـزيـمـة للمشروع اآلخــــر والــعــكــس صــحــيــح. ولـــهـــذا نــــرى أن حــجــم الـتـحـريـض مكثف ومـركّــز على مشروع الــدول الخليجية؛ ألن إضعافها وتقويضها يعني فتح الباب على مصراعيه للمشروع اآلخر لكي يسود ويسيطر في عموم املنطقة. ومع كل الفوضى الحاصلة وكل تفاصيلها املهمة يجب أال نـنـسـى الـــصـــورة الــكــبــيــرة، وهـــي أن هــنــاك مــشــروعــن في املنطقة. مشروع االزدهار والسالم، ومشروع الفقر والحروب. مشروع الدولة ومشروع امليليشيات. مشروع األعالم الوطنية ومــــشــــروع الــــرايــــات الـــصـــفـــراء والـــــســـــوداء. هــــذه هـــي الـنـقـطـة األساسية والبقية تفاصيل. وفي مقال «ثوريون في الخليج» حـذّرت من الخطابات الـــثـــوريـــة فـــي داخــــل الـخـلـيـج الــتــي تــخــدم فـــي نــهــايــة املــطــاف الــخــطــاب املـــعـــادي الـــقـــادم مـــن الـــخـــارج. الــتــرويــج لـلـدعـايـات املـضـلـلـة الــتــي يـــرددهـــا الـبـعـض فــي الـــداخـــل تنسجم مــع كل األفـكـار املـدمـرة الثورية التي تصور الخليج بكل األوصــاف (املطبع... املتواطئ مع الغرب... الذي يشتري أسلحته... الذي يبيع خيراته)، التي تهدف بشكل أساسي إلضعاف شرعيته خدمة للمشروع اآلخر. الــخــطــاب الـسـيـاسـي لــــدول الـخـلـيـج قــائــم عـلـى مـشـروع الدولة. الدولة تمتلك السيادة الكاملة على أراضيها وتحتكر اســتــخــدام الــقــوة لــفــرض األمــــن وتـمـتـلـك وحــدهــا قــــرار السلم والحرب. مشروع الدولة األمة هو املشروع الذي ينهض عليه النظام الدولي في عاملنا وال يمكن لوطن أن يستمر بوجود أكـثـر مـن دولـــة. ومـشـروع امليليشيات مـعـارض تمامًا لفكرة الدولة ولكل مبادئها األساسية. بوجود امليليشيات تنتفي شرعية الدولة التي تصبح ضعيفة وهشة ومسلوبة اإلرادة. وتـــراجـــع قـــوة الـــدولـــة يـنـعـش كــل الــهــويــات الـفـرعـيـة الدينية والطائفية والعشائرية، وهــذه خلطة مسمومة لتقسيم أي بلد. في مشروع الخليج الدولة هي املرجع الوحيد والهوية الوطنية هي الهوية الجامعة. في مشروع امليليشيات تغيب الـــدولـــة ويــحــل مـكـانـهـا قــــادة املـيـلـيـشـيـات وزعـــمـــاء الـطـوائـف ومـــرشـــدو الــجــمــاعــات. وقــبــل ســـنـــوات بــعــيــدة زرت عـاصـمـة عربية جميلة، لكن لفت انتباهي ضعف سيطرة الدولة أمام مـسـيـرات امليليشيات الـتـي تتباهى فـي الــشــوارع بسالحها ورجـال الجيش يتفرجون عليها. بعد مدة قصيرة سيطرت هذه امليليشيات على مفاصل الدولة وقرارها وأدخلتها في حـــروب مــدمــرة. كـانـت مـسـألـة وقـــت وبـعـدهـا غـــرق ذلـــك البلد الجميل في وحل امليليشيات التي تعلن بصراحة أن والءها الكامل لحكومة وزعيم بلد آخر. اقـتـصـاديـ ، الــفــرق بــن مــشــروع دول الخليج ومـشـروع امليليشيات واضــــح. الــــدول الخليجية تتنافس عـاملـيـ على استقطاب الكفاءات واالستثمارات ورؤوس األموال. في الوقت الـــذي يـقـوم مــشــروع امليليشيات بالعكس تـمـامـ وهـــو طـرد الكفاءات واالستثمارات ورؤوس األموال. واستقطب باملقابل قادة امليليشيات للتدريب وأموال املخدرات لتمويل حروبها وكــوادرهــا. مشروع الخليج ينجح بمعركة الـثـراء والتنمية ومشروع امليليشيات ينجح في معركة الفقر املغلفة بدعاية الكرامة. مشروع الخليج يبني ناطحات السحاب ومشروع املــيــلــيــشــيــات يــحــفــر الــــســــراديــــب. مــــشــــروع الــخــلــيــج يـنـافـس لنقل أكـبـر عـــدد مــن الــركــاب عـلـى خـطـوط طـيـرانـه، ومـشـروع امليليشيات ينافس على نقل أكبر عـدد مـن الـصـواريـخ على خطوط طيرانه. وباختصار، اقتصاد املشروع الخليجي هو من أجل الحياة واملستقبل واقتصاد املشروع امليليشياوي من أجل املوت واملاضي. ثقافيًا، دول الخليج تتبنى خطاب التسامح والتعدد واالنـــفـــتـــاح. وهــــذا مـــا يجعلها هــدفــ رئـيـسـيـ للميليشيات والجماعات املتطرفة وقياداتها التي ال يعجبها هذا النهج اإلنـــســـانـــي الـــعـــصـــري الـــــذي ال يـــفـــرق بـــن الـــبـــشـــر. خلطتهم املسمومة قائمة على التقسيم الديني واملذهبي. والخطاب املذهبي ومواجهة الغرب واالستعمار مهم من أجـل إضفاء الشرعية عليها ولشحن مشروعها اآليديولوجي امليليشياوي بشكل مستمر وعـسـكـرة املجتمع وإجــبــار األطــفــال املساكي على ترديد كل صباح هتاف «اللعنة على أميركا»! املشروع الـخـلـيـجـي يــهــدف إلــــى الـتـعـلـيـم الــحــديــث والـتـفـكـيـر الـديـنـي املستنير وإجــادة أحـدث اللغات وتعزيز املواطنة وليس في حاجة إلى التجييش وشد العصب الطائفي من أجل الشرعية أو لتحقيق مشاريع خارجية توسعية. في الوقت الذي يقوم املشروع الثقافي للميليشيات على العكس. األفراد هم كوادر والتعليم هو تجنيد واالعتدال خيانة واملواطنة عمالة. خـتـامـ، مـشـروع الخليج هـو مـشـروع جميع الباحثي عـن أن تـسـود قيم االزدهــــار االقـتـصـادي والــســ م السياسي واالعتدال الثقافي. مشروع السعادة والحياة وليس البؤس واملوت، وأن نكون جزءًا من العالم الحديث ونندمج فيه أكثر ونصبح جزءًا أصيال منه. هو املشروع الوحيد القابل للحياة والـــنـــمـــوذج الـــــذي يـمـكـن أن يــتــوســع لـيـشـمـل مــنــاطــق خـــارج الخليج تبحث عــن مستقبل ألطـفـالـهـا، لــن تـجـده بالتأكيد في مشروع امليليشيات امللطخ بالدم واألشـ ء والـذي يقامر بأرواحهم ويدفنهم أحياء باملعنى الحرفي واملجازي للكلمة. عــــنــــدمــــا نــــتــــحــــدث عــــــن عـــــالـــــم املـــهـــن واسـتـحـقـاقـات الـعـمـل الـجـيـد فـإنـنـا نـركـز، ولنا الحق في ذلك، على الكفاءة والصنعة والجدية. وكما نرى فهي خصال أساسية تـمـكـن صـاحـبـهـا مــن الــنــجــاح فــي مهنته، واملجتمع يستفيد من عمله وكفاياته. ولكن هل هذا كل ما يستلزمه العمل بالنسبة إلـى كـل املـهـن؟ هـل هـذه الشروط هي نفسها املطلوبة وال شيء غيرها؟ نـــظـــريـــ وعـــمـــلـــيـــ ومــــوضــــوعــــيــــ فـــإن شـــروط الـكـفـاءة والـجـديـة واملـــهـــارة كافية جــــدًا. بـــل إن تــوفــر هــــذه الـــشـــروط الـثـ ثـة مجتمعة يعد حظًا كبيرًا وإنجازًا في عالم أصـبـح فـيـه الـتـقـاعـس والــرغــبــة فــي الـربـح الـــســـريـــع والــــوصــــول إلــــى الــــثــــروة، الـغـايـة والوسيلة معًا. فـــي الـحـقـيـقـة كـــل هـــذه الــديــبــاجــة في وضع شروط العمل والنجاح في ممارسة أي مهنة ال غبار عليها وتظل منتهى ما يمكن تحقيقه. غـيـر أن الـتـجـربـة فــي املـجـتـمـع وأخــذ خبرة عامة حول مفاتيح النجاح في املهن وتوزيع املهن حسب القطاعات واملجاالت وطبيعة الفئات التي تُسدَى لها الخدمات قد تحتاج إلى وضع بعض اإلضافات، أو لـنـقـل إضــافــة شـــرط إلـــى خــانــة معينة من املهن. طبعًا هذا الشرط ال صلة له بامتالك اللغة اإلنجليزية وال بضرورة التمكن من استعمال تكنولوجيا االتـصـال واإلبـحـار في العالم السيبراني. هو شرط ال يخطر على البال وال يمكن للنظريات أن تتفطن لــــه. شــــرط هـــو ثـــمـــرة الـــخـــبـــرة فـــي الــحــيــاة واالطـــــــ ع عــلــى عـــوالـــم املـــهـــن ذات الـصـلـة بالعمل االجتماعي مع الفئات االجتماعية املهمشة والفاقدة للسند أو هي في حاالت تـــهـــديـــد. إنـــــه شـــــرط الـــطـــيـــبـــة. الـــعـــمـــل مـع الفئات االجتماعية الضعيفة واملوجوعة اجتماعيًا ال يمكن أن يقوم به وينجح فيه إال الطيبون فقط. في عالم األطفال وكبار السن الفاقدين للسند تحتاج إلى أشخاص لهم من النبل مــــا يــجــعــلــهــم يــــفــــكــــرون خـــــــارج الــتــوقــيــت اإلداري لـلـعـمـل وخــــــارج الــــواجــــب املـهـنـي املــحــدد. تـحـتـاج إلـــى أشــخــاص يـتـورطـون بــســرعــة عـاطـفـيـ ويــصــبــح الــطــفــل الـيـتـيـم وغيره الفاقد للسند واملتخلى عنه وكبير السن الوحيد املحتاج... كلهم معنيون بهم ويهمهم متابعتهم والسهر على راحتهم وتـفـهـم حـتـى تــوتــرهــم ومــزاجــهــم املتقلب بــاعــتــبــار أن أســـرهـــم لـفـظـتـهـم وانــكــســروا اجتماعيًا وأصابهم الوجع الذي الزمهم. إن التعاطي مع هذه الحاالت يتطلب نـفـسـ واســـعـــة وصـــــدر ًا رحــبــ وقـلـبـ طيب ًا يـــشـــعـــر بــــهــــم ويـــفـــهـــمـــهـــم ويـــتـــفـــهـــم حــتــى تجاوزاتهم. لذلك فهي ليست مهنًا للجميع وال يمكن ألي مؤسسة ترغب فـي انتداب إطــــارات للعمل فـي مـراكـز إيـــواء أو رعاية أن تــدرج مثل هـذا الـشـرط صـراحـة، بـل إن الذي يترشح ملثل هذه الخطط هو املطلوب منه أن يتحاور مع نفسه مطوال وأن يعدد مشاق العمل في املجال االجتماعي الهش وأن يكون مستعدًا لفناء حياته املهنية في خدمة فئة هشة من دون أن يتذمر أو تكون تلك املهنة سببًا في جني أفعال يحاسب عليها في الدنيا واآلخرة. مـــن هــــذا املــنــطــلــق، فــــإن الــــذاهــــب إلــى عـــوالـــم الــفــئــات الــهــشــة لـلـعـمـل ورعـايـتـهـا لــيــعــلــم أنـــــه فــــي عـــالـــم مــفــاتــيــحــه الــطــيــبــة، والنبل، وحب اإلحسان والخير. مـــن جــهــة ثــانــيــة، مـــن املــهــم بالنسبة إلـــى الـــــدول أن تـضـع أطــــرًا مـهـنـيـة خـاصـة لـلـعـامـلـن فـــي خـدمــة الــفــئــات الــهــشــة وأن تـتـعـاطـى مـــع هــــذه املــهــن بـوصـفـهـا شـاقـة وتستنزف العاملي فيها بدنيًا ونفسيًا. فـــفـــي عــــوالــــم كـــبـــار الـــســـن املــتــخــلــى عـنـهـم واألطــــفــــال ضــحــايــا الـتـقـصـيـر واإلنـــجـــاب خــــــــــارج إطــــــــــار الــــــــــــــزواج تـــــوجـــــد خـــ صـــة الـــخـــيـــبـــات والـــفـــشـــل االجـــتـــمـــاعـــي، أي أن العاملي فـي هــذه الـعـوالـم يتعاملون مع نفسيات هشة مدمرة تجر آالمـ وخيبات ومشاعر مختلطة من الغضب والحرمان واالحتقان. هم باختصار في أوساط غير طبيعية ألن مسار حياتهم وظروفهم غير طبيعية، الـشـيء الـــذي يتطلب قـــدرة على التحمل وكفاءة نفسية معرفية في التعهد بهم ومرافقتهم. وعــمــلــيــ املـــطـــلـــوب مـــن املـــشـــرعـــن في مـجـال الـعـمـل، الـتـعـاطـي بخصوصية مع العاملي في القطاعات االجتماعية الهشة، بخاصة أن عــدد املهمشي فـي الـعـالـم في تزايد، حيث ارتفاع نسب الطالق وظاهرة التخلي عن األبناء والعنف وتراجع تأثير ودور مــؤســســات األســـــرة لـصـالـح تنامي الفردانية، إضافة إلى ما خلفته التوترات والــــــحــــــروب والــــصــــعــــوبــــات االقـــتـــصـــاديـــة مــــن أيــــتــــام وأرامــــــــل وكــــبــــار ســــن ومـــرضـــى وأصـــحـــاب إعــــاقــــات... ونـعـتـقـد أنــنــا فـعـ أمام نوع من املهن يستحق أن نطلق عليه توصيف املهن الشاقة، وبناء عليه تخضع هـــــذه املـــهـــن إلـــــى عـــــدد مـــعـــن مــــن ســـاعـــات العمل ومــن مـكـافـآت مالية جـاذبـة للعمل في بيئة ترى فيها قبح املجتمع واإلنسان وماذا يمكن أن يفعل في األطفال واملسني واملهمشي. OPINION الرأي 12 Issue 16705 - العدد Friday - 2024/8/23 اجلمعة مشروع الخليج ومشروع الميليشيات الصوت يعلو فوق صوت المعركة مهن للطيبين فقط وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com المطلوب من المشرعين في مجال العمل التعاطي بخصوصية مع العاملين في القطاعات االجتماعية الهشة ممدوح المهيني مصطفى فحص آمال موسى
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==